تعتبر القراءة النافذة إلى الفكر الإنساني الموصلة إلى كل أنواع العلم والمعرفة المختلفة، فبها يستطيع الإنسان أن يطوف في أي مكان من العالم وفي أي زمان وهو جالس على كرسيه، وبها يعرف أخبار الأوائل وتجاربهم في مختلف نواحي الحياة، وبها يلم الإنسان بكل ما جاء به أهل زمانه من العلم والمعرفة، وبها يعرف الإنسان ما يدور حوله من الأخبار والوقائع وما هو جديد.. ولذلك اعتبر اختراع الإنسان للقراءة والكتابة أول فقراته الحضارية التي يعيشها الآن.
ومما يؤكد على أهمية القراءة ومكانتها العالية أن الله سبحانه وتعالى قد حثَّ عليها منذ اللحظة الأولى لهذا الدين, فأول خطاب خاطب به نبيه محمد صلى الله عليه وآله وسلم { اقرأ باسم ربك الذي خلق * خلق الإنسان من علق } وكذلك أكد سبحانه وتعالى على أداة القراءة والكتابة ألا وهو القلم فقال { اقرأ وربك الأكرم * الذي علم بالقلم } فالقراءة هي وسيلتنا التي بها نستطيع أن نقف على كل قديم وجديد، ولهذا اعتبر تفعيل القراءة هو المعيار الذي يحكم به على مدى تقدم الأمم أو تخلفها .
ويتأكد لنا من خلال ما مر معنا سابقاً بأن للقراءة دوراً بالغ الأهمية تقوم به يكمن في الآتي:
1 – إكساب الإنسان القدرة على الرجوع إلى الكتب بحثاً عن المعرفة في معانيها المختلفة، والذي يؤهله للتعرف على ثقافته وتراثه ودينه واستيعاب منجزات العلم والحضارة فيما يفيده في توسيع مداركه وطاقاته العقلية والإلمام بمشاكل عصره ومجتمعه.
2 – إكساب الإنسان القدرة على الاستمتاع بما يقرأه من أدب وشعر وقصة وغيره مما يفيده في شغل وقت فراغه بالمفيد والممتع بدل من أن يشغل وقته بما لا يفيد .
3 – إكساب الإنسان القدرة على الكتابة الإبداعية في مختلف المجالات وذلك بعد أن يقرأ العديد من تجارب غيره المختلفة وخصوصاً من كان قبله من الماضين والتي تؤهله بعد ذلك لأن يكون مبدعاً في كل ما يقول ويكتب .
4 – إكساب الإنسان ثروة لغوية كبيرة وذلك من خلال ما يقرأه من الكتب المختلفة.
5 – الارتقاء بفهم الإنسان وتوسيع مداركه العقلية مما يؤهله إلى قوة التفكير والقدرة على الإبداع في مجالات الحياة كافة.
6 – الارتقاء بسلوك الإنسان من خلال قراءته لسير العظماء والأبطال من القادة والمفكرين فيجعل من سلوكهم ذلك قدوة ومنهجاً يقتدى به.
وغيرها من الأهداف والمقاصد للقراءة والتي تعتبر الشريان النابض بالحياة للإنسان .
فمما سبق يستنتج لنا بأن للقراءة دوراً بالغ الأهمية لا يمكن أن تستغني عنها بأي بديل كان نوعه, ولذلك رأينا العجب العجاب من اهتمام الأوائل بالقراءة وحرصهم عليها،، فما وصلنا من أخبارهم في ذلك يحير العقول، فمنهم من يهيم فيها حتى لا يدري ما يدور حوله، ومنهم من يقضي الساعات الطوال معتكفاً على الكتب والمراجع، ومنهم من يأخذ الكتاب ويمشي قارئاً لذلك الكتاب فلا يدري ما أمامه وما خلفه فيصطدم بجدار فيخر ميتاً من ذلك الاصطدام، وما شابه تلك من الوقائع التي لا يستسيغها العقل في وقتنا الحاضر.
فبهذه القراءة أنجب التاريخُ لنا علماءَ أفذاذاً شيدوا أول لبنات هذه الحضارة وأثبتوا وجودهم على مر التاريخ.
لكن وبمرور الزمن ومع ما رافقه من أحداث وتغيرات كانت سبباً في تغير الكثير من الأشياء المختلفة، وبعد أن تفجرت الثورة المعلوماتية والتكنولوجية وظهرت العديد من الوسائل الإعلامية الأخرى بدءاً بالإذاعة ومن بعدها التلفزيون وإلى جنب ذلك ظهور الإنترنت والأجهزة الإلكترونية الحديثة والتي انعكس صداها على البشرية اجمع وأحدثت تغيراً لمسه الكل وظهر جلياً للجميع. بسبب ذلك كله مال أكثرية هذا الجيل شباباً وهم المقصود أو غيرهم وبعدوا عن القراءة ويكاد أن استغنوا عنها وصار الكثيرين منهم لا يولون للقراءة اهتماما ظانين أنها أمراً بسيطاً لا تحدث أي تغيير في مجرى حياتهم.
لكن بان غير ذلك وكانت نتيجة ما يتوقعونه مخالفاً تماماً للواقع، ونتج عن هذا البعد من القراءة العديد من الأضرار والتي جناها الأفراد أنفسهم ومن بعدهم مجتمعاتهم، فمنها أنهم صاروا فقراء معرفة وعلم، انفصموا وانفصلوا عن ماضيهم المجيد لعدم معرفتهم به، لا يدرون عن واقعهم ولا عما يدور حولهم لعدم قراءتهم له، والأكثر من ذلك ظهر الفراغ جلياً في أوقاتهم فاتجهوا إلى مالا يفيد بدلاً من أن يشغلوه بالقراءة وطلب المعرفة، وصاروا منحصرين في أفكارهم وآرائهم لانغلاقهم وعدم معرفتهم بتجارب من سبقهم والذي لا يكون إلا بالقراءة ، وانعدمت الموهبة الإبداعية في مجتمعاتنا لأن العقول لم تجد من يفجر طاقاتها ويولد عندها الشحنات الإبداعية والتي لا تثار إلا بالقراءة. وغيرها من الأضرار أو الظواهر السيئة والتي سببها البعد عن القراءة .
ويمكن القول بأن التدني في مستوى القراءة في جيلنا الحاضر راجع لأسباب عديدة أهمها :-
1 - ظهور الوسائل الإعلامية المختلفة كالإذاعة والتلفزيون والتي لا تتطلب أي جهد في الحصول على المعلومات منها سوى النظر والاستماع بعكس القراءة والتي تتطلب فوق المشاهدة التركيز أيضاً.
2 – تشعب الحياة الإنسانية والتي استحوذت على معظم وقت الفرد ولم تبقِ له متنفساً لأن يستريح فضلاً عن أن يقرأ.
3 – سهولة الحصول على المعلومات التي يتحصل عليها الفرد من القراءة من أشياء أخرى قد تكون غير مكلفة كالتلفزيون والإنترنت.
4 – جهل الكثيرين وعدم معرفته بأهمية القراءة.
5 – عدم تنشئة الفرد من صغره على حب القراءة وتعوده عليها، لذا تجده في شبابه بعيداً عنها يتضجر عند ممارسته وانشغاله بها.
6 – ظهور العديد من الجوانب المسلية والممتعة الأخرى للفرد والتي يقضي فيها وقته كالأندية بدلاً من أن يقضي ويستمتع من وقته بالقراءة والتي كان السابقون يستمتعون بها.
7 – قد يكون للجانب الاقتصادي دوراً في ذلك فتجد الفرد أحياناً غير قادر على شراء ما يقرأه.
وغيرها من الأسباب الكثيرة والتي كانت سبباً في تدني مستوى القراءة في جيلنا والتي تطرق إليها الكثيرين من العلماء والباحثين وألّفوا عنها وفيها الكثير والكثير, كل ذلك ليستأصلوا هذه الظاهرة لما لها من أضرار وخيمة يعود صداها على مناحي الحياة الإنسانية جمعاً، ويعيدوا شبابنا إلى ما كان عليه من سبقهم من صفات وخصال استطاعوا بها صناعة حضارة بأكملها.. فيااخوني واخواتي اكثروا من القراءه فان القراءه مفتاح الخير لكل زمان ومكاااااااااااان تحياتي