• دخول الاعضاء

    النتائج 1 إلى 14 من 14

    الموضوع: المجموعة القصصية لـيـتـنـي مـاتـلـوثت بـك

    1. #1
      الصورة الرمزية بروفيسور ينبع
      تاريخ التسجيل
      Jul 2010
      المشاركات
      4,422
      معدل تقييم المستوى
      66

      837590 المجموعة القصصية لـيـتـنـي مـاتـلـوثت بـك

      السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

      يسعدني أن أطرح لكم مجموعة قصصية
      رائعة
      أثارت الكثير من
      الجدل وردود الفعل في الشارع الأدبي

      تتكون هذه المجموعه القصصية من 17 قصة قصيرة
      تندرج جميعها تحت عنوان



      للكاتبة
      فوزية الشدادي الحربي

      أهدت هذه المجموعة القصصية إلى ضمير مذكر مخاطب دون
      إشارة منطقية إلى نوع تلك العلاقة التي تربطها بضمير اهداءها


      السيرة الذاتية

      ــــ حاصلة على بكالوريوس آداب من جامعة الملك سعود عام 1993م.
      ــــ
      عملت محررة بجريدة الجزيرة ثم سكرتيرة بجريدة دنيا النسائية.
      ــــ شاركت في العديد من اللجان النسائية بمهرجانات ومؤتمرات وطنية .
      ــــ مقررة اللجنة النسائية بالجمعية السعودية للإعلام والإتصال
      ــــ معدة برنامج الأسرة في إذاعة الرياض لمدة عامين .
      ــــ حصلت على جائزة القصة من نادي القصة السعودية لعام 2000م .
      ــــ تعمل حالياً كإعلامية بوحدة الإعلام التربوي بالرياض .


      هنا في هذا المتصفح سأطرح لكم أحبتي القصة الأولى
      من مجموعتها القصصية ليتني ماتلوثت بك

      وأعدكم بسرد القصص المتبقية كلاً على حده
      فكونوا على الموعد أيها الأوفياء
      كي ترتشفوا معي من جمال هذه القصص

      وأتمنى أن تحوز على رضاكم وإعجابكم





      .............................. ................

      ( 1 )




      نـصـف أنــثـى



      أحاول فتح عينيَّ بتثاقل .. كل شيء يبدو حولي غريباً : الغرفة باردة جداً، وإخوتي يلتفون حول سريري، وهذا صوت بكاء أمي يصل لمسمعي .. زوجي يقف عند أقدامي.
      الغرفة لا أعرفها، والملابس التي عليّ لا تخصني .. أصوات تتعالى .. تمتزج بعنف مع طنين الأجهزة، والأسئلة تسقط على مسمعي لا أستطيع ترجمتها... أخي الأكبر بصوته الهادر يردد على الطبيب : هل يعني ذلك انتحاراً يا دكتور؟ قل لي بالله عليك هل هي حالة إنتتحار؟؟؟
      يااااه ماذا يا ترى حصل؟

      أحاول أن ارتفع عن السرير، لكن كانت الإبر تمص دمي، وصدري مربوط بالأجهزة التي تقيس نبضاته المتهالكة.. كانت عيون اخوتي سياطاً من نار أشعر بكيها يلهب أضلعي.
      كان أحدهم يمرر يده على جهاز قياس نبضات قلبي ويتمنى أن تفضح له خفاياها.
      أمي تمسح دموعها (بشيلتها) الملفوفة بإحكام على وجهها الطاهر، وبعيوني المثقلة بالهمّ والألم أقرأ حزنها عليّ، أعرف كم هي نادمة على شبابي الذي ضاع مع هذا الذي يحمل أوراقاً تثبت ملكيتي..! أتمنى أن أرفع صوتي وأقول لها:
      أقسم بالله بأني لم أخطئ بحقكم، اعلمي أني شريفة طاهرة
      إلا إذا كان تلمسي لنبض قلبي جريمة ... أو كانت مصافحتي له ذات مساء خطيئة ...
      كان هو يثبت وجوده بوقوفه عند أقدامي، لا يبدي أي مشاعر، لم يزعجه أن الطبيب قال محاولة انتحار، لم يكن ينتظر الإجابة. كل ما يُهمه أن يكون هذا الجسد الطري ملك يديه وليذهب قلبها للجحيم .
      يقترب مني أخي، أنتفض خوفاً.. يشد شعري المتناثر بفوضوية على أكتافي بكل قوته وجبروته وملامحه الغاضبة يقول: لِمَ الإنتحار ؟؟ لماذا ؟
      هل تريدين أن نكون حديث الناس؟ أنت ساقطة ؟؟
      أطبق الحصار على لساني ، وأشيح بوجهي عنه.. هل أقول له بأني أخذت علبة المنوم لأني فقط أردت أن أنام أنام أنام أنام؟ أريد أن أكون في اللا وعي.. أريد أن أخرج من حصارهم لملكوت آخر من الخيال لا تمسه عيونهم وألسنتهم... تقترب أختي تبعد يده عني، تمسح العرق الذي يتفصد من جبيني،
      تلملم شعري وتعقده خلف ظهري، تحاول إقفال أزارير ذلك اللباس الخشن وتستر ألمي المفضوح أمامهم منذ ليلة البارحة في طوارئ المستشفى..
      وما لبثوا أن انسلوا واحداً تلو الآخر.. ما عدا هو، ما زال ينصب نفسه حارسا شخصيا، قبل مغادرته يمرر نظرة باشتهاء على جسدي، ويهمس بأذني: كم تبدين مغرية اليوم !!!!
      اقتربت أختي مني أكثر، قبلتني، طلبتها ان تتصل به لتقول ((تريد أن تموت على صدرك قبل أن تذوب في عالمهم المقفر)) لكنها تهز رأسها بالرفض، وتردد: لا أحد يستحق أن تغرقي بالدموع ويرتفع صوت رفضها: لا أحد يستحق منكِ هذا الألم..
      كنت أرجوها بكل ضعفي وهواني، قلت لها: ما دام يملك نصف روحي وعمري ونصف سعادتي ونصف ضحكتي ونصف أنفاسي، فهو يستحق ذلك.
      فأنا لا أستطيع العيش مبتورة
      , لا أستطيع العيش نصف أنثى..
      وعندما أحرقت دمعتي كفها تناولت هاتفها، طلبت الرقم..
      جاء الصوت سريعاً (غير موجود بالخدمة) لحظتها بدأ طنين الأجهزة يخفت ويتلاشى , بدأت أنوار الغرفة تغرق بالسواد , ودمي الأحمر بالأنبوب يتجمد , وأعود للا وعي مرااااات عديدة .






      [flash=http://im2.gulfup.com/2011-04-09/1302344873591.swf]width=600 height=300[/flash]



      مراسلتي:fawda.c022:

    2. #2
      الصورة الرمزية بروفيسور ينبع
      تاريخ التسجيل
      Jul 2010
      المشاركات
      4,422
      معدل تقييم المستوى
      66

      افتراضي

      ( 2 )



      أثـر الـراحـلين


      لا يهم ما دمنا سنغادر المكان سوياً.....لا يهم ، قالها بسعادة .....
      التفت إليها قائلاً : عندما تضحكين أشعر أن الدنيا تتلون ، تتنفس ....
      عندما تتحدثين أشعر بأن سكر النبات يذوب بين شفتيك ....
      ردت عليه بصوتها العذب : يا مجنون ، أنا فتاة سياجي عالٍ وموصد ، ماذا تريد بي؟...
      وبلهجة تبدو أكثر حزناً قالت : أنا مازلت معلقة بين الكواكب ....
      قال لها : سانتظرك حتى تهبطي على روحي بسلام ....
      كانت سعيدة بأن تسمع هذا الهمس من رجل طال انتظارها له ....
      قالت : سيدي وسيد عالمي ، أنا أنثى بدون امتداد ، شجرة جميلة بدون ثمار ....
      اقترب لروحها أكثر وأكثر .... قال : أنتِ سيدة النساء والباقي جُثث ....
      قالت : لا أملك بهذه الدنيا سوى ابتسامتي ..
      قال : سأقطفها منك لأزرع بها الفل والكادي ، أرشها على سريرك وملابسك ....
      لم تكن الدنيا تتسع لفرحتها ، وبدلالها قالت : أنت يا سيدي انتحاريُّ ومجنون ، هل تعشق الطيف؟!..
      بسرعة رد عليها : سأجمع خيوط هذا الطيف وأغلق عليه منافذ الروح .
      طلب منها أن تمد يدها ليتعاهدا بأن يكون شهر حصادِ سنابل القمح هو يوم حياتهم ،، شعّت ابتسامتها على الأرض،
      وأزهرت لها حدائق الورد ، وبحركة سريعة فكت رباط شعرها ونثرته على مناضد الشتاء ، رقصت ، أشعلت كل المصابيح ..
      انتظرت أن يحل النزاع الذي طال حول محصول القمح ، يؤجل في كل عام لما يليه ، وذلك لعدم كفاية من سيتولى أمر الحصاد.
      تعبت قدماها من الرقص ....
      ولم يأتِ ...
      ذهبت تسأل عنه ؟؟
      قال لها الشامتون : كان الوحيد في صالة المغادرة ليلة البارحة ،
      لكنهم أضافوا أيضاً : كان رث الثياب كث اللحية حافي القدمين !!..

      ,,,

      ,,,

      عادت وحيدة ...
      كانت أعواد السنابل تنحني أوراقها ناحية التراب ...
      وخيوط الفجر تكنُس عتمة الليل ...
      تجر أقدامها .. تعلم يقينا أن الفجر سيكنس ما بقي منها !!..

      سيكنس ما بقي منها !!..





      إنتـهى
      [flash=http://im2.gulfup.com/2011-04-09/1302344873591.swf]width=600 height=300[/flash]



      مراسلتي:fawda.c022:

    3. #3
      الصورة الرمزية بروفيسور ينبع
      تاريخ التسجيل
      Jul 2010
      المشاركات
      4,422
      معدل تقييم المستوى
      66

      افتراضي

      (3)






      أجنحــة حـرة



      كما هي عادته يسمر عينيه في الأرض عندما يرفع والده صوته معاتباً , ولا يشعر بمرارة تلك القذائف من الألفاظ التي يسمعها فقد تَعَوَّد عليها وتلك الدمعة التي تسقط في الماضي لسماع هذا التوبيخ كبرت وعصت. صوت والدته المنخفض يأتي من بعيد مردداً لا عليك. لن يسرع بالسيارة مرة أخرى تقترب من نايف تغمز له بعينها وتشجعه على الإعتذار من والده.. يبتسم ولمحة الحزن بادية على نظرته وهو لا يعلم لماذا والدته تصر دائماً على إعطاء الوعود بدلاً منه ,وماعليه سوى الإلتزام بتنفيذ هذه الوعوده. وبسرعة يمر بمخيلته صورته وهو صغير عندما كانت تؤكد عليه عدم العودة لفتح صنبور الماء وتبليل ملابسه.. تمسكه بذراعه وتقول أعرفك جيداً يا نايف إنك لن تعود لهذا العمل مرة أخرى أليس كذلك ؟ فيهز رأسه الصغير موافقاً كابحاً كل رغباته الطفولية. ولكنه حنث بالعهد بعد أن كبر فهو يقوم الآن بتبليل كل ملابسه وهي مازالت عليه قبل كل إستحمام فهو يشعر بحرية جميلة في ممارسة ذلك بالخفاء .
      غاب قليلاً مع طفولته ولكن والده لم يتعب من توبيخه ولم يقل شيئاً جديداً، كان نايف ينتظر فقط متى ينتهي ليصعد لمتابعة أحداث مسلسلة عربية غاية في الرومانسية وتمتد أحداثه في مخيلته فيحلم بفتاة رائعة الجمال تبادله الرسائل والورود الحمراء , يغرق بعيداً , يهمس في أذن والدته ذات مساء زاد به الشوق لحبيبة ..
      أمي أريد الزواج إقنعي والدي وابحثي عن فتاة جميلة.. ينظر أمامه متأملاً وكأنه يراها " وطويلة وشعرها ناعم وخفيفة دم" يتبادل الضحكات مع والدته التي كانت تظن أنها دعابة ولكن ما لبثت أن عرفت جديته في الحديث وبدأت بسرد سلسلة من ألوان غضب والده عليه وعليها إذا علم بهذا , قالت له:
      لا تنسى يا نايف أنك في آخر سنة في الثانوي ولم يتحدد مستقبلك حتى الآن. إصرار نايف جعلها تحدث والده بتلك المفاجأة التي نزلت كحائط على رأسه وبدأ يرعد بغضبه على نايف, وفي الظهيرة عاد الجميع من مدارسهم وتحلقوا حول الغداء , كان أول ما بدأ به الوالد سؤاله لنايف" ماذا سمعنا ؟ هل فعلاً تريد الزواج" وكعادة نايف لم يرفع عينيه بوالده ولو رفعها وشاهد عيني والده الشاخصتين الغاضبتين لما هز رأسه !.
      عندها إرتفع صوت الوالد أكثر قائلاً:
      من متى هذا الكلام .....؟
      أنت سفيه ..... لا أريد أن أسمع هذا الكلام مرة أخرى .
      طرد نايف فكرة الزواج رغم جذورها الموغلة وحلمه الهرم بأن يكون له بيت وزوجة .. وانتهت أعوام الجامعة وحصل على بعثة دراسية إلى فرنسا كانت بمثابة نور الشمس لعينيه والأكسجين لرئتيه .. تنفس الصعداء , وكطائر فك من سجنه ذهب في أول أسبوع لتسجيل إسمه كطالب منتظم وبعدها أطلق لرجليه وأحلامه وأفكاره العنان وأقسم أن يفعل ما لم يفعله من قبل .. كان يتمنى أن لا تفصل لحظاته نوم أو أكل .. بدأت رجليه تحفظ طرق النوادي الليلية يسهر حتى الصباح , شعر وكأن قيداً فك عن عنقه أو هو بالفعل كذلك , يحضر لجامعة يوم ويبتعد أكثر لم يحصل على درجات علمية كما كان سابقاً ولم يفكر في ركوب طائرة تتجه لبلده وصار يردد على مسامع أصدقاءه "إن بلدك هي التي تسعد بها وليس التي تولد بها". شقته أصبحت "شقة الهناء" بالنسبة لزملاءه فكانوا دائماً يرددون على مسامعه ليزيدوه إعجاباً بنفسه أنت بالفعل شجاع .. فكان لهم كمصباح علاء الدين كل ما يطلبون يجدونه بدون أن يحده الخوف من السلطات أو القانون كل أحلامه الصغيرة كبرت وأكثرها إلحاحاً الآن البحث عن حبيبة لم تكن بعيدة فها هي "روز" الشقراء ذات الملامح الناعمة هي محطته التي توقف عندها حلمه المكبوت أصبحت لا تفارقه ليل نهار , تزوجها , عاش معها كملك فلم يخطر بباله أن الإناث بهذا الجمال والفتنة فهو لا يعرف إلا والدته الخجولة ذات الصوت الخافت وبنات أعمامه قبل أن يختبئن عنه منذ أن إخشوشن صوته..
      سعادته لم يؤرقها إلا رنين هاتف والده المتواصل طالباً منه الحضور لأمر هام , إستمر الرنيين شهراً وهو في كل مرة يعتذر بامتحانات الجامعة ومع إلحاح والده حجز مقعداً عائداً لأهله بجسده أما قلبه فمعلقاً بيدي "روز" وابتسامتها وشموعها المعطرة وملابسها الشفافة التي لم يكن قبلها يعرف أن للنساء خصوصية بهذا القدر من الرقة .
      والده كان ينتظره بالبخور والذبائح وبعدها عاتبه عتاباً لا يكاد يختلف عن الشتم . فتأخره عن الحضور جعل والده يقرر خطبة إبنة عمه له وحدد موعد الزفاف . وكعادة أبو نايف يقول كل ما يريد من الآخرين تنفيذه دفعة واحدة وبنبرة صوت عالية وحازمة ولا ينتظر الرد . أيضاً نايف لم يغير عادته في تقبل أوامر والده وعيناه لم تبرحا خيوط السجاد التي بات يعرفها أكثر من نفسه . لم ينم في تلك الليلة. شعر أنه كذلك العصفور الذي قُبض عليه وطويت جناحيه على ظهره ليُرمى في القفص الصدئ . شعر بالحنين لرائحة "روز" ودفئها. حامت كل صورها أمامه طاردة النوم من عينيه .
      وفي الموعد المحدد بدأ المعازيم يتوافدون وألهبت الأيدي الدفوف . حانت ساعة لقاء العروس التي حاول جاهداً ليلة البارحة إستحضار صورتها القديمة من مخيلته ولم يستطع سوى تذكر سمرتها وشعرها المنكوش دوماً !!..
      دخل الغرفة الواسعة المزينة بالورود تعبق بها رائحة الفل. تجلس في صدر الغرفة عروسه الخجلة بثوبها الأبيض المزين بالكرستال وقد تسمرت عيناها بالأرض كما هي عينيه دوماً خجلها وصوتها المنخفض جعله يسترجع من أول وهلة صورة والدته وصورة " روز" . شعر بمرارة الأسبوعين الأولين وكأنهما عامين حتى مهد لوالده خبر العودة لإكمال دراسته ووعد عروسه التي لم تعرف ملامحه بعد بالعودة لأخذها معه. خرج بل حلق كطائر كاسر فارداً أجنحته في السماء. لم يطبقها إلا على جسد "روز" بكى بين يديها مردداً يالشوقك وحبك الطاغي وكعادة "روز" تكتفي بابتسامة ماكرة . عاماً آخر ونايف يرفل بالحرير تاركاً والده واتصالاته للريح . حتى خبر مولوده البكر لم يحرك به شوقاً ولا ساكنا..
      إنتهت سنوات الإبتعاث سريعة حانت لحظة العودة الإجبارية وفراقه لهذه الحرية اللذيذة , تملكه الحزن , وهو لم يعلم بعد أن "روز" لن تترك بلادها مهما كانت الإغراءات وهو أيضاً لا يستطيع تصديق أن " روز" غير آبهة بوجوده أو سفره وكان كثيراً ما يصم أذنيه عن نصح أصدقاءه ..
      كان عليه العودة كمن يسلخ جلده من جسده أو أشد ألماً ,إستدار عائداً إستقبله صغيره يخطو أمامه.. زوجته بدت أكثر أنوثة مما كانت عليه من قبل شعر بجمال سمرتها.. ذُهل من روعة إبتسامتها. أما هي لم تسعد أبداً بقدومه رغم انها ظهرت كعروس بذلك الثوب الأحمر الناطق بمفاتنها وما أن وضع يده على يدها حتى شعر ببرودتها وبكل ثقة وشموخ سحبت يدها بهدوء من تحت يده إبتعدت قليلاً ثم قالت :
      آسفة يا نايف , تركتني بعد أن تمناك قلبي وحدثني بك كثيراً. تركتني وأنا عروس توقظ رائحة عطري كل من في الحي, تركتني تلوكني ألسن النساء في كل مجلس , تركتني أتضور جوعاً للحب والغزل , تركتني حاملاً باستهتارك ألماً وخوفاً , تركتني أُماً صغيرة بمفردي, تركتني فبحثت عن غيرك.. أستميحك العذر لأنني أحمل إسمك معي فلم ترد على إتصالاتي لأحلك مني!.. فتح فاه ورغم قسوة كلماتها إلا أنه ذُهل من سلاسة حديثها وهدوءها. شعر وكأنه يريد أن يقبل قدميها, إقترب منها, إبتعدت وأكملت حديثها بصوت واثق وهاديء قالت : نايف ,فرد مسرعاً ياعيون نايف و ياقلب نايف. لم يبدل هذا الغزل الجامح ما عزمت على قوله: نايف أنا أم طفلك فقط ... وسأكون زوجة لغيرك , فأنا أقول لك ذلك بحكم أنك ذو ثقافة غربية وسيسعدك حديثي بصراحة !!.
      نهض كأسد وأنهال عليها ضرباً وبصقاً ,ولم يتركها إلا بعد أن ذبلت بين يديه كانت المهانة تشق صدره . تحول جسده لكتلة من الهواء الساخن , خرج مسرعاً في السيارة لا يعلم لماذا فعل ذلك وبدأ يتساءل : لم أضرب أحداً في حياتي فَلِم هي بالذات؟ هل لأنني رغبتها ؟ هل لأنني تفاجئت بروعتها ؟ أم لأنني خسرت قبلها "روز" ولا أريد أن أخسرها هي ؟ في تلك اللحظه مرت صورة "روز" أمام مخيلته وهي تجلس مع زملاءه وهو يعلم أنها كانت صديقة لجميع زملاءه قبله . هل لأن روز أشتهيها كجسد ولم أرغب منها بشيء آخر ؟
      كانت الأسئلة تنهال عليه بعنف !! لماذا ضربتها وقد حدثتني بصراحة ؟ قد تكون تريد جرحي ورد الصفعة لي !!؟ قد تكون غير جادة في حديثها لماذا لم أتريث !!؟ لماذا لم أحتويها فالمرأة تحب أن يتعب الرجل في إقناعها بحبه !!؟ أدار مقود السيارة عائداً لها , وجدها تسبح بدماءها , حملها بين ذراعيه , فتح على جسدها اللولبي الماء ورشها ببعض العطر , لم يحتمل أمسك يديها وقبلها , أرجوك سامحيني أنا نادم فأنا... فأنا... أنا أحبك
      لم تكن تنتظر سماع مثل هذا الحديث منه .. ردت بصوت خافت وأنا ... أحببتك قديماً واليوم سامحني أنت ... فقلبي لم يعد ملكاً لي !!!!


      تنهد بحرقة وأطرق رأسه ويداه ماتزال خلف ظهرها !..

      إنتـهـى

      [flash=http://im2.gulfup.com/2011-04-09/1302344873591.swf]width=600 height=300[/flash]



      مراسلتي:fawda.c022:

    4. #4
      الصورة الرمزية بروفيسور ينبع
      تاريخ التسجيل
      Jul 2010
      المشاركات
      4,422
      معدل تقييم المستوى
      66

      افتراضي

      ( 4 )






      الثألول الأسود


      يزداد كل يوم أمام المرآة إعجابها بنفسها , فهي دائماً تقلب نفسها ساعات طويلة وتتغزل في ملامحها!.
      ما أجمل عيني ولا فرق في جمالها إذا وضعت العدسات الزرقاء أو العسلية!!
      فتحت رسائل هاتفها النقال .. الرسالة الأولى قال أحدهم فيها: أنت حلوووة بشكل لا يحدث إلا من طفرة جينية نادرة الحدوث، يجعل الاقتراب منك كالاقتراب من نجم.. سحبت من صدرها نفساً عميقاً ومدّت عنقها بدلال، بأصابعها التي تشبه الأقلام الفاخرة.
      فتحت الرسالة الأخرى من آخر عبرت أمامه قال:"يا ذات الكيان الفريد، كطرازات (بي إم دبليو)، وكنشوة سكر وارتعاش سحابة هزها صوت الرعد وفضحها فلاش البرق فذابت حياء تريد أن تلتحف الرمل بسرعة". التفتت للمرآة قالت,مررت إصبعهاعلى شفتيها وحبة الخال وقالت : سبحان من خلق هاتين الشفتين المكتنزتين عذوبة وعذاباً .
      جمالها المفرط جعلها لا تفكر بالزواج أبداً.. تريد أن تكون محط الأنظار في المناسبات والطرقات، متعتها بأن تلحظ الأعناق تلتوي لملاحقة جمالها الأخاذ، كثيراً ما عـنَّـفها والدها لرفضها الزواج، كان كل ما يسعدها أن يأتيها عريس وترفضه!.
      تتلاعب بخصلات شعرها الذي يتمرد بين أناملها وتقول لوالدها: بصراحة لا يعجبني ولا أعتقد أنه الإنسان الذي يستحق أن يفوز بحسني وجمالي!! وعندما يسدل الليل ستائره السوداء القاتمة على غرفتها التي تزين جدرانها صورها الملونة، تقبع بمفردها تحاكي غرورها المنتصر عليها...
      (خسارة هذه الفرص قد لا تعود) .. تستدرك نفسها لا... بل يجب أن أكون أنا المميزة، بأي ذنب أحرق جمالي؟! بعد ذلك، لن أكون حديث الشباب الباحثين عن زوجة جميلة، لن تبحث العيون عني بعد الزواج ...
      لن أشعل غيرة هذه وتلك.. ولن.. ولن.. رغم جمالها وغرورها وحبها العنيف لذاتها، فقد كانت متسامحة لفتح باب الزواج لأخواتها اللاتي يصغرنها!
      وفي أعراسهن تدار الأسطوانات الرائعة الراقصة لها فقط، وتنتقل كالفراشة بين الحاضرات. وبعد الساعة الواحدة صباحاً تعود للبيت مع والدها لتجد جدران غرفتها خاوية...
      تخلع ملابسها وترتدي البيجامة وتمحو أصباغها عن وجهها وتقابل رفيقتها تتحسس معها خطوط السنين الجريئة يغافلها النوم على الكرسي وقد احتضنت يدها كومة رأسها المشتت.
      هذه الغفوة صعقها رنين الهاتف المتواصل تنظر للساعة، كانت الواحدة ظهراً، تحمل سماعة الهاتف.. مرحباً أهلاً هل كنت نائمة؟ فقد كررت الاتصال أكثر من مرة ولم تردي؟
      - والدي أين أنت ومتى خرجت؟
      - لقد صحوتُ يا عزيزتي باكراً وأحسست بتوعك كان يزورني بين الفينة والأخرى، فذهبت إلى الطبيب وطمأنني وسوف أعود بعد قليل..
      جلست هي على الكرسي الهزاز تراقب ساعة الحائط وتقلب رسائلها القديمة ...

      كل ما حولها يلفه الصمت والهدوء، لا يقطعه سوى أزيز هذا الكرسي المتهالك.
      يحضر والدها بحفنة من الأدوية لقلبه العليل ويسقط طريح الأنين أسير المرض .. ويغادرها بهدوء . كل شيء الآن هادي صامت، فلا باب يطرق، ولا نغمة رسالة جديدة، تحمل هاتفها لتبث أخواتها وحشتها، تريد أن تحكي معهن عن ذكريات قديمة، أختها الكبيرة لديها ضيوف ومشغولة بالمطبخ، وتلك لا ترد.. تتذكر بأن اليوم الخميس وعادة ما تكون أخواتها خارج المنزل مع أولادهن.
      تعود لمرآتها .. تمرر أناملها وتتنهد بعمق ..
      تقرب وجهها من المرآة وتصيح.. يا إلهي ما هذه الندب تحت عيني الجاحظتين .. كيف !.. آآه .. كيف سطا هذا الترهل على خدودي في غفلة مني ، يا إلهي .. كم تفاخرت كثيراً بهذا (الخال) حول شفتي ما لها اليوم تتدلى كالثألول الأسود!!
      تأخذ الشال الثقيل ، وتقبع على الكرسي العتيق، تحيك قبعات صوف لأبناء إخوتها، وتملأ الشرفة بالقصاصات البالية ...

      إنتـهـى

      [flash=http://im2.gulfup.com/2011-04-09/1302344873591.swf]width=600 height=300[/flash]



      مراسلتي:fawda.c022:

    5. #5
      الصورة الرمزية بروفيسور ينبع
      تاريخ التسجيل
      Jul 2010
      المشاركات
      4,422
      معدل تقييم المستوى
      66

      افتراضي

      ( 5 )






      أم ذيــــل


      بدأ نور الصباح يداعب بهدوء أرجاء الدار الطينية ، يتسلل بانسياب خلف الحصيرة المطوية في زاوية الفناء الترابي الذي تنتشر فيه سلال الخوص بعد ليلة نشيطة في إعدادها استعداداً "لخرف" التمر. نسمات الصباح الباردة الصامتة لا يخترق هيبتها سوى زقزقة العصافير المتطايرة في حديث ود مع رؤوس النخيل الشاهقة.حصة تفتح الباب الخشبي بسرعتها المعتادة لتخدش بصريره آخر بقايا الليل ، تسرع وصوت رجليها الملتصقتين في ثوبها " السموكة " الواسع تجعل كل من في الدار يشعر بالحيوية.وبحركة سريعة تعدل من لف طرحتها على وجهها القمحي وتستعجل لحمل كومة الحطب بين كفيها الخشنتين ، تخترق سكون الفناء ذاهبة للعنزة المختبئة بين أكوام الصوف المتراصة في حظيرة الغنم . وعلى " صاجها " المتأهبة دوما تنثر المقشوش تختلط رائحة القهوة برائحة الخبز الحار فيجتمع أهل الدار حولها يطعمون لذيذ صنعها. أبو سالم يسعل وهو يحتسي القهوة وأبناؤه يكملون خمولهم مستندين على فخذيه إلا ناصر الذي يلتوي بحضن والدته فهو الصغير المدلل. يتواصل السعال والإستغفار والتهليل ، وصوت الفناجيل وفحيح الخشب المشتعل.أما حصة فهي مشغولة بإطعام صغارها وعيناها لا تبرحان فنجال أبا سالم حتى تسكب له بعجل القهوة الحارة. تبادره بسؤالها : "وش فيك يا أبو سالم غطست عن المنبه ؟ ما صحاك ؟"
      يسعل وبدا صوته أكثر بحة من قبل "اليوم أكيد أن عايض ولد المقري هو اللي أذن صوته واطي ما ينسمع."
      تبتسم حصة وهي تمد له فنجانه الساخن، أما هو فقد عاود الإنشغال بتفحص عيني ناصر اللتين بدتا أكثر سوءاً؛ فعيناه يملؤهما الصديد والإحمرار، الذي يجعل الصغير يستمر في دعكهما. استشاط أبو سالم غضبا وبصوت مرتفع ومازالت عيناه على صغيره " ليش ما وديتيه لأم سند؟"
      تمد يداها لتحضن صغيرها وتقربه منها أكثر لكن أم سند تقول:

      فيه مرض "أم ذيل" ولازم نكويه، تحضن ناصر بشدة وتؤكد أنها لن تكرر غلطة أم غازي عندما فقدت أكبر أبنائها بسبب "مكواة" أم سند. التفتت إليه منبهةً أنه تأخر على جيرانه، فالشمس شارفت على الطلوع، يمسح يديه ببقايا السمن البري ونكهته الزفرة، ويحمل معه " الفاروع والمسحاة " فبئر أبي منيف تحتاج لعمل طويل، يغادر المشب ومن بعيد وهو يسعل:"أم سالم الله الله برياسة الأحواض ما هو بس حوض الرشاد والحلبة"
      تضحك ...... " أبشر، أبشر "
      تلملم بقايا أشياءها وتحمل صغارها حيث الطين والماء يتقافزون تحت أقدامها كالأرانب، وهي تعدل الماء على أحواض الزرع، مرة تنثني ومرة بأطراف أقدامها وهي تتأوه من ألم المخاض، تسحب أنفاسها وتتكئ على النخلة السكرية تراقب "جوزاء" من بعيد، تحمل التراب بثوبها الواسع وترمي به، ثوبها السمل لم يحتمل فانقطع، بكت بحرقة، تقترب منها أختها الكبرى"لولوه" مهونةً عليها. تربت على كتفها النحيل، وبلسانها الملتوي وصوتها الطفولي قالت: "لا تبكين يا دوذا يقول أبوي ابن ثعود خلاث ثادق المريكان". "ويبى يديب لنا الثوب المقثب" ضحكت حصة على صغيرتيها ودعتهما جميعا لدخول البيت وبصوتها الحاد قالت:
      يالله..يالله.. جاكم نهار القايله. أسرع الصغار يتراكضون ويتزاحمون للالتصاق بحصه التي علا ضحكها وهي تلف شيلتها على أسنانها المتفرقة المصفرة. يتسلل الظلام خلسة للقرية وأقدام أبي سالم تشق هيبة البرد والجوع، يعود من البئر بيدين محمرتين ووجه شاحب وملابس عُفرت بتراب الأرض ورائحة انتظار، يرتمي على الحصيرة الملقاة على الأرض، ليُحدث أم سالم عن آخر أخبار حروب ابن سعود.. لكن حصة منذ الصباح وهي تشعر بمغص في أسفل بطنها - يكمل أبو سالم - بصوته المبحوح والله يقولون: "ابن سعود بعد موقعة الفيضه انفتحت له أبواب السماء وصار ما يدخل موقعة إلا ينتصر فيها". تهز رأسها بفتور وتغمض عينيها، فقد بدأت خطوط النار أسفل بطنها وظهرها تزداد ، هزت حصة رأسها تُجاريه وتدعو بمزيد من التوفيق لابن سعود، شعر بفتور حديثها ولم يشعر بإلتوائها ونزف الوجع في ملامحها.
      صباح اليوم التالي لم يكن عادياً، فهدوء الصباح بلونه البرتقالي الفاتر يحمل معه أخباراً مؤسفة، حصة تبدأ يومها كما هي دوما لكن صغيرها ناصر فقد القدرة على مشاهدة عيني والدته وإخوته، بكت الأم وتوسلت إلى أبي سالم ليوصي على سيارة متجهة للرياض لأن فيها طبيباً مصرياً "شاطر" كما يقول عنه النسوة. أطرق أبو سالم عاجزا عن فعل شيء فلا مال ولا سيارات متوافرة، وهو يعلم جيداً من أبي منيف أن السيارة الوحيدة المتوافرة هي سيارة المطوع "حمود" المتعطلة في منتصف الطريق الجبلي قبل ثمانية أشهر.
      حصة شعرت بحزنها الذي خالطته آلام المخاض، ازداد الألم واعتصر خاصرتها، تجمع رجليها بشدة، تضع رأسها على ركبتيها، صرخاتها اخترقت حدود البيت والمزرعة لتصل لجاراتها اللاتي اجتمعن يشددن لها الحبال ويجمعن لها أعواد الدارسين والكمون. يزداد الألم ويزداد الشد على يديها، تعض شفتيها حتى فر الدم منها. أم حصة بظهرها المنحني ملتحفة بعباءتها الملتفة على ساقيها النحيلتين تسرع لتوزيع الشعير والقمح وبصوت شجي خافت تمد يدها للسماء:
      "ادعوا لها يهون الله عليها". يطول ليل الإنتظار وتزداد لحظات الخوف من الفراق تأكل قلب أبي سالم، تخرج عليه أم سند بملامحها الكئيبة وصوتها المرتجف "والله يا أبو سالم لازم تجيب لها الداية فضة من دخنة لعل الله يهون عليها"، يتوسل لأم سند أن تفعل كل ما تستطيع فالطريق لدخنة طويل ووعر، يهرول، وضع طرف ثوبه القديم بين أطراف أسنانه، قطع الطريق الزراعي، وصل بئر أبي منيف ولم يلتفت لذلك الصوت المنادي من بعيد، لكن الصوت يقترب، يعلو يقترب ويعلو، التفت أبو سالم وقلبه يسبقه وجِلاً وبصوت متقطع سمع من يقول: "أبو سالم أبشر بحكم ابن سعود" توقف بلحظة فرحه حيث جاء صوت الزغاريد من بعيد مبشراً بمولد طفل..

      إنتـهـى

      [flash=http://im2.gulfup.com/2011-04-09/1302344873591.swf]width=600 height=300[/flash]



      مراسلتي:fawda.c022:

    6. #6
      الصورة الرمزية بروفيسور ينبع
      تاريخ التسجيل
      Jul 2010
      المشاركات
      4,422
      معدل تقييم المستوى
      66

      افتراضي

      ( 6 )





      بنت الـعـراقـيـة




      وفاة أمي .. كارثة .. نعم كارثة!!
      لبست الرياض السواد عليها ووقفنا نحتضن المعزين ودارت فناجين القهوة المرة بين الأيدي , وبعد أن انتهى كل ذلك ظلت وصيتها هماً وكارثة دولية فكيف لتابوتها الخشبي أن يبحث بين الحطام عن مدفن له؟! منذ أن عرفت أمي وهي تحكي لنا عن طفولتها بالبصرة وعن نخيلها وسوقَيها ومائها العذب , عندما تقول أمي "البصرة" تقولها بملء فمها وتلمع بعينيها آلاف القصص , عرفنا منها مزرعة أبي العز وبقراته الأربع , وحفظنا أسماء رفيقاتها. وحدها أمي لم تستوعب كوارث العراق وكأن ما يمر أمام عينيها أثناء نشرة الأخبار مسلسل عربي , عمت عيونها عن مشاهدة نخيل البصرة وهي تحترق ويتبعثر رطبها، لم تصدق أن مزارعها تحولت لثكنات عسكرية تخيم عليها رائحة البارود وأن سوقَيها تحولا لمجاري..
      في ليلة القصف على البصرة بكت بمرارة وأخذت تردد مواويل ناظم الغزالي . قبل وفاتها بلحظات كساها الحزن، وكأنها تعرف أي كارثة سيجلبها لنا تابوتها .. أشارت لنا بأن نجمع أيدينا على صدرها ونعدها بأن نحمل جثمانها إلى "مقبرة نسيت اسمها" في نهاية شارع المسعودي القريب من مطحنة أم هاني حيث يرقد أجدادي. لم يكن بوسعنا غير معاهدتها على تحقيق حلمها في أن تعود للبصرة التي غادرتها مع والدي منذ خمسين خريفاً!!
      عندما تزوجت والدي كانت في العشرين من عمرها, يزين أسفل وجهها الوشم الأخضر, حادة النظر, حادة الصوت، ممشوقة القامة،
      يمتلىء صدرها عذوبة وصفاء وحنيناً أرَّق منامها
      .
      مضى الآن أسبوع وما زال تابوت أمي يأخذ زاوية المجلس ارتعدت فرائصي عندما قال أخي محمد :
      سأشتري ثلاجة كبيرة لأضع التابوت فيها علنا بعد أسبوع نستطيع تدبير ترحيلها للبصرة . وبعد المداولات لم يُسمح بعبور الحدود للعراق للأوضاع الأمنية,
      قرر إخوتي إعداد غرفة مكيفة على درجة عالية من البرودة خارج المنزل لتكون مقراً لهذا التابوت
      ...
      والآن مضى على أمي عامان وهي تنام وتحلم داخل عالمها الثلجي وما زالت نخيل البصرة عطشى تتناثر أشلاؤها على الأرصفة ...
      أصبح الجيران يتندرون علينا، وأتهمنا أطفال الحي بأننا أكلة لـ لحوم البشر!!
      عندما عُقدت قمة الدول العربية رفعنا عريضة , إبتدأناها بحقوق الأموات على الأحياء وأهمية تنفيذ وصاياهم ثم توسلنا إليهم ليسمحوا لنا بعبورالحدود لدفن أُمنا.
      تعاطف الرؤساء معنا وبعد قراءة الفاتحة على روحها أقَّروا بعد المداولة التي استمرت خمسة أشهر بصعوبة السماح لنا بالعبور وبصعوبة تنفيذ الوصية كما جاءت وذلك لتغير معالم البصرة فلم تعد الطرقات كما كانت ولا يوجد مطحنة ولا أم هاني ووقع عليها الجميع , ورُفعت لمجلس الأمن الدولي الذي بدوره استنكر أن تمنع عجوز عراقية من التحاف سماء وطنها , بهذا التفاعل الذي أثلج صدورنا , خُتِم على العريضة بعبارة :
      (( أرض البصرة تقلب وتنبش للبحث عن " رفاة موتى " ولا يصلح نهائياً أن يدفن بها أحد
      ))
      قرر إخوتي السبعة التخفي عبر الممرات الملتوية من أجل أن يذهبوا بالتابوت إلى البصرة . ثلاثة أشهر مرت وأنقطعت أخبار إخوتي
      أكلت أرض العراق إخوتي وعظام أمي
      !! . وبعد الإستعانة بالصليب الأحمرعرفت أن إخوتي السبعة معتقلون بتهمة
      عبور الحدود بشكل غير قانوني ومعهم صندوق خشبي فارغ يمهدون لتعبئته بالأسلحة
      !!
      فأين ذهبت جثة أمي؟!!
      أصبحتُ وحيدة يناديني الناس " بنت العراقية " التي أكل أخوتها " جثة أمهم "
      أليست وفاة أمي كارثة ؟!!

      إنتـهـى
      [flash=http://im2.gulfup.com/2011-04-09/1302344873591.swf]width=600 height=300[/flash]



      مراسلتي:fawda.c022:

    7. #7
      الصورة الرمزية بروفيسور ينبع
      تاريخ التسجيل
      Jul 2010
      المشاركات
      4,422
      معدل تقييم المستوى
      66

      افتراضي

      ( 7 )








      زنـجـبـيـلـة



      بعد أن أنهى دراسته الجامعية وأقفلت بوجهه أبواب الوظائف, قرر أن يشتري بما تبقى له من مال تركه له والده سيارة نقل كبيرة ,
      وأعلن عبر الصحف اليومية عن سيارة لنقل المعلمات
      ..
      خلال يومين فقط غص هاتفه بأرقام المتصلين..
      لا يهم قال لنفسه , المنطقة بعيدة ثلاث مئة كيلو لكن المبلغ جيد.
      أخذ يتعرف على بيوت المعلمات ,يخرج قبل صلاة الفجر, صوت منبه السيارة يشق صمت شوارع الرياض النائمة.. تبدأ رحلة برية ثلاث ساعات متواصلة حتى يصلن إلى مدارسهن.. كانت هذه الساعات الطوال تقصر حيث الأحاديث الطريفة والهمس والضحك لم يكن هو بمعزل عنهن رغم وجود ستارة فاصلة، أصبح يعرفهن تماماً ويفرق بين كلامهن وضحكاتهن.. حتى أنه يميز نكهة قهوة كل واحدة ورائحة نعناعها.. كانت هي الأكثر قرباً لقلبه تهدي له صباحه بكل خجل , تمد له كأس القهوة.. تناوله حبات التمر قبل أن تبدأ بزميلاتها.. كان يعرفها "بآل محمد" لأنه يناديهن بأسماء آبائهن ولا يسمح نهائياً بتبادل الأسماء الأنثوية الصريحة. رسم بمخيلته لها شكلاً مختلفاً عن بنات الكون إذا غابت عن الحضور تضيق أنفاسه , ويضيق به الطريق الرحب وتدور في رأسه الهواجس والأسئلة !.
      كان يريد أن يحتفظ بشيء منها حتى لا تضيع من بين يديه , في ذلك الصباح البارد ناولته كأس الزنجبيل تسبقها كلمة "سَم"..
      فكر وفكر، كيف يحتفظ بها بين أشياءه وبسرعة قال: هل تسمح أحداكن أن استعمل هاتفها لأمر ضروري لأن هاتفي لا يرسل وهو يعلم يقينا أنها أولى المبادرات,أخذ هاتفها وأرسل مكالمة لهاتفه ثم ضغط حفظ لكنه احتار ماذا يسميها كتب ومسح ثم ثبت اسم "زنجبيلة"..
      بعد أسبوع ذهب مع والده وعمه إلى بيت "زنجبيلة".. خطبها من والدها الذي غضب ورفض طلبه بحجة أنه يأمنه على ابنته بهذا الطريق الطويل ولم يكن يظن لحظة أنه سينظر إليها,كانت النتيجة غير متوقعة له،وصدم أكثرعندما تعاقد والدهامع صاحب سيارة أخرى
      أكل قلبه الهم والغم، مضت سنتان ومازالت ذكراها محفورة في أعماقه..
      في مساء ذلك اليوم البارد كان يحتسي الزنجبيل ويلتف بعباءته الصوف دق هاتفه، لم يصدق, دقق النظر أكثر وأكثرإنها "زنجبيلة" !
      كاد يطير فرحاً! كان صوته في الجهة الأخرى هامساً..
      قالت بأدبٍ جم: هل من الممكن أن تعود إلى بيتنا فجر السبت لأنني لم أجد من يحملني لمدرستي؟
      سألها بلهفة عن والدها قالت: توفي منذ عام رحمه الله..
      عاد يحملها تسبقه دقات قلبه لدارها .. أيقن بأن ساعة الفرح قد اقتربت ,
      ولم تمضِ ستة أشهر إلا "وزنجبيلة" تجلس على الكرسي القريب منه
      وتناوله كأس القهوة وحبات التمر وتهمس له وحده بالحديث العذب
      ..


      إنتـهـى
      [flash=http://im2.gulfup.com/2011-04-09/1302344873591.swf]width=600 height=300[/flash]



      مراسلتي:fawda.c022:

    8. #8
      الصورة الرمزية بروفيسور ينبع
      تاريخ التسجيل
      Jul 2010
      المشاركات
      4,422
      معدل تقييم المستوى
      66

      افتراضي

      ( 8 )







      شـيءٌ مـا يتوارى



      أوشك النهار على الرحيل , تاركا وراءه نسائم حارة يشوبها جفاف مغرق بالضجـر , تقرفص على بساطه بالحديقة التي بللتها الخادمة لتدغدغ هذا الجو الساخن لعله يرأف بوجنتين عفا عليهما الزمن . تحت تلك الشجرة أخذ يحملق بالعصافير , ويتأمل هذه الشجرة العتيقة وهي تهتز وحيدة بين الشجيرات الموردة الصغيرة , يرفع غترته قليلا عن جبينه ليمسح حبات العرق المتناثرة , بمفرده يرمق الأشياء . يدخل فيصل مسرعا كصاروخ الى البيت ويرمي السلام على عجل .. وقبل أن يرد الوالد يكون فيصل قد دخل غرفته .. يتشهد ويرخي نظره إلى القهوة المعدة له في الحافظة منذ الصباح .. لايهم .. لايهم كثيراً .. يقولها لنفسه .
      يرفع الفنجان بيده المرتجفة الى شفتيه الباهتتين , خرج فيصل مسرعا كما دخل .. وهو يرمي كلماته كالبرق " حر .. حر .. ياوالدي هنا أدخل عند التكييف قالها بدون أن يلتفت لجبين والده الذ ينضح حبات العرق..
      أخذ الأب ينادي تعال .. تعال .. تعال .. أريد كأس ماء بارد , ولكن فيصل قد أعتلى المركبة , وأدار العجلات بسرعة , يلهث وراء مواعيده . شعر الوالد بشيء قاس يلعب في حناياه , قد تكون وحدته تعترك مع سنوات عمره ...
      يرفع فنجان القهوة , يشم رائحتها التي تفتح في ذهنه أبواب مسرحية عاش أدوار بطولتها . تذكر شبابه وكيف كان من حوله يخشى بطشه وقبضة يده , ينفث الحزن من جوفه عندما يتلمس بأنامله ركبتيه المتصلبتين . ركز عصاه بالأرض ,, تأملها .. رحل معها لتلك السنين التي ضمت في مجلسه النائمين والجالسين , والحقائب الحديدية المليئة بالأوراق , هذا يبحث عن عمل في المدينة والاخر يتابع مصلحة يريد أن يقضيها وهناك من ينتظر موعده بالمستشفى ..
      يغمض عينيه بشدة فكأنه الآن يستحضر صراخهم ونكتهم وأحاديثهم , تذكر كم كان سعيداً بوجودهم حوله ..
      يتنهد ,,, ويتمنى أن تعود تلك الأيام , ولكن الدهر لا يعيد مايلتهمه من ساعات .. يصيح بصوت عالٍ على الخادمة
      " ماريا " لا تسمعه فهي منهمكة بقرقعة الصحون في الداخل , يتمايل على بساطه يمينا وشمالا ويتكىء على الشجرة المتماسكة بجذورها لحظات حتى استطاع التوكؤ على عصاه .. دخل البيت ومع حركته أشتد عليه السعال أخذ يصيح بماريا يسعل ويصيح , يضرب بعصاه الأبواب ليحدث أصواتا نؤنسه , تقابله الخادمة عابسة الوجه وتنهره .. يأمرها بأن تعد له قهوة جديدة .. يتجول في الدار , ينظر برهة الى السقف ومرة إلى اللوحات التي اختفت ملامحها من سطوة الغبار , تقوده أقدامه إلى غرفة عجوزه التي هجرته منذ زمن , يفتح الباب , كانت الغرفة باردة , ينظر لها بحنق وهي مستلقية تدير مؤخرتها للباب , يتمتم بكلمات تكاد لا تغادر شفتيه , ولكنها عرفت أنه يشتمها ويدعوا عليها , لم تعره أي اهتمام , أدارت وجهها الى الحائط لتكمل شخيرها , يعود إلى الحديقة وقد بدت الوحدة غولة شرسة تلف سوطها على عاتقه الذي جاهد شظف العيش ليجلب على راحتين صبورتين صنوف الحياة السعيدة لأبناءه ..
      يشعر بشيء من الإختناق عندما يتذكر سعادته الماضية , وحياته المنسية الآن وكأنه يحسب حبات عقد ثمين تنفرط أمامه حبة حبة ... سلسلة ذكريات تتسابق أمام عينيه المعلقتين بالسماء , يتأوه , ينقر البساط بعصاه نقرات متناغمة , يصيح مرة أخرى على الخادمة تحضر بسرعة على غير عادتها , يسألها هل اليوم الأربعاء أو الخميس ؟.. تؤكد له أن اليوم الأربعاء . يمرر يده الخشنة على لحيته الحمراء ويبتسم " إذاً غدا يملأ أبنائي المكان " وكالطفل الصغير يستعجل النوم ليأتي الغد .. وفي صباح يوم الخميس يبدأ بتغير مكان البساط ويكثر من عدد الوسائد , ويستعجل الخادمة أكثر في إعداد الشاي والقهوة .. ويفتح الباب باكراً للقادمين فهو يحلم بألا يقفل الباب أبداً .. يحضرون , وبسرعة ينسلون واحدا تلو الآخر حيث المكيفات الباردة والتلفزيون المبرمج بالقنوات المتعددة !! أما أطفالهم فقد جعلوا من بساط جدهم هدفا لكرتهم والآخرون يتسلقون النخلة السكرية التي طالما حرص على تمرها .. يستجمع أنفاسه يزفرها حارة كحر ذلك النهار , الأبناء والبنات في الداخل يبدون قلقهم من نفسية والدهم المتهورة .. عيونهم تتعانق ويتقاذفون اللوم في ساحة من الإتهامات يسكت أحدهم الجدل بفكرة إلغاء هذا الإجتماع عند الوالد حتى يريحوه من صراخ أطفالهم !!.
      يسدل الليل جدائله السوداء صارخاً برحيل الجميع لمنازلهم يودعهم الأب عند باب عرباتهم في الشارع بتلويحة شوق بأن يمكثوا أمام عينيه كما هم دائما على قلبه , يغمض ليله على هاجس خميسٍ آخر ..


      إنتـهـى
      [flash=http://im2.gulfup.com/2011-04-09/1302344873591.swf]width=600 height=300[/flash]



      مراسلتي:fawda.c022:

    9. #9
      الصورة الرمزية بروفيسور ينبع
      تاريخ التسجيل
      Jul 2010
      المشاركات
      4,422
      معدل تقييم المستوى
      66

      افتراضي

      ( 9 )






      عـندمـا كـبـرت


      كانت في ذلك اليوم على غير عادتها مبتسمة مشرقة قد يكون الجو الماطر والغيم ورائحة الأعشاب التي تملأ المكان وألوان الزهور الزاهية انطبعت على نفسيتها فأضفت الهدوء والرضا على محياها , أقتربت منها أختها سلمى بعد ان نفثت الخوف من ضلوعها وهمست بصوتها الهادئ : تبدين بأحسن حال هذا اليوم, ردت بعد أن عدلت من جلستها وهي تمسك بكلتي يديها شعرها الحريري تطويه وتشبكه بدبابيس بين أسنانها, الحمد لله ليس في يدينا إلا تقبل هذه الحياة كما هي,, مادمنا غير قادرين على تغييرها, تتسع عينا سلمى وهي تنظر إليها محاولة فهم سر هذه النبرة الغريبة بصوتها المتشنج العالي دوماً, وجَدَتها فرصة جيدة لإستثارتها أكثر لتتحدث قائلة : الحياة يا عزيزتي جميلة حين نرغب في جعلها كذلك ولكن إذا لبسنا النظارة السوداء فستكون قاتمة حتماً, تقاطعها بإبتسامة شاحبة وهي تهز رأسها ,, آه يا سلمى ليتني لم أكبر ليتني مت صغيرة أو بقيت صغيرة تسعدني الأيدي المُلَوِّحة لي، لا يهمني بهذه الدنيا سوى تذوق طعم الحلوى .. ضحكت سلمى هل تذكرين عندما كانت أمي رحمها الله توبخك دائماً عندما ترتدين عباءتها وكعبها العالي، وكنتُ بحكم لبسي للعباءة في ذلك الوقت أقول لكِ لا تتعجلي سوف تكبرين وترتدينها, تعاود تأوهها,, آه يا سلمى عندما كبرت فهمت معنى ذلك اليوم الذي أجتمع فيه النسوة في بيتنا , كان الجميع يبكون ما عدا أنا فقد كنت سعيدة فكل القادمين رجالاً ونساء كانوا يضعون الحلوى والألعاب والنقود في يدي,, كانوا جميعا يقبلونني بحرارة. فقط عندما كبرت تذوقت مرارة فقد والدي. لِمَ يا سلمى لم أشعر باليتم والحرمان وأنا صغيرة ؟ فقط عندما كبرت شعرت بظمئي لحنان والدي وعطف أمي؟
      عندما كبرت يا سلمى أمست الضحكة الصادقة رسمة نادرة على شفتي ..عندما كبرت لمست كيف أن الخجل قتل أشياء جميلة في داخلي وأطفأ فتائل حب مازالت ذكراه من أروع ما يمكن تذكره في أيامي هذه ..عندما كبرت تعلمت القوانين الصارمة التي أثقلت متني بدون معين .. عندما كبرت تعلمت أنه لابد أن أضحك لأجلك أنتِ يا سلمى , هل تعلمين أن أكثر ما يحزنني هي نظرة الشفقة بعينيك ,, رفعت سلمى رأسها ملوحة بيدها لا لا لا أبداً,, فأنا أحبك أنتِ شقيقتي ومن الطبيعي أن أشاركك همومك وأبكي لألمك ,, بصوت بدأ حازماً قالت: عزيزتي ما أعيشه ليس هموما بل سجناً أنفك من سلسلة واقع في قيد ,, آه يا سلمى ليتني لم أكبر فعندما كبرت شعرت بمرارة الفشل في التعليم,, لمحت نظرة الإزدراء من بنات عمتي,, عندما كبرت ذقت ذلك السم الزعاف من نظرات زوجي الأول وكرهه العجيب لي . سلمى هل تذكرين ذلك اليوم الجميل الذي تقدم طالبا الزواج مني المهندس أحمد ؟ كان يوماً غريباً عُدت فيه طفلة بجدائلها وشرائطها الساتان , خفت لحظتها أن يتوقف قلبي عن النبض وبدأت أصدق كلامك أن الحياة لن تبقى أبداً على منوال واحد. كان يوم زفافي من أيام طفولتي قد يكون أختبأ معي في إحدى الحقائب القديمة أو انسل من صورة في صندوق عتيق, عندما كبرت عرفت جيداً معنى أن تكوني عاقراً , عندما كبرت تأكدت أن الصبر ليس شيئا نتحكم به بل تفرضه الحياة علينا قسراً . قال لي : رغم حبٍ كبير أعطيته أنتِ شجرة بلا ثمار لابد من إقتلاعك من طريقي . رحل وترك تحت الوسادة ورقة ذات رائحة كريهة مازال لونها الأصفر عالقاً في ذهني . وعندما كبرت عرفت لماذا ترك مع رسالته خمس مائة ! نعم أنتِ يا سلمى ذهبتِ لتشتري لي بها الثوب الأسود لأرتديه أيام عدتي أربعة اشهر وعشرة أيام , عندما كبرت عرفت أن أيامي كلها "عـــــــدة حـــــزن" لن ينتهي . ولكن لأنني كبرت لم يعد يهمني أين يمكن أن أقضي شْيخوختي عندما تهب العواصف ويقصفني المطر ..


      إنتـهـى
      [flash=http://im2.gulfup.com/2011-04-09/1302344873591.swf]width=600 height=300[/flash]



      مراسلتي:fawda.c022:

    10. #10
      الصورة الرمزية بروفيسور ينبع
      تاريخ التسجيل
      Jul 2010
      المشاركات
      4,422
      معدل تقييم المستوى
      66

      افتراضي

      ( 10 )






      ليتني مـاتـلـوثت بــك



      رائحة البخور تعبر ملابسي الحريرية قبل أن تسبقني لبيتي وعالمي , سأكون عروساً وسيكون لي بيتاً مستقل .. لا أصدق , تملأ النشوة قلبي وتغسل جفاف عمري أخيراً ساغادر زوجة أبي ولسانها السليط ومطبخها الذي لا يهدأ , في كل ليلة أسأل عمتي عن ملامح الشاب الذي سيكون حبيبي وشريك عمري لتعيد علي " أنتِ محظوظة لأنك ستكونين زوجة رجل ناضج وغني " ولكن ياعمتي كيف شكله ؟؟ وبعد التمتمة والمهمهة تفصح بغير تأكيد " رأيته مرةً قبل خمس وعشرين سنة مقبولاً شكله رغم آثار الجُدري على وجهه " يا إلهي ماذا عسى أن يكون شكله ؟ هل يشبه سائق الحافلة أبا سعد ؟ أو لعله يشبه ذلك الشاب الحضرمي الذي يبيعُ في متجر والدي ؟ لا يُهمني شكله كثيراً المهم أنني سأصبح في مملكة خاصة , سأرش عطري وأضع الأحمر على شفتي . أخيرا سأكمل تعليمي الثانوي ,
      وسأهمس لصديقاتي عن قصص مثيرة ..
      في صباح عرسي نثرتُ شعري , وخضبت كفوفي بالحناء .. قالت لي إحدى بنات عمي تبدين كبريق شمس , بل أنتي دمية من حرير .. أخذت تتعالى الأهازيج وأقتربت الزغاريد عند باب غرفتي , شعرتُ برعشة بأطرافي ولفحة هواء ساخن ترشقني , كان القادم والدي وأعمامي وزوجي , وقفتُ لأستقبله كزهرة في إناء فضة , لم أستطع رفع عيني وتحولت الأرض لطبقٍ يدور تحت أقدامي , كانت لحظات فقط , بعدها سمعت باب الغرفة يُقفل مرتين , جلستُ على طرفِ السرير ,كنتُ أُريد أن انظر لكن فشلت حيثُ انتصر الخجلُ على فضولي ... سقط على السرير بوزنه الثقيل حتى خِلتُه سيتحطم ,
      قال بصوتٍ أجشٍ وسريع " سلام يا بنت " لحظتها أختفى صوتي, وتيبس لساني ,سرقتُ النظر حيث أقدامه الضخمة وجواربه البنية , المحشورة بشبشبه الأزرق , وثوبه الأصفر الذي يظهر نصف ساقيه المتضخمتين .. فجأه هوت يده على رأسي فظننتُ لحظتها أنَّ السقف سقط , كان يتمتمُ بكلماتٍ لا أسمعها , لكن شعرتُ بما يتطاير من فمه من رذاذٍ كثيف حيث لا أسنان أمامية تصدُ لعابه !..
      لم أستطع السيطرة على دمعي عندما شاهدته , شيخٌ كبير , كنت أظن أن أبي كبير جداً وبدين حتى شاهدتُ هذا المخلوق .. كان يقوم بتثاقل بمساعدة كلتا يداي فيرفع مؤخرته ويتدارك بعد ذلك جسده الثقيل بعد عناء .. لحظتها تأكدتُ أن هذه أطول ليالي عمري , أقترب مني يلهث , كانت رائحته تشبه تماما رائحة الخروف الذي أحضره والدي لنا في الإستراحة صيف العام الماضي , كانت تفوح من لحيته رائحه منتنة .. مرَّت يده الخشنة تحت ذقني ورفع رأسي بقوة كاد أن يخلع رقبتي , صارت عيناي بعينيه , خفت لحظتها أن يتوقف قلبي , كان وجهه يمتلىء بالحفـر والشعر يملأ خدوده , إذا صح لي أن أسمي ذلك الشيء " خدوداً " !.. ليس له حواجب , عيناه بدون رموش وماتبقى من أسنانه تتراكم عليها بقايا الشاي والقهوة .. قال بصوت موحش " أنتِ يابنت حلوة تستاهلين الفلوس كلها " شعرتُ لحظتها أنني أريد أن أُفرغ معدتي على وجهه , حاولت النهوض فأجلسني ,حاولت الصراخ فسد منافذ روحي , تحولت الغرفة في لحظات لركام من الأشياء يعتليها حلمٌ جميلٌ كنت أحتفظ به .. بعد أشهر وفي ليلة طويلة مقرفة علت ضحكته منتصراً قال : أريدُ بنتاً حلوة مثلك , لحظتها شعرت بالخطر يلتف حول عنقي , أختلست نفسي وحملتُ أحلامي وعُدت لوالدي الذي استقبلني بوابلٍ من الغضب ,كانت كلماته كالرصاص تجهز على مابَقي مني .. قال ليس لكِ مكاناً عندنا !!! زوجتي تحملتك بما فيه الكفاية , صوته يعلو ويعلو , وقال : من تريدين ؟؟هذا أفضل الرجال مكتمل النضج , ميسور الحال , ماعيبه ؟؟ تكلمي ماعيبه ؟؟ ابتلع مابقي من أعماقي من حياة , وأصمت , ماذا عساي أن أقول ؟؟ هل أقول إنك نحرتَ شبابي مع بقايا رجل ؟؟ أيُ نُضجٍ تعني يا والدي ؟؟ هذا الرجل قد أستوى بل أحترق وسيحرقني .. هل أقول لكَ يا أبي إن ريحته كريهة ؟؟ ستصفعني حتماً !! هل أقول لك أن ملامحه تذكرني بالموت صباح مساء ؟؟ هل أقول لك إنك زوجتني شيخاً هوايته تنظيف أنفه على مائدة الطعام ؟؟ هل أقول لك إن الليل معه ينقلب لجهنم ؟؟
      هل أقول لك إني أريد أن أطير كعاصفير الصبح وأرقص في آخر الليل ؟
      أريد أن أسكب شبابي مع حبيبٍ في نهرِ شوقٍ لا ينطفىء,
      أريد أن نكون طفلين يحتوي جنوني وأنثر صباي على كفيه !!

      لن تفهم ذلك يا أبي !!!
      وبعد صمتي الطويل سحبني والدي وسلمني لسيدي الشيخ !! وتوعدني إذا عُدت مطلقةً فسيوقد النار بجسدي !!..
      دارت رحى الأيام ثقيلة وقاتلة , أصبح عمره خمسة وستين عاماً , وعمري أربعاً وعشرين في بيتٍ كبير بدون أطفال ,
      ولا يعرفُ مَن حولي كيف تتنفس هذه الصبية " إذا نَـــام سـجَّـــانـهـا !!."



      إنتـهـى
      [flash=http://im2.gulfup.com/2011-04-09/1302344873591.swf]width=600 height=300[/flash]



      مراسلتي:fawda.c022:

    11. #11
      الصورة الرمزية بروفيسور ينبع
      تاريخ التسجيل
      Jul 2010
      المشاركات
      4,422
      معدل تقييم المستوى
      66

      افتراضي

      ( 11 )





      ذوبـان قـطـعـة زبـدة




      يُفتح الستار بتباطؤ
      المكان : مطعمٌ صغير وأنيق في طريق الملك عبد الله
      الزمان : منتصفُ مساءٍ ربيعي
      " المشهد الأول "
      بنت جميلة بملامح نجديه ريانة العود شعرها متوسط الطول ينسدل بترف علي ظهرها كخيوط الذهب , متوترة قلقه ترتعد أطرافها
      , يتوسط المكان طاولة مربعة بمفرش أبيض ووردة حمراء , تتناثرعليها الأطباق , تفوح منها رائحة الشواء والتبولة وكأسان أحدهما ليمون والآخر كوكتيل ..
      " المشهد الثانى "
      يقابلها علي نفس الطاولة , شاب تلبسه قلقها , يبدو وسيماً رغم عدم تكلفه بلباسه , عريض المنكبين خفيف الشارب ملامحه نوعاً ما مريحه , مثقلٌ بوعثاء السفر ويبدو واضحاً عليه أنه لم ينم أو لم يأكل منذ وقت طويل ..

      " المشهد الثالث "
      حاولت هي تحريك الجو الصامت المشحون لكنها تفشل كل مرة تضع عينيها بعينيه , ولأن اللحظة أكبر من أن تسيطر عليها قررت أخذ نفس عميق وعقدت كفيها علي جبينها وأرخت رأسها لتستطيع استعادة
      كلماتها,قوتها,قراراتها .
      كان هو يسرق لها النظرات وينتظر بصبر فارغ كمن ينتظر حكم قاضٍ عُرف عنه عشوائية الأحكام !!
      تمر الثواني متثاقلة متغطرسة فهي سيدة الموقف الآن ..

      " المشهد الرابع "
      بحركة سريعة لفَّت يديها حول عنقها وفكت عقدها وسحبت القطعة الفضية التى تتدلى على صدرها وقد نُقش عليها أول حروف إسمها .. وبصمت وهدوء مـدت كفَّها له فأراح كفه عليها ثم وضعت حرفها في وسط كفه وأقفلت أصابعه الخمس عليها بقوه قالت له وهى تتجاهل النظر إلى عينيه هي لك فلا تُفرط بها
      .. أغمض عينيه بقوة وأقفل ساحات قلبه وصــمت , سحبت كفَّها بنعومة ثم أنْثَنَتْ على حقيبتها لتُخرج سبحة سوداء تفوح منها رائحة العود والورد الطائفي ..
      قالت وعينيها تفرُ من عينيه : هذه سبحة والدي رحمه الله أهبها لك لأنك منحتني قلباً ولحظات دافئة في زمن الصقيع المر , أشعر معك بأني طفلة مدللة وأنثي شهيه وسيدة قوية , تشعر اللحظة الواحدة معك بالفصول الأربعة وألوان الطيف , أشعر بالبرد والدفء , بالظمأ والإرتواء , معك كل المشاعر مختصرة مشتعلة , زمهرير قُربك يذيبنى كقطعة زبده ..لمح عينيها وقد ترقرق فيها الدمع فسقطت دمعه من عينيه قال : كأنك اليوم تجرين عنقي لساحة القصاص .. أرخت رأسها وأنزلقت خصلات شعرها لتغطي مابقى من ملامح وجهها , قالت : وهبتك قلبي ووقتي وكل ذرة مني عـندما كانت الأيام ملكي ,
      واليوم أهبُك أول حروف إسمي لتستجدى الذاكرة لي بأن أبقى معك رغم المسافات
      الطويلة التي بيننا..
      هل تعلم لِمَ وهبتُك أنت حصتى من ورث أبي ؟؟؟؟
      وقبل أن يجيب قالت : لتحفظنى بها من ألسن النساء
      سيدي .. سيدي الأيام المقبلة لا أملكها لذلك سأرحل !.
      " المشهد الخامس والأخير "
      وقفت وأدارت ظهرها وعبرت الممر الطويل وصوت قرع حذاءها على الرخام يشبه صوت بسطار جندي طلب سريعاً للمشاركة في معركة !
      هو مازال يجلس حيث هو , يستجمع أطراف أصابعه على حرفها والسبحة مسجاة على الطاولة كثعبانٍ تختلط رائحة الشواء بدهن العود ويعبق المكان برائحة جسدها
      ينزل الستار
      وتطفأ الأنوار ...

      إنتـهـى
      [flash=http://im2.gulfup.com/2011-04-09/1302344873591.swf]width=600 height=300[/flash]



      مراسلتي:fawda.c022:

    12. #12
      الصورة الرمزية بروفيسور ينبع
      تاريخ التسجيل
      Jul 2010
      المشاركات
      4,422
      معدل تقييم المستوى
      66

      افتراضي

      ( 12 )





      شُــمــوع الـفــراولــة




      تيبست قدماي .. كان أمامي . مازال كما هو ، وسيم بشاربه الخفيف ، وغترته البيضاء الناصعة , كنا في صالة ألعاب مزدحمة ،
      الصراخ والإضاءات تتوهج وتخبوا .. كلها تذكرني بليلة زفافي به؛ لم تبرح عيناي ساحة عينيه ومازالت توشوشني
      فأنا أجيد قراءتهما , لم أكترث بطفله الذي يحملُه ، أو بزوجته التي خلفه ، تقدمتُ أكثر: هل يحق لي أن أسلم عليه ؟
      هل يحق لي أن أسأله عن صوري المعلقة في غرفتة ؟؟؟

      لا . لا لن يكون هذا مناسباً له الآن .. هل عرفني وأنا متدثرة بهذا اللثام ؟ إنه يبادلني الإبتسامة !! كل ما أريده الآن
      أن أتأكد بأنه أمامي .. أقتربت منه أكثر ، حشرتُ يدي بيده .. لمسها ضغط عليها بكل دفء..عندها سالت دماء قلبي بغزارة ,

      همست لقلبي
      : هذا الدفءُ هو ما أريدهُ منك ، ولا أريد المزيد ....
      يااااااااه !!!
      مازال يُفكِّر بي بعد كل تلك السنوات من الطلاق.. كم أتمنى أن يكون هذا الطفل مني.. ليتركنا الناس بهدوء..
      هل أتجاهل الناس من حولنا وأفرش شعري على صدره كما كنت أفعل سابقا ؟؟

      جلس مع زوجته وطفله وكوب الشاي الحار بين يديه .. جلست في الكرسي القريب منه أريد سماع صوته ..
      أريد أن أملأ صدري بأنفاسة.. كان يختلس
      النظر لي بين رشفةٍ و أخرى ..
      ماذا سيضر هذا العالم لوسرقتُ منه لحظة حيث غرفتي وشموع الفراولة عندما تتقارب أنفاسنا ؟!!
      سيعيد عليّ إعلانه بأنني سيدة النساء، وطفلته
      !!!
      ماذا سيضر البشر لو أخـذتُ أنامله ، و مررتُها على شفتي حيث مازال الشوق يشعلها !!
      أُطفئت الأنوار , خرج الجميع وأنا مازلتُ أمام طاولته , حملتُ كأسه الفارغة !!
      ولملمتُ رائحة عطره في صدري وعُـدتُ حيث بيت أخــي
      ...

      إنتـهـى
      [flash=http://im2.gulfup.com/2011-04-09/1302344873591.swf]width=600 height=300[/flash]



      مراسلتي:fawda.c022:

    13. #13
      الصورة الرمزية بروفيسور ينبع
      تاريخ التسجيل
      Jul 2010
      المشاركات
      4,422
      معدل تقييم المستوى
      66

      افتراضي

      ( 13 )





      شــــهـــــار



      تنطلق السيارة مسرعة وهي تكاد تئن من الزحام والصراخ الذي بداخلها , منال تعرف أن الإجازة
      مع هذا الضجيج لن تكون ممتعة
      هذه المره , تقطع سيارتهم الطريق يومياً حيث منتزه " الردف "
      في الطائف
      , وهي تشعر بالإحباط , تجلس في المقعد الخلفي تراقب المباني والباعة على الرصيف
      وفي لحظة أدارت رأسها بسرعة حيث ذلك االملتف بشدة على النافذة , لم تستطع معرفة هذا المبنى ,
      وفي اليوم التالي شاهدته
      مرة أخرى يرخي جسده على النافذة ذاتها ، قرأت اللوحة
      " مستشفى شهار للصحة النفسية
      "
      فتحت فاها من المفاجئة الغير منتظره , كان هو ينظر لها أو هكذا شعرت عندما أوقف الضوء الأحمر
      عجلات سيارتهم
      , كان هو بالفعل ينظر إليها , لوَّحت له بيدها المنقوشة بالحناء ,
      لوح بسرعة لها بعد أن عدَّل من وقفته , استمرت إجازتهم مايقارب نصف الشهر ..

      وهو يلوح في كل يوم لسيارتهم في الذهاب والقدوم ويزداد نحولاً و التفافاً على النافذة ذاتها ...

      إنتـهـى
      [flash=http://im2.gulfup.com/2011-04-09/1302344873591.swf]width=600 height=300[/flash]



      مراسلتي:fawda.c022:

    14. #14
      الصورة الرمزية بروفيسور ينبع
      تاريخ التسجيل
      Jul 2010
      المشاركات
      4,422
      معدل تقييم المستوى
      66

      افتراضي

      ( 14 )





      لــيـلـة عــودتــي



      وقفت شامخة بثوبها العنَّابي وشعرها الأسود ينسدل بهدوء على ظهرها.. كانت تنتفض أطرافها, وقلبها المسكين يتحجر, يتصدع ,يتساقط قطعة قطعة..أنهى صلاته ثم جثا على ركبتيه أمامها ووجهه يتهلل سعادة قال:شكراً لله بأن أعاد لي روحي اليتيمة , الآن فقط أستطيع أن أتنفس , الآن فقط ترتاح جوانحي من الركض بحثاً عنك.. وقف أمامها.. جمع خصلات شعرها بين يديه..
      شمَّها بقوة, قال بلهفة وحبور: يا الله ! نفس رائحة بخورك ورائحة جسدك وأنفاسك.. لم يتغير عليّ شيء منذ أن هجرتيني قبل عامين
      ..
      هل تعلمين يا حبيبتي أنني أقتاتُ هذه الرائحة في أركان البيت لم تغادرني تفاصيلك أبداً..
      كانت تشيح بوجهها ذات اليمين والشمال لا تريد لدموعها أن تنسل أمامه.. استكمل فرحته بها وقال كنت أنتظر هذا القرب منذ أن هجرتيني كنت أصلي وأدعوا ربي وقد استجاب الله دعائي.. ثقي حبيبتي بأنك ستكونين السيدة وأنا الخادم ستكونين السجَّان وأنا سجينك افعلي ما تشائين بي , فقط هدهدي روحي بقربك..
      لم تحتمل أكثر قالت بصوت يجهش بالبكاء: لقد عدت لك لأقبل قدميك بأن تفك قيودي التي أدمت معصمي..
      أتوسل كل ذرة في كيانك ,استجدي رجولتك وعطفك أن تهبني حريتي
      ..
      ابتسم وقال: أنت هبة السماء لي هل تعرفين ؟..لم أجد في تاريخ الدنيا من يقذف بأجمل هبات الله للآخرين ..
      حملها بين ذراعيه كطفلة صغيرة وأنزلها بهدوء أمام المرآة ومسح على شعرها وقال : انظري لنفسك هل يعقل
      أن أترك حورية الدنيا وأذهب ؟ سيقولون عني إنني مجنون , وأنا أكره هذه الصفة
      ..
      كان يدير وجهها لتنظر له لكنها نافرة منه كمهرة عربية برية , قال أرجوك دعي لي فسحة من وقتك
      لأجعلك تحبيني , فقط أفتحي الأبواب لا تقفليها, افتحي لي غرف قلبك الدافئ
      ..
      كانت الإبتسامة لا تفارقه قال : حبيبتي هل تعلمين انني منذ هجرتيني وأنا أقف أمام مدرستك وخياطتك وبيوت صديقاتك يومياً أوقع حضوري أمام عينيك..لم ترد عليه كان الحزن يكتسيها وقلبها مازال يتساقط قطعة قطعة .. وبصوت حزين خافت قالت: أرجوك أرجوك غرف قلبي أُغلقت وروحي وهبتها لنجم بالسماء.. ضحك بشكل مفتعل.. أنت تهذين لن يحررك مني إلا الموت .
      اقترب منها وأمسك بيديها الناعمتين وبرقة غير معهودة قال: أنت إمرأة مختلفة, إمرأة شعرتُ معها بطعم الحياة كما ينبغي أن تُعاش .. إمرأة تمثل الحياة بكل مفرداتها ومعانيها, إمرأة تعرف كيف تُكوِّن الإتجاه الأوحد وكيف تتوحد فيها الإتجاهات الأربعة, إمرأة هي الدنيا لي , إمرأة تعرف كيف تشعل معاني الرجولة من خلال ما تملكه من معانٍ حقيقية للأنوثة.. أنت امرأة تعرف متى تكون عقلاً عندما أريدها, وقلباً عندما أحتاجها , ووطنا عندما أتشرد.. لقد تعلمت منك كيف أحب عندما أريد ان أكره وكيف أضحك عندما أريد أن أبكي وكيف أبتسم عندما أتألم ..
      حبيبتي !! طوال غيابك عني وأنا أدور في فلكك أتسولك في وجوه إخوتك وفي رائحة أشيائك .. أشاحت بوجهها عني حيث الشموع المضاءة عضت على شفتيها بقوة وأغمضت عينيها كان يقترب وهي تزداد إبتعاداً حتى ضاق أركان التابوت الذي يجمعهما..
      ساعات الصباح تقترب , صاح الديك , أُشعلت زوايا الذاكرة كان هو على طرف سريره يشخر,
      وهي تهز النافذة بكلتا يديها ليدخل ضوء الصباح وهواؤه لروحها
      لكن عبثاً تحاول
      !!



      إنتـهـى
      [flash=http://im2.gulfup.com/2011-04-09/1302344873591.swf]width=600 height=300[/flash]



      مراسلتي:fawda.c022:

    معلومات الموضوع

    الأعضاء الذين يشاهدون هذا الموضوع

    الذين يشاهدون الموضوع الآن: 1 (0 من الأعضاء و 1 زائر)

    المواضيع المتشابهه

    1. مشاركات: 2
      آخر مشاركة: 31-12-2016, 01:52 PM

    المفضلات

    المفضلات

    ضوابط المشاركة

    • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
    • لا تستطيع الرد على المواضيع
    • لا تستطيع إرفاق ملفات
    • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
    •  
    www.yanbualbahar.com