• دخول الاعضاء

    النتائج 1 إلى 5 من 5

    الموضوع: سر ابتلاء المؤمنين

    العرض المتطور

    المشاركة السابقة المشاركة السابقة   المشاركة التالية المشاركة التالية
    1. #1
      فوضوي له مكانه الصورة الرمزية ضحكة دنياهم
      تاريخ التسجيل
      Jun 2012
      المشاركات
      1,175
      معدل تقييم المستوى
      52

      افتراضي سر ابتلاء المؤمنين

      الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول اللَّه، وبعد:

      فما أحوجنا هذه الأيام، التي تلاطمت فيها أمواج الفتن بالمسلمين، أن يُذكِّر بعضنا بعضًا ويأخذ كل منا بيد أخيه، فقد انتشرت ظاهرة سوء الظن بين كثير من المسلمين، ولذا رأيت أن من حق إخواني عليَّ أن أُذِّكرهم بحقيقة القلب السليم، الذي ذكره اللَّه في كتابه، فأقول وبالله التوفيق:حقيقة القلب السليم قال تعالى: )ولا تخزني يوم يبعثون (87) يوم لا ينفع مال ولا بنون (88) إلا من أتى الله بقلب سليم.(

      [الشعراء: 87، 89]

      قال ابن القيم رحمه الله: القلب السليم هو الذي سلم من الشرك والغل والحقد والحسد والشح والكبر وحب الدنيا والرئاسة، فسلم من كل آفة تبعده عن الله، وسلم من كل شبهة تعارض خبره، ومن كل شهوة تعارض أمره، وسلم من كل إرادة تزاحم مراده، وسلم من كل قاطع يقطع عن الله. ولا تتم له سلامته مطلقا حتى يسلم من خمسة أشياء: من شرك يناقض التوحيد، وبدعة تخالف السنة، وشهوة تخالف الأمر، وغفلة تناقض الذكر، وهوى يناقض التجريد والإخلاص. وهذه الخمسة حجب عن الله، وتحت كل واحدة منها أنواع كثيرة، تتضمن أفرادا لا تنحصر. ولذلك اشتدت حاجة العبد، بل ضرورته، إلى أن يسأل الله أن يهديه الصراط المستقيم، فليس العبد أحوج منه إلى هذه الدعوة، وليس شيء أنفع له منها.

      [الجواب الكافي لابن القيم / ص 151]

      لماذا سلامة القلب؟

      عن النعمان بن بشير رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: )إن في الجسد مضغة إذا صلحت، صلح الجسد كله، وإذا فسدت، فسد الجسد كله، ألا وهي القلب ( .

      [البخاري حديث / 52] [مسلم حديث / 1599]

      قال الإمام النووي: في هذا الحديث تأكيد على السعي في صلاح القلب وحمايته من الفساد.

      [مسلم بشرح النووي 6/ 33]

      وقال الحافظ ابن حجر العسقلاني: سمي القلب قلبا لتقلبه في الأمور، أو لأنه خالص ما في البدن، وخالص كل شيء قلبه، أو لأنه وضع في القلب مقلوبا، وقال رحمه الله: وخص القلب بذلك لأنه أمير البدن، وبصلاح الأمير، تصلح الرعية، وبفساده تفسد. وفي هذا الحديث تنبيه على تعظيم قدر القلب، والحث على صلاحه.

      [فتح الباري 1/156 ]

      سلامة قلب النبي صلى الله عليه وسلم:

      قال تعالى مادحا نبيه محمدا صلى الله عليه وسلم: )وإنك لعلى خلق عظيم ( .

      [القلم: 4]

      عن سعد بن هشام بن عامر أنه قال لعائشة رضي الله عنها: (أنبئيني عن خلق رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ قالت: ألست تقرأ القرآن؟ قلت: بلى. قالت: فإن خلق نبي الله صلى الله عليه وسلم كان القرآن).

      [مسلم / ح746 ]

      وعن عائشة رضي الله عنها قالت: قلت: يا رسول الله، هل أتى عليك يوم كان أشد من يوم أحد؟ قال: لقد لقيت من قومك ما لقيت، وكان أشد ما لقيت منهم يوم العقبة إذ عرضت نفسي على ابن عبد ياليل بن عبد كلال، فلم يجبني إلى ما أردت، فانطلقت وأنا مهموم على وجهي، فلم أستفق إلا وأنا بقرن الثعالب، فرفعت رأسي، فإذا أنا بسحابة قد أظلتني، فنظرت، فإذا فيها جبريل، فناداني فقال: إن الله قد سمع قول قومك لك وما ردوا عليك، وقد بعث الله إليك ملك الجبال لتأمره بما شئت، فناداني ملك الجبال فسلم علي، ثم قال: يا محمد، فقال: ذلك فيما شئت إن شئت أن أطبق عليهم الأخشبين. فقال النبي صلى الله عليه وسلم: (بل أرجو أن يخرج الله من أصلابهم من يعبد الله وحده، لا يشرك به شيئا).

      [البخاري / ح3231] [مسلم / ح 1795]

      انظر أخي الكريم: إلى سلامة قلب النبي صلى الله عليه وسلم، فإنه لم يغضب لنفسه ولم يبغض أحدا لذاته، إنما كان أمره لله تعالى وحده. عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: (كأني انظر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يحكي نبيا من الأنبياء، صلوات الله وسلامه عليهم، ضربه قومه فأدموه وهو يمسح الدم عن وجهه ويقول: اللهم اغفر لقومي فإنهم لا يعلمون).

      [البخاري / ح3477] [مسلم / ح 1792]

      قال ابن القيم رحمه الله: تأمل حال النبي صلى الله عليه وسلم إذ ضربه قومه حتى أدموه فجعل يسلت الدم وهو يقول: اللهم اغفر لقومي فإنهم لا يعلمون. كيف جمع في هذه الكلمات أربعة مقامات من الإحسان، قابل بها إساءتهم العظيمة إليه:

      أحدها: عفوه عنهم.

      الثاني: استغفارهم لهم.

      الثالث: اعتذاره عنهم بأنهم لا يعلمون.

      الرابع: استعطافه لهم بإضافتهم إليه

      فقال: اغفر لقومي.

      كما يقول الرجل لمن يشفع عنده فيمن يتصل به هذا ولدي، هذا غلامي، هذا صاحبي فهبه لي.

      [بدائع الفوائد لابن القيم 2/243، 244]

      انظر أخي الكريم: إذا كان هذا هو حال النبي صلى الله عليه وسلم مع أعدائه، فكيف حاله مع أصحابه رضي الله عنهم أجمعين.

      روى الترمذي عن أبي عبد الله الجدلي يقول: سألت عائشة رضي الله عنها عن خلق رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت: (لم يكن فاحشا ولا متفحشا ولا صخابا في الأسواق، ولا يجزي بالسيئة السيئة، ولكن يعفو ويصفح).

      [صحيح الترمذي / ح 1640]

      حرص الرسول صلى الله عليه وسلم على سلامة قلوب أصحابه:

      عن علي بن الحسين، رضي الله عنهما، أن صفية زوج النبي صلى الله عليه وسلم أخبرته أنها جاءت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم تزوره في اعتكافه في المسجد في العشر الأواخر من رمضان، فتحدثت عنده ساعة ثم قامت تنقلب فقام النبي صلى الله عليه وسلم يقلبها، حتى إذا بلغت باب المسجد عند باب أم سلمة مر رجلان من الأنصار فسلما على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (على رسلكما، إنما هي صفية بنت حيي. فقالا: سبحان الله يا رسول الله، وكبر عليهما. فقال النبي صلى الله عليه وسلم: إن الشيطان يبلغ من ابن آدم مبلغ الدم، وإني خشيت أن يقذف في قلوبكما شيئا).

      [البخاري / ح 2035]

      انظر أخي الكريم: كيف أن النبي صلى الله عليه وسلم أراد أن يبعد الشبهة عن نفسه حتى لا يظن به أحد سوءا، ويربي أصحابه، رضي الله عنهم على أن تكون قلوبهم سليمة من سوء الظن بالآخرين.

      سلامة قلوب الصحابة:

      إن سلامة القلب من أهم صفات عباد الرحمن، وأولهم أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم الذين مدحهم الله في كتابه قائلا: (والذين تبوءوا الدار والإيمان من قبلهم يحبون من هاجر إليهم ولا يجدون في صدورهم حاجة مما أوتوا ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة ومن يوق شح نفسه فأولئك هم المفلحون (9) والذين جاءوا من بعدهم يقولون ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان ولا تجعل في قلوبنا غلا للذين آمنوا ربنا إنك رءوف رحيم).

      [الحشر: 9، 10]

      عن أنس بن مالك قال: كنا جلوسا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: (يطلع عليكم الآن رجل من أهل الجنة. فطلع رجل من الأنصار، تنطف لحيته من وضوئه، قد تعلق نعليه في يده الشمال، فلما كان الغد، قال النبي صلى الله عليه وسلم مثل مقالته أيضا، فطلع ذلك الرجل على مثل حاله الأولى، فلما قام النبي صلى الله عليه وسلم، تبعه عبد الله بن عمرو بن العاص، فقال: إني لاحيت أبي، فأقسمت أن لا أدخل عليه ثلاثا، فإن رأيت أن تؤويني إليك حتى تمضي، فعلت. قال: نعم.قال أنس: وكان عبد الله يحدث أنه بات معه تلك الليالي الثلاث، فلم يره يقوم من الليل شيئا، غير أنه إذا تعار وتقلب على فراشه ذكر الله عز وجل، وكبر، حتى يقوم لصلاة الفجر، قال عبد الله: غير أني لم أسمعه يقول إلا خيرا، فلما مضت الثلاث الليالي، وكدت أن احتقر عمله، قلت: يا عبد الله إني لم يكن بيني وبين أبي غضب ولا هجر ثم، ولكن سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ثلاث المرار: يطلع عليكم الآن رجل من أهل الجنة، فطلعت أنت الثلاث مرار، فأردت أن آوي إليك وانظر ما عملك فأقتدي به، فلم أرك تعمل كثير عمل، فما الذي بلغ بك ما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ قال: ما هو إلا ما رأيت، قال: فلما وليت دعاني، فقال: ما هو إلا ما رأيت، غير أني لا أجد في نفسي لأحد من المسلمين غشا ولا أحسد أحدا على خير أعطاه الله إياه، فقال عبد الله: هذه التي بلغت بك وهي التي لا نطيق).

      [مسند أحمد 20/124، 125]

      علي بن أبي طالب رضى الله عنه:

      رأى علي بن أبي طالب، طلحة بن عبيد اللَّه، في وادٍ مُلقى فنزل، فمسح التراب عن وجهه (وكان بينهما قتال) فقال: عزيزٌ عليَّ يا أبا محمد بأن أراك مجندلاً في الأودية، تحت نجوم السماء، إلى اللَّه أشكو عُجري وبُجري. قال الأصمعي: عُجري وبجري: سرائري وأحزاني التي تموج في جوفي.

      [سير أعلام النبلاء 1/ 36]

      وقال أبو حبيبة: مولى طلحة بن عبيد اللَّه، دخلت على علي بن أبي طالب مع عمران بن طلحة، بعد وقعة الجمل، فرحب به وأدناه، ثم قال: إني لأرجو أن يجعلني وأباك ممن قال اللَّه فيهم: (ونزعنا ما في صدورهم من غل إخوانا على سرر متقابلين)

      [الحجر: 47]

      [سير أعلام النبلاء 1/38 ]

      ابن عباس رضي الله عنهما:

      قال ابن بريدة: شتم رجل ابن عباس، فقال: إنك لتشتمني، وفي ثلاث خصال: إني لآتي على الآية من كتاب الله عز وجل، فلوددت أن جميع الناس يعلمون منها ما أعلم، وإني لأسمع بالحاكم من حكام المسلمين يعدل في حكمه فأفرح به ولعلي لا أقاضي إليه أبدا، وإني لأسمع أن الغيث قد أصاب بلدا من بلدان المسلمين فأفرح به وما لي به من سائمة.

      [صفة الصفوة 1/ 754]

      أبو دجانة الأنصاري:

      قال زيد بن أسلم: دخل ناس على أبي دجانة، وهو مريض، وكان وجهه يتهلل، فقيل له: ما لوجهك يتهلل؟ فقال: ما من شيء أوثق عندي من اثنتين: كنت لا أتكلم فيما لا يعنيني، والأخرى، كان قلبي للمسلمين سليما.

      [سير أعلام النبلاء 1/243 ]

      أخي الكريم: قارن بين هذه القلوب السليمة وبين قلوبنا، وحدث ولا حرج.

      الأسباب المعينة على سلامة القلب:

      ذكر أهل العلم أسبابا تعين صاحبها أن يكون من أصحاب القلب السليم، يمكن أن نجملها فيما يلي:

      أولا: إخلاص العمل لله وحده:

      قال تعالى: (قل إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين (162) لا شريك له وبذلك أمرت وأنا أول المسلمين).

      [الأنعام: 162، 163]

      وقال سبحانه: (إنما نطعمكم لوجه الله لا نريد منكم جزاء ولا شكورا).

      [الإنسان: 9]

      وقال جل شأنه: (وما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين حنفاء ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة وذلك دين القيمة).

      [البينة: 5]

      عن زيد بن ثابت أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (ثلاث لا يغل عليهن قلب مسلم أبدا؛ إخلاص العمل لله، ومناصحة ولاة الأمر، ولزوم جماعة المسلمين فإن دعوتهم تحيط من ورائهم).

      [مسند أحمد 35/ 21590]

      قال ابن القيم رحمه الله: في معنى هذا الحديث: أي لا يبقى فيه غل، ولا يحمل الغل مع هذه الثلاثة، بل تنفي عنه غله وتنقيه منه وتخرجه عنه، فإن القلب يغل على الشرك أعظم غل وكذلك يغل على الغش، وعلى خروجه عن جماعة المسلمين بالبدعة، والضلالة، فهذه الثلاثة تملؤه غلا ودغلا. ودواء هذا الغل واستخراج أخلاطه، بتجريد الإخلاص والنصح ومتابعة السنة.

      [مدارج السالكين 2/90 ]

      وقال ابن الأثير رحمه الله: في معنى هذا الحديث أيضا: هذه الخلال الثلاث تستصلح بها القلوب، فمن تمسك بها طهر قلبه من الخيانة والدغل والشر.

      [النهاية في غريب الحديث 3/ 381]

      ثانيا: رضا المسلم عن ربه:

      المقصود برضى العبد عن ربه هو الرضى عنه في كل ما قضى وقدر.

      [مدارج السالكين 2/ 183]

      قال ابن القيم رحمه الله وهو يتحدث عن منزلة الرضى: إن الرضى يفتح للعبد باب السلامة فيجعل قلبه سليما نقيا من الغش والدغل والغل، ولا ينجو من عذاب الله إلا من أتى الله بقلب سليم، وتستحيل سلامة القلب مع السخط وعدم الرضا. وكلما كان العبد أشد رضى كان قلبه أسلم. فالخبث والدغل والغش قرين السخط، وسلامة القلب ورضاه وبره ونصحه قرين الرضى، وكذلك الحسد هو من ثمرات السخط، وسلامة القلب منه من ثمرات الرضى.

      [مدارج السالكين 2/ 207]

      ثالثا: تلاوة القرآن:

      إن تلاوة القرآن الكريم هي أعظم دواء لأمراض القلوب بشرط أن تجد قلبا يقبل الحق ويرفض الباطل. قال تعالى: )يا أيها الناس قد جاءتكم موعظة من ربكم وشفاء لما في الصدور ( .

      [يونس: 57]

      وقال سبحانه: (وننزل من القرآن ما هو شفاء ورحمة للمؤمنين).

      [الإسراء: 82]

      قال ابن القيم رحمه الله: القرآن هو الشفاء التام من جميع الأدواء القلبية والبدنية، وأدواء الدنيا والآخرة، وما كل أحد يؤهل ويوفق للاستشفاء به وإذا أحسن العليل التداوي به، ووضعه على دائه بصدق وإيمان وقبول تام واعتقاد جازم، واستيفاء شروطه، لم يقاومه الداء أبدا، وكيف تقاوم الأدواء كلام رب الأرض والسماء، الذي لو نزل على الجبال لصدعها، أو على الأرض لقطعها، فما من مرض من أمراض القلوب والأبدان إلا وفي القرآن سبيل الدلالة على دوائه وسببه والحمية منه لمن رزقه الله فهما في كتابه.

      [زاد المعاد / ج4 ص 352]

      رابعا: حسن الظن بالمسلمين:

      إن إحسان المسلم الظن بإخوانه المسلمين من أهم وسائل سلامة القلب. عن سعيد بن المسيب أنه قال: كتب إلي بعض إخواني من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم أن ضع أمر أخيك على أحسنه ما لم يأتك ما يغلك، ولا تظنن بكلمة خرجت من امرئ مسلم شرا وأنت تجد لها في الخير محملا، ومن عرض نفسه للتهم فلا يلومن إلا نفسه.

      [شعب الإيمان للبيهقي 1/ 323]

      خامسا: النصيحة:

      من أسباب سلامة القلب، حرص المسلم على نصيحة إخوانه سرا، بدون توبيخ أو تشهير، وذلك فيما يعتقد أنه يخالف الكتاب والسنة، ويمكن أن تكون هذه النصيحة بطريقة مباشرة أو غير مباشرة ولكن دون تجريح. قال الفضيل بن عياض: المؤمن يستر وينصح، والفاجر يهتك ويعير.

      سادسا: الدعاء بسلامة القلب:

      ينبغي للمسلم أن يلجأ إلى الله بالدعاء ويرجوه أن يجعل قلبه سليما من الغل والحقد والحسد. والدعاء بسلامة القلب من صفات عباد الرحمن. قال تعالى: (والذين جاءوا من بعدهم يقولون ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان ولا تجعل في قلوبنا غلا للذين آمنوا ربنا إنك رءوف رحيم).

      [الحشر: 10]

      عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: (كان النبي صلى الله عليه وسلم يدعو رب تقبل توبتي واغسل حوبتي وأجب دعوتي وثبت حجتي واهد قلبي، وسدد لساني واسلل سخيمة قلبي).

      [صحيح أبي داود / 1337]

      عن عبد الله بن عمرو بن العاص أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (اللهم، مصرف القلوب صرف قلوبنا على طاعتك).

      [مسلم / ح 2654]

      وعن أنس كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يكثر أن يقول: (يا مقلب القلوب ثبت قلبي).

      [صحيح الترمذي / 1739]

      سابعا: إفشاء السلام:

      إن إفشاء السلام يؤلف بين القلوب المتنافرة وينشر المحبة ويذهب العداوة والبغضاء بين المسلمين.

      عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (لا تدخلون الجنة حتى تؤمنوا، ولا تؤمنوا حتى تحابوا، ألا أدلكم على شيء إذا فعلتموه تحاببتم؟ أفشوا السلام بينكم).

      [مسلم / ح 54]

      ثامنا: الهدية:

      إن للإحسان تأثيرا كبيرا في طبع الإنسان، والقلوب مجبولة على حب من أحسن إليها. ولذا فإن الهدية تؤلف بين القلوب وتذهب العداوة والحسد منها، وتعبر عما في قلب من يقوم بإهدائها من حب واحترام للآخرين، من أجل ذلك حثنا عليها الإسلام. عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (تهادوا تحابوا).

      [صحيح الأدب المفرد / ح 462]

      وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد، وآله وصحبه أجمعين.





      الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول اللَّه، وبعد:

      فما أحوجنا هذه الأيام، التي تلاطمت فيها أمواج الفتن بالمسلمين، أن يُذكِّر بعضنا بعضًا ويأخذ كل منا بيد أخيه، فقد انتشرت ظاهرة سوء الظن بين كثير من المسلمين، ولذا رأيت أن من حق إخواني عليَّ أن أُذِّكرهم بحقيقة القلب السليم، الذي ذكره اللَّه في كتابه، فأقول وبالله التوفيق:حقيقة القلب السليم قال تعالى: )ولا تخزني يوم يبعثون (87) يوم لا ينفع مال ولا بنون (88) إلا من أتى الله بقلب سليم.(

      [الشعراء: 87، 89]

      قال ابن القيم رحمه الله: القلب السليم هو الذي سلم من الشرك والغل والحقد والحسد والشح والكبر وحب الدنيا والرئاسة، فسلم من كل آفة تبعده عن الله، وسلم من كل شبهة تعارض خبره، ومن كل شهوة تعارض أمره، وسلم من كل إرادة تزاحم مراده، وسلم من كل قاطع يقطع عن الله. ولا تتم له سلامته مطلقا حتى يسلم من خمسة أشياء: من شرك يناقض التوحيد، وبدعة تخالف السنة، وشهوة تخالف الأمر، وغفلة تناقض الذكر، وهوى يناقض التجريد والإخلاص. وهذه الخمسة حجب عن الله، وتحت كل واحدة منها أنواع كثيرة، تتضمن أفرادا لا تنحصر. ولذلك اشتدت حاجة العبد، بل ضرورته، إلى أن يسأل الله أن يهديه الصراط المستقيم، فليس العبد أحوج منه إلى هذه الدعوة، وليس شيء أنفع له منها.

      [الجواب الكافي لابن القيم / ص 151]

      لماذا سلامة القلب؟

      عن النعمان بن بشير رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: )إن في الجسد مضغة إذا صلحت، صلح الجسد كله، وإذا فسدت، فسد الجسد كله، ألا وهي القلب ( .

      [البخاري حديث / 52] [مسلم حديث / 1599]

      قال الإمام النووي: في هذا الحديث تأكيد على السعي في صلاح القلب وحمايته من الفساد.

      [مسلم بشرح النووي 6/ 33]

      وقال الحافظ ابن حجر العسقلاني: سمي القلب قلبا لتقلبه في الأمور، أو لأنه خالص ما في البدن، وخالص كل شيء قلبه، أو لأنه وضع في القلب مقلوبا، وقال رحمه الله: وخص القلب بذلك لأنه أمير البدن، وبصلاح الأمير، تصلح الرعية، وبفساده تفسد. وفي هذا الحديث تنبيه على تعظيم قدر القلب، والحث على صلاحه.

      [فتح الباري 1/156 ]

      سلامة قلب النبي صلى الله عليه وسلم:

      قال تعالى مادحا نبيه محمدا صلى الله عليه وسلم: )وإنك لعلى خلق عظيم ( .

      [القلم: 4]

      عن سعد بن هشام بن عامر أنه قال لعائشة رضي الله عنها: (أنبئيني عن خلق رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ قالت: ألست تقرأ القرآن؟ قلت: بلى. قالت: فإن خلق نبي الله صلى الله عليه وسلم كان القرآن).

      [مسلم / ح746 ]

      وعن عائشة رضي الله عنها قالت: قلت: يا رسول الله، هل أتى عليك يوم كان أشد من يوم أحد؟ قال: لقد لقيت من قومك ما لقيت، وكان أشد ما لقيت منهم يوم العقبة إذ عرضت نفسي على ابن عبد ياليل بن عبد كلال، فلم يجبني إلى ما أردت، فانطلقت وأنا مهموم على وجهي، فلم أستفق إلا وأنا بقرن الثعالب، فرفعت رأسي، فإذا أنا بسحابة قد أظلتني، فنظرت، فإذا فيها جبريل، فناداني فقال: إن الله قد سمع قول قومك لك وما ردوا عليك، وقد بعث الله إليك ملك الجبال لتأمره بما شئت، فناداني ملك الجبال فسلم علي، ثم قال: يا محمد، فقال: ذلك فيما شئت إن شئت أن أطبق عليهم الأخشبين. فقال النبي صلى الله عليه وسلم: (بل أرجو أن يخرج الله من أصلابهم من يعبد الله وحده، لا يشرك به شيئا).

      [البخاري / ح3231] [مسلم / ح 1795]

      انظر أخي الكريم: إلى سلامة قلب النبي صلى الله عليه وسلم، فإنه لم يغضب لنفسه ولم يبغض أحدا لذاته، إنما كان أمره لله تعالى وحده. عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: (كأني انظر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يحكي نبيا من الأنبياء، صلوات الله وسلامه عليهم، ضربه قومه فأدموه وهو يمسح الدم عن وجهه ويقول: اللهم اغفر لقومي فإنهم لا يعلمون).

      [البخاري / ح3477] [مسلم / ح 1792]

      قال ابن القيم رحمه الله: تأمل حال النبي صلى الله عليه وسلم إذ ضربه قومه حتى أدموه فجعل يسلت الدم وهو يقول: اللهم اغفر لقومي فإنهم لا يعلمون. كيف جمع في هذه الكلمات أربعة مقامات من الإحسان، قابل بها إساءتهم العظيمة إليه:

      أحدها: عفوه عنهم.

      الثاني: استغفارهم لهم.

      الثالث: اعتذاره عنهم بأنهم لا يعلمون.

      الرابع: استعطافه لهم بإضافتهم إليه

      فقال: اغفر لقومي.

      كما يقول الرجل لمن يشفع عنده فيمن يتصل به هذا ولدي، هذا غلامي، هذا صاحبي فهبه لي.

      [بدائع الفوائد لابن القيم 2/243، 244]

      انظر أخي الكريم: إذا كان هذا هو حال النبي صلى الله عليه وسلم مع أعدائه، فكيف حاله مع أصحابه رضي الله عنهم أجمعين.

      روى الترمذي عن أبي عبد الله الجدلي يقول: سألت عائشة رضي الله عنها عن خلق رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت: (لم يكن فاحشا ولا متفحشا ولا صخابا في الأسواق، ولا يجزي بالسيئة السيئة، ولكن يعفو ويصفح).

      [صحيح الترمذي / ح 1640]

      حرص الرسول صلى الله عليه وسلم على سلامة قلوب أصحابه:

      عن علي بن الحسين، رضي الله عنهما، أن صفية زوج النبي صلى الله عليه وسلم أخبرته أنها جاءت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم تزوره في اعتكافه في المسجد في العشر الأواخر من رمضان، فتحدثت عنده ساعة ثم قامت تنقلب فقام النبي صلى الله عليه وسلم يقلبها، حتى إذا بلغت باب المسجد عند باب أم سلمة مر رجلان من الأنصار فسلما على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (على رسلكما، إنما هي صفية بنت حيي. فقالا: سبحان الله يا رسول الله، وكبر عليهما. فقال النبي صلى الله عليه وسلم: إن الشيطان يبلغ من ابن آدم مبلغ الدم، وإني خشيت أن يقذف في قلوبكما شيئا).

      [البخاري / ح 2035]

      انظر أخي الكريم: كيف أن النبي صلى الله عليه وسلم أراد أن يبعد الشبهة عن نفسه حتى لا يظن به أحد سوءا، ويربي أصحابه، رضي الله عنهم على أن تكون قلوبهم سليمة من سوء الظن بالآخرين.

      سلامة قلوب الصحابة:

      إن سلامة القلب من أهم صفات عباد الرحمن، وأولهم أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم الذين مدحهم الله في كتابه قائلا: (والذين تبوءوا الدار والإيمان من قبلهم يحبون من هاجر إليهم ولا يجدون في صدورهم حاجة مما أوتوا ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة ومن يوق شح نفسه فأولئك هم المفلحون (9) والذين جاءوا من بعدهم يقولون ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان ولا تجعل في قلوبنا غلا للذين آمنوا ربنا إنك رءوف رحيم).

      [الحشر: 9، 10]

      عن أنس بن مالك قال: كنا جلوسا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: (يطلع عليكم الآن رجل من أهل الجنة. فطلع رجل من الأنصار، تنطف لحيته من وضوئه، قد تعلق نعليه في يده الشمال، فلما كان الغد، قال النبي صلى الله عليه وسلم مثل مقالته أيضا، فطلع ذلك الرجل على مثل حاله الأولى، فلما قام النبي صلى الله عليه وسلم، تبعه عبد الله بن عمرو بن العاص، فقال: إني لاحيت أبي، فأقسمت أن لا أدخل عليه ثلاثا، فإن رأيت أن تؤويني إليك حتى تمضي، فعلت. قال: نعم.قال أنس: وكان عبد الله يحدث أنه بات معه تلك الليالي الثلاث، فلم يره يقوم من الليل شيئا، غير أنه إذا تعار وتقلب على فراشه ذكر الله عز وجل، وكبر، حتى يقوم لصلاة الفجر، قال عبد الله: غير أني لم أسمعه يقول إلا خيرا، فلما مضت الثلاث الليالي، وكدت أن احتقر عمله، قلت: يا عبد الله إني لم يكن بيني وبين أبي غضب ولا هجر ثم، ولكن سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ثلاث المرار: يطلع عليكم الآن رجل من أهل الجنة، فطلعت أنت الثلاث مرار، فأردت أن آوي إليك وانظر ما عملك فأقتدي به، فلم أرك تعمل كثير عمل، فما الذي بلغ بك ما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ قال: ما هو إلا ما رأيت، قال: فلما وليت دعاني، فقال: ما هو إلا ما رأيت، غير أني لا أجد في نفسي لأحد من المسلمين غشا ولا أحسد أحدا على خير أعطاه الله إياه، فقال عبد الله: هذه التي بلغت بك وهي التي لا نطيق).

      [مسند أحمد 20/124، 125]

      علي بن أبي طالب رضى الله عنه:

      رأى علي بن أبي طالب، طلحة بن عبيد اللَّه، في وادٍ مُلقى فنزل، فمسح التراب عن وجهه (وكان بينهما قتال) فقال: عزيزٌ عليَّ يا أبا محمد بأن أراك مجندلاً في الأودية، تحت نجوم السماء، إلى اللَّه أشكو عُجري وبُجري. قال الأصمعي: عُجري وبجري: سرائري وأحزاني التي تموج في جوفي.

      [سير أعلام النبلاء 1/ 36]

      وقال أبو حبيبة: مولى طلحة بن عبيد اللَّه، دخلت على علي بن أبي طالب مع عمران بن طلحة، بعد وقعة الجمل، فرحب به وأدناه، ثم قال: إني لأرجو أن يجعلني وأباك ممن قال اللَّه فيهم: (ونزعنا ما في صدورهم من غل إخوانا على سرر متقابلين)

      [الحجر: 47]

      [سير أعلام النبلاء 1/38 ]

      ابن عباس رضي الله عنهما:

      قال ابن بريدة: شتم رجل ابن عباس، فقال: إنك لتشتمني، وفي ثلاث خصال: إني لآتي على الآية من كتاب الله عز وجل، فلوددت أن جميع الناس يعلمون منها ما أعلم، وإني لأسمع بالحاكم من حكام المسلمين يعدل في حكمه فأفرح به ولعلي لا أقاضي إليه أبدا، وإني لأسمع أن الغيث قد أصاب بلدا من بلدان المسلمين فأفرح به وما لي به من سائمة.

      [صفة الصفوة 1/ 754]

      أبو دجانة الأنصاري:

      قال زيد بن أسلم: دخل ناس على أبي دجانة، وهو مريض، وكان وجهه يتهلل، فقيل له: ما لوجهك يتهلل؟ فقال: ما من شيء أوثق عندي من اثنتين: كنت لا أتكلم فيما لا يعنيني، والأخرى، كان قلبي للمسلمين سليما.

      [سير أعلام النبلاء 1/243 ]

      أخي الكريم: قارن بين هذه القلوب السليمة وبين قلوبنا، وحدث ولا حرج.

      الأسباب المعينة على سلامة القلب:

      ذكر أهل العلم أسبابا تعين صاحبها أن يكون من أصحاب القلب السليم، يمكن أن نجملها فيما يلي:

      أولا: إخلاص العمل لله وحده:

      قال تعالى: (قل إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين (162) لا شريك له وبذلك أمرت وأنا أول المسلمين).

      [الأنعام: 162، 163]

      وقال سبحانه: (إنما نطعمكم لوجه الله لا نريد منكم جزاء ولا شكورا).

      [الإنسان: 9]

      وقال جل شأنه: (وما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين حنفاء ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة وذلك دين القيمة).

      [البينة: 5]

      عن زيد بن ثابت أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (ثلاث لا يغل عليهن قلب مسلم أبدا؛ إخلاص العمل لله، ومناصحة ولاة الأمر، ولزوم جماعة المسلمين فإن دعوتهم تحيط من ورائهم).

      [مسند أحمد 35/ 21590]

      قال ابن القيم رحمه الله: في معنى هذا الحديث: أي لا يبقى فيه غل، ولا يحمل الغل مع هذه الثلاثة، بل تنفي عنه غله وتنقيه منه وتخرجه عنه، فإن القلب يغل على الشرك أعظم غل وكذلك يغل على الغش، وعلى خروجه عن جماعة المسلمين بالبدعة، والضلالة، فهذه الثلاثة تملؤه غلا ودغلا. ودواء هذا الغل واستخراج أخلاطه، بتجريد الإخلاص والنصح ومتابعة السنة.

      [مدارج السالكين 2/90 ]

      وقال ابن الأثير رحمه الله: في معنى هذا الحديث أيضا: هذه الخلال الثلاث تستصلح بها القلوب، فمن تمسك بها طهر قلبه من الخيانة والدغل والشر.

      [النهاية في غريب الحديث 3/ 381]

      ثانيا: رضا المسلم عن ربه:

      المقصود برضى العبد عن ربه هو الرضى عنه في كل ما قضى وقدر.

      [مدارج السالكين 2/ 183]

      قال ابن القيم رحمه الله وهو يتحدث عن منزلة الرضى: إن الرضى يفتح للعبد باب السلامة فيجعل قلبه سليما نقيا من الغش والدغل والغل، ولا ينجو من عذاب الله إلا من أتى الله بقلب سليم، وتستحيل سلامة القلب مع السخط وعدم الرضا. وكلما كان العبد أشد رضى كان قلبه أسلم. فالخبث والدغل والغش قرين السخط، وسلامة القلب ورضاه وبره ونصحه قرين الرضى، وكذلك الحسد هو من ثمرات السخط، وسلامة القلب منه من ثمرات الرضى.

      [مدارج السالكين 2/ 207]

      ثالثا: تلاوة القرآن:

      إن تلاوة القرآن الكريم هي أعظم دواء لأمراض القلوب بشرط أن تجد قلبا يقبل الحق ويرفض الباطل. قال تعالى: )يا أيها الناس قد جاءتكم موعظة من ربكم وشفاء لما في الصدور ( .

      [يونس: 57]

      وقال سبحانه: (وننزل من القرآن ما هو شفاء ورحمة للمؤمنين).

      [الإسراء: 82]

      قال ابن القيم رحمه الله: القرآن هو الشفاء التام من جميع الأدواء القلبية والبدنية، وأدواء الدنيا والآخرة، وما كل أحد يؤهل ويوفق للاستشفاء به وإذا أحسن العليل التداوي به، ووضعه على دائه بصدق وإيمان وقبول تام واعتقاد جازم، واستيفاء شروطه، لم يقاومه الداء أبدا، وكيف تقاوم الأدواء كلام رب الأرض والسماء، الذي لو نزل على الجبال لصدعها، أو على الأرض لقطعها، فما من مرض من أمراض القلوب والأبدان إلا وفي القرآن سبيل الدلالة على دوائه وسببه والحمية منه لمن رزقه الله فهما في كتابه.

      [زاد المعاد / ج4 ص 352]

      رابعا: حسن الظن بالمسلمين:

      إن إحسان المسلم الظن بإخوانه المسلمين من أهم وسائل سلامة القلب. عن سعيد بن المسيب أنه قال: كتب إلي بعض إخواني من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم أن ضع أمر أخيك على أحسنه ما لم يأتك ما يغلك، ولا تظنن بكلمة خرجت من امرئ مسلم شرا وأنت تجد لها في الخير محملا، ومن عرض نفسه للتهم فلا يلومن إلا نفسه.

      [شعب الإيمان للبيهقي 1/ 323]

      خامسا: النصيحة:

      من أسباب سلامة القلب، حرص المسلم على نصيحة إخوانه سرا، بدون توبيخ أو تشهير، وذلك فيما يعتقد أنه يخالف الكتاب والسنة، ويمكن أن تكون هذه النصيحة بطريقة مباشرة أو غير مباشرة ولكن دون تجريح. قال الفضيل بن عياض: المؤمن يستر وينصح، والفاجر يهتك ويعير.

      سادسا: الدعاء بسلامة القلب:

      ينبغي للمسلم أن يلجأ إلى الله بالدعاء ويرجوه أن يجعل قلبه سليما من الغل والحقد والحسد. والدعاء بسلامة القلب من صفات عباد الرحمن. قال تعالى: (والذين جاءوا من بعدهم يقولون ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان ولا تجعل في قلوبنا غلا للذين آمنوا ربنا إنك رءوف رحيم).

      [الحشر: 10]

      عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: (كان النبي صلى الله عليه وسلم يدعو رب تقبل توبتي واغسل حوبتي وأجب دعوتي وثبت حجتي واهد قلبي، وسدد لساني واسلل سخيمة قلبي).

      [صحيح أبي داود / 1337]

      عن عبد الله بن عمرو بن العاص أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (اللهم، مصرف القلوب صرف قلوبنا على طاعتك).

      [مسلم / ح 2654]

      وعن أنس كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يكثر أن يقول: (يا مقلب القلوب ثبت قلبي).

      [صحيح الترمذي / 1739]

      سابعا: إفشاء السلام:

      إن إفشاء السلام يؤلف بين القلوب المتنافرة وينشر المحبة ويذهب العداوة والبغضاء بين المسلمين.

      عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (لا تدخلون الجنة حتى تؤمنوا، ولا تؤمنوا حتى تحابوا، ألا أدلكم على شيء إذا فعلتموه تحاببتم؟ أفشوا السلام بينكم).

      [مسلم / ح 54]

      ثامنا: الهدية:

      إن للإحسان تأثيرا كبيرا في طبع الإنسان، والقلوب مجبولة على حب من أحسن إليها. ولذا فإن الهدية تؤلف بين القلوب وتذهب العداوة والحسد منها، وتعبر عما في قلب من يقوم بإهدائها من حب واحترام للآخرين، من أجل ذلك حثنا عليها الإسلام. عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (تهادوا تحابوا).

      [صحيح الأدب المفرد / ح 462]

      وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد، وآله وصحبه أجمعين.





      الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول اللَّه، وبعد:

      فما أحوجنا هذه الأيام، التي تلاطمت فيها أمواج الفتن بالمسلمين، أن يُذكِّر بعضنا بعضًا ويأخذ كل منا بيد أخيه، فقد انتشرت ظاهرة سوء الظن بين كثير من المسلمين، ولذا رأيت أن من حق إخواني عليَّ أن أُذِّكرهم بحقيقة القلب السليم، الذي ذكره اللَّه في كتابه، فأقول وبالله التوفيق:حقيقة القلب السليم قال تعالى: )ولا تخزني يوم يبعثون (87) يوم لا ينفع مال ولا بنون (88) إلا من أتى الله بقلب سليم.(

      [الشعراء: 87، 89]

      قال ابن القيم رحمه الله: القلب السليم هو الذي سلم من الشرك والغل والحقد والحسد والشح والكبر وحب الدنيا والرئاسة، فسلم من كل آفة تبعده عن الله، وسلم من كل شبهة تعارض خبره، ومن كل شهوة تعارض أمره، وسلم من كل إرادة تزاحم مراده، وسلم من كل قاطع يقطع عن الله. ولا تتم له سلامته مطلقا حتى يسلم من خمسة أشياء: من شرك يناقض التوحيد، وبدعة تخالف السنة، وشهوة تخالف الأمر، وغفلة تناقض الذكر، وهوى يناقض التجريد والإخلاص. وهذه الخمسة حجب عن الله، وتحت كل واحدة منها أنواع كثيرة، تتضمن أفرادا لا تنحصر. ولذلك اشتدت حاجة العبد، بل ضرورته، إلى أن يسأل الله أن يهديه الصراط المستقيم، فليس العبد أحوج منه إلى هذه الدعوة، وليس شيء أنفع له منها.

      [الجواب الكافي لابن القيم / ص 151]

      لماذا سلامة القلب؟

      عن النعمان بن بشير رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: )إن في الجسد مضغة إذا صلحت، صلح الجسد كله، وإذا فسدت، فسد الجسد كله، ألا وهي القلب ( .

      [البخاري حديث / 52] [مسلم حديث / 1599]

      قال الإمام النووي: في هذا الحديث تأكيد على السعي في صلاح القلب وحمايته من الفساد.

      [مسلم بشرح النووي 6/ 33]

      وقال الحافظ ابن حجر العسقلاني: سمي القلب قلبا لتقلبه في الأمور، أو لأنه خالص ما في البدن، وخالص كل شيء قلبه، أو لأنه وضع في القلب مقلوبا، وقال رحمه الله: وخص القلب بذلك لأنه أمير البدن، وبصلاح الأمير، تصلح الرعية، وبفساده تفسد. وفي هذا الحديث تنبيه على تعظيم قدر القلب، والحث على صلاحه.

      [فتح الباري 1/156 ]

      سلامة قلب النبي صلى الله عليه وسلم:

      قال تعالى مادحا نبيه محمدا صلى الله عليه وسلم: )وإنك لعلى خلق عظيم ( .

      [القلم: 4]

      عن سعد بن هشام بن عامر أنه قال لعائشة رضي الله عنها: (أنبئيني عن خلق رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ قالت: ألست تقرأ القرآن؟ قلت: بلى. قالت: فإن خلق نبي الله صلى الله عليه وسلم كان القرآن).

      [مسلم / ح746 ]

      وعن عائشة رضي الله عنها قالت: قلت: يا رسول الله، هل أتى عليك يوم كان أشد من يوم أحد؟ قال: لقد لقيت من قومك ما لقيت، وكان أشد ما لقيت منهم يوم العقبة إذ عرضت نفسي على ابن عبد ياليل بن عبد كلال، فلم يجبني إلى ما أردت، فانطلقت وأنا مهموم على وجهي، فلم أستفق إلا وأنا بقرن الثعالب، فرفعت رأسي، فإذا أنا بسحابة قد أظلتني، فنظرت، فإذا فيها جبريل، فناداني فقال: إن الله قد سمع قول قومك لك وما ردوا عليك، وقد بعث الله إليك ملك الجبال لتأمره بما شئت، فناداني ملك الجبال فسلم علي، ثم قال: يا محمد، فقال: ذلك فيما شئت إن شئت أن أطبق عليهم الأخشبين. فقال النبي صلى الله عليه وسلم: (بل أرجو أن يخرج الله من أصلابهم من يعبد الله وحده، لا يشرك به شيئا).

      [البخاري / ح3231] [مسلم / ح 1795]

      انظر أخي الكريم: إلى سلامة قلب النبي صلى الله عليه وسلم، فإنه لم يغضب لنفسه ولم يبغض أحدا لذاته، إنما كان أمره لله تعالى وحده. عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: (كأني انظر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يحكي نبيا من الأنبياء، صلوات الله وسلامه عليهم، ضربه قومه فأدموه وهو يمسح الدم عن وجهه ويقول: اللهم اغفر لقومي فإنهم لا يعلمون).

      [البخاري / ح3477] [مسلم / ح 1792]

      قال ابن القيم رحمه الله: تأمل حال النبي صلى الله عليه وسلم إذ ضربه قومه حتى أدموه فجعل يسلت الدم وهو يقول: اللهم اغفر لقومي فإنهم لا يعلمون. كيف جمع في هذه الكلمات أربعة مقامات من الإحسان، قابل بها إساءتهم العظيمة إليه:

      أحدها: عفوه عنهم.

      الثاني: استغفارهم لهم.

      الثالث: اعتذاره عنهم بأنهم لا يعلمون.

      الرابع: استعطافه لهم بإضافتهم إليه

      فقال: اغفر لقومي.

      كما يقول الرجل لمن يشفع عنده فيمن يتصل به هذا ولدي، هذا غلامي، هذا صاحبي فهبه لي.

      [بدائع الفوائد لابن القيم 2/243، 244]

      انظر أخي الكريم: إذا كان هذا هو حال النبي صلى الله عليه وسلم مع أعدائه، فكيف حاله مع أصحابه رضي الله عنهم أجمعين.

      روى الترمذي عن أبي عبد الله الجدلي يقول: سألت عائشة رضي الله عنها عن خلق رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت: (لم يكن فاحشا ولا متفحشا ولا صخابا في الأسواق، ولا يجزي بالسيئة السيئة، ولكن يعفو ويصفح).

      [صحيح الترمذي / ح 1640]

      حرص الرسول صلى الله عليه وسلم على سلامة قلوب أصحابه:

      عن علي بن الحسين، رضي الله عنهما، أن صفية زوج النبي صلى الله عليه وسلم أخبرته أنها جاءت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم تزوره في اعتكافه في المسجد في العشر الأواخر من رمضان، فتحدثت عنده ساعة ثم قامت تنقلب فقام النبي صلى الله عليه وسلم يقلبها، حتى إذا بلغت باب المسجد عند باب أم سلمة مر رجلان من الأنصار فسلما على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (على رسلكما، إنما هي صفية بنت حيي. فقالا: سبحان الله يا رسول الله، وكبر عليهما. فقال النبي صلى الله عليه وسلم: إن الشيطان يبلغ من ابن آدم مبلغ الدم، وإني خشيت أن يقذف في قلوبكما شيئا).

      [البخاري / ح 2035]

      انظر أخي الكريم: كيف أن النبي صلى الله عليه وسلم أراد أن يبعد الشبهة عن نفسه حتى لا يظن به أحد سوءا، ويربي أصحابه، رضي الله عنهم على أن تكون قلوبهم سليمة من سوء الظن بالآخرين.

      سلامة قلوب الصحابة:

      إن سلامة القلب من أهم صفات عباد الرحمن، وأولهم أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم الذين مدحهم الله في كتابه قائلا: (والذين تبوءوا الدار والإيمان من قبلهم يحبون من هاجر إليهم ولا يجدون في صدورهم حاجة مما أوتوا ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة ومن يوق شح نفسه فأولئك هم المفلحون (9) والذين جاءوا من بعدهم يقولون ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان ولا تجعل في قلوبنا غلا للذين آمنوا ربنا إنك رءوف رحيم).

      [الحشر: 9، 10]

      عن أنس بن مالك قال: كنا جلوسا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: (يطلع عليكم الآن رجل من أهل الجنة. فطلع رجل من الأنصار، تنطف لحيته من وضوئه، قد تعلق نعليه في يده الشمال، فلما كان الغد، قال النبي صلى الله عليه وسلم مثل مقالته أيضا، فطلع ذلك الرجل على مثل حاله الأولى، فلما قام النبي صلى الله عليه وسلم، تبعه عبد الله بن عمرو بن العاص، فقال: إني لاحيت أبي، فأقسمت أن لا أدخل عليه ثلاثا، فإن رأيت أن تؤويني إليك حتى تمضي، فعلت. قال: نعم.قال أنس: وكان عبد الله يحدث أنه بات معه تلك الليالي الثلاث، فلم يره يقوم من الليل شيئا، غير أنه إذا تعار وتقلب على فراشه ذكر الله عز وجل، وكبر، حتى يقوم لصلاة الفجر، قال عبد الله: غير أني لم أسمعه يقول إلا خيرا، فلما مضت الثلاث الليالي، وكدت أن احتقر عمله، قلت: يا عبد الله إني لم يكن بيني وبين أبي غضب ولا هجر ثم، ولكن سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ثلاث المرار: يطلع عليكم الآن رجل من أهل الجنة، فطلعت أنت الثلاث مرار، فأردت أن آوي إليك وانظر ما عملك فأقتدي به، فلم أرك تعمل كثير عمل، فما الذي بلغ بك ما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ قال: ما هو إلا ما رأيت، قال: فلما وليت دعاني، فقال: ما هو إلا ما رأيت، غير أني لا أجد في نفسي لأحد من المسلمين غشا ولا أحسد أحدا على خير أعطاه الله إياه، فقال عبد الله: هذه التي بلغت بك وهي التي لا نطيق).

      [مسند أحمد 20/124، 125]

      علي بن أبي طالب رضى الله عنه:

      رأى علي بن أبي طالب، طلحة بن عبيد اللَّه، في وادٍ مُلقى فنزل، فمسح التراب عن وجهه (وكان بينهما قتال) فقال: عزيزٌ عليَّ يا أبا محمد بأن أراك مجندلاً في الأودية، تحت نجوم السماء، إلى اللَّه أشكو عُجري وبُجري. قال الأصمعي: عُجري وبجري: سرائري وأحزاني التي تموج في جوفي.

      [سير أعلام النبلاء 1/ 36]

      وقال أبو حبيبة: مولى طلحة بن عبيد اللَّه، دخلت على علي بن أبي طالب مع عمران بن طلحة، بعد وقعة الجمل، فرحب به وأدناه، ثم قال: إني لأرجو أن يجعلني وأباك ممن قال اللَّه فيهم: (ونزعنا ما في صدورهم من غل إخوانا على سرر متقابلين)

      [الحجر: 47]

      [سير أعلام النبلاء 1/38 ]

      ابن عباس رضي الله عنهما:

      قال ابن بريدة: شتم رجل ابن عباس، فقال: إنك لتشتمني، وفي ثلاث خصال: إني لآتي على الآية من كتاب الله عز وجل، فلوددت أن جميع الناس يعلمون منها ما أعلم، وإني لأسمع بالحاكم من حكام المسلمين يعدل في حكمه فأفرح به ولعلي لا أقاضي إليه أبدا، وإني لأسمع أن الغيث قد أصاب بلدا من بلدان المسلمين فأفرح به وما لي به من سائمة.

      [صفة الصفوة 1/ 754]

      أبو دجانة الأنصاري:

      قال زيد بن أسلم: دخل ناس على أبي دجانة، وهو مريض، وكان وجهه يتهلل، فقيل له: ما لوجهك يتهلل؟ فقال: ما من شيء أوثق عندي من اثنتين: كنت لا أتكلم فيما لا يعنيني، والأخرى، كان قلبي للمسلمين سليما.

      [سير أعلام النبلاء 1/243 ]

      أخي الكريم: قارن بين هذه القلوب السليمة وبين قلوبنا، وحدث ولا حرج.

      الأسباب المعينة على سلامة القلب:

      ذكر أهل العلم أسبابا تعين صاحبها أن يكون من أصحاب القلب السليم، يمكن أن نجملها فيما يلي:

      أولا: إخلاص العمل لله وحده:

      قال تعالى: (قل إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين (162) لا شريك له وبذلك أمرت وأنا أول المسلمين).

      [الأنعام: 162، 163]

      وقال سبحانه: (إنما نطعمكم لوجه الله لا نريد منكم جزاء ولا شكورا).

      [الإنسان: 9]

      وقال جل شأنه: (وما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين حنفاء ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة وذلك دين القيمة).

      [البينة: 5]

      عن زيد بن ثابت أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (ثلاث لا يغل عليهن قلب مسلم أبدا؛ إخلاص العمل لله، ومناصحة ولاة الأمر، ولزوم جماعة المسلمين فإن دعوتهم تحيط من ورائهم).

      [مسند أحمد 35/ 21590]

      قال ابن القيم رحمه الله: في معنى هذا الحديث: أي لا يبقى فيه غل، ولا يحمل الغل مع هذه الثلاثة، بل تنفي عنه غله وتنقيه منه وتخرجه عنه، فإن القلب يغل على الشرك أعظم غل وكذلك يغل على الغش، وعلى خروجه عن جماعة المسلمين بالبدعة، والضلالة، فهذه الثلاثة تملؤه غلا ودغلا. ودواء هذا الغل واستخراج أخلاطه، بتجريد الإخلاص والنصح ومتابعة السنة.

      [مدارج السالكين 2/90 ]

      وقال ابن الأثير رحمه الله: في معنى هذا الحديث أيضا: هذه الخلال الثلاث تستصلح بها القلوب، فمن تمسك بها طهر قلبه من الخيانة والدغل والشر.

      [النهاية في غريب الحديث 3/ 381]

      ثانيا: رضا المسلم عن ربه:

      المقصود برضى العبد عن ربه هو الرضى عنه في كل ما قضى وقدر.

      [مدارج السالكين 2/ 183]

      قال ابن القيم رحمه الله وهو يتحدث عن منزلة الرضى: إن الرضى يفتح للعبد باب السلامة فيجعل قلبه سليما نقيا من الغش والدغل والغل، ولا ينجو من عذاب الله إلا من أتى الله بقلب سليم، وتستحيل سلامة القلب مع السخط وعدم الرضا. وكلما كان العبد أشد رضى كان قلبه أسلم. فالخبث والدغل والغش قرين السخط، وسلامة القلب ورضاه وبره ونصحه قرين الرضى، وكذلك الحسد هو من ثمرات السخط، وسلامة القلب منه من ثمرات الرضى.

      [مدارج السالكين 2/ 207]

      ثالثا: تلاوة القرآن:

      إن تلاوة القرآن الكريم هي أعظم دواء لأمراض القلوب بشرط أن تجد قلبا يقبل الحق ويرفض الباطل. قال تعالى: )يا أيها الناس قد جاءتكم موعظة من ربكم وشفاء لما في الصدور ( .

      [يونس: 57]

      وقال سبحانه: (وننزل من القرآن ما هو شفاء ورحمة للمؤمنين).

      [الإسراء: 82]

      قال ابن القيم رحمه الله: القرآن هو الشفاء التام من جميع الأدواء القلبية والبدنية، وأدواء الدنيا والآخرة، وما كل أحد يؤهل ويوفق للاستشفاء به وإذا أحسن العليل التداوي به، ووضعه على دائه بصدق وإيمان وقبول تام واعتقاد جازم، واستيفاء شروطه، لم يقاومه الداء أبدا، وكيف تقاوم الأدواء كلام رب الأرض والسماء، الذي لو نزل على الجبال لصدعها، أو على الأرض لقطعها، فما من مرض من أمراض القلوب والأبدان إلا وفي القرآن سبيل الدلالة على دوائه وسببه والحمية منه لمن رزقه الله فهما في كتابه.

      [زاد المعاد / ج4 ص 352]

      رابعا: حسن الظن بالمسلمين:

      إن إحسان المسلم الظن بإخوانه المسلمين من أهم وسائل سلامة القلب. عن سعيد بن المسيب أنه قال: كتب إلي بعض إخواني من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم أن ضع أمر أخيك على أحسنه ما لم يأتك ما يغلك، ولا تظنن بكلمة خرجت من امرئ مسلم شرا وأنت تجد لها في الخير محملا، ومن عرض نفسه للتهم فلا يلومن إلا نفسه.

      [شعب الإيمان للبيهقي 1/ 323]

      خامسا: النصيحة:

      من أسباب سلامة القلب، حرص المسلم على نصيحة إخوانه سرا، بدون توبيخ أو تشهير، وذلك فيما يعتقد أنه يخالف الكتاب والسنة، ويمكن أن تكون هذه النصيحة بطريقة مباشرة أو غير مباشرة ولكن دون تجريح. قال الفضيل بن عياض: المؤمن يستر وينصح، والفاجر يهتك ويعير.

      سادسا: الدعاء بسلامة القلب:

      ينبغي للمسلم أن يلجأ إلى الله بالدعاء ويرجوه أن يجعل قلبه سليما من الغل والحقد والحسد. والدعاء بسلامة القلب من صفات عباد الرحمن. قال تعالى: (والذين جاءوا من بعدهم يقولون ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان ولا تجعل في قلوبنا غلا للذين آمنوا ربنا إنك رءوف رحيم).

      [الحشر: 10]

      عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: (كان النبي صلى الله عليه وسلم يدعو رب تقبل توبتي واغسل حوبتي وأجب دعوتي وثبت حجتي واهد قلبي، وسدد لساني واسلل سخيمة قلبي).

      [صحيح أبي داود / 1337]

      عن عبد الله بن عمرو بن العاص أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (اللهم، مصرف القلوب صرف قلوبنا على طاعتك).

      [مسلم / ح 2654]

      وعن أنس كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يكثر أن يقول: (يا مقلب القلوب ثبت قلبي).

      [صحيح الترمذي / 1739]

      سابعا: إفشاء السلام:

      إن إفشاء السلام يؤلف بين القلوب المتنافرة وينشر المحبة ويذهب العداوة والبغضاء بين المسلمين.

      عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (لا تدخلون الجنة حتى تؤمنوا، ولا تؤمنوا حتى تحابوا، ألا أدلكم على شيء إذا فعلتموه تحاببتم؟ أفشوا السلام بينكم).

      [مسلم / ح 54]

      ثامنا: الهدية:

      إن للإحسان تأثيرا كبيرا في طبع الإنسان، والقلوب مجبولة على حب من أحسن إليها. ولذا فإن الهدية تؤلف بين القلوب وتذهب العداوة والحسد منها، وتعبر عما في قلب من يقوم بإهدائها من حب واحترام للآخرين، من أجل ذلك حثنا عليها الإسلام. عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (تهادوا تحابوا).

      [صحيح الأدب المفرد / ح 462]

      وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد، وآله وصحبه أجمعين.




      الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول اللَّه، وبعد:

      فما أحوجنا هذه الأيام، التي تلاطمت فيها أمواج الفتن بالمسلمين، أن يُذكِّر بعضنا بعضًا ويأخذ كل منا بيد أخيه، فقد انتشرت ظاهرة سوء الظن بين كثير من المسلمين، ولذا رأيت أن من حق إخواني عليَّ أن أُذِّكرهم بحقيقة القلب السليم، الذي ذكره اللَّه في كتابه، فأقول وبالله التوفيق:حقيقة القلب السليم قال تعالى: )ولا تخزني يوم يبعثون (87) يوم لا ينفع مال ولا بنون (88) إلا من أتى الله بقلب سليم.(

      [الشعراء: 87، 89]

      قال ابن القيم رحمه الله: القلب السليم هو الذي سلم من الشرك والغل والحقد والحسد والشح والكبر وحب الدنيا والرئاسة، فسلم من كل آفة تبعده عن الله، وسلم من كل شبهة تعارض خبره، ومن كل شهوة تعارض أمره، وسلم من كل إرادة تزاحم مراده، وسلم من كل قاطع يقطع عن الله. ولا تتم له سلامته مطلقا حتى يسلم من خمسة أشياء: من شرك يناقض التوحيد، وبدعة تخالف السنة، وشهوة تخالف الأمر، وغفلة تناقض الذكر، وهوى يناقض التجريد والإخلاص. وهذه الخمسة حجب عن الله، وتحت كل واحدة منها أنواع كثيرة، تتضمن أفرادا لا تنحصر. ولذلك اشتدت حاجة العبد، بل ضرورته، إلى أن يسأل الله أن يهديه الصراط المستقيم، فليس العبد أحوج منه إلى هذه الدعوة، وليس شيء أنفع له منها.

      [الجواب الكافي لابن القيم / ص 151]

      لماذا سلامة القلب؟

      عن النعمان بن بشير رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: )إن في الجسد مضغة إذا صلحت، صلح الجسد كله، وإذا فسدت، فسد الجسد كله، ألا وهي القلب ( .

      [البخاري حديث / 52] [مسلم حديث / 1599]

      قال الإمام النووي: في هذا الحديث تأكيد على السعي في صلاح القلب وحمايته من الفساد.

      [مسلم بشرح النووي 6/ 33]

      وقال الحافظ ابن حجر العسقلاني: سمي القلب قلبا لتقلبه في الأمور، أو لأنه خالص ما في البدن، وخالص كل شيء قلبه، أو لأنه وضع في القلب مقلوبا، وقال رحمه الله: وخص القلب بذلك لأنه أمير البدن، وبصلاح الأمير، تصلح الرعية، وبفساده تفسد. وفي هذا الحديث تنبيه على تعظيم قدر القلب، والحث على صلاحه.

      [فتح الباري 1/156 ]

      سلامة قلب النبي صلى الله عليه وسلم:

      قال تعالى مادحا نبيه محمدا صلى الله عليه وسلم: )وإنك لعلى خلق عظيم ( .

      [القلم: 4]

      عن سعد بن هشام بن عامر أنه قال لعائشة رضي الله عنها: (أنبئيني عن خلق رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ قالت: ألست تقرأ القرآن؟ قلت: بلى. قالت: فإن خلق نبي الله صلى الله عليه وسلم كان القرآن).

      [مسلم / ح746 ]

      وعن عائشة رضي الله عنها قالت: قلت: يا رسول الله، هل أتى عليك يوم كان أشد من يوم أحد؟ قال: لقد لقيت من قومك ما لقيت، وكان أشد ما لقيت منهم يوم العقبة إذ عرضت نفسي على ابن عبد ياليل بن عبد كلال، فلم يجبني إلى ما أردت، فانطلقت وأنا مهموم على وجهي، فلم أستفق إلا وأنا بقرن الثعالب، فرفعت رأسي، فإذا أنا بسحابة قد أظلتني، فنظرت، فإذا فيها جبريل، فناداني فقال: إن الله قد سمع قول قومك لك وما ردوا عليك، وقد بعث الله إليك ملك الجبال لتأمره بما شئت، فناداني ملك الجبال فسلم علي، ثم قال: يا محمد، فقال: ذلك فيما شئت إن شئت أن أطبق عليهم الأخشبين. فقال النبي صلى الله عليه وسلم: (بل أرجو أن يخرج الله من أصلابهم من يعبد الله وحده، لا يشرك به شيئا).

      [البخاري / ح3231] [مسلم / ح 1795]

      انظر أخي الكريم: إلى سلامة قلب النبي صلى الله عليه وسلم، فإنه لم يغضب لنفسه ولم يبغض أحدا لذاته، إنما كان أمره لله تعالى وحده. عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: (كأني انظر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يحكي نبيا من الأنبياء، صلوات الله وسلامه عليهم، ضربه قومه فأدموه وهو يمسح الدم عن وجهه ويقول: اللهم اغفر لقومي فإنهم لا يعلمون).

      [البخاري / ح3477] [مسلم / ح 1792]

      قال ابن القيم رحمه الله: تأمل حال النبي صلى الله عليه وسلم إذ ضربه قومه حتى أدموه فجعل يسلت الدم وهو يقول: اللهم اغفر لقومي فإنهم لا يعلمون. كيف جمع في هذه الكلمات أربعة مقامات من الإحسان، قابل بها إساءتهم العظيمة إليه:

      أحدها: عفوه عنهم.

      الثاني: استغفارهم لهم.

      الثالث: اعتذاره عنهم بأنهم لا يعلمون.

      الرابع: استعطافه لهم بإضافتهم إليه

      فقال: اغفر لقومي.

      كما يقول الرجل لمن يشفع عنده فيمن يتصل به هذا ولدي، هذا غلامي، هذا صاحبي فهبه لي.

      [بدائع الفوائد لابن القيم 2/243، 244]

      انظر أخي الكريم: إذا كان هذا هو حال النبي صلى الله عليه وسلم مع أعدائه، فكيف حاله مع أصحابه رضي الله عنهم أجمعين.

      روى الترمذي عن أبي عبد الله الجدلي يقول: سألت عائشة رضي الله عنها عن خلق رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت: (لم يكن فاحشا ولا متفحشا ولا صخابا في الأسواق، ولا يجزي بالسيئة السيئة، ولكن يعفو ويصفح).

      [صحيح الترمذي / ح 1640]

      حرص الرسول صلى الله عليه وسلم على سلامة قلوب أصحابه:

      عن علي بن الحسين، رضي الله عنهما، أن صفية زوج النبي صلى الله عليه وسلم أخبرته أنها جاءت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم تزوره في اعتكافه في المسجد في العشر الأواخر من رمضان، فتحدثت عنده ساعة ثم قامت تنقلب فقام النبي صلى الله عليه وسلم يقلبها، حتى إذا بلغت باب المسجد عند باب أم سلمة مر رجلان من الأنصار فسلما على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (على رسلكما، إنما هي صفية بنت حيي. فقالا: سبحان الله يا رسول الله، وكبر عليهما. فقال النبي صلى الله عليه وسلم: إن الشيطان يبلغ من ابن آدم مبلغ الدم، وإني خشيت أن يقذف في قلوبكما شيئا).

      [البخاري / ح 2035]

      انظر أخي الكريم: كيف أن النبي صلى الله عليه وسلم أراد أن يبعد الشبهة عن نفسه حتى لا يظن به أحد سوءا، ويربي أصحابه، رضي الله عنهم على أن تكون قلوبهم سليمة من سوء الظن بالآخرين.

      سلامة قلوب الصحابة:

      إن سلامة القلب من أهم صفات عباد الرحمن، وأولهم أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم الذين مدحهم الله في كتابه قائلا: (والذين تبوءوا الدار والإيمان من قبلهم يحبون من هاجر إليهم ولا يجدون في صدورهم حاجة مما أوتوا ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة ومن يوق شح نفسه فأولئك هم المفلحون (9) والذين جاءوا من بعدهم يقولون ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان ولا تجعل في قلوبنا غلا للذين آمنوا ربنا إنك رءوف رحيم).

      [الحشر: 9، 10]

      عن أنس بن مالك قال: كنا جلوسا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: (يطلع عليكم الآن رجل من أهل الجنة. فطلع رجل من الأنصار، تنطف لحيته من وضوئه، قد تعلق نعليه في يده الشمال، فلما كان الغد، قال النبي صلى الله عليه وسلم مثل مقالته أيضا، فطلع ذلك الرجل على مثل حاله الأولى، فلما قام النبي صلى الله عليه وسلم، تبعه عبد الله بن عمرو بن العاص، فقال: إني لاحيت أبي، فأقسمت أن لا أدخل عليه ثلاثا، فإن رأيت أن تؤويني إليك حتى تمضي، فعلت. قال: نعم.قال أنس: وكان عبد الله يحدث أنه بات معه تلك الليالي الثلاث، فلم يره يقوم من الليل شيئا، غير أنه إذا تعار وتقلب على فراشه ذكر الله عز وجل، وكبر، حتى يقوم لصلاة الفجر، قال عبد الله: غير أني لم أسمعه يقول إلا خيرا، فلما مضت الثلاث الليالي، وكدت أن احتقر عمله، قلت: يا عبد الله إني لم يكن بيني وبين أبي غضب ولا هجر ثم، ولكن سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ثلاث المرار: يطلع عليكم الآن رجل من أهل الجنة، فطلعت أنت الثلاث مرار، فأردت أن آوي إليك وانظر ما عملك فأقتدي به، فلم أرك تعمل كثير عمل، فما الذي بلغ بك ما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ قال: ما هو إلا ما رأيت، قال: فلما وليت دعاني، فقال: ما هو إلا ما رأيت، غير أني لا أجد في نفسي لأحد من المسلمين غشا ولا أحسد أحدا على خير أعطاه الله إياه، فقال عبد الله: هذه التي بلغت بك وهي التي لا نطيق).

      [مسند أحمد 20/124، 125]

      علي بن أبي طالب رضى الله عنه:

      رأى علي بن أبي طالب، طلحة بن عبيد اللَّه، في وادٍ مُلقى فنزل، فمسح التراب عن وجهه (وكان بينهما قتال) فقال: عزيزٌ عليَّ يا أبا محمد بأن أراك مجندلاً في الأودية، تحت نجوم السماء، إلى اللَّه أشكو عُجري وبُجري. قال الأصمعي: عُجري وبجري: سرائري وأحزاني التي تموج في جوفي.

      [سير أعلام النبلاء 1/ 36]

      وقال أبو حبيبة: مولى طلحة بن عبيد اللَّه، دخلت على علي بن أبي طالب مع عمران بن طلحة، بعد وقعة الجمل، فرحب به وأدناه، ثم قال: إني لأرجو أن يجعلني وأباك ممن قال اللَّه فيهم: (ونزعنا ما في صدورهم من غل إخوانا على سرر متقابلين)

      [الحجر: 47]

      [سير أعلام النبلاء 1/38 ]

      ابن عباس رضي الله عنهما:

      قال ابن بريدة: شتم رجل ابن عباس، فقال: إنك لتشتمني، وفي ثلاث خصال: إني لآتي على الآية من كتاب الله عز وجل، فلوددت أن جميع الناس يعلمون منها ما أعلم، وإني لأسمع بالحاكم من حكام المسلمين يعدل في حكمه فأفرح به ولعلي لا أقاضي إليه أبدا، وإني لأسمع أن الغيث قد أصاب بلدا من بلدان المسلمين فأفرح به وما لي به من سائمة.

      [صفة الصفوة 1/ 754]

      أبو دجانة الأنصاري:

      قال زيد بن أسلم: دخل ناس على أبي دجانة، وهو مريض، وكان وجهه يتهلل، فقيل له: ما لوجهك يتهلل؟ فقال: ما من شيء أوثق عندي من اثنتين: كنت لا أتكلم فيما لا يعنيني، والأخرى، كان قلبي للمسلمين سليما.

      [سير أعلام النبلاء 1/243 ]

      أخي الكريم: قارن بين هذه القلوب السليمة وبين قلوبنا، وحدث ولا حرج.

      الأسباب المعينة على سلامة القلب:

      ذكر أهل العلم أسبابا تعين صاحبها أن يكون من أصحاب القلب السليم، يمكن أن نجملها فيما يلي:

      أولا: إخلاص العمل لله وحده:

      قال تعالى: (قل إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين (162) لا شريك له وبذلك أمرت وأنا أول المسلمين).

      [الأنعام: 162، 163]

      وقال سبحانه: (إنما نطعمكم لوجه الله لا نريد منكم جزاء ولا شكورا).

      [الإنسان: 9]

      وقال جل شأنه: (وما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين حنفاء ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة وذلك دين القيمة).

      [البينة: 5]

      عن زيد بن ثابت أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (ثلاث لا يغل عليهن قلب مسلم أبدا؛ إخلاص العمل لله، ومناصحة ولاة الأمر، ولزوم جماعة المسلمين فإن دعوتهم تحيط من ورائهم).

      [مسند أحمد 35/ 21590]

      قال ابن القيم رحمه الله: في معنى هذا الحديث: أي لا يبقى فيه غل، ولا يحمل الغل مع هذه الثلاثة، بل تنفي عنه غله وتنقيه منه وتخرجه عنه، فإن القلب يغل على الشرك أعظم غل وكذلك يغل على الغش، وعلى خروجه عن جماعة المسلمين بالبدعة، والضلالة، فهذه الثلاثة تملؤه غلا ودغلا. ودواء هذا الغل واستخراج أخلاطه، بتجريد الإخلاص والنصح ومتابعة السنة.

      [مدارج السالكين 2/90 ]

      وقال ابن الأثير رحمه الله: في معنى هذا الحديث أيضا: هذه الخلال الثلاث تستصلح بها القلوب، فمن تمسك بها طهر قلبه من الخيانة والدغل والشر.

      [النهاية في غريب الحديث 3/ 381]

      ثانيا: رضا المسلم عن ربه:

      المقصود برضى العبد عن ربه هو الرضى عنه في كل ما قضى وقدر.

      [مدارج السالكين 2/ 183]

      قال ابن القيم رحمه الله وهو يتحدث عن منزلة الرضى: إن الرضى يفتح للعبد باب السلامة فيجعل قلبه سليما نقيا من الغش والدغل والغل، ولا ينجو من عذاب الله إلا من أتى الله بقلب سليم، وتستحيل سلامة القلب مع السخط وعدم الرضا. وكلما كان العبد أشد رضى كان قلبه أسلم. فالخبث والدغل والغش قرين السخط، وسلامة القلب ورضاه وبره ونصحه قرين الرضى، وكذلك الحسد هو من ثمرات السخط، وسلامة القلب منه من ثمرات الرضى.

      [مدارج السالكين 2/ 207]

      ثالثا: تلاوة القرآن:

      إن تلاوة القرآن الكريم هي أعظم دواء لأمراض القلوب بشرط أن تجد قلبا يقبل الحق ويرفض الباطل. قال تعالى: )يا أيها الناس قد جاءتكم موعظة من ربكم وشفاء لما في الصدور ( .

      [يونس: 57]

      وقال سبحانه: (وننزل من القرآن ما هو شفاء ورحمة للمؤمنين).

      [الإسراء: 82]

      قال ابن القيم رحمه الله: القرآن هو الشفاء التام من جميع الأدواء القلبية والبدنية، وأدواء الدنيا والآخرة، وما كل أحد يؤهل ويوفق للاستشفاء به وإذا أحسن العليل التداوي به، ووضعه على دائه بصدق وإيمان وقبول تام واعتقاد جازم، واستيفاء شروطه، لم يقاومه الداء أبدا، وكيف تقاوم الأدواء كلام رب الأرض والسماء، الذي لو نزل على الجبال لصدعها، أو على الأرض لقطعها، فما من مرض من أمراض القلوب والأبدان إلا وفي القرآن سبيل الدلالة على دوائه وسببه والحمية منه لمن رزقه الله فهما في كتابه.

      [زاد المعاد / ج4 ص 352]

      رابعا: حسن الظن بالمسلمين:

      إن إحسان المسلم الظن بإخوانه المسلمين من أهم وسائل سلامة القلب. عن سعيد بن المسيب أنه قال: كتب إلي بعض إخواني من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم أن ضع أمر أخيك على أحسنه ما لم يأتك ما يغلك، ولا تظنن بكلمة خرجت من امرئ مسلم شرا وأنت تجد لها في الخير محملا، ومن عرض نفسه للتهم فلا يلومن إلا نفسه.

      [شعب الإيمان للبيهقي 1/ 323]

      خامسا: النصيحة:

      من أسباب سلامة القلب، حرص المسلم على نصيحة إخوانه سرا، بدون توبيخ أو تشهير، وذلك فيما يعتقد أنه يخالف الكتاب والسنة، ويمكن أن تكون هذه النصيحة بطريقة مباشرة أو غير مباشرة ولكن دون تجريح. قال الفضيل بن عياض: المؤمن يستر وينصح، والفاجر يهتك ويعير.

      سادسا: الدعاء بسلامة القلب:

      ينبغي للمسلم أن يلجأ إلى الله بالدعاء ويرجوه أن يجعل قلبه سليما من الغل والحقد والحسد. والدعاء بسلامة القلب من صفات عباد الرحمن. قال تعالى: (والذين جاءوا من بعدهم يقولون ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان ولا تجعل في قلوبنا غلا للذين آمنوا ربنا إنك رءوف رحيم).




      سر ابتلاء المؤمنين
      ونحن في أيام الإسراء والمعراج سنتناول سوياً حكمة الإسراء والمعراج التي نحتاجها جميعاً الآن في حياتنا لنستعين بها على أداء أحكام ديننا ونتعاون بها على أداء ما كلّفنا به ربنا حتى نخرج من الدنيا وقد نلنا رضا الله وحُزْنا ما نبغيه من الجنة التي أعدها الله للصالحين من عباد الله إن الأمر الذي سنتحدث فيه هو الأسوة الحسنة التي قال لنا فيها الله {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيراً } إن كثيراً من المسلمين الآن الذين يُظهرون شعائر الإسلام ويتمسكون بهدي المصطفى في تعاملهم بين الأنام يتعرضون لبعض المشاق في أعمالهم ولبعض العَنَت في بيوتهم ومع جيرانهم والبعض منهم قد يُسئ الظن والعياذ بالله من الله ويقول بلسان حاله وإن لم ينطق بذلك لسانه يا ربَّ أنا مؤمن بك ومُصدق بكتابك ومتبع لنبيك وأمشي على نهج قرآنك وأنفّذ تعاليم شريعتك فلماذا لا تضر الذي يضرني؟ ولماذا لا تكيد الذي يكيدني؟ ولماذا لا تتولى قهر من عاداني وحسدني؟ولا يزال يقول حتى يقول لقد تخليت عني وتركتني وهذا أمرٌ يحدث لكثير من الناس إذا تعرضوا لبعض المشاق في حياتهم أو لبعض المتاعب في تعاملاتهم في العمل أو في البيت أو مع الجيران أو مع الأهل والأقارب أو مع التجار في الأسواق وغيرهم والله لم ينسنا طرفة عين ولا أقل ولكنه قال لنا ولمن قبلنا ولمن بعدنا [الم أَحَسِبَ النَّاسُ أَن يُتْرَكُوا أَن يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ] الإيمان لابد له من امتحان حتى يثبت للرحمن صدق دعوى الإيمان فيبدو للذي يتعرض للامتحان إما أن يصبر على أمر الله ويرضى بما قدّره مولاه وإذا فعل ذلك جاءته النجدة والإغاثة من الله وجاءه العون من ملائكة الله وفرّج الله عنه كل كرب وقهر أعداءه، ولكن بعد أن يرضى بما قدّره مولاه. أما الذي يتعجل الأمور ويريد أن تسير الأكوان على وفق هواه ويظن أنه ما دام يعبد الله فلابد أن يكون الخلق جميعاً طوع أمره ورهن إشارته فهذا غافلٌ عن حكمة الله في امتحان أهل الإيمان بالله هذا أكرم رجل خلقه الله على الله وأحب حبيب إلى الله بين عباد الله ناصبه أهله جميعاً العداء وحبسوه بين جبلين هو ومن آمن به ثلاث سنوات لا يطعمونهم ولا يبيعون لهم ولا يشترون منهم ولا يزوجونهم ولا يتزوجون منهم حتى وصل الأمر إلى الغاية القصوى من البؤس والضرّ له صلى الله عليه وسلم ومَنْ معه ولم يكتفوا بذلك بل أخذوا يعذبون أصحابه بشتى أصناف العذاب ويتفنّون لهم في كل ما يخطر على بالهم من أنواع العقاب وعندما ذهب إليه بعضهم ليشتكي غضب رسول الله وقال لهم { إنَّ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ لَـيُؤْخَذُ الرجلُ فَـيُحْفَرُ لَهُ الـحُفْرَةَ فَـيُوضَعُ الـمِنْشَارُ علـى رَأْسِهِ فَـيُشَقُّ باثنتـينِ ما يَصْرِفُهُ عن دينِهِ أَوْ يُـمْشَطُ بأمشاطِ الـحديدِ ما بـينَ عَصَبِهِ وَلَـحْمِهِ ما يَصْرِفُهُ عنْ دِينِهِ }[1] لا يغيره ذلك عن عقيدته في الله ولا يحوله عن الإيمان بالله ولم يزالون به حتى اضطروه إلى الخروج من بينهم فذهب إلى الطائف وظنَّ من ظنَّ أن الأمر سيتحول وأن عناية الله ستلاحقه وسيجد من يستقبلونه بالعناق والأحضان معلنين الإيمان به ومصدقين بالقرآن لكن الأمر كان بخلاف ذلك فقد سلّطوا عليه صبيانهم وأغروا به عبيدهم يرمونه بالحجارة ويسّبونه بأفظع الألفاظ ولا يزالون به حتى خرج من بلدهم صلوات الله وسلامه عليه ماذا فعل؟ تخلّى عنه الجميع ولكن باب القريب السميع مفتوح وما دام باب الله مفتوحاً فلا ييأس المؤمن من رحمة الله ولا يقنط من فرج الله لأن الله لو نظر إلى عبده طرفة عين برحمة وشفقة وحنان لبدّل عُسره إلى يسر وكربه إلى فرج وزال عنه الضرّ والبأساء وجعله من عباده السعداء فتوجه النبي إلى الله بعد أن يأس من نُصرة عباد الله وكفى بالله ولياً وكفى بالله نصيراً ماذا حدث؟ جاءه الفرج والنصر وجاءه الرضا وجاءه اليُسر من الله فجاءه الأمين جبريل وفرّحه بفضل الله العلي الكبير وأخذه إلى موضع مسجده الشريف وقال له: أبشر ها هنا دار هجرتك فإن الله سيحولك إلى هذا المكان وتجد فيه أنصاراً يعاونوك على نشر دين الرحمن ثم أخذه ليلتقي بإخوانه من الأنبياء والمرسلين ليتعرف منهم على ما لاقوه في دعوة الخلق إلى الله فوجد أنهم جميعاً قد لاقوا مثل ما لاقى لم يجد أحدهم الطريق مفروشاً بالورود ولم يجد أحدهم الناس على أحر من الجمر ينتظرونه بعد تلقي الوحي بل وجدوا العنت والضيق والشدة والكرب ولكنهم صبروا لأمر الله ففرّج الله عنهم كل ضائقة في هذه الحياة {وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يُوقِنُونَ } فلنعلم جميعاً علم اليقين أن المخرج لنا أجمعين من كل ضائقة ومن كل شدة نتعرض لها في أجسامنا أو في حياتنا أو في آمالنا إنما هو الصبر الجميل الذي أمر الله به المؤمنين والمؤمنات { فَصَبْرٌ جَمِيلٌ وَاللّهُ الْمُسْتَعَانُ عَلَى مَا تَصِفُونَ} فمن صبر لأمر الله ولم يتحول ولم يتغير عن أحكام دين الله وعن تعاليم شرع الله فإن الله سينصره ولو بعد حين فالموظف الأمين الذي يريد من حوله أن يستدرجوه ليخون الأمانة أو ليقبل الرشوة عليه أن يصبر لأمر الله ولا يتحول عن دينه ولا يغير مبدأه أبداً أسوة بما فعل رسول الله وأصحابه الكرام والأنبياء والمرسلون أجمعون فإذا صبر وصدق في صبره فرَّج الله كربه وأزال الله عسره ونصره الله على أعدائه وقال في شأنهم وفي شأن أمثالهم مطمئنناً قلوبهم وقلوبنا {وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللّهُ وَاللّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ} فمن تعذر عليه مثلاً أن يبني حياته وحياة أولاده بالطريق المستقيم وبالهدى المحمدي القويم قد يغريه إخوانه التجار بغش البضاعة وغش الكيل والميزان وخداع المشترين بشتى الأساليب التي يخترعونها ويبتكرونها ليبتزون أموال الناس بها لأنهم يريدون أن يعلون في الأرض بطرفة عين فهل يستجيب لهم لا ولكنه إذا صبر لأمر الله ولم يغير طريقة التعامل التي هدانا إليها كتاب الله فإن الله سيعزّه بين القوم اللئام ويجعل له العزة في الدنيا والثواب يوم لقاء الملك العلام لأنه تمسك بأمر الله ولم يتحول عن الإيمان بالله ولم يغير المبادئ القويمة والأحكام الكريمة التي جاءته من عند الله وكذا المدرس الحكيم الذي يُرضي الله في عمله ولا ينتظر درساً بعد عمله إلا لمن كان محتاجاً إلى عِلْمه فإن الله يُعزُّه بين المتكالبين على الدروس الخصوصية وجعلوا حياتهم سعيراً فلا يبارك لهم في أولادهم ويجعل حياتهم جحيماً مع كثرة الأموال التي في حوزتهم ويبارك له في أولاده ويجعلهم في الدنيا مصلحين وفي الآخرة سعداء وناجين، لأنه تمسك بهدى رسول الله وهكذا الأمر يا إخواني في كل عمل وفي كل وظيفة وقد قال النبي {لاَ تَزَالُ طَائِفَةٌ مِنْ أُمَّتِي قَائِمَةً بِأَمْرِ اللّهِ لاَ يَضُرُّهُمْ مَنْ خَذَلَهُمْ أَوْ خَالَفَهُمْ حَتَّىٰ يَأْتِيَ أَمْرُ اللّهِ وَهُمْ ظَاهِرُونَ عَلَى النَّاس}[2] وهؤلاء عليهم الصبر في امتحان الإيمان على الجهاد بتعاليم القرآن والعمل بسنة النبي العدنان فلا يغيرون ولا يُبدّلون حتى يدخلون في قول الله {مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُم مَّن قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُم مَّن يَنتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلاً } وهؤلاء وعدهم الله ووعده لا يتخلّف {لَيَسْتَخْلِفَنَّهُم فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُم مِّن بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْناً} وما هي إلا لحظة صبر قصيرة يعقبها حياة عزة طويلة إعزازاً بنصر الله لعباد الله المؤمنين قال الحبيب {مَنْ تَمَسَّكَ بِسُنَّتِي عِنْدَ فَسَادِ أُمَّتِي فَلَهُ أَجْرُ مِائَةِ شَهِيدٍ}[3] وقال { إِني لَمُشْتَاقٌ إِلى إِخْوَاني، فَقَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَلَسْنَا إِخْوَانُكَ؟ قَالَ: لاَ أَنْتُمْ أَصْحَابِي إِخْوَاني قَوْمٌ آمَنُوا بِي وَلَمْ يَرُوني عمل الواحد منهم بسبعين منكم قال: بسبعين منّا أو منهم يا رسول الله؟ قال: بل بسبعين منكم أنتم تجدون على الحق أعواناً وهم لا يجدون}[4] اسمعوا إلى وصية الله ليّ ولكم تسعدوا وتفلحوا في حياتكم وتكونوا من السعداء بعد لقاء ربكم {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اصْبِرُواْ وَصَابِرُواْ وَرَابِطُواْ وَاتَّقُواْ اللّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ } لا يغرنكم كثرة الهالكين ولا يفسدنّ أمركم كثرة الجاحدين بنعمة رب العالمين فإن الدنيا إلى زوال وما من يوم إلا نُودّع فيه أناساً إلى الله ويخرج المرء منهم كما دخل الدنيا عارياً ليس معه إلا العمل الصالح الذي قدمه في هذه الحياة ومناد الله يقول له {وَلَقَدْ جِئْتُمُونَا فُرَادَى كَمَا خَلَقْنَاكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ} فلا يرى معه شفيعاً ولا معيناً ولا مؤازراً ولا مساعداً إلا عمله الصالح ليس معه عشيرة عنه يدافعون ولا محامون بأمره يتصرفون لأن الكل قد تخلى عنه بعد أن صار في رحاب الله والمؤمن عندما يتذكر تلك الساعة يُحْسن العمل ويصلح شأن نفسه فعليك دائماً أن تتذكر أنك مسافر إلى الله {وَأَنَّ إِلَى رَبِّكَ الْمُنتَهَى} وأن هذا السفر ربما يكون الآن فربما تضع لقمة في فيك لا تُكمل مضغها وربما وأنت تسير في الطريق تقع ويحملونك إلى حيث لا أهل ولا رفيق وفي تلك الساعة ماذا أعددت؟ وماذا جهّزت للقاء الكريم ؟لن تستطيع البطن أن تشكرك ها هنا على ما أطعمتها من فنون الأطعمة وألوان المشروبات ولن يُقدم لك الجسم الشكر على أنك أنعمت عليه بالنوم هنا وبالسفر إلى هذه الجهات وتلكم المصايف وغيرها وإنما لا ينفع الإنسان إلا ما يقدمه للرحمن من طاعة وعبادة وحسن سلوك وصبر وإرادة لله فاجعلوا الموت منكم على بال وتذكروا دائماً أنكم عن الدنيا قريباً راحلون وإلى الله سائرون وعن الأهل والجميع راحلون ولن ينفعكم في هذا اليوم إلا ما أنتم له لله عاملون
      التعديل الأخير تم بواسطة هايمه بذكراك ; 25-07-2012 الساعة 03:49 PM سبب آخر: تكبير الخط
      [imgl]http://im20.gulfup.com/2012-07-15/1342337663391.png[/imgl]

    2. #2
      الصورة الرمزية شمس ألاحلام
      تاريخ التسجيل
      Dec 2010
      المشاركات
      10,697
      معدل تقييم المستوى
      77

      افتراضي رد: سر ابتلاء المؤمنين

      [read]
      جزاك الله خيـر
      وجعله في موازين حسناتك

      آنآر الله قلبك بالآيمآن وطآعة الرحمن

      [/read]

    3. #3
      فوضوي له مكانه الصورة الرمزية هايمه بذكراك
      تاريخ التسجيل
      Feb 2011
      الدولة
      اليوم فوق الأرض و غداً تحتها
      المشاركات
      40,683
      معدل تقييم المستوى
      138

      افتراضي رد: سر ابتلاء المؤمنين

      ,
      جزاك ربي جنــان الخلد غاليتي
      جعله ربي في ميزان حسناتك
      الباري يسعدك
      تقبلي مروري :82:
      أستغفر الله مِن كل زلل
      قول كان أو عمل ،
      أستغفر الله مِن كل خطيئهّ
      سِرًا كانت أو علن .

    4. #4
      الصورة الرمزية بنت ابوها
      تاريخ التسجيل
      Jul 2010
      المشاركات
      7,134
      معدل تقييم المستوى
      72

      افتراضي رد: سر ابتلاء المؤمنين

      جَزَّاكَ اللهَ خَيْرِ الْجِزَاءِ
      عَلَى هَذَا الطَّرْحِ الْمُبَارَكِ وَالْقِيَمِ
      وَجَعَلَ اللهَ كُلَّ حَرْفَ فِي مِيزَانِ حُسْنَاتِكَ

      وَكُتُبَ لَكَ الآجر وَسَعَادَةَ الدَّارِينَ
      دَمَتَي بِحفَظِّ اللهِ وَرِعايَتَهُ ..





    5. #5
      فوضوي له مكانه الصورة الرمزية منارالكون
      تاريخ التسجيل
      May 2010
      المشاركات
      27,351
      معدل تقييم المستوى
      113

      افتراضي رد: سر ابتلاء المؤمنين

      بارك الله فيك
      على هذا الطرح المميز وجعله في ميزان
      حسناتك ..
      وبارك مجهودك الراقي وحسن اختيارك





      الحَياھ لتگّونْ بَسّيطہْ فَـ ھيَ تَحتاج لِأمَرينْ الإبتسّامَہ وَ الصّبرْ ♥

    معلومات الموضوع

    الأعضاء الذين يشاهدون هذا الموضوع

    الذين يشاهدون الموضوع الآن: 1 (0 من الأعضاء و 1 زائر)

    المواضيع المتشابهه

    1. ابتلاء اهل الحق
      بواسطة زمن النسيان في المنتدى من وحي الاسلام
      مشاركات: 12
      آخر مشاركة: 20-05-2016, 03:58 PM
    2. امير المؤمنين علي
      بواسطة نسمات الجنة في المنتدى من وحي الاسلام
      مشاركات: 3
      آخر مشاركة: 09-04-2015, 03:13 PM
    3. ابتلاء الله لانبيائة
      بواسطة نسمات الجنة في المنتدى من وحي الاسلام
      مشاركات: 1
      آخر مشاركة: 03-01-2015, 05:58 PM
    4. من هو خال المؤمنين
      بواسطة شمس ألاحلام في المنتدى من وحي الاسلام
      مشاركات: 8
      آخر مشاركة: 02-07-2012, 04:34 AM
    5. من هو خال المؤمنين
      بواسطة شمس ألاحلام في المنتدى من وحي الاسلام
      مشاركات: 4
      آخر مشاركة: 06-05-2012, 08:30 AM

    المفضلات

    المفضلات

    ضوابط المشاركة

    • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
    • لا تستطيع الرد على المواضيع
    • لا تستطيع إرفاق ملفات
    • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
    •  
    www.yanbualbahar.com