أنا لا أقول لكم أننا بِدْعا من الناس وأننا لا نملك الأحاسيس التي يملكها غيرنا ولا نحتاج إلى ما يحتاج إليه غيرنا من بني البشر بل نحن كذلك.
ولكن
يقع علينا من المسؤولية العظيمة في هذه البلاد ما لا يقع على غيرنا ، فهذه البلاد التي حبانا الله تعالى بسكناها ويراها كل من في هذه الأرض منبعا للدين الإسلامي ومنطلقا لرسالة الإسلام الخالدة ومصدرا لقوة المسلمين ، ينبغي أن يكون أهلها قدوة لجميع المسلمين في كل تصرفاتهم.
فمظاهر الإسلام في بلادنا ولله الحمد ناصعة أكثر من غيرها من بلاد المسلمين ، فلا قبور ولا أضرحة تعبد من دون الله تعالى ، ولا طواف إلا بالبيت العتيق ، ولا دور زنًا وخلاعة في الشوارع ، ولا حانات خمور ورقص ومجون ، ولا كنائس يُنسب فيها الصاحبة والولد لله تعالى ، ولا لحوم خنزير في مطاعمنا ومشاربنا ، ولا عصابات تتسكع في الطرق فتقتل وتُرهب ، ولا قُطاع طرق ، و لا أحزاب تُفرق شملنا .. و غيرها من الأمور التي اختص الله تعالى بها بلادنا دون غيرها.
ووالله ، ثم والله ، ثم والله ، لو لم يكن إلا هذه الخلال التي ذكرتها لكفى بها محفّزا لنا جميعا على التمسك بوحدتنا وجماعتنا.
يا شباب الوطن المحبين لوطنهم
أعلم أن هناك من قد زهّدكم في الخطاب الديني ووصمه بالرجعي وتهكّم به وبأهله ولكن والله الذي لا اله غيره لن تجدوا عاصما بعد الله تعالى من هذه الفتن إلا بالتمسك بمنهج العلماء الراسخين الذين أثنى الله تعالى عليهم وزكاهم وأمرنا بالرجوع إليهم (فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ)
أهل العلم ، الذين قال الله تعالى عنهم (إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ) فمن يخشى الله تعالى كان أهلا لأن نثق فيه وأن نُطيع أمره و كفى بالله تعالى مزكيا له.
ولعلي ألفت انتباهكم إلى أمر تعرفونه وربما فات عليكم وكلنا بحاجة إلى أن يذكر بعضنا بعضا (وَذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرَى تَنْفَعُ الْمُؤْمِنِينَ).
أيها الأحبة
إن الله تعالى شرع لنا هذا الدين العظيم وجعله دينا خالدا موافقا لمصالح العباد والبلاد متمشيا مع نهضات الأمم وتطور الشعوب ولن نجد دينا وشريعة تتوافق مع فطر الناس السليمة وتطورات البشر المادية مثل ديننا الإسلامي.
والله تعالى هو الذي خلقنا وهو أعلم بنا و بما يُصلح أحوال ديننا ودنيانا ، فإذا تقرر هذا علمنا أنه يجب علينا أن نسير في كل أمورنا بما أمرنا الله تعالى به وما أمرنا به نبينا محمد صلى الله عليه وسلم وأن نجتنب ما نهيا عنه.
يا محبين الوطن
إن الثورة التي ينادي بها البعض من أبناء هذا الوطن لو تأملناها حق التأمل لأدركنا عِظمَ الخلل الذي فيها ، ولعلمنا أنها قامت على غير هدى ، فإن كان الهدف منها إصلاح أمورنا الدينية والدنيوية فليس هذا هو الطريق الذي دلّنا الله تعالى عليه ، وطالما أنها تندرج تحت مطلب الإصلاح ؛ فلا إصلاح إلا بأوامر الدين التي أمرنا الله تعالى بها والذي سبق أن قررنا أننا من أهله وتحت مظلته ، لذا دعونا نتأمل هذا الأمر برويّة وسكينة فكلنا يطلب الحق وأسأل الله تعالى أن يُلهمنا إياه ويجعلنا من متبعيه.
إن هذه الثورة المعلن عنها اُستفتحت بالهدف الذي أقيمت من أجله وهي (إسقاط النظام وتغيير الحاكم) وأما غيرها من الأمور التي ضمّنوها مطالبهم فما هي إلا بنود لجلب المؤيدين لها ، فاستقلال القضاء وزيادة الرواتب وتحسين أمور المعيشة و إغناء الفقراء ووضع سقف أدنى من الرواتب وغيرها .. كل هذه الأمور يطالب بها جميع شعوب الأرض فهي محل اتفاق بين المسلمين وغيرهم ، وقد طالب بها أهل الإصلاح المخلصين من أبناء هذا الوطن و ما زلوا يطالبون بها ، ولكن زُجّ بهذه المطالبات تحت المطلب الرئيسي للفتنة حتى يمكن استساغته عند الناس وإيهامهم بتحقيق مطالبهم الخاصة حتى لو ترتب على ذلك مفاسد قد لا يدرك الكثير عواقبها ، وهذه الحيلة ينبغي أن لا تنطلي على شبابنا المسلم الفطن الذي سلّم أمره لله تعالى ولكتابه وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم وفِهم سلفنا الصالح المبني عليهما ، ووالله لو لم يضعوا إلا مطلبهم الأول فقط لما وجدوا كثير مؤيدين لهم فليُعلم هذا ..
أيها الشباب المحبين لبلادهم
ولي أمر هذه البلاد حفظه الله بُويع بيعة شرعية بايعه عليها أهل الحل والعقد وقد قامت بذلك البيعة في أعناقنا جميعا فلا يجوز بحالٍ نزع هذه البيعة إلا بكفر بواح لنا فيه من الله سلطان كما بين ذلك النبي صلى الله عليه وسلم لأصحابه رضي الله عنهم ، وكيف لنا أن نعرف هذا إلا بالرجوع إلى أهل العلم الراسخين الذين تعبدنا الله تعالى بالرجوع إليهم ، فقد ورد في صحيح البخاري عن جنادة بن أبي أمية قال : دخلنا على عبادة بن الصامت وهو مريض قلنا أصلحك الله حدث بحديث ينفعك الله به سمعته من النبي صلى الله عليه و سلم قال دعانا النبي صلى الله عليه و سلم فبايعناه فقال فيما أخذ علينا أن بايعنا على السمع والطاعة في منشطنا ومكرهنا وعسرنا ويسرنا وأثرة علينا وأن لا ننازع الأمر أهله إلا أن تروا كفرا بواحا عندكم من الله فيه برهان ) رواه البخاري
وهذا ولله الحمد ما ليس موجود في ولي أمرنا حفظه الله الذي أقسم أن يكون القرآن دستوره ، و الذي ارتضى كتاب الله تعالى وسنة نبيه محمد صلى الله عليه وسلم حكما في قضائنا ، والذي يأمرنا بإقامة الصلاة وإيتاء الزكاة والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وكل هذا ظاهر جلي لا يخفى إلا على الحاقد الذي امتلأ قلبه غلا وحقدا على ما يرى من اجتماعٍ وتآلف في هذه البلاد بين الراعي والرعية.
فإذا كان الأمر كذلك وهذا ما بايع عليه النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه فكيف نسير في ثورة أصل دعوتها باطل ومخالف لما بايع عليه النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه.
ولو قال لي قائل :
إننا لم نخرج إلا للمطالبة بحقوقنا من أموال ومساكن ووظائف ولا نريد أن ننازع الأمر أهله.
فأقول لهم :
إنّ غيركم ممن يُريد إثارة الفتنة في هذه البلاد من القابعين في بلاد الكفار الذين يأكلون ويتمتعون ويحرّضون من خلف الشاشات لم يقوموا بإشعال هذه الفتنة إلا لأنهم يريدون أن يُنازعوا الأمر أهله وأن ينزعوا من السلطان ما أذن الله تعالى له به من السياسة الشرعية التي يسوس بها هذه الدولة ، لذا فلم يكن لهم سبيل إلى ذلك إلا أن يتخذوكم مطيّة لتحقيق مصالحهم فتفطنوا يا راعاكم الله.
ولو سلّمنا جدلا أنكم ستخرجون للمطالبة بالحقوق الذاتية من توزيع لثروات البلاد عليكم والمطالبة بالوظائف والرواتب المجزية والمساكن و المطالب الدينية فأقول لكم هل هذا هو السبيل الصحيح للمطالبة بها ؟
إذن دعونا نحتكم لشرع الله تعالى الذي دلنا عليه النبي صلى الله عليه وسلم في مثل هذه الأمور.
وأنا بذلك أن لا ادعي أنه لا يوجد لديكم حقوق مشروعة ومطالب متأكدة وإصلاحات من المفترض أن تتم ولكن لا ينبغي أن تتم إلا بالمنهج الشرعي الذي وضعه الله تعالى ليس بالمنهج الغربي الذي وضعه بني البشر القاصرين عن فهم مصالحهم الدينية والدنيوية.
يا أيها المحبين لدينهم ووطنهم
لنفترض أنكم قد خرجتم إلى هذه الثورة فهل تأملتم ما هي نتائج ذلك في هذه البلاد ؟
01 إن هذا الأمر لم يكن له سابقة في بلادنا فمتى حصل فقد فتحتم المجال لأكبر فئة تود أن تُشعل الفتنة في هذه البلاد بل وتنتظر مثل هذه الفرص لتخرج كل حين لتعطل مصالح الناس وتحرمهم من أمنهم واستقرارهم فهل عرفتم من هم ؟
02 إن خرجتم إلى هذه الثورة التي يُراد منها إثارة الفتنة في بلادنا فهل تظنون أن أكثر الشعب السعودي المعارض لفكرة هذه الثورة سيضل حبيس البيوت أم أنه سيخرج أيضا مدافعا عن حياض جماعة المسلمين ولُحمتهم وعلى هذا فهل تأمنون إثارة الفوضى والقتل والدمار ، ولو افترضنا أن شخصا منكم لقي حدفه ومات في هذه الثورة فماذا سيجيب الله تعالى إذا سأله عن سبب إزهاق نفسه هل سيقول (إنني خرجت لإعلاء كلمة الله) وهي شعار لهذه البلاد ويُنادى بها في كل مسجد ليلا ونهارا في جميع بقاع البلاد ، أم سيقول قد خرجت لإزالة السلطان الذي أمرتني بطاعته ولزوم جماعته.
03
المفضلات