[ALIGN=CENTER][TABLE1="width:95%;background-color:white;border:7px solid deeppink;"][CELL="filter:;"][ALIGN=center]
خلق الله الأرض وبسطها ودحاها و أسكنها الجن والإنس، وأنزل فيهم الشرائع وبعث إليهم الرسالات .
وجعل الهداية أعظم نعمة ينعم بها على الإنسان .. لا توازيها نعمة .. ولا يعادلها شيء من خير الدنيا
ونعيمها وكنوزها. وكيف يقاس ما عَاقِبتُه الحسنى وجنةُ الخلد بما مآله الفناءُ والزوال؟!
ولأن دينُ الله عظيم عزيز.. وشريعته غالية ؛ فإنه لا يستحق حملَها إلا خيار الناس.
لذا كانت الابتلاءاتُ والمحن تعرض للمؤمنين والأذيةُ والفتن تحيط بهم .. تمحّصهم وتختبر
إيمانهم وتربيهم وتصقلهم وترتقي بهم حتى لا يبقى على الدين إلا من يستحقه.
فالفتنة والابتلاء سنة جارية في الأولين والآخرين.. لم تستثن أحدا .. قال الله تعالى
((الم . أَحَسِبَ النَّاسُ أَن يُتْرَكُوا أَن يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ . وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ
اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ)).
إن الإيمان ليس مجرد كلمة تقال، ولا تكتب في هوية .. ولا تُدّعى .. بل هو حقيقة ذات مسؤولية
و تكاليفَ وهو أمانةٌ عظيمة لها أعباؤها .. وتتطلّب جهادا واجتهادا .. وصبرا واحتسابا .
وقد يقول قائل: إن الله -ـ جلّ وعلا ـ يعلم حقيقة القلوب قبل الابتلاء.. ويعلم المؤمن حقا
ممن ليس كذلك.
وهذه حقيقة لا شكّ فيها .. ولكنَّ الابتلاءَ يكشف في عالم الواقع ما هو معلومٌ لله - تعالى-
فيحاسب الناس على ما صدر عنهم من أقوال وأفعال تترجم حقيقة ما وقر في قلوبهم وسكن عقائدهم.
والفتن والابتلاء أنواعٌ وصور: يقول الله جلّ شأنه : (وَنَبْلُوكُم بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً). فالفتنة فمنها
السراء والضراء، ومنها ما يكون بانتشار المنكرات وغلبة الأهواء وإثارة الغرائز ،
و منها ما يكون بكثرة الاختلاف، وإثارة النزاعات وخلط الحق والباطل. وضياع الأمانات.
ومنها ما يجعل المؤمن يصارع الظلم ثم لا يملك النصر لنفسه ولا المنعة. أو يؤذى بتسلّط
الأعداء والمرجفين ..


ومن الفتنة أن يعيش المؤمن بدينه كالغريب بين الناس؛ قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-:
«بَدَأَ الإسْلامُ غرِيبًا، وسَيَعُودُ غرِيباً كَمَا بَدَأ؛ فَطُوْبَى لِلْغُربَاء».
وقد بيّن الله لنا في كتابه، وروى لنا رسوله ـ صلّى الله عليه وسلّم ـ في سنته من قصص الأمم السابقة
وسيرهم وأتباع الديانات السالفة ومحنهم ليوضّح لنا أن الفتن والابتلاء .. والمحن والاختبارات ..
سنة من سنن الله في خلقه لا يخلو منها زمن .. ولا ينجو منها أحد ..
وتكون البلية بحسب درجة الإيمان وقوّته .. ويكون الصبر عليها بقدر المكانة المرجوّة عند الله.


فهذا يُنشَرُ بالِمنشار من رأسه إلى قدميه ما يتزحزح عن دينه، وأولئك تحفر لهم الأخاديدُ فتُسجَر بالنار
ثم يقذفون فيها. كما ضرب لنا نبينا محمدٌ -صلى الله عليه وسلم- وصحابتُه الكرام أروعَ الأمثلة في
الثبات على الدين؛ والصبر على النوائب والشدائد الأمر الذي أسهم في أن يصلنا الدين كاملا والعقيدة
نقية صافية حتى اعتنقها ملايين البشر جيلا بعد جيل .
في كل زمان فتنٌ وابتلاءات.. وزمننا كثرت فيه تلك الفتن .. وصور الابتلاءات.


فهو زمن خلط المفاهيم .. وتقلّب الأحوال .. والتعدّي على الثوابت.. وغزو الفكر والعقائد..
والســـــخرية من الدين ومقدساته..
إنه زمن يتعرّض فيه المرء للفتن كيفما وجّه وجهه .. وقلّب نظره.
حتى نصل إلى زمن القابض فيه على دينه كالقابض على جمرة!!
ومع ذلك .. يبقى الدين ويبقى الخير .. والمؤمن الحقيقي لا يحبط ولا ينكسر .. وييأس .. ولا يهن ولا
يستوحش من الطريق لقلة السالكين، ولا ينظر إلى الهالك كيف هلك، بل ينظر إلى الناجي كيف نجا.
والمؤمن في تطلّعه للمكانة المرجوّة عند ربه .. يجد من البلاء والمحن على قدر ما يصبو إليه من
درجة عالية .. وجنّة قطوفها دانية .
فانظر أي مكانة ترتجي .. واستعد للمحن التي تستحقها .


للكتابه : دانيه الغالب
[/ALIGN]
[/CELL][/TABLE1][/ALIGN]