أخوتي في الله أحمل لكم سلام الود والأخوة الصادقة والله يقول
(( إنما المؤمنون أخوة ))


إن من أعظم النعم على المسلمين هذه الصلوات الخمس كل يوم وليلة ،
" نعم فهو القائل عليه أفضل الصلاة والسلام " جُعلت قرّة عيني في الصلاة " .
فهي كفارة لذنوبنا ، ورفع لدرجاتنا عند الله وهي علاج عظيم لمآسينا
ودواء ناجع لأمراضنا ، ألا تشاهدين أؤلئك الذين تركوا الصلاة كيف تسير حياتهم ؟!
فهي من نكد إلى نكد ، ومن همّ إلى غمّ إلى ما هو أسوأ ، ومن شقاء إلى شقاء ..
( فتعساً لهم وأضل أعمالهم )

أحبتي في الله
الصلاة الركن الثاني من أركان الإسلام الخمس والصلاة هي عماد الدين ،
وهي كما قال عليه أفضل الصلاة والسلام العهد الذي
فحافظوا على الصلاة في وقتها فإنها أحب الأعمال إلى الله تعالى ،
وأول ما يسأل العبد عنها فان صلحت صلح سائر عمله وإلا فلا !!
ومن حافظ عليها حفظه الله ، ومن ضيعها ضيعه الله ... وكما جاء في الحديث الصحيح :
( أي الأعمال أحب عند الله ؟ قال : الصلاة على وقتها ، قيل ثم أي ؟ قال : ثم بر الوالدين ،
قيل ثم أي ؟ قال : ثم الجهاد في سبيل الله )


الحذر كل الحذر
من التهاون فيها أو تأخيرها عن وقتها أو تأديتها مجاملة أو خوفاً من أحد فهذا استهزاء بالله ،
وخداع للنفس ، وقد قال تعالى ( فويل للمصلين ، الذين هم عن صلاتهم ساهون ) .
هذا لمن أخرها ، فكيف بمن تركها ؟!
قال تعالى ( ما سلككم في سقر * قالوا لم نك من المصلين * ولم نك نطعم المسكين *
وكنا نخوض مع الخائضين * وكنا نكذب بيوم الدين ... )
فلنتق الله ، ونعود إليه عسى أن نتداركك منه رحمة ، وننال منه مغفرة قبل فوات الأوان
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم( أول ما يحاسب به العبد الصلاة : ينظر الله في صلاته ,
فإن صلحت صلح سائر عمله , و إن فسدت فسد سائر عمله))
..ويقول صلى الله عليه وسلم
( إذا نودي للصلاة يحضر الشيطان بين المرء ونفسه يقول اذكر كذا وكذا
لما لم يكن يذكر حتى لا يدرى الرجل كم صلى.

نصلي ولكن قلوبنا لا تخشع
إنها مصيبة عظيمة إن نصلي وقلبنا لاهي وفكرنا مشغول بأمور الدنيا
وقلوبنا تطلب المزيد من الأمل والأحلام ونسهو عن عدد الركعات

إننا حين نصلي صعود وقيام تتحرك جوارحنا لكن . .قلوبنا لا تصلي..!
فهي لاهية لا متدبرة ولا خاشعة
فلا يكون لصلاتنا أثر ولا معنى ..!
فلا هي تنهانا على المنكر ولا هي تجلو
عن قلوبنا الهم ولا على الشاق تعين.!
ونصلي وكأننا لم نصلي كأنها فرض أثقل كاهلنا
نقيمها كطقوس لنرتاح منها وليس لتريحنا وتنير قلبونا

نتساءل لما نصلي وكأننا لم نصلي
لم نستشعر الطمأنينة ولم نتذوق حلاوة الصلاة ولما لا نذكر ما قرأنه من تلاوة كتاب الله
نقول لأن القلب لاهي منشغل عن ذكر الله
ويجب علينا تهيئة النفس قبل البدء بالصلاة

اولا: استحضار هيبة الله تعالى
قبل أن تؤدي الصلاة هل فكرت يوماً وأنت تسمع الآذان
بأن جبار السماوات والأرض يدعوك للقائه في الصلاة ..
وأنت تتوضأ بأنك تستعد لمقابلة ملك الملوك ..

ثانيا:- يجب عقد النية والتصميم على التركيز في الصلاة
ليتقبلها الله سبحانه وتعالى والاستعاذة من الشيطان

) ولقد شكا رجل لرسول الله صلى الله عليه وسلم فقال
) إن الشيطان قد حال بيني وبين صلاتي فقال له صلى الله عليه وسلم ..
فإذا أحسسته فتعوذ بالله منه و أتفل -اى انفخ مع رزاز خفيف لا يرى ولا يحس -
على يسارك ثلاثا قال فعلت ذلك فأذهبه الله عنى
وهناك عدة نقاط يجب مراعاتها أثناء الصلاة لان الهدف من الصلاة
ومن كل العبادات هو إصلاح القلب .

ثالثا :- أننا في حديث مع الله فيجب آلا تؤدى الصلاة
كمجرد مهمة فعندما تقرأ سورة الفاتحة في الصلاة تشعر
بأنك في حوار خاص بينك وبين خالقك ذي القوة المتين .
فالصلاة مقسومة بينك وبين الله عز وجل ..

رابعا :- استحضار المعنى
بإشراك القلب والعقل مع اللسان في تدبر كل كلمة والإحساس
بها وبمعناها قال الله تعالى:
(والذين هم في صلاتهم خاشعون) ( سوره المؤمنون(2:
ويساعد عليه النظر إلى موقع السجود أو بين القدمين ..

خامسا:- عدم النظر إلى السماء
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم
ما بال أقوام يرفعون أبصارهم إلى السماء في صلاتهم فاشتد
قوله في ذلك حتى قال لينتهن أو لتخطفن أبصارهم .

سادسا :- عدم الالتفات
فان الاختلاس يختلسه الشيطان من صلاة العبد
فإذا صليتم فلا تلتفتوا فان الله ينصب وجهه لوجه عبده
في صلاته ما لم يلتفت فإذا التفت انصرف عنه .

سابعا:- عدم التثاؤب
قال رسول الله صل الله عليه وسلم التثاؤب في الصلاة
من الشيطان عند التثاؤب يقبض الفكين على بعضهما جيدا
أو بوضع اليد على الفم.

ثامنا : - عدم ألتشك
لا يتشك من اى هاجس فإذا تشك من اى شيء كصحة وضوءه
أو عدد الركعات استعاذ بالله من الشيطان وأكمل الصلاة ..

تاسعا :- عدم القراءة سرا وأيضا عدم رفع الصوت عاليا
فيجب أن يسمع نفسه فقط لقوله تعالى في سوره الإسراء
( ولا تجهر بصلاتك ولا تخافت بها وابتغ بين ذلك سبيلا )

عاشرا :- إتقان الصلاة
وذلك يكون بالتأني في أدائها وإعطاء كل ركن حقه
وزيادة عدد التسبيحات في الركوع والسجود
والدعاء عند السجود بتركيز في الرجاء في الله تعالى بإجابته ..
عند تذكر ما ننسى من أمور الدنيا أثناء الصلاة يجب عدم الالتفات إليها
لان الله تعالى اقدر على تذكيرنا إذا دعونا بذلك بعد الصلاة..




أن عبادات الجوارح صلاحها في اتصال القلب وقيامه معها
فلنتعبد بالقلب مع الجوارح
قول الرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم
(ألا وإن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله وإذا فسدت فسد الجسد كله ألا وهي القلب).

أمور تعالج قسوة القلب وترققه
وهذه بعض منها


(1) المداومة على الذكر: قال تعالى " ألا بذكر الله تطمئن القلوب"
(2) سؤال الله الهداية ودعاؤه: كان الرسول صلى الله عليه وسلم يدعو
"اللهم أهدني وسددني" رواه مسلم,
(3) المحافظة على الفرائض:قال الله تعالى" إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر"
(4) تحرى الحلال في الكسب وأداء الأمانة.
(5) الإكثار من النوافل والطاعات:
" ما يزال عبدي يتقرب لي بالنوافل حتى أحبه" متفق عليه.
(6) الجود والإحسان إلى الخلق. ومسح رأس اليتيم
(7) تذكر الموت وزيارة القبور.قال أبو الدرداء من أكثر ذكر الموت قل فرحه وقل حسده0
ويقول سعيد بن جبير رحمه الله : لو فارق ذكر الموت قلبي لخشيت أن يفسد علي قلبي .
(8) الحرص على العلم ومجالس الذكر قال الحسن : مجالس الذكر محياة العلم
وتحدث في القلب الخشوع.
(9) الإكثار من التوبة والاستغفار, وعدم الإصرار على الذنب قال ابن القيم رحمه الله :
(( صدأ القلب بأمرين : بالغفلة والذنب ، وجلاؤه بشيئين بالاستغفار والذكر ...)).
(10) النظر في سير العلماء و صحبة الصالحين قال جعفر بن سليمان : كنت إذا وجدت
من قلبي قسوة غدوت فنظرت إلى وجه محمد بن واسع .
(11) الزهد في الدنيا والتأمل في قصرها وتغير أحوالها والرغبة في ما عند الله من النعيم.
(12) زيارة المرضى وأهل البلاء ومشاهدة المحتضرين والاتعاظ بحالهم.
(13) الإكثار من تلاوة القرآن بتدبر وتفهم وتأثر قال الله تعالى
( اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَابًا مُّتَشَابِهًا مَّثَانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ
رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ ).
(14) البر بالوالدين وصلة الرحم
هذا وقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم شديد التعاهد لقلبه يداويه ويصلحه,
قالت عائشة: دعوات كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يكثر يدعو بها :
يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك قالت : فقلت يا رسول الله: انك تكثر تدعو بهذا الدعاء ؟
فقال : إن قلب العبد بين أصبعين من أصابع الله عز وجل فإذا شاء أزاغه وإذا شاء أقامه "
رواه أحمد.




نحمد الله سبحانه وتعالي إذ جعلنا مسلمين (اللهم إني أسألك الهدي والتقي والعفاف والغني)
وفقني الله وإياك لما يحب ويرضى ونجانا بعفوه وكرمه من أليم عقابه وعظيم سخطه.
والله أعلم وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.