قف وانظر معي

[الشهد]

قف وانظر معي

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن تبع هداه، أما بعد:
قال الله عز وجل: ﴿ كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ ﴾ [ آل عمران: 110 ]
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:« إنما بقاؤكم فيمن سلف من الأمم كما بين صلاة العصر إلى غروب الشمس، أوتي أهل التوراةِ التوراةَ فعملوا بها حتى انتصف النهار، ثم عجزوا، فأعطوا قيراطًا قيراطًا، ثم أوتي أهل الإنجيلِ الإنجيلَ فعملوا به حتى صليت العصر، ثم عجزوا، فأعطوا قيراطًا قيراطًا، ثم أوتيتم القرآن، فعملتم به حتى غربت الشمس، فأعطيتم قيراطين قيراطين، فقال أهل الكتاب هؤلاء أقل منا عملا وأكثر أجرًا، قال الله: هل ظلمتكم من حقكم شيئًا؟ قالوا: لا، قال: فهو فضلي أوتيه من أشاء » البخاري : التوحيد (7533) , وأحمد (2/6 – 2/121 ).

وقال صلى الله عليه وسلم: « مثلكم ومثل الأمم الذين من قبلكم، كمثل رجل استأجر أجراء فقال: من يعمل لي من الصبح إلى الظهر بقيراط؟ فعملت اليهود، فقال: من يعمل لي من الظهر إلى العصر بقيراط؟ فعملت النصارى، فقال: من يعمل لي من العصر إلى المغرب بقيراطين؟ فعملت هذه الأمة، فغضبت اليهود والنصارى فقالوا: نحن أكثر زمنًا، وأقل أجرة، فقال: هل ظلمتكم من حقكم شيئًا، قالوا: لا، قال: ذلك فضلي أوتيه من أشاء » البخاري : الْإِجَارَةِ (2268) والترمذي : الأمثال (2871) وأحمد (2/129)

أيها المسلمون، فليقف كل واحد منا وقفة تأمل وتدبر في نعم الله عز وجل على أمة نبيه محمد - صلى الله عليه وسلم - وما جعلهم به مفضلين على غيرهم من الأمم.

قال تعالى: ﴿ إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا فِي كِتَابِ اللَّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ ﴾ [ التوبة: 36 ]
عباد الله، إن الله عز وجل قد جعل خلال هذه الشهور أعمالا لها من الفضل الشيء العظيم، وخص بها أمة الإسلام دون غيرها من الأمم، كما تقدم في النصوص.

ولنلق - معاً - نظرة في ذلك:

بداية الأشهر التي ذكرت في الآية تكون بشهر الله المحرم، وفيه:
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: « أفضل الصيام بعد رمضان شهر الله المحرم » رواه مسلم.

وفي هذا الشهر يوم عظيم، سن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لأمته صيامَه، وفيه:
عن أبي قتادة – رضي الله عنه – أن رسول اللهصلى الله عليه وسلم سئل عن صوم يوم عاشوراء فقال: « يكفر السنة الماضية » مسلم/ كتاب الصيام
وفي رواية: « صيام يوم عاشوراء إني أحتسب على الله أن يكفر السنة التي قبله » رواه أبو داود، وابن ماجه.
وقال صلى الله عليه وسلم:« لئن بقيت إلى قابل لأصومن التاسع » رواه مسلم.

ثم لا يزال الخير بأمة الإسلام، فقد قال صلى الله عليه وسلم لعبد الله بن عمرو ابن العاص – رضي الله عنهما – « ‏إِنَّ أَحَبَّ الصِّيَامِ إِلَى اللَّهِ صِيَامُ ‏‏دَاوُدَ ، ‏وَأَحَبَّ الصَّلَاةِ إِلَى اللَّهِ صَلَاةُ ‏‏ دَاوُدَ ‏عَلَيْهِ السَّلَام ، ‏كَانَ يَنَامُ نِصْفَ اللَّيْلِ وَيَقُومُ ثُلُثَهُ وَيَنَامُ سُدُسَهُ ، وَكَانَ يَصُومُ يَوْمًا وَيُفْطِرُ يَوْمًا » متفق عليه.

وعن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال « تعرض الأعمال يوم الاثنين والخميس فأحب أن يعرض عملي وأنا صائم » رواه الترمذي
فلا يزال العبد العابد يصيب من الأجر ما شاء الله له أن يصيب في باقي أيام الشهر.

ثم يأتي شهر شعبان الذي قال فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم : « شعبان بين رجب ورمضان ، يغفل الناس عنه ، ترفع فيه أعمال العباد ، فأحب أن لا يرفع عملي إلا وأنا صائم » رواه النسائي وحسنه العلامة الألباني

ثم يأتي بعد ذلك شهر عظيم مبارك فيه ليلة خير من ألف شهر ليس فيه تلك الليلة، جاءت فيه نصوص تدل على فضله عند الله عز وجل:
قال الله عز وجل: ﴿ شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَمَنْ كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ ﴾ [ البقرة: 185 ]
وقال عز وجل: ﴿ إِنَّا أَنْـزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُبَارَكَةٍ إِنَّا كُنَّا مُنْذِرِينَ ﴾ [ الدخان: 3 ]
وقال تعالى : ﴿ إِنَّا أَنْـزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ * وَمَا أَدْرَاكَ مَالَيْلَةُ الْقَدْرِ * لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ * تَنَزَّلُ المَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهاَ بِإذْنِ رَبِّهِم مِّنْ كُلِّ أَمْرٍٍ * سَلَامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الفَجْرِ﴾ [ القدر 1- 5 ]

وعن أبي هريرة - رضي الله عنه - عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: « إذا كانت أول ليلة من رمضان صفدت الشياطين ومردة الجن وغلقت أبواب النار فلم يفتح منها باب ، وفتحت أبواب الجنة فلم يغلق منها باب ، ونادى مناد يا باغي الخير أقبل ويا باغي الشر أقصر ، و لله عتقاء من النار وذلك في كل ليلة » رواه ابن ماجه
وعن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم « من صام رمضان وقامه إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه » أخرجه البخاري ومسلم ، وأبو داود وابن ماجه.
وقد ورد في فضل هذا الشهر الشيء الكثير وهو معروف.

ثم يعقب شهر رمضان شهر فيه فضيلة الصيام أيضاً، وفيه:
عن أبي أيوب - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم « من صام رمضان ثم أتبعه بست من شوال كان كصوم الدهر » رواه مسلم

ثم لا يزال المسلمون على خير عظيم، من الاثنين والخميس وكذلك صيام يوم بيوم وثلاثة أيام من كل شهر.

وبعدها يستقبل المسلمون شهرا معظما، وهو شهر ذي الحجة، وفيه:
عن ابن عباس - رضي الله عنهما - قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: « ما من أيام العمل الصالح فيهن أحب إلى الله من هذه الأيام العشر » ، فقالوا يا رسول الله ولا الجهاد في سبيل الله ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: « ولا الجهاد في سبيل الله إلا رجل خرجبنفسه وماله فلم يرجع من ذلك بشيء » رواه الترمذي
ثم يأتي يوم - في هذا الشهر - عَظُمَ فيه الأجر من الله لعباده، وفيه:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « ما من يوم أكثر من أن يعتق الله فيه عبدا من النار من يوم عرفة ، وإنه ليدنو ، ثم يباهي بهم الملائكة ، فيقول : ما أراد هؤلاء ؟ » أخرجه الترمذي

وقال صلى الله عليه وسلم: « صوم يوم عرفة يكفر السنة الماضية والباقية » رواه مسلم وغيره

ثم يُخْتَمُ العام بعمل من أعظم الأعمال عند الله - عز وجل - ، عمل اجتمعت فيه عبادة البدن مع عبادة المال، وفيه:
قال الله تعالى ﴿ وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ ﴾ [ آل عمران : 97 ]
وقال صلى الله عليه وسلم: « العمرة إلى العمرة يكفر ما بينهما والحج المبرور ليس له جزاءٌ إلى الجنة » أخرجه البخاري ومسلم

أيها الإخوة المسلمون، إن هذه النصوص الواردة قد بينت ما أنعم الله عز وجل على أمة محمد صلى الله عليه وسلم، فهي أقل الأمم عملا وأكثرهم أجراً، وقد سهل الله عز وجل عليهم وفتح لهم أبواب الرحمة والمغفرة، فجعل لهم أعمالَ خَيرٍ تكفر ما يقعون فيه من الذنوب والمعاصي، وهذا المذكور وَرَدَ في بعض الأعمال ، ولو نظرنا إلى غير هذا من أركان الإسلام لوجدنا فيه الخير العظيم ، بل فيه ما يفوق أجر الصيام.
فالعبد لا يزال يتقرب إلى الله بأنواع الطاعات والقربات كل يوم وليلة، فقد شرع الله لنا منها ما يرقى بإيمان العبد حتى يصير مثل الجبال، فسبحان الله لا معبود بحق سواه.

وقديماً قيل بالمثال يتضح المقال، وأحسن معلم هو نبي الهدى محمد صلوات الله وسلامه عليه، حيث كان يذكر لأصحابه أمثلة يبين لهم فيها ما يسهل عليهم فهم الحديث.
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: « أرأيت لو كان بفناء أحدكم نهر يجري يغتسل فيه كل يوم خمس مرات ما كان يبقى من درنه ؟ » قال لا شيء، قال : « فإن الصلاة تذهب الذنوب كما يذهب الماء الدرن » رواه ابن ماجه

وما سبق من الأحاديث فيه ترويح على أمة الإسلام التي قد تُكثر من المعاصي ، فجعل الله لها من ضيقها مخرجا، وشرع لها من الأعمال ما تُكَفر به عن خطاياها.
فيا أيها المسلمون ، أكثروا من شكر النعمة فإنها من حق الله علينا.

واعلموا أن هذا التفضيل كله إنما سببه ما ذكره الله عز وجل في قوله ﴿ كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ ﴾ [ آل عمران: 110 ]
فإن أمة الإسلام ما فُضِّلَتْ على غيرها من الأمم إلا بالإيمان بالله - بأقسامه الثلاثة - والعمل بمقتضاه ، فقد قال صلى الله عليه وسلم « إن ربكم واحد وإن أباكم واحد فلا فضل لعربي على أعجمي ولا أحمر على أسود إلابالتقوى » رواه أحمد.

من أجل هذا الخير كله تحسدنا الأمم ، قال تعالى : ﴿ وَدَّ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَوْ يَرُدُّونَكُمْ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِكُمْ كُفَّاراً حَسَداً مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِهِمْ مّن بَعْدِ مَا تَبَيّنَ لَهُمُ الحَقُّ ﴾ [ البقرة: 109 ]

ولا يفوتنا في هذا المقام أن نتوجه برسالة إلى أهل الكتاب - خاصة الذين تبين لهم الحق - قائلين لهم:
انظروا -هداكم الله- إلى الفرق الشاسع بين التشريع الإسلامي الحكيم ، وتشريع الكنيسة ، فإن ديننا الحنيف شرَعَ الله فيه أعمالا تزكي النفوس وتطهر الذنوب وتعود على الصبر ، ولكن في المقابل فإن صكوك الغفران - والتي تَنَبَّهَ كثير منكم إلى حقيقتها - ليس فيها هذه الحكمة البالغة في تدريب النفوس على التنافس في الطاعة والتقرب إلى الله.
فـ : ﴿ يَا أَهْلَ الكِتَابِ تَعَالَواْ إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلا نَعْبُدَ إِلَّا الله وَلَا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئاً وَلَا يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضاً أَرْبَاباً مِنْ دُونِ الله فَإِنْ تَوَلَّواْ فَقُولُواْ اشْهَدُواْ بِأَنَّا مُسْلِمُون ﴾ [ آل عمران : 64 ]



والحمد لله رب العالمين على ما أنعم من النعم التي لا تعد ولا تحصى.



وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين.

[هايمه بذكراك]

ترويح على أمة الإسلام التي قد تُكثر من المعاصي ، فجعل الله لها من ضيقها مخرجا، وشرع لها من الأعمال ما تُكَفر به عن خطاياها.
فيا أيها المسلمون ، أكثروا من شكر النعمة فإنها من حق الله علينا.

جزآك ربي خير الجزاء
طرح رآئع آشكرك يَ قمر
الباري يسعدك
تقبلي مروري :82:

[عاجبني جنوني]

يعطيك العافيه

[دانه المحبين]

جزاك ربي خير

[مومهم اسمي]

جزاك ربي خير

يعطيك العافيه

[نواري]

يعطيك العافيه

[دانه المحبين]

يعطيك العافيه

[شؤفتك غايتي]

جزآك ربي خير الجزاء

[غلآتك غير]

جزاك ربي خير