• دخول الاعضاء

    النتائج 1 إلى 4 من 4

    الموضوع: اصول الحوار وآدابه في الاسلام

    1. #1
      موقوف
      تاريخ التسجيل
      Aug 2010
      المشاركات
      13,329
      معدل تقييم المستوى
      0

      افتراضي اصول الحوار وآدابه في الاسلام



      أحمد الله تبارك وتعالى ، وأصلي وأسلم على رسوله وخيرته من خلقه ،


      ومصطفاه من رسله سيدنا محمد رسول الله ، بعثه بالحق بشيراً ونذيراً ،


      فبلغ الرسالة ، وأَدّى الأمانة ، ونصح الأمة ، وجعلنا على المحجة البيضاء ،


      ليلها كنهارها لا يزيغ عنها إلا هالك ، صلى الله وسلم وبارك عليه ، وعلى


      آله الطيبين الطاهرين ، وعلى أزواجه أمهات المؤمنين وعلى أصحابه


      أجمعين والتابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين أما بعد :




      أيها الأخوة :


      هذه كلمات في أدب الحوار مُشتمِلَةٌ العناصر التالية : تعريف الحوار
      وغايته ، ثم بيان لمُجمل أصول الحوارومبادئه ، ثم بسط
      لآدابه وأخلاقياته .


      سائلاً المولى العلي القدير التسديد والقبول ..






      تعريف الحوار


      الحوار : من المُحاورة ؛ وهي المُراجعة في الكلام .


      الجدال : من جَدَلَ الحبل إذا فَتَلَه ؛ وهو مستعمل في الأصل لمن خاصم بما يشغل

      عن ظهور الحق ووضوح الصواب ، ثم استعمل في مُقابَلَة الأدلة لظهور أرجحها .


      والحوار والجدال ذو دلالة واحدة ، وقد اجتمع اللفظان في قوله تعالى : { قَدْ سَمِعَ اللَّهُ

      قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا وَتَشْتَكِي إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ يَسْمَعُ تَحَاوُرَكُمَا إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ


      بَصِيرٌ } (المجادلة:1) ويراد بالحوار والجدال في مصطلح الناس : مناقشة بين طرفين


      أو أطراف ، يُقصد بها تصحيح كلامٍ ، وإظهار حجَّةٍ ، وإثبات حقٍ ، ودفع شبهةٍ ، وردُّ


      الفاسد من القول والرأي .


      وقد يكون من الوسائل في ذلك : الطرق المنطقية والقياسات الجدليَّة من المقدّمات

      والمُسلَّمات ، مما هو مبسوط في كتب المنطق وعلم الكلام وآداب البحث


      والمناظرة وأصول الفقة .




      غاية الحوار


      الغاية من الحوار إقامةُ الحجة ، ودفعُ الشبهة والفاسد من القول والرأي .


      فهو تعاون من المُتناظرين على معرفة الحقيقة والتَّوصُّل إليها ، ليكشف كل


      طرف ما خفي على صاحبه منها ، والسير بطرق الاستدلال الصحيح للوصول إلى


      الحق . يقول الحافظ الذهبي : ( إنما وضعت المناظرة لكشف الحقِّ ، وإفادةِ العالِم ا


      لأذكى العلمَ لمن دونه ، وتنبيهِ الأغفلَ الأضعفَ ) .


      هذه هي الغاية الأصلية ، وهي جليَّة بيِّنة ، وثَمَّت غايات وأهداف فرعية أو مُمهِّدة

      لهذا الغاية منها :




      - إيجاد حلٍّ وسط يُرضي الأطراف .


      - التعرُّف على وجهات نظر الطرف أو الأطراف الأخرى ، وهو

      هدف تمهيدي هام .


      - البحث والتنقيب ، من أجل الاستقصاء والاستقراء في تنويع الرُّؤى والتصورات

      المتاحة ، من أجل الوصول إلى نتائج أفضل وأمْكَنَ ، ولو في حوارات تالية .




      أصول الحوار


      الأصل الأول :

      سلوك الطرق العلمية والتزامها ، ومن هذه الطرق :

      1- تقديم الأدلة المُثبِتة أو المرجِّحة للدعوى .

      2- صحة تقديم النقل في الأمور المنقولة .

      وفي هذين الطريقين جاءت القاعدة الحوارية المشهورة : ( إن كنت ناقلاً فالصحة ،

      وإن كنت مدَّعيّاً فالدليل ) .


      وفي التنزيل جاء قوله سبحانه : { قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ } وفي أكث

      ر من سورة :البقرة :111 ، والنمل 64 . { قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ هَذَا ذِكْرُ مَنْ مَعِيَ وَذِكْرُ


      مَنْ قَبْلِي } (الانبياء:24) . { قُلْ فَأْتُوا بِالتَّوْرَاةِ فَاتْلُوهَا إِنْ كُنْتُمْ


      صَادِقِينَ } (آل عمران:93) .





      الأصل الثاني :

      سلامة كلامِ المناظر ودليله من التناقض ؛ فالمتناقض ساقط بداهة .

      ومن أمثلة ذلك ما ذكره بعض أهل التفسير من :

      1- وصف فرعون لموسى عليه السلام بقوله : { سَاحِرٌ أَوْ مَجْنُونٌ } (الذريات:39) .

      وهو وصف قاله الكفار – لكثير من الأنبياء بما فيهم كفار الجاهلية –

      لنبينا محمد صلى الله عليه وسلم . وهذان الوصفان السحر والجنون

      لا يجتمعان ، لأن الشأن في الساحر العقل

      والفطنة والذكاء ، أما المجنون فلا عقل معه البته ، وهذا منهم تهافت وتناقض بيّن .


      2- نعت كفار قريش لآيات محمد صلى الله عليه وسلم بأنها سحر مستمر ، كما في

      قوله تعالى : { وَإِنْ يَرَوْا آيَةً يُعْرِضُوا وَيَقُولُوا سِحْرٌ مُسْتَمِرٌّ } (القمر:2) .

      وهو تناقض ؛ فالسحر لا يكون مستمراً ، والمستمر لا يكون سحراً .



      الأصل الثالث :

      ألا يكون الدليل هو عين الدعوى

      لأنه إذا كان كذلك لم يكن دليلاً ، ولكنه

      اعادة للدعوى بألفاظ وصيغ أخرى . وعند بعض المُحاورين من البراعة في


      تزويق الألفاظ وزخرفتها ما يوهم بأنه يُورد دليلاً . وواقع الحال أنه إعادة للدعوى


      بلفظ مُغاير ، وهذا تحايل في أصول لإطالة النقاش من غير فائدة .





      الأصل الرابع :


      الاتفاق على منطلقات ثابتة وقضايا مُسَلَّمة .

      وهذه المُسَلَّمات والثوابت قد يكون

      مرجعها ؛ أنها عقلية بحتة لا تقبل النقاش عند العقلاء المتجردين ؛ كحُسْنِ الصدق ،


      وقُبحِ الكذب ، وشُكر المُحسن ، ومعاقبة المُذنب .


      أو تكون مُسَلَّمات دينية لا يختلف عليها المعتنقون لهذه الديانة أو تلك .




      الأصل الخامس :

      التجرُّد ، وقصد الحق ، والبعد عن التعصب ، والالتزام بآداب الحوار :

      إن إتباع الحق ، والسعي للوصول إليه ، والحرص على الالتزام ؛ وهو الذي

      يقود الحوار إلى طريق مستقيم لا عوج فيه ولا التواء ، أو هوى الجمهور ،


      أو الأتْباع .. والعاقل – فضلاً عن المسلم – الصادق طالبٌ حقٍّ ، باحثٌ


      عن الحقيقة ، ينشد الصواب ويتجنب الخطأ .





      الأصل السادس :

      أهلية المحاور :

      إذا كان من الحق ألا يمنع صاحب الحق عن حقه ، فمن الحق ألا يعطى هذا الحق

      لمن لا يستحقه ، كما أن من الحكمة والعقل والأدب في الرجل ألا يعترض على


      ما ليس له أهلاً ، ولا يدخل فيما ليس هو فيه كفؤاً .


      من الخطأ أن يتصدى للدفاع عن الحق من كان على الباطل .

      من الخطأ أن يتصدى للدفاع عن الحق من لا يعرف الحق .

      من الخطأ أن يتصدى للدفاع عن الحق من لا يجيد الدفاع عن الحق .

      من الخطأ أن يتصدى للدفاع عن الحق من لا يدرك مسالك الباطل .

      إذن ، فليس كل أحد مؤهلاً للدخول في حوار صحي صحيح يؤتي ثماراً

      يانعة ونتائج طيبة .






      الأصل السابع :

      قطعية النتائج ونسبيَّتها :

      من المهم في هذا الأصل إدراك أن الرأي الفكري نسبيُّ الدلالة على الصواب أو

      الخطأ ، والذي لا يجوز عليهم الخطأ هم الأنبياء عليهم السلام فيما يبلغون عن ربهم


      سبحانه وتعالى . وما عدا ذلك فيندرج تحت المقولة المشهورة ( رأيي خطأ


      يحتمل الصواب، ورأي الآخر صواب يحتمل الخطأ ) .


      وبناء عليه ؛ فليس من شروط الحوار الناجح أن ينتهي أحد الطرفين إلى قول

      الطرف الآخر . فإن تحقق هذا واتفقنا على رأي واحد فنعم المقصود ، وهو منتهى


      الغاية . وإن لم يكن فالحوار ناجح . إذا توصل المتحاوران بقناعة إلى قبول كلٍ


      من منهجيهما ؛ يسوغ لكل واحد منهما التمسك به ما دام أنه في دائرة الخلاف السائغ .


      وما تقدم من حديث عن غاية الحوار يزيد هذا الأصل إيضاحاً .






      الأصل الثامن :


      الرضا والقبول بالنتائج التي يتوصل إليها المتحاورون ،

      والالتزام الجادّ بها ، وبما يترتب عليها .


      وإذا لم يتحقق هذا الأصل كانت المناظرة ضرباً من العبث الذي يتنزه

      عنه العقلاء .


      يقول ابن عقيل : ( وليقبل كل واحد منهما من صاحبه الحجة ؛ فإنه أنبل لقدره ،

      وأعون على إدراك الحق وسلوك سبيل الصدق .


      قال الشافعي رضي الله عنه : ما ناظرت أحداً فقبل مني الحجَّة إلا عظم في

      عيني ، ولا ردَّها إلا سقط في عيني ) .



      آداب الحوار


      - التزام القول الحسن ، وتجنب منهج التحدي والإفحام :


      ففي محكم التنزيل : { وَقُلْ لِعِبَادِي يَقُولُوا الَّتِي هِيَ أَحْسَن }(الاسراء :53) .


      { وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَن } (النحل: 125) .


      { وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْناً }(البقرة :83) .




      - الالتزام بوقت محدد في الكلام :


      ينبغي أن يستقر في ذهن المُحاور ألا يستأثر بالكلام ، ويستطيل في الحديث ،

      ويسترسل بما يخرج به عن حدود اللباقة والأدب والذوق الرفيع .


      ومن المفيد أن تعلم ؛ أن أغلب أسباب الإطالة في الكلام ومقاطعة أحاديث الرجال


      يرجع إلى ما يلي :

      1- إعجاب المرء بنفسه .

      2- حبّ الشهرة والثناء .

      3- ظنّ المتحدث أن ما يأتي به جديد على الناس .

      4- قِلَّة المبالاة بالناس في علمهم ووقتهم وظرفهم .

      والذي يبدوا أن واحداً منها إذا استقر في نفوس السامعين كافٍ في صرفهم ،

      وصدودهم ، مللهم ، واستثقالهم لمحدِّثهم .


      ومن الخير للمتحدث أن يُنهي حديثه والناس متشوفة للمتابعة ، مستمتعة بالفائدة .


      هذا خير له من أن تنتظر الناس انتهاءه وقفل حديثه ، فالله المستعان .





      - تقدير الخصم واحترامه :


      ينبغي في مجلس الحوار التأكد على الاحترام المتبادل من الأطراف ، وإعطاء

      كل ذي حق حقه ، والاعتراف بمنزلته ومقامه ، فيخاطب بالعبارات اللائقة ،


      والألقاب المستحقة ، والأساليب المهذبة .





      – الإخلاص :


      هذه الخصلة من الأدب متمِّمة لما ذكر من أصل التجرد في طلب الحق ،

      فعلى المُحاور ان يوطِّن نفسه ، ويُروِّضها على الإخلاص لله في كل ما يأتي


      وما يذر في ميدان الحوار وحلبته .


      ومن الجميل ، وغاية النبل ، والصدق الصادق مع النفس ، وقوة الإرادة ،


      وعمق الإخلاص ؛ أن تُوقِفَ الحوار إذا وجدْت نفسك قد تغير مسارها ودخلتْ


      في مسارب اللجج والخصام ، ومدخولات النوايا .




      وهذا ما تيسر تدوينه والله وليُّ التوفيق ، وصلى الله على محمد


      وآله وصحبه وسلم .




      التعديل الأخير تم بواسطة 00.00.01 ; 15-01-2013 الساعة 06:38 AM

    2. #2
      فوضوي له مكانه
      تاريخ التسجيل
      Aug 2010
      الدولة
      في بيتنــــا . .||
      المشاركات
      10,838
      معدل تقييم المستوى
      78

      افتراضي رد: اصول الحوار وآدابه في الاسلام

      يعطيك العافيه عالطرح . .||
      كُونُوا عَلى يَقِينْ . .
      أنْ هُنآكَ شَىئ يَنْتظْركُْم بعْد الصْبر
      ليبهركم فَـ ينْسِيكمْ مرارة الأَلمْ . . فـَ هَذآ وَعْد مِنْ رَبِي
      . . . (( وَبْشِر الصَابِرينْ )) . . . 004 004

    3. #3
      فوضوي له مكانه الصورة الرمزية اتعبني غيابك
      تاريخ التسجيل
      Nov 2012
      المشاركات
      35,045
      معدل تقييم المستوى
      118

      افتراضي رد: اصول الحوار وآدابه في الاسلام

      تسلم يدك

      الله يعطيك العاااافيه

    4. #4
      موقوف
      تاريخ التسجيل
      Aug 2010
      المشاركات
      13,329
      معدل تقييم المستوى
      0

      افتراضي رد: اصول الحوار وآدابه في الاسلام

      ربي يخليكم ويكفيكم من كل شر

    معلومات الموضوع

    الأعضاء الذين يشاهدون هذا الموضوع

    الذين يشاهدون الموضوع الآن: 1 (0 من الأعضاء و 1 زائر)

    المواضيع المتشابهه

    1. المنهجية في طلب العلم وآدابه
      بواسطة بنت مثقفة في المنتدى منتدى المواضيع العامة
      مشاركات: 6
      آخر مشاركة: 01-12-2016, 04:27 PM
    2. اصول ارتداء الجينز للرجال
      بواسطة زينة في المنتدى استراحة المنتدى
      مشاركات: 4
      آخر مشاركة: 20-10-2015, 03:58 PM
    3. اصول الصلة مع الله
      بواسطة زمن النسيان في المنتدى من وحي الاسلام
      مشاركات: 1
      آخر مشاركة: 02-09-2015, 03:51 PM
    4. مسأله من اصول الدين
      بواسطة نسمات الجنة في المنتدى من وحي الاسلام
      مشاركات: 2
      آخر مشاركة: 07-05-2015, 08:30 AM
    5. أدب النصح في الإسلام.. ضوابطه وآدابه
      بواسطة بنت ابوها في المنتدى من وحي الاسلام
      مشاركات: 5
      آخر مشاركة: 06-03-2011, 09:08 AM

    المفضلات

    المفضلات

    ضوابط المشاركة

    • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
    • لا تستطيع الرد على المواضيع
    • لا تستطيع إرفاق ملفات
    • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
    •