التعريفات الدقيقة للحج:
نقف قليلاً عند التعريفات الدقيقة ؛ وعند الحِكَم البليغة في الحج، وعندها ننطلق إلى بعض التفصيلات.
الحج في اللغة هو: القصد، قال بعض العلماء: كثرة القصد إلى من تعظِّمه، فإذا ذهبت إلى محلك التجاري فلست حاجاً، فيجب أن تذهب إلى شيء تعظمه.
وفي الشرع: قصد الكعبة لأداء أفعال مخصوصة، في زمن مخصوص، وبفعل مخصوص.
اتخاذ الله سبحانه وتعالى بيتاً في الأرض وأمرنا أن نزوره في هذا البيت لنبتغي رضاه:
قد يسأل سائل وهذا السؤال وجيه ؟ أليس الله في كل مكان، أليس هو معنا أينما كنا ؟ فما معنى الحج ؟ الجواب: أن الله سبحانه وتعالى اتخذ بيتاً في الأرض، وأمرنا أن نزوره في هذا البيت، لا لأنه هناك، بل هو معنا في كل مكان، ولكن أنت حينما تدع بيتك، وعملك، وتذهب إليه، تشعر بأنه راض عنك، لأن بذل الجهد، وتحمل المشقة، وبذل المال لا تبتغي به لا دنيا، ولا سمعة، ولا تجارة، ولا شيئاً من هذا القبيل، بل تبتغي رضاء الله عز وجل، مع أن الله عز وجل في كل مكان، وهو معنا أينما كنا، ولكن اتخذ بيتاً حينما قال: ﴿ أَنْ طَهِّرَا بَيْتِيَ (125) ﴾
( سورة البقرة )
أُضِيف البيت إلى ذاته العظيمة، فاتخذ بيتاً، وأمرنا أن نزوره في هذا البيت.
فأنت حينما تأتي إلى المسجد، ألم يرد في الحديث القدسي:
((إن بيوتي في الأرض المساجد، وإن زوارها هم عمارها، فطوبى لعبد تطهر في بيته ثم زارني، وحقّ على المزور أن يكرم الزائر))
فالمسجد مكان عبادة، والحرم وما حوله كله مكان عبادة، قال تعالى:
﴿ رَبَّنَا لِيُقِيمُوا الصَّلَاةَ (37) ﴾
( سورة إبراهيم )
هذا المكان كله، مكة، وعرفات، ومنى، والمسعى، والمطاف، وما حول الحرم، هذا كله من أجل أن يقيموا الصلاة.
﴿ رَبَّنَا لِيُقِيمُوا الصَّلَاةَ (37) ﴾
الحج رحلة إلى الله قبل أن تغادر الدنيا مغادرة لا عودة فيها:
إذاً يجب أن نضع في أذهاننا أن الحج رحلة إلى الله، وقد جُعلت في العمر مرة لأنها الرحلة قبل الأخيرة، الرحلة الأخيرة إلى الدار الآخرة، فهذه رحلة إلى الله قبل أن تغادر الدنيا مغادرة لا عودة فيها.
إذاً هو أداء أفعال مخصوصة، في أماكن مخصوصة، في زمن مخصوص.
فالحج في أصح الأقوال فُرض في العام التاسع للهجرة، حينما أنزل الله عز وجل في القرآن الكريم:
﴿ وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ (97) ﴾
( سورة آل عمران)
فما علاقة الكفر هنا في هذه الآية ؟ قال بعضهم: من أنكر فرضيته فقد كفر، ومن أهمل أداء هذا الواجب فقد فسق. ومن كفر فإن الله غَنِيٌّ عَنْ الْعَالَمِينَ..
المفضلات