اغلق احمد هاتفه ومد يديه الى فنجان قهوته الساخنه

وارتشف منه بتلذذ ونظر الى نافذه مكتبه

بينما كانت الشمس تغادر تهار ذلك اليوم الخريفي

شعر باجهاد شديد .

كانت دقات قلبه تتباعد ونبضه يزداد قوه

وغزاره عرقه تملئ قسمات وجهه

شعر احمد بانه يتهاوي وكان اخر ماقام به ان ضغط على جرس السكرتاريه

وراح في صمت بعيد

حين افاق احمد وجد نفسه فوق الفراش الابيض

في غرفه العنايه الفائقه تحيط به الاجهزه الطبيه

لم يجد احد حوله ممن يعرفهم .كان ذاك الطبيب ذو الابتسامه المطمئنه

اول من رأه ربت علي يديه

حمدالله علي السلامه

كانت الافكارتدور براسه ماذا حدث له اجابه الطبيب باقتضاب

.....بسيطه يبدو انك اجهدت نفسك كثيرا

اراد احمد مغادره المستشفي حين سمحوا له بالزياره

لكن الطبيب طلب منه اجراء بعض الفحوص الهامه قبل ان يغادر

كان احمد ذلك الرجل الذي يمتلك حيويه ونشاط لا حدود له

يتعجب من كل هذا فهو متاكد انه لاشي يعاني منه

ايام طويله مرت واحمد يوما بعد يوما يزداد ضيقا من وجوده بالمستشفي

حتى قرر الخروج مهما كانت العواقب

حين دلف الي مكتب الطبيب كان حازما قويا ..... ساغادر اليوم

قام طبيبه من مقعده وجلس امامه مباشره

استاذ احمد نحن نهتم جدا بصحتك وكل مانفعله لصالحك

لاول مره شعر احمد بان الامر جد خطير

حين طلب من الطبيب ان يفهم تماما ماذا حل به صحيا

كانت كلمات احمد صريحه جدا

ارجو ان تصارحني بكل شئ عن حالتي

انا رجل قوي لااخاف شئ فارجوا ان اعلم كل شئ

انت تعاني من مرض نادر ولكن كل شئ بيدي الله عز وجل

حين افاق احمد من صدمته تماسك واكمل حديثه

فعلم ان ماتبقي له في حاله مرضه ماهو الا اسابيع محدوده

كانت اخر كلمات الطبيب لابد ان تعلم احمد ان هناك حالات شبيهه قد شفيت تماما

ارادة الشفاء للمريض هي من تحدد كل شئ

حين عاد احمد لمنزله كانت كل الاوراق قد تبعثرت

نظر احمد بشكل جديد الى ما مر من حياته ومايتبقي منها

حين عاد الي مكتبه كانت نظرته لم تعد كسابقتها

صار اكثر رغبه في سؤال كل موظفيه ماذا اكون انا بنظركم

اراد احمد ان يطلب العفو من كل من اساء اليهم

وان يرد المظالم الذي فعلها ونسيها بمرور الوقت

بحث عن اصدقاءه الذين لم يراهم من مده وتصالح معهم

كان الناس ينظرون بتعجب وهم يرونه يتقدم الصفوف في الصلاه

حين كان يؤم المصلين بصلاه الفجر ماكان اجمل من صوته وهو يخشع بتلاوته

تبدلت حياته تماما صار كل الناس يتقربون اليه

يحبونه باخلاص وهو من يمد يديه الى كل سأل

اصبح بيته اكثر صخبا وجمالا وحبا اصبحت زوجته اكثر طيبه وحنان

كانه يري ابتسامتها لاول مره

تحول اولاده الي مشاركة الاسره بعد ان كان لايلتقون الا قليلا

تحولت شركته من نجاح الى نجاح

بفضل روح الحب التي سرت بين الموظفين

تحولت حياته تماما اصبحت اكثر قيمه وسعاده

لقد عادت الي حياته معاني كثيره كان يفتقدها

لماذا غفل احمد عن كل هذا وعاش حياته بماديه شديده

لقد اكتسب اموالا كثيره من قبل

لكنه لم يري جمال تلك الفرحه من قبل في عيون موظفيه

كان الكثير مما حوله يلبون اي طلب له

لكنه لم يرى ابدا ذلك الوميض في اعينهم رضا وحبا

لقد اعاد احمد اكتشاف حياته من جديد

كانت اخر كلمات احمد قبل ان يغادر بيته لاداء فريضه الحج لمن حوله ارجوكم ادعو لي

حين كانت دموع احمد تنهمر بشده وهو يتطلع الي البيت الحرام

كانت زوجته توقظه من نومه ليصحو احمد وهو مازال يردد

الحمد لله الحمد لله
الفجر الجديد