هذا مجلسي مع مصعب وفتيان أحبة طاهرون

**شمس ألاحلام** · 21-03-2012, 09:38 PM

[align=center][table1="width:100%;background-color:gray;border:8px solid purple;"][cell="filter:;"][align=center]" مصعب بن عمير رضي الله عنه "

تقديم :

في السنة الماضية دُعيت لألتقي في مجلس من مجالس الإيمان مع أحبة لي في الله :

خيرة فتيان وفتيات هذه الأمة الولودة المباركة ، وكان اللقاء الأول من نوعه ، فحرت في الموضوع ،

فلم يكن المجلس عادي يحضره الكبار والصغار ، بينما الحضور نوعي : فتيان وفتيات لم يتجاوز

عمرهم 16 سنة أو 17 سنة ...

ألهمني الله عز وجل أن أضع بين أيديهم قدوة من صالحي هذه الأمة فوقع اختياري على نموذج

راق من فتيان الصحابة وهو مصعب بن عمير رضي الله عنه ، وكان اللقاء ناجحا والحمد لله رب

العالمين...
______ _______ _______

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على النبي الأمين وعلى آله وصحبه وإخوانه من بعده وبعد:

أيها الأحبة : مسرور جدا أن ألتقي بكم ، مسرور أن أنظر في وجوهكم الطيبة البريئة الطاهرة ،

مسرور أن أجالسكم في هذا اليوم المبارك ، إنه يوم عيد بالنسبة لي حيث ألتقي مع أبنائي

الأعزاء حفظكم الله ورعاكم آمين.

هذا أول لقاء معكم ولن يكون الأخير إن شاء الله تعالى ، إنها بداية ولكل بداية نهاية ، فهل

لمجلسكم نهاية أيها الأحباب ؟ [ قالوا بالإحماع : لا ]

لا والله ليس له نهاية ونهايته يوم المنى في مقعد صدق عند مليك مقتدر إن شاء المولى الكريم

عز وجل ...

إحترت في الموضوع الذي سأقدمه بين أيديكم ولكنني اهتديت أخيرا أن أعرض عليكم نموذجا من

فتيان الإسلام ونموذجا لشباب الإيمان والجهاد والإحسان ...

إخترت أن أحكي لكم قصة رائعة وفريدة من نوعها ، فيا تُرى أيها الأحباب لماذا القصة ؟ وهل أنتم

في حاجة إلى سماع القصص ؟ وهذا السؤال مطروح عليكم قبل أن أبدأ الحديث ؟

قال أحدهم : لنأخذ الدروس والعبر ، قلت معلقا : " لقد كان في قصصهم عبرة " فبارك الله فيك

وأصلحك وأنبتك نباتا حسنا ...

قال آخر : لكي نقتدي بهم ، قُلت : " أولئك الذين هداهم الله فبهداهم اقتده "

وقال أحدهم : تعلمنا الثبات على الحق ، وقلت : نعم جزاك الله خيرا :" كذالك لنثبت به فؤادك "..

وقلت بعد ذالك : أتعرفون أيها الأحبة من بطلنا لهذه الأمسية ، إنه صحابي جليل من تلاميذ النبي

المختار صلى الله عليه سلم ، وقد تخرج من مدرسة الحبيب صلى الله عليه وسلم ، إنه قدوة لكم

ولنا ، قدوة لفتيان وشباب هذه الأمة ، إنه فتى قال عنه النبي صلى الله عليه وسلم :" ما رأيت

بمكة أحسن لمة ولا أرق حلة ولا أنعم نعمة من ...؟ فهل عرفتموه ؟

أخذ الفتيان والفتيان يجيبون على السؤال حتى قال أحدهم : إنه مصعب بن عمير ...

قُلت : الجواب خطأ ...سكت الجميع وتعجب من حضر من الآباء ...

وقُلت بعد ذالك : إنه مصعب بن عمير رضي الله عنه ، فعندما نذكر الصحابة الكرام نترضى عليهم

فقد رضي الله عنهم من فوق سبع سماوات..

وسأتحدث عن مصعب الخير رضي الله عنه في ست محاور :

1ـ مصعب الفتى المدلل .

2 ـ إسلام مصعب .

3 ـ مصعب مع أمه .

4 ـ مصعب والدعوة .

5 ـ مصعب الشهيد .

6 ـ خاتمة :

°°°°°°°°°°°°°°°°°°°° °°°°°°°°°°°°°°°°°°°°

1 ـ مصعب الفتى المدلل :

كان مصعب رضي الله عنه فتى منعما مدللا وهو وحيد أمه ، يلبس أحسن اللباس ويركب أجود

الجياد ، وقد كان رضي الله عنه رغم حداثة سنه زينة مجالس قريش بحيث تحرص قريش على

حضور مصعب في كل مجالسها وندواتها وما ذالك إلا رجاحة عقله وأناقة مظهره ...

يصف المؤرخون والرواة شبابه فيقولون : " كان أعطر أهل مكة ".

وُلد في النعمة وشب عليها ، قال صلى الله عليه وسلم :" ما رأيت بمكة أحسن لمة ولا أرق حلة

ولا أنعم نعمة من مصعب بن عمير "...

فكيف يا تُرى كان إسلام مصعب ؟ وما هي أصعب العقبات التي اعترضت طريقه رضي الله عنه ؟

2 ـ إسلام مصعب :

أنتم تعلمون أيها الأحبة أن قريش لما بُعث النبي صلى الله عليه وسم لم يكن لها حديث في

مجالسها سوى عن محمد صلى الله عليه وسلم وعن الدين الجديد الذي جاء به ، يتحدثون عن

رسول الله صلى الله عليه وسلم وعن الرسالة التي جاء بها في مجالسهم ومنتدياتهم وتجمعاتهم

وفي متاجرهم وطرقاتهم ، وحتى في منازلهم ، فلم يبق أحد في مكة في معزل عن الحدث ...

سمع الفتى مصعب كما سمع الناس خبر النبي صلى الله عليه وسلم وسمع فيما سمع أن

محمدا صلى الله عليه وسلم يلتقي بأصحابه في دار " الأرقم بن أبي الأرقم " ، فلم يطُل به

المُكث والانتظار ، ولم يتردد في الأمر ...

لقد حسم الفتى مصعب الأمر بسرعة وقصد في ليلة من الليالي خُفية لكي لا تراه أعين القوم

،وتسلل إلى دار " الأرقم بن أبي الأرقم " ، وهناك كان على موعد مع هداية الله تعالى ، فلم تكد

تنساب من قلب رسول الله صلى الله عليه وسلم بعض الآيات من كلام الله تعالى حتى كان مصعب

فتى مسلما ذا همة عالية ، وكان قلبه قد امتلأ إيمانا وحكمة...

3 ـ مصعب مع أمه :

في البداية قرر مصعب رضي الله عنه أن يكتم إسلامه ...

كتم إسلامه لا لأنه يخشى أحدا من قريش أو من صناديدها وكبرائها ، بل لم يكن يخشى في

الوجود سوى امرأة واحدة كانت ذا شخصية قوية وكانت تُهاب حتى الرهبة ... إنها أمه " خناس بنت

مالك "...

ظل مصعب الخير يتردد على دار " الأرقم بن أبي الأرقم " ويصحب رسول الله صلى الله عليه وسلم

خُفية ، ويتعلم الكتاب والحكمة من القلب الشريف ، وكان شديد الحرص على ألا يراه أحد ...

ولكن في يوم من الأيام أبصر به "عثمان بن طلحة " وهو يدخل دار الأرقم ، ثم لمحه ذات يوم وهو

يُصلي بصلاة محمد صلى الله عليه وسلم ، فذهب مسرعا فأخبرها بالخبر الذي طار بصوابها

وصُعقت ...

في البداية قررت أمه أن تحبسه في ركن قصي من دارها ، وظل مصعب سجينا حتى خرج بعض

الصحابة مهاجرين إلى الحبشة فاحتال لنفسه وغافل أمه وحراسه فهرب مهاجرا أوابا منيبا ...

هاجر إلى الحبشة ثم عاد ثم هاجر إليها مرة أخرى ثم عاد ، وقد حدثت له حادثة عجيبة مع أمه

كشفت لنا عن قوة العزيمة والإرادة عند الفتى وقوة الإيمان واليقين بالله تعالى الذين يتمتع بهما ...

حاولت ذات يوم حبسه ، فأقسم لها أنه سيقتل كل من تستعين به على ذالك، وهي تعلم صدق

عزيمته وصدق كلامه ، فودعته وقالت له كلمة قاسية ما يُحب أحد أن يسمعها في الوجود ، قالت :

اذهب لشأنك ، لم أعد لك أما ...

يا تُرى ما موقف مصعب ؟ وما هي ردة فعله وهو يودع أحب الناس إليه؟ وهل يا تُرى يستمع إلى

أمه أم يمضي قُدما في دربه ؟ ما رأيكم ؟ إنه امتحان عسير وصعب أليس كذالك يا فتيان الإسلام

وشباب الإيمان ؟

[ في هذه اللحظة استمعت إلى بعض الأجوبة من الفتيان التي كشفت فعلا على أنهم فتيان

الإيمان وقد أثلج صدري تلك الردود التي سمعتها منهم ].

ثم تابعت قائلا : لما سمع مصعب من أمه ما سمع اقترب ودعا منها قائلا " يا أمه ، إني لك ناصح

وعليك شفوق فاشهدي أنه لا اله الا الله وأن محمدا رسول الله "...

تأملوا حرص مصعب على هداية أمه ودعوته لها إلى الإيمان بالله تعالى ..

غضبت أمه واهتاجت قائلة :" قسما بالثواقب ، لا أدخل دينك فيُزرى برأيي ويضعف عقلي "...

خرج مصعب من النعمة الوارفة الى حياة الإيمان في صحبة خير الأنام...

خرج وقد ترك وراءه أحب الناس إليه ..

خرج وقد خلف وراءه زهرة الحياة الدنيا ..

خرج مصعب ذات يوم على الصحابة وهم جُلوس حول المعلم الأعظم صلى الله عليه وسلم ، فما

أن أبصروه حتى خفضوا رؤوسهم وبكى بعضهم ، لأنهم رأوا مصعب لابسا جلبابا مرقعا باليا وعاودتهم

صورته وهو أنعم أهل مكة ، فقال صلى الله عليه وسلم كلمات خالدات في حق الفتى المسلم :"

لقد رأيت مصعبا هذا وما بمكة فتى أنعم عند أبويه منه ، ثم ترك ذالك حُبا لله ورسوله "...

ترك ذالك أيها الشباب حبا لله ورسوله وسنرجع في نقاشنا ومدارستنا إلى هذ إن شاء الله تعالى .

4 ـ مصعب والدعوة :

لقد كان مصعب داعية من الطراز العالي ومن النوع الفريد وسفيرا لرسول الله صلى الله عليه إلى

يثرب ...

لقد إختاره صلى الله عليه وسلم في أعظم مهمه وأرسله إلى يثرب ليبلغ عن الله وعن رسول الله

صلى الله عليه وسلم ، ويا لها من مهمة ، ويا لها من شرف حضي به مصعب، وما أعظمها من

مسؤولية وأمانة ...

فهم مصعب المقصود وخرج متوكلا على الله ، ودخل يثرب وقام في ضيافة الصحابي الجليل " أسعد

بن زرارة " رضي الله عنه ...

أخذ مصعب في يثرب يتنقل من مجلس لمجلس ومن قبيلة لقبيلة يبلغ رسالة ربه عز وجل ويبين

للناس حقيقة التوحيد وحقيقة الإيمان وسُمو الرسالة ، ويُخبرهم عن رسول الله صلى الله عليه

وسلم بالحكمة والموعظة الحسنة..

فاجأه ذات يوم وهو يعظ الناس " أسيد بن حضير " سيد بني عبد الأشهل وهو شاهر حربته وقد

توهج غضبا وحنقا على هذا الذي جاء يفتن قومه ، ويدعوهم إلى نبذ آلهتهم وعبادة الله وحده ...

وجل وخاف المسلمون الذين حول مصعب لما يعلمون من مكانة أسيد بن حضير في قومه ، ولكن

مصعب ظل ثابتا هادئا على محياه إبتسامة عريضة ، فقال أسيد :" ما جاء بكما إلى حينا ،

تسفهان ضعفائنا ، اعتزلانا إذ كنتما لا تُريدان الخروج من الحياة "..

كيف يتعامل مصعب مع هذا الموقف الجديد ؟ كيف يرد في هذا الموقف الصعب ؟

تهللت أسارير مصعب وقال في هدوء المؤمن وحكمة الحكيم :" أولا تجلس فتسمع ؟ فإن رضيت

أمرنا قبلته ، زإن كرهته كففنا عنك ما تكره "

قال "أسيد " وقد كان رجلا أريبا عاقلا :" أنصفت " وألقى حربته إلى الأرض وجلس يُصغي ...

الله أعلم هل مرت دقائق أم ثوان حتى تهللت أسارير " أسيد " وقال :" ما أحسن هذا القول وأصدقه

، كيف يصنع من يُريد أن يدخل في الدين "...

لا اله الا الله أيها الأحبة الكرام :" ما أحسن هذا القول وأصدقه "...

أجابه المسلمون بتهليلة وقال له مصعب :" يطهر ثوبه وبدنه ، ويشهد أن لا اله الا الله "..

غاب لحظات وعاد والمياه العذبة تقطر من جبينه وجلس يعلها بقوة : أشهد أن لا اله الا الله وأشهد

أن محمدا رسول الله "

وهكذا نجح مصعب في أعظم مهمة على الإطلاق وهي التبليغ عن الله وعن رسوله صلى الله عليه

وسلم ، فدخل في الإسلام " سعد بن معاذ " رضي الله عنه ، ثم تبعه الكثير من أهل يثرب ...

5 ـ مصعب الشهيد :

وفي غزوة أحد حمل " مصعب " اللواء ، وكان النصر في البداية حليف المسلمين ، ولكن لما خالف

الرماة أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم تحول النصر إلى هزيمة ، وعمت الفوضى ودب الرعب

في قلوب المسلمين ، واتجه المشركون مباشرة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وركزوا على

الحبيب صلى الله عليه وسلم لينالوا منه ...

أدرك مصعب الخطر فرفع اللواء عاليا وأخذ يكبر بصوت مرتفع ليُلفت انتباه المشركين اليه ، وأخذ

يُقاتل وحده ، كأنه جيش وحده ، في إحدى يديه راية المسلمين وفي الأخرى سيف يضرب به

أعناق المشركين ...

تكاثر عليه الأعداء وهو يقاتل بشجاعة منقطعة النظير وببسالة لم يُر مثلها، لا هم له سوى إلهاء

المشركين عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ...

أترك أيها الأحبة شاهد عيان حضر المعركة ليحكي لنا ما شهده بأم عينيه،

يقول ابن سعد : أخبرنا ابراهيم بن محمد بن شرحبيل العبدري ، عن أبيه قال :" حمل " مصعب بن

عمير " اللواء يوم أحد ، فلما جال المسلمون ثبت به مصعب ، فأقبل ابن قمئة وهو فارس ، فضربه

على يده اليمنى فقطعها ، ومصعب يقول : وما محمد إلا رسول قد خلت من قبله الرسل..

وأخذ اللواء بيده اليسرى وحنا عليه ، فضرب يده اليسرى فقطعها ، فحنا على اللواء وضمه بعضديه

إلى صدره وهو يقول : وما محمد إلا رسول قد خلت من قبله الرسل...

ثم حمل عليه الثالثة بالرمح فأنفذه واندق الرمح ، ووقع مصعب ، وسقط اللواء "

تأملوا أيها الأحبة بعمق : فتى في مُقتبل العمر عاش وتربى في النعمة تُقطع كلتا يديه وهو يردد :

وما محمد إلا رسول قد خلت من قبله الرسل...

أي حب هذا للحبيب صلى الله عليه وسلم ؟

وتأملوا جيدا : لقد حرص مصعب في كل ذالك ألا يسقط اللواء لكي لا ينهزم المسلمون فيُئذى

رسول الله صلى الله عليه وسلم .

وتأملوا أيضا شجاعة الفتى وقوته في الحق وعزيمته وجرأته في اقتحام العقبات لينال الشهادة

المطلوبة .

6 ـ خاتمة :

أيها الأحبة : تعالوا نُودع الفتى الشجاع " مصعب بن عمير " رضي الله عنه ، ووداعنا كلمات قالها

الحبيب صلى الله عليه وسلم وهو واقف على جثمان الشهيد ...

قال الحبيب صلى الله عليه وسلم :" لقد رأيتك بمكة وما بها أرق حُلة ولا أحسن لمة منك ، ثم

هاأنتذا شعث الرأ في بُردة " ثم زاد المحبوب الأعظم صلى الله عليه وسلم :" إن رسول الله يشهد

أنكم الشهداء عند الله يوم القيامة "...

هنيئا لمصعب الشهادة وهنيئا من نال الشهادة بجوار مصعب...

ثم أقبل الرسول الكريم على الصحابة الكرام وقال لهم :" أيها الناس زوروهم ، وأتوهم وسلموا

عليهم ، فوالذي نفسي بيده لا يُسلم عليهم مسلم إلى يوم القيامة ، إلا ردوا عليه السلام ".

نقول جميعا أيها الشباب الطاهر :

السلام عليك يامصعب ورحمة الله وبركاته ...

السلام على شهداء الصحابة ورحمة الله وبركاته ...

السلام على شهداء فلسطين ورحمة الله وبركاته ...

السلام على شهداء الأقصى المبارك ورحمة الله وبركاته ...

السلام على شهداء الربيع العربي ورحمة الله وبركاته ...

السلام على شهداء المسلمين عموما ورحمة الله وبركاته ...

وصل الله وسلم على الحبيب والحمد لله رب العالمين[/align][/cell][/table1][/align]