قبل قرن من الزمن كانت الحاجة إلى تركيب أسنان صناعية لكبار السن مسألة لا نقاش فيها. أما الآن فإن ثلاثة أرباع الأشخاص الذي تزيد أعمارهم عن 65 سنة لديهم بعض من الأسنان الطبيعية، إلا أنهم لا يزالون يعانون من أمراض اللثة وتسوس الأسنان، وسرطان الفم، وعدوى الفم، وفقدان الأسنان. ومع هذا فبمقدورهم إعادة الفم وكذلك ابتسامة الأسنان إلى حيويتهما وشبابهما.
إن صحة الفم أثناء شيخوخته، يرتبط بصحة كل الجسم. وهناك عدد متزايد من الدلائل التي تشير إلى وجود صلة بين التهاب اللثة وبين حالات مرضية مثل الإصابة بمرض السكري، وأمراض القلب، والسكتة الدماغية، والمشكلات التنفسية، وهي الحالات التي تحدث في وقت لاحق من حياة الإنسان.

ويفترض العلماء أن البكتريا المسببة للعدوى الموجودة في اللثة، تنتقل نحو مجرى الدم، ثم تحفز على حدوث الالتهابات في أعضاء الجسم وأنسجته البعيدة.
وبالنسبة لمرض السكري الذي يصيب أكثر من ربع الأميركيين الذين يزيد عمرهم عن 60 سنة، فإن السبب والنتيجة قد يكونان واقعين في كلا الاتجاهين. فمع مرور السنين فإن سكر الدم الذي لم يتم التحكم به، يلحق الأضرار بالأوعية الدموية المغذية للثة، بحيث أنها تصبح أكثر تقبلا للعدوى. وهذه العدوى هي التي تسرع من حدوث أمراض اللثة والأسنان. كما أن ارتفاع سكر الدم يترجم أيضا إلى ارتفاع للسكر في السوائل الموجودة في الفم، التي تتغذى عليها البكتريا. وبالعكس من هذا، فإن الالتهابات الناجمة عن عدوى الفم قد تزيد من مقاومة الجسم للأنسولين، الأمر الذي يقود إلى مصاعب أكبر في التحكم بمستوى سكر الدم والحفاظ عليه.
* بلى الأسنان
* الأسنان قوية بشكل يثير الدهشة، فالأضراس تستطيع تحمل ما مقداره 200 رطل (الرطل يبلغ 453 غراما تقريبا) من الضغط. لكنها ليست عصية على التدمير. ولذا فإن حياة كاملة من القضم والطحن تؤدي إلى بلى يصيب الطبقة الخارجية للمينا فيها ويؤدي إلى تسطّح حوافها القاضمة. كما تتأثر أيضا سطوح الأسنان بعد تعرضها إلى الأطعمة الحمضية مثل فواكه الحمضيات، والمشروبات الغازية، التي تذيب المينا الواقية للأسنان.
وتمهد المينا الضعيفة المجال لحدوث مشكلات خطيرة في الأسنان، فالشرخ في السطح الخارجي لسطح السن يهدد الأنسجة اللينة الرقيقة في لبّه للضرر، والالتهاب. كما أنه ومع تدهور حساسية الأعصاب الموجودة في لب الأسنان مع تقدم العمر، فإن هذه المشكلة تزداد سوءا من دون الشعور بها.
وإن حدثت العدوى في السن، فقد يتطلب الأمر إجراء عملية لقنوات جذور السن أو أن يفقد الإنسان السن كلها. وتزداد احتمالات حدوث هذه العمليات بعد عمر 65 سنة. كما يزداد تسوس الأسنان في الأعمار المتقدمة، إذ ظهر أن معدلات التسوس لدى الأشخاص من أعمار 65 سنة فأكثر هي أعلى من مثيلاتها لدى تلاميذ المدارس. وتنصب أكثر عمليات علاج الأسنان لدى كبار السن حول منطقة «عنق السن» قرب اللثة، فهنا تنحسر أنسجة اللثة مع العمر وتنكشف أنسجة الجذر الطرية له. كما أن تسوس حافات مناطق حشوات الأسنان التي كانت تستخدم في السابق، تعتبر مشكلة إضافية لكبار السن.
ويظل تفريش الأسنان، واستخدام الخيط السنّي، ومراجعة طبيب الأسنان لتنظيفها، أهم وسائل الحفاظ على صحة الأسنان في كل الأعمار. وفي بعض المجموعات السكانية يمثل استخدام الفلوريد الموجود في معاجين الأسنان، ومستحضرات مضمضة الفم، والماء، وسائل مساعدة لإعادة بناء البلورات المعدنية التي تتكون منها المينا في الأسنان، كما أنها تساعد في منع التصاق الطبقات المليئة بالبكتريا، بالأسنان. كما أن مستحضرات المضمضة بالفلوريد وأنواع من الجل (مواد هلامية)، ومواد التبييض التي يستخدمها طبيب الأسنان قد تساعد في وقف انتشار تسوس الجذور بل وإعادة صحتها في بعض الأحيان.
وربما تلاحظ أن ابتسامتك اللامعة يوما ما، قد بدأت تخفت مع مرور السنين. وهذا التغير راجع بشكل جزئي إلى اصفرار مادة العاجيين (عاج الأسنان) dentin الموجودة داخل السن، أثناء بروزها عبر المينا، خصوصا بعد أن تخف طبقة المينا وتنشرخ، مع التقدم في العمر.
والمينا نفسها تتعرض للطخات بفعل تناول القهوة، الشاي، والتدخين. وهناك الكثير من مستحضرات تبييض الأسنان إلا أن عليك استشارة الطبيب حولها.
* صحة الفم
* الأسنان القوية تعتبر النجوم في محيط الفم السليم، إلا أنها لا تستطيع أداء وظيفتها من دون وجود مجموعة من «الممثلين المساعدين» الآخرين - اللثة، والأنسجة الطرية الرطبة التي تبطّن الفم.
وأمراض الفم والأسنان التي تتسم بانحسار اللثة، ووجود أسنان مهتزة، وتدهور عظم الفك، تعتبر المسؤولة الأولى عن حالات فقدان الأسنان لدى كبار السن.
وتبدأ هذه الأمراض عندما تأخذ الترسبات في التراكم في ما بين الأسنان واللثة. ولا يعتبر العمر نفسه هنا السبب هنا، إلا أن أمراض الفم والأسنان غالبا ما تصبح أسوأ فأسوأ بشكل بطيء ومن دون ملاحظة أحد لها - وتظل من دون علاج - لعقود من السنين. وهذا ما يؤدي إلى مشكلات شديدة عند تقدم العمر أكثر. ومن حسن الحظ فإن هذه الأمراض يمكن معالجتها في جميع الأعمار، بإزالة الترسبات وعلاج أنسجة اللثة الملتهبة، واستخدام المضادات الحيوية، والجراحة في الحالات المتقدمة.
* التبغ وسرطان الفم
* وكما هو الحال مع أنواع السرطان فإن خطر ظهور السرطان في محيط الفم يزداد مع تقدم العمر عند استعمال التبغ. والغالبية الكبرى من الأشخاص الذين ظهر لديهم سرطان الفم هم من متناولي التبغ، كما أن احتمال الإصابة بسرطان الفم تزداد مع كل سنة يواصل فيها الشخص ممارسة التدخين أو مضغ التبغ.
والشفة هي أكثر موقع في الفم يتعرض للإصابة بالسرطان، ثم يأتي بعدها اللسان. وتنمو أكثر الأورام السرطانية في الشفة الدنيا، وهي تظهر لدى الرجال أكثر من النساء. وتكون العلامات الأولية لسرطان الفم خفيفة لا يمكن رصدها بسهولة. وعليك التوجه لاستشارة طبيب مختص حال رؤيتك لبقع بيضاء أو حمراء على الشفة يستمر وجودها لفترة تزيد على أسبوعين، خصوصا أن ظهرت على شفتيك أو لسانك، أو قي قاع فمك.
كما يتعرض كبار السن إلى حالات أخرى من التقرحات التي تظهر في محيط الفم، ومنها عدوى الهربس والعدوى بالفطريات. وهذه من العدوى المؤلمة التي تتداخل مع وظائف الأكل والتحادث والبلع. ورغم أنها تقرحات حميدة فقد يمكنها أن توهم بعدم وجود تقرحات سرطانية في أولى بداياتها.
* ترطيب الفم
* يؤدي تناول الأدوية أيضا إلى التأثير على صحة الفم وعلى سبيل المثال فإن أدوية حاصرات قنوات الكالسيوم calcium - channel blockers الموصوفة لأمراض القلب، والأدوية المضادة للتشنجات antiseizure drugs بمقدورها التسبب في انتفاخ اللثة خصوصا حول الأسنان الأمامية الدنيا. ويمكن معالجة هذه المسألة بالحفاظ دوريا على صحة الفم. وفي الحالات الاستثنائية قد يتم اللجوء إلى عملية جراحية لإزالة اللثة التي غطت الأسنان.
كما تؤدي مئات العقاقير إلى ظهور حالة جفاف الفم xerostomia كواحد من الأعراض الجانبية. ويشكل نقصان اللعاب مشكلة كبيرة إذ يزيد من صعوبة تناول الطعام والبلع، ويتسبب في ظهور رائحة الفم الكريهة ويؤدي إلى تخرش أنسجة الفم وإصابتها بالعدوى. كما أنه يزيد أيضا من خطر أمراض اللثة وتسوس الأسنان، ويزيد من تكون حفر جديدة في الأسنان في غضون شهور قليلة، وبمقدورك ترطيب الفم بالعلكة من دون سكّر، وبشرب الماء بعد المضمضة به لترطيب جوانب الفم لعدة ثوان. وتذكر أن المشروبات الحاوية على الكافيين والكحول تزيد من جفاف الفم، وكذلك التدخين.
وان كان جفاف الفم لديك مشكلة حقيقية، فعليك التأني في تفريش الأسنان واستخدام الخيط السني لأنهما يهددان بتوسيع الحفر الموجودة في الأسنان.