السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ...
هي فئة موجودة بكل مجتمع وربما بكل بيت . مهمشة ضعيفة مسحوقة بلا وجود وبلا معنى .
تجدها في الشوارع في المحلات في المؤسسات المختلفة تبدو للوهلة الأولى رزينة وأنيقة
بل جميلة وما أن تنطق أو يصدر منها سلوك حتى تأتيك " الصــــــــــــــــــــــاعقة " ..إنها
حالة إستثنائية لا بل أكثر ..فهي فئة من فقدوا القدرة الطبيعية على الإستمرار في الحياة .
هم بكل بساطة "المتخلفين عقليا " .
بلا صوت ولا صدى يصرخون في ذاواتهم لماذا ؟! وكيف ؟! وما الخلاص؟! ..هم ضحايا القدر
بمختلف ظروفه وأوقاته . لا نعلم ما سرهم وما هي مشكلتهم مع أننا نصادفهم كثيرا لكننا نصدم
كثيرا لدى سماعنا بقصصهم ..فمنهم من أفقده رفاق السوء والمخدرات عذرية العقل ..وباتوا بلا
عقل وبلا مأوى مع أنهم كانوا من الأطباء والمهندسين . فهذا مازن ..رجل يعيش في الكراج المهجور
بجانب بيتنا لا زلت أذكره فلطالما كنا نهرب كلما رأيناه ..مع أنه لما يكن يؤذينا ربما مظهره ..ووجه
المليئ بالكاز والفحم الأسود وثيابه المهترئة بالإضافة لرائحته القذرة هي السبب .كان يحاور
الجميع ولا أحد يعلم سر حياته حتى كشفها لنا أحد أقاربه الذي جاء باحثا عنه ..فمازن طبيب جراح
في ألمانيا..تعلم تناول المخدرات من رفاق السوء .وفي ليلة من ليالي البرد القارص كان يقود
سيارته وهو تحت تأثير المخدر فإنقلبت به السيارة فقد على إثر الحادث زوجته وإبنته ومن يومها
قرر معاقبة نفسه والبقاء في الشارع وفي الممرات المركونة هنا وهناك ..زهلنا كثيرا عندما علمنا
بوجود أهله ..فكلما أعادوه للبيت يعود للنفس المكان رغم كل المحاولات من أطباء نفسيين
وغيرهم .فهل مازن فعلا مختل عقليا؟! .يبقى السؤال بلا إجابة .
عمو "خربانة ..خربانة" ..الذي تسبقه كلماته كلما مر بنا ..فلا تجد على لسانه إلا هذه الكلمة ..
حدثته مرة وسألته :"شو هي إيلي خربانه ياعم؟" قال لي : " الدنيا " ..ولكم أن تتخيلوا
عيونه ونظرات القهر التي لاحظتها ..فهو قصة مأساة جديدة وتتكرر ..فهو أب لستة أولاد هجروه
بعد زواجهم ..حتى باع بيته لأجل تعليمهم وبات يرقد في الشارع ويأكل من حسنة هذا وفضل ذااك.
فهل هو مختل عقليا؟! .
هؤلاء من أذكرهم ..ولعل من أيقظ الموضوع في ذهني اليوم حالة جديدة . خلف, رجل في الأربعين
أو الخمسين من العمر ..لأول مرة آراه ..رجل طبيعي وأكثر يلبس ثيابا تبدو جيدة نوعا ما . ما أن
دخل المدرسة وهو يبتسم فمن الطبيعي جدا أن أبتسم له _رجل بعمر والدي_ سألني عن إسم
تليمذ حقيقة لم أعرفه فقلت له إذهب للإدارة المهم دخلت لفصلي ولم أكترث . بعد دقائق سمعت
صوت صرااااخ والأمن ينادي فخرجت أرى مالقصة وكانت الكارثة الرجل الذي رأيته قبل دقائق يبكي ويقول" أنا
مش مجنون ؟؟ أنا بدي أعطي حبيبي بسكويتا" ..فخلف مختل عقليا منذ عشرات سنوات يأتي
إلى المدرسة بهذا الشكل يأتي لإحدى الزميلات ويبتسم إبتسامة عريضة ويخرج هو على هذه
الحالة بشكل يوميا لا يغيب ولا يتأخر ولا ينسى..يدخل لحظة إنشغال الأمن لاحظوا أنه إستهبلني
كما يقال هو يعرف أنني لا أعرف بحالته فتصرف بشكل طبيعي ودخل يبتسم وبالتالي
صدقته...لا اعلم هل أبكي لحالته أم أبتسم لإستهباله.
نقطة حواري اليوم تقف عند هؤلاء ..فما تقيمكم لهذه الفئة ؟
وما هو التعامل الجيد معها وبالأخص أنها ترفض الإنصياع والدخول للمصحات النفسية وغيرها ؟
إحترامي و تقديري للجميع .
المفضلات