السيد سبونج بوب المحترم !
أقف إجلالاً لك سيدي ، وأنزل قبعتي ( مع إنني لا ألبس قبعة ) ، إذاً سأنزل عقالي العربي إذا لبسته .
سيدي .. الكل يعرف إنك مجرد إسفنجة صفراء ! والكل يعرف إنك الوريث الشرعي لبوكي مون رحمه الله إن صحت الرحمة عليه .. وأنك أستلمت العهدة منه ، وأنك الوصي علينا لقبض أموالنا ، فأنت الوحيد المستـشعر لهمومنا وأحاسيسنا .
سيدي سبونج بوب ! أعلنها صرخة ! وعلانية ، وبدون مجاملة مني ككاتب أو مؤلف .. فأنا معجب بك وبذكائك اللامحدود واللامعدود ، وحتى وإن كنت مجرد أسفنجة صفراء ! وحتى وإن كانت أخواتك قابعات في مغاسل مطابخنا ، أو ملطخات بسواد الطبيخ العربي .. لكن العبرة في النهاية ، والذكي من يلعبها صح !
أولاً: أرفع الوشاح الأبيض إستسلاماً ، وثانياً : إعترافاً وشكراً لعرفاناً علينا أنت صاحبه .. فلقد ذللت الصعاب سيدي ، وأستعمرت كل زاوية في حياتنا .. وحتى دخلت بيوتنا وملأت محلاتنا وأفرغت جيوبنا ، وحتى وجدتك أمامي في كل شؤون الحياة ، وحتى بكى لك الطفل الصغير ، وحتى توسد شبحك الأصفر الأب الكبير ، وحتى أصبحت صورتك القبيحة المستطيلة معلقة في كل مكان من بقاع عالمنا الخليجي الجميل ، وحتى أصبحت رمزاً لإثبات الحب والصداقة بين فتياتنا ، وحتى ُوضعت هدية بين أزواجنا وزوجاتنا، وحتى جاورت صورتك صور أجدادنا وأسلافنا ، وحتى فزت بجدراة بلقب الرمز الساحر الذي يفوق وزنه ذهبا .. إذ وجود صورتك على أي سلعة يرفع سعرها خمسة أضعاف .. لما لا ! وأنت بحر من الذكاء لا شاطئ له! .. لما لا ! وقد أصبح أسمك وأسماء أبناء عمومتك وأصدقائك على طرف كل لسان يقدح ويصدح بالعربية .. فهنيئاً لنا سبونج بوب ، وسلطع أو ملطع .. سامحني فقد خانتني ذاكرتي من فرحة كلامي ، ونسيت باقي الأسماء .
صدقني سيدي أسفنجة ، لا أعرف إن كان حال باقي العرب كحالنا ، فأنا لم أسافر مؤخراً ، لذا لا أعرف مابقيت عليه عقولهم وعواطفهم ، وهل استعمرتها كما فعلت بنا .. لكن أرجوك كن صريحاً معي وأجبني : هل أنت متعاقد مع بعض القنوات العربية كي يتوافق ظهور ألعابك وأمتاعك وصورك مع برامجك ؟ هل نحن مستهدفون ؟ وهل سحرك مقتصر على بعض الناس ؟ أو هي غازات هستيرية تخـرج من ثـقـوب وجهك الأصفر فتخدرنا ؟ ( بحق لا أعرف وخائف أن أعـرف)
تريد الصراحة ، أنا أستسلم ، وسأنهي أعتذاري سيدي بقصة حدثت لي ، وأعتقد إنها ستعجبك لتضحك على الأمة التي أدمنت رؤيتك ، يوماً كنت أتسوق بمحل تجاري بالمنطقة ، ورأيت عربة تسوق قد ملئت بأربعة من مجسماتك ، ومثلهن من المخدات ، وأربع أحذية عليها صورتك ، وإذا بصاحبها يسأل البائع ، لما سعرها أغلى من غيرها ؟ فقال " صورة سبونج بوب العظيم " ، وبعد دفع فاتورة الحساب بالمبلغ الفلاني ، أستوقـفت الرجل عنوة عند باب الخروج ، وسألته: هل تعرف مامعنى سبونج بوب بالإنجليزية ؟ فقال لي : أعتقد إنه جبنة ، نعم جبنة ! اليس كذلك ، فهو يشبه الجبنة الشيدر ذات الثقـوب .. فقلت له تشتريه ولاتعرف من هو ، فقال لي ، نعم أعرفه ، إنه سبونج بوب ، صدقني إذا لم أشتريه فلن أنام هذه الليلة من الصراخ والعويل.
سيدي .. سامحني إن تجاوزت الخطوط الحمراء وتكلمت في مقامك ، فمن أنا ومن أنت ؟ لكن هو شرف لي أن أضع مدادي رهناً لبطولاتك ، فأنت الحق والأحق أن تستولي على حساباتنا المليونية التي تحول للخارج بأسمك ، لكن أخر سؤال أطرحه عليك ، وأعدك أني لن أخبر به أي مخلوق ، وإني لن أستغله كي أتربع سلم الشهـرة : " من هي الشخصية القادمة ؟ "

فوزي صادق / روائي وكاتب