قَآلَ اللهُ تَعآلَى : [ وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاءِ ... ] وقَآل سُبحآنَه : [ وَهُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ ] .
عَن عُمرآنَ بِن الحُصَين رَضي اللهُ عَنهُمآ قآل : إنّي عِندَ النّبِي إذ جآءهُ قَومٌ مِن بَنِي تَمِيم , فَقآل : اقبلوآ البُشرَى
يآ بَنِي تَمِيم , قآلُوآ بَشرتَنآ فأعطِنآ , فَدخَل نآسٌ مِن أهلِ اليَمن فَقآل : اقبلوآ يآ أهلَ اليَمَن إذ لَم يَقبلهآ بَنو تَمِيم .
قآلُوآ : قَبلنَآ , جِئنآكَ لنَتفقهَ فِي الدِين , ولنَسألكَ عَن أولِ هَذآ الـأمَر مآ كَآن ؟ قَآل :
كآنَ اللهُ ولَم يَكُن شَيءٌ قَبلَه , وكَآنَ عَرشُهُ عَلى المَآء , ثُم خَلقَ السَموآتِ والـأرَض , وكَتبَ فِي الذِكر كُل شَيء ...] .
وعَنه صَلوآتُ اللهِ وسَلـآمُه عَليه قَآل [ كَآنَ الله ولَم يَكُن شَيءٌ غَيرَه , وكآنَ عَرشُه عَلى المَآء
وكَتبَ فِي الذِكر كُل شَيء , وخَلقَ السَموآتِ والـأرَض ]
وفِيمآ ثَبتَ عَنِ الرَسولِ صَلوآتُ اللهِ وسَلـآمُه عَليه انّه كآنَ يَقُول إذَآ أوَى إلى فِرآشِه [
اللهُم رَب السَموآتِ السَبع ورَبُ الـأرَض ورَبُ العَرشِ العَظِيم , ربنَآ ورَبُ كُل شَيء ,
فآلِقُ الحَبِ والنَوى , ومُنزِلُ التَورآةَ والـإنجِيل والقُرآن , اعوذُ بِكَ مِن شَر أنتَ آخِذٌ بنآصِيتِه ,
أنتَ الـأولُ فَليسَ قَبلَك شَيء , وأنتَ الـآخِرُ فَليسَ بَعدَك شَيء , وأنتَ الظآهِرُ فَليسَ فَوقَك شَيء ,
وأنتَ البآطِنُ فَليسَ دُونَك شَيء , اقض عَنّي الدَين واغنِني مِن الفَقر ]
وهَذآ الحَديثُ مُفسِرٌ لِقولِه تَعآلَى : [ هُوَ الْأَوَّلُ وَالْآَخِرُ وَالظَّاهِرُ وَالْبَاطِنُ ] .
وحَديثُ عُمرآنَ فِيه تَفسيرٌ لِقولِه [ هُوَ الْأَوَّلُ ] وتَفسيرُ قَول رَسول اللهِ صَلوآتُ اللهِ وسَلـآمُه عَليه
حِينَ قآل [ كآنَ اللهُ ...] فـ كآنَ هُنآ تُفيدُ الـأزَليّة , وهِي مآلـآ بِدآيَة لَه , أي لـآ بِدآيَة لَه سُبحآَنَه ,
وقَولِه [ كَآنَ الله ولَم يَكُن شَيءٌ غَيرَه ...] مَعنآهُ نَفيُ الـأزليّة عَمآ سِوآه , أي : لَم يَكُن شَيءٌ غَيرُه
كَكونِه سُبحآنَه , إذ كُل مَخلُوق كآنَ بَعد أن لَم يَكُن , فالحَدِيثُ فِيه تَقريرُ التَوحِيد وهُو مَعنى [ لـآ إله إلـآ الله ]
فَفيهِ نَفيٌ وإثبَآت , نَفي للـأزليّة عَن كُل مَخلُوق بِعينِه , فَهي مِن صِفآت الـألوهيّة , وإثبآتُهآ لَه سُبحآنَه ,
وقَولِه [ كآنَ اللهُ ولَم يَكُن شَيءٌ قَبلَه ...] هُو بالتَأكِيد لَمعنى الـأزليّة فِي قَولِه [ كآنَ اللهُ ... ] .
وعَن ابِي رَزينَ قَآل : قُلتُ يَآ رَسولَ الله ! اينَ رَبنآ قَبلَ ان يَخلقَ خَلقَه ؟ قَآل : كآنَ فِي عَمآء
مَآ تَحتَه هَوآء , ومَآ فَوقَه هَوآء وخَلقَ عَرشه عَلى المَآء " رَوآهُ التِرمِذِي .
ومَعنَى الحَدِيث : العَمآءَ هُو السَحآب . والفَوقُ والتَحتُ يَرجِعآنِ إلى السَحآب لـآ إلى الله تَعآلى
وفِي مَعنَى [ فَوقَ ] فالمَعنَى كآنَ فَوقَ السَحآب بالتَدبِير والقَهر ولمّآ كآنَ القَومُ يَانَسونَ بالمَخلوقآت سَألوآ
عَنهآ , والسَحآب مِن جُملة خَلقِه ولَو سُئِلَ عَمّآ قَبل السَحآبِ لـأخبَر انّ اللهَ تَعآلَى كَآنَ ولـآ شَيء مَعه .
كَمآ فِي الحَدِيث المَذكُورِ آنِف عَن عُمرآنَ بن حُصينَ عَن رَسولِ اللهِ صَلوآتُ اللهِ وسَلـآمُه عَليه انّه قآل
: [ كَآنَ اللهُ ولـآ شَيءَ مَعه ... ] .
والحَديثُ السآبِق لـأبِي رَزينَ قَالَ فِيهِ كَثيرٌ مِن العُلمآء هَذَا مِنْ حَدِيث الصِفَات
فَنُؤمِن بِهِ وَنكِلُ عِلْمه إلَى عَالِمه .
ومِن الـأحآدِيث السآبِقة كَذلِك يتَضِحُ لنَآ الخَطا المُتفَشي فِي الكَثير حِينَ يُسأل عَن
اول مآ خَلقَ الله فَيجيبُ بالقَلم , وهَذآ لَيسَ بِصحِيح عَلى قَول الرآجِح مِن اهلِ العِلم
فَالـأحآدِيثُ السآبِقه تُبين ان المَاء خُلقَ قَبلَ القَلم وقَبل السمآوآت والـآرض كَمآ ذُكِر فِي الحَدِيثِ
المَذكُور سآبِقًا [ كَآنَ الله ولَم يَكُن شَيءٌ غَيرَه , وكآنَ عَرشُه عَلى المَآء ...] .
المفضلات