الشيطان عدونا الحقيقي

[هنووودة]

بسم الله الرحمن الرحيم

قال تعالى : { ولقد خلقناكم ثم صورناكم ثم قلنا للملائكة اسجدوا لآدم فسجدوا إلا إبليس لم يكن من الساجدين * قال ما منعك ألا تسجد إذ أمرتك قال أنا خير منه خلقتني من نار وخلقته من طين * قال فاهبط منها فما يكون لك أن تتكبر فيها فاخرج إنك من الصاغرين * قال أنظرني إلى يوم يبعثون * قال إنك من المنظرين * قال فبما أغويتني لأقعدن لهم صراطك المستقيم * ثم لأتينهم من بين أيديهم ومن خلفهم وعن أيمانهم وعن شمائلهم ولا تجد أكثرهم شاكرين * قال أخرج منها مذموما مدحورا لمن تبعك منهم لأملأن جهنم منكم أجمعين }

التحليل الدلالي اللغوي :

ولقد خلقنا مادة هذا النوع الإنساني من الصلصال والحمأ المسنون؛ أي : من الماء والطين اللازب , فمنه خلق الإنسان الأول, ثم جعلنا من تلك المادة صورة بشر سوي قابل للحياة, ثم بعد إكمال خلقه وتصويره ونفخنا فيه من روحنا, وصار مستعدا لأن يكون خليفة في الأرض, وعلمناه الأسماء كلها. أمرنا الملائكة بالسجود لآدم تكريما له ولذريته سجود تحية وإكرام بالانحناء, لاسجود عبادة فلا معبود إلا الله. وقيل : إن السجود شرعي بوضع الجبهة على الأرض لله, وآدم قبلة كالكعبة. فسجد الملائكة بعد الأمر جميعهم, إلا إبليس أبى وامتنع من السجود له تكبرا وعنادا.قال الله – سبحانه وتعالى – توبيخا للعين : ما منعك يا إبليس أن لا تمتثل لأمري ورفضت أن تسجد لآدم مع الساجدين, أو بمعنى آخر ؛ ما حملك واضطرك ودعاك إلى أن لا تسجد . قال اللعين : لم أسجد لآدم لأني أنا خير منه وأشرف منه , وعلل بقوله : وإنما كنت خيرا منه ؛ لأنك خلقتني من نار نورانية مشرقة علوية مجاورة لجواهر السموات, وخلقت آدم من طين ظلماني سفلي بعيد عن مجاورة السموات.. ولا شك أن في جواب إبليس ضروب من الجهالة, وأنواع من الفسوق والعصيان ؛ في اعتراضه, واحتجاجه, وجعل الأمر موقوفا على استحسانه له , وموافقته لهواه, واستدلاله على خيريته بالمادة التي منها التكوين ؛ مع أن جميع الأحياء النباتية والحيوانية إما من طين مباشرة, أو بالواسطة, وهي خير ما فيها, وليس للنار من هذه المزايا ولا ما يقرب منها. وقد جهل ما خص به آدم من استعداده العلمي والعملي أكثر من سواه.
وفي قوله عز وجل : ( ما منعك ألا تسجد إذ أمرتك ) و في سورة الحجر: ( قال يا إبليس ما لك ألا تكون مع الساجد ين) وفي سورة ص : ( ما منعك أن تسجد لما خلقت بيدي ..) اختلاف العبارات عند الحكاية : دل على أن في رفضه ثلاث معاصي :مخالفة الأمر, ومفارقة الجماعة, والاستكبار مع تحقير آدم.
قال عز وجل : ( فهبط منها ..) أي : بسبب عصيانك لأمري وخروجك عن طاعتي اهبط وانزل من الجنة, وقيل : من السموات إلى الأرض ؛ فما ينبغي لك أن تتكبر وتعصي أمري. فاخرج إنك من الصاغرين ؛ أي : من المهانين الذليلين. ويلعنك كل لسان ؛ لتكبرك, وهكذا كل متكبر عوقب بلبس رداء الهوان. ومن لبس رداء التواضع ألبسه الله رداء الترفع.
وقال إبليس : أنظرني ؛ أي : أجلني, وأمهلني, وأخرني, فلا تمتني , أو تعجل عقوبتي إلى يوم يبعث فيه آدم وذريته من قبورهم. وهو يوم النفخة الثانية عند قيام الساعة. ولكن أمهله الله إلى النفخة الأولى. فيموت إبليس عقب النفخة الأولى التي يتلوها خراب هذه الأرض. فقل إبليس اللعين : ( فبما أغويتني لأقعدن لهم صراطك المستقيم )أي : بسبب إغوائك وإضلالك إياي يا رب ؛ لأجل آدم أقسم لك لأجلسن مترصدا لهم على طريقك الحق الموصل إلى الجنة, فأصدنهم عنه بأن أزين لهم طرقا أخرى أشرعها لهم من جوانب هذا الطريق حتى يضلوا عنه ؛ فلأشككنهم في الآخرة بأن لا بعث ولا حساب, ولا جنة ولا نار, ولأرغبنهم في الدنيا, ولأزيننها لهم, ولآمرنهم بالجمع لها, والمنع والبخل والفساد, ولأشبهن عليهم أمر دينهم, وأمنعنهم من الحسنات, ولأزينن لهم المعاصي, وآمرنهم بالسيئات, وأحسنن لهم الباطل. فآتينهم من بين أيديهم ومن خلفهم وعن أيمانهم وعن شمائلهم , ولكن لا يستطيع أن يأتيهم من فوقهم ولا من تحتهم ؛ لمكان الرحمة والسجدة. وغرض إبليس من هذه الغواية لابن آدم حتى يفسدوا بسببه كما فسد بسببهم.
وقد أقسم الله عز وجل : أن من يتبعك من بني آدم فيما تزينه له من الشرك والفجور, ليكونن معك في جهنم , ولأملأنها منك وممن تبعك منهم أجمعين.

[وحيدة السعودية]

الله يحفظنا ويحفظك بحفظه ويجزاك الف خير

[ღدنيآْگْ دنيآيـُےღ]

جــــــــــزآكِ الله خير

[بنت عز ما تنهز%]

أعوذ بالله من الشيطان الرجيم

جــــــــــــــزاك الــلـــه كــــــل خــــــير