الفقر الدائم:

قال تعالىالشيطان يعدكم الفقر ويأمركم بالفحشاء والله يعدكم مغفرة منه وفضلا والله واسع عليم)[1].

إنه من أعظم أسباب الراحة الغنى، والغنى هو القناعة فكم من غني عزيز بدرهم وكم من فقير ذليل بالملايين من الدراهم، واتّباع الشيطان في طلب الخبيث من المال يترك الإنسان لا يقنع مهما بلغت درجته فهو دائما خائف من الفقر، لذا يكون بخيلا يفكر في ماله يحسبه كل لحظة يخاف أن ينقص منه، قال تعالىويل لكل همزة لمزة الذي جمع مالا وعدده يحسب أن ماله أخلده كلا لينبذن في الحطمة وما أدراك ما الحطمة نار الله الموقدة التي تطلع على الأفئدة إنها عليهم موصدة في عمد ممددة)[2].

ثم إن أكل الحرام يشعر بأن المال ليس من حقه وليس له فهو دائما فقير.

محق البركة يمحق الله الربا[3]).

الربا مال حرام يزيده بعض الأشقياء ويحسبون أنه زيادة في أموالهم, لكنه والله محق لها, فتنتهي من حيث لم يستفد من إنفاقها, أو تكون ولا يشعر بها, أو تلهى عن الخير والحق وتغرق صاحبها حتى يهلك عليها إن لم يتب ويعد إلى الله بالحسنى.

الغمرة: وهي سكرة من الغفلة تصيب قلوب الملهوفين على المال كان ما كان، لا يفرقون بين حلاله وحرامه, وهذه الغمرة تمحق بركة العمر فلا يشعر بالسنين وكيف تمضي نسأل الله العافية، قال تعالى: (بل قلوبهم في غمرة من هذا و لهم أعمال من دون ذلك لها عاملون)[4].

عودة اليد فارغة:

وهذه أعظم خسارة لآكلي الحرام الذين نسوا بأنه من يتقي الله يجعل له مخرجا ويرزقه من حيث لا يحتسب وفي الحديث الذي ذكرناه (فأنىيستجاب له)

فرغم السفر والنصب والتعب وكلها حالات يجاب فيها الدعاء, لا يستجاب لهذا الشقي المحروم, و والله ليس المحروم من حرم الولد ولا من حرم المال ولا من حرم المتاع، ولكن المحروم من يرفع يده فتعود خالية يحول ماله الحرام بينه وبين ما يريد من دعاءه.

الضنك والضيق في المعيشة:

وهذا بسبب الإعراض عن ذكر الله إذ قاليا أيها الناس كلوا مما في الأرض حلالا طيبا)[5]، كانت النتيجة قوله عز وجلومن أعرض عن ذكري فإن له معيشة ضنكا)[6].

وانظر إلى حالات الانهيار والانتحار التي نسمع عنها عن كثير ممن اشتهروا بعدم تمييزهم بين الحلال و الحرام.

فساد النسل:

الكثير من الناس يشتكي من سوء تربية الأولاد رغم أنه وفر لهم كل شيء من أدوات التربية والتعليم واللهو والمرح, وأصبحوا سبيلا يلعنه الناس من خلاله, وأضحى كل يوم في عراك وشجار, هؤلاء الأولاد الذين نبتوا من نطاف قامت على أكل الحرام ورضعوا حليبا تكوّن من حرام ولبسوا الحرام وأطعموا الحرام سل الله لهم العافية لأن النار أولى بمثل هؤلاء، والله يقوليا أيها الذين آمنوا قوا أنفسكم وأهليكم نارا وقودها الناس والحجارة عليها ملائكة غلاظ شداد لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون)[7].

ومن وقاية النفس والأهل من النار، عدم تغذيتهم من الخبيث.

وهذا بعض من عذاب الدنيا, ومن لم يتب نال منه أضعافا وخزيا وذلة ليذوق وبال أمره في الدنيا ولعذاب الآخرة أشق وأشد وأطغى وأبقى.

أثر المال الحلال:

الغنى الدائم: ففي الحديث (ومن يستعف يعفه الله ومن استغنى, أغناه الله)[8].

وما أوتي أحد من رزق أكبر من رزق القناعة، والقناعة من معاني الحياة الطيبة التي وعد بها المتقون, والقناعة تجعل العبد في غنى دائم مهما كان كسبه قليلا أو كثيرا, ويكون ملازما للرضا وكل هذا مدعاة للراحة والسرور والعزة والكرامة والنبل والشهامة.



البركة: ( يا أيها الذين آمنوا إن تنصروا الله ينصركم)[9].

فنصر العبد لله في نفسه بردعها عن طلب الحرام, وإغنائها بقليل الحلال، ينتج عنه نصر الله المؤزّر لعبده بأن يبارك له في ماله، ويفتح عليه أبواب أخرى للرزق ويوفقه.

إجابة الدعاء:إذا كان المال حلالا طيبا ولو كان قليلا يدفع صاحبه للصدقة لأنه قنوع ومؤثر وطالب لرضوان ربه تعالى, والصدقة مفتاح عظيم من مفاتيح أبواب إجابة الدعاء, وأيضا الله قريب من الذين آمنوا به وبشرعه واستجابوا له بالاتّباع والانصياع للأوامر, هؤلاء سيستجيب الله لهم مثلما استجابوا له، قال تعالىوإذا سألك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة الداعي إذا دعاني فليستجيبوا لي وليؤمنوا بي لعلهم يرشدون)[10].

الحياة الطيبة وكثرة الفرج: (ومن يتقي الله يجعل له مخرجا ويرزقه من حيث لا يحتسب)[11].

فتقوى الله في عدم طلب الحرام ورفضه إن أقبل على العبد سيكون له عوض عند الله تعالى من تفريج الهموم وإذهاب الغموم وشرح الصدور وتنوير القلوب.

النسل الصالح:

هل تعرف البخاري أبو عبد الله محمد بن إسماعيل بن إبراهيم صاحب الصحيح, العالم الفذ أمير المؤمنين في جمع حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ هذا العظيم يقول أبوه إسماعيل ابن إبراهيم حينما حضرته الوفاة: «لا أعلم في مالي درهما حراما أو شبهة».وكان تاجر غنيا ثريا.

وإمام السنة أحمد ابن حنبل الذي ربته أمه بعمل يدها اليسير المهم أنه أكل حلالا طيبا قليلا منع السياط أن تجبره على اتّباع الباطل أيام قاد أهل الحق في وجه دعاة الزيغ المنحرفين.

وهذا صاحب المنازل أبو إسماعيل عبد الله بن محمد الأنصاري وكيف تربى يأكل من فتاة الحلال وقليله ليكون قدوة وإسوة، والذي سخرالله له بعد مماته بسنين من يصحح أقواله ويشرحها للناس ويدحض بها المدّعين والمتداعين ( وهو العلامة ابن قيم الجوزية رضي الله عنه) في كتاب مدارج السالكين.

وغيرهمو كثير من أباة مضوا بعلامة منذ الخوالي .

هذا قليل من كثير من نعم الله التي يجود بها في الدنيا على طلاب الحلال وللآخرة أفضل درجات وأحسن مقيلا.

[1]- البقرة268

[2]- سورة الهمزة

[3]- البقرة276

[4]- المؤمنون63

[5]- البقرة168

[6]- ط24

[7]- التحريم6

[8]- البخاري1427

[9]- محمد صلى الله عليه وسلم6

[10]- البقرة186