تعلق الاطفال بالاصدقاء الخياليين

**بنت الديره** · 13-10-2016, 04:21 PM

تسمعين طفلك الذي يجلس في غرفته وحيداً يتحدّث إلى شخص ما غير موجود، يطلق عليه اسماً ثمّ يخبرك عن إنجازاته أو ينسب إليه أفعالاً سيّئة.
هذه المسألة تثير قلقك، لكن هل من داعٍ للقلق أو الذعر؟ كلا بالتأكيد. لكن من المفترض البحث عن المعاني الحقيقيّة لهذا الكائن لمعرفة ماذا يجري مع الطّفل. المعالجة النفسيّة كيم ورد تضيء أكثر على هذا الموضوع.
بداية تشير ورد إلى أن نصف الأطفال على الأقل يبتكرون في وقت من الأوقات صديقاً وهمياً خيالياً غالباً ما يكون في مثل سنّهم أو أكبر منهم بقليل، يتكلّمون معه دائماً أو في أوقات الفراغ، وينسبون إليه أفعالاً عدّة. وثمّة أطفال يتخيّلون عائلة تكون بديلة من عائلتهم.
يمكن ملاحظة هذا الصّديق عند اكتمال مخيّلة الطّفل، لكونه دليلاً على غنىً فيها واكتمال قدرته الكلاميّة، وهو ما يحصل في المرحلة الأوديبيّة، أي بين 3 و6 سنوات. ومن المفترض ألا يتخطّى الأمر هذه المرحلة لأن الطّفل بعدها يبدأ التفريق بين الحقيقة والخيال، ويتوقّف عن رؤية الأشياء من منظاره الخاصّ، لتصبح أقرب إلى الحقيقة وبالتالي أكثر موضوعيّة.
أمّا عن سبب لجوء الطّفل إلى الصّديق الخيالي فتقول: "السّبب الأوّل والأهمّ هو حاجته إلى ملء الفراغ الذي يعيشه، فهؤلاء الأطفال يشعرون بالوحدة بأنهم مهملون ومتروكون، وما من أحد يلعب معهم، أو يعيشون مع أشخاص كبار لا يستطيعون التأقلم معهم، فتدفعهم الحاجة إلى من يصغي إليهم وإلى اختراع هذا الصّديق. وقد يكون الوالدان مفرطي الحماية، ينشغلان دائماً بكل ما يتّصل بطفلهما، لذلك يبتكر صديقاً خيالياً لتكون له حياته الخاصّة التي يحتفظ بها لنفسه".
وتضيف أنه في أحيان أخرى نجد الطّفل ينسب لصديقه المتخيّل أفعالاً، فيقول مثلاً "هو من قلب الغرفة رأساً على عقب، وليس أنا" ويساعده هذا في إيجاد أساليب للتهرّب من بعض الأمور.
وثمة وجه آخر للصديق الخيالي يدخل ضمن الشق الاجتماعي، إذ يساعد الطّفل على الانخراط مع الأطفال الآخرين من هم في مثل عمره سواء في الحضانة أو المدرسة. أما إذا كان يعاني من مشكلة الانخراط ضمن المجموعة بسبب الخجل أو الانطواء، فإنه يحتفظ بالصّديق المتخيّل ويجد صعوبة في إقامات صداقات حقيقيّة.
وتعتبر مدرسة التحليل النفسي أن لجوء الطّفل الى صديق خيالي هو محاولة منه لإيجاد سند يساعده في تحمّل الانفصال النفسي عن الأمّ الذي يعتبر مرحلة ضروريّة في نموّه الطّبيعي.
أمّا في عمر أكبر، بين 6 و11 سنة أو في المراهقة، فيدلّ هذا السلوك على ضعف في الشّخصيّة وقلّة ثقة بالنفس.
وعن طريقة تصرّف الأهل حيال الموضوع تقول: "في معظم الحالات يكون اختراع صديق خيالي مرحلياً. ومن الضّروري ألا يؤدي الى انقطاع الطّفل عن العالم الخارجي الذي يحيط به، أو يمنعه من مشاركة أصدقائه الحقيقيين اللعب".
ومن المفترض بالوالدين أن يعرفا أن هذا الصّديق أو العائلة الخياليين يعكسان مشاكل أو رغبات الطّفل، وهي طريقة يقول فيها "أصغوا إليّ"، وعندما يتكلّم الطّفل عنه على الوالدين أن يبديا اهتماماً بما يقول، ويمكن أن يطرحا عليه أسئلة ويحاولا أن يفهما من خلال أجوبته عمّا يبحث. فالصديق الخيالي يسمح بفهم حاجات الطفل.
ومن المهمّ الاستعلام عن الطّفل في المدرسة من معلميه، وما إذا كان يلعب مع رفاقه في الصّفّ، أو يشارك في الحياة المدرسيّة، ولا يعاني من مشاكل في الاندماج مع الآخرين.