>> أقرأو بـِ قلوبكم :


الأمان المفقود



لا شيء يحرضك على التحليق باطمئنان

مثل وجود

مصدر ثابت.. للأمان

لا تهزه ظروف .. و لا تغيره أحداث



و إن أكبر دليل على اهتمام ربنا بتحقيق الأمن النفسي لنا ..

هو إنزاله للقرآن الكريم عامة و لسورة الفاتحة خاصة





( لاَ تَحْزَنْ إِنَّ اللّهَ مَعَنَا )

(التوبة : 40 )




أوشك أن أجزم أن معظم ما نعانيه

من صدمات

و انهيارات

و انتكاسات نفسية متتالية

مرده في حقيقة الأمر

إلى أمر واحد فقط

هو تعليق أملنا و رهن أماننا بـــــــ( مخلوق)









حسنا تأمل معي هذا الحدث:

كفار قريش ينتشرون

بحثا عن محمد - صلى الله عليه وسلم – و صاحبه

لينالوا منهم

و أبو بكر - رضي الله عنه - في موقف

أبعد عن ما يكون عن الإحساس بالأمان



يقول ابن سعدي : ( حزن واشتد قلقه )

ويشرح لنا القرطبي سبب هذا الخوف فيقول :

( إن حزن الصديق إنما كان خوفا على النبي صلى الله عليه وسلم ) .



ومع هذا الخوف المحتدم .. و القلق المستبد

يكون هذا الحوار :

أبو بكر : ( لو أن أحدهم نظر إلى قدميه لأبصرنا تحت قدميه)

ويأتي الرد الهادئ الواثق :

( يا أبا بكر، ما ظنك باثنين الله ثالثهما ؟! )



فيخلدها القرآن كأجمل ما يُخلَّد

( لاَ تَحْزَنْ إِنَّ اللّهَ مَعَنَا )






أتدري لماذا كان هذا الرد

لتتشرب قلوبنا هذه الحقيقة القلبية العاطفية الإيمانية الصادقة

لنعي أن المصدر الأول للأمان

هو الله



تقول أ.العنود الطيار

في كتابها (تأملات في الإعجاز النفسي والاجتماعي في القرآن والسنة) :

( الله هو مصدر الأمن الرئيسي في هذا الكون

و عن طريقه يستمد الإنسان أمنه العقلي والنفسي والجسمي )



نعم

الله جل في علاه

هو المصدر

وكل ما دونه

منبثق عنه .. لا مشترك معه






أريدكم أن تتخيلوا معي هذا المثال جيدا

فهو خير تقريب .. بعد كلام الحبيب

( وَتِلْكَ الْأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ)



تخيل معي أنك تشد قلبك بحبل

ثم تربطه بالسماء

أي ثبات هذا .. و أي سمو .. وأي سكينة و استقرار

(فَأَنزَلَ اللّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ)

بل أي تحليق ستعيشه ؟!!



والآن عد مرة أخرى

و أربط قلبك بحبيب ( تظن أنه قريب)

هب أن صاحبك قد انهار ..

تهاوى ..

أو حتى ابتعد عنك

تخيل الألم الذي ستشعر به

حينما ينتزع (الحبل المشدود) .. قلبك من بين أضلعك



حسنا

هل تستشعر ذلك؟!!



لماذا ترضى لنفسك بهذا الألم المتكرر ؟!




نعود

هل تقسم أن من تربط قلبك به

سيظل (قريب)

إن كان كذلك

هل تضمن أن الظروف ستجعله قريب دائما ؟

هو نفسه .. لا يملك تسيير ظروفه

فكيف تراهن أنت على ذلك؟!!

( وَمَن يُدَبِّرُ الأَمْرَ فَسَيَقُولُونَ اللّهُ فَقُلْ أَفَلاَ تَتَّقُونَ)



حسنا كف عن هذا

إن اشتراط القرب الدائم .. ( كمال)

و ( الكمال) لا يكون إلا (لذي الكمال) سبحانه

ذلك أن (الباري جل جلاله لا يفوته من صفات الكمال شيء بوجه من الوجوه )

كما يقول ابن سعدي



أما صاحبك فمخلوق ضعيف ..

{ وَخُلِقَ الإِنسَانُ ضَعِيفًا}



إذا كيف تطالبه بأمر فوق طاقته الإنسانية الضعيفة ؟!




يا أحباب .. الرسالة واضحة




( إِنَّ اللّهَ مَعَنَا )

هي رسالة لكل قلب أن يجعل ارتباطه الأول بالسماء



( إِنَّ اللّهَ مَعَنَا )

هي توجيه لكل من عانى من مرارة الخذلان

أن كف عن هذا

و أربط قلبك ( بِحَبْلٍ مِّنْ اللّهِ )

لا (حَبْلٍ مِّنَ النَّاسِ )



( إِنَّ اللّهَ مَعَنَا )

هو إحساس محلق

صدَّق به موسى – عليه السلام -

و ووصانا به محمد - صلى الله عليه وسلم -

لنا أن نجربه ونشاركه التحليق

ولنا أن نقعد مع القاعدين

(وَقَالُواْ ذَرْنَا نَكُن مَّعَ الْقَاعِدِينَ)




بإيجاز

مصدر الأمان يجب أن يكون قريب دائما ,وقوي, و ثابت أيضا

و لا أحد سوى ( الله )

{ وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ }

{ أَنَّ الْقُوَّةَ لِلّهِ جَمِيعاً}



ولا يكفي أن تكون مؤمنا بذلك

كثيرة هي القناعات التي نكتفي بالإيمان بها



صدقني ..الإيمان الذي لا يُطبق

ليس إيمانا صادقا



قد يحتاج الأمر منك لبعض الدربة في أول الأمر

غير أنك حتما ستصل !!




... دمتم بأمان من الله ..!