العشق والمعشوق

[بنت الديره]

العشق والمعشوق وامارات العشق

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
يقول العالم الجليل الحافظ جلال الدين السيوطي في كتابه الشهير الوشاح في فوائد النكاح

العشق : من سمح الجواهر وكرم المفاخر وتداعي الضمائر واتفاق الأهواء وامتزاج الأرواح وازدواج الأشباح وتخالص القلوب وتعارف الأفئدة لايكون الا من اعتدال الصوره وذكاء الفطنه ورقة الحاشية وصفاء المزاج واستواء التركيب والتأليف لأن معني علله عذوبه تنبعث خواطره بحركات فلكيه ونتائج نجوميه وهذا قول أكبر المتكلمين ومذهب جميعهم يدور علي قوله - صلي الله عليه وسلم _ " القلوب أجناد مجندة |
وقد جري نزاع بين الناس في أسباب وقوع الهوي وكيفيته وهل يكون ذلك من نظر وسماع واختيار أم عن اضطرار ؟ وما علة وقوعه بعد أن لم يكن ؟ ثم عدمه بعد كونه ؟ وهل ذلك فعل للنفوس الناطقه ا, فعل للجسم وطبعه ؟
فذكر عن ابقراط أنه قال : الهوي امتزاج النفس بالنفس ، كما لو امتزج الماء بماء مثله ، عسر تخليصه ، بل لايمكن بحيلة من الاحتيال البته والنفس ألطف من الماء ,وأرق مسلكا فمن ذلك لايزيله مرور الليالي ولا تخلفه الدهور ولايدفعه دافع توعر علي الأطباء مسلكه وخفي عن الأبصار موضعه وحارت القلوب دون كيفيته غير أن ابتداء حركته وعظيم سلطانه من القلب ثم ينقسم علي سائر الأعضاء فتبدأ الرعده في الأطراف والصفره في الألوان واللجاجه في اللسان والزلل والعثر في النطق حتي ينيب صاحبه الي النقص
وقد قيل:
علامة من كان الهوي في فؤاده *** إذا نظر المحبوب أن يتحيرا
ويصفر لون الوجه بعد احمراره *** وإن خاطبوه بالكلام تعسرا

وقيل أيضا :وإني لتعروني لذ. هزة *** كما انتفض العصفور بلله القطر

أمارات العشق ودلائله :
ذهب كثير من الطبيعيين وذوو الفحص من التطببين أن العشق :
طمع يتولد في القلب وينمو وتسري اليه مواد الحركه فكلما قوي ازداد صاحبه في الاهتياج واللجاج والتمادي في الفكر والهيمان وضيق الصدر

فإذا فسد الفكر ادي ذلك إلي الجنون
فحينئذ :
ربما قتل العاشق نفسه
وربما مات غما وحزنا
وربما نظر الي معشوقه فيموت فرحا وحبا
وربما شهق الشهقة فتخفي روحه اربعين ساعه فيظن اهله انه قد مات فيدفنونه حيا
وربما تنفس الصعداء فتخفي روحه في تامور قلبه وينضم القلب عليه فلا ينفرج حتي يموت
وربما رأي محبوبه فجأه فتخرج روحه فجأه
وانت تري العاشق إذا سمع بذكر من يحب كيف يهرب دمه ويستحيل لونه

يقول ابن الفارض :
هو الحب فاسلم بالحشا ما الهوي سهل *** فما ختاره مضني به وله عقل
وعش خاليا فاحب راحته عنا *** وأوله سقم واخره قتل

المعشـــــــــــــــــــــــــوق وصفته :
وكلام بعض أهل العصر في المعشوق الذي له حد الكمال والإجمال كلام المعشوق الذي لا يجد عنه عاشق سبيلا الي السلو والانتقال منه بسبع خصال فمن ذلك :
أن يكون جميل المنظر بهيا
أن يكون رفيع البيت سريا
أن يكون حلو التقطيع والنادر لاذعيا
أن يكون لبيبا عاقلا حييا
أن يكون طاهرا عفيفا نقيا
أن يكون ذا يستار ومروءة تظهر ملوكيته خلقا وزيا
أن يكون مفصلا جوادا يفيض علي إلفه نواله يساقط رطبا جنيا
فإذا اجتمع هذا في المعشوق كان حبه لزام الصب المشوق ولو اجتمعت هذه النعوت في الصوره غير المستحسنه لكانت جذابة للنفوس بأزمة الفضائل واعنة حسن الشمائل
فكيف بها في الموهوب تمام الصوره والمناسبة الباطنه والظاهره وهذا إنما يوجد نادرا في الدهر

قال الشاعر :كأن الله صوره من نوره بشرا *** وأنشأ الخلق من ماء ومن طين

فإذا كان كما قال بعض الواصفين : ذا وجه صبيح ، وقد رجيح ، وخصر نحيل ، وردف ثقيل مع تناسب الأعضاء واستواء الخلقه فصيح اللسان سهل العنان كحيل العيون مريض الجفون فهذا الذي يسبي العاشقين فسبحان من خلق الملاح وجعلهم فتنة للعالمين

اتمني الاستفادة للجميع

[بنت الحجاز]

شكراً جزيلاً لموضوعك