• دخول الاعضاء

    صفحة 3 من 28 الأولىالأولى 1234513 ... الأخيرةالأخيرة
    النتائج 31 إلى 45 من 408

    الموضوع: خطوات تغفو على عتبات الرحيل

    1. #31
      الصورة الرمزية ♥} آمـل الـ عٍ ـشآق ♪
      تاريخ التسجيل
      Dec 2009
      الدولة
      " ع‘ــشقـِـِـي آلمَدينـَـَـَـﮧ ..
      المشاركات
      18,765
      معدل تقييم المستوى
      97

      افتراضي

      كانت الإضاءة الخفيفة الصفراء .. مصدرها تلك المصابيح الخافتة التي عُلّقت في سقف المكان .. تصلب ظهره .. لم يكن يشعر بالارتياح أبدا .. شيء من البرود لا علاقة له بجو المكان الجليدي .. سرى في جسده و هو يقف عند الباب .. رائحة المطهرات القوية تعبق في المكان .. تتطفل على الأنفاس ..
      إحساس الرحيل يلف هذا الهواء الذي يخترق رئته بنفس الهدوء البطيء الذي يستشعره هنا ..!
      صمت يجتاحه روحه .. شيء من الإحترام شعر بأن عليه أن يلتزمه .. و هو واقف .. يشعر بأن لمحراب الموت هذا قدسية السكون ..
      عينه ترتكز على ظهر الشخص الوحيد هنا .. الرجل الذي وقف دون حراك عند أحد الأسرّة الموزعة على وسع القاعة ..
      ظهره المتصلب لا يبدي أدنى إنفعال قد يظهره وجهه الذي يخفيه ..
      أدار هو ظهره له .. رغم أنه أصرّ على اصطحابه إلى هنا .. إلا أن شعوره بأنه تطفل على خصوصية ما له ..
      منعه من القيام بأدنى حركة ،،
      سوى الإنتظار ..!
      .
      .
      .
      كانت يده التي تجعد جلدها بقوة تلتف بقبضة قوية حول يد ابنه المسجى ،، لا يعلم حقا أي رغبه تعتريه .. أ ينحني ليطبع قبلة وحيدة و يودعه مديرا ظهره ليخرج من هذا المكان ..؟؟ أيدفن وجهه في صدره و يستنشق رائحته العزيزة للمرة الأخيرة ..؟؟
      رغبة وحيدة ملحة أدرك أنها الأقرب لقلبه الآن ..
      أراد أن يبكي بصوتٍ عالٍ كطفل صغير .. أراد أن يجد مخرجا لكل هذا الألم الذي يخنقه الآن ..
      أراد أن يبرد شيئا من حرّةٍ لفحت قلبه بقسوة ..
      أراد أن يستلقي في ذاك الفراش القريب .. و يطلب منهم أن يساق بدلا عنه للحفرة التي هي في انتظاره ..
      لكن شيئا من ذاك لم يستطع القيام به .. بدا أن دموعه تعصيه .. تأبى النزول .. و كأنما تحرقه عقابا ..
      مر وقتٌ طويل مذ رآه آخر مرة ..!
      وقت طويل للغاية .. فمن يراه هنا الآن كان مختلفا تماما عن ذاك الشاب الفتي الذي قام بطرده من البيت ..!
      راحت عينه تمسح وجهه بوجع ،، بشرته المسمرة إثر لفح نسائم السموم لها في عز الظهيرة .. وجهه الكالح .. يديه الخشنتين .. و همٌّ لا زال ينعقد على جبينه ..
      لا يشبه طفلا بُشَّر ذات يوم بعيد بقدومه لهذه الدنيا .. لا يشبه فتىً لازم نشوءه .. لا يشبه شابا ضاع في غمرة الحياة ..
      هذا رجل أضنته معارك الدنيا و كفاحها .. ملَّ قتالا فارغا .. أسقطه ..
      هذا رجل غريب تماما هيئة عنه ..
      لا يعرفه .. لو كان التقاه في مكان آخر لما قتله هذا الألم ..!
      هذا ابنه ..
      لكن بينهم سنوات .. بينهم كِبرٌ زائف .. بينهم وقت ضيّعاه .. بينهم قدر أقسم على أن لا يلتقيا إلا أمام رب العباد ..
      بينهم برزخ .. إجتازه ذاك راحلا ..
      و بقي هو هنا بحسرته .. متندما .. متأخرا ..
      أرخى جفنيه الثقيلتين بإحساس معذب .. إنه حتى لم يسترضه ..! قضى وقته في استدراجه عبر ابنته ليحثه على القدوم مجددا .. يلتمس قربه ..
      ماذا كان سيضره إن ذهب ببساطة له و مد يده داعيا اياه أن يعود لكنفه ..
      لماذا بدا الزمن جائرا في هذه اللحظة .. ألا يمكن له ان يعود للحظات فقط..؟؟
      هناك مئات الأخطاء التي هو بحاجة لأن يصلها .. ثغرات يبغي سدّها ..
      خطوات أراد أن يعيدها لطرقات يعرفها .. لا تلك المسالك التي غرّبت ابنه لسنوات ..
      ينظر لوجه الحبيب .. لازال ذاك العناد يستوطن ملامحه حتى بعد رحيله ..
      ابتسامة مرّة غالبت دمعة حارة سالت بطيئة على وجنته المجعدة ..
      لقد كان متأخرا .. متأخرا للغاية ..
      الآن يفصل بينهما عمر ..
      لا يمكن تجاهله ..
      قبضته التي تتشبث بيد ابنه الثلجية .. تعتصرها بقوة ..
      للمرة الأخيرة .. يقف هنا .. يواجهه ..
      للمرة الأخيرة تحتضن عيناه وجهه الذي كان بلا حياه ..!
      .
      .
      للمرة الأخيرة هو راضٍ عنه ،، راضٍ عليه ..
      يسامحه ..
      ينحني ببطء ليطبع قبله عميقه على جبينه البارد .. أطلقت عبرات تساقطت على وجهه ..
      .
      .
      للمرة الأخيرة يدعو من الله أن يرقد هذا الإبن بسلام ..
      مرّ كالدموع طعم الرحيل ..
      حين لا تعلم ما كان يحمل ذاك الراحل في قلبه قبل المضي ..!

      * * * * *

      لم تكن تلك اليلة كغيرها من الليالي ..!
      وقع الخبر على عائلة حمد كان مروعا ،، عادت المها و حور للبيت ليجدن أن الحزن قد سبقهن إلى هناك
      ..
      في اللحظة التي دلفن فيه البيت .. حور تسند المها التي كانت تتعثر في مشيتها و صوت شهقاتها يختلط ببكاء حور الخافت ..
      عرفت أن الجميع قد علم بالمصيبة تلك .. ازدادت وتيرة بكائها دون أن تستطيع السيطرة عليها ..
      أخواتها الصغار و دانة و نورة كانن في حجرة أمهن .. الإنهيار على الوجوه .. و صوت البكاء العالي كان يصم الأذان .. فيما تحاول الخالة عذيجة الموجوعة مواساتهن ... لم يكن أحد ما أكثر تماسكا من أمها ..
      أمها التي خافت عليها جدا نظرا لحالتها الصحيّة المتدهورة .. خشيت ما قد يفعله هذا الخبر بها .. و لكنها كانت تبكي بدون صوت جالسة في فرائها و هند و دانة يدفنّ رؤسهن في حجرها باكيات في ما انزوت نورة في طرف الغرفة .. و ضمت عذيجة ابنتة أختها الصغرى إلى صدرها تهدئها ..
      كانت الصورة فضيعه للغاية .. شيء يعيد صدى الخبر و كأنها تسمعه للمرة الأولى ..
      لم ترى عفرا و لا نايف .. اندفعت تحتضن أمها باكية تتبعها المها .. بدا أن قدومهن فجّر بقية التماسك في أخواتهن ،،
      قادت حور المها بهدوء لغرفتهن كي تستلقي في فراشها .. ما إن دلفت الغرفة المظلمة حتى راعها الصوت الأنين الخافت ..
      التفتت لفراش عفرا التي استلقت عليه .. دون غطاء و هي متكومة على نفسها ..كانت تنشج ببكاء يمزق نياط القلب .. ساعدت حور المها على الإستلقاء في فراشها .. قبل أن تسحب تلك اللحاف مغطية جسدها و رأسها كاملا ..
      ملتفة بأحزانها ..
      استدارت نحو عفرا و جلست على طرف فراشها .. تعض شفتيها .. و هي تشعر بالوهن يدب في روحها .. لم تستطع ايقاف سيل دموعها و هي تكتم شهقاتها التي أهلكتها .. تمد يدها لتمسح على شعر عفرا بهدوء .. و تمسح دموعها بقوة .. تنظر حالهم ..
      بلا أب ..
      انهيارهن جميعا .. خروج نايف الذي لا تعلم أين هو الآن .. أمها المريضة ،،
      إلى أين سيؤول بهم الحال ..؟!
      كم هو مخيف هذا الشعور بأن الأيام القادمة ستكون خاليــــــة ..!
      لا شيء فيها ..
      مجهولة ..
      شيء يتملكها و هي تواصل مسح شعر أختها بلا شعور .. و عبراتها الحارقة تنزل تباعا على وجنتها ..
      لا تستطيع تفسير ما يتملكها بأن هذه هي النهاية ..! و أن عقارب الساعة لم تعد تدور ..
      .
      .
      - حور ..؟
      الصوت الهامس المرتجف .. انتشلها من ذاك التيه الذي تخبطت فيه للحظات .. و عفرا ترفع وجهها المنتفخ من البكاء و هي تقول بصوت متهدج ..
      - شوه بنسوي عقبه يا حور .. ابويه راااح .. راااح و خلاناا ..
      ضمتها حور و هي تبكي ..فلفت عفرا ذراعيها تتشبث بها بقوة .. و بكاءها يرتفع شيئا فشيئا .. كانت حور تشعر بأن ثقلا ما ألقي على كاهلها .. الآن و الجميع قد تداعى تحت وطأة هذا الخبر ..
      هذه الفاجعة التي هبطت عليهم فجأة ،، كيف لهم أن يتجاوزوها ..؟؟!
      شعرت بأنه يجب أن يكون هناك من هو متعقل منهم .. من هو مستعد للملمة حطامهم ..
      من يقع على عاتقه واجب مواساتهم ..
      و من غيرها قد يكون الملزوم بهذا .. أ و ليست هي الكبيرة ..؟؟ بعد أمها الضعيفة ..؟
      إحساس قاتل راح يسري داخلها و هي تدرك بأن عليها أن تداوي أوجاعهم بصبر .. متجاهلة أوجاعها ..!
      عليها أن تصبر .. ان تتماسكْ .. أن تبتلع ألمها .. و إلا من المسؤول عن آلام إخوتها ..؟؟
      كان هذا الإدراك يهبط على روحها ثقيلا .. ثقيلا للغاية ..
      لا تطيقه النفس ..
      رغم ذلك .. تلك الكلمات المواسية تنفلت بقوة من بين شفتيها و هي تمسح دموعها باستماته ..
      - ادعيله بالرحمه .. ادعيله ان الله يوسع قبره ..
      و راح صوتها يغيب بين شهقاتها ..
      يصعب حقا ادِّعاء القوة حين نكون محطمين ..!
      .
      .
      .
      كانت الساعة تشير للواحدة و النصف .. الهدوء يغشى البيت التي بدا أن جدرانهم تشاركهم الحداد على فقيدهم ..!
      تجلس هي على درجات مدخل المجلس .. المكان الذي غفا فيه أبوها غفوته الأخيرة و لم يستيقظ بعدها ..
      تنتظر أن يعود نايف الذي كان قد خرج قبل المغرب و لم يعد إلى الآن .. لم تعرف كيف عليها أن تتصرف .. و ماذا يجب أن تفعل .. تشعر بأنها بطيئة في فعل أي شيء و كأنام تحمل أثقالا من الدموع على ظهرها ..!
      أجفلت و هبت واقفة بلهفة مع صوت الخطوات الذي اقترب من باب البيت الموارب .. ما ان دفع القادم الباب حتى بدا الإحباط على وجهها المحمر من فرط البكاء و شفتيها المرتجفتين و هي تكبت شهقة معذبة ..
      نظر لها عبيد الذي كان يحمل كتبه و عددا من الملابس بتعاطف ..
      - بلاج حور ..؟؟
      ارتجف صوتها الهامس .. تجاهد أن لا تبكي ..
      - أرقب نايف .. ظهر يوم .. آآ - لم تستطع التفوه بالكلمة - ... ما رد الين الحين .. الساعة وحدة ..
      دلف عبيد الذي كان قد تقرر أنه سيقضي بضعة ليالٍ هنا المجلس و علّق ثيابه و وضع كتبه جانبا .. قبل أن يخرج مجددا و هو يقول بثقة ..
      - لا تخافين ما بيسير مكان .. أكيد هنيه في الحارة .. منوه ربعه خبرينيه أنا ظاهر أدور عليه عندهم ..
      مسحت دمعة خائفة انزلقت على خدّها ..
      - لا عبيد ايلس بنرقبه شويه بعد .. أكيد بيرد الحين ..
      نظر لها مترددا قبل أن يطيعها و يجلس إلى جوارها .. لحظات صمت و هما ينظران إلى الأرض قبل أن تسأله بصوت مرتجف ..
      - دفنتوه ..؟؟
      رفع نظرها لها بدهشة .. و لكنها لم تلتفت إليه .. أصبحت روحها كومة من الفتات لا تريده أن يراها .. صوته الحزين يتدفق قربها ..
      - لا بنصلي عليه باكر عقب الظهر و بندفنه في مقبرة العوهة ..
      ابتلعت ريقها بحزن فظيع ..
      - و العزا ..؟؟
      صمت مطولا .. لا يدري حقا إذا كان هذا هو الوقت الملائم ..؟! و لكنها ستعرف إذا على كل حال .. الأفضل أن تكون مستعدة من الآن .. كان صوته حذرا و هو يقول ..
      - العزا في بيت يدج العود ..
      نظرتها المصدومة و الكلمة التي انفلت برعب من بين شفتيها ..
      - شووووووه ..؟؟؟؟؟؟؟
      هز رأسه بأسى .. هبت هي واقفة من مكانها ..
      كيف ..!!
      كيف تجرءوا على فعل هذا ..؟!
      شعرت بالحقد يمتزج بالألم في صدرها .. يعتصر روحها ..
      الأوغاد لم يورا أحدا منهم طوال حياة والدها .. لم يكن أحدهم يشاركهم الأحزان أو الأفراح ..
      لم يعرفوهم قط ..!!
      و الآن بعد رحيله يأتون لينتزعوا حق الرحمه ،، المواساة التي يفترض بان تكون لأبناء المرحوم ..؟
      يغتصبون حقهم في تقبل تعازي أبيهم ..
      شعرت بالدموع الساخنة تغسل وجهها مجدداو هي تبكي ..
      - هب ع كيفهم .. يحطون العزا فبيتهم .. نحن عياله و العزا لنا ..
      أحاط عبيد كتفها بحنان ..
      - لا تضيقين صدرج يا الغالية .. هاييل معروفين و بيونهم العرب من كل بقعة .. و المكان هنيه ما بيسدهم .. و بعدين أبوه يبا عزا ولده يكون فبيته .. و بعدين يدتج ما تروم تتحرك من مكانها ..
      لم يفهم ..!
      لم يفهم ..!
      صاحت بمرارة ..
      - ما يهمنيه عزا الرياييل وين يكون .. بس عزا الحريم لازم يكون فبيتناا .. أمايا في العدة .. شووووه ما تبانا نحضر عزا أبويه ..
      كان عبيد يقول كلمات و لكنها لم تكن تسمع ..
      حتى هذا الحق الضيئل حُرِموا منه ببساطة ،، لم يكونوا هم بحاجة للتعزية ..
      فهم لم يتذوقوا المصاب مثلهم ..
      لقد تخلوا عن هذا الحق منذ سنوات .. كيف يعودون الآن بعد فوات الآن مطالبين به ..
      .
      .


      لمْ أحححبكك من فراآاغ ,/
      كي أنسسسسإآك من فرآغ . .
      احببتكك بِ قنآإعه عظّيمه ـ‘
      و سَ أنساك بَقناعه أعظم !|



    2. #32
      الصورة الرمزية ♥} آمـل الـ عٍ ـشآق ♪
      تاريخ التسجيل
      Dec 2009
      الدولة
      " ع‘ــشقـِـِـي آلمَدينـَـَـَـﮧ ..
      المشاركات
      18,765
      معدل تقييم المستوى
      97

      افتراضي

      كانت كراهية شديدة لهم تمتزج بلوعة غريبة و رثاء بالنفس ..
      جعلت حور في ضياع .. لا تدري إلى متى سيستمر هذا الألم ..!
      حتما سيقتلها قبل أن يتوقف .. تشعر بذراع عبيد تحيط بها مواسية .. و لكن لا شيء يخمد هذا اللهيب الذي يحرقها ..
      صوته و هو يهتف باسم جعلها تنتفض في مكانها ..
      - نايـــــــف ..!!!
      كان أخوها قد دلف للتو من الباب .. وجهه المنتفخ و عيناه الحمراوين و هو يقف عند الباب ..
      ركضت نحوه و هي تنسى كل شيء قبل أن تحتضنه بلهفة باكية ..
      - وين كنت ..؟؟. وين روحت يا خويه .. روعتنا عليك ..!
      لكن نايف لم يجبها .. بل إنخرط في نشاج عالٍ جعله أقرب للأطفال ..
      - أبوووووووووووويه ماااااااااااااات .. ماااااااااااااااات ..
      كانت الكلمات تنغرس كالحراب في قلبها و لكنها ضمته أكثر و هي تبكي معه ..
      دموعهما تختلط ..
      و جسده الصغير يرتعش بين ذراعيها كورقة ذاوية في مهب الأوجاع ..
      .
      .
      ينتحب بقوة .. و هي تشاركه البكاء ..
      تبكي مصيرهم المشترك ..
      الألم .. الفقد .. اليتم ..
      تبكي الخوف الذي راح يغلف كل إحساس فيها ..
      مجهول مصير الأيام القادمة ،، لا يعلمون ما تحمل في طياتها ..!

      * * * * *

      مرر أنامله برقة على وجنتها المجعدة .. ثم إلتقط كفّها الحبيب ليطبع قبلة عميقة قبل أن يعيده برفق إلى جانب جسدها الراقد على ذاك الفراش الضخم الوثير ..
      لم يكن ينير الغرفة سوى ضوء مصباح النوم الذي وضع جانب سريرها .. و أضواء تسللت عبر النافذة التي أزاح ستارها للتو .. تلقي بظلٍ خافت في الغرفة ..
      استند هو على حافة النافذة العملاقة .. يشيح ببصره في الحديقة الممتدة ..
      كان لليوم مذاقا غريبا .. صور تداخلت في ذهنه راحت تدور مرارا و تكرار ..
      فيما يقف هو هنا عاجزا عن النوم قبل أن يطمئن إلى أنها بخير ..
      لم تتقبل الخبر بصلابة جده .. إنهارت فور علمها بوفاة إبنها ..
      أسدل أهدابه و حاجبيه الأسودين ينعقدان بضيق ..
      صورتها بذاك الشكل مزقت فؤاده .. ذات الهياج و البكاء و الصرخات .. قبل سقوطها إثر ارتفاع السكّر في دمها .. أوجعه ذاك الألم الذي تجرعته بعد فقدها لإبنها ..
      صورتها أمام عينيه تتداخل مع صورة تلكْ التي سقطت راكعة على أرض المستشفى .. وجهها الذي أخفاه شعرها المنزلق من تحت الحجاب .. دموعها التي أغرقت وجهها الصافي ..
      شيء غريب و هو يتذكر تلك الصورة .. جعله يحس بأنها تتجرع الألم للمرة الأولى ..!
      شتان بين شعوره .. لم يراوده غير الشفقة و الأسى على حالها .. بينما شعر بألم رهيب يعتمر صدره حين أفجعه منظر جدته ..
      ربما لأن تلك قضت عمرها كلها معه .. بينما مضت سنوات جدته الأخيرة و هي تتقلب بين الشوق الذي لا يخمد لرؤية ابنها ..!
      أجفل فجأة .. و التفت إلى الخلف بقوة . حين ارتفع من الجانب الآخر صوت بكاء منخفض .. علم أنها استيقظت .. اقترب بسرعة من فراشها ليجد جسدها الضئيل متكورا بوهن و هي تبكي ..
      لم يفزعه سوى صوت بكاءها الذي بدا كالعويل .. أو كأنين لبوة جريحة .. شيئا جعل قشعريرة من الخوف عليها تسري على ظهره ..
      التقط رأسها بين يديه الكبيرتين و هو يجلس على فراشها ليريحه المخدة .. و صوته الحنون يلامس أذنيها ..
      - امااااه .. فديتج .. تسمعينيه .. تعوذي من ابليس .. حرام لي يالسه تسوينه .. ترحمي عليه الحين و ادعيله ترا الصياح بيتعبج و لا بينفعه .. ادعيله هو هب محتاي غير لدعواتج .. ادعيله ،،
      .
      .
      لكن الألم كان كبيرا .. فضيعا ..
      كان أكبر من حدود قدرتها على الصبر ..
      كان يقتلها ببطء و إمعان ..!
      تشعر به يخنقها ..
      يعذبها ..
      هذا البكاء و هذا العويل لا يخرج شيئا مما يختلج حقا في أعماقها ..
      كيف لهم أن يفهموا ..؟؟! سنوات كانت تعيش صابرة .. محتسبة .. لمْ تشتكِ قط ..
      تبتلع كل ليلة دموعها و حنين مؤلم يجرها لرؤية ابنها .. فلذة كبدها ..
      لا يعلمون أي حرقة تسكنها لفراق ولدها منذ سنوات .. و لكنها كانت صابرة ..
      يكفيها أنه يسكن أراضٍ قريبة .. ممتنة لأنه لازال قريبا .. تحتضن مخدتها غير الدموع حلما ..
      بأنه يوما ما سيدنو منها .. ستعيده خطاه إلى هذه الأراضي مجددا ..
      و ستلتقيه ..
      كان أمل تحتويه بين أضلعها الواهنة .. يدفعها لمواصلة أيامها ..
      و يتفاقم الشوق ..
      .
      .
      و لكن الآن ماذا ..؟؟!
      ما هذا الوجع الرهيب الذي يحرق قلبها ..
      لم يعد ابنها هنا .. لم يعد يسكن هذه البقاع .. لم يعد يتنفس هواء قد يكون عانق وجهها ذات يوم ..!
      لن تعيده الخطوات يوما إلى هنا ..
      لن تراه و لن تلتقيه ..
      كم هو قاتل إقتلاع الأمل بقسوة الأقدار من أرواحنا ..
      فراغ يجتاح الروح الخالية .. شعور قاتل بالاستسلام ..
      لن يفهموا الآن معنى أنه رحل دون أن تراه ..
      حاملا معه خيوطا كاذبة من الأمل البعيد .. من التفاؤل ..
      لن يفهموا ..
      كم عذّبها فراقه منذ سنوات ..
      ليعود فيفجعها مجددا .. و كأن الموت هو ما تتجرعه ..!
      .
      .
      علِّ روحي ..
      و أوجعني حزن هذه الأم ..!

      * * * * *
      * يا بوي وينك / من بوح قلمي ،،


      لمْ أحححبكك من فراآاغ ,/
      كي أنسسسسإآك من فرآغ . .
      احببتكك بِ قنآإعه عظّيمه ـ‘
      و سَ أنساك بَقناعه أعظم !|



    3. #33
      الصورة الرمزية ♥} آمـل الـ عٍ ـشآق ♪
      تاريخ التسجيل
      Dec 2009
      الدولة
      " ع‘ــشقـِـِـي آلمَدينـَـَـَـﮧ ..
      المشاركات
      18,765
      معدل تقييم المستوى
      97

      افتراضي

      الخطـــــــــــــــوة السادســــــــــــــــــــة ◄

      ║.. خطوات متوجِّعة ،، تواصل .. ║


      و أخيرا كانت خيوط ضوء الفجر قد أقبلت باستحياء .. مترددة .. تلامس زوايا بعيدة من أطراف ذاك - الحوش - الضيق ،، و كأنما لا تجد عذرا من أنه يومٌ جديد رغما عن أحزانهم .. و أن الحياة لا تتوقف لمجرد أن رب هذه الجدران العتيقة التي تلوحها بجرأة قد شد الرحيل ،، إلى البعيد ..!
      رفعت رأسها الذي كانت تسنده لركبتيها و هي تضمهما لصدرها ،، شعرها الذي تناثر حول وجهها بدا تعيسا هو أيضا و قد فقد شيئا من رونقه .. و هي تجلس على عتبة مدخل الصالة تراقب انبلاج الفجر البعيد ..
      لم يغمض لها جفن منذ ليلة البارحة .. شعرت بان لا مخلوقا على وجه الأرض قد يكون مثقلا بالهموم مثلها ،، لا أحد يضاهيها في ذاك الوجع الذي يسكن روحها .. تعلم أن هناك أعينٌ غيرها تجرعت السهاد البارحة ،، واضح من وجوههم حين أيقظتهم لصلاة الفجر أن منهم من أهلكه البكاء ليسقط صريع رحمة النوم ،، و هناك من تجرع دموعه كؤوسا مرّة الليلة الماضية ..
      تنهدت بتعب ،، طوال ليلتها الكئيبة .. وجدت أن الأمر عسير على الفهم .. من المستحيل أن يواصلوا حياتهم دون أبيهم ..! كيف لذلك حقا أن يحدث ..؟؟
      لا إجابة ترتد صدى لأفكارها ،، سوى صوت إقامة صلاة الفجر دون أن تتردد صوت الطرقات على حجرتهن منبهه للصلاة .. لا يزال حقد عميق يكتنف صدرها لمجرد التفكير بأمر التعازي التي ستقدم في بيت جدّها ..
      أنانيون .. انتهازيون ،، اغتصبوا حقّهم في المواساة ..
      سنوات لم يروا لهم وجها ..و الآن لم يجدوا وقتا أفضل من هذا للظهور .. لم يكونوا بحاجة للتعزية ..
      و ليس لهم حق فيها ..
      نهضت من مكانها ببطء متوجه بخطوات متثاقلة للمطبخ عليها أن تحضر الإفطار فهناك من يجب أن يُرغم على تناول الطعام .. أمها تحتاج لتغذية .. إخوتها الصغار ..
      يداها تتحرك بآلية لا تشعر بها .. تلهي روحها الممزقة عمّا يسكنها من أحزان ..!
      .
      .
      بعد فطور لم يمس .. انطلق مايد و عبيد مصطحبان نايف للعزاء المقام في بيت الجد ،، و بدأن نساء الجيران و قريبات أمهن يتوافدن للبيت .. فاطمة و أمها كانوا أول الحضور للبيت .. لن تنسى حور كيف احتضنتها فاطمة بشدة و هي تبكي و كأنما فقد أبا هي الأخرى ،، توقفها عن البكاء و كلماتها التي وزعتها عليهن واحدة تلو الأخرى .. مواساتها لهن .. وقفة أمها مع خالتها .. و استقبالهن لنساء الحي و الأقارب ..
      كان هناك دعم قوي .. شي من السلوى بثها وجودهن ..
      حتى بدأن أخواتها يتمالكن نفسهن ببطء .. توقف النواح .. الصراخ .. و بدأ ذكر الله يلف المكان .. دموع صامتة .. تغرق الوجوه كانت هي الحداد على روح ذاك الراحل ..
      وقفت هي تراقب الوضع بهدوء .. و كأنما أسلمن أمرهن .. و رضين بما حملته الأقدار ..
      شعرت لوهلة بأن حطامها بالأمس قد جمع .. لا ليجبر .. بل ليتكوم في زاوية من الروح .. بعيدة عن أنظار الآخرين ..
      كان وجه أمها المتماسك .. جلدها .. و الصبر الذي لاح على وجهها ،، هي القوة .. و السكينة التي تهبط عليهن .. هدوءها يدفعهن للتماسك .. هي أيضا متألمة ..
      و لكنها صامدة .. لأجلهم ..!

      * * * * *

      المجلس الفسيح المتسع ،، سقفه العالي الذي تدلت منه ثريات ضخمه .. الحضور الذين ازدحموا في المكان ،، و الرجال الذين وقف هو وسطهم .. يرفع رأسه يتمعن في هذه الوجوه الغريبة .. شيء فيها يذكره بأبيه ..
      أباه ..!
      و ارتجفت شفتيه و هو يمسك دموعه بصعوبة .. آخر ما يرده هو الانفجار بالبكاء في هذه المكان المجهول .. تلفت حوله بذعر .. يبحث جاهدا بين هذه الأجساد الكبيرة .. عيناه المتلهفتين تنبش المكان بحثا عن وجه مألوف ،، أين عمّه سلطان و مايد ..؟؟ أين عبيد الذي أتى برفقته إلى هنا ..
      افترقوا عند دخولهم ليتسلمه هؤلاء الغرباء الذين عرف بأنهم أعمامه .. و منذ تلك اللحظة و هو يجلس بينهم يقف ليسلم على طوفان لا ينقطع من المعزين ..
      مع مضي الوقت دون أن يظهر في زخم هذه الأوجه أحدٌ يعرفه .. بدا الذعر و الوحدة يدبان في قلبه .. شعر بأنه ممزق .. و تائه ..
      أصبح الجو خانقا للغاية حوله .. و عيناه تدوران حوله بجنون ،، يبحث عن طوق نجاة .. عن ملامح لا يجهلها .. عن شيء يتمسك به .. يغيثه ..
      أصبحت دموعه تنحدر على وجهه الآن دون أن يشعر ..
      .
      .
      إنه لا يعرف هؤلاء الغرباء .. لا يعرفهم ..
      لا يريد أن يكون هنا ..
      إنه ضائع ..
      يريد أن يعود للبيت حيث أمه و أخواته .. يريد أن يجلس منتظرا عودتهن من مدرسة ليصيح مطالبا للغداء ..
      يريد أن يعود أباه لينهره حين يراه جالسا وسطهن ..
      يريد أن يعود ليجد أن كل هذا مجرد مزحة كبيرة .. أو خيال ..
      يريد أن يكون هذا كابوس .. و أنه ليس هنا حقا ..
      ليس واقفا ليمد يده متقبلا كلمات التعاطف من هذه الوجوه المختلفة .. المجهولة ..
      شعر بأن المكان يلفه الضباب و أن الصرخات تنطلق من كل مكان ..
      أبوه ملقي على عتبات المدخل .. راقدا بهدوء ..
      حور تصرخ .. و دانة تبكي ..
      أمه لا تتكلم ..
      أبوه يخرج من المنزل محمولا بين يدي عبيد و مايد ..
      عبيد و مايد اللذان أحضراه إلى هنا .. و لا يجدهما الآن ..
      عادا دون أبيه ..!
      أيعزمان على الرحيل دونه الآن ..
      تبا ..
      من هم هؤلاء الناس .. لماذا يحتشدون ..
      أين دموع أخواته .. مواساتهن عنه ..
      أين حضن أمه .. أين جدران بيتهم المتشققة،،
      الدافئة .. المألوفة ..
      الأصوات ترتفع حوله .. و يرتفع بكاءه دون مقاومة ..
      يصم أذنيه بيديه .. و هو يندفع راكضا .. لم يكترث بمن نظر له متفاجئا أو مشفقا ..
      .
      .
      نظر له بهدوء و هو يتجاوز الباب للخارج .. كان يسترخي في جلسته و هو يسند فكه بيده .. رفع عينه على الفور لوجه جده ليرى الإستياء و الحزن المتكبر يلمع في عينيه و هو يلقي نظرة عتب على ابنه الأكبر علي ،، و كأنما يلومه على ما أصاب الطفل .. عاد ينظر للباب الذي انطلق منه نايف للتو .. شعر برثاء غريب لحاله ..
      كيف يجد طفل لم يتجاوز الثالثة عشر من العمر أن يجد نفسه فجأة بين هذا الكم الهائل من الغرباء ،،
      رأى حامد الذي كان قد خرج خلف نايف عائدا للمجلس فأشار له بصرامة .. ليتقدم إليه ..
      - وينـــــه ؟؟
      أجاب حامد بهدوء ..
      - شفته و را البيت ،، خله شوي ييلس بروحه .. الصبي متروع من كل شي ..
      هز غيث رأسه موافقا .. و هو يسترخي مجددا ،،
      .
      .
      كان الرجل الذي بجانبه انخرط في مناقشة عميقه معه .. و ذهنه المشغول لم يعد يلتقط من كلماته شيئا .. كان يتأمل الباب الذي خرج منه نايف للتو .. و هو يهز رأسه بتركيز محاولا أن يكون لبقا .. شعر بالأسى على حال الطفل .. و عينه تعود لترتكز على ذاك الذي استرخى في جلسته بجانب جده .. تدفقت الكراهية كالعادة في عروقه فور رؤيته له .. كم يكره هذه الملامح المتعجرفة المتبجحة .. كم يكره هذه الثقة و هذه السلطة التي تمنح له دونهم .. ما الذي يميزه عن البقية ..؟؟ أ لأنه أكبرهم فقط ؟؟! لم يكن هذا معيارا للكفاءة .. !
      و كأنما شعر به يسلط النظرات عليه .. ارتفعت شفته العليا بشبه ابتسامة ساخرة و هو يتقدم في مقعده للأمام .. قبل أن يدير جانب رأسه نحوه .. و يغشى عينيه الإحتقار العميق ..
      شعر فهد بالحقد ينخر قلبه نحو هذا الوجه المتعالي المغرور .. و هو يتوعده في داخله كالعادة ..!
      هاتفه الصامت الذي اهتز في جيبه قطع سيل المشاعر السيئة ليلتقطه بحركة سريعة مجيبا بصوت مثقل ..
      - مرحب ..
      كان صوته أبوه يأتيه آمرا عبر الهاتف و هو يقول بحزم ..
      - اظهروا شوفوا الغدا و رتبووه ..
      .
      .
      .
      .
      .
      .
      .
      .
      .


      لمْ أحححبكك من فراآاغ ,/
      كي أنسسسسإآك من فرآغ . .
      احببتكك بِ قنآإعه عظّيمه ـ‘
      و سَ أنساك بَقناعه أعظم !|



    4. #34
      الصورة الرمزية ♥} آمـل الـ عٍ ـشآق ♪
      تاريخ التسجيل
      Dec 2009
      الدولة
      " ع‘ــشقـِـِـي آلمَدينـَـَـَـﮧ ..
      المشاركات
      18,765
      معدل تقييم المستوى
      97

      افتراضي

      كانا يبحثان عنه مذ شاهدوه يخرج من المجلس راكضا .. تقدم الأول بهدوء و هو يراه قد لف ذراعاه حول ركبتيه و هو يدفن وجهه فيها ..
      كان منظره موجعا .. يفطر القلب ..
      طفل أضاع طريقه .. لم يعد يدرك إلى أين تسوقه أقداره ..!
      .
      .
      منظر صعيب ويقسم القلـب قسميـن
      ................لا قـام يمسـح دمعـة بكـف يـده

      يمش ولا يدري طريقة علـى ويـن
      ...............لين التعب من كثـر مـا تـاه هـده

      اثقل حـروف يشيلهـا فيـة حرفيـن
      ...............لا أب يـدريـبـة ولا أم تـــرده
      .
      .
      بينما كسا التعاطف وجه الآخر .. اقتربا منه بهدوء فرفع رأسه حين شعر بوقوفهما فوق رأسه .. نظر لهما و وجه المغرق بالعبرات ينظر لهما متسائلا .. جثا الاثنين قربه قبل أن يقول أحمد بهدوء ..
      - افاا يا بو حمد .. الرياييل ما يصيحون ..
      تدفقت عبراتٌ جديدة على وجه ..يسهل عليه قول هذا .. تبادل الاثنان نظرة شفقة .. قبل أن يمد هزاع يده و يلتقط كف نايف .. و هو يقول بهدوء ..
      - انته ما تعرفنا ..؟؟ نحن نعرفك ..!
      هز نايف رأسه نفيا .. لا يعرفهم و لا يعرف ما يريدون ،، و لا يهمه هذا في غمرة وجعه ..!
      .
      .
      في خطوته رحلـة ودمعـة وسكيـن
      ................وحـظ توسـد بالمراسـي مـخـده

      جيت اسألـة بالله قللـي ولـد ميـن
      ...............وبغى يجاوب وختنـق صـوت رده

      أنـا يتيـم ومـا لدربـي عنـاويـن
      ...............وجزر الحزن فينـي يسـاوي لمـده

      وطعم الطفولة ما عرفته لهـا لحيـن
      .............وثوب السعادة صـرت مانيـب قـده

      ابكي إلى من شفت غيـري سعيديـن
      ................ليـن البكـا فينـي يوصـل لحـده
      .
      .
      و لكن أحمد تبرع بتعريفه على أنفسهم ..
      - أنا أحمد ولد عمّك علي ..
      و ابتسم له ببساطة .. نظر له نايف من بين دموعه .. كان وجه أحمد مريحا للغاية .. رغم ذلك توجس منه نايف و لم يرد أن يقدم على حركة ..
      استمر أحمد في الابتسام و هو يرى نظرات نايف المتمعنة .. ارتاح لأنه انشغل عن البكاء قبل أن يشير لهزاع ..
      - هذا هزاع بطيخة ولد عمّك سعيد ..
      امتقع وجه هزّاع و هو يسدد لكمه لصدر أحمد الذي قهقه بقوة و هو يتابع لنايف الذي بدأ ينشغل بهم ..
      - ههههههه .. الحين يوم بيخوز الغترة شوف كبر راسه .. و بتعرف ليش يقاله بطيخة .. هههه ..
      توقف عن الضحك و هو يرى دموع نايف تتدفق مجددا .. شعر بفظاظة و هو يضحك بهذه الطريقة أمامه .. اعتصر كتفه بحنان و هو يعتذر ..
      - و الله كلنا زعلانين على عميه الله يرحمه .. بس شوه بنقول .. انته فكر انه الحين مرتاح عن الله .. بيدخل الجنة .. و بيودر الحر و الشغل و التعب ..
      شعر بأنه يتلفظ بكلمات بلا معنى .. نظر لهزاع مستنجدا .. فحول ذاك عينه لوجه نايف بقوة و هو يقول بعمق ..
      - الحزن في القلب .. هب عيب انك تصيح .. بس هذا ربك كاتبنه .. الحين انت ريّال و لازم تفهم ان خواتك و أمك محتايينك .. لو انته صحت و حطيت ايدك ع خدك امنوه لي بيوقف وياهن .. امنوه بيداريهن هاا ..؟؟
      بكى نايف بشدة .. و تبين حقا أمام عينيهما كم هو طفل ..
      و ضائع ..!
      كان صوته يخرج مخنوقا من بين شهقاته ..
      - أنا مـ .. مادري شوه أسوي .. أناا .. أبـ .. أبا أبويه .. ما با تم بروحيه في البيت .. أبا أبوية يرد ..
      نظر له الاثنين بتعاطف شديد شعر هزّاع بقلبه يعتصر حزنا عليه .. التفت لأحمد بأسى .. ليصدم بقوة ،،
      .
      .
      كانت دمعة صافية تنحدر على جانب وجهه الأسمر و هو يمسح شعر ذاك الطفل اليتيم بحزنٍ غريب ..!

      * * * * *


      لمْ أحححبكك من فراآاغ ,/
      كي أنسسسسإآك من فرآغ . .
      احببتكك بِ قنآإعه عظّيمه ـ‘
      و سَ أنساك بَقناعه أعظم !|



    5. #35
      الصورة الرمزية ♥} آمـل الـ عٍ ـشآق ♪
      تاريخ التسجيل
      Dec 2009
      الدولة
      " ع‘ــشقـِـِـي آلمَدينـَـَـَـﮧ ..
      المشاركات
      18,765
      معدل تقييم المستوى
      97

      افتراضي

      كان المكان مزدحما للغاية .. الكثير من نظرات الحزن و التعاطف المبالغ فيها .. و تربيتات حنونة .. حقا كان يمكنها أن تترك كل هذه المهزلة و تمكث في بيت خالتها .. بدلا من أن ينتشلها أبوها بحجة القيام بالواجب ..
      هه .. أي واجب ..؟؟ إنها لا تعرف المتوفى حتى .. !!
      لا تعرف اسم العم و لا يهمها .. رغم شعور خبيث بالشماتة .. راودها لا تدري لما استلذت الحزن الذي أصاب تلك العائلة .. متأكدة بأن تلك الزوجة المهملة قد مزقها الأسى الآن ،،
      لن يجد غيث الوقت لمواساتها و المحاباة ..!
      تضع ساقا على ساق و هي تنفخ بضجر .. شعرت بأن شيخة تنظر إليها .. فالتفتت لها لترى انعكاس الاحتقار في عينيها .. لتقول بنبرة لاذعة ..
      - خير الشيخ ..؟؟ فيه شي ..؟؟
      نظرت لها شيخة بتكبر دون أن ترد .. ربتت عوشة على خدّها بأظافرها الطويلة ..
      - شوه معجب ..؟؟
      تجاهلتها أيضا و أشاحت بوجهها مشمئزة .. لا تريد أن تنحدر الآن لشجار معها كما اعتادتا .. أدارت عينها في المكان .. النساء من مختلف الأشكال و الأنساب و الأعمار يملأن الردهة و المجالس الداخلية .. حقا لا مجال لافتعال شجار هنا .. ابتسمت مفكرة بأن العزاء هذا على الأقل أفسد عطلة عوشة التي بدا الضيق بيّنا على عينيها المثقلتين بالكحل .. وجدت الأمر غريبا أن تتلقى التعازي و المواساة على رجل غريب لم تره في حياتها .. لا تنكر أن قلبها انفطر حال رؤيتها لجدتها .. و لكن شعورها نحو موته لم يختلف .. لا تعرف هذا الرجل البتة .. و لم تره أو تقابله في حياتها .. تعلم أن لها عما .. أ و ليست ابنته الكبرى هي زوجة غيث ..!؟
      رغم هذا لم تسمع عنه شيئا لا أحاديث عنه .. لا ذكريات .. و لا حتى قصص قد يرويها أبوها .. أعمامها جميعا لم يذكروا اسمه قط .. و كانت المفاجأة كالقنبلة حين أفصح غيث عن عزمه في التقدم لخطبة ابنته الكبرى ..
      من أين يعرفها ..؟؟ كيف علم أنه له ابنه في سن الزواج ..؟؟ كيف استطاع تجاوز خلاف الجد الذي لطالما أرعب ابناءه من ذكر اسم ذاك العم البعيد حتى ..؟! لم يبد في تلك الفترة أن أدنى خلاف قد نشب بينهما .. فآمنت بأن الجد قد استسلم لرغبة غيث الغريبة رغم أنه لم يحضر عقد القران تلك الليلة ..!! لم يذهب أحدٌ منهم سوى أبوها و إخوتها .. و عمّها سعيد و ابناءه ،، رفض عمّها أحمد و ابنه فهد الذهاب استرضاءً لجدها .. عمّها مطر كان مسافرا .. و منعت هي و روضة من الحضور .. لم تذهب أحد من النساء سوى أمها و زوجة عمّها سعيد .. طوال سنوات عمرها لم تشعر بالفضول نحو أولئك الأغراب .. و لم تهتم لأمرهم قط .. و اليوم هي هنا مجبرة على المكوث لمدة ثلاثة أيام تتقبل مواساة هي في غنى عنها .. كان يمكنها أن تشغل وقتها فيما هو مفيد لها حقا ..
      تنهدت ببؤس و هي تفكر فيما هو مفيد حقا ..! كان يجدر بها أن تحاول الاتصال براية مئة مرة بدل الجلوس بلا فائدة هنا ..!
      و على هذا التفكير أخرجت هاتفها بلهفة .. لن يمنعها الجلوس هنا من محاولة استرضاءها .. راحت تطقطق بأصابعها على أزرار الهاتف بسرعة ،، و كلمات الرسالة النصية تتزاحم على الشاشة الصغير ،،
      .
      .
      ( رايــــه يا حبي ،، دخيل قلبج ردي عليّه .. و الله ان حالتيه هب حاله ..عطينيه فرصة أرمسج بس .. حتى لو كانت المرة الأخيرة .. دخيلج راية .. و الله أحبج .. أحبج .. ماروم أعيش من دونج )..
      .
      .
      أرسلتها و هي تتنهد بأمل .. لا تريد أن يكون مصير هذه الرسالة كاللواتي سبقنها .. ترجو بقوة أن تجيب رايه عليها ..
      راحت تجيل نظرها فيمن حولها مجددا .. وقعت عينها على روضة التي كانت تجلس في زاوية بعيدة .. وجهها شاحب .. و أنفها محمر .. شعرت شيخة بالحنان .. هذه هي روضة .. لم تعرف ذاك العم يوما .. و لكنها انفجر بالبكاء حال سماعهم للخبر و سارعت لبيت جدها معلنة الحداد عليه .. دوما هي مندفعة بهذا الشكل .. ابتسامة خفيفة اعتلت شفتها قبل أن تتداركها بسرعة .. ليس المكان و لا الظرف مناسبا للابتسام ..

      * * * * *

      دلفت السيارة الفارهة ذاك الحي المتواضع ،، تقطع شوارعه الضيقة ببطء و أشعة الشمس تنعكس عن سطحها اللماع و نوافذها الداكنه .. لتتوقف أمام ذاك البيت العتيق ..
      شدت هي يدها على مقبض حقيبتها و قلبها ينعصر .. طار الاسترخاء في تلك اللحظة و هي تتململ في جلستها .. شيء من التعاسة خالطت الخوف في قلبها و هي تنظر لجدران البيت بالية .. و تمنت لو أنها أصرت على شيخة أكثر بان تأتي برفقتها .. لا تعلم حقا كيف ستتصرف الآن ..
      لا زالت نظرتها الكئيبة تنصب على الباب الوحيد للبيت الصغير .. لا شيء يدل على أن العزاء يقامن هنا أيضا .. شتان ما بين هذا الخلو و الإزدحام الفضيع في بيت جدها الكبير ..!
      لا شيء يدل على حداد هؤلاء سوى تعاسة تلوح على واجهة البيت العتيق .. و بابه الذي انحلّّ طلاءه .. نظرت مجددا لمرآت السائق الخلفية لتجده ينتظر نزولها .. شدت الغطاء أكثر حول رأسها .. و هي تضم حقيبتها السوداء لتفتح الباب مترجلة من سيارتها .. و هي تقول بصوت مضطرب ..
      - خلدون .. سير يوم أخلص بسويلك تييني ..
      هز السائق رأسه بطاعة و هي تغلق الباب خلفها بهدوء .. اجتذب نظرها عدة أطفال ارتدوا ملابس بسيطة يقفون معا بأقدامهم الحافية و قد أمسك أحدهم كرة قدم بين يديه .. يتأملون السيارة بعيون مشدوهة .. يبدو أن قدومها قد قاطع لعبهم .. راحت تعب من الهواء بتوتر .. و كتلة من الشوك تسد حلقها .. حزن رهيب جثم على صدرها حتى كاد يخنقها .. و هي تتقدم من البيت كان بابه مفتوحا .. و أحنت رأسها لكي لا تصطدم بقمته المنخفضة .. شعورها المر سببه هذا المكان ..!
      كان الذهول يلجم عواطفها .. أيعقل أن يسكن عمّها و أبناءه في هذا البيت بينما يستحلون هم تلك القصور ؟؟ وجدت نفسها أمام مجلسٍ ضيق و قد امتد على يمينها طريق قصير قطعته في خطوتين لتعبر الفرجة في آخره .. فتجد نفسها في باحة ضيّقة للغاية و قد صبّت بالاسمنت القاسي .. أمامها مباشرة كان مدخل للبيت و قد تباينت نساء يجلسن أرضا أمامها و قد لفتهن دخولها ..
      لم يعد هناك مجالٌ للتراجع ..!
      راحت تدفع خطاها ببطء و يدها المرتعشتين تتقبض كقلبها الذي راح يخفق بجنون .. القدوم إلى هنا مغامرة كبيرة ..! ما الذي يدفعها للاعتقاد بأنهم على استعدادٍ لاستقبالها و أهلها قد أنكروهم لدهور ؟؟!
      وصلت للمدخل تخلع حذائها الثمين بجانب الأحذية الملقاة أمام الباب .. و العيون تتحلق حولها .. تقدمت خطوة .. و هي تجلي حنجرتها قبل أن تسلم بصوتٍ مرتعش ..
      - السلام عليكم و الرحمه ..
      هبن النساء جميعا واقفات في أماكنهن .. لم تجد فرصة للنظر حولها باحثة عمّن قد تكون احدى بنات عمها .. بدأت بالسلام عليهن إمرأة تلو الأخرى .. و ذعرها يتعاظم .. لمن ستقدم تعزيتها و هي لا تعرف أحدا هنا ..؟؟
      وصلت فجأة لتجدن نفسها أمام فتاتين متقاربتين من العمر بدا عليهن الشبه .. و قد أبلى الدمع مآقيهن الحزينة .. تأكدت من أنهن بنات عمّها .. شعرت بالدمع يلسع مؤخرة عينها ..
      بنات عمّها ..!! مدت ذراعيها لتحتضن الفتاة الأولى بعاطفة شديدة .. لم تكن لتتمنى أن تلتقيهن في هذه الظروف التعيسة .. تهدج صوتها و هي تشعر بحرارة الدموع تتدفق على وجنتيها ..
      - أحسن الله عزاكم ..
      بكت الفتاة بين ذراعيها دون أن تعترض على هذه الموساة من تلك الغريبة ..
      - البقا لله .. أحسنتي ..
      رفعت روضة رأسها لتضم الأخرى بحنان و هي تردد عبارات التعزية .. ثم التقت إمرأة بدا عليها التقدم في السن لتسلم عليها بدفء .. المرأة التي كان صوتها حنونا و هي ترى وجه روضة الجميل قد أغرقه الدمع الذاهل .. الحقيقة أنها صدمت للغاية لسوء حالة عمها و أبناءه .. لم تتخيل قط بأن تكون بهذا السوء ..! شدت يد المرأة بحزن ذاهل و المرأة تقول بحنان حين رأت عيناها الحائرتين ..
      - مرحبا ينتيه .. قربي يعلنيه فداج .. هاي أم نايف ..
      و أشارت لإمرأة تجلس على الأرض نحيلة .. تلبس - البرقع - و ثوبا من القطن .. و قد جلست طفلة على يمينها و فتاة على أعتاب المراهقة من يسارها .. نظرت لوهلة مرّة إليها .. المرأة هذه تعرفها بزوجة عمّها .. علمت إذا أنها لا تعرف أحدا هنا .. لا تعرف أحدا في بيت عمّها ..!!
      عجبا ..!
      كيف ألقت الأقدار كلٌ منهم في طريق .. حتى التقوا أغرابا ..!
      انحنت و دموعها تتدفق و هي تسلم على الطفلة بحنان قبل أن تسلم على أم نايف و تقبل رأسها بأسى .. شدت على يدها و هي تقول بصوت خافت ..
      - شحالج خالووه ؟؟ أحسن الله عزاكم ،،
      ابتسمت المرأة المسنة قبل أن تقول بصوت هادئ حين انتظرت روضة من المرأة ردا لم يأتها ..
      - ما تسمعج فديتج ..
      ارتجفت روضة .. حمقاء ..! كيف نسيت ..مدت يدها الناعمة لتشد على قبضت أم نايف الضئيلة و هي تربت عليها .. لم تعرف كيف توصل إليها تعازيها ..!!
      سعد أن سلمت على الفتاة المراهقة و النساء المتبقيات .. أوسعت لها المرأة المسنة مكانا بجانبها و هي تشير لها أن تجلس هنا .. جلست روضة دون أدنى ضيق قد يخالجها و هي تجلس في هذا المكان المغاير لطبيعتها .. كانت المرأة عن يسارها و إحدى بنات عمّها اللواتي لا تعرف لهن اسما عن يمينها .. قربت منها إحدى النساء التي بدا أنها وافدة فنجانا من القهوة .. و هي تقول ..
      - سمي حبيبتي ..
      التقطت روضة الفنجان تشكرها قبل أن تنظر لها المرأة بهدوء ..
      - حيا الله من يا ،، شحالج بنتيه .. ربج بخير ..
      هزت روضة رأسها و هي تنظر للفنجان .. حقا لن تستطيع ابتلاع شيء .. فغصة كبيرة تسد مجرى الهواء وسطها ..!
      - يحييج خالوه - و ارتعش صوته و هي تقول بتعاطف - الحمد الله ع كل حال ،،
      هزت المرأة رأسها موافقة ،،
      - الحمدالله ع كل حال .. سمحيليه فديتج ما عرفتج .. بنت منوه انتي ؟؟
      آن الأوان الآن لتعرف عن نفسها شعرت بالوجوه تنتظر منها تعريف نفسها .. الحقيقة أنها ودّت لو أنها تحتفظ بالاجابة لنفسها .. لا تريد أن يعلم أحد أنها ابنة عائلة لفظت المرحوم خارج حدودها .! ارتعش صوتها و هي تخفض بصرها بألم ،،
      - أنا روضة بنت علي بن سيف .. و المرحوم الله يغفر له كان عمّي ..!
      بدت الصدمة جلية على وجه العجوز الذي لم تفارقه عيني روضة .. تخشى أن تنظر لأوجه بنات عمها فتجد شيء لا يسرها .. سرعان ما اكتسى وجه المرأة ابتسامة مرحبة و هي تقول بهدوء ..
      - مرحبا بج و الله .. حياج يا بنيتي .. أنا عمّتج عذيجة .. يقال لي أم مايد خت حرمة عمّج - و أشارت بيدها للمرأة التي عرّفت عنها مسبقا - هاي عمّتج وديمة .. و هاي بنتاا هند و هاي مزنة ..
      نظرت لها الطفلة بعينين متسعتين لا معتين وجهها الحلوة كان حذرا و أهدابها ترف مرارا .. التفتت للخلف نحو الفتيات اللواتي كانت تشير لهن أم مايد ،،
      - هاي نورة .. و هاي دانة .. بنات عمّج الله يرحمه ..
      لم تكن نورة تنظر إليها بينما قابلتها دانة بنظرة متوجسة و هي ترفع رأسها قليلا .. رغم الحزن الذي يغشى ملامحها إلا أن شيئا غريبا كان ينعكس على وجهها أيضا ..!
      نظرت عذيجة لدانة تأمرها بهدوء ..
      - سيري ازقري خواتج يسلمن على بنت عمّج ..
      أومأت دانه مطيعة و هبت من مكانها لتنفذ ما طلبته خالتها متوجهه الى المطبخ الذي كان بابه يصل للصالة عبر مدخل ضيّق .. دلفت المطبخ لتجد حور و فاطمة يقفن قرب الموقد و المها مشغولة بترتيب شيء ما في الخزانة .. بينما جلست عفرا على أرضية المطبخ بصمت و هي ترتشف كوبا من الشاي الساخن .. الصمت هنا كان لذيذا .. شيئا يغرق الإنسان أحزانه فيه .. قالت بحذر يخالط البؤس الألم في وجهها و هي تجيل بنظرها فيهن حين التفتن اليها فور دخولها ..
      - خالوه تزقركن .. تباكن تسلمن على بنت عميه علي ..
      وضعت عفرا الكوب أرضا و هي تنظر لها بذهول امتزج بالحزن الذي يسكن ملامحها ،،
      - منــــــــــــوه؟
      غالبت حور الصدمة قبل أن تعلو وجهها نظرة غضب شديد .. و هي تشد على القفاز الاسفنجي بغضب . فيما التزمت فاطمة الصمت احتراما لنقاشهن .. عادت دانة تقول بهدوء و هي تنظر لحور بإمعان ..
      - روضه بنت عمي علي ..
      وخرجت لتتركهن متخبطات في صدمتهن ..التفتت عفرا الى حور والمها التي لم تفهم شيئا مما قالته دانه قاطبه جبينها وتهز راسها تسالهن وهي تشير بيدها مستفسرة ... استدارت حور للمغسله لتغسل الصحون التي لم تكن بحاجة لذلك ونظرة الغضب لم تفارقها .. الحقد والغضب يتعاظم في داخلها اتجاه هذه العائله التي سلبتهم ابسط حقوقهم في المرحوم ..وسدت حلقها غصه كبيره حين تذكرت والدها ..في حين راحت عفرا تشرح للمها الأمر بسرعة قبل أن تقول بصوتها المتهدج ..
      - يله حور .. خلينا نظهر نسلم عليها ..
      تستحثها لترى رده فعلها ..ردت حور دون أن تنظر اليها وهي تشغل نفسها بالغسيل ،،
      - سيرن سلمن عليها مابظهر ..


      لمْ أحححبكك من فراآاغ ,/
      كي أنسسسسإآك من فرآغ . .
      احببتكك بِ قنآإعه عظّيمه ـ‘
      و سَ أنساك بَقناعه أعظم !|



    6. #36
      الصورة الرمزية ♥} آمـل الـ عٍ ـشآق ♪
      تاريخ التسجيل
      Dec 2009
      الدولة
      " ع‘ــشقـِـِـي آلمَدينـَـَـَـﮧ ..
      المشاركات
      18,765
      معدل تقييم المستوى
      97

      افتراضي

      لم تلح عفرا عليها و هي تتبادل نظرة متيقنة مع فاطمة التي قالت بهدوء ..
      - أنا بسير وياكن ..
      خرجن بهدوء ليصلن إلى الصالة الضيقة .. قبل أن تقع أعينهن على فتاة توسطت أم مايد و دانة .. شابة أنيقة طغت على ملامحها الجميلة علامات الحزن وآثار الدموع ...لفت ذراعيها على عفرا بحنان والدموع تلمع في عينيها و أم مايد تعرفها بهن .. صوتها الهادئ كان مطمئنا ..
      -أحسن الله عزاكم ...
      ردت عفرا بحيره من هذا التدفق لمشاعر ابنه عمها .. بدت لها الأمر غريبا .. هذه الفتاة حزينة على رجل لم تعرفه يوما ..!
      - يزاج الله خير ..أحسنتي
      وسلمت على المها وفاطمه التي تشبثبت بها بنفس الطريقه والدموع تسيل على خدها ...تكلمت خالتها لتسالهن
      - وينها حور؟
      اكتست ملامح روضه الصدمه وهي تنظر الى الفتاه التي لا تشبه الفتيات متسائلة عن هويتها ..!
      ردت عفرا وهي تنظر الى خالتها وتشعر باحراج بالغ من النظر الى روضه ،،
      - في المطبخ ..
      قالت خالتهن بعفويه..
      - زقريها تسلم على روضه..
      توترت عفرا وهي تنظر الى لفاطمة ..
      - تقول مشغوله..
      كان الأمر واضحا للغاية و عفرا تجلس في الطرف البعيد مع المها و فاطمة ..فهمت روضه الرسالة و أنها لاترغب بلقاءها ،، لكن ذلك لم يؤثر في عزيمتها .. لقد وصلت إلى هنا .. لا لترتد عند أول محاولة لرفضها .. قالت بابتسامة شاحبة ..
      - ما عليه عموووه بسير لها المطبخ ،،
      توجهت روضه الى الباب الذي خرجن منه الفتيات منذ برهة .. وطرقته بخفه .. لم تنتظر ردا و هي تدفع الباب للداخل .. دلفت بهدوء و منظر المطبخ الضيق النظيف البسيط يملأعينيها .. فتاة تعطيها ظهرها و هي تقف أمام المغسلة .. غطاء رأسها المنزلق يكشف شعرا أسود ناعم جمع بشكل فوضوي و قد انفلتت بعض الخصلات المتمردة .. ابتلعت ريقها بهدوء .. و صوتها المرتعش يرتد بين جدران المطبخ ..
      - السلام عليكم والرحمه....
      تصلب ظهر حور دون أن تلتفت .. هذا الصوت الناعم الذي انساب برقة لم تسمعه من قبل .. ما يعني أن .......
      استدارت ببطء و هي تمسح يداها في منشفة نظيفة .. و عيناها تستقران على وجه زائرتها الجميل .. اتسعت حدقتا روضة باهتمام .. الحقيقة أن رؤية حور كانت تهمها جدا .. ذهلت بشدّة حين رأتها .. تأملت وجهها الصافي و عينيها المتسعتين ببرود و هي ترد السلام بصوت هادئ لا يكشف شيئا من البراكين التي راحت تغلي في داخلها .. بدت أصغر سنّا مما إعتقدت ..!
      - و عليكم السلام و رحمة الله ..
      تقدمت روضة خطوتين منها .. تريد أن تسلّم عليها .. لكن وجه حور الجامد كان يصدّها .. و يقلقها .. مدت يديها بتردد قبل أن تضمّها ..
      - أحسن الله عزاكم
      ذهلت حور لحركتها تلك ،، شعرت بالارتباك لوهلة .. لم تتخيل أن تفضل هذه الغريبة التي بدت عليها معالم الثراء و الأناقة القوم للمطبخ و تقديم التعزية لها بهذه البساطة ..
      و كأنها تعرفها مسبقا .. أو كأن مصابهن واحد .. شعرت بأن دموعها توشك على الانهمار مجددا .. فكل مواساة تجدها تذكرها برحيله .. و لكنها أبت أن تبكي هنا ..
      لقد شهدوا من حطامها ما يكفيهم .. ألم يشأ ذاك أن يلقاها في ظروف أقل مرارة ..! سحبت نفسا عميقا تصد دموعها ..
      - يزاج الله خير ...
      كانت روضه تجيل النظر متمعنة في ملامح حور التي يطغى عليها الحزن بشده رغم أنها ليست بذاك الجمال الذي قد يقارن بأخيها .. إلا أن وجهها كان حلوا للغاية .. ذكرتها عيناها بعيني أختها الصغرى التي كانت تنظر لها بحذر .. لن تلومهم .. غريبة هي هنا ..!...
      أحست بالم كبير يعتصر قلبها و هذه الفكرة تتردد داخلها .. غرباء يلتقون .. لا يعرف أحدهم الآخر .. رغم رابط الدم الذي بينهم .. هذه الفتاة هي زوجة أخيها و لكنها تراها للمرة الأولى .. رثاء بالغ تملكها و هي تشعر بحرارة الدمعة تدفئ وجنتها .. صوتها يضطرب ..
      - سمحوليه كان وديه انيه أيي البارحة لكن يدوه كانت تعبانة و العرب يايين هناك عسب يعزون ..
      بدا الفتور جليا في عينيها حالما ذكرت روضة العزاء .. و لكنها لم تغفل عن شعور خائن بدأ يتحرك في داخلها نحو هذه الشابة .. لا تعلم كم عدد أقربائها .. و لكن هذه هي الوحيدة التي فكرت بزيارتهم ..!

      * * * * *


      لمْ أحححبكك من فراآاغ ,/
      كي أنسسسسإآك من فرآغ . .
      احببتكك بِ قنآإعه عظّيمه ـ‘
      و سَ أنساك بَقناعه أعظم !|



    7. #37
      الصورة الرمزية ♥} آمـل الـ عٍ ـشآق ♪
      تاريخ التسجيل
      Dec 2009
      الدولة
      " ع‘ــشقـِـِـي آلمَدينـَـَـَـﮧ ..
      المشاركات
      18,765
      معدل تقييم المستوى
      97

      افتراضي

      الحين كلهن حريم و البيت ما فيه ريّال ..
      ساد الصمت الرهيب في المجلس الذي خلا في تلك الساعة المتأخرة من الليل بعد مغادرة جميع المعزّين .. تبادل هزّاع و أحمد النظرات بحذر و هما ينظران لغيث الجالس بجانب جدّهم باسترخاء مبتسما لسيف المنفعل بعد أن ألقى كلماته تلك فيما بدا أن لصداها دوى الإنفجار فوق رؤوس الموجودين ،، حقا هذا جانب لم يطرأ ببالهم ..!
      كان الجد يلتزم الصمت و شموخ بارد يعلو ملامحه ،، فهد ينقل بصره بين أوجه أعمامه و أبيه ينتظر ردا على ما قيل للتو .. و حامد يجلس و قد عقد ذراعيه و كأن الأمر لا يعنيه البتة ..
      قال عمهم مطر أصغر أبناء الجد سنّا بهدوء و هو ينظر لسيف الذي بدا متضايقا للغاية ،،
      - أخوالهم عندهم ،،
      اتسعت حدقتا سيف بذهول من هذا البرود ،، قبل أن يزم شفتيه و هو يقول بغضب مكتوم ..
      - أخوالهم هب ملزومين بهم .. نحن هلهم و نحن أولياهم .. باكر لو يا حد يخطب وحدة من بنات عميه حمد .. تبون لي يناسبكم يخطب عند من ..؟؟ خوالهم و الا انتو ..؟؟
      هز بو غيث رأسه بموافقة ..
      - سيف ما ياب الا الحق ،، الرمسة هاي المفروض انفكر ابها أول ما توفى حمد الله يرحمه .. - ثم رفع عينه لوالده الذي يكتنف الصمت - شوه الشور يا بويه ؟؟
      برهه ثقيلة من السكون قبل أن يرفع الجد عينه لغيث الجالس بجانبه .. فأقام ظهره و هو يستوي في الجلسة قبل أن يقول بصوته الرجولي العميق الذي تردد في المجلس الكبير ..
      - الشور إنّا نييب بنات عميه حمد و حرمته عدنا .. نرعاهم و يكونون تحت عينّا .. أمايا نورة تقول تبا عياله عندها .. - ثم التفت لعمّه مطر بشيء من القسوة الباردة - هاييلا عرضنا .. و ملزومين بهن .. بس حاليا ما بيدنا نسوي شي .. حرمة عميه حمد في العدّة ما نروم نييبها هي و عيالها هنيه الين ما تقضي احتجابها ..
      ثم ارتفعت شفته العليا لسبب غير معروف بهزل ،،
      - يعني أربعة شهور لازم ايتمون هناك ،، و عقبها بنييبهم هنيه البيت العود ،، و في هالمدة من وقت لوقت .. حد يمر عليهم و يشوفهم شوه محتايين و شوه يبون ..
      استدارت الأعين للجد متوقعين إعتراضا أو شيئا من هذا القبيل .. و لكن الجد التزم الصمت .. عاد فهد ينظر لغيث مفكرا و هو يقول بخبث ،،
      - و تبونهم ايتمون اروحهم في هالاربعة أشهر ؟؟ - ثم قال بنبرة هازئة و عينه ترتكز على غيث - هاييلا عرضنا .. و ملزومين بهن ،،
      لكن ابتسامة غيث الهازلة لم تختف عن شفتيه رغم أنها لم تصل لعينيه القاسيتين و هو يقول بلهجة ناعمة خطرة ..
      - و شوه تقترح ؟؟
      رفع عينيه ممثلا التفكير في حركة ساخرة قبل أن يعود ليقول بنبرة متحمسة مصطنعة لم تقنع الجميع ،،
      - و ليش محد منا ييلس عندهم الين ما تقضي حرمة عميه شهور العدّة ؟؟
      ساد الصمّت في المكان لبرهه و الفكرة تستقر في رؤوس الجميع قبل أن يقول بو سيف بصوت هادئ ..
      - و شوه الفرق بتّم الحرمة في العدّة و محتجبة و أي واحد هناك يمكن يخرق إحتجابها ..
      لكن ابتسامة فهد الواثقة لم تفارق وجهه ،،
      - هيه هذا لو لي بييلس وياهم واحد منّا .. بس لو كان هالشخص محرم .. ما ظنتيه فيها شي .. و الا شوه الشور ..؟
      كان سيف حازما و هو يقاطعه ..
      - فهد شوه قصدك ..؟؟
      نظر فهد لغيث بلؤم و هو يقول بلهجة مباشرة ،،
      - قصديه إن لي بييلس وياهم لازم يكون محرم لها .. و محد محرم لها إلا غيث .. هب ريل بنتها ..؟؟
      اتعست الأعين و هي تتسلط بنظرات دهشة على غيث الذي لا يزال مسترخيا في جلسته و هو يقول بلهجة هادئة ،، خطرة ..
      - عيل اظهر منها انته .. و خلها علينا .. - ثم ابتسم ببرود - مثل ما قلت .. بنات عميه و أمهن في بيتهن و الدار أمان ما عليهن خوف .. أربعة أشهر و بنييبهن هنيه ،،
      ثم استدار لأخيه حامد متجاهلا الجميع يقول بنبرة آمرة و هو يقف ..
      - حامد نش ويايه ..
      نهض حامد بسرعة يتبعه للخارج .. فيما صر فهد أسنانه بغيض ،، يبدو أن ابعاد غيث مستحيل تقريبا ..
      سار غيث و حامد لخارج المجلس متوجهين للبيت الكبير و غيث يملي تعليماته بسلطة ،،
      - باكر عقب العزا تخطف ع الجمعية و خذ يواني عيش و طحين و سكر .. و كراتين خضرة .. كثّر من هالسوالف و لا تخلي شي .. ودها بيت عميه حمد .. و تخبرهم كان محتايين شي .. مانبا القصور يي منّا ،،

      * * * * *


      نظرت لها بحنان مؤلم .. و هي ترى وجهها الصغير قد قفز عّة سنوات و خطوط الهم تغفو بين ثنيات ملامحها .. كانت الوقت يقارب منتصف الليل .. جلست بجانبها بهدوء .. لتلتفت تلك لها فترتسم ابتسامة مهمومة صغيرة .. ذابلة على وجهها .. لتردها تلك بواحدة متوجعة على حالها ..
      - حور غناتيه .. ما بتنشين توطين راسج ..؟؟ عنبوه من البارحة ما غمضت لج عين ..
      بدت ابتسامتها مثيرة للشفقة وسط وجهها الشاحب .. و هي تقول بمرارة ..
      - لاحقين ع الرقاد يا وديمة ..
      كان الظلام الدامس يغرق الدنيا و أعمدة النور في الشارع تلقي بشيء من الأضواء داخل الحوش الضيق .. رائحة الهواء المحملة بالرطوبة تبشر بيوم ضبابي .. سكون تام .. لا يقطعه سوى صوت أنفاس حور الثقيلة بعد أن أنهكتها الدموع .. و بوق سيارة قادم من الشارع العام البعيد .. تشعر بمآقيها ساخنة .. و مؤخرة عينها تلسعها .. لم تعد تذرف الدموع ،،
      هل استنزفت طاقتها على البكاء يا ترى ؟؟
      مدت و ديمة راحة يدها تمسح على شعر حور المنفلت من عقدته .. منسدلا بفوضوية على طول ظهرها .. سألتها وديمة بحنان ..
      - تقول أمايا ان بنت عمكم علي يت اليوم هنيه ..
      هزت تلك رأسها ببطء .. فقالت وديمة بهدوء ..
      - أخت ريلج ..؟
      انعقد جبينها بضيق لبرهة .. تسند ذقنها لركبتيها المضمومتين قبل أن تهمس ،،
      - هيه ..
      نظرت لها وديمة بحذر ،،
      - حليلها .. فيها الخير .. احسن عن غيرها ..
      صمتت حور دون أن تجيبها .. و هي تستعيد في داخلها ردة فعلها الأولية حين علمت بوجودها ..
      - أول ما دريت انها هنيه بغيت أظهر لها و أطردها من البيت ..
      ذهلت وديمة ،،
      - ليش ..؟؟؟؟؟؟؟!!
      نفخت حور بحقد ..
      - ما يسد لي سووه أهلها فينا ..؟!
      اتسعت عينا أختها بالرضاعه بحيرة
      - و شوه سوو - و ضغطت على الأحرف - أهلج ؟؟
      التفتت لها حور بقسوة و هي تنكر ..
      - هاييلا هب هليه .. ما يسدج العزا لي مسوينه في بيتهم و هم يدرون ان امايا في العدة و انها ما تروم تظهر .. من يابتنيه أميه ما شفت حد منهم ياي بيتنا و الا مسير و الا ذاكرنا بتيلفون .. العيد لي هو عيد ما نعرفهم فيه .. الحين عقب - و تهدج صوتها و هي تكبح دموعها - عين ابويه .. تذكروه .. و يسوون عزا محد من عياله بيحظره .. و ........
      بترت عبارتها و هي تتوقف عن الكلام و دموعها تهدد بالهطول .. مدت ظاهر كفّها تمسح عبرة انزلق على خدّها .. شعرت وديمة بالألم يمزّقها .. و لكن الحقد الذي لمسته في صوت حور لم تعرفه فيها قط .. لذلك كان صوتها هادئا ..
      - يا حور الانسان ما يحس بقيمة خوه الا لو فقده .. ما فكرتي ان لي تحسين به من حرّة و منقهر يمكن يحسونبه .. عقب ما ضيعوا عمرهم و عمر خوهم في القطاعة .. و بعدين ع العزا انتي ما تحتايين الغرب لي بييونهم من عربهم عسب يعزونهم .. أهم شي أحبابج لي حولج .. و لا تنسين ان أمه ما فيها حيل تظهر من البيت .. العزا حاطينه هناك عشانها ...
      بدا أن حور لا تستسيغ ما يقال و هي تشيح بوجهها و تدفق الدموع يزداد .. فيما تابعت وديمة ..
      - و حتى لو لي قلتيه كان صح .. بنت عمج ما يخصها .. الله يقول : [ و لا تزر وازرة وزر أخرى ] .. لا تاخذينها بذنب أهلها .. أنا أشوف ان فيها الخير لي ياية الين هنيه و العزا فبيتهم .. مطنشة لي هناك و ساعية للغرب لي هم انتو ...
      بدا صوتها قويا و هي تقول بعمق ..
      - حور .. الواحد ما يستسلم للوساوس و الشيطان .. كرهج للغير ما بيفيدج بشي .. لكن التسامح بيجنبج المشاعر الخبيثة لي يمكن تحسينبها .. ع العموم أنا ما ضايقنيه غير ردة فعلج ع البنية ..
      قالت حور بضعف وسط دموعها .. تشعر بأنها واهنة .. لا تقوى هذا التدفق من الكلمات ..
      - لا يا وديمة .. أنا ما أذيت و لا عقيت عليها رمسة ،، رغم كل شي يلست ويانا أربع ساعات حاشمينها و محترمينها .. و قبل لا تظهر اترخصت تيينا مرة ثانية .. و رحبنا بها ،، حتى رقميه عطيتاا اياه يوم طلبتنيه ..
      .
      .
      شعور بالتعب .. بالارهاق ..
      انطباع غريبة بأنها تقف على شفير هوّة مظلمة .. تريد أن ترمي بروحها في قعرها ..
      أخذ يغزوها .. و الدموع تأخذ طريقها لوجهها من جديد ..
      كم سيستمر هذا الوجع يا ترى ..؟؟

      * * * * *


      لمْ أحححبكك من فراآاغ ,/
      كي أنسسسسإآك من فرآغ . .
      احببتكك بِ قنآإعه عظّيمه ـ‘
      و سَ أنساك بَقناعه أعظم !|



    8. #38
      الصورة الرمزية ♥} آمـل الـ عٍ ـشآق ♪
      تاريخ التسجيل
      Dec 2009
      الدولة
      " ع‘ــشقـِـِـي آلمَدينـَـَـَـﮧ ..
      المشاركات
      18,765
      معدل تقييم المستوى
      97

      افتراضي

      كن يجلسن في ردهة المنزل الفسيحة .. و ترفع هي قدميها على طاولة القهوة .. و يداها تعبثان بأزرار هاتفها دون توقف .. حتى حانت منها التفاتة لأختها ..تنصب نظراتها على وجهها الشارد .. بدت من نظرتها للفراغ بأنها ليست على أرضهم هذه .. تبعد عنهم أميال .. لم يكن هذا ما لفتها .. بل نظرة منكسرة في عينها حيّرتها .. أما تزال حزينة على ذاك العم ..؟؟ أم أن هناك سبب آخر ..؟؟
      جزء منها كان واثقا بأن الأمر يتعلق بزيارتها لبيت عمّها اليوم .. نادتها بصوت واضح ،،
      - روضاني ؟؟
      أجفلت روضة و هي تلتفت بعينٍ غائمة لأختها و بريق دمعة بعيدة في أفق العين لا يخبو ..
      - هااا ..
      عقدت جبينها و صوتها الخشن ينخفض قليلا ..
      - بلاج ؟؟
      هزت رأسها بحيرة ..
      - ما شي ..!
      رفعت تلك حاجبها بانكار ..
      - مساعة يالسة عندج و انتي هب داريه عنيه .. سرحانة .. شفيج ..
      أخفضت تلك بصرها و هي تهمس بصوت ضعيف ..
      - أفكر ..!
      - فشوه ؟؟!
      رفعت نظرها تتأملها لبرهة .. قبل أن تسأل سؤال لا علاقة له بالاجابة المنتظرة ..
      - ليش ما ييتي ويايه اليوم يوم قلت لج انيه بسير قدا قوم عميه حمد الله يرحمه ..؟
      هزت شيخة كتفيها ..
      - مادري بس ما حبيت أسير عند عرب غرب .. ما أعرفهم .. و ثاني يوم في العزا ..!! يعني يا الله يا الله يتعبلون بعمارهم .. هب ناقصيناا نفر عمارنا عليهم في هالمحنة ..
      لوحت روضة بيدها بعدم موافقة ..
      - عذر غريب الصراحة .. دوري غيره ..!
      رفعت شيخة حاجبها ..
      - و شوهالغريب فيه أخت روضة ؟؟ - ثم نظرت لها باستفسار - شوه سويتي هناك ؟؟
      هزت روضة كتفيها و هي تتنهد بعمق ..
      - ما شي .. يلست عندهم ثلاث ساعات .. و عقب صلاة العصر رديت البيت ..
      بدأ الفضول يدب داخل شيخة و هي تسأل ..
      - شفتي بناتهم ..؟؟
      - هيه ..
      - كم عددهن ..؟؟
      - سبع ..
      شهقت شيخة بقوة ..
      - أوووووف شبع .. يخرب بيته هالعم ما عنده وقت ..
      عقدت روضة جبينها بقوة و هي تقول باشمئزاز منها ..
      - صدق انج ما تخيلين .. الريال متوفي .. استحي ع ويهج ..
      وضعت يدها على فمها ..
      - أوبس .. سوري .. صدق خبرينيه .. كم عمارهن شوه أساميهن .. شفتي حرمة غيث ..؟؟ حلوة ..؟؟ كيف شكلها ؟؟
      نظرت لها روضة بحاجب مرفوع ..
      - خيييييييييبة شوي شوي علينا .. و بعدين يوم انج مهتمة هالكثر ليش ما خاويتينيه يوم شرت قداهم ..؟؟
      - الحين خلينا من هالرمسة .. و ردي عليّه ..
      رفعت روضة عينها متذكرة ..
      - آممممم .. العودة حور هي حرمة غيث .. عمرها يمكن 23 أو 24 مادري و الله .. بس شكلها يبين أصغر عن كذيه ..!
      نفخت شيخة بضيق ..
      - وايد صغيرة ع غيث .. أصغر عن العلة عوشوه ..
      - لا اله الا الله .. انتي ما تيوزين ..
      لوحت شيخة بعدم اهتمام ..
      - لا تسوين لنا فيها .. كملي ..
      نظرت لها روضة شزرا قبل أن تتابع ..
      - تيي عقبها المها .. هاي الصمخة .. بس شوه أقولج .. سبحان الله .. شيخاني أحلى وحدة فخواتاا .. وايد حلوة و نعومة .. مادري كيف حتى ابتسامتاا غير .. خاطريه كان أرمس وياها و الا آخذ و أعطي .. بس ما أعرف كيف أرمسها بالاشارة ..! عمرها حول 19 سنة .. لن خالتهن تقول ان بينها و بين حور 4 سنين .. و الباقيات متّابعات .. يعني عقب المها تيي عفرا .. في الثنوية العامة و عقبها نورة ثاني ثنوي .. خلاف دانة هاي أول ثنوي .. و هند في الاعدادية بس ما أدري أي صف .. و نايف خوهن هذا ما شفته .. بس أكبر من مزنة بـ 3 سنوات .. يعني تقولين عمره 13 سنة .. و آخر العنقود مزنة عشر سنين .. و هاي كافة التفاصيل .. عيبج التقرير أخت شيخة ؟؟
      هزت شيخة رأسها بذهول ..
      - ما أصدق .. ع قلة فلوسه الا ان عنده 8 عيال .. ما شا الله .. الله و أكبر عليهم .. نحن أكبر عايلة عدنا عايلتنا و بس خمسة نفر .. هاييل وين البيت لي يسدهم ..
      انقشعت الراحة المؤقته عن وجه روضة فور تلفظ شيخة بتلك الكلمات .. و كسى ملامحها الجميلة الألم الشديد ..
      - يا الله يا شيخة .. لو تشوفين بيتهم تحمدين ربج ألف مرة .. نحن متبطرين ع النعمة و كل يوم تغيير أثاث و ديكور .. و العيشة نفر دبل أكلنا في الكشرة .. و مواتر و طلعات .. و أسواق غير الفلوس لي ما ندري وين نحطها .. و عميه و عياله هب محصلين غير بيت مقسوم .. بثلاث حجر ة مطبخ و حمام .. تخيلي .. انا خطفت على حجرة أول ما حدرت بيتهم تحريتاا ستور .. طلعت ميلس الرياييل و وراها حمام ..!! تخيلي عميه و حرمته و عياله الثمانيه يتشاركون هالحمام .. لو تشوفين صبغ اليدار كيف رايح .. صح البيت نظيف .. بس الفقر في كل مكان .. مادري كيف عميه كان يسد لقمتهم .. مادري كيف بيدبرون عمارهم الحين ..!!
      و تهدج صوتها و ألماسة متألقة تنحدر من عينها اليسرة و هي تقول ..
      - تمنيت انيه ما دريت ان عنديه عم و لا ييت بيته .. عسب ما أشوف هالشي .. حسيت بالذنب .. كأنيه ظالمتنهم .. مصروفيه في الشهر يي دبل ميزانيتهم أربع مرّات ..
      دفنت وجهها بين كفيها و هي لا تقدر على منع دموعها من التسرب ..
      - و الله انهم قطعوا فواديه .. كيف بنساعدهم .. كيف ؟؟؟!

      * * * * *


      لمْ أحححبكك من فراآاغ ,/
      كي أنسسسسإآك من فرآغ . .
      احببتكك بِ قنآإعه عظّيمه ـ‘
      و سَ أنساك بَقناعه أعظم !|



    9. #39
      الصورة الرمزية ♥} آمـل الـ عٍ ـشآق ♪
      تاريخ التسجيل
      Dec 2009
      الدولة
      " ع‘ــشقـِـِـي آلمَدينـَـَـَـﮧ ..
      المشاركات
      18,765
      معدل تقييم المستوى
      97

      افتراضي

      كان هذا هو يوم العزاء الأخير و الوقت يقارب العشاء ،، حين توقفت سيارة فارهة لم يعتد هذا الشارع على وجود أمثالها بعد .. و توقفت وراءها شاحنة فان صغيرة ..
      ترجل الرجل من سيارته و هو يجيل نظره في الحي .. لم يأتِ إلى هنا مسبقا سوى مرّة واحدة .. و لكنه لا يتذكر أن هذا المكان كان بهذا البؤس ..
      وصل للباب المنشود .. قبل أن يطرقه بقوّة .. ثم تنحى منتظرا أن يأتي أحد .. كان يستنشق الهواء مشغولا بالعديد من الأفكار حين وصله صوت حاد خشن ..
      - السلام عليكم ..
      التفت نحو صاحب الصوت لتقع عينه على ابن عمه الصغير الذي فغر فاهه بعد أن تعرف عليه ..
      - و عليكم السلام و الرحمه ..
      سلّم نايف عليه رغم أنه كان قد رآها صباحا في ذاك القصر و هو يحاول مراجعة اسمه في ذهنه ..
      - و عليكم السلام و الرحمه ،، حييه بو حمد ..
      قال نايف بشيء من الخجل ..
      - الله يحييك ..
      ابتسم الرجل بهدوء و هو يقول ..
      - أنا حامد ..
      أجاب نايف بسرعة منكرا جهله ..
      - أدري ..
      - شحالك .. و شحال هلك .. ربكم بخير ..
      - يسرك الحال .. الحمد الله .. اقرب
      لمع الاعجاب في عيني حامد ..
      - قريب .. بس مستعيل و الله .. سير شف ختك العودة قولها انيه هنيه .. برقبكم ..
      عقد نايف جبينه ..
      - منوه ..؟؟ حور ؟؟ شوه تبابها ..
      اتسعت ابتسامة حامد ..
      - ريلها مطرشنيه عليها ..
      كان الشك يكسو ملامح نايف لبرهة و هو يستعيد في ذهنه صورة - ريلها - قبل أن يقول ..
      - لحظة بس ..
      و اختفى في الداخل .. و عاد حامد يستند على الجدار .. شعر باختلاف كبير بينهم و بين بيت عمهم هذا .. لم يكن في صغره يعلم ما يعلمه هذا الصبي .. لا بد أن ملازمته لأباه بيد أنه ابنه الوحيد قد أثرت عليه كثيرا .. دقائق طويلة مرت قبل أن يتناهى لمسمعه صوت الأقدام القادمة نحو هذا الباب ابتعد عن الجدار مترقبا القادم .. فجأة وجد نفسه يخفض بصره حال ظهور شابة ترتدي عباءة سوداء و ترد الغطاء على وجهها .. قال بهدوء ..
      - السلام عليكم و الرحمه ..
      كان صوتها مبحوحا و منخفضا .. جليديا ..
      - و عليكم السلام ..
      - شحالج يا بنت العم ..
      كان برودها مربكا ..
      - بخير ..
      شعر بتوتر .. لا يدري لما راوده احساس بأنه غير مرحب به هنا ..!
      - الله يسلمج هاي شوي أغراض يايبينها للبيت .. و بغيت أشوف كان محتايين شي و الا فخاطركم شي ..
      صمت مطبق كان الرد على كلماته .. قبل أن يأتيه صوت الفتاة قويا .. آمرا .. و قاسيا ..
      - أغراضك شلها وياك .. نحن هب في حاية شي منك و لا من أهلك .. توكل من هنيه و مرة ثانية هالباب لا تعتبه .. الله يحفظك ..
      فغر فاهه مصدوما مما قيل للتو و الباب الحديدي الصغير يرتد بقوة منغلقا في وجهه مصدرا صوتا قويا ..
      شعر بالاهانة .. و هو يضم قبضته بغضب .. يكبح رغبة تحثه على تحطيم الباب على رأسها ..

      * * * * *

      مرت ثلاثة أسابيع بطيئة للغاية عاد الناس يمارسون حياتهم بشكل طبيعي .. و كأن شيئا لم يحدث .. و كأنما يؤكدون بان ارتحال رحٍ الى بارئها لا يعني نهاية العالم ،، جميعنا لنا نفس المصير ذات يوم .. فلماذا نقضي ما تبقى من الوقت في الرثاء على شخص قضى نحبه ،، و لن تعيده الأحزان و ذرف الدموع ..
      كان ذاك يقين قاسٍ .. و مؤلم .. و غير مراعٍ لمشاعر الغير التي لا تزال معلنة الحداد على فقدها ..
      و لكنها تظل حقيقة .. و لن يجعلها التهوين مختلفة بأي شكل ..
      مضت الأيام لتعود الأمور إلى نصابها بالنسبة للجميع ،، باستثناء بيت المرحوم .. بو نايف ... لا زالت تلك الجدران تحتضن مرارة اليتم .. تحوي داخل حدودها من الأنين ما لن يسمع و لا يتجاوز الصدور .. تستر تحت جنح الظلام تلك الدموع الخفيّة ،، حين يسعى كل ساكن في ذاك البيت لإخفاء أوجاعه عن الأعين .. التظاهر بالقوة .. و تجرع حرّ ما يؤلم لوحده ..
      بدت الحياة في الأيام الماضية تمشي برتابة بائسة .. عاد أبناء بو نايف لمدارسهم .. يكافح كلٌ منهم أن شيئا لم يحدث و أن الحياة حتما ستعود لطبيعتها بعد بعض الوقت ..
      كان مؤلما إدراك بأن الحياة تواصل المسير دون والدهم ..!
      .
      .
      .
      .
      .
      .


      لمْ أحححبكك من فراآاغ ,/
      كي أنسسسسإآك من فرآغ . .
      احببتكك بِ قنآإعه عظّيمه ـ‘
      و سَ أنساك بَقناعه أعظم !|



    10. #40
      الصورة الرمزية ♥} آمـل الـ عٍ ـشآق ♪
      تاريخ التسجيل
      Dec 2009
      الدولة
      " ع‘ــشقـِـِـي آلمَدينـَـَـَـﮧ ..
      المشاركات
      18,765
      معدل تقييم المستوى
      97

      افتراضي

      يا غيث هاي خامس مرة تروغنيه من البيت ..
      خرجت العبارة من فمه بضيق و هو يدور في مكتب غيث الواسع .. و الأخير يعيد كرسيّه للوراء بابتسامه هادئة أخفت تحتها غضب مكبوت ..
      الحقيقة أنه يصارع رغبة في ترك مكتبه هذا و التوجه لبيت عمّه ليدق عنق تلك الطفلة السخيفة ..إلى ما ترمي برفض كل المعونات التي يحاولون تقديمها و إدعائها بأنهم لا يريدون صلة بهم .. لديه ما يشغله و لا يريد تضييع وقته بألاعيب سخيفة .. كان صوته متحكما و هو يقول بسلطة ،،
      - ما عليه يا حامد .. سير لهم بعد هالمرة نحن ملزومين ابهم .. ع الأقل الين ما ألقى وقت و أتصرف أنا في الموضوع ..
      كان بامكانه أن ينهي الموضوع ببساطة عبر الهاتف لو لم يكن يرد عليه بمغلق طوال الوقت ..
      عقد حامد جبينه بضيق ..
      - أقولك رايغتنيه خمس مرّات .. و تقول لو ييتهم المرة الياية بتتصل بالشرطة .. - ثم فتح عينه باستهجان - الشرطة أونه .. بنات عمّك ما فيهن مذهب ..
      كان رد فعل غيث فوريا و هو ينهره بصوت مرتفع محذر ..
      - حامد ..
      احمر وجه حامد فورا وو هو يعض شفته السفلى .. سرت رعشة على طول ظهره .. يبدو أنه أثار أخاه الأكبر .. زلة أخرى و لن يجد ملجأ في مرابع الغفران ..!!
      ابتلع ريقه و صوت غيث يتدفق بقسوة ..
      - عيدها و ما تلوم الا نفسك .. ثمن رمستك قبل لا تعقها ..
      هز حامد رأسه بطاعة .. كان عليه أن يحذر فهو بذلك يمس زوجته أيضا ..! قال بهدوء ..
      - اسمحليه يا خويه .. بس و الله من لي فينيه .. شوف كم مرة ساير لهم .. و كل ما ييت تطلع بنتهم و تروغنيه .. ما تقول غير ياي أشحت منهم ..!!
      فكرة غريبة راودته و هو يسترخي - بنتهم - و ليست - حرمتك - ،، هه .. لا يشعر احد منهم بذاك الارتباط ..!
      حامد يقف بيأس منتظرا ردا على ما قال منذ برهه .. تابع يقول ..
      - أنا ما عنديه خلاف مستعد انيه أوصل لهم لي يبونه .. و حتى بنتبادل أنا و أحمد و هزاع .. لكن تفاهم وياهم أول .. ما نبا فضايح يا غيث .. و هاييلا شكلهم ما يدانونا ..
      كان وجه جامدا لا يفصح عن شيء ،، و هو يركز بصره على وجه حامد المترقب .. عليه ان ينهي هذه التفاهة بشكل ما .. لا يجب أن يشغل ذهنه بهذه الأمور أكثر من ذلك ..
      كان صوته باردا و هو يلوح بيده ..
      - أنا ساير البيت لهم الليلة و برتب الموضوع ..
      ثم تصلبت عيناه بغضب .. و هو يضمر تأديبها في نفسه ..

      * * * * *

      تجلس على أرضية الساحة المدرسية و هي تحرك العصير في زجاجته .. و صوت صديقتها يتدفق بهدوء و هي تقلب وريقات في حجرها ..
      - يعني الحين ما بنمتحن انجليزي في المدرسة .. بيكون هو و امتحان السيبا واحد و بنمتحن في الجامعة ..
      ارتشفت عفرا جرعة من العصير و هي تعقول بتفكير ..
      - انزين علايا .. يعني معدل السبا داخل في مجموع الثانوية ..!
      - هيه ..
      هزت عفرا رأسها بهدوء ..
      - أهاا الله يعين عيل .. كان ما بترتفع نسبة الرسوب من التخبيص ..!
      نظرت لها عليا بحنان .. تعغيرت كثيرا .. أصبحت أكثر جدية ..
      أكثر هدوء ،،،
      و حزنا ..
      الحقيقة أنها قالت تلك الكلمات بآلية دون أن تشعر .. أفكارها كانت تأخذ منحنا آخر تماما ..
      الآن و بعد تغيب اسبوع لما طرأ من ظروف .. شعرت بعرة تسد حلقها .. تخنقها و هي تفكر بالظروف ..!
      عادت للمدرسة و متابعة الدراسة هي و أخواتها .. مؤلم أن تنتشل نفسك من أحزانك لتدفع بها في غما رالحياة مجددا فتكتشف بأن شيئا لم يتغير .. و أن الدنيا لا تقف على حدود وجعك ،،
      سحبت نفسا عميقا .. ها هي تعود للاجتهدا في الدراسة .. و لكن إلى أين ..؟؟
      هذه هي السنة الأخيرة لها في الثانوية .. السنة القادمة ستنتقل للجامعة لمتابعة الدراسة ..؟؟ و لكن لا تظن ..!
      منذ بعض الوقت علمت أن لا مستقبل لها في الجامعة ..؟؟ و خصوصا بعد اختلاف الظروف ..
      الآن إذا تقدمت للدراسة هناك .. ألن يلزمها الكثير من الملابس .. مصروف ..و أشياء لا تجد الطالبة الجامعية غنى عنها ..!
      من أين لها هذا ..؟؟!
      يستحيل أن يغطي معاش الشؤون الذي يصرف لوالدتها و التعويض الذي يصرف لأبيها الراحل شيئا ..
      بالكاد تكافح حور لسدِّ حاجاتهم .. شيء كدخولها للجامعة لن يفعل سوى نسف مزانيتهم ..
      لن تستطيع فعل ذلك بهم .. أبدا ..
      ستنجح هذه السنة متأكدة و بتفوق .. و لكنها لن تستطيع المتابعة بعدها ..
      عليها أن توئد تلك الأحلام السخيفة .. فرغبتها في العيش .. و سد رغبات إخوتها الذين أكثر احتياجا منها أهم من تلك التفاهات ..
      .
      .
      تودع هذا الهاجس الذي اجتاحها ذات يوم ..
      ستكفيها شهادتها الثانوية .. ليست بحاجة لأخرى كي تثبت جدراتها ..
      شعرت بدمعة قد أقبلت .. تنشد الحرية .. فكبحت جماحها داخل عينها التي أرخت هدبها بهدوء .. تأسرها مجددا و هي تعيدها لمكانها ..
      لا يجب أن يعلم أحدا كم الأوجاع تتكوم هنا ..
      ألما على ألم ..
      فقط عليها أن تصمد .. حتما سيكون هناك فرج قريب ..
      و إلى ذاك الحين لن يضيرها أن تزهق من الأحلام ما تعلم أنه صعب المنال ..!

      * * * * *


      لمْ أحححبكك من فراآاغ ,/
      كي أنسسسسإآك من فرآغ . .
      احببتكك بِ قنآإعه عظّيمه ـ‘
      و سَ أنساك بَقناعه أعظم !|



    11. #41
      الصورة الرمزية ♥} آمـل الـ عٍ ـشآق ♪
      تاريخ التسجيل
      Dec 2009
      الدولة
      " ع‘ــشقـِـِـي آلمَدينـَـَـَـﮧ ..
      المشاركات
      18,765
      معدل تقييم المستوى
      97

      افتراضي

      تمشي في الحرم الجامعي و هي تحمل على ظهرها حقيبة الظهر الرياضية التي امتلأت بكتبها .. علقت على كتفها الآخر حقيبة جهاز حاسوبها المتنقل .. كانت هدى تتكلم دون توقف بسرعة .. فيما لم يخترق ذهنها المشغول شيئا من هذا الحديث .. بدا أن هدى مصرة على ازعاجها .. و اضجارها .. لذلك قاطعتها بملل ..
      - هدوي لو سمحتي صخي دقيقة بس .. عنبوه هب لسان عليج رادوو ..
      اتسعت عينا هدى بقوة قبل أن تضيقهما بعتب ..
      - أخخ .. طاح ويهي ..!! سبالوه اصلا انتي ما تسمعين شوه كنت أقول و الا ما سكتينيه ..
      نظرت لها شيخة بنفاذ صبر ..
      - لا ما أسمعج شوه كنتي تقولين ..؟
      نظرت لها صديقتها شزرا و هي تقول ساخرة ..
      - و ليش أقول ؟؟ خلينيه صاخة دقيقة أخيرليه ..
      - اففففف .. بتقولين قولي ما بتقولين برايج ..
      رفعت هدى حاجبها ..
      - أقولج البارحة شفت بنت عمج .. هاييك الغاوية لي دوم أشوفها فبيتكم ..
      شخرت شيخة باستهزاء ..
      - هه .. منوه .. عوشوه ؟؟ صدق ما عندج سالفة .. وينها هاي و الغوى وين ؟؟
      - خافي ربج و الله انها تخبّل .. المهم ما سألتينيه وين شفتاا و ويا منوه ..؟!
      - وين شفتيها ؟؟
      قالت هدى ببساطة ..
      - في المول .. وياها خوها ..
      توقفت شيخة عن المشي .. و توقفت هدى هي أيضا .. أخاها ؟؟!اجتاحتها موجة من احساس غريب لم تدري كنهه .. لم ينجب عمّها مطر قبل وفاة زوجته غير عوشة .. أي أخٍ هذا ..
      شعرت بذعر خفيف مفكرة بأشياء تفسر هذا .. تبا لذلك .. لا .. لا يمكن أن تكون عوشة من ذاك النوع .. مدللة .. بل مفسدة بالدلال .. تافهة بأفكار سطحية .. و لكنها ليست منحطة .. انتبهت لهدى التي بدأت تنظر لها بغرابة ..
      - بلاج ؟؟؟؟
      هزت رأسها عاجزة عن الكلام و هي تواصل سيرها بصمت .. هدأت هدى لفترة .. قبل أن تهمس بها بحدّة مشيرة ..
      - شيخان .. شوفي راية ..
      خفق قلبها بعنف مع سماعها لاسمها .. ترفع عينيها المتلهفتين للبحث عنها .. لتقع عليها واقفة في مسافة ليست ببعيدة عنها .. تحيط بها صديقتين ..انتزعت حقيبة الحاسوب و هي تلقيها على هدى ..
      - يودي أنا بزخعها الحين و غصبن عنها برمسها ..
      كانت تشعر بقلبها يضرب بسرعة .. و أنفاسها المشتاقة تتسارع .. خطاها تتسابق الى حيث وقفت تلك الفتاة بهيئتها المميزة .. الآن .. أو أبدا ..!
      حال وصولها لمكانهن رفعت عينيها لها ثم اتسعتا بصدمة ..
      - هاي ..
      ردن الفتيات معا و هن ينقلن أبصارهن بين راية وشيخة ..
      - أهلين ..
      سلّطت هي نظرتها على تلك الجالسة بتوتر و هي تلتف يمنة و يسره .. لا تدري ملا بدت لها خائفة في تلك اللحظة .. كان صوتها حازما و هي تقول ..
      - راية لو سمحتي .. أبا أرمسج يمكن خمس دقايق ..؟؟
      تجنبت راية النظر لها بتردد .. قبل أن تنهض و هي تقول بصوت منخفض ..
      - يمكن ،،
      سارت شيخة لمنعزل قريب تتبعها راية إلى هناك .. ما إن اختفين عن أعين الآخرين .. حتى استدارت شيخة بشوق و لهفة و هي تقول ..
      - راية حبي .. و الله العظيم انه ما يخصنيه في منى لي شفتيه فهمتيه غلط .. بس كنت أربط خيط تنورتها من ورا .. أدريبها دوم تغايظج و انتي تغارين .. بس و الله انتي بس حبيبتي و روحي و حياتي .. رايه حرام عليج شهرين و انتي ما تردين ع تيلفوناتيه .. أحبج .. ماروم أعيش من دونج .. لا تحرمينيه منج دخيلج و الله انتي ظالمتنيه ..
      كانت شيخة تقول هذه الكلمات بسرعة وسط دموعها التي سرعان ما انهمرت ،، دموع وجدت الطريق هنا ،،
      .
      .
      تذهلني قذارة هذه العبرات ،،
      لم تكن لتهطل حين آن الرثاء على روح راحلٍ فقدت الحق في بكاءه ..!
      .
      .
      التقطت كف راية و هي تدنو منها أكثر ..
      - حبيبتي .. و الله توبة .. ما بتشوفينيه ويا هاللوث منى مرة ثانية .. بس انتي رديليه .. أحس بالموت و انتي بعيدة عنيه ..
      ذهلت حين انتزعت راية يدها و هي تضمها الى صدرها .. لاح الخوف على وجهها و هي تقول بصوت مهتز ..
      - أنا هب زعلانة عسب منى و الا غيرها .. هالأشكال ما تهمنيه ..
      بدا الضياع على وجه شيخة و هي تهمس بوله ..
      - عيل ليش ..؟؟ ليش هاجرتنيه من شهرين .. دون سبب ..!!
      نظرت لها راية و هي تتظاهر بالثبات .. الحقيقة أنها كانت خائفة من ردة فعلها .. فما الذي يمكن أن تفعله بعد أن تحطمها ..!! كان صوتها ضعيفا و هي تقول بقلق و تراقب وجه شيخة ..
      - أبا أقطع علاقتي فيج .. أباج تنسينيه .. أنساج ..
      بدت الصدمة جلية على وجه شيخة و هي تقول باستنكار ..
      - شوووووه ؟؟ تخبلتي انتي ..؟؟
      ارتجفت راية و هي تقول ..
      - أنا بعرس ..

      * * * * *

      الله أكبر الله أكبر ،،
      الله أكبر الله أكبر ،،
      .
      .


      لمْ أحححبكك من فراآاغ ,/
      كي أنسسسسإآك من فرآغ . .
      احببتكك بِ قنآإعه عظّيمه ـ‘
      و سَ أنساك بَقناعه أعظم !|



    12. #42
      الصورة الرمزية ♥} آمـل الـ عٍ ـشآق ♪
      تاريخ التسجيل
      Dec 2009
      الدولة
      " ع‘ــشقـِـِـي آلمَدينـَـَـَـﮧ ..
      المشاركات
      18,765
      معدل تقييم المستوى
      97

      افتراضي

      كانت أبواب السماء تُشرّع بذاك النداء على اتساعها ،، بعد أن غفت الشمس خلف حدود الأفق منذ ساعتين ..
      التقطت دانة بعض أوعية العشاء و هي تقول لهند التي استلقت بجانب نايف و مزنة تحت التلفاز ..
      - هند نشي شلي ويايه الصحون عسب نغسلها ..
      نظرت لها هند بضجر و هي ترفض ..
      - البارحة انا و نورة غسلنا ما يخصنيه خلي عفاري و الا مزنه يساعدونج ..
      نظرت لها دانة بغضب ..
      - عفاري تخم الخوش .. مزنوووه نشي شلي وياية و ساعدينيه ..
      نظرت لها مزنة بعينين متسعتين ..
      - أنا ما عرف أغسل .. و اذا شليت الصحون بيتكسرن ..!!
      نفخت دانة بغل و هي تقول ..
      - بيتكسرن هاا ..؟؟ ما عليه يا مزين .. انا بداويج ..
      بدا الخوف على وجه مزنة و هي تشيح به .. قبل أن يفتح باب غرفة أمهم و تطل حور برأسها تنظر لنايف الذي لا يزال مستلقي تحت التلفاز ..
      - نايف .. نش صل العشا .. عسب ترد و ترقد .. باكر دوام ..
      عقد نايف جبينه بضيق و هو يزيد من غلظة صوته ..
      - بصلي و بخطف ع حمّود ،،
      نظرتله حور بحزم و هي تأمره ..
      - لاحق عليه حمود باكر بتشوفه في المدرسة .. سير صل و رد بسرعة ..
      أشاح بوجهه معترضا ..
      - هب ع كيفج ..
      اتسعت عيناها بذهول قبل أن تنفجر به غاضبة ..
      - ولـــــــد .. تأدب .. عين خير و نش صل و رد البيت .. يا ويلك لو دريت انك سرت يمين و الا يسار ..
      كانت لا تزال تقف بباب أمها و هي تضع يدها على خاصرتها .. قام نايف من مكانه طوعا .. و هو يتذمر .. تتبعه عيناها .. لا تدري لما يلجأ للتمرد هذه الأيام .. ما الذي جرى له يا ترى ..؟؟!
      أصبح كثير الضجر و الاعتراض و المعاندة .. رغم هذا عليها أن تعالج الأمر بحكمة و صبر لا أن تنفجر في وجهه في كل مرّة ..
      رأت نورة تحمل ثيابا مكوية لتختفي في الغرفة قبل أن تعود فتخرج بسرعة .. رأت حور لا تزال تقف في مكانها و الشرود يسكن ملامحها .. فلوحت بيدها أمام عينيها ..
      - حووووه وين وصلنا ..
      هز حور رأسها ..
      - و لا مكان ..
      - وينها المها ..
      - تمسد أمايا ..تقدمت نورة لتجر مخدة فتسند رأسها عليها و هي تقول بتسلط ..
      - مزنة نشي قولي لدانة تسوي جاهي ..
      هزت مزنة رأسها و هي تنظر لحور باطمئنان ..
      - ما يخصنيه .. هاذوه المطبخ سيري انتي قوليلها ..
      نظرت لها نورة قبل أن تقول ..
      - لا و الله .. أشوفج مستقوية الشيخة مزنة .. أقول نشي الحين لا تييج رفسة تكسر عظامج ..
      نظرت لها حور ..
      - ها لي قاصر بعد ..
      زفرت نورة بحقد ..
      - ما عليه يا بشكارتنا دواج عنديه يوم بستفرد بج .. و الله لداويج ..
      ثم صاحت بصوتٍ عالٍ ..
      - دانوووووووه .. سوي جاهي بنيلس في الحوش ..
      صاحت دانة موافقة .. قبل أن تنظر نورة لحور ..
      - بلاج واقفة ..
      - بسير أصلي عسب نيلس رباعة .. مزنة .. هند .. صلن و أشوفكن في حجرة أمايا رقود .. تسمعن ..؟؟
      تجاهلت أصوات التذمر الصادرة منهن و هي تدلف غرفتهن لتصلي بها ..
      .
      .
      .
      كانت دانة تسكب الشاي في الأكواب حين جلسن في - الحوش - بعد أن أوت مزنة و هند للفراش و لم يعد نايف من الصلاة بعد.. و هي تقول بهدوء ،،
      - علومها فطوم .. مالها شوف هالأيام ..
      أجابت حور التي كانت تمسح على شعر عفرا التي استلقت فوق بطانية و ضعتها تحتها و هي تسند رأسها على ركبة حور ..
      - فريت على درشتهم حصى و قالت ان أمها ميهوده ..
      هزت دانة رأسها ..و هي تناول المها كوبا من الشاي ..
      - الله يعينها ..
      سألت نورة دون مناسبة و هي تضم كوب الشاي الذي تصاعدت منه الأبخرة ..
      - تعالي حور نسيتأسألج .. تعرفين وحدة اسمها .. حمدة حليمة صالح ..؟؟
      عقدت حور جبينها مفكرة ..
      - حليمة صالح ..؟؟؟! حليمة .. حليمة .. هب غريـ .... - ثم صاحت متذكرة - أوووووه حليمة صالح .. هيه هيه .. تذكرتاا .. كانت فدفعتيه .. ليش ..؟؟
      هزت نورة كتفيها ..
      - تشتغل عدنا سكرتيرة .. شافتنيه في الادارة مودية أوراق و يودتنيه .. تسألينيه اذا أقرب لج .. قلت ختيه ما تشوفين نفس الشيفة ..
      ابتسمت حور ..
      - عنلاتج .. انتي وين و أنا وين ..
      قالت عفرا بخبث و هي تدير كوبها على الأرض ..
      - شياب الثرا للثريا ..
      عقدت نورة جبينها ..
      - جب زين .. أن أحلى عن حور حمدي ربج انيه شبهتج بعمريه و الا انتي أصلا مستقبلج ضايع .. زين لي لقوا واحد يلصقونج فيه .. مسكين حاله هالولد العم ..
      ضحكت دانة هي و نورة و عفرا .. فيما تقلب المها نظرها بينهن بهدوء ،،
      لم تسمع ما يقال .. و لكن هذه الضحكات عنت شيء واحد ..
      .. ها هم يعودون لسابق عهدهم ببطء ،،
      قالت حور بغل ..
      - جب زين .. يلصقونيه أونه .. يحمد ربّه و الا وين يطول ظفريه ؟؟!
      لوحت نورة بيدها ساخرة ..
      - هيه وين يطوله .. المهم ترانيه حذرتاا .. و قلت لو حصلتي كائنين بشريين في المدرسة نفس الديزاين لا تروعين هاييلا خواتيه بعد .. و........
      بترت كلماتها و هي ترى نايف يدلف من الباب مسرعا .. وقع ناظره على أخواته اللوتي يجلسن في الحوش .. اقترب بسرعة قبل أن ينظر لحور باهتمام ..
      - حور ..
      - هاا حبيبي ..؟؟
      ألقى بكلماته بسرعة ..
      - ريلج يباج ..
      فغرت فاهها و هي تنظر له دون أن تفهم ..
      - شوه ..؟؟
      أشار بيده بلهفة ..


      لمْ أحححبكك من فراآاغ ,/
      كي أنسسسسإآك من فرآغ . .
      احببتكك بِ قنآإعه عظّيمه ـ‘
      و سَ أنساك بَقناعه أعظم !|



    13. #43
      الصورة الرمزية ♥} آمـل الـ عٍ ـشآق ♪
      تاريخ التسجيل
      Dec 2009
      الدولة
      " ع‘ــشقـِـِـي آلمَدينـَـَـَـﮧ ..
      المشاركات
      18,765
      معدل تقييم المستوى
      97

      افتراضي

      غيث ولد عميه علي .. في الميلس عدنا .. لقيته في المسيد ياي صوبنا و قربته .. قاليه سير ازقر حور ..
      كانت حور مذهولة عاجزة عن الكلام و هي تحدق بوجه أخواتها .. دانة تحتضن وجهها بكفيّها بصدمة .. و عفرا اعتدلت جالسة فورا تنظر لوجه حور .. فيما ضحكت نورة بقوة .. المها تنقل بصرها جاهدة لفهم ما حمل نايف للتو .. كانت نورة تهتز بقوة ..
      - ههههههههههههههه .. طريت الأقط قاي ينط .. لو طارين مليون ..
      تجاهلتها حور و هي تشعر باللون يهرب من وجهها .. و عينيها الجاحظتين تتسعان بتوتر ..
      - هذا شوه يايبنه .. شوه يبا ..؟؟!!
      عفرا تضع أناملها على شفتيها و هي ترد بتفكير ..
      - أكيد عسب سالفة أخوه لي كل يوم و الثاني و انتي رايغتنيه ..
      وضعت حور يدها على صدرها بجزع .. لا تدري لما دب القلق في روحها .. لماذا تتوتر .. هل هي خائفة منه ..؟؟ هل تشعر بأنها تمادت في صد محاولاتهم لتقديم المساعدة .. أم كل هذا لأنها كانت قد اصطدمت بقسوته ذات صدفة ..!
      نفضت كل هذا من ذهنها .. و هي تشد من عزيمتها تنظر لعيون اخوتها المتعلقة بوجهها و هي ترفع رأسها بكبرياء .. لن يخيفها هذا الرجل .. و سترد عليه كما ردّت على أخيه مسبقا .. لا حق لهم أبدا في التدخل أو ادعاء القربى . اكتفوا من هجرهم طوال تلك السنوات .. نهضت من مكانها و هي تشعر بارتجاف قدميها لتختفي بالداخل لدقائق قبل أن تخرج و هي تحمل غطاء رأسها .. أمرت نايف بحزم ..
      - أنا بظهر له .. سير ارقد باكر دوام ..
      شعرت بانها تريد أن تتظاهر بأنها لا تخشى شيئا .. و أنها تسيطر على الأمور .. نظرن لها أخواتها بحذر قبل أن تقول دانة بحذر ..
      - تبينيه أيي وياج ..
      ابتلعت حور ريقها و هي تقول ..
      - ما يحتاي .. أنا بدبره .. دقايق و برد ..
      و توجهت نحو المجلس .. شعرت بالمسافة قريبة جدا .. توقفت لبرهة عند الباب و هي تلف غطاء رأسها بإحكام .. فكرت بأن ترده على وجهها كما اعتادت .. لكنها شعرت بسخافة الفكرة .. سيسخر منها حتما أو سيقدم على حركة كريهه كما فعل مسبقا .. سحبت نفسا عميقا و تبعد ذكرى تلك المواجهه .. الحقيقة انها لا تذكر لقاءهما في ذاك اليوم المشؤوم .. كل شيء استحال في ذهنها إلى ضباب لا ينقشع ..
      شدت قبضتيها و هي تحاول خنق نبضات قلبها المذعورة .. راحت تدفع قدميها دفعا للدخول الى المجلس .. حال وقوفها بالباب كافحت بشدّة رغبة تدفعها للهرب للداخل .. و هي تراه يجلس أمامها مسترخيا و جسده الطويل يقابلها مشغول بشيء ما في يده .. شعرت بأن الكلمات لا تخرج من حلقها و هي ترفع يدها لتطرق الباب .. و صوتها الهامس بالكاد يسمع ..
      - السلام عليكم ..
      غبية .. حمقاء .. لماذا ارتعش صوتها هكذا
      هل لاحظ كم بدت ضعيفة و متوترة يا ترى ؟؟..
      رفع وجهه اليها و عينيه تضيقان بحدة و هو يسلط نظرة متمهلة عليها .. بدا و كأنه يقيّمها ببطء و ابتسامه غريبة تناوش شفتيه و هو يقول يرد ببرود ..
      - و عليكم السلام ..
      سرت رعشة على طول ظهرها و هي ترى انعكاس الصقيع في عينيه .. لم ترد أن تهزّها هذه النظرة فظلت تقف داخل المجلس قرب الباب .. و هي ترفع أنفها بعنفوان تخفي رعشة يديها و تعقدهما على صدرها .. لا تدري لما هابها مرآه هكذا .. ابتلعت ريقها و و ي تحاول أن تخرج صوتها قويا غير مهتز ..
      - نعم ..؟؟.. خير ان شا الله ..؟؟
      .
      .
      يمعن النظر إليها و عيناه المتكاسلتين تجولان على وجهها .. لن يغفل رجفة يديها و لا اضطراب أنفاسها .. لماذا تتظاهر بالقوة في حين ترتعد خوفا ..
      أشار برأسه آمرا ..
      - يلسي ..
      رفت أهدابها بتوتر .. قبل أن تقول بسرعة ..
      - ما يحتاي انته ما بتطول .. قول لي عندك و اظهر ..
      شعر بظهره بتصلب بقوة .. و عيناه تقسوان و هما ترتكزان على وجهها ..
      حسنا حسنا .. ها هي القطة الصغيرة تبرز مخالبها .. فليفسح لها مجالا لمحاولة خدشه قبل تقليم أناملها اللطيفة ..
      لم تخبو ابتسامته الجليدية و هو يقول بصوت متسلط ..
      - ليش رديتي الأغراض لي مطرشينها لكم .. ؟؟
      كان ردّها فوريا و كأنما رددت الكلام مرارا و تكرارا و حفظته عن ظهر قلب ..
      - لنا ما نبا شي منكم .. الله يغنينا .. نحن هب في حايتكم .. لو عندك غير هالسالفة قولاه .. و الا توكل على الله ..
      احساس بأنها تدوس على لغم سيطر على شعورها و هي ترى وجهه يشتد قسوة .. نفضت الخوف عنها و هي تراه ينهض ببطء من مكانه .. أرعبها مرآه بهذا القرب و جسده الطويل المديد يقترب ببطء .. بدا أن حضوره يملأ المكان .. فبدا المجلس ضيقا كما لم يكن قبلا .. كان يشرف عليها و هي تقاوم كي لا تفر من المكان .. لا زالت تشمخ بأنفها و قلبها يخفق في عنقها بعنف ..
      تبا .. لماذا يبدو مخيفا هكذا ..!!!!!
      كان صوته هادئا خطرا و هو يسألها بنعومة خطرة ..
      - شوه ؟؟! تروغينيه ..!
      ارتجفت حور و هي تشد يديها المقودتين .. تحاول أن لا تشيح بوجهها .. ارتجف صوتها رغما عنها و هي تقول ..
      - اسمع .. أنا قلت لي عنديه .. نحن ما نبا شي منكم .. و ما نبا علاقة بكم ..- ابتلعت ريقها قبل أن تندفع و تقول بسرعة و صوتها يرتفع - نحن ما شفنا حد منكم طول حياتنا .. الحين بس تذكرتوا .. خلوكم ناسين الين ما نموت ما شي بيظركم .. أصـ ..
      بترت كلماتها و هي تشهق بقوة حين مد يده فجأة ليقبض على مؤخرة عنقها ..ارتعشت و هي ترى عيناه تضيقان بقسوة .. بدت مخيفتين في تلك اللحظة و هي تحاول تحريك رأسها يمنة و يسرة لتنفلت من قبضته .. أحنى رأسه و هو يقول بصوت منخفض أخافها ..
      - لا .. لا .. وين الأدب .. يوم بترمسين ويايه ما ترفعين حسج تسمعين ..؟!
      ابتلعت ريقها دون أن تجيب تحاول جاهدة الاحتفاظ ببقايا قوتها قبل أن تنهار تحت ضغط يده بارتياع .. مد يده الأخرى بتسلط و هو يسحب غطاء رأسها و هي تتشبث به بقوة تحاول التمسك ببقايا شيء من درعها هذا .. و هي تغمض عينيها رغما عنها .. و ترفض بصوت مرتفع ..
      - لااا ..
      و لكنه كان قد انتزع غطاء شعرها و هو يلف في يده و ينتصب في وقفته ..
      - و شعرج مرة ثانية لا تغطينه عنديه ..
      رفعت يدها تغطي شعرها بيدها و كأنما تسعى لستره و خصلات خائنة تنزلق على جبينها و جانب وجهها.. شعرت بألم يوخز روحها .. لا تدري لما راودها احساس بأنها جرّدت من كرامتها بهذا الشكل المهين ..
      أخفضت بصرها حين شعرت بدموع مذلة تملأ مقلتها .. و صوته الرجولي الغليظ يتدفق لمسمعها ..
      - باكر بطرش السامان مرة ثانية و لو رديتيه ما بتلومين الا نفسج .. من اليوم و رايح أي شي ييكم من صوبنا تشلينه .. و بنفتح لكم حساب و بتييج البطاقة عسب لو قصر عليكم شي يكون عندكم لي يسد حايتكم ..
      لم يكن يطلب رأيها و لم يكن يطلب منها .. كان يأمرها ..!!
      عاد يقول بشيء من البرود ..
      - هالشي بتم الين ما تخلص أمج العدة عقب أربع شهور .. خلاف بتنتقلون البيت العود .. و بتسكنون هناك ..
      همست دون ادراك ..
      - البيت العود ..؟
      رفع حاجبه بتحدي ..
      - بيت ابويه سيف ..
      تدلى فكّها بصدمة و عيناها تتسعان .. لا .. لا يمكن أن تصل الأمور إلى هذا .. شدت قبضتها لصدرها .. و هي تقول بغيظ ..
      - و منوه قال لك اننا نبا نعيش وياكم ..
      ابتسم بسخرية .. ما بال هذه الطفلة الغبية لا تنفك تصارعه على ما لا حيلة لها فيه ..!
      - و منوه قال لج انيه أخيرج ..؟؟
      شمخت برأسها و هي تستجمع ما تبقى من قوة في نفسها و تقول ..
      - نحن ما بنسير مكان و ما بنشبر من بيتنا .. هذا بيت ابويه الله يرحمه .. ما بنودره ..
      نظر لها و كأنما لا يجد معنى لما تقول ..
      - لا يا حلوة بتودرونه ..
      تمنت لو أنها تحمل حجرا لقذفتها على رأسه المتعجرف .. صاحت بانفعال ..
      - هب ع كيفج ..
      التفت لها بهدوء أخافها ..
      - أنا ما قلت لج لا ترفعين حسج ..؟!
      ارتاعت من نبرته و هي تعود خطوة للوراء .. و لكنه أمسك بذراعها بقوة .. و هو يسأل بصوتٍ منخفض ..
      - اذا هب ع كيفيه . ع كيف منوه عيل ..؟؟ نسيتي انيه ريلج .. أروم الحين أشلج بيتي و انتي ساكته و محد بيقوليه شي .. شوه بتسوين عقب .. منوه بيتم ويا خوانج و أمج ..؟؟
      كان هذا تهديدا سافرا .. الحقير .. جرت ذراعها من قبضته .. لماذا يجد حرية في لمسها هذا الكريه .. لا حق له في رؤيتها ..
      لا حق ..!!
      رغم كل هذا راحت تكابد رعبا اجتاحها .. و هي تقول بصوت خائف ..
      - ما تروم ..
      مال برأسه ببرود ..
      - جربيني ..
      ابتلعت ريقها .. تشعر بأنها محاصرة .. يائسة ..
      و مذعورة ..
      - نحن ما نريد نعيش وياكم ..
      نظر لها بهدوء ..
      - بس بتعيشون ويانا ..
      نظرت له بتحدي و هي تكشف الورقة الأخيرة ..
      - أمايا ما بتخلص العدة عقب أربع شهور .. أميه حامل عدتاا الين ما تربي يعني تقريبا 7 شهور ..
      الآن تشعر بانتصار خفيف و الدهشة تغزو محياه لبرهة قبل أن يقسو من جديد و هو يسأل ..
      - حامل ..؟؟!!
      - هيه ..
      نظر لها متمعنا للحظات قبل أن يقول بابتسامة غريبة ..
      - و شوه عليه .. نرقبها تخلص العدة عقب 7 شهور..
      شعرت بضيق يكتنف صدرها .. و اختناق شديد .. راحت تبلع عبرتها بتخاذل و هو يقول بتعالي ..
      - المهم .. أنا ييت و لي عنديه قلته .. مابا عيدها الرمسة لي ياج لا تردينه .. تسمعين ..
      ماذا تقول ..؟؟!
      عاد يسأل بقسوة و صوته يرتفع ..
      - تعسمعين و الا لا ..
      همست بصوتٍ ضعيف ..
      - أسمع ..
      مد يده الكبيرة ليلتقط خصلة من شعرها انفلتت بين أصابعه الطويلة .. لتبعد رأسها بسرعة قبل أن يشدها دون اكتراث .. فتأوهت متألمة .. قبل أن يبتسم برضا و هو يقول ..
      - و تيلفونج بطليه .. ماريد أتصل و ألقاه مبند ..
      .
      .
      خرج تاركا اياها واقفة للحظات قبل أن تجلس على الأرض .. حين لم تعد قدماها تقويان الوقوف ..
      قلبها يخفق بعنف و دموعها تتزاحم على شفير المقلة بيأس ،، شعرت بالأنفاس لا تصل لرئتها و وحزن رهيب يكتسحها ..
      .
      .
      رباه ..
      ماذا كان هذا ..؟!!
      ما الذي حدث للتو ..!


      لمْ أحححبكك من فراآاغ ,/
      كي أنسسسسإآك من فرآغ . .
      احببتكك بِ قنآإعه عظّيمه ـ‘
      و سَ أنساك بَقناعه أعظم !|



    14. #44
      الصورة الرمزية ♥} آمـل الـ عٍ ـشآق ♪
      تاريخ التسجيل
      Dec 2009
      الدولة
      " ع‘ــشقـِـِـي آلمَدينـَـَـَـﮧ ..
      المشاركات
      18,765
      معدل تقييم المستوى
      97

      افتراضي

      الخطـــــــــــــــوة السابعــــــــــــــــــة ◄

      ║.. خطوات أضناها المسير ..! ║

      ضوء ضئيل يتسرب من بين الستائر ليكشف عن جسدها الذي تكور فوق أريكتها الوثيرة .. و هو يهتز ..
      توقفت عن الانتحاب ،، و أصبحت دموعها تسيل بصمتٍ الآن ..
      وقع خطوات يقترب من غرفتها قبل أن تتعالى صوت الطرقات على الباب .. يتبعها صوت أمها مناديا ..
      - شيخة .. شيخة .. ما تبين غدى يا أميه ..
      ازدادت دموعها بالانهمار .. لا تريد الغداء .. تريد أن تموت ..
      صوت أمها يعود للنداء مجددا و هي تهوي بقبضتها على الباب بلا رحمة ظنا منها أنها نائمة ..
      - شيخة .. شيخة ..
      مدت ظاهر كفٍ مرتجفة تمسح شيئا من الدموع التي شقّت طريقا على وجنتيها .. و هي ترفع صوتها المبحوح ..
      - ماااباااا الغداا .. أبا أرقد ..
      صمت تبع كلماتها .. إذا ذهبت ..!
      استوت جالسة في مكانها و هي تضم ركبتيها .. تشعر بأنها محطمة .. لقد أحبتها من كل قلبها .. عشقت وجودها في حياتها .. أمضت ثلاث سنوات معها .. تعيش كل لحظاتها .. كي تأتي تلك الحقيرة الصغيرة .. تلك الخائنة القذرة .. لتقول ببساطة أنها لم تعد تحبها و تنوي الزواج .. اشتدت قبضتها مع انهيار دموعها ..
      لماذا ..؟! ما الخطأ الذي ارتكبته لتستحق مثل هذا الألم ..؟ لم تقم بخيانتها قط .. لماذا إذا جازتها بهذا الفعل ..
      انهارت أنفاسها و هي تنشج بقوة .. لا تستطيع أن توقف التفكير بالأمر .. تريد إيجاد سبب واحد لما حدث ..
      هبت واقفة من مكانها و هي تمشي ببطء شديد كالميتة ،، تصل لطاولة الزينة العملاقة ..
      لتفتح درجها بعينين لا ترى .. و الغرفة الكبيرة لا تزال غارقة بالسواد .. تجد غايتها المنشودة لتلتقطها بيد و هي تفلت شعرها باليد الأخرى قبل أن تجره بقسوة .. و عبراتها تتدفق بعذاب .. صوت اصطكاك الحديد الخافت يصل لمسامعها و هي تشعر بالخصلات تنزلق من بين يديها ..
      تتهاوى من علو ،، بلا إحساس ..
      .
      .
      كما تفعل هي الآن ..!

      * * * * *

      - ضاقت يا فاطمة ..!
      قالتها تعلن اليأس و قد أسقطت يدها .. مر أسبوع مذ التقته و أفجعها بالحكم الذي أصدر على عائلتها .. و من يومها تخنق هذا الخبر في طيات نفسها .. لم تجد الشجاعة بعد لإعلامهم بالأمر ..
      لا تعلم سبب جبنها .. هل هو خوف من أن يوجعهم الخبر كما أوجعها .. أم أنها تخشى خيبة في حماس قد يبدوه نحو أولئك الغرباء ..؟!
      لم يبد على أحدهم الرفض حين أتت ابنتهم إلى هنا باستثنائها .. زفرت باختناق و هي تشعر بحدود الكون تتقلص في عينها لم تبدو أبعد من جدار بيتهم هذا و هي تجلس في - الحوش - .. قبل أن تمد فاطمة لتشد على يدها و هي تقول بصلابة ..
      - ما ضاقت إلا و فرجت يا حور ..
      همست حور ببؤس و هي ترفع نظرها للسماء الصافية ،،
      - وينه الفرج ؟؟ كل ما قلت هانت تعاندنيه همومي .. المشكلة انيه ما رمت الين الحين أخبرهم عن شي .. مادري شوه بتكون ردة فعلهم ؟؟ ما يسدهم لي صار ببويه ..! و الله ماروم أقولهم انه عقب ما تربي امايا حسبوا حسابكم بنظهر من البيت لبيت يدكم لي ما قد شفناه ..!ها كله كوم و العله لي يقال له ريلي كوم .. تخيلي الحين غصب كل ما طرشوا شي أخلي هنديهم و الا خوهم ها لي قد رغته يدخلونها ..
      عقدت فاطمة جبينها بعدم فهم ..
      - أنا مادري ليش انتي خايفة منه ..!!
      هزت حور رأسها بقلة حيلة ..
      - لنج ما شفتيه و ما قد جربتي تتعاملين وياه .. هذا بس نظراته يوم يطالع روعتنيه .. غير اسلوبه في الكلام .. ما تقولين غير بشكارة أبوه .. يتحكم و يتأمر ع كيفه .. لو غيره كان وقفته عند حدّه .. بس هذا غير و الله انه خوفنيه .. خص يوم قال انه بيشلنيه و محد بيقول له شي .. حسيت انيه انشليت يا فاطمة ..!
      ابتسمت فاطمة تطمئنها ..
      - و ليش تتروعين ..؟؟ مالت عليج صدق انج مقصة ..! يشلج أونه .. شوه ما وراج ولي و لا والي ..؟؟
      صمتت حور لثوانٍ قبل أن تسأل بصوتٍ ضعيف ..
      - وينه الولي يا فاطمة ..؟؟
      عقدت فاطمة جبينها تتحدها ضعفها ..
      - و قوم خالكم أم مايد وين سارو ..؟؟
      ابتسم حور بمرارة ،،
      - خليها ع ربج .. و الا وين يرومون عميه بو مايد و عياله يحطون راسهم براس هاييلا .. ؟؟ نسيتي هم أعمامنا و ع قولتهم الأولى بنا .. و بعدين أنا ماخذة واحد منهم .. يختي هاييلا مستحيل شي يردهم .. و الا سنين فارين خوهم و هب ناشدين عنه .. لا تنسين انه مايد يشتغل عندهم ..!
      عم السكون بعد كلماتها هذه للحظات طالت .. قبل أن تقول فاطمة بحذر ..
      - حور ما تلاحظين انج ماخذة موقف منهم ..؟ يعني يمكن نيتهم سليمة و نادمين ع لي استوا و يبون يعوضونكم عن القطاعة عقب عين أبوج ..؟!
      التفتت لها حور بجمود .. و صوتها يستنكر ..
      - نادمين ...؟؟!!! يختي أولا شوفي حركة العزا .. في ذمتج هاييلا نادمين ..! عنبوه ما حشمو أمايا و لا ظروفهاا .. شوفي ولدهم لي ياي يتعنطز عليناا .. انزين وينهم الأعمام ..؟؟ ما شفنا حد منهم من يوم ما توفى أبويه .. وينه هاليد لي ما نعرفه ..
      هزت رأسها ببطء رافضة .. و يقينٌ عميق حفر على وجهها و هي تقول بقوة ،،
      - كل شي .. كل شي يا فاطمة بتوقعه الا انهم يكونون نادمين ..!

      * * * * *


      لمْ أحححبكك من فراآاغ ,/
      كي أنسسسسإآك من فرآغ . .
      احببتكك بِ قنآإعه عظّيمه ـ‘
      و سَ أنساك بَقناعه أعظم !|



    15. #45
      الصورة الرمزية ♥} آمـل الـ عٍ ـشآق ♪
      تاريخ التسجيل
      Dec 2009
      الدولة
      " ع‘ــشقـِـِـي آلمَدينـَـَـَـﮧ ..
      المشاركات
      18,765
      معدل تقييم المستوى
      97

      افتراضي

      يجد نفسه عاجزا الآن ،، لا حيلة بيده .. لا يمكنه الاقتراب منها بسهولة ليواسيها .. ليحوي حزنها هذا الذي حفر في محجري العين ..
      ليمكنه إيقاف تلك الدموع الجامدة في مقلتها .. لا يمكنه أن يعيد الأيام إلى الوراء ليصحح خطأ سلبها الحياة ..
      لم يعد للروح انعكاس في عينها ..! بدت كالميتة .. جسد تحركه الحاجة للاستمرار بالعيش ..
      مخطئ .. بل هي الرغبة في الانحدار إلى النهاية .. ليحتضن التراب جسدها كما فعل مسبقا مع ابنها .. عندها ستكون في عالمه على الأقل .. لهما المصير نفسه ..
      و لكن الآن ..
      و هي تجلس هنا .. عيناها الشاردتين تنظران للأمام دون اهتمام لما ترى .. و لم يعد للحياة بريق ضئيل فيهما ..
      وجهها الشاحب لا يعلوه أي تعبير و كأنما لا تراه هنا .. أو لا تريد أن تراه ..؟؟!
      لم يكن هذا كله مهما .. المهم هو ذاك الوجع القاتل في روحه قبل روحها .. هو ذاك النصل الذي راح ينحر الروح ببطء مقيت ..
      الألم الذي يسكنه أكبر من ألمها .. مات راضٍ عنها و راضية عليه .. و رحل و هو غاضب عليه بعد أن نفاه ..
      بعد أن انتزعه من هنا .. من بين أهله .. أمه .. إخوته .. بعد أن حرمه العيش بينهم .. حتى بعد أن فعل ما أراد ..!
      كان موته الآن .. دون أن يجد الوقت ليصفي حسابهما .. ليسامحه .. ليغفر كل منهما للآخر ..
      دون أن يجد الوقت ليعيده إليه ..
      دون أن يمهله الزمن حتى يلتقيه مرة أخيرة .. ليفرغ ما في قلبه .. كم يتمنى لو يعود الزمان للوراء .. ليخمد هذا اللهيب الذي راح يلتهم كل إحساس بالحياة داخله .. ليروي هذا الظمأ الخبيث الذي راح يزداد بعد فقدانه له ..
      .
      .
      لكن الزمن لن يعود ،، و تلك الأفكار السخيفة لن تفعل شيئا ..
      ها هي زوجته هنا جسدا و الروح حملها ابنها الميت معه .. و ها هو الحزن يذبحهما ببطء .. هو حسرة .. ندم ..
      و هي شوق و حنين للقاء ببارئها و بابنها البعيد ..
      فلم تعد تريد من الدنيا سوى فراقها .. لتجد خلف حدود عالم الأحياء مبتغاها ..
      أما الآن .. فبينهما برزخ لا يلتقيان .. كان حيّا على الأقل .. و تؤمن بان الأقدار قد تحمل في جعبتها لقاء سيعيدها حيّة ..
      سيبثها الروح بعد أن قضت سنوات تتجرع كؤوس الانتظار المرّة بصبر لا ينتهي ..
      الآن لم يعد هنا ..
      رحل ابنها .. و رحل الصبر .. و رحلت هي أيضا رغم جسدها هذا ..
      .
      .
      كل هذه الخواطر بلا معنى ..
      كل هذا الندم لن يفيد ..
      هذا الوجع سيستمر أبدا حتى يرحل هو بدوره ..
      سيظل متوقدا بلهيب لا يخب ..
      ستستمر آلامه أبدا .. جمرة غضا ..!

      * * * * *

      وقفن بالباب دون حراك يراقبن الموقف أمامهن .. كن قد وصلن للتو من المدرسة حين وجدن حور ممسكة بنايف في الصالة و مشادة حادة بينهما .. دانة و تعبير غريب يعلو وجهها تتجاهل الأمر و هي تتوجه لغرفتهن فيما ظلت عفرا و نورة واقفات بالباب يتابعن ما يجري ،، حور تهز نايف بعصبية و هي تصيح ..
      - شوه سويت ارمس ..
      نايف و صوته يعلو على حور تحت نظرات الدهشة من أخواته ..
      - أقولج ماااسويت شي ما تسمعين ..
      لكن حور لم تهدأ ..
      - شوووه ما سويت شي .. و هالاستدعاء ان شا الله ..؟؟ ليش طالبين ولي أمرك ..؟
      أشاح بوجهه و هو يرفع رأسه .. قامت حور بضربه بالورقة على كتفه ..
      - ارمس يا الله ..
      صاح بوجهها بقوة ..
      - ما برمس .. تسمعين .. طالبين ولي أمري .. و انتي هب ولي أمري ..
      تهدج صوته و هو يسحب الورقة بعنف من يدها و يشقها لنصفين .. و دموعه ترتجف على حدود الهدب ..
      - و لي أمري مااااات ..
      ثم ركض للخارج تحت صدمتهن .. وضعت حور يدها على رأسها بذهول ... يا الهي .. ما الذي دهاه ..؟؟ أو بالأحرى ما الذي دهاها .. ؟؟ كيف أصبحت بهذه العصبية .. التفكير يوترها و أصبحت تجد في إخوتها و المشاكل متنفسا لضيقها .. أغمضت عينيها و هي تسحب نفسا مرتجفا .. تشعر بدموعها قريبة .. أين ذهب الآن أخوها .. الوقت ظهرا و الحرارة في أوجها .. لم يتناول الغداء حتى ..!شعرت بيد توضع على كتفها .. فتحت عينها لتجد عفرا و نورة قد اقتربن منها .. لتقول الأخيرة ..
      - لا تضيقين صدرج يا حور .. نايف ياهل ..
      قالت حور بألم ..
      - أنا هب زعلانه منه .. زعلانه عليه و على حاله لي انقلب من يوم ما اتوفى ابويه .. غادي متمرد .. ما يبى يسمع شور لحد ..! مادري شوه مشكلته ..مادري ،،
      شدت عفرا على كتفها بهدوء ..
      - ما عليج أكيد متأزم شوي لنه كان متعود روحاته كلها و يياته ويا أبويه .. و كان الله يرحمه دوم ما يخليه ييلس ويا البنات وايد .. أكيد الحين متضايق لنه يشوف البيت كله بنات ..
      ثم همست ..
      - بس انتي بعد .. خفي الدوس عليه .. وايد غادية عصبية وياه .. كله صريخ و ظرابه .. ترى الصوت بالصوت ما بيحل شي .. قدري انه الولد يمر بمرحلة حرجة الحين ..
      هزت حور رأسها بيأس ..
      - أقدر و الله أقدر .. بس هو هب ياي ويايه لا بالشدة و لا باللين .. مادري شوه الحل وياه .. الحين يايبليه ورقة استدعاء ولي أمر من المدرسة عسب مشكلة مسونها هناك .. و ما طاع يقوليه شوه مستوي .. !!
      أمسكت بجانب رأسها و هي تشعر بصراع شديد .. أكان صراع .. أم صداع .. لم تعد تدري .. كل ما ترغب به في هذه اللحظات الكريهة هو أن تأوي لفراشها و تتدثر لتنام حتى تتغير الأمور أو تعود لنصابها ...!
      - سيرن بدلن .. أنا بحط الغدا و أزقر أمايا و البنات ..
      .
      .


      لمْ أحححبكك من فراآاغ ,/
      كي أنسسسسإآك من فرآغ . .
      احببتكك بِ قنآإعه عظّيمه ـ‘
      و سَ أنساك بَقناعه أعظم !|



    صفحة 3 من 28 الأولىالأولى 1234513 ... الأخيرةالأخيرة

    معلومات الموضوع

    الأعضاء الذين يشاهدون هذا الموضوع

    الذين يشاهدون الموضوع الآن: 1 (0 من الأعضاء و 1 زائر)

    المواضيع المتشابهه

    1. ايهما تختار العتاب ثم الرحيل ام الرحيل بصمت دون العتاب
      بواسطة متبلدهه في المنتدى عقار ينبع شقق تمليك - شقق وغرف للايجار - اراضي للبيع
      مشاركات: 7
      آخر مشاركة: 27-02-2014, 12:19 AM
    2. إثم الرحيل
      بواسطة سمو المشاعر في المنتدى استراحة المنتدى
      مشاركات: 8
      آخر مشاركة: 25-03-2011, 09:59 PM
    3. تعبت ا عد خطوات الرحيل
      بواسطة مطعون بسهام الغدر في المنتدى نبض القوافي
      مشاركات: 8
      آخر مشاركة: 29-10-2010, 07:07 PM
    4. المرأة المسلمة على عتبات الزواج
      بواسطة منارالكون في المنتدى عالم حواء
      مشاركات: 0
      آخر مشاركة: 07-07-2010, 10:11 PM
    5. °•. مناجاة على عتبات الرحمن.•°
      بواسطة ♥} آمـل الـ عٍ ـشآق ♪ في المنتدى من وحي الاسلام
      مشاركات: 680
      آخر مشاركة: 09-05-2010, 02:51 AM

    المفضلات

    المفضلات

    ضوابط المشاركة

    • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
    • لا تستطيع الرد على المواضيع
    • لا تستطيع إرفاق ملفات
    • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
    •  
    www.yanbualbahar.com