الله يجزاك الجنة ويرحم والديك
وفقك ربي
ذكر الله تعالى قبل ذكر آيات الصيام آيات تتعلق بمجالين من المجالات الحياتية العامة في سورة البقرة هما مجال حفظ الحياة {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى} [البقرة:178]، ومجال الترابط المجتمعي للأجيال بالوصية{كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ إِنْ تَرَكَ خَيْرًا الْوَصِيَّةُ} [البقرة:180]، وهما يعتمدان على ضبط النفس وتقواها وهنا ذكر الله تعالى عبادة تعين على التهذيب والتأديب والتقوى وضبط النفس، ويقبل عليها الناس بصورة لا توجد في غيرها من العبادات وهي عبادة الصيام.
أسلوب القرآن في هذا الموضع:
جاء أسلوب القرآن على هيئة مواد قانونية دون أن تخلو من مزجها التربوي التزكوي الرائع الفريد بنور الموعظة، وجمال التأثير العاطفي، ولنلق نظرة واعية على سلاسل النور القرآنية في هذا الموضع:
أولاً: الأسس العامة لنظام الصيام: تكون من ست مواد:
المادة الأولى: فرض الله الصيام، وهو توحيد عبادي كما فُرِض على من قبلنا {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُكَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ} [البقرة:183].
المادة الثانية: الغاية الكبرى للصيام وأعظم أهدافه: التقوى {لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} [البقرة:183].
فتستنير قلوبكم وعقولكم بما به تؤمنون، وتقومون بحقوق الخالق وحقوق الخلق وأنتم محسنون.
والصيام يعلم التقوى لأن أساس التقوى الصبر على الطاعات وعن المعاصي وعلى الأقدار، والصيام يعلم ذلك كله، وعند أحمد والترمذي وحسنه عن رجل من بنى سليم قال: عدهن رسول الله صلى الله عليه و سلم في يدي أو في يده:((التسبيح نصف الميزان، والحمد لله تملؤه والتكبير يملأ ما بين السماء والأرض والصوم نصف الصبر والطهور نصف الإيمان))، ولذا جعله الله يقي من الشهوات كالجُنَّة وهو الدرع الذي يحمي في الحرب، فعند البخاري عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قَال: ((يقول الله عز وجل الصوم لي وأنا أجزي به يدع شهوته وأكله وشربه من أجلي، والصوم جنة)).
المادة الثالثة: المدى الزمني للصيام { أَيَّامًا مَعْدُودَاتٍ} [البقرة:184] فليس كبيراً.
المادة الرابعة: الصيام لنفع العباد لا لتعذيبهم، ولذا يُعذر أصحاب الأعذار:
وهم ثلاثة أصناف:
الصنف الأول والثاني: المستطيعون للصيام لاحقاً فهؤلاء يفطرون ويقضونه، وهم صنفان: المرضى مرضاً مؤقتاً-والمسافرون {فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ} [البقرة:184].
الصنف الثالث: من أطاقه بمشقةٍ عظيمةٍ: وهم كبار السن، والمرضى مرضاً لا يرجى برؤه، والعمال، فهؤلاء يفدون عن كل يوم طعام مسكين{وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ} [البقرة:184].
المادة الخامسة: تطوع الصيام أو تطوع الإطعام خيرٌ للمتطوعين في الدنيا والآخرة {فَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْرًا فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ}[البقرة:184].
المادة السادسة: نظام الصيام ليس للتعذيب بل للتدريب والتهذيب، فهو نظامٌ لصالح العباد صحياً ونفسياً وإيمانياً {وَأَنْ تَصُومُوا خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ} [البقرة:184]:
وهذه خاتمة لبيان سبب عام لتشريع الصيام، وعند أحمد عن أبي أمامة قال: أتيت رسول الله صلى الله عليه وآله سلم فقلت: مرني بعمل يدخلني الجنة قال: ((عليك بالصوم فإنه لا عدل له))، و(خير) هنا ليس للتفضيل بل للاستبداد بمعنى أن الصوم يحمل كل خيرٍ لكم، وتركه، أو التلاعب به بعدم تأديته على ما أمر الله يذهب بهذه الخيرية.
ثانياً: النظام التفصيلي للصيام: تكون من عشر مواد:
المادة الأولى: وقت الصيام المفروض: {شَهْرُ رَمَضَانَ}[البقرة: 185].
الله يجزاك الجنة ويرحم والديك
وفقك ربي
ِشكرا على الطرح
جزاك الله كل خير ..
الذين يشاهدون الموضوع الآن: 1 (0 من الأعضاء و 1 زائر)
المفضلات