• دخول الاعضاء

    النتائج 1 إلى 6 من 6

    الموضوع: ليلة النصف من شعبان الليلة المباركة

    1. #1
      موقوف
      تاريخ التسجيل
      Oct 2013
      المشاركات
      98
      معدل تقييم المستوى
      0

      افتراضي ليلة النصف من شعبان الليلة المباركة

      [frame="8 10"]
      كان العرب يعظمون رجب تعظيماً حتى كان الرجل منهم يلقى قاتل أبيه وقاتل ابنه، فيخشى أن ينظر إليه نظرة غضب فيهتك حرمة الشهر، وكانوا يسمونه رجب الأصم لأنه كان لا يُسمع فيه قعقعة السلاح، ويسمون شعبان العازل لأنه كان بعد رجب مباشرة، وفيه كانت العرب تعود إلى ما كانت عليه من جاهليتها، ولكن الله جل جلاله جعل رجب شهراً حراماً وجعل شعبان بين رجب ورمضان، الذي عظمه الله بما لا يخفى على مسلم بصريح القرآن فكان شعبان بين شهرين عظيمين.

      ومن فضائل شهر شعبان أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يتقرب إلى الله فيه بما لا يتقرب في غيره من الشهور، حتى ورد أنه صامه إلا أقله، فعن أسامة بن زيد رضي الله عنه أنه قال: {قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ لَمْ أَرَكَ تَصُومُ شَهْراً مِنَ الشُّهُورِ مَا تَصُومُ مِنْ شَعْبَانَ قَالَ: ذ?لِكَ شَهْرٌ يَغْفُلُ النَّاسُ عَنْهُ بَـــــيْنَ رَجَبَ وَرَمَضَانَ وَهُوَ شَهْرٌ تُرْفَعُ فِيهِ الأَعْمَالُ إلَى رَبِّ الْعَالَمِينَ فَأُحِبُّ أَنْ يُرْفَعَ عَمَلِي وَأَنَا صَائِمٌ}{1}

      وورد عن السيدة عائشة رضي الله عنها قالت:{كَانَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم يَصُومُ حَتى نَقُولَ لاَ يُفْطِرُ وَيُفْطِرُ حَتى نَقُولَ لاَ يَصُومُ وَمَا رَأيْتُ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم اسْتَكْمَلَ صِيَامُ شَهْرٍ قَطُّ إلاَّ رَمَضَانَ وَمَا رأيْتُهُ في شَهْرٍ أكْثَرَ صِيَاماً مِنْهُ في شَعْبَان}{2}

      وقد فسر بعض العلماء قول الله تعالى {إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُّبَارَكَةٍ} الدخان3
      بأنها ليلة النصف من شعبان وقالوا إن السفرة الكرام استنسخوا القرآن من أم الكتاب في أربعين يوماً، ابتدءوا في ليلة النصف من شعبان، ثم بعد الأربعين يوماً نزل إلى سماء الدنيا ثم نزل به جبريل عليه السلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم نجوماً بحسب الأحداث على ثلاث وعشرين سنة

      وكان نزوله إلى سماء الدنيا من أم الكتاب بعد نسخه في الألواح ليلة القدر بعد مضي الأربعين ليلة وبذلك نجمع بين قوله تعالى {إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ} وبين {إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُّبَارَكَةٍ}، فإنزاله الأول إنزاله من أم الكتاب لينسخه السفرة الكرام وهو في ليلة مباركة، التي هي النصف من شعبان، وإنزاله الثاني إلى سماء الدنيا في ليلة القدر كما أخبر الله تعالى.

      وقد أجمع المسلمون جميعاً أن الله خص بفضله أفراداً من عباده الصالحين، وأمكنة خاصة وأزمنة خاصة، فجعل في الأسبوع يوماً وهو يوم الجمعة وفي السنة شهراً للصيام وأربعة اشهر حرم، وخص ليلة الإسراء بحَبيبه فلا حرج على فضله أن يخص ليلة النصف من شعبان في كل عام بفضيلة استجابة الدعاء وقبول التوبة ممن يتوب والعفو عن كثير من المذنبين والفضل بيد الله يؤتيه من يشاء. لا يمنع هذا الفضل العظيم إنكار من أنكر

      فقد ذكر فضلها الإمام أبو طالب المكي - وهو من أئمة السلف الصالح الصادقين في الفضل والرواية في كتابه (قوت القلوب) - أن ليلة النصف من شعبان كان يعتني بها أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ويجتمعون لصلاة النوافل جماعة، إحياء لها والتماساً لخيرها فقد ورد أن فيها تُرفع الأعمال، وتقدر الأرزاق والآجال وقد ورد فيها الدعاء المأثور الذي يلتمس فيه الداعي خفى اللطف في قدر الله، ولله تعالى فيها نظرات إلى خلقه {يَمْحُو اللّهُ مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ وَعِندَهُ أُمُّ الْكِتَابِ} الرعد39

      كما أورد الإمام أبو طالب المكي أن السلف الصالح رضي الله عنهم كانوا يحيون ليلة النصف من شعبان وكانوا يصلون فيها مائة ركعة يأملون فيها الخير، أما اجتماع الناس في ليلة النصف من شعبان في المساجد وقت صلاة المغرب، وما يقومون به من الصلاة وقراءة (يس) والأدعية، فبدعة محدثة لا بأس بها، لأن الدعاء سنة، والاجتماع للصلاة والدعاء مشروع عند المقتضيات كالاستسقاء والخسوف والكسوف.

      فإذا اعتقد الناس أن الليلة المباركة هي ليلة النصف من شعبان كما بيّن ذلك بعض المفسرين، فالاجتماع حسن مرغوب فيه، وعلى قول من يقول أن الليلة هي ليلة القدر، فالاجتماع في هذه الليلة يكون لذكر الله. وصيام يوم النصف من شعبان لغير معتاده، إن قصد به التقرب إلى الله تعالى، أو التشبه ببعض الصالحين، فهو مباح وإن نوى به السنة فهو مكروه، اللهم إلا إذا ثبت بطريق صحيح أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صامه

      وللمسلم الخيار في صيام أي يوم إلا يوم الشك ويوم العيدين. من هذا استحسن للمسلمين عامة في كل أنحاء البلاد، أن يجعلوا لليلة النصف من شعبان قسطاً وافراًَ من الإقبال على الله والمسارعة لإحيائها، فيصومون نهارها ويقومون ليلها اقتداءاً بهدى السلف الصالح ويكثرون فيه التبتل والتضرع والقنوت لله تعالى.

      وعندي أنّ من الخير في هذه الليلة صلة الرحم وبر الوالدين، والإحسان إلى الجيران والعفو عمن آذى، وطلب العفو من المظلوم، والتقرب إلى الله ببذل فضل المال إلى الفقراء، حتى يكون تقرب إلى الله بماله ونفسه، وبذل في سبيل الله ما يبخل به غيره، وبذلك أبشره أنه صار ممن يحبهم الله تعالى بدليل قوله صلى الله عليه وسلم: {لا يَزَالُ يَتَقَرَّبُ إِلَيَّ بالنَّوَافِلِ حَتَّى أُحِبَّهُ، فَإِذَا أَحْبَبْتُهُ، كنْتُ سَمْعَهُ الَّذِي يَسْمَعُ بِهِ، وَبَصَرَهُ الَّذِي يُبْصِرُ بِهِ، وَيَدَهُ الَّتِي يَبْطِشُ بِهَا، وَرِجْلَهُ الَّتِي يَمْشِي بِهَا. فَإِنْ سَأَلَنِي عَبْدِي، أعْطَيْتُهُ، وَإِنِ اسْتَعَاذَنِي، أَعَذْتُهُ}{3}


      {1} سنن النسائي الصغرى {2} سنن أبى داوود {3} صحيح البخارى عن أبى هريرة
      [/frame]

    2. #2
      • ريشـہ مـبـدع
      تاريخ التسجيل
      Sep 2014
      المشاركات
      19
      معدل تقييم المستوى
      0

      افتراضي رد: ليلة النصف من شعبان الليلة المباركة

      حكم الاحتفال بليلة النصف من شعبان



      الحمد لله الذي أكمل لنا الدين وأتم علينا النعمة، والصلاة والسلام على نبيه ورسوله محمد نبي التوبة والرحمة.
      أما بعد: فقد قال الله تعالى: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلامَ دِينًا}[1]، وقال تعالى: {أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ شَرَعُوا لَهُمْ مِنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّهُ}[2]، وفي الصحيحين عن عائشة رضي الله عنها عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد)) وفي صحيح مسلم عن جابر رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول في خطبة الجمعة: ((أما بعد: فإن خير الحديث كتاب الله وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم وشر الأمور محدثاتها وكل بدعة ضلالة)) والآيات والأحاديث في هذا المعنى كثيرة، وهي تدل دلالة صريحة على أن الله سبحانه وتعالى قد أكمل لهذه الأمة دينها، وأتم عليها نعمته، ولم يتوف نبيه عليه الصلاة والسلام إلا بعدما بلغ البلاغ المبين، وبين للأمة كل ما شرعه الله لها من أقوال وأعمال.

      وأوضح صلى الله عليه وسلم أن كل ما يحدثه الناس بعده وينسبونه إلى دين الإسلام من أقوال أو أعمال، فكله بدعة مردود على من أحدثه، ولو حسن قصده، وقد عرف أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم الأمر، وهكذا علماء الإسلام بعدهم، فأنكروا البدع وحذروا منها، كما ذكر ذلك كل من صنف في تعظيم السنة وإنكار البدعة كابن وضاح ، والطرطوشي، وأبي شامة وغيرهم.

      ومن البدع التي أحدثها بعض الناس: بدعة الاحتفال بليلة النصف من شعبان، وتخصيص يومها بالصيام، وليس على ذلك دليل يجوز الاعتماد عليه، وقد ورد في فضلها أحاديث ضعيفة لا يجوز الاعتماد عليها، أما ما ورد في فضل الصلاة فيها، فكله موضوع، كما نبه على ذلك كثير من أهل العلم، وسيأتي ذكر بعض كلامهم إن شاء الله وورد فيها أيضا آثار عن بعض السلف من أهل الشام وغيرهم، والذي أجمع عليه جمهور العلماء أن الاحتفال بها بدعة، وأن الأحاديث الواردة في فضلها كلها ضعيفة، وبعضها موضوع، وممن نبه على ذلك الحافظ ابن رجب، في كتابه: (لطائف المعارف) وغيره، والأحاديث الضعيفة إنما يعمل بها في العبادات التي قد ثبت أصلها بأدلة صحيحة، أما الاحتفال بليلة النصف من شعبان، فليس له أصل صحيح حتى يستأنس له بالأحاديث الضعيفة.

      وقد ذكر هذه القاعدة الجليلة الإمام: أبو العباس شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله. وأنا أنقل لك أيها القارئ، ما قاله بعض أهل العلم في هذه المسألة، حتى تكون على بينة في ذلك، وقد أجمع العلماء رحمهم الله على أن الواجب: رد ما تنازع فيه الناس من المسائل إلى كتاب الله -عز وجل-، وإلى سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فما حكما به أو أحدهما فهو الشرع الواجب الاتباع، وما خالفهما وجب اطراحه، وما لم يرد فيهما من العبادات فهو بدعة لا يجوز فعله، فضلا عن الدعوة إليه وتحبيذه، كما قال سبحانه في سورة النساء: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَطِيعُواْ اللّهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنكُمْ فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللّهِ وَالرَّسُولِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً}[3]، وقال تعالى: {وَمَا اخْتَلَفْتُمْ فِيهِ مِنْ شَيْءٍ فَحُكْمُهُ إِلَى اللَّهِ}[4]، وقال تعالى: {قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ}[5] ، وقال عز وجل: {فَلاَ وَرَبِّكَ لاَ يُؤْمِنُونَ حَتَّىَ يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لاَ يَجِدُواْ فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجًا مِّمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُواْ تَسْلِيمًا} [6] والآيات في هذا المعنى كثيرة، وهي نص في وجوب رد مسائل الخلاف إلى الكتاب والسنة، ووجوب الرضى بحكمهما، وأن ذلك هو مقتضى الإيمان، وخير للعباد في العاجل والآجل، وأحسن تأويلا: أي عاقبة.

      قال الحافظ ابن رجب رحمه الله في كتابه: (لطائف المعارف) في هذه المسألة - بعد كلام سبق - ما نصه: (وليلة النصف من شعبان كان التابعون من أهل الشام؛ كخالد بن معدان، ومكحول، ولقمان بن عامر وغيرهم، يعظمونها ويجتهدون فيها في العبادة، وعنهم أخذ الناس فضلها وتعظيمها، وقد قيل: إنه بلغهم في ذلك آثار إسرائيلية، فلما اشتهر ذلك عنهم في البلدان، اختلف الناس في ذلك فمنهم من قبله منهم، ووافقهم على تعظيمها، منهم طائفة من عباد أهل البصرة وغيرهم، وأنكر ذلك أكثر علماء الحجاز، منهم: عطاء، وابن أبي مليكة، ونقله عبد الرحمن بن زيد بن أسلم، عن فقهاء أهل المدينة، وهو قول أصحاب مالك وغيرهم، وقالوا: لك كله بدعة واختلف علماء أهل الشام في صفة إحيائها على قولين:

      أحدهما: أنه يستحب إحياؤها جماعة في المساجد. كان خالد بن معدان ولقمان بن عامر وغيرهما يلبسون فيها أحسن ثيابهم، ويتبخرون ويتكحلون، ويقومون في المسجد ليلتهم تلك، ووافقهم إسحاق بن راهويه على ذلك، وقال في قيامها في المساجد جماعة: ليس ذلك ببدعة، نقله حرب الكرماني في مسائله.

      والثاني: أنه يكره الاجتماع فيها في المساجد للصلاة والقصص والدعاء، ولا يكره أن يصلي الرجل فيها لخاصة نفسه، وهذا قول الأوزاعي إمام أهل الشام وفقيههم وعالمهم، وهذا هو الأقرب إن شاء الله تعالى، إلى أن قال: ولا يعرف للإمام أحمد كلام في ليلة نصف شعبان، ويتخرج في استحباب قيامها عنه روايتان: من الروايتين عنه في قيام ليلتي العيد، فإنه (في رواية) لم يستحب قيامها جماعة لأنه لم ينقل عن النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه، واستحبها (في رواية)، لفعل عبد الرحمن بن يزيد بن الأسود لذلك وهو من التابعين، فكذلك قيام ليلة النصف، لم يثبت فيها شيء عن النبي صلى الله عليه وسلم ولا عن أصحابه، وثبت فيها عن طائفة من التابعين من أعيان فقهاء أهل الشام).

      انتهى المقصود من كلام الحافظ ابن رجب رحمه الله، وفيه التصريح منه بأنه لم يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم ولا عن أصحابه رضي الله عنهم شيء في ليلة النصف من شعبان، وأما ما اختاره الأوزاعي رحمه الله من استحباب قيامها للأفراد، واختيار الحافظ ابن رجب لهذا القول، فهو غريب وضعيف. لأن كل شيء لم يثبت بالأدلة الشرعية كونه مشروعاً، لم يجز للمسلم أن يحدثه في دين الله، سواء فعله مفردا أو في جماعة، وسواء أسره أو أعلنه؛ لعموم قول النبي صلى الله عليه وسلم : ((من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد)) وغيره من الأدلة الدالة على إنكار البدع والتحذير منها.

      وقال الإمام أبو بكر الطرطوشي رحمه الله في كتابه: (الحوادث والبدع) ما نصه: (وروى ابن وضاح عن زيد بن أسلم، قال: ما أدركنا أحداً من مشيختنا ولا فقهائنا يلتفتون إلى النصف من شعبان، ولا يلتفتون إلى حديث مكحول، ولا يرون لها فضلاً على ما سواها).

      وقيل لابن أبي مليكة : إن زيادا النميري يقول: (إن أجر ليلة النصف من شعبان كأجر ليلة القدر)، فقال: (لو سمعته وبيدي عصا لضربته) وكان زياد قاصاً، انتهى المقصود.


      وقال العلامة الشوكاني رحمه الله في: (الفوائد المجموعة) ما نصه: (حديث: يا علي من صلى مائة ركعة ليلة النصف من شعبان يقرأ في كل ركعة بفاتحة الكتاب وقل هو الله أحد عشر مرات قضى الله له كل حاجة إلخ وهو موضوع، وفي ألفاظه المصرحة بما يناله فاعلها من الثواب ما لا يمتري إنسان له تمييز في وضعه، ورجاله مجهولون، وقد روي من طريق ثانية وثالثة كلها موضوعة ورواتها مجاهيل)، وقال في: (المختصر): (حديث صلاة نصف شعبان باطل)، ولابن حبان من حديث علي: (إذا كان ليلة النصف من شعبان فقوموا ليلها، وصوموا نهارها)، ضعيف وقال في: (اللآلئ): (مائة ركعة في نصف شعبان بالإخلاص عشر مرات مع طول فضله، للديلمي وغيره موضوع)، وجمهور رواته في الطرق الثلاث مجاهيل ضعفاء قال: (واثنتا عشرة ركعة بالإخلاص ثلاثين مرة موضوع وأربع عشرة ركعة موضوع).

      وقد اغتر بهذا الحديث جماعة من الفقهاء كصاحب (الإحياء) وغيره وكذا من المفسرين، وقد رويت صلاة هذه الليلة - أعني - ليلة النصف من شعبان على أنحاء مختلفة كلها باطلة موضوعة، ولا ينافي هذا رواية الترمذي من حديث عائشة لذهابه صلى الله عليه وسلم إلى البقيع، ونزول الرب ليلة النصف إلى سماء الدنيا، وأنه يغفر لأكثر من عدة شعر غنم بني كلب، فإن الكلام إنما هو في هذه الصلاة الموضوعة في هذه الليلة، على أن حديث عائشة هذا فيه ضعف وانقطاع، كما أن حديث علي الذي تقدم ذكره في قيام ليلها، لا ينافي كون هذه الصلاة موضوعة، على ما فيه من الضعف حسبما ذكرناه) انتهى المقصود.

      وقال الحافظ العراقي: (حديث صلاة ليلة النصف موضوع على رسول الله صلى الله عليه وسلم وكذب عليه).
      وقال الإمام النووي في كتاب (المجموع): (الصلاة المعروفة بصلاة الرغائب، وهي اثنتا عشرة ركعة بين المغرب والعشاء، ليلة أول جمعة من رجب، وصلاة ليلة النصف من شعبان مائة ركعة، هاتان الصلاتان بدعتان منكرتان، ولا يغتر بذكرهما في كتاب: (قوت القلوب)، و(إحياء علوم الدين)، ولا بالحديث المذكور فيهما، فإن كل ذلك باطل، ولا يغتر ببعض من اشتبه عليه حكمهما من الأئمة فصنف ورقات في استحبابهما، فإنه غالط في ذلك).

      وقد صنف الشيخ الإمام: أبو محمد عبد الرحمن بن إسماعيل المقدسي كتاباً نفيساً في إبطالهما، فأحسن فيه وأجاد، وكلام أهل العلم في هذه المسألة كثير جداً، ولو ذهبنا ننقل كل ما اطلعنا عليه من كلام في هذه المسألة، لطال بنا الكلام، ولعل فيما ذكرنا كفاية ومقنعاً لطالب الحق.

      ومما تقدم من الآيات والأحاديث وكلام أهل العلم، يتضح لطالب الحق أن الاحتفال بليلة النصف من شعبان بالصلاة أو غيرها، وتخصيص يومها بالصيام بدعة منكرة عند أكثر أهل العلم، وليس له أصل في الشرع المطهر، بل هو مما حدث في الإسلام بعد عصر الصحابة رضي الله عنهم، ويكفي طالب الحق في هذا الباب وغيره قول الله عز وجل: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ}[7]، وما جاء في معناها من الآيات،
      وقول النبي صلى الله عليه وسلم: ((من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد))، وما جاء في معناه من الأحاديث، وفي صحيح مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ((لا تخصوا ليلة الجمعة بقيام من بين الليالي ولا تخصوا يومها بالصيام من بين الأيام إلا أن يكون في صوم يصومه أحدكم)) فلو كان تخصيص شيء من الليالي، بشيء من العبادة جائزا، لكانت ليلة الجمعة أولى من غيرها. لأن يومها هو خير يوم طلعت عليه الشمس، بنص الأحاديث الصحيحة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فلما حذر النبي صلى الله عليه وسلم من تخصيصها بقيام من بين الليالي، دل ذلك على أن غيرها من الليالي من باب أولى، لا يجوز تخصيص شيء منها بشيء من العبادة، إلا بدليل صحيح يدل على التخصيص.

      ولما كانت ليلة القدر وليالي رمضان يشرع قيامها والاجتهاد فيها، نبه النبي صلى الله عليه وسلم على ذلك، وحث الأمة على قيامها، وفعل ذلك بنفسه، كما في الصحيحين عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((من قام رمضان إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه، ومن قام ليلة القدر إيماناً واحتساباً غُفِر له ما تقدم من ذنبه))، فلو كانت ليلة النصف من شعبان، أو ليلة أول جمعة من رجب أو ليلة الإسراء والمعراج يشرع تخصيصها باحتفال أو شيء من العبادة، لأرشد النبي صلى الله عليه وسلم الأمة إليه، أو فعله بنفسه، ولو وقع شيء من ذلك لنقله الصحابة رضي الله عنهم إلى الأمة، ولم يكتموه عنهم، وهم خير الناس، وأنصح الناس بعد الأنبياء عليهم الصلاة والسلام، ورضي الله عن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وأرضاهم، وقد عرفت آنفا من كلام العلماء أنه لم يثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولا عن أصحابه رضي الله عنهم شيء في فضل ليلة أول جمعة من رجب، ولا في ليلة النصف من شعبان، فعلم أن الاحتفال بهما بدعة محدثة في الإسلام، وهكذا تخصيصها بشيء من العبادة، بدعة منكرة، وهكذا ليلة سبع وعشرين من رجب، التي يعتقد بعض الناس أنها ليلة الإسراء والمعراج، لا يجوز تخصيصها بشيء من العبادة، كما لا يجوز الاحتفال بها، للأدلة السابقة، هذا لو علمت، فكيف والصحيح من أقوال العلماء أنها لا تعرف، وقول من قال: أنها ليلة سبع وعشرين من رجب، قول باطل لا أساس له في الأحاديث الصحيحة، ولقد أحسن من قال:

      وخير الأمور السالفات على الهدى وشر الأمور المحدثات البدائع

      والله المسؤول أن يوفقنا وسائر المسلمين للتمسك بالسنة والثبات عليها، والحذر مما خالفها، إنه جواد كريم، وصلى الله وسلم على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

      [1] المائدة الآية 3.
      [2] الشورى الآية 21.
      [3] النساء الآية 59.
      [4] الشورى الآية 10.
      [5] آل عمران الآية 31.
      [6] النساء الآية 65.
      [7] المائدة الآية 3.



      موقع الشيخ ابن باز رحمه الله

      http://www.binbaz.org.sa/node/8186

    3. #3
      • ريشـہ مـبـدع الصورة الرمزية دارين
      تاريخ التسجيل
      Feb 2015
      المشاركات
      12,569
      معدل تقييم المستوى
      64

      افتراضي رد: ليلة النصف من شعبان الليلة المباركة

      كل عام والجميع بالف خير

    4. #4
      مديرة قسم ينبع الصورة الرمزية زمن النسيان
      تاريخ التسجيل
      Nov 2014
      المشاركات
      12,199
      معدل تقييم المستوى
      64

      افتراضي رد: ليلة النصف من شعبان الليلة المباركة

      كما تعودنا منك فى كل جديد
      نجد أعذب الكلمات وأجمل تعبير ..
      تحياتى لك

    5. #5
      • ريشـہ مـبـدع الصورة الرمزية شعاع الاكوان
      تاريخ التسجيل
      May 2015
      المشاركات
      2,612
      معدل تقييم المستوى
      43

      افتراضي رد: ليلة النصف من شعبان الليلة المباركة

      بارك الله بك
      وجزاك الله خير الجزاء
      وجعل الله لك بكل خطوة سعادة أن شاء الله .

    6. #6
      • ريشـہ مـبـدع الصورة الرمزية دلوعة الخليج
      تاريخ التسجيل
      Dec 2014
      المشاركات
      9,578
      معدل تقييم المستوى
      58

      افتراضي رد: ليلة النصف من شعبان الليلة المباركة

      دمتم على طاعة الرحمن
      وعلى طريق الخير نلتقي دوما

    معلومات الموضوع

    الأعضاء الذين يشاهدون هذا الموضوع

    الذين يشاهدون الموضوع الآن: 1 (0 من الأعضاء و 1 زائر)

    المواضيع المتشابهه

    1. ما مدى صحة الاحاديث عن فضل شهر شعبان وليلة النصف منه
      بواسطة الجواهر الغالية في المنتدى من وحي الاسلام
      مشاركات: 0
      آخر مشاركة: 07-08-2017, 11:45 PM
    2. حكم الاحتفال بليلة النصف من شعبان
      بواسطة ولد الربيعه في المنتدى من وحي الاسلام
      مشاركات: 8
      آخر مشاركة: 20-05-2017, 06:06 PM
    3. الاحتفال بليلة النصف من شعبان/رمضانيات 2012
      بواسطة شمس ألاحلام في المنتدى من وحي الاسلام
      مشاركات: 3
      آخر مشاركة: 20-07-2012, 08:38 AM
    4. ليلة النصف من شعبان
      بواسطة شمس ألاحلام في المنتدى من وحي الاسلام
      مشاركات: 9
      آخر مشاركة: 01-07-2012, 02:04 PM
    5. ليلة لو بـآقي ليلة بعمري .أبيه الليلة..! {collection}
      بواسطة мżσση في المنتدى عالم الفوتوشوب
      مشاركات: 14
      آخر مشاركة: 14-10-2010, 03:44 PM

    المفضلات

    المفضلات

    ضوابط المشاركة

    • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
    • لا تستطيع الرد على المواضيع
    • لا تستطيع إرفاق ملفات
    • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
    •  
    www.yanbualbahar.com