همساااات إلى القلوب المكلومة
خلق الله هذا الكون العظيم اللامتناهي

وجعل له قواعد ثابتة لا تتغير

يسميها العلم : قوانين الكون

ويسميها الشرع : السنن الكونية .

ومنذ بدء الحياة على الأرض كانت هناك سنن ثابتة في حياة البشر ,,, سنن لا تتغير حتى يرث الله الأرض ومن عليها .

من هذه السنن : الحياة والموت , وما بينهما من ابتلاء وتمحيص .

نأتي هذه الحياة نبكي ... والناس حولنا فرحين

ونغادرها إلى حياة أخرى والناس حولنا باكين .

ومابين قدومنا ورحيلنا رحلة قصيرة جدا ً لو قيست بعمر الزمن .

رحلة تنتهي بالموت الذي يتساوى فيه كل البشر .

فسبحان من ساوى بالموت بين الملوك والعبيد .

بعد الموت : هناك محطتان لا ثالث لهما :

إما جنة .......... وإما .. نار

لو نظرنا إلى طريق النار لوجدناها حفت بالشهوات

أما طريق الجنة فقد حفت بالمكاره .

والمكاره تحتاج إلى الصبر . فالصبر من الإيمان كالرأس من الجسد .

ولو تأملنا في الصبر لوجدنا أنه يدخل في معظم أخلاق الإيمان .

فالصبر على الطاعة ..... وعلى النعماء .... وعلى المصيبة والمكروه .... وعلى الابتلاء

في الابتلاء تطهير من الذنوب

وزيادة في درجات أهل الصبر والرضا .

يقول زين العابدين :

الرضا بالقضاء أعلى درجات اليقين .

وفيه تمحيص لمعادن الرجال :

ويقول أيضا ً :

إن العافية سترت البر والفاجر ... فإذا نزلت البلايا استبان عندها الرجلان !!!!!!!

والمعنى : أن الناس تتساوى عند العافية ,,,,,,,, إلا أنهم يتمايزون في الابتلاء .

ومن رحمة الله أن اللطف يرافق البلاء فيعين على حمله .

ولو تفكر العبد فيما أصابه لوجد أن ما حل به هيّن ٌ أمام ما دفع عنه .

كان عروة بن الزبير ضيفا في دمشق على الخليفة الوليد بن عبد الملك . ذهب صبي لعروة إلى الاصطبلات يمتع ظريه بخيول الخليفة , فرفسه حصان فمات .

ثم لم يجدوا بدا ً من قطع رجل عروة بعد أن أكلتها الغرغرينا .

فحمد الله أن أخذ منه صبيا ً وترك غيره . وحمده أن أخذ منه رجلا ً وترك له
الأخرى !!

وعندما عاد إلى المدينة جاءه المعزون ,,, فلم يزد على أن قال : لقد لقينا من
سفرنا هذا نصبا .!!!!!

إنه صبر جبابرة الإيمان .

في الحديث القدسي :

إذا وجهت إلى عبد من عبادي مصيبة في بدنه أو ماله أو ولده ثم استقبل ذلك
بصبر جميل , استحييت منه يوم القيامة أن أنصب له ميزانا ً أو أنشر له ديوانا .
وفي الحديث الشريف : لايزال البلاء بالمؤمن والمؤمنة في جسده وفي ماله وفي
ولده حتى يلقى الله وما عليه خطيئة .

قال الحسن : الصبر كنز من كنوز الجنة , ,, لا يعطيه الله إلا لعبد كريم عنده .
يقولون :

إذا صبرت َ جرى عليك القضاء وأنت مأجور !

وإذا جزعت َ جرى عليك القضاء وأنت موزور .

إن أفدح أنواع البلاء وأسده ضررا ً

ما يثلم الدين .... أو يضعف اليقين .

ومايزال المؤمن في بحبوحة وخير ما سلم له دينه .

وقد يجد الإنسان عن كل فائت عوضا ً .. وعن كل ذاهب بدلا إلا الدين ... فإنه لا
يجبر المصيبة به جابر مهما عظم !

وكل كسر فإن الله يجبره

وما لكسر قناة الدين جبران

يخرج المؤمن من الابتلاء أكثر ثباتا ويقينا وسكينة ... كالذهب لا يزيده صقله إلا بريقا ً ولمعانا .

للسكينة مصدر واحد هو الإيمان بالله واليوم الآخر ..

إيمان لا يشوبه شك ولا تردد .
السكينة ثمرة من ثمار دوحة الإيمان , وشجرة التوحيد الطيبة
هي نفحة من السماء ينزلها الله على قلوب المؤمنين من أهل الأرض :

ليثبتوا : إذا اضطرب الناس
ويرضوا : إذا سخط الناس
ويوقنوا : إذا شك الناس
ويصبروا : إذا جزع الناس
ويحلموا : إذا طاش الناس .

فتضيئ قلوبهم بمحبة الله , والرضا بقضائه .. وتحيا صدورهم بذكر الله فلا يأنسون
إلا به , ولا يستنيرون إلا بهديه .

إن قلبا ً أنت ساكنه
غير محتاج إلى السرج

لقد أفنى الفلاسفة أعمارهم , وأذابوا شموع حياتهم دون ان يجدوا ثمرة تشبع جوعهم الفكري.
إلا أن المؤمن حصّل ذلك في هدوءعندما عرف من أين جاء ؟ ولم جاء ؟ وإلى أين
يذهب ؟ ولمَ يحيا ؟ ولم َ يموت ؟ وماذا ينتظره بعد الموت ؟
عرف حقيقتها من مصدره الذي لا يضل ولا ينسى .

ومن عرف حقيقة الوجود من رب الوجود فقد هدي إلى صراط مستقيم .

حضرت الوفاة بعض الملاحدة من الفلاسفة المتشككين .. فهاله الموت . وأنشد يقول :

لعمرك ما أدري وقد أذن البلى
بعاجل ترحالي , إلى أين ترحالي ؟
وأين محل الروح بعد خروجه ؟
عن الهيكل المنحل , والجسد البالي ؟
بلغ ذلك بعض الصالحين .. فقال :

وما علينا من جهله ؟؟ !!
إذا كان لا يدري إلى أين ترحاله ؟ فنحن ندري إلى أين ترحالنا وترحاله : قال تعالى :
إن الأبرار لفي نعيم وإن الفجار لفي جحيم .
لقد أدرك المؤمن أنه برحمة من الله وبلا إله إلا الله سيدخل الجنة مع أحبابه .
يسبقهم أو يسبقونه .فاستكان لأمر الله وقضائه.. فما سخط ولا ضاق ولا تبرم .
إنه يعلم أنه : ما أصاب من مصيبة في الأرض ولا في أنفسكم إلا في كتاب من قبل ان نبرأها .

سبقت مقادير ُ الإله وحكمُه
فأرح نفسك من : لعل ومن : لو
ولست براجع مافات منّي
بلهفَ ولا بليتَ ولا لو أنّي


يقول أحد الصالحين :
إني لأصاب بالمصيبة فأحمد الله تعالى عليها أربع مرات :
* أحمده إذ لم يجعلها في ديني .
* وأحمده إذ لطف بها , ولم ينزل ما هو أعظم منها .
* وأحمده إذ رزقني الصبر عليها .
*وأحمده إذ وفقني للاسترجاع لما أرجو من الثواب .
فمن ألهم هذه الصفات فهو في عافية وإن نزل به أعظم البلاء .
لأن منزلة الحمد فوق الرضا وأعلى من الشكر .

فالحامدون مع السابقين المقربين الذين ذهبوا بالأجر كله , وفازوا بجنات النعيم .
ياربي لك الحمد كما ينبغي لجلال وجهك وعظيم سلطانك
اللهم لك الحمد . حتى ترضى
ولك الحمد . إذا رضيت
ولك الحمد . بعد الرضا .


اللهم اجعل اخر كلامي في الدنيا لا اله الا الله محمد رسول الله
اللهم ما كان من خير فمن الله و حده .. و ما كان من شر فمني و من الشيطان
اللهم لا تجعلنا ممن ضل سعيهم في الحياة الدنيا وهم يحسبون
انهم يحسنون صنعا
أخـتكم // أنـآ غـير البنـآتْ //