- قالت لي مُحدّثتي :



أتعجَّب كثيرًا مما يفعله والدي في الصباح فقد كان يجمع علب الحليب ذات الحجم الكبير ويغسلها !



حتى علمتُ فيما بعد أنَّهُ يأخذها معه إلى المسجد ويتركها عند برادات الماء التابعة للمسجد فيأخذها العمال وينتفعوا بها !



أبتسمُ طويلًا كُلَّما تذكرت قولها وكأنِّي به قد وضع نصبَ عينيْه أنْ /



تَزَوَّدْ مِنَ التقوى فإنكَ لا تدري * إذا جنَّ ليلٌ هل تعيش إلى الفجرِ ؟



إنَّهُ العطـاء ,



لهُ أهلٌ قد شُغفوا به و مالت أنفسُهم إلى ماعند الكريمِ الرحمن سُبحانه



فتاقت أرواحُهُمْ وتطلَّعتْ إليهْ , وسارتْ في كُلِّ دربٍ مُوصلٍ إليهْ ,



حتى ينتهي بهم الدرب إلى جنةٍ عرضها السماوات والأرض أُعدت للمُتقين !



لا عجب ! .. ألم يقل الله تبارك وتعالى :



{ وَأَنْ لَيْسَ للإنسَانِ إلَّا مَا سَعَى وَأَنّ سَعْيَهُ سَوْفَ يُرَى ! } ؟



إنَّ العظماء والنُّبلاء وأصحاب النُّفُوس الكبيرة لا تكاد أعينهم تقرّ بنعيم



ولا يستقيم له حال ولا يطيب لهم عيش إلا بالعطاء ..



فتراهُم أولي أرواح نديَّة وأيدٍ سخيَّة و أخلاقٍ عشبيَّة و ابتسامة ماطرة و قُلُوبٌ بالحُبِّ والبذل زاخرة ..



باختصار / هُم غيْثٌ لا ينقطعْ ! .. فلاريب أن يكُونُوا هُم أسعد الناس وأحسنهم خلقا !



وأذكر أنَّ بعضهم عرَّفَ: الخُلقَ الحسنَ بأنَّهُ /



كفُّ الأذى و بذل الندى (العطاء) و الصبر على الأذى و الوجه الطَّلق !



ولنا في رسُول الله صلى الله عليه وسلم أُسوةٌ حسنة حيث كان من أسخى الناس و أجودهم وأكرمهم ,



أما قالت له خديجة رضي الله عنها مُخفِّفةً عنه وَ مُثبتةً له :



[ كلا أبشر ، فوالله لا يخزيك الله أبداً .. !



إنك لتصل الرحم ، وتحمل الكل ، وتقري الضيف ، وتعين على نوائب الحق ] !



فكأنَّها تقول لا تحزنْ , فـما جزاء الإحسان إلا الإحسان !



نعم والله ..



فالعطاء قِبْلَةُ السعادةِ و التوفيق كما هي الأعمال التطوعيَّة



إذ تبقى دائِمًا تنضح بالخير حتى أنَّهُ صلى الله عليه وسلم ,



حينما جاءه رجلٌ يشكو قسوةَ قلبِهِ، أوصاهُ أنْ / إذا أردتَ أن يلين قلبك و أن تدرك حاجتك فامسح رأس اليتيم، ..!



- إنَّ من الجميل أن يُعطي الإنسانُ بلا أسباب ولا مناسبات ولا ينتظر الشُّكر ولا رد الجميل ولا يتوق إلى المقابل..



فإنَّهُ إذا ألزم نفسه بهذه السياسة وتدربت روحه و مرنت مع هذه الرياضة أفلح و فاز برضا الله ومحبته ..



ومن الذي ينشد غيرها ؟!



ألم يقل الله تبارك وتعالى : { إنَّ اللهَ يُحبُّ المُحسنين } ؟



والله هذه هي الغاية وأصحاب الهمم العالية و المطالب الغالية



لا يلتفتون إلى أي ردٍ للإحسان مُقابل الإحسان الأكبر من الرحيم الرحمن فإنَّ العُمر يفنى و الأنفاس تُعدّ والأيام تنقضي !



فرابح أو خاسر..و بخ بخ لمن أعطى وأعطى فمات و الذكرُ يُخبر / أنَّ ما كان هوَ لله ثُمَ للتاريخ ؛ فليشهد .!





- إشــارة /



فارفع لنفسك بعد موتك ذكرها ×× فالذكرُ للإنسانِ عمرٌ ثاني ,