على النقيض مما تدعيه بعض وسائل الإعلام الغربية وتروج له لتشويه صورة المجتمع السعودي .. يقف أحد المقيمين من الجنسية البريطانية شاهدًا على مروءة أبناء هذا الوطن المعطاء، .. لقد اختار المقيم البريطاني الذي يعمل في مدينة الرياض منبرًا له لإيضاح الحقيقة المغيبة إعلاميًا عن المجتمعات الغربية لأصالة المجتمع السعودي من خلال أكثر من عقدين من الزمن، تعايش خلالهما مع جميع شرائح المجتمع الذي كن له التقدير والاحترام ـ على حد تعبيره ـ للكثير من المواقف التي مرت به. ، ويروي المقيم البريطاني ـ فضل عدم ذكر اسمه ـ موقفًا بطوليًا لمواطنة سعودية تعاملت مع موقف لا يحسد عليه بكل شجاعة، وضحت بنفسها وجازفت بتعريض نفسها للخطر بعد أن تأخرت عن موعد تناول علاجها إذ كانت تعاني من مرض في الكبد بالإضافة إلى المخاوف التي صادفتها حيث كانت برفقة شابين صغيرين بالسن من أبناء أختها، بيد أنها أصرت على الظهور بموقف بطولي بعد أن أنقذت البريطاني وزوجته من الموت في الصحراء في حين أوشكا على الهلاك، وتعود تفاصيل القصة التي رواها البريطاني أنه وأثناء خروجه وزوجته للتنزه في المناطق البرية «شمال شرقي الرياض»في عطلة نهاية الأسبوع .. قررا أن يخوضا تجربة جديدة في المغامرة والاستكشاف، وقد اتجها إلى منطقة برية قرب « بلدة رماح» حيث تمتاز طبيعتها بالتنوع بين الصحراوية الرملية والجبلية الصخرية، ويسرد هذا المقيم البريطاني حكايته منذ البداية فيقول :» دفعني الإصرار على رؤية مشاهد هذه الطبيعة إلى أن أخرج في نزهة برية مع زوجتي، وقد كنت مستعدًا لخوض التجربة بالاستعانة بنظام الملاحة للتعرف على الطرق البرية بمركبتي الخاصة ذات الدفع الرباعي « لاند كروزر» موديل 96 ، ووصلنا إلى المنطقة المقصودة بواقع مسافة تزيد عن 40 كيلومتر عن الطريق الرئيس، وهنا حدثت المفاجأة بعد أن تسبب عطل في محرك السيارة إلى وقوفها تمامًا، ولم أتمكن حينئذ من معالجة الخلل وقد كان الوقت ظهرًا، ولم أجد طريقة لإخراجنا من هذا المأزق سوى أن أبحث عن منطقة قريبة من خلال نظام الملاحة بعد انقطاع شبكة الاتصال المحمول عن المنطقة التي كنا فيها، بالإضافة إلى قرب انتهاء شحن بطارية الهاتف المحمول .. الأمر الذي يتكرر معي دائمًا مما جعله يزداد تعقيدًا، وعندها قررت إبقاء زوجتي في المركبة فيما أقوم أنا بالبحث عن مكان مرتفع لالتقاط شبكة الاتصال لمحادثة بعض الأصدقاء وطلب المساعدة منهم، وهذا ما حدث بالفعل .. حيث قطعت مسافة بعيدة سيرًا على الأقدام، وقد أدركني الليل بظلمته، وعند صعود بعض المرتفعات الجبلية تعثرت وتعرضت لالتواء في الكاحل، فلم أعد قادرًا على السير على قدمي، ثم حاولت الوقوف مجددًا، وقمت بإجراء اتصالات بأحد أصدقائي لإنقاذنا، إلا أن الوقت كان ليلًا ويصعب عليه الوصول إلى مكاننا، وذلك لأن موقعنا في منطقة فيها واد ولا يوجد سوى مدخل واحد يوصل إلى موقعنا، فبدأت أشعر بأن حياتنا أوشكت على نهايتها، وبينما كنت أفكر في حالنا، رأيت ضوءً قادمًا باتجاهي من بعيد، وعلى الفور أخرجت مصباحا يدويا كان معي وقمت بتوجيهه نحو الأضواء، إلا أن محاولتي لم تنجح بعد أن ابتعدت المركبة حيث لم يكن ضوء مصباحي قويا إلى الدرجة الذي ينتبه له أحد، وبعد فترة وجيزة عاود ضوء آخر من بعيد، فحاولت أن أشير إليهم بالمصباح، وبالفعل تبادلت مع تلك المركبة إشارات ضوئية، حتى وصلتني المركبة من فئة الدفع الرباعي « شاصي»، وعندما توقفت السيارة وإذا بها شابان صغيران بالسن وامرأة يكسوها السواد» مرتدية الحجاب «، فبدأت بالحديث إليهم بلغة عربية غير مفهومة من خلال بعض المفردات التي أعرفها، وبادلوني الحديث بلغة إنجليزية أيضَا غير مفهومة بالنسبة لي، حتى بدأنا في التفاهم، وعرفوا أنني بحاجة للمساعدة، وعلى الفور .. ودون تردد نقلوني إلى الموقع الذي تركت فيه زوجتي ومركبتي، وقد استغرق البحث أكثر من ثلاث ساعات حتى وصلنا إلى زوجتي التي كانت بحالة إعياء شديد نتيجة الخوف الذي انتابها من الوحدة في الصحراء وفي ظلام الليل، حيث كانت مغلقة أبواب السيارة كما شعرت بالخوف عندما اقتربنا منها .. ولكنها عندما رأتني فرحت كثيرًا .. واستعادت أملها في الحياة مجددًا!!، ونقلت لها ما وجدته من طيب معاملة البدو الذين قدموا لي المساعدة، وسعدت زوجتي برؤيتهم، ولم يتوقف الأمر عن إيصالي إلى مركبتي، بل أصرت المواطنة السعودية على أن تساعدنا في محاولة إخراج سيارتنا من موقعها، وقد قامت هي والشابان بربط السيارتين بحبل لمحاولة سحبها .. إلا أن الحبل لم يكن بالقوة الكافية ما أدى إلى انقطاعه في المرة والأولى والثانية والثالثة أيضًا، فلم نجد حلا سوى أن نترك المركبة ونذهب برفقتهم بعد أن رحبوا بنا، وأصروا على توصيلنا إلى المجمع السكني الذي نقيم فيه، وعندما تحدثت إليهم .. وجدت أنهم ينكرون ذاتهم عندما قالوا لنا « إن هذا واجبنا .. وأقل من الواجب .. ولابد أن نساعدكم!!»، ، وإلى جانب ما لمسته من شهامتهم وكرمهم وحبهم للخير، فهم لا يفرقون في ذلك بين الغرباء أو من هم من بني جلدتهم «، مصادر تسلمت رسالة الشكر من المقيم البريطاني، فقمنا بالبحث عن المواطنة التي قدمت المساعدة له ولزوجته، وفي اتصال هاتفي روت المواطنة القصة ـ رفضت أن يذكر اسمها فيما اكتفت باسم» مواطنة « ـ معللة ذلك بقولها :» إن الشهامة ومساعدة المحتاجين واجب وطني نقوم به جميعًا استشعارًا لواجبنا تجاه ديننا أولا ثم وطننا وولاة أمرنا»، .. وتستطرد المواطنة الشجاعة بقولها :» كنا في نزهة برية في ذات المنطقة البرية ـ التي قصدها البريطاني ـ برفقة عدد من العائلات، وفي ذلك اليوم فوجئت بانتهاء علاجاتي التي كانت معي نظرًا لأنني أعاني من مرض في الكبد، وعندها قررت العودة للمنزل في الرياض، ورافقني في طريق العودة اثنان من أبناء أختي وهما عبدالله علي القريني ويبلغ من العمر 19عامًا والأخر الطفل خالد علي القريني ويبلغ من العمر 9 سنوات، وبحسب خبرتي الكبيرة في هذه المناطق البرية توجهت مع أبناء أختي من المخيم إلى الرياض، وفي طريق عودتنا توقفنا لأداء صلاة المغرب، ثم واصلنا المسير .. وفي منطقة مظلمة كنا نرى ضوءا من بعيد يصدر إشارات متقطعة، فتوجهنا إلى مكان الضوء، وكنت قد ترددت في البداية ظنًا أنها قد تكون المنطقة بها «جن»، ولكن بعد توقفنا للحظات .. قررنا أن نواصل لنرى ما يمكننا تقديمه من مساعدة، وعندما وصلنا إليه وجدناه قد وصل مرحلة الإعياء الشديد من التعب، وعرفنا أنه بحاجة من يساعده وزوجته، فقمنا بنقله معنا في مركبتنا .. وبحثنا عن الموقع الذي تعطلت به سيارتهم، وقد استغرق ذلك وقتًا طويلًا، وعند وصولنا وجدنا زوجته في سيارتهم أيضًا في حالة خوف وفزع .. وقد بلغ بها التعب والإعياء لدرجة كبيرة، فقمنا بتقديم المياه لهم وبعض السوائل نظرًا للعطش الشديد الذي كان يسيطر عليهما، وبعدها حاولنا إخراج سيارتهم من الموقع ولكن دون فائدة، وأشرت إليهم بالذهاب معنا وتوصيلهم لمقر سكنهم والعودة مجددًا لسيارتهم وحاول الرجل البريطاني الركوب هو و زوجته في الصندوق الخلفي للسيارة، إلا أنني رفضت ورحبت بمرافقتها معي داخل مقصورة السيارة، وتحركنا في طريق العودة إلى أن وصلنا إلى الطريق الرئيس الذي يبعد مسافة أربع ساعات تقريبًا، عندها قام البريطاني بإجراء مكالمات مع أصدقائه يبلغهم بسلامته هو وزوجته»، وتضيف المواطنة :» قمت بالاتصال بالجهات الأمنية في وزارة الداخلية لإبلاغهم بما حدث وتحديد موقع سيارتهما المعطلة، ثم وصلنا إلى المجمع السكني الذي يقيميان فيه، وكان ذلك في وقت متأخر من الليل .. وبعد أن تأخرت ـ أيضا ـ عن موعد تناول الدواء، وقد قدما لنا الشكر والتقدير في حينه، فطلبا منا تبادل الزيارات معهما « .

قصاصة من خطاب الشكر الموجه من البريطاني للمواطنة السعودية