أحياناً نصادف شخص نشعر أنه عدو لنفسه, ويحقر منها, وينتقدها بقسوة, ويوبخها بعنف بل ويعاقبها على أتفه الأمور, وفى نفس الوقت نجده يتعامل مع الآخرين بحب وود ولطف، فما أسباب هذا التناقض وما طرق علاجه؟.

إن السبب الأساسى غالباً ما يكون له علاقة بالموروثات والمعايير التى يضعها المجتمع وينشأ عليها الفرد, كما أن أسلوب التربية فى السنوات الأولى من مرحلة الطفولة له تأثير مباشر فى تكوين الشخصية، خاصة لو نشأ بين أبوين صارمين يتبعان أسلوب صارم يتسم بشىء من التأنيب والنقد الدائم لتصرفاته، فينعكس فيما بعد عليه ونجده هو أيضا يؤنب نفسه على أى خطأ يقع فيه حتى لو بدون قصد, إلى جانب أنه يضع فى اعتباره نظرة المجتمع وتقييم الآخرين له بصورة مبالغ فيها, فنجده يراقب تصرفاته جيدا ظنا منه أنه بذلك سيتجنب الوقوع فى الخطأ، مما يؤدى لإصابته بالقلق والتوتر والاكتئاب, كما أنه يخشى أن يخوض أى تجربة جديدة خوفاً من الفشل، وبالتالى لا يحقق أى نجاح فى حياته.



إن علاج مثل هذه الشخصية، أن نقوم بعملية تعديل لسلوكه من خلال زرع بذور فى عقله، لكى تثمر فيما بعد, أهم شىء أن نحاول أن نعيد له الثقة فى نفسه ونساعده على التخلص من الإحساس بالدونية, وأن طبيعة النفس البشرية ضعيفة وهشة، وأننا كبشر من الطبيعى أن نخطئ ونصيب، وأن الخطأ هو وسيلة للتعلم والتغير للأفضل من خلال التجربة والخطأ واكتساب الخبرات.



من المهم جدا أن نعلمه كيفية التخلص من الأفكار السلبية، وندربه كيف يصفى ذهنه ويدعم نفسه ويطمئنها إلى أن ما يشعر به ليس سهلا، لكنه يستطيع أن يتخلص منه لو تعامل مع ذاته بحب وحنان ولا يعنفها ويؤنبها, وأن الآخرين يمرون أيضاً بنفس المشاعر التى يمر بها، لكنهم يتعاملون معها على أساس أنه موقف مؤقت وسيمر ولن يترك لديهم أثرا سلبيا.

الوصول إلى الهدوء الداخلى والراحة النفسية سيجعله يصل إلى السلام مع النفس, فلو استطاع أن يوجد لنفسه مكانا يساعده على التأمل والشعور بالأمان بعيدا عن الناس حتى لو فى خياله كأن يجلس على البحر أو فى حديقة مليئة بالزهور والأشجار والماء العذب سيساعده على التخلص من التوتر والقلق ويخفف من حدة العدوانية تجاه ذاته.



أهم شىء أن يتجنب عقاب نفسه عند تعرضه لأى موقف بل يتعامل معها بهدوء، ولا يعاقبها لمجرد شعوره أن ما فعله قد يزعج الآخرين وخوفه من نظرتهم له ورأيهم فيه, ويغير فكرته عن مراقبة الناس لتصرفاته وعليه أن يراقب الله فيما يفعله فيتخلص من التوتر والضغط النفسى الذى يلازمه إلى الشعور بالاطمئنان وإرضاء ضميره, ويحاول أن يغير نظرته لنفسه إلى نظرة موضوعية، ويحترم أفكاره وشخصيته وهويته ويعتز بهم, ويضع أمام عينيه أن الجميع يخطئ ويتعلم من أخطائه لكن دون أن يجلد نفسه ويعاقبها ويحقر من شأنها.