الوحوش البريئة !

**~~**00.00.01**~~** · 08-03-2011, 12:26 AM

كلما تأملت مشاهد القتل والقمع في ليبيا تذكرت فيلم (البريء)، من بطولة الفنان الراحل أحمد زكي، والذي أعتبره واحدا من أجرأ الأفلام في تاريخ السينما المصرية، وأنصحكم جميعا بمشاهدته في هذا الوقت العصيب الذي تمر فيه الأمة العربية بتحولات خطيرة وثورات ضد الظلم والفساد والجهل، فهو موجود على موقع اليوتيوب، بما في ذلك مشهد النهاية الساخن الذي أصرت السلطات الأمنية المصرية على حذفه قبل عرض الفيلم عام 1986، ولم يتم الإفراج عن هذا المشهد إلا في عام 2005، أي بعد 19 عاما من إنتاجه.
الفيلم الذي كتب قصته وحيد حامد، وأهداه إلى عشاق الحرية في كل زمان ومكان، وأخرجه عاطف الطيب يحكي قصة شاب قروي بسيط (أحمد زكي) لا يعرف شيئا في هذا العالم سوى قريته الصغيرة، وتربطه علاقة صداقة بالشاب الجامعي الوحيد في القرية (ممدوح عبد العليم) الذي ينصحه بتلبية نداء التجنيد الإلزامي لمحاربة (أعداء الوطن).
وبعد أن يلتحق أحمد زكي بالتجنيد الإلزامي، يتم إرساله إلى معتقل معزول في الصحراء يضم خلف قضبانه مجموعة من المعارضين السياسيين من كتاب وأكاديميين، فيظن أن هؤلاء هم (أعداء الوطن)، لذلك يشعر بالاستغراب من إعطائهم الطعام ويتساءل بسذاجة حارقة: (وبتأكلوهم كمان؟!)، ويشارك هذا المجند البسيط بحماسة بالغة في عمليات تعذيب هؤلاء المعتقلين، وحين يقرر مجموعة منهم الهروب من المعتقل يشارك في عملية مطاردتهم، ويقوم بخنق الكاتب المعروف (صلاح قابيل)، فيقول له هذا وهو يلفظ آخر أنفاسه: (أنت مش فاهم حاجة)!.
وبعد أيام قليلة، يتم إحضار صديق طفولته (ممدوح عبد العليم) إلى المعتقل، ضمن مجموعة من الطلبة الذين شاركوا في تظاهرات احتجاجية في الجامعة، ويتم تعذيبهم بطريقة بشعة، فيعرف أخيرا من هم (أعداء الوطن) الحقيقيون!، وباختصار، فإن قصة الفيلم تتحدث عن برمجة الإنسان كي يكون أداة بيد السلطة الغاشمة، وكيف يتم استغلال الجهلة لقمع من يدافعون عن حقوقهم، فيتحول هؤلاء الجهلة إلى (وحوش بريئة) تسفك الدماء البريئة، وهي تظن أنها تخدم الوطن!.
ما يحدث اليوم في ليبيا من عمليات قتل وحشية يجبرنا على أن نرفع القبعة احتراما للجيش المصري الذي لم يتورط أفراده في عمليات قتل المدنيين خلال ثورة الشباب في مصر، ويذكرنا دائما بأن أكبر خطر على الأوطان هو ذلك المجند البريء لأنه: (مش فاهم حاجه)!.

الكاتب\ خلف الحربي

منقول