سلسلة
... " نُبذ في عقيدة السلف " ( 15 ) ...
[ النفـاق وأنواعه ]



[ تعريف النفاق ]

النفاق : في اللغة : عدم موافقة الظاهر للباطل والقول للفعل .
وفي الشرع : إظهار الخير ، وإسرار الشر .



[ أنواع النفاق ]

النفاق ، نوعان :
1- نفاق اعتقادي .
2- ونفاق عملي .


أولاً : النفاق الاعتقادي :
وهو إظهار الإسلام وإبطان الكفر والعياذ بالله . وصاحبه في الدرك الأسفل من النار ، وهو ستة أنواع :
1/ تكذيب الرسول ( صلى الله عليه وسلم ) .
2/ تكذيب بعض ما جاء به الرسول ( صلى الله عليه وسلم ) .
3/ بغض الرسول( صلى الله عليه وسلم ) .
4/ بغض بعض ما جاء به الرسول ( صلى الله عليه وسلم ) .
5/ المسرة بانخفاض دين الرسول ( صلى الله عليه وسلم ) .
6/ الكراهية بانتصار دين الرسول ( صلى الله عليه وسلم ) .


ثانياً : النفاق العملي :
ويكون في الجوارح ، وهو من أكبر الكبائر ، لكنه لا يخلد صاحبه في النار ، وهو خمس خصال : وردت في حديث ابن عمر مرفوعاً : " أَرْبَعٌ مَنْ كُنَّ فِيهِ كَانَ مُنَافِقًا أَوْ كَانَتْ فِيهِ خَصْلَةٌ مِنْ أَرْبَعَةٍ كَانَتْ فِيهِ خَصْلَةٌ مِنْ النِّفَاقِ حَتَّى يَدَعَهَا : إِذَا حَدَّثَ كَذَبَ ، وَإِذَا وَعَدَ أَخْلَفَ ، وَإِذَا عَاهَدَ غَدَرَ ، وَإِذَا خَاصَمَ فَجَرَ" متفق عليه .
وفي حديث أبي هريرة مرفوعاً : " آيَةُ الْمُنَافِقِ ثَلاَثٌ : إِذَا حَدَّثَ كَذَبَ ، وَإِذَا وَعَدَ أَخْلَفَ ، وَإِذَا اؤْتُمِنَ خَانَ " متفق عليه .


فالخصال كالتالي :
1/ الكذب في الحديث .
2/ إخلاف الوعد : كأن يعد ومن نيته أن لا يفي بوعده ، وهذا أشر الخُلف ، أو أن يعد ومن نيته أن يفي ، ثم أخلف من غير عذر .
3/ الفجور بالمخاصمة عند القاضي ، وذلك : بجعل الحق باطلاً ، والباطل حقاً .
4/ الغدر في العهد .
5/ الخيانة في الأمانة .



[ الفرق بين النفاق الاعتقادي والعملي ]

الفرق بينهما :
1. النفاق الاعتقادي يخرج من الملة ، والعملي لا يخرج .
2. النفاق الاعتقادي يخلد صاحبه في النار ، والعملي لا يخلد صاحبه .
3. النفاق الاعتقادي يحبط جميع الأعمال .
4. النفاق الاعتقادي اختلاف السر والعلانية في الاعتقاد ، والصغر اختلاف السر والعلانية في العمال دون الاعتقاد .
5. النفاق الاعتقادي لا يصدر من مؤمن ، والعملي قد يصدر .
6. النفاق الاعتقادي في الغالب لا يتوب صاحبه .



[ خطر النفاق والمنافقين على الدين ]



اشتد خوف السلف من الصحابة والتابعين لهم بإحسان من النفاق دقه وجله ، قال عمر بن الخطاب ، لحذيفة رضي الله عنهما - وهو من أخبره ( صلى الله عليه وسلم ) بأسماء المنافقين : " يا حذيفة، نشدتك بالله، هل سماني لك رسول الله ( صلى الله عليه وسلم )منهم؟ " قال: لا. ولا أزكى بعدك أحداً . وقال ابن أبي مليكة : أدركت ثلاثين من أصحاب محمد ( صلى الله عليه وسلم ) كلهم يخاف النفاق على نفسه .

يقول ابن القيم رحمه الله :
" وأما النفاق: فالداء العضال الباطن، الذي يكون الرجل ممتلئاً منه، وهو لا يشعر. فإنه أمر خفي على الناس. وكثيراً ما يخفى على من تلبس به. فيزعم أنه مصلح وهو مفسد .....


وقد هتك الله سبحانه أستار المنافقين. وكشف أسرارهم في القرآن. وجلى لعباده أمورهم. ليكونوا منها ومن أهلها على حذر. وذكر طوائف العالم الثلاثة في أول سورة البقرة: المؤمنين، والكفار، والمنافقين. فذكر في المؤمنين أربع آيات. وفي الكفار آيتين. وفي المنافقين ثلاث عشرة آية. لكثرتهم وعموم الابتلاء بهم. وشدة فتنتهم على الإسلام وأهله. فإن بلية الإسلام بهم شديدة جداً. لأنهم منسوبون إليه، وإلى نصرته وموالاته، وهم أعداؤه في الحقيقة. يخرجون عداوته في كل قالب يظن الجاهل أنه علم وإصلاح. وهو غاية الجهل والإفساد.

فلله كم من معقل للإسلام قد هدموه ؟! وكم من حصن لـه قد قلعوا أساسه وخربوه ؟! وكم من علم له قد طمسوه ؟! وكم من لواء له مرفوع قد وضعوه ؟! وكم ضربوا بمعاول الشبه في أصول غراسه ليقلعوها ؟! وكم عموا عيون موارده بآرائهم ليدفنوها ويقطعوها ؟!.

فلا يزال الإسلام وأهله منهم في محنة وبلية. ولا يزال يطرقه من شبههم سرية بعد سرية. ويزعمون أنهم بذلك مصلحون ( أَلا إِنَّهُمْ هُمُ الْمُفْسِدُونَ وَلَكِنْ لا يَشْعُرُونَ ) ( يُرِيدُونَ لِيُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَاللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ ). " [ مدارج السالكين ( 1/347 ) ]




والله تعالى أعلم