العدل المطلق مكفول للاعداء ..
[gdwl]


بسم الله الرحمن الرحيم
وما من عقيدة أو نظام في هذه الأرض
يكفل العدل المطلق للأعداء المناوئين
كما يكفله لهم هذا الدين
لقد نزلت آيات من القرآن لتنقذ رجلاً يهوديًا
من تهمة توجه إليه، مع كيد يهود للإسلام
وللنبي -صلى الله عليه وسلم- وأتباع دينه
بكل ما في جبلتهم من الرغبة في الشر
وكراهية الخير للناس
وينصفه من رجل مسلم
من قبيلة الأنصار
الأنصار الذين آووا ونصروا
وقدموا أرواحهم، وأموالهم في سبيل الله.

والقصة كما ترويها كتب التفاسير:

أن نفرًا من الأنصار غزوا مع رسول الله
-صلى الله عليه وسلم-
في بعض غزواته، فسرقت درع لأحدهم، فحامت الشبهة حول رجل من الأنصار
فتفنن هو وقومه في إخفاء السرقة بحيث يتهم فيها أحد اليهود من أهل المدينة
وحين يقع مثل هذا الحدث في أي شعب من الأرض، وفي أي حقبة من التاريخ
فليس له نتيجة متوقعة إلا الأخذ بتلابيب ذلك الشخص الذي ينتمي إلى مثيري الشغب
والإسراع بتطبيق العقوبة المقررة عليه، إن لم يكن التنكيل به شر تنكيل
لأنه فوق انتمائه إلى فئة معادية للشعب قد ارتكب جريمة محددة
يستحق عليها العقوبة،
وحين فحص الرسول
-صلى الله عليه وسلم-
وهو القاضي ظروف القضية فقد همَّ
-حسب القرائن-
أن يحكم على اليهودي،
ولكن الوحي يتنزل من السماء لتبرئة ذلك اليهودي
من الجريمة التي لم يرتكبها
وإدانة المسلمين الذين أرادوا أن يفلت جانبهم من العقوبة
فنزل قول الله تعالى:
"
إِنَّا أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ بِمَا أَرَاكَ اللَّهُ
وَلَا تَكُنْ لِلْخَائِنِينَ خَصِيمًا
(105)
وَاسْتَغْفِرِ اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ غَفُورًا رَحِيمًا
(106)
وَلَا تُجَادِلْ عَنِ الَّذِينَ يَخْتَانُونَ أَنْفُسَهُمْ
إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ مَنْ كَانَ خَوَّانًا أَثِيمًا
(107)
يَسْتَخْفُونَ مِنَ النَّاسِ وَلَا يَسْتَخْفُونَ مِنَ اللَّهِ
وَهُوَ مَعَهُمْ إِذْ يُبَيِّتُونَ مَا لَا يَرْضَى مِنَ الْقَوْلِ
وَكَانَ اللَّهُ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطًا
(108)
هَا أَنْتُمْ هَؤُلَاءِ جَادَلْتُمْ عَنْهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا
فَمَنْ يُجَادِلُ اللَّهَ عَنْهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ
أَمْ مَنْ يَكُونُ عَلَيْهِمْ وَكِيلًا
(109)
"
لقد كان درسًا هائلا للأمة، تبين لهم فيه أن ميزان
العدل
لا يمليه حب ولا بغض، ولا تمليه عصبية ولا قرابة ولا مصالح وأغراض شخصية،
بل لا يميل حتى إلى جانب المشاركين له في العقيدة على حساب المخالفين لها،
ولو كانوا في مجموعهم ظالمين!!

وبهذه المقومات كان هذا الدين العالمي خاتمة الأديان؛
لأنه الدين الذي يكفل النظام للناس جميعًا، مؤمنهم وكافرهم،
أن يتمتعوا في ظله بالعدل، وأن يكون هذا
العدل فريضة على معتنقيه،
يتعاملون مع ربهم مهما لاقوا من الناس من بغض وشنآن.
***
**
*
منقول من أحد الخطب
[/gdwl]