أشعرُ بيّ حزينةٌ ، وَ أشعرُ بالغرقِ يُحيط بيّ كما قوسين مُعتكفينَ ، لا مفر مِنهُما . وَ أشعرُ بكَ مُتورطاً بأنثى مهووسةٌ بالرمادياتَ ، تُفضِلُ الأسود عن التوتيّ بِـ صبيحةِ العيدْ ، و تطليّ شفتيها بألوانٍ قاتِمةٍ عوضاً عن ألوانِ الحياة ، تُلملمُ شتاتَ شعرها بوضعيةٍ ستينيةٍ بحتة ، وَ تقفِزُ بأرديتها هِضابُ الوجع دونَ أنَ تدريّ . تسرقُ شالاً رمادياً قاتِمْ وَ تُغلفُ بهِ حُبها خوفاً عليهِ من الشتاءْ ، فَـ يموتُ مُختنقاً .
لا تقول لا ! و تستنكِر بِـ سذاجةِ طفلٍ ما تجاوز الخامِسة . تعال و خبئ بأذنيّ كُل الحقائِق السوداءْ ، وَ أولها : أحبكِ جدًا / حُزنكِ يؤرقنيّ و ذا الحُزنَ الـ يستَتِر بعينيكِ لا أراهُ عادِلاً أبدًا ! إعمل شيئاً صالحاً يُنقِذنيّ ، تودد لله لِـ يُرزقكَ عوناً ، أشعرُ بـ أنَ ذا دونَ عوناً مِنَ الله لا يكونَ . الآمرُ مؤرقٌ وَ قد ينزلقُ قلبكَ لِـ قعر الحُزنَ ، و تكونَ مُنقِذاً يبحثُ عن إنقاذٍ حقيقيّ و فينيّ لا ترجو أنَ تجِدْ ، أنا لو وجدتُ طريق الخلاصَ رُبما سأخرجُ وحديّ ، دونكَ وَ دونَ تفاصيليّ الصغيرةُ و ذاكِرتيّ و حُبكَ . دام أنَ حُبكَ هو الـ موجد لحدودِ ذا الغرق / الوجع / الحُزنَ / النحيبْ / الخيباتِ / الإنكفاءاتُ الليليةِ المؤرقة ، فـ كيف بيّ أنَ أنتشلهُ . حُبكَ الـ جردنيّ مِنَ الـ جانِب الأبيضَ فينيّ و الـ كُنتَ بهِ أتقربُ لله ، الـ سرقنيّ من نشوةِ انشغالاتيّ و عبث بجدولةِ أياميّ . حُبكَ الـ سرقَ منيّ القُدرةُ على الكِتابةِ و ركلنيّ بـ زاويةِ العجزْ ، حد أنَ أقِفَ مُتوسلةٌ للحرفِ دونَ أنَ يأتيّ بطواعيةٍ لِـ يستكينَ بينَ تجاعيد كفيّ ، لا شيء يأتيّ ، لا شيء يُكتبْ ! و لا شيء يُغريّ أنَ يقِف أحدهُم لِـ يقرأنيّ ، حد أنيّ بدأتُ أشعرُ بأنَ قرائتِهم ليّ تُغلفها الشفقةُ وَ الكَثيرُ مِنَ الدعواتِ كـ واجبٍ إنسانيّ بحتَ لا قِرائيّ !
حتى دعواتِ أميّ الـ أثقُ بِإخلاصها و شموليتها ، لسببٍ أجهلهُ لا يستجيبُ الله لها ، و لا ينقذنيّ بوساطتها من ذيّ النكسةِ القبيحة ، وَ أنا الـ بدأتُ أذوقَ طعم اليأسَ كـ مرةٍ أولى أخافُ أنَ أتدحرج لِـ ذنبْ القنوط ، يَ الله أنا لا أحتاجُ أنَ أقنطُ !
أنا لا أشعرُ بيّ إلا بأنيّ أزدادُ تورطاً / ضُعفاً / احتياجاً ، وَ أنَ الموتَ يُسلط يداه على تفاصيل جَسديّ ، يمسك بهِ بقرفٍ وَ يُجردنيّ مِنَ أيّ خيطٍ قد يوصلنيّ لِـ حقيقةِ الشعورِ بالغرورِ بفعلهِ ، وَ أنا أمامهُ دونكَ لا حولْ ليّ يَ حبيب وجعيّ و لا قوة . تخيلْ !! الموتُ يوجهِ لسانهُ نحويّ ، يتذوقنيّ دونَ أنَ يبتلعنيّ ، و دونَ أنَ يترُكنيّ . يتزاوجُ بِـ حُنجرتيّ و يُلقيّ بأطفالهِ بقلبيّ و يعودَ لِـ يقِفْ أماميّ وَ يُكمِلُ دورته الطويلة .
أنتَ لا تعيّ ما يستَتِر خلف حديثيّ ، وَ لا ما يقصِدهُ بِـ هيئتهِ المُجردة ، رُبما لأنكَ ما ترددتَ يوماً بدروبِ الوجع ، وَ إنَ كُنتَ فعلت فأنا أثقُ أنه ما كَان يُعيدُكَ لِـ نقاطِ بداياتهِ كُلما شارفتَ على الفِرارِ منه ، وَ ما بصقَ بوجهكَ كُل أفعالكَ الهزيلةُ و ملئ أذنيكَ بقهقهةٍ غريبةٍ تجلبُ الرغبةُ الأولى للموتِ بهيئةٍ قاسيةٍ مُتتاليةٍ ، و عنكَ لا تنويّ إنفكاكًا ، وَ لا حتى تُفسح المجال لأطيافِ التوبةِ لأنَ تأتيّ مُقبِّلةٌ جبينكَ . اسأل قلبيّ كَيفَ يكونُ الوجعُ عندما يأتيّ مُركَزاً و مُرتكِزاً على شفتايّ فَـ يمحيّ مِنَ ذهنكَ فكرةِ تقبيلهما ، و مُستقراً بِـ عينايّ فَـ يمحيّ عنهما السِحرُ الـ قادكَ لهُما ، و ترحلُ دونَ أنَ تترُكَ لِـ قلبيّ الموجوع إلتفاتةِ !
تعال وَ أخرجنيّ مِنَ ذا الضجيجَ ، أمدد يداكَ و انتشلنيّ ، تحدثَ كثيراً خلفَ أذنيّ فـ صوتُكَ كُل صلواتيّ الـ تُحقق معنى الآمانَ ، و عينيكَ موانئ الغرقُ الـ أشتهيها ، و ذقنُكَ مصدرُ ولاداتِ التوتْ . تعال !! قِفَ مُصلياً ، داعياَ : أنَ ي الله قلبُها صغيرٌ لا يقوى ، وَ لا يستحِقُ إلا الحُبْ ، الحُب المُجردْ / المُتضخِمْ / الصادِقُ وَ الكَبيرُ جدًا !! لا لا ، قُل : يَ الله قلبُها موجوعٌ بما يكفيّ لأنَ تنسل رائحةَ الموتِ عبر أوردتها / كلماتِها / خِصال شعرها / قنانيّ عِطرها ، وَ أنا يَ الله آخر خيوطِ الآملِ الـ تصلها بِـ الحياةِ وَ الرغبةِ ، وً أنا خيطٌ هزيلٌ أوصلها دائماً بِـ الخيباتِ / فَـ يَ الله أجعل منيّ صالحاً بما يكفيّ لأنَ أرمم حِطام قلبها و أذيقها لذاتِ الحُب الأولى بصورةٍ تزيدُ شهيتها لأنَ تحيا مُتمنيةً أنَ عنيّ لا تنقطِع !
يَ أحمقْ !! أنا دونكَ كيف أكونُ ، وَ أنتَ بلا حُبيّ الرماديّ كَيف تحيا ....!!!!!