كفاية بربرة

**شمس ألاحلام** · 16-02-2012, 02:59 AM

[ALIGN=CENTER][TABLE1="width:70%;background-color:black;border:8px solid limegreen;"][CELL="filter:;"][ALIGN=center]

بلا زيادة أو نقصان نحن نعيش داخل مجتمعات هدفها الأساسي في الحياة الحديث، الحديث فقط. وبالعامية الكلام وليس لها سوى الكلام.. كلامها الخاص.. وكلام غيرها العام..

[/ALIGN][/CELL][/TABLE1][/ALIGN]
[ALIGN=CENTER][TABLE1="width:70%;background-color:black;border:8px solid limegreen;"][CELL="filter:;"][ALIGN=center]

مجتمعات كل المؤشرات توضح أنها تتحدث ولا تستمع وهذه الكارثة.. مجتمعات تعيش على الكلام وبس.. ولا يؤخذ منها غيره أبداً.. قليلون في هذه المجتمعات هم من يلوذون بالصمت.. وحتى هؤلاء يلوذون به لأسباب إما اضطرارية.. أو لمصادرة لا يمكن التخلص منها..

في الحديث العامي.. وفي داخل الأسرة.. أو حتى في نطاق الحياة العامة إن تحدث اثنان..أو اختلفا أيضاً.. داخل إطار مغلق.. أو حتى مفتوح.. وامسك أحدهما بزمام الحديث مصادراً رأي الآخر.. ومغلقاً عليه كل الأبواب.. ومانحاً نفسه حق المتحدث الرسمي دون إجازة من أحد.. والآخر مستمعاً بهدوء.. يبدأ في التلاشي ثم الاستعداد للانطلاق في ظل حماية خاصة للمتحدث وفرها لنفسه بأن يكون هو من يكتنز لحظة الحديث ثم يفجرها.. بعد طول كلام واستماع نجد الطرف المستمع هادراً إما بهدوء الأصدقاء.. أو بجنون المتحاربين والمتشاكلين

(ترى أنا سمعتك بما فيه الكفاية وجاء الدور الآن من أجل أن تسمعني..كفايه بربرةوهذرة..) أو يقول له: ها خلصت أو باقي شي

.. انتهينا دعني أقول ما لديّ..

هذه المعضلة التنافسية على الكلام تجعل السباق دائماً مشتعلاً وغير متوقف فكل فرد يحلم بأن يكون هو المسيطر والمتحدث دون غيره.. وهو صاحب القرار والمصادر على رأي غيره..

هو من يقول فقط.. ويقول .. وليس من حق أحد أن يناقش أو يحاور ..

هذا الغياب المكرّس للحوار بين الأطراف يبدو واضحاً وجلياً في العلاقات الأسرية.. فالأب مثلاً عندما يضرب ابنه أو يوبخه.. والأم أحياناً لأي سبب.. لا يجلس معه أولاً ويفتح باب الحوار ليسمع ما لديه.. ثم يعطي أوامره المعتادة.. بل على العكس يطلب منه بصيغة الأمر أن ينفذ كذا وكذا وليس له حق الاعتراض أو المناقشة.. وإن حاول النقاش أو توضيح الموقف مثلاً من زاوية غير مرئية للأب.. أو شرح الحالة التي يراها الأب أيضاً من زاوية معتمة تقوم الدنيا ولا تجلس عليه فـ يتهم الولد أو البنت بقلة الأدب وعدم إطاعة أوامر الأب والأم.. والمجادلة.. والفساد أحياناً.. وقد يصل الأمر بالأب إلى الضرب إن سمع صوته بل قد يقول له.. انت دورك تنفذ وبس وتصمت والوحيد الذي يمتلك حق الكلام هنا هو أنا فقط..

كلام من طرف واحد وأوامر كلامية أيضاً تخلخل العلاقات الإنسانية وتقفل الأبواب أمام أي لغة مشتركة بين الأب والابن..

المرأة عامة والمرأة الضعيفة خاصة دورها الاستماع للزوج أو الأخ أو الأب وأحياناً حتى الابن فهو الرجل الذي يجيد الكلام.. وهو أبخص بشؤون الحياة ولا تمتلك المرأة سوى أن تستمع وتنفذ في بعض الأحيان بإرادتها.. وفي غالب الأحيان غصباً عنها.. فهذا الرجل لا يمكن مخالفته ولا ينطق إلا الصحيح.. ومن حقه أن نتأمل ما يقول بعمق.. ولا يعلو صوتنا أمامه حتى وإن كان عاطلاً عن العمل أو جاهلاً أو عنيفاً أو لا يخاف الله..

في المدارس مطلوب من الأطفال الاستماع فقط إلى المدرسين والمدرسات وأي نقاش من طالب أو طالبة.. أو تحاور اتهم بالمشاغبة واللقافة وتعطيل الدرس والتميز في قلة الأدب.

على الطالب أن يسمع فقط والمدرس يبربر.. حتى وإن نام الطلبة أو لم يفهموا الدرس فلا بأس وليست هناك أي مشكلة.. المهم من يجيد الحديث دون التفكير في نوعية هذا الحديث، وأهميته.. وتأثيره وقدرته على الوصول إلى الآخر..

هذه الأوهام الكلامية التي شكلتها التربية وكرّستها الحياة اليومية خلعت المسؤولية عن كل فرد في أن يتهم غيره لإصابته بهذه الكارثة الكلامية التي تبدو وإن صمت مدمنوها وهم الغالبية كالقنبلة الموقوتة التي من الممكن أن تنفجر دون أسباب أو مبررات..

ولكن هل هناك أسباب أو مبررات لذلك؟
ولماذا اعتدنا على مصادرة رأي أو صوت الآخر؟

في التربية يتبنى بعض الآباء عبارة (صوتك ما يطلع

)

أو"لا أسمع لك حس على الاطلاق" ويحتكر هؤلاء من خلال هذه العبارة أو تلك حق الحديث المباح دون غيرهم، مصادرين حديث الآخر، وحتى تنفسه أحياناً، لأن بعض أفراد المجتمع عندما يصادرون الكلمة يصادرون معها النفس أيضاً.. فهو يقف على رأس معذبه.. ها قلت شي، إن سمعه شهق أو زفر فيرد لا فيقول له أحسب أنك حاولت الكلام.

وعندما يتشاكل اثنان، أ و يشتبكان في خناقة، في البدء تعلو الأصوات، وترتفع.. وتختلط الكلمات.. وتتداخل العبارات، ولا يُعرف معنى ما يقال إلا للمتمرسين - فكل طرف يحاول جاهداً أن يرفع صوته قدر الإمكان ليتجاوز صوت الآخر ويعطيه الإحساس أنه الأقوى، والأكثر قدرة على حصاره بصوته.. هذا الصوت العالي لا يمكن أن يحقق هدفه - أو يعطي الآخر جرعة الخوف المطلوبة إلا إذا اقترن بالاقتراب منه وربما امساكه من تلابيبه.

ومن ثم إغلاق باب الكلام لديه عندما يأمره بالصمت (هُس ولا كلمة) وتبدو هذه العبارة وكأنها نهاية الخناقة أو إغلاق الباب عليها لمن لا يفهم، ولكنها في الأصل تعكس سطوة الطرف الآخر الذي قد يجابه بسطوة أكبر وهي الاشتباك وزيادة رفع الصوت.

هذا المبدأ الطبيعي، والحق العام لكل مواطن في الكلام وقتما يشاء، وإجبار الآخر على الصمت، وغلق منافذ الكلام لديه ينفذ على الشغالات والسواقين أيضاً.. فبعض الشغالات في بعض المنازل نسوا تماماً معنى ان يتكلموا أو ينطقوا، أو حتى يجيبوا فهم يتحركون كالدمى صامتين ولا يُسمع إلا صوت ربة المنزل تنادي وتصرخ وتشتم أحياناً يا.. يا.. العمى - الله لا يبارك فيك.. ولا في الأيام التي عرفتنا عليكم كل ذلك وهي في مكانها، والشغالة تدور وتتحرك في المنزل كالنحلة.

ولذلك وهذه حقيقة تقول احدى صديقاتي إن الموضة الآن في طلبات شغالات العمرة واللاتي لا يحملن إقامات نظامية في ربة البيت التي تعمل لديها شرط واحد قبل الراتب الذي يصل أحياناً إلى 1500ريال هو (مدام ما في كلام كثير) (ما في قرقر قرقر) بمعنى ما في بربرة (هي ما في كلام.. انا في شغل كويس).

احدى الزميلات التي هربت خادمتها منذ فترة رفضت الطلب وقالت

(قلعتها.. تمنعني في بيتي من الكلام.. آخر زمن).

هذا الشرط الغريب والمضحك يعكس معنى تعاملنا مع الآخر وتميزنا بشهوة الكلام وبالصوت العالي ايضاً.. ورفضنا التنازل عن ذلك.

بعض السائقين عندما يتحدثون في تجمعات العمل.. أو المناسبات في انتظار من يعملون لديهم تجد كل واحد منهم ينشر غسيل من يعمل لديهم.. فهذه مدام كلام كثير وصوت كبير.. على طول هي كلام كلام.. هذه الظاهرة التي تستكين تحت جلودنا من غير الممكن القفز عليها بين يوم وليلة أو تجاهلها. أو التخلي عنها لمصلحة ما. ومن ضمنها تغيير نمط التعامل في العائلة، أو مع من يعملون لدينا.. لأنها اصبحت جزءاً مهماً من الشخصية وأي تحول عنها سيبدو وكأنه فشل في التعامل مع الآخر، وعيب جانبي في تركيبة هذا الشخص، ومحوري في تركيبة شخص آخر.

سياسة (هس ولا كلمة) التي تعتمد على مصادرة رأي الآخر ومنعه من الكلام.. أو حتى الاجابة بنعم أو لا تشيع دون شك منطقاً مهماً وهو عدم الاستماع الحقيقي من الطرف الآخر الذي يتلقى الأوامر لأنه طالما لن يتحدث، فلا داعي اطلاقاً أن يستمع وفي الوقت نفسه تغلق كل أبواب الحوار المفترض بين أطراف مختلفة التعليم والمستوى الاجتماعي، والعمري. والثقافي.

ورغم صعود أصوات خافتة بين آن وآخر ترى أن هذه المصادرة من الأبوين للأبناء، أو للعمال لدينا من كافة أفراد الأسرة، أو حتى من التربويين تنطلق من كثرة ضغوط الحياة وهمومها وازدياد كوارثها.. وتعدد المشاكل وتنوعها حتى ان الإنسان أصبح محاطاً بها كالسياج من مختلف الاتجاهات وبالتالي كل هذه الانعكاسات تدفعه إلى التنفيس بالكلام عندما يصبح عاجزاً عن المواجهة، أو التحلل من هذه المشاكل.

التنفيس بالكلام ورفع الصوت ومصادرة حق الآخر على نحو مطرد في المصادرة وعدم الإحساس الكامل بمن تصادر رأيه قضية جديرة بطرح الأسئلة المتعددة، لأن هذا المصادر رأيه سُلب حقاً إنسانياً قيمته المعنوية أكبر بكثير من القيمة المادية التي تعوض لمن يُسلب له حق عيني. ومع ذلك يُسلب في وضح النهار دون تعويض

[/ALIGN][/CELL][/TABLE1][/ALIGN]

**صمتي مهابه** · 16-02-2012, 02:09 PM

[align=center][table1="width:95%;"][cell="filter:;"][align=center]رآئـ ع ـــه ومتميـــــــزهـ
أبـدعتـــي يـعـطيـكـ الف عــآفيـــه[/align][/cell][/table1][/align]