سأفعلها .. ماذا عنكم؟

رنا الشهري

يعترف لي مقهقها بأنه يملك أكثر من حساب فيسبوكي وأكثر من عشرين حسابا على الهوتميل بعد أن فرقع حسابات سابقة لي كنت أستحدثها كلما فعل أفعاله المجنونة بها.

صار مؤخرا ينثر حسابي بوابل من الرسائل المختلفة شكلا ورسما ومعنى من حسابات لا تتشابه، فمرة يبدو قديسا وديعا، ومرة يصير غولا، ومرة يكون إنسانا عاديا، إن أردت أن تبحث عما يميزه فهو أنه يبدو كأي إنسان عادي.

وبعد هذا السيناريو المثير للاشمئزاز اعترف لي صراحة بأنه هو فلان وفلان وفلان ولا ننسى أيضا أنه كان فلانا.

تابعت اعترافه ذاك بالكثير من الدهشة، طلبته تفسيرا واحدا لما فعل، ولأنني شديدة الفضول مع هذه الظواهر فقد طلبته بالكثير من الترجي أيضا أن يفهمني ما السر في أن يكون هو (كل هؤلاء الناس؟).
قال: أحيانا لي أسباب وأكثر الأحيان ليس عندي سبب واضح غير التسلية.


قلت: فما الذي يرغمك على المجيء إلى العالم الغريب المزعج غير المسلي الذي يسمونه الإنترنت؟.
قال: أريد أن أجرب كل شيء!.


قلت في أدب لا بأس به: لكنك معتل العقل كمستعمرة مجانين كاملة، كن أنت، إبق على سجيتك.

غادرني وهو يعدني بالمزيد من الحيل، لكنه باح لي بأنه ليس الوحيد في هذا الفضاء الذي يجيد حبكة هذه الحيل وهو ليس استثناء عن بقية أصحابه ومنافسيه.

وأضاف أخيرا: أنا نظيف اليد، بالمناسبة، لم أتجاوز الحدود مع أحد، أنا لا أفعل أي تجاوز أخلاقي، لكن غيري يفعل.

أردت أن أصطنع له محاضرة مملة طويلة على غرار محاضرات الدكتور إبراهيم الفقي، ولكني تراجعت وفكرت:

ولو لم يكن راضيا عما تبدو عليه نفسه الحقيقية فماذا يصنع سوى التفريغ والشحن في هذا العالم الافتراضي الإنترنتي؟

وعلى كل، حتى ولو لم يكن راضيا عن ذاته فقد بدا لي مسخا بشريا متلونا وارتعدت حقيقة من فكرة أن هناك كثيرين يشبهونه، طبعا لا يشبهونه في شكله أقصد في تصرفه الغريب هذا.

بقيت فترة مطولة حتى قابلت صديقة لا ترفع بصرها عن هواتفها المحمولة وأجهزتها التي لا أتخيل كيف تحملها كلها في حقيبة واحدة، عرفت منها أن لها ثمانية حسابات فيسبوكية أحدها بشخصية ذكورية مع العديد والمزيد من الحسابات في شبكات اجتماعية أخرى.

إذا، القصة ليست جديدة على (بني الإنسان) هؤلاء، والموضوع سارٍ مفعوله حتى على البنات.
ليس هناك سوى تفسير واحد بسيط سبقني به فرويد في تفصيليته المسماه بــ (الهو والأنا والأنا الأعلى).


هؤلاء يصنعون لهم حسابا في حالة (الهو) وهي الشخصية التي لا تعطي لهم صلاحية ممارستها علنا في المجتمع؛ لأنها متجاوزة على الثوابت والقيم التي رسمها المجتمع ويفرضها على أفراده أحيانا فلا يجدون سوى فضاء النت يتسع لأخيلاتهم ومشاكساتهم.

ثم تراه ينشئ له حسابا آخر لكن في حالة (الأنا)، فيكون بشخصيته الطبيعية التي توازن فيما بين خلجات نفسه وما بين متطلبات مجتمعه فيظهر بمظهر مقبول نوعا، ويضيف لحسابه هذا أهله ومعارفه (ومن يعزون عليه).

وقد يأتي بحساب آخر في حالة (الأنا الأعلى) فيتحول إلى ناسك ممتلئ بأعلى درجات النزاهة.
أخبرت هذه الصديقة بأنني قابلت شخصيات مثلها تماما تحب أن تتقمص الألف دور، ضحكت علي بعد أن نلت منها قدرا لا بأس به من الشماتة.


قلت في خفر كأنه الوجوم: لم أفعل هذا من قبل، لكني الآن صممت أن أفعل، وربما سأختلق اسما من الأسماء التي تثير ريبة الناس ثم أضحك بعدها وأقهقه على سذاجتهم كما حصل لي، ستكون حماقة مسلية بالتأكيد.

لا لن أقول (بالتأكيد) الآن، بل سأؤكد لكم في وقت لاحق ــ بعد التجربة ــ إن كانت فعلا مسلية أم لا.

___________


هل تعتقد/ي هذه التجربة فعلاً مسلية أم لا ؟؟؟ ولـــمــــاذا ؟؟


*** همسسسسه ***

همسة لكل شاب وفتاة

>>> انـــتـــــــبــــــهــــــو عــلـــى أنــفــــســـــكـــــم <<<