القاضى والأمير ؟؟

[frame="14 100"]أراد أحد الأمراء أن يتحقق بنفسه من صحة ما قيل له ، عن وجود قاض عادل

فى إمارته، لايستطيع أحد من المحتالين خداعه، فتنكر الأمير فى زى تاجر ،

وامتطى جواده، وعند مدخل المدينة اقترب منه رجل كسيح يلتمس صدقه ،

فأعطاه فاذا الكسيح يتشبث بردائه. التفت التاجر إلى الكسيح، وسأله :

ماالذى تريده بعد؟ ألم أعطك صدقة؟

وقال الكسيح : بلى ، ولكن أعمل معى معروفا ، وخذنى إلى ساحة المدينة ،

فأجابه الى طلبه ، وأردفه خلفه، وفى الساحة رفض الكسيح النزول عن ظهر

الجواد .

فنهره التاجر قائلا : ما الذى يجلسك ؟ هيا انزل ، لقد وصلنا.

قال الكسيح : ولم النزول والجواد ملكى ؟

وعندما احتد بينهما النقاش ، تجمع الناس حولهما ، واقترحوا عليهما الذهاب

إلى القاضى .

مضى الاثنان إلى القاضى، وكان الناس مجتمعين فى المحكمة، والحاجب

ينادى على المتخاصمين حسب الدور، فاستدعى القاضى نجارا وسمانا ، كانا

يتنازعان نقودا بيد النجار.

قال النجار : اشتريت من هذا سمنا، وعندما أخرجت محفظتى لأنقده الثمن ،

أختطفها من يدى محاولا انتزاع النقود ، وهكذا جئنا اليك ، يده على يدى

ومحفظتى ، ولكن النقود نقودى.

أما السمان فقال : هذا كذب. جاء النجار إلى ليشترى سمنا ، وبعد ان ملأت له

إبريقا كاملا، طلب منى أن أفك له قطعة ذهبية ، فأخرجت المحفظة ، ووضعتها

على الطاولة فأخذها وأراد الهرب، فامسكت به من يده ، وجئت به إلى هنا.

صمت القاضى ، ثم قال: اتركا النقود هنا واحضرا غدا.

وعندما حان دور التاجر والكسيح، قص التاجر ما حدث ، ثم أشار القاضى

للكسيح أن يأتى بحجته.

قال الكسيح هذا كذب كله ، كنت ممتطيا جوادى فى ساحة المدينة ، أما هو

فقد كان جالسا على الأرض فطلب منى أن أحمله ، فسمحت له بركوب الجواد

، ونقلته الى المكان الذى يرغب ، ولكنه لم يرد النزول ، وادعى ملكيته للجواد

، فكر القاضى ، ثم قال : اتركا الجواد عندى ، واحضرا غدا. فى اليوم التالى

اجتمع المتخاصمون للاستماع إلى حكم القاضى ، فتقدم النجار والسمان أولا

لمعرفة الحكم

قال القاضى للنجار : النقود ملكك ، ثم أشار الى السمان قائلا : أما هذا

فاضربوه بالعصا خمسين مرة .

ثم استدعى الحاجب التاجر والكسيح ، فوقفا بين يدى القاضى لسماع الحكم.

فسأل القاضى التاجر : هل تستطيع معرفة جوادك من بين عشرين جوادا؟

قال التاجر : نعم

فسأل القاضى للكسيح : وأنت؟

فقال الكسيح : نعم

ثم أخذهما القاضى الى الاسطبل ، فأشار التاجر فى الحال إلى جواده وقد

ميزه من بين عشرين جوادا .

وكذلك تعرف الكسيح على الجواد .

عاد القاضى إلى مكانه . وقال للتاجر :الجواد جوادك فخذه ، أما الكسيح

فاضربوه بالعصا خمسين مرة.

بعد انتهاء المحاكمة ذهب القاضى إلى بيته . فسار التاجر خلفه . فالتفت

القاضى إليه وسأله: ما الذى تريده؟ أم انك غير راض عن قرارى؟

أجاب التاجر: بلى ، ولكنى أردت أن أعلم كيف عرفت أن النقود ملك النجار

وليست للسمان ، وأن الجواد لى ، وليس للكسيح؟

قال القاضى : أما أمر النجار والسمان ، فقد وضعت النقود فى قدح ماء ، ثم

نظرت اليوم صباحا الى القدح لأرى ما اذا كان السمن طافيا على سطح الماء،

فلو كانت النقود عائدة للسمان ، لكانت ملوثة بيديه الدسمتين ، ولطفا

السمن فى القدح ، وأما معرفة مالك الجواد فكانت أصعب ، فالكسيح أشار

مثلك فى الحال الى الجواد من بين عشرين جوادا ، ولكننى لم أقودكما إلى

الإسطبل لأرى ما اذا كنتما ستتعرفان على الجواد : بل لأرى إيكما سيتعرف

عليه الجواد ، عندما اقتربت أنت منه التفت برأسه ، ومده إليك ، وعندما اقترب

الكسيح إليه رفع أذنيه وقائمته مستنكرا ، وهكذا عرفت أنك صاحب الجواد .

فقال التاجر آنذاك : أنا لست تاجر ، بل أنا أمير البلاد جئت إلى هنا لأعرف

حقيقة مايقال عنك . وها أنا أرى الان أنك قاض حكيم ، فاطلب منى ماشئت

لأكافئك به .

قال القاضى: شكرا لك أيها الأمير ، فأنا لاأحتاج مكافأة على أداء عملى بصدق

وإخلاص