آخر آيتين من سورة البقرة

(
آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللَّهِ وَمَلائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ وَقَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ ()

لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا رَبَّنَا وَلَا تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْرًا كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِنَا رَبَّنَا وَلَا تُحَمِّلْنَا مَا لَا طَاقَةَ لَنَا بِهِ وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا أَنْتَ مَوْلَانَا فَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ )




شرح الإمامين النووي وابن حجر لقوله صلى الله عليه وسلم: (كفتاه)

والصحيح من هذه الأقوال كلها كما قال الحافظ ابن حجر وقبله الإمام النووي رحمهما الله: "يجوز أن يراد ذلك كله، ففضل الله واسع، فإذا قرأتُ هاتين الآيتين حصل لي ما يعنيني عن قيام الليل إن لم أقم، وحصل لي ما يغنيني عن قراءة القرآن كله إن لم أفعل، وحصل لي ما يعنيني في باب الاعتقاد، كما حصل لي الكفاية من شر كل ذي شر" من الشياطين ومن الجن والإنس، ومن كل أنواع الشرور "
وكذلك يحصل لي الكفاية إذا قرأتها من أن أطلب عملاً آخر أطلب به نفس الأجر والمنزلة من الله سبحانه وتعالى".

ونأخذ من هذا قاعدة في الفضائل، قال: "ما جاء من الفضائل عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أو في كتاب الله عز وجل مطلقاً، فالأصل فيه أن يبقى مطلقاً"

أي: ما لم يخصصه الله أو رسوله صلى الله عليه وسلم يبقى مطلقاً ولا نحجر فضل الله تبارك وتعالى، فالله ذو الفضل العظيم.يقول ابن حجر رحمه الله بعد ذلك معقباً:

"إن هذه الأوجه بعضها دل عليها أدلة صريحة، من ذلك: الوجه الأول" والذي هو بمعنى: كفتاه من قيام الليل.

قال: "إن ذلك ورد صريحاً في حديث أبي مسعود رضي الله عنه نصه : {من قرأ خاتمة البقرة أجزأته عن قيام الليل }.ودليل الوجه الرابع والذي هو بمعنى كفتاه كل شر.

وقد دل عليها حديثان رواهما الحاكم وصححهما قال صلى الله عليه وسلم: {لا يقرب الشيطان داراً قرئت فيها ثلاث ليال

وفي رواية أخرى: {لا يقربه الشيطان -أولا يدخل الشيطان معه- تلك الليلة }

وذكر الشيطان يشمل ما بعده، فالشيطان رأس كل شر، فإذا لم يدخل الشيطان فلن يدخل أتباعه من الجن، وكذلك أولياؤه من الإنس، فإذا كفي الإنسان الشيطان فقد كفي كل شر؛

لأن الشيطان أصل كل شر يقع في هذا العالم، أعاذنا الله وإياكم من شره.

إذاً: هاتان الآيتان اشتملتا على أصول الإيمان كما هو عند أهل السنة والجماعة ، وهذا ممـا يدل علـى أن مذهب أهل السنة والجماعة تشهد له النصوص المتضافرة المتظاهرة في كل مسألة.