لا شيء يدعو للألق
أرق لذيذ يتبعه أرق
ها نحن كل ساعة
نقبع في بؤرة البؤس
من ثم يعشقنا القلق

لا شيء يدعو للضحك
قانونهم مزيف
ومصيرنا بين أيديهم مرمي
على المحك

هنا تعريف الجمال بدون تجمل
أن يستحيل الجبن تاريخا
وأن يصبح الذل تحت الذل
تحمل

لا شيء يدعوا للبقاء
هم تليدً ذابحً
في كل غصة تجد تحت الباب
دعوة مغلفة بوردً ذابلً تدعونا للقاء

أحلامنا الصغرى مجرد مخدرات مباح بيعها
تذهب الى فراشك مرة
تختار من الأحلام أجودها
تشربها, تمضغها, تشمها
بكل أنواع التغدي
فـ المهم أن تحسها
أحلامنا كـ سيف على الأعناق
قائمً كطير يحمي فراخه في عشً مؤقتً
مبعثرً مابين جهات أربعه
شيء هنا نريده
لكنه مغمسً بالنفاق

كل شيء من حولنا
يرسمنا لوحة أنهزام
جميلة تعابيرها
لكن حملها ياعزيزي لا يطاق

لا شيء يدعو للوفاء
أحلامنا الصغرى غدرت بنا
وتاهت بعدما كانت هنا
موسم تتزاوج به آهاتنا
وتتكاثر في موسمً يليه
ثم تغرقنا أحلامنا في بحر الرياء




لا شيء يدعو للأمل
طوق من الغدر اكتمل
هنا وثبتُ .. هنا جلستُ
هنا رقصتُ مع قاتلي رقصة
تنسيني من هول الجراح عذابها
وهناك ضاع جزائي في العمل



كل البراهين من حولنا
تدلـك على شيءً واحدً
ان الحياة سخيفةً
أنظر بها
وأقرأ شواهدها
ماذا وجدت سوى السخافه والرياء
أتحبذ أن أحكي لك حكاية رجل من الأعراب


أظنه يدعى خالدً
وهو في الهموم مع التأكيد خالدً
رجل فقير معدم
له من الأولاد ثلاثه
وأمرأه جميلة يعشقها وتعشقه
أزداد الجوع بألاولاد
فخرج بهم للسوق خالد
يقول :
مررت ببائع الخبز وصحت به
يابائع الخبز بكم رغيف الخبز هذا
بالله اجبني ؟
فأجابني : بكذا وكذا
فدفعتُ ولدي الكبير أبيعه من أجل رغيفً من الخبز

ثم توجهتُ لبائع اللحم
يابائع اللحم بكم رطل اللحم أجبني
فاجابني : بكذا وكذا
فدفعتُ أبني الثاني اقايضه لاشتري رطلا من اللحم

ثم تذكرتُ الخضار
فاذ ببائع الخضار متجهمً
يابائع الخضار ماهو سعرها:
أجبني
فأجابني بكذا كذا فلم يتبقى سوى الصغير
فبعته وكسبت الخضار
رجعتً الى زوجي أحمل مؤنه البيت متعبا
فاذا بها تصيح بي وتريد أن تقــتـلني
ظننتها غضبت لبيع اولادي مقابل قليل من خبز وخضار ولحم
لكنها فاجأتني قائله :
اين التفاح الم تجلبه بعد ؟ !
اجبتها يا زوجتي يا حبيبتي يا قرة عيني
لم يتبقى من الاولاد احد لكي اقايض به التفاح
صمتت لبرهة ثم اخرجتني للسوق
واذ بها تسأل بائع التفاح
يابائع التفاح بكم تبيعه
اجابها كذا وكذا
فتصيح زوجتي اني اشتريته
اني اشتريته
والثمن زوجي هذا !


هذا جزء من حكايه خالد
تعرفنا ان تفاحتين أضاعـتا مستقبل رجالا ورجال
تفاحة حواء اشترتها ببيع الجنه
وتفاحه زوجه خالد وحبيبته وقرة عينه
اشترتها بـ خالد

اما انا
ماذا اقول سوى ان السخافه هي رغد عيشنا
ولـللسخافة قومان
قوم يستأنسها منحاز لها
وقوم خاف منها فابتعد
بائس هو امره
فقال لا حيلة بيدي
الا ان اكون شخص محايد
كل شي حولنا بارتفاع متزايد
الا دم العربي متساقط هو سعره

لا شيء يدعو يا احبائي
سوى للبكاء
ها انت يامن تجعل الابتسامه ديدنا
ادنو قليلاً لاهبك نصيحة
ابكي هنا
وطهر عيناك من قذارة المشهد
فقد مللتُ من الرياء

انظر لغيري :

هو ذاك جعل من الرياء ديانة
واعتصم بصومعه الكذب منبوذا
يتلو مراسم الكذب اذا هطلت غيوم فكره من فيض كذبه

دياناتنا هي كثيرة
في كل يوم
نذهب للوزارة نتوسل المسؤول ان يمنح الترخيص لديانة وليدة موقف ذل


تصوروا حتى اعتناق الجرح [ اصبح مذهبً ]
يحج اصحابه في كل يوم الى قبور احلامهم
متمسكين بخيط رفيع يسمى الامل
يرخونه تارة
وتارة اخرى يتنازعون لشدهِ
والجرح احوج للقلوب من الدواء
يحتاج نبض طفلة قتلت بالقدس تنتظر الفرج
والفرج دمعه طفل نام في بغداد في الاسبوع الثالث لغزو التتر
فلم يصحو الا عندما سقطت بغداد بين يدي الروم
فلما نهض من محراب جرحه شاهد المشهد
فلم يعجبه فعاد لنومه واعتذر

يا احبتي بالله
ويا اخوتي بالجرح
لا شي يدعو للشفاء
سوى التشفي بتـأريخ عقيم
وتاريخ عميق
تاريخنا رغم عمقه لكنه ممزقً
ونحن في كل رصاصه نبحث عن صباح مبتسم

انظر لتلك الغانية


تتجول في ازقة بغداد تبحث عن ابي النواس لعله يرثيها ببيت من الشعر مقابل ان تكرمه بكأس من الخمر او ساعه لذة في فراش منتصف الليل
وبينما هي باحثة وصلت لزقاق يقع بالكرخ موازي لدجلة
اذ بها ترى كهلا يبيع الورد

فبادرته ساخرة:


عمي يا بياع الورد
قلي بحق الورد تشتري ايش
تشتري رصاص وكحل
لو تشتري به عيش

عمي يا بياع الورد
شفت الورد مات
ما عاد يمنح عطر
لان الفرح بسكات

خالي يا بياع الورد
قلي جروحك كم
ماعاد بقلبك صبر
لجل الامل يهتم
قلي يا بياع الورد
متى الشمل يلتم


خالي يا بياع الورد
شفت العراق شلون
من بعد طيبه هله
صار العراق جنون


بابا يا بياع الامل
وردك تذبحه ليش
ماتخاف بكرا يجي
وتحتاج له بالعيش

عمي يا بياع الورد
ورد الي زرعته خوش ورد
بدمي رويته
ودثرته بشعري الحلو
وللغازي هديته


نعم هي تلك حكاية الغانيه وكهلها بائع الورد
قصه بؤس حكاها لي احدهم ومات
لكنها بقيت حيه في كل يوم شؤم
هل مللت من حكاية البؤس هذه ؟


اذا اسمح لي
بان اعود بك الى القدس لبرهة
واقص عليك حكاية طفلة تنتظر الفرج
والفرج دمعة طفل نام في بغداد في الاسبوع الثالث لغزو التتر
كانت مشتتة الرؤى
متمردة على احلام قومها
تمشي الهوينى على قبور من ماتوا هنا
فاذا خافت
تركض مرمية في حضن امها بائعة الخضار
كانت في التاسعة من شقاء عمرها
ظفائرها شقراء
على هيئة جديله
قد اخترعتها جدتها المنتهية صلاحيتها
تلك الفتاة
ترتدي فستان مزين ببقع من اثار خضار تبيعها امها في ساحة السوق
الجو ملبد بغيوم قد اصابها العقم
لا ترضى ان تمطر
ولا ترضى ان تنجلي
تحاصر القدس في سمائها
كما يحاصرها اليهود في
ارضها
اينما اتجهت في القدس تجد
حصار يحتضن حصار

نظرت لهذه الطفلة فابتسمت بحرقةً
ركضت الي
سألتها ؟ كيف هو حالك
اجابتني ببسمة مارقة من بين شفتيها

انا هنا
متوحده مع القدر
اشقى مع امي
لاكسب رزقنا
انا ها هنا
اتعب من حالنا
ليأتي في الليل يغازلني القمر
لكن في كل فجرً

الشمس تشرق من فمي
وتنير حياة قاتمه
انا رائعه فالوجود
سكبت الرصاص بشرياني
لكي يحتضنه دمي
انا ها هنا
بنيت احلامً
حملتها في رحم عقلي
وانجبتها مصيرٌ بائسٌ
يعتصر ما تبقى لي من ألمي
انا ها هنا
هلما بنا
رافقني قليلاً
الى هناك


مدت يدها فاحضتنت يدي
لتخطف نظري وفكري الى بئر يقع في اطراف حارتهم
وقفت منتظرً ما التالي
تقدمت طفلتنا الى البئر
مدت راسها كأنها تبحث عن شيء سقط فيه
فاذ بها تصيح :

يا قابعا في البئر اتسمع صيحتي:

لكن لا شي يعود من البئر الا الصدى :

يا قابعا في البئر اتسمع صيحتي !

تلفتت الي ثم تعود الى جهدها :
يا قابعا في البئر اتسمع صيحتي؟

بالله انهض لترى ماذا حل بالباقين من خلفائك
يا قابعا في البئر اتعلم ما جرى ؟

هنا بكيتُ , ثم ابتسمتُ حينما تعبت من من مشقة الفتح
اتذكر؟
فجئتَ للبئر ترجو الراحه القصوى

يا قابعا بالبئر اتسمع صيحتي ؟
بالله عليك قم وقل لي اين سيفك واين سرج حصانك
فلربما اذا وجدته سأمتطي ريحا واتبعك كما في اول الدهر قد افتتحها
يابن الكرام انهض واقرأ المشهد

يا قابعا في البئر قل لي كيفما اردت
ما ذنبنا اننا احتجناك في عصر المحن
كسبت تاريخا مذهبا بالمجد
ونحن من خسرناك وخسرنا المجد
يا قابعا في البئر اتسمع صيحتي :

قم فصلي بجانب البئر
وانسى اين صليت اخر مره
فالاقصى لم يعد لنا مصلى

يا قابعا بالبئر
من ستذكر ومن ستنسى
بغداد تلك
التي اخرجتك مغوارا
ام القدس التي طهرتك بفتحها
كم في حياتك من افراحً ومن املً
وكم في حياتي من اسرار واسرارً

انا بدوري قد ذهلت من غرابه المشهد
فتفاعلت بدورها جينات التطفل في عقلي
لتدفعني الى اكتشاف هذا الذي يقبع في البئر
اقتربت من البئر
نظرت , تمنعت من فيه لم اجد الا قليل من الطين !!
نظرت للطفلة فاذ بعينيها شراة امل
سألتني اتعرف من ذاك
هززت رأسي لا لا أعرف


فاذ بها تقص علي قصة قصيره جدا !
عندما قام صلاح الدين بفتح القدس في سنه سبعه وثمانون مئه والف من الميلاد
في اول يوم واول مكان وطأته قدماه هو هذا البئر

اتى ليشرب منه
من شدة التعب الذي اصابه نسى ان يخلع الخوذه من على رأسه
وهو يتناول الدلـو لكي يرتوي
فاذ بخوذته التي تمتطي رأسه تسقط في البئر !

وانا هنا
اناديه عبر خوذته
لعل خوذته تستطيع فتح القدس

او عسى شخص يتحصن بها
فيعود من جديد فاتحا للقدس

قصة اخرى من البؤس
لكن جمالها بانها مبطنة بعطر امل
هل تريد ان اقصص عليك قصة اخرى ؟
لربما ايقنت حقيقة احلامك الصغرى


الم اقل لك
لا شيء يدعو للألق
أرق لذيذ يتبعه أرق
ها نحن في كل ساعة
نقبع في بؤرة البؤس
من ثم يعشقنا القلق
والحلم في داخل العقل
وعقلنا به اختنق
حلم تثاقل بالمجئ
وفي باطن العقل
احترق

لا شيء يدعو الا للرحيل
هم يرافقه رحيل
بعد يسبقه رحيل
غدر يتبعه رحيل
ليكون نتاج احلامنا
هو الرحيل لا شيء سوى الرحيل