• دخول الاعضاء

    النتائج 1 إلى 8 من 8

    الموضوع: جزء من تفسير سورة ( ق )

    1. #1
      فوضوي له مكانه الصورة الرمزية لسعة شقاوه
      تاريخ التسجيل
      Mar 2010
      المشاركات
      757
      معدل تقييم المستوى
      60

      افتراضي جزء من تفسير سورة ( ق )




      { وجاءت كل نفس معها سآئق وشهيد } جاءت يعني يوم القيامة كل نفس، أي كل إنسان كل بشر. ويحتمل أن يكون معنى كل نفس من بني الإنسان ومن الجن أيضاً، ممن يلزمون بالشرائع، لأننا إن نظرنا إلى السياق وهو قوله: {ولقد خلقنا الإنسـان ونعلم ما توسوس به نفسه } الخ.. قلنا: المراد بالنفس هنا نفس الإنسان، وإذا نظرنا إلى أن الشرائع تلزم الجن كما تلزم الإنس، وأن الجن يحشرون يوم القيامة، ويدخل مؤمنهم الجنة، وكافرهم النار، قلنا: إن هذا عام، فالله أعلم بما أراد، {معها سآئق } يسوقها {وشهيد } يشهد عليها بما عملت، لأن هؤلاء الملائكة - عليهم الصلاة والسلام - قد وكلوا بكتابة أعمال بني آدم من خير وشر، وكما سبق أنهم يكتبون كل شيء: الخير والشر واللغو، لكن لا يحاسب الإنسان إلا على الخير أو الشر، ثم قال تعالى: {لقد كنت في غفلة من هـذا } {كنت} الخطاب للإنسان، وفيهاالتفات، والالتفات معناه أن ينتقل الإنسان في أسلوبه من خطاب إلى غيبة، أو من غيبة إلى خطاب، أو من تكلم إلى غيبة، وفائدة ذلك الالتفات أنه يشد ذهن السامع، فبينما الكلام على نسق واحد، إذا به يختلف، انظر إلى قوله تعالى: {ولقد أخذ الله ميثاق بني إسرءيل وبعثنا منهم اثنى عشر نقيباً } ولم يقل وبعث، وانظر إلى الفاتحة نقرأها كل يوم في كل ركعة من صلواتنا {الحمد لله رب العـالمين * الرحمـن الرحيم * مـلك يوم الدين * إياك نعبد } ولم يقل (نعبده) فالالتفات أسلوب من أساليب اللغة العربية، وفائدته شدُّ ذهن السامع لما يلقى إليه من الكلام {لقد كنت في غفلة من هـذا } {لقد كنت } هذه الجملة، يقول العلماء: إنها مؤكدة بثلاثة مؤكدات، الأول: القسم، والثاني: اللام، والثالث: قد، والتقدير (والله لقد كنت في غفلة من هذا).فإن قيل: أليس خبر الله تعالى حقًّا وصدقاً. سواءٌ أكد أم لم يؤكد؟

      قلنا: بلى، ولا شك، ولكن مادام القرآن نزل باللسان العربي، فإنه لابد أن يكون التأكيد في موضعه، وعدم التأكيد في موضعه، لأن المقصود أن يكون هذا القرآن في أعلى مراتب البلاغة {لقد كنت } أي: أيها الإنسان{في غفلة من هـذا } أي كنت غافلاً عن هذا اليوم ساهٍ في الدنيا، كأنك خلقت لها {فكشفنا عنك غطاءك } يعني هذا اليوم كشف الغطاء، وبان الخفي، واتضح كل شيء {فبصرك اليوم حديد } أي قوي بعد أن كان في الدنيا أعشى أعمى، غافل، لكن يوم القيامة {يوم تجد كل نفس ما عملت من خير محضرًا }

      {وقال قرينه هـذا ما لدى عتيد } قرين الإنسان هو المَلَك الموكل به ليحفظ أعماله؛ لأن الله تعالى وكَّل ببني آدم ملائكة عن اليمين وعن الشمال قعيد، وهذا من عناية الله بك أيها الإنسان، أن وكَّل بك هؤلاء الملائكة يعلمون ما تفعل، ويكتبون، لا يزيدون فيه ولا ينقصون فيه، فيقول القرين: {هـذا ما لدى عتيد} أي: حاضر، ويحضر للإنسان فيقال: {ألقيا في جهنم كل كفار عنيد } قوله: {ألقيا } قد يشكل على طالب العلم، لأنه قال: {وقال قرينه هـذا ما لدى عتيد } وقرين مفرد، وهنا {ألقيا } فيها ألف التثنية، فكيف صح أن يخاطب الواحد بخطاب الاثنين؟


      اختلف المفسرون في الجواب عن هذا، فقال بعض العلماء:

      ألقيا اتصل بها ضمير التثنية بناءً على تكرار الفعل، مثل قوله: ألقي ألقي، فالتكرار للفعل لا للفاعل.

      القول الثاني: أن قوله: {وقال قرينه هـذا ما لدى عتيد } إما أن يكون مفرداً مضافاً، والمعروف أن المفرد المضاف يكون للعموم، فيشمل كل ما ثبت من قرين، وعلى هذا فيكون {وقال قرينه } أي الملكان الموكلان به. فإذا قال قائل: أروني دليلاً أو شاهداً على أن المفرد يكون لأكثر من واحد.

      قلنا: يقول الله - عز وجل -: {وإن تعدوا نعمة الله لا تحصوها }. وهل نعمة الله واحدة؟ لا، لأن الله تعالى قال: {وأسبغ عليكم نعمه ظاهرةً وباطنةً }. لكن نعمة الله مفرد مضاف، فتكون شاملة لكل نعمة.

      ويمكن أن يقول قائل: إن قوله: {وقال قرينه } هو واحد من الملكين، ولا شك أنه يجوز أن يتكلم واحد من الاثنين باسم الاثنين.

      {كل كفار عنيد * منـاع للخير معتد مريب * الذي جعل مع الله إلـهاً ءاخر} خمسة أوصاف:

      {كفارٍ }، صيغة مبالغة، فإما أن يقال إنه كان صيغة مبالغة، لأن هذا الكافر قد فعل أنواعاً من الكفر، فإذا جمعت الأنواع صارت كثيرة، وقد يقال: إن هذه الصيغة ليست صيغة مبالغة، وإنما هي صيغة نسبة، كما يقال: نجار، وحداد، وما أشبه ذلك ممن ينسب إلى هذه الحرفة، فكفار، أي: كافر، لكنه قد تمكن الكفر في قلبه - والعياذ بالله -.

      {عنيدٍ } أي: معاند للحق، لا يقبل مهما عرض له الحق بصورة شيقة بينة واضحة لا يقبل.

      {منـاعٍ للخير } فيمنع الدعوة إلى الله، ويمنع بذل أمواله فيما يرضي الله، ويمنع كل خير، لأن قوله: {للخير } لفظ يشمل كل خير، وقوله: مناع كأنه يلتمس كل خير فيمنعه، فتكون هذه الصيغة صيغة مبالغة.

      {معتدٍ } أي: يعتدي على غيره، فلم يمنع غيره من الخير فقط، بل يعتدي عليه، وانظروا إلى كفار قريش ماذا صنعوا مع الرسول صلى الله عليه وسلم ، منعوه واعتدوا عليه.

      {مريبٍ } أي: واقع في الريبة والشك والقلق، وكذلك أيضاً يشكك غيره فيدخل في قلبه الريبة، فكلمة {مريبٍ} تقتضي وصف الإنسان بها، وحمل هذا الوصف إلى غيره.

      {الذي جعل مع الله إلـهاً ءاخر }، ما أوسع هذه الكلمة، وإذا كانت هذه الكلمة وصفاً للكفَّار العنيد، فالمعنى أنه يعبد مع الله غيره، وكلنا يعلم أن المشركين كانوا يعبدون مع الله غيره، فيعبدون اللات، ويعبدون العزى، ويعبدون مناة، ويعبدون هبل، وكل قوم لهم طاغية يعبدونها كما يعبدون الله، يركعون لها، ويسجدون لها، ويحبونها كما يحبون الله، ويخافون منها كما يخافون من الله - نسأل الله العافية - هذا إذا جعلنا قوله تعالى: {مع الله إلـهاً ءاخر } وصف لهذا الكفَّار العنيد.

      أما إذا جعلناه أشمل من ذلك فإنها تعم كل إنسان تعبد لغير الله، وتذلل لغير الله، حتى التاجر الذي ليس له هم إلا تجارته وتنميتها فإنه عابد لها، حتى صاحب الإبل الذي ليس له هم إلا إبله هو عابد لها، والدليل على أن من انشغل بشيء عن طاعة الله فهو عابد له، قول النبي صلى الله عليه وسلم: «تعس عبدالدينار، تعس عبدالدرهم، تعس عبدالخميصة، تعس عبدالخميلة» (16) . عبدالدينار هذا تاجر الذهب، وعبدالدرهم تاجر الفضة، وعبدالخميصة تاجر الثياب؛ لأن الخميصة هي الثوب الجميل المنقوش، وعبدالخميلة تاجر الفرش، أو ليس بتاجر، يعني لا يتجر بهذه الأشياء لكن مشغول بها عن طاعة الله، إن أعطي رضي، وإن لم يعط سخط، فسمى النبي صلى الله عليه وسلم من اشتغل بهذه الأشياء الأربعة عبداً لها، وفي القرآن الكريم ما يدل على أن العبادة أوسع من هذا، قال الله تعالى: {أرءيت من اتخذ إلـهه هواه }. فدل ذلك على أن كل من قدم هوى نفسه على هدي ربه فهو قد اتخذ إلهاً غيره، ولهذا يمكننا أن نقول: إن جميع المعاصي داخلة في الشرك في هذا المعنى، لأنه قدمها على مرضاة الله تعالى وطاعته، فجعل هذا شريكاً لله - عز وجل - في تعبده له، واتباعه إياه، فالشرك أمره عظيم، وخطره جسيم، حتى الرجل إذا تصدق بدرهم وهو يلاحظ لعل الناس يرونه ليمدحوه ويقولون: إنه رجل كريم. يعتبر مشركاً مرائياً، والرياء شرك، وأخوف ما خاف النبي عليه الصلاة والسلام على أمته الشرك الخفي، وهو الرياء (17) ، فعلى هذا نقول: {الذي جعل مع الله إلـهاً ءاخر }، إن كانت وصفاً خاصًّا بالكفَّار العنيد، فإنها تختص بمن يعبد الصنم والوثن، وإن كانت للعموم فهي تشمل كل من اشتغل بغير الله عن طاعته، وتقدم ذكر الأمثلة والأدلة على ما ذكرنا.

      قال الله تعالى: {فألقياه في العذاب الشديد } وهو عذاب النار، نسأل الله أن يعيذنا منها بمنه وكرمه، {قال قرينه ربنا مآ أطغيته ولـكن كان في ضلال بعيد } هو يدعي أن قرينه هو الذي أطغاه وهو صده عن سبيل الله، فيقول قرينه: {ربنا مآ أطغيته }، ما أمرته أن يكذب، ولا أن يكون عنيداً، ولا أن يكون معتدياً، ولا أن يكون مريباً، ولا أن يكون مشركاً مع الله أحداً، ما فعلت هذا {ولـكن كان في ضلـل بعيد } أي: كان هذا الكافر في ضلال بعيد عن الحق، حينئذ لدينا خصمان: الكفَّار العنيد، والقرين، فالكفَّار العنيد يدعي أن القرين هو الذي أغواه وأطغاه، والقرين ينكر ذلك، فيقول الله - عز وجل - {لا تختصموا لدى }، الخصومة منقطعة، لأن الحجة قائمة ولا عذر لأحد، {وقد قدمت إليكم بالوعيد }، أي أوعدتكم على المخالفة فلا حجة لكم، {ما يبدل القول لدىَّ ومآ أنا بظلام للعبيد }. يعني لا أحد يستطيع أن يبدل قولي؛ لأن الحكم لله - عز وجل - وحده، فإذا كان الله تعالى قد وعد فهو صادق الوعد سبحانه وتعالى، وأما الإيعاد فقد يغفر ما شاء من الذنوب إلا الشرك {ومآ أنا بظلام للعبيد } يعني لست أظلم أحداً، وكلمة (ظلاَّم) لا تظن أنها صيغة مبالغة، وأن المعنى أني لست كثير الظلم، بل هي من باب النسبة، أي: لست بذي ظلم، والدليل على أن هذا هو المعنى، وأنه يتعين أن يكون هذا المعنى قوله تعالى: {إن الله لا يظلم مثقال ذرة وإن تك حسنةً يضاعفها }، ويقول - عز وجل -: {ومن يعمل من الصالحـت وهو مؤمن فلا يخاف ظلماً ولا هضماً }. ويقول - عز وجل -: {ولا يظلم ربك أحدًا }. والآيات في هذا كثيرة، أن الله لا يظلم، بل إننا إذا تأملنا وجدنا أن فضل الله وإحسانه أكثر من عدله. جزاء سيئة سيئة مثلها، وجزاء حسنة عشرة أمثالها، ولو أردنا أن نأخذ بالعدل لكان السيئة بالسيئة، والحسنة بالحسنة، لكن فضل الله زائد على عدله - عز وجل - فهو سبحانه وتعالى يجزي بالفضل والإحسان لمن كان محسناً، وبالعدل بدون زيادة لمن كان مسيئاً {ما يبدل القول لدىَّ ومآ أنا بظلام للعبيد} .


      هذا ما تيسر جمعه من تفسير الشيخ محمدالعثيمين رحمه الله


      ____________________________________





      هذا الموضوع برعاية




      يَوم حَان المجَال.. ويوم حَان السّؤال</B>
      وجهتي صَوب شَاعر ينطق السّلسبيل</B>
      اﻷمير المعرّب مـن عَمَـامْ وخـوَال</B>
      ما تجيب الشّوَارد منه غيـر الجزيـل</B>
      صيدته دَوم جَزله.. ما يصيد الهـزال</B>

    2. #2
      فوضوي له مكانه الصورة الرمزية راشد
      تاريخ التسجيل
      Sep 2009
      المشاركات
      3,544
      معدل تقييم المستوى
      68

      افتراضي

      جزك الله خير وجعلها الله في ميزان حسناتك يا لس لس
      اعتذر من الجميع لترك المنتدي لظروف خاصه
      وشكرا لكم جميعا على المحبه

    3. #3
      الصورة الرمزية شموخ الغربيه
      تاريخ التسجيل
      Oct 2009
      المشاركات
      4,941
      معدل تقييم المستوى
      70

      افتراضي

      جــزآآآكـ اللهـ ألـــف خيييير يالغلا
      جعلهـ اللهـ في موآآآزين حسنآتك يآآرب
      لاعدمنآآ هالإبدااع يارب
      دمتي لفووضى
      تقبلي مروووري...
      عـــودة الــشــيــخـــه شــمــوخ الـغـربـيـه :41::41:

    4. #4
      الصورة الرمزية هيبـة ملڪ
      تاريخ التسجيل
      Aug 2008
      الدولة
      في قلب من أحب
      المشاركات
      23,830
      معدل تقييم المستوى
      112

      افتراضي

      جزااااااااااااك الله جنة الفردوس


      إذا لم تجد عدلاً في محكمة الدنيا .. فارفع ملفك لمحكمة الآخرة .. فإن الشهود ملائكة .. والدعوى محفوظة .. والقاضي أحكم الحاكمين




      اعمل لدنياك كأنك تعيش أبداً
      و
      اعمل لآخرتك كأنك تموت غداً

    5. #5
      اخو الجميع الصورة الرمزية خيالي
      تاريخ التسجيل
      Dec 2011
      المشاركات
      26,879
      معدل تقييم المستوى
      50

      افتراضي

      جزااااااااااااك الله جنة الفردوس

    6. #6
      الصورة الرمزية ღدنيآْگْ دنيآيـُےღ
      تاريخ التسجيل
      Sep 2009
      المشاركات
      7,152
      معدل تقييم المستوى
      75

      افتراضي

      جـــــــزآكِ الله خير

      جعلهــــــــــآإالله في موآزين حسنـآإتك

      تقبلي مروري

    7. #7
      وفيت بآحساسي
      زائر

      افتراضي

      جزاك الله خير
      وجعله الله في موازين حسناتك

    8. #8
      فوضوي له مكانه الصورة الرمزية محمودى
      تاريخ التسجيل
      Jan 2010
      المشاركات
      19,950
      معدل تقييم المستوى
      99

      افتراضي



      جزاك الله خير

      ودوما بانتظار المزيد

      مودتى وتقديرى
      لئن سالتني يارب يوم القيامة عن ذنبي لاسالنك عن رحمتك
      ولئن سالتني يارب عن تقصيري لاسالنك عن عفوك


    معلومات الموضوع

    الأعضاء الذين يشاهدون هذا الموضوع

    الذين يشاهدون الموضوع الآن: 1 (0 من الأعضاء و 1 زائر)

    المواضيع المتشابهه

    1. تفسير سورة الانسان
      بواسطة زمن النسيان في المنتدى من وحي الاسلام
      مشاركات: 5
      آخر مشاركة: 20-08-2015, 02:03 PM
    2. تفسير سورة الفاتحة
      بواسطة نسمات الجنة في المنتدى الطفل ومتطلباته
      مشاركات: 1
      آخر مشاركة: 04-08-2015, 07:43 PM
    3. تفسير سورة الطلاق
      بواسطة زمن النسيان في المنتدى من وحي الاسلام
      مشاركات: 2
      آخر مشاركة: 17-05-2015, 10:18 AM
    4. تفسير سورة الهمزه
      بواسطة اتعبني غيابك في المنتدى من وحي الاسلام
      مشاركات: 38
      آخر مشاركة: 25-08-2014, 04:20 PM
    5. تفسير سورة الاخلاص
      بواسطة فوضوية الاشتياق في المنتدى من وحي الاسلام
      مشاركات: 15
      آخر مشاركة: 20-07-2014, 03:38 AM

    المفضلات

    المفضلات

    ضوابط المشاركة

    • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
    • لا تستطيع الرد على المواضيع
    • لا تستطيع إرفاق ملفات
    • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
    •  
    www.yanbualbahar.com