إعلام مدرسي أم صحيفة صفراء
تجاوزات الإعلام المدرسي كثيرة جدا ولكن أن يصل الأمر إلى تضليل المجتمع ؛ بنشر نجاحات وإنجازات غير حقيقية ، هذه المقصلة التي وضع ناشر الخبر الكاذب عنقه تحتها ، يداك أوكتا وفوك نفخ .
الإعلام المدرسي يُسقط القيم والمبادئ بهذا التخبط الذي نراه اليوم ، فكيف للطالبة و الطالب أن يحترم مدرسته التي هي مصدر للقيم في ظل هذه الأكاذيب التي تنشرها هنا وهناك ، وكيف للجيل أن يتربى وهو يتربى في مدارس عشوائية في قرارتها ، متخبطة في أنشطتها ، وكاذبة في إعلامها ، وخائنة في الأمانة التي كُلفت أن تؤديها ، وهو مخرج وطني يتحمل حماية الوطن .
الإعلام المدرسي جامعة تتحرك داخل مدرسة وهذا مالا يعيه كثير من المدراء والمديرات الذين أنعموا على أنفسهم برتبة قائد تربوي .
رؤية ورسالة تُعلق على جدار مدخل المدرسة ، وما يتم داخل المدرسة مناقض ولا نبالغ لو قلنا مناهض لها ، فالرؤية والرسالة تعبران عن قيم كثيرة جدا ولقارئها أن يستمتع بعصف ذهني وهو يفكر فيهما ، وأولها الصدق ثم الصدق ثم الصدق ، ولكن تأتي بعض المدارس وتعمل على نشر أخبار تعلم سلفا أنها غير صحيحة ، ساعية في تحقيق مكاسب دعائية جديدة وشهرة كالبالون المنتفخ الذي أنفجر فيها .
إعلام المدارس أصبح يسيء للتعليم ، فالمدرسة صحيفة بمسمى المدرسة ، والمدير يُنصب نفسه رئيس التحرير ، يصدر القرارات بنشر هذا الخبر وإخفاء هذا ، والمنسق الإعلام محرر للخبر بأسلوب ضعيف ، وأخطاء معلوماتيه ولغوية لا حصر لها ، وجميع من في المدرسة تحول إلى مصور للصحيفة ، والطالب والطالبة يتعلمان أن الإعلام أمر هين سهل فأصبح لكل طالب إعلامه الخاص أسوة بمدرسته ، ينشر ويكتب ما يريد دون رقابة ذاتية أو أسرية ، أليس هو خريج تخصص إعلام من صحيفة مدرسة كذا ، الصحيفة التي أصبح قائدها مصاب بجنون العظمة والنشر والدعاية .
ومن هنا راجت سوق الإشاعات وتلذذ بتناقلها ونشرها طلاب وتربويين دون تحري صحة الخبر ، ولا نلومهم أليسوا هم خريجوا صحيفة مدرسةكذا؟!
مدرسة ترتدي قناعا شفافا وتظن أنه سميك فرأى الناس كذبها ، ومتناسية أن لا حقيقة تخفى ولا شمس تتوارى ، وأن أركانها يتداعى وساسها ينخر فيه اضطراب وكراهية ورغبة ملحة في الخلاص من هذا الجبل الجاثم على صدرها ، حمق مركب وإفلاس أخلاقي وقيادي .
ولكن ما السبب في هذا التخبط والعشوائية فكل مدرسة تحولت إلى تاجر يُسوِّق لبضاعته من خلال الاسنتغرام وتويتر والفيس واليوتيوب والواتس ، صور هنا وهناك ، فهي صور عن فعاليات مجردة من التوثيق ، لتتحول ثقافة التوثيق مجرد صور فارغة القيمة باهتة اللون ، لا تحقق هدف ولا تغير سلوك ولا تزرع قيم ولا تُنبت أمل .
السبب غياب الرقابة الإعلامية عن المدارس ، وإعطاء صلاحيات النشر الإعلامي لمدير المدرسة ، وفتح حسابات بشكل متخبط في كل مكان ، و تعدي للحقوق في النشر على الإعلام التربوي الذي هو مسؤول مسؤولية تامة عن نشر أى حدث على مستوى المحافظةوليس لمديرات المدارس الصلاحية في النشر .
عندما يكون الإعلام كاذب فأي فخر للطالب في انتمائه للمدرسة التي أغتالت فرحته بأخبارها المكذوبة وتعريضه للاستخفاف من قِبل أقرانه في المدارس الأخرى ، وأي حرج تسببه إدارة المدرسة للمعلم في الوسط التربوي ؟واي تعدي على مدير الإعلام التربوي في المنطقة الذي هو المسؤول عن وضع خارطة إعلامية تربوية للمدارس ولا يُسمح بتجاوزها ؟!
ولكن يا إعلامنا التربوي لابد أن تدرك أن الإعلام مسؤولية كبيرة جدا فأنت تربي رئيس ومرؤوس ولابد من وضع ضوابط صارمة على كل مدرسة سيكون عقابها حرمانها من نشر أخبارها لمدة عام ، عام تغيب فيه عن المشهد التعليمي والتربوي ، عام يسقط من إنجازاتها ، عزلة يستحقها كل متجاوز كاذب أفّاق .
وليت للإعلام المدرسي ضوابط مُلزَِمة مثل :
1/ تشكيل لجنة إعلامية داخل المدرسة حيادية مستقلة عن الهيمنة الإدارية رئيسه المباشر مكتب الإعلام التربوي متمثل في مشرفة إعلامية زائرة ومتابعة .
2/ حصول تصريح من مدير الإعلام التربوي في إدارة التعليم عن إنشاء موقع أو صفحة في تويتر أو ……
3/ وضع ميثاق إعلامي تربوي توقع عليه المديرة وتُلزم بما جاء فيه .
4/ منع المدارس من تعدد الحسابات على الشبكة العنكبوتية ، فالمدارس ليست محلات تجارية تسويقية ،مما يؤثر على مفهوم الإعلام التربوي عند الجيل .
5/ إنشاء موقع إعلامي يُصب فيه كل أخبار وأنشطة المدارس بحيث يكون لكل منسقة إعلامية حساب تدخل عن طريقه إلى القسم الخاص بمدرستها وتنشر كل فعالياتهم .
6/ تنظيم زيارات ومتابعات من مكتب الإعلام التربوي ؛ كي يعي الجميع أن الإعلام أشد خطر وأكثر أهمية من المواد الدراسية .
هذا قليل من كثير بلغ الألم منه منتهاه ، ولكن حسن الظن كبير جدا بإعلامنا التربوي بأنه سيوقف هذا السيل الهادر من السخف الإعلامي المدرسي.، و سيضمد جراح مَن سُلب حقه:
دهتْني صروفُ الدّهر وانْتَشب الغَدْرُ **
ومنْ ذا الذي في الناس يصفو له الدهر
وكم طرقتني نكبة ٌ بعد نكبة ٍ **
ففَرّجتُها عنِّي ومَا مسَّني ضرُّ
ولولا سناني والحسامُ وهمتي **
لما ذكرتْ عبسٌ ولاَ نالها فخرُ