• دخول الاعضاء

    النتائج 1 إلى 6 من 6

    الموضوع: معني السعاده الحقيقية

    1. #1
      فوضوي له مكانه الصورة الرمزية نسمات الجنة
      تاريخ التسجيل
      Nov 2014
      المشاركات
      10,474
      معدل تقييم المستوى
      60

      افتراضي معني السعاده الحقيقية

      سأتكلم معك بكل صراحة
      وآمل منك أن تبادلني نفس الشعور!


      أريد أن أسألك بعض الأسئلة
      وأريدك أن تجيب نفسك بنفسك



      -ماذا ينقصك لتكون سعيدا في حياتك!


      الصحة والعافية والقوة,
      المال والفلوس والملايين,
      السيارات والقصور والبيوت,
      الزوجة والأولاد,
      الوظيفة والشهادة,
      الأصدقاء والعزوة والشلة,
      الدشرة والصيعة والحونشية,
      التمشيات والسفرات والرحلات والكشتات,
      البنات والسهرات والرقصات,
      الحبوب والخمور والمسكرات,
      الأغاني والطرب والشكشكات,
      صور المفضوحين والمفضوحات
      في البلوتوث والجوالات...الخ!



      -هل كل من يملكونها سعداء!!




      -هل أنت سعيد في حياتك.



      إذا أجبت
      بلا لا لا لا لا لا لا لا لا لا.


      هل تعرف لماذا !!!!


      لأن الله سبحانه وتعالى يقول:
      (ومن أعرض عن ذكري فإن له معيشة ضنكا ونحشره يوم القيامة أعمى)
      أتدري ماهو الضنك!
      ض: ضيق
      ن: نكد
      ك: كرب وكدر
      ومن أصدق من الله قيلا.


      فهل عرفت لماذا أكثر الشباب اليوم يعانون من الطفش والزهق والملل من هذه الحياة
      رغم كل ما يملكونه فيها.



      أما إذا أجبت
      بنعم فأنت تكذب على نفسك إلا إذا كنت من هذا الصنف.
      قال تعالى:
      (من عمل صالحا من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فلنحيينه حياة طيبة..)
      -فهل أنت من هذا الصنف!!


      -متى ستنضم إليهم!!


      -ألم يأن الأوان!!


      -لماذا خلقك الله!!


      -أليس للعبادة!!


      -ألا تتذكر نعم الله عليك!!


      -والتي حرم منها ملايين البشر!!


      -(وإن تعدوا نعمة الله لا تحصوها).


      -وأنت تعصيه بنعمه!!


      -تسكن في أرضه
      وتأكل من رزقه
      وفي كل مكان يراك
      ولا تستطيع أن تؤخر عن نفسك الموت إذا أتاك
      ولا تستطيع أن تمتنع عن نار جهنم إذا سحبت إليها.


      -ومع هذا تعصيه!!!


      -أي قلب تحمل يا مسكين ياضعيف يامن أصلك تراب ومردك إلى التراب.!!


      -اتق الله اتق الله
      لتنجو بنفسك من عذاب الله.


      -فالله سبحانه وتعالى ليس بحاجة إلى توبتك.


      -قال صلى الله عليه وسلم فيما
      يرويه عن ربه تبارك وتعالى أنه قال:
      (...ياعبادي! إنكم لن تبلغوا ضري فتضروني,ولن تبلغوا نفعي فتنفعوني.
      ياعبادي! لو أن أولكم وآخركم
      وإنسكم وجنكم كانوا على أتقى قلب رجل واحد منكم,
      ما زاد ذلك في ملكي شيئا.
      ياعبادي! لو أن أولكم وآخركم
      وإنسكم وجنكم كانوا على أفجر قلب رجل واحد منكم,
      ما نقص ذلك من ملكي شيئا.
      ياعبادي! لو أن أولكم وآخركم
      وإنسكم وجنكم قاموا في صعيد واحد,فسألوني,فأعطيت
      كل واحد مسألته,ما نقص ذلك
      مما عندي إلا كما ينقص المخيط إذا أدخل البحر.
      ياعبادي! إنما هي أعمالكم أحصيها لكم ثم أوفيكم إياها
      ,فمن وجد خيرا فليحمد الله,ومن وجد غير ذلك فلا يلومن إلا نفسه).
      رواه مسلم.


      -وأنت لازلت مداوما على معصيته,ماأضعفك يامن كنت نطفة لو غسلت من الثياب لأزلت ثم علقة ثم مضغة وبعد ذلك خرجت للدنيا تبكي لا تملك
      من الدنيا شئ
      ما أضعفك,والآن بعد أن أتم عليك نعمه ظاهرة وباطنة
      تتكبر على أوامر الله
      يامسكين,والله لو ملكت الدنيا كلها ما ملكت نبضة واحدة من نبضات قلبك,ماأضعفك!


      -هل عرفت أصلك!!


      -ومع ذلك تصر على المعاصي!!


      -ولو كنت مشلولا مااستطعت!
      ولو كنت أعمى مااستطعت!
      ولو كنت أصما مااستطعت!
      ولو كنت أبكما مااستطعت!


      -ألا تخاف من الله!!


      -ألا تخاف أن يسلبك هذه النعم كما أعطاك!!


      -اتق الله اتق الله


      -ألا تريد الجنة!!


      -ألا تخاف من جهنم!!


      -ألا تخاف أن يخطفك الموت
      هذه اللحظة!!


      -أم انك لازلت شباب ولم تشبع من الدنيا والشهوات!!


      -فالموت لا يعرف صغيرا ولا كبيرا وإنما يأتي بغتة بلا موعد
      وبلا إنذار!!


      -كم قالها من الشباب عندما نكبر نتوب
      أين هم الآن!!


      -والله إنهم يبكون الدم ويقولونرب ارجعون لعلي اعمل صالحا فيما تركت)


      -فهل سيرجعون!!


      -ألا تأخذ العبرة من غيرك!!


      -قبل أن تكون أنت العبرة!!


      -إذا ما هو الذي يمنعك من أن تتوب الآن وترجع إلى الله!!


      -هل هو الشيطان!!


      -والشيطان قد أقسم أن يغوينا أجمعين ويدخلنا معه جهنم إلا عباد الله المخلصين!!


      -أم هي النفس الأمارة بالسوء!!


      -فستشهد عليك أطرافك التي استخدمتها في الحرام,
      وعينك التي متعتها بالحرام,
      وأذنك التي متعتها بالحرام,
      وفرجك الذي لذذته بالحرام!!


      -أم انك تخاف من كلام الناس
      وان يعلقوا عليك ويقولون:
      "مطوع"
      باقي انت شباب
      توك صغير بعدين
      متع نفسك كيف عايش
      طنش تعش تنتعش.



      -من سيفيدك
      من سيتحمل عنك العذاب
      من سيعطيك حسنة
      واحدة منهم!!


      -أم أن كل شخص منهم سيقول نفسي نفسي.!!


      -أم منعك من التوبة حب الشهوات وعدم قدرتك على مفارقتها والعيش بدونها!


      -يا من تزعم أنك عاقل ألا تستطيع أن تصبر عن هذه الملذات الفانية أياما معدودة حتى تتنعم بها كاملة في جنات النعيم المقيم!


      -أم استبدلت ذلك ياعاقل
      بلذة مؤقتة في هذه الدنيا والتي هي متاع الغرور
      ويعقبها عذاب أليم مقيم
      في جهنم!


      -ما بك إلى الآن لازلت تتخلف
      عن الواجبات والفرائض ولا تحرص على السنن!


      -ألا تستطيع أن تصبر على طاعة الله سنوات قليلة أو ربما شهور أو أسابيع أو أيام في هذه الدنيا التي هي للإبتلاء والإختبار.
      لتحصل بعد رحمة الله على ما وعدك به من النعيم في الجنة!!
      فاتعب في دنياك قليلا لترتاح في أخراك كثيرا.


      -يا ضعيف إن أجسامنا على النار لا تقوى!


      -يا مسكين أين عقلك يامن تزعم انك فاهم الدنيا ومافيه أحد مثلك وانك ما أحد فاهمك
      والله انت مافهمت نفسك.
      ما أضعفك!!!


      -طيب إذا مت هذه الليلة
      هل انت جاهز بأعمالك اللي ستبقى معك في قبرك!!


      -وإلى أين ستوصلك إلى الجنة أم إلى النار!!


      -أم انك ضامن أنك لن تموت
      هذا اليوم!!


      -أم اتخذتم عند الله عهدا
      فلن يخلف الله عهده.


      -فإلى متى القسوة في قلوبنا
      والغفلة عن ربنا!!


      -القبر كل يوم يناديك!!


      -حاسب نفسك قبل أن تحاسب!


      -فاليوم عمل ولا حساب
      وغدا حساب ولا عمل!!


      -تزود من التقوى فإن الدنيا فانية!!



      -فهل ستنتبه من غفلتك!!


      -وتذكر نعمت الله عليك أن أمهلك حتى تتوب!!


      -فإن الله يمهل ولا يهمل!!


      -أم ستتمادى في ماأنت عليه!!


      -حتى تموت ويقبضك ملك الموت وانت على معصية من المعاصي!!


      -فلا تنظر لصغر المعصية
      ولكن انظر إلى عظمة من عصيت.
      ولا تجعل الله أهون الناظرين إليك.


      -استغفر الله وتب إليه توبة نصوحا
      وابدأ صفحة جديدة مع الله فإن التوبة تجب ما قبلها.


      -تذكر الجنة ونعيمها.


      -تذكر القبر وظلمته.


      -تذكر جهنم وعذابها.


      -تذكر يوم العرض وشدته.


      -تذكر وقوفك بين يدي الله
      فردا وحيدا!!


      -ماذا قدمت من العمل!!!!!!


      -واعلم أن من ترك شيئا لله عوضه الله خيرا منه.


      -قال صلى الله عليه وسلم:
      (إن أدنى أهل الجنة منزلة لمن
      ينظر إلى جنانه وأزواجه ونعيمه وخدمه وسرره مسيرة ألف سنة(وفي رواية
      مسيرة ألفي سنة) وأكرمهم على الله من ينظر إلى وجه الله غدوة وعشيا)
      رواه الترمذي والطبراني.


      -فاعمل للجنة يا راغبا فيها.


      -ولتكن الدار الأخرة هي همك
      فالحياة الدنيا إنما هي ممر
      نتزود فيه بالأعمال الصالحة!!


      -فقد تركها أقوام كانوا:
      أقوى منا, وأغنى منا,
      وأجمل منا,ملكوا الدنيا كلها,
      تمتعوا فيها أكثر منا,
      عمروا فيها أكثر منا.
      فهل أغنى ذلك عنهم شيئا,
      وما هي أمنيتهم الآن!


      -لذلك لازالت الفرصة أمامك
      فاغتنمها قبل أن تفوتك!


      -فباب التوبة مفتوح وكلنا خطاءون وخير الخطائين التوابون.


      -فستذكرون ما أقول لكم!!


      -يوم لا ينفع مال ولا بنون
      إلا من أتى الله بقلب سليم!!


      -أسأل الله العلي العظيم
      أن يتوب علينا وعليك ويقبل منا ومنك صالح الأعمال انه سميع قريب مجيب.


      -وصلي اللهم وسلم وبارك وأنعم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا
      إلى يوم الدين.
      lh`h dkrw; gj;,k sud]hW ?

      العلم فريضة شريعة وضرورة عصرية


      العلم فريضة شريعة وضرورة عصرية


      thumbnail.php?file=E


      • العلم من أجل نعم الله علينا ؛ منحه الله ومدحه وكرم أهله وأجزل لهم العطاء ، ورفع لهم الدرجات ، فهو هداية ورحمة ونور وعصمة ، وسمو ورفعة .
      قال تعالى في سورة المجادلة { يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ {11 } وقال تعالى في سورة الزمر (( قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُوْلُوا الأَلْبَابِ {9} ))
      • ومن البراهين القاطعة والحجج الساطعة على فضل العلم وأدواته ووسائله افتتاح الله عز وجل كتابه الكريم بصدر سورة العلق (( اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ {1} خَلَقَ الإنسان مِنْ عَلَقٍ {2} اقْرَأْ وَرَبُّكَ الأَكْرَمُ {3} الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ {4} عَلَّمَ الإنسان مَا لَمْ يَعْلَمْ {5} اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ {1} خَلَقَ الإنسان مِنْ عَلَقٍ {2} اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ {3} الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ {4} عَلَّمَ الإِنسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ }{5}
      فكما أنعم الله عز وجل على الإنسانية بنقلها من ظلمة العدم إلى نور الوجود كذلك أنعم عليها بنعمة العلم الذي يُخرج الناس به من ظلمات الجهل إلى نور المعرفة .
      • ومن شرف العلم وفضله : أن الله عز وجل حثنا على الاستزادة منه وأمر بذلك نبيه صلى الله عليه وسلم فقال تعالى (وقل ربِّ زِدني عِلمَاً )[1] وفي هذا ما يدل على شرف العلم وفضيلة الاستزادة منه قال قتادة : لو كان أحد يكتفي من العلم بشئ لاكتفي موسى عليه السلام ، ولكنه قال للخضر عليه السلام : (هل أتبعُكَ على أن تعلمَني مما عُلِّمتَ رُشداً ) [2]. [3]
      وفي السنة أحاديث كثيرة في فضل العلم ومكانة العلماء : نذكر منها :
      • ما رواه البخاري ومسلم عن معاوية رضي الله عنه قال : " سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : ( من يُرِدِ اللهُ به خيراً يفقهه في الدين ) [4].
      • وما رواه مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( ومن سلك طريقاً يلتمس فيه علماً سهل الله له به طريقاً إلى الجنة وما اجتمع قوم في بيت من بيوت الله، يتلون كتاب الله، ويتدارسونه بينهم، إلا نزلت عليهم السكينة، وغشيتهم الرحمة وحفتهم الملائكة، وذكرهم الله فيمن عنده. ... ". ) [5] .
      وروى الترمذي في السنن عن أنس رضي الله عنه قال : قال صلى الله عليه وسلم ( من خرج في طلب العلم فهو في سبيل الله حتى يرجع )[6] .
      ومن الحكم المأثورة عن السلف في فضل العلم ما أخرجه ابن عبد البر في كتابه جامع بيان العلم وفضله من حديث معاذ بن جبل رضى الله عنه أنه قال:" تعلموا العلم فإن تعلمه لله خشية، وطلبه عبادة، ومذاكرته تسبيح، والبحث عنه جهاد، وتعليمه لمن لا يعلمه صدقة ، وبذله لأهله قربة ؛ وهو الأنس في الوحشة، والصاحب في الغربة، والمحدث في الخلوة، والدليل على السراء والضراء، والسلاح على الأعداء، والزين عند الأخلاء، ومنار سبيل أهل الجنة ، يرفع الله به أقواما فيجعلهم في الخير قادة وأئمة يقتصّ آثارهم، ويحتذى بأفعالهم، وينتهى إلى رأيهم، ترغب الملائكة في ظلهم، وبأجنحتها تمسحهم، يستغفر لهم كل رطب ويابس، وحيتان البحر وهوامه، وسباع البر وأنعامه، لأن العلم حياة القلوب من الجهل، ومصابيح الأبصار من الظلم، يبلغ العبد بالعلم منازل الأخيار والدرجات العلى في الدنيا والآخرة، والتفكر فيه يعدل الصيام، ومداومته تعدل القيام، به توصل الأرحام، وبه يعرف الحلال من الحرام، هو إمام العمل، والعمل تابعه، يلهمه السعداء ويحرمه الأشقياء " . [7]

      العلم أساس نهضتنا :
      • وفي ظل تعاليم الإسلام السمحة وحضارته الوارفة وترغيبه في طلب العلم وتكريمه للعلماء نبغ المسلمون في العلوم كلها والتمسوا المعرفة من الشرق والغرب فترجموا كتب العلوم الفارسية واليونانية وغيرها وشجع الخلفاء على هذه الحركة العلمية ، حتى كان الخليفة المتوكل يعطي حنين بن إسحاق أشهر المترجمين وزن ما يترجمه ذهباً.
      • ولم يقتصر المسلمون على الترجمة، بل تابعوا البحث والدراسة، والتعديل والتطوير ، حتى ابتكروا وطوروا وسبقوا غيرهم .
      ففي ظل إدراك المسلمين لحقيقة العلم وقيمته : برز أبو بكر الرازي أول من عمل عملية إزالة الماء من العين ، وظهر ابن سينا الذي كان كتابه الطبي (القانون) يدرس في جامعتي (كمبردج، وأكسفورد) وغيرهما من مشاهير الأطباء كثيرون ، وبرع جابر بن حيان في علم الجبر، واكتشف كثيرا من أسرار الكيمياء، وسبر العرب علم الفلك ، فكانوا أول بناة للمراصد الفلكية في العالم، وأول صانعي المناظير [التليسكوبات] فضلا عن تقدمهم في فنون الهندسة المختلفة، ومحاولة الطيران في السماء التي كان أول من فكر فيها عباس بن فرناس.
      • إن العلم الذي تنهض به أمتنا هو كل علم نافع ، سواء كان من علوم الشريعة أو من علوم الطبيعة أقصد كل العلوم التي يحتاجها الناس في حياتهم كالطب والهندسة والزراعة والكيمياء وعلم الأحياء وعلم الفيزياء وعلم الإحصاء وسائر العلوم التي تعد من المقومات الأساسية للنهضة الحضارية ، العلوم التي توجَّه الإنسان وتأخذ بيده وتيسر له القيام بمهمته في الوجود.

      منزلة العلم من الدين
      • ولقد تحدث العلماء عن فروض الكفاية التي إذا قام بها البعض سقط الإثم عن الباقين ، وإذا لم يقم بها أحد أثم كل قادر على القيام بها ، ومن هذه الفروض تعلم العلوم التي تستغني بها الأمة عن أعدائها وتدافع بها عن كيانها ، والله سبحانه وتعالى يقول في سورة الأنفال { وَأَعِدُّواْ لَهُم مَّا اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ وَمِن رِّبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدْوَّ اللّهِ وَعَدُوَّكُمْ وَآخَرِينَ مِن دُونِهِمْ لاَ تَعْلَمُونَهُمُ اللّهُ يَعْلَمُهُمْ وَمَا تُنفِقُواْ مِن شَيْءٍ فِي سَبِيلِ اللّهِ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنتُمْ لاَ تُظْلَمُونَ }{60} .
      فكل قوة يستطيع المسلمون إعدادها ثم يقصّرون فإنهم آثمون ، والعلوم الحديثة بكل جوانبها واجبة على الأمة ، لأن ما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب ، وكل ما يحتاج إليه المسلمون من العلوم ليحقق لهم التفوق على غيرهم ولتكون لهم القوة على عدوهم ، فهو فرض كفائي عليهم ، تأثم الأمة إذا فرطت فيه [8].

      بين العلم والإيمان :
      وحين نتأمل في موقف الإسلام من العلم نجد ترابطاً وثيقاً بين العلم والإيمان فكلما ازداد الإنسان علماً كلما ازداد يقينًا ومعرفة وخشية لله عز وجل ،قال تعالى مبيان أن العلماء هم أشد الناس خشية له ومعرفة بمقامه {أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ أَنزَلَ مِنَ السَّمَاء مَاء فَأَخْرَجْنَا بِهِ ثَمَرَاتٍ مُّخْتَلِفًا أَلْوَانُهَا وَمِنَ الْجِبَالِ جُدَدٌ بِيضٌ وَحُمْرٌ مُّخْتَلِفٌ أَلْوَانُهَا وَغَرَابِيبُ سُودٌ {27} وَمِنَ النَّاسِ وَالدَّوَابِّ وَالْأَنْعَامِ مُخْتَلِفٌ أَلْوَانُهُ كَذَلِكَ إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاء إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ غَفُورٌ {28} }سورة فاطر ، فالعلم يهدى إلى الإيمان ويقوي دعائمه ، والإيمان يدعو إلى العلم ويرغّب فيه ، هذه العلاقة الوثيقة لا نجدها في غير الإسلام يقول روجيه جارودي ( ولم يفصل الإسلام الحكمة عن العلم ولم يقبل معالجة أي فرع من فروع العلم بمعزل عن العقيدة التي هي هدف في ذاتها ) [9].
      ولكي ترقى الأمم وتتقدم فلا بد لها من الإيمان والعلم معاً ؛ أما العلم وحده : " فقد يرفع أمة حتى تعانق السماء رفاهية ورغداً ، ولكنها سرعان ما تتداعى مثلما تتساقط أوراق الخريف التي تعصف بها الرياح [10] " وكم من أمة غنية قوية ولكنها تعيش على شقوة مهددة في أمتها مقطعة الأواصر بينها يسود الناس فيها القلق ويظهر الانحلال ، قوة بلا أمن ومتاع بلا رضا وحاضر زاهٍ يترقبه مستقبل نكد ، إنه الابتلاء الذي يعقبه النكال " [11].
      وصدق القائل :
      والعلم إن لم تكتنفه شمائل *** تعليه كان مطية الإخفاق
      رب ركب قد أناخوا عيسهم *** في ذرى مجدهم حين بسق
      سكت الدهر زمانا عنهم **** ثم أبكاهم دما حين نطق
      ولقد فاق المسلمون غيرهم قرونا وعقوداً من الزمان حين سمت عندهم مكانة العلم وأخلصوا في طلبه وأكرموا أهله 0
      أرى الركب إن سرنا كانوا لنا تبعا *** وإن نحن أومأنا لهم وقفوا
      وفي الوقت الذي كانت فيه أوروبا ترقد في ظلام دامس وتغطُّ في سبات عميق كان المسلمون قد سبقوا عصرهم في شتى العلوم ، وهانحن في هذا الزمان وقد تبدّل حالنا وصرنا في مؤخرة الركب بعد أن كنا في مقدمته ، صرنا تابعين بعد أن كنا متبوعين لأننا فصلنا بين العلم والدين ، بحجة مواكبة الغرب ونسينا أن ديننا يرغب في العلم ويدعو إليه ويمهّد طريقه ، ويدعو إلى رعاية طلابه وأساتذته مادياّ ومعنوياً .
      ومن هنا فلا عودة لنا إلى سابق عزنا ومجدنا إلا إذا أقبلنا على العلم من منطلق إيماني خالص ، عندئذ نعود إلى سالف مجدنا وسابق عزنا .
      يقول الأستاذ أبو الحسن الندوي في كتاب ماذا خسر العالم بانحطاط المسلمين ( فإذا أراد العالم الإسلامي أن يستأنف حياته ، ويتحرر من رق غيره ، وإذا كان يطمح إلى القيادة فلا بد من الاستقلال التعليمي ، بل لا بد من الزعامة العلمية وما هي بالأمر الهيّن ، إنها تحتاج إلى تفكير عميق ، وحركة التدوين والتأليف الواسعة ، وخبرة إلى درجة التحقيق ، والنقد بعلوم العصر مع التشبع بروح الإسلام والإيمان الراسخ بأصوله وتعاليمه ، إنها لمهمة تنوء بالعصبة أولى القوة ، وهى من شأن الحكومات الإسلامية ، تنظم لذلك جمعيات ، وتختار لها أساتذة بارعين في كل فن فيضعون منهاجاً تعليمياً يجمع بين محكمات الكتاب والسنة وحقائق الدين التي لا تتبدل وبين العلوم العصرية النافعة والتجربة والاختبار ، ويدونون العلوم العصرية للشباب الإسلامي على أساس الإسلام وبروح الإسلام وفيها كل ما يحتاج إليه النشء الجديد ، مما ينظمون به حياتهم ويحافظون به على كيانهم ويستغنون به عن الغرب ... ، ويستخرجون به كنوز أرضهم وينتفعون بخيرات بلادهم ، وينظمون مالية البلاد الإسلامية ، ويديرون حكوماتها على تعاليم الإسلام بحيث يظهر فضل النظام الإسلامي في إدارة البلاد ، وتنظيم الشئون المالية على النظم الأوربية ، وتنحل مشاكل اقتصادية عجزت أوربا عن حلها.
      وبالاستعداد الروحي والاستعداد الصناعي والحربي والاستقلال التعليمي ينهض العالم الإسلامي ، ويؤدى رسالته وينقذ العالم من الانهيار الذي يهدده ، فليست القيادة بالهزل ، إنما هي جد الجد ، فتحتاج إلى جد واجتهاد ، وكفاح وجهاد ، واستعداد أيما استعداد )[12].

      المسئولية العلمية للأسرة المسلمة
      وواجب الأسرة أن تدفع أبناءها إلى طلب العلم وترغبهم فيه وتحفزهم على التفوق والنبوغ حتى يرتقوا بأنفسهم ومجتمعاتهم وينهضوا بأمتهم.

      • ينبغي أن يوجَّه الصبي من صغره إلى طلب العلم لأن العلم في الصغر كالنقش على الحجر والعلم في الكبر كالنقش على الماء ، والطفل يملك من الاستعداد الفطري والصفاء الذهني ما يعينه على حفظ القرآن والأحاديث النبوية ومتون علوم اللغة والشريعة .
      • كما ينبغي أن يُعلم الطفل آداب طلب العلم حتى يتحلى بها : ومن أهمها الإخلاص والتقوى والصدق والصبر وتوقير المعلم وتنظيم الأوقات والاعتدال في المأكل والمشرب والنوم [13] .
      • كذلك ينبغي أن يشجع على القراءة والمطالعة والتدبر والتفكر وأن تراعى المواهب الناشئة والعبقريات المبكرة ويهيأ لها الجو المناسب للتفوق والابتكار.
      • وأن يكون في البيت مكتبة نافعة لجميع أفراد الأسرة إلى جانب ترغيب الطفل في الذهاب إلى المكتبات الثقافية ، وحضور الندوات والمؤتمرات في المساجد والمنتديات وسائر المؤسسات .
      • كما ينبغى توجيه الأولاد إلى مدارسة حياة العلماء فهي حياة زاخرة وحافلة بالعبر والعظات، والمؤلفات في ذلك كثيرة وغزيرة .
      • ومما ينبغي أن يعود عليه الطفل قراءة الصحف والمجلات الدينية والعلمية والثقافية ، ومشاهدة البرامج الهادفة البناءة في التليفزيون والفيديو ، والتدريب على الحاسب الآلي و الاشتراك في شبكات الإنترنت والمشاركة في الرحلات والمسابقات العلمية والثقافية ، ومتابعة الأولاد في المدارس وحفزهم على الجد والاجتهاد ، وتجشم الصعاب في طلب العلم .
      • كما ينبغي تبصيرهم بحاضر الأمة الإسلامية وتذكيرهم بماضيها حتى يأخذوا من ماضيهم لحاضرهم ، ويعرفوا مآثر أسلافهم وحضارتهم التي أضاءت الكون ، والتي اقتبس الغرب من أنوارها وبدءوا من حيث توقفت ، وأن دور هذا النشء أن يعيد أمجاد أسلافه من خلال اجتهاده في طلب العلم فهو دعامة أساسية للنهوض الحضاري .

      حلية طالب العلم من لطائف الآداب
      • للعلم آداب وأخلاق لا بد لطالب العلم أن يتحلى بها: فهي حليته ووسيلته إلى الفلاح والنجاح .
      فالعلم إن لم تكتنفه فضائل *** تعليه كان مطية الإخفاق
      ومن جملة هذه الأخلاق
      1. إخلاص النية لله عز وجل
      فالعلم طاعة وعبادة ، والإخلاص لله تعالى واجب في جميع العبادات وسائر الطاعات قال تعالى (وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاء وَيُقِيمُوا الصَّلَاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ {5}) [14]
      والإخلاص في العلم أن يبتغي به وجه الله تعالى ، فإذا كان هم طالب العلم تحصيل شهادة أو تبوء منصب لكسب منافع مادية فحسب: فإنه لا يكن مخلصا في طلب العلم .
      عَن أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُول اللَّه صَلى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلمْ: (من تعلم علما مما يبتغي بِهِ وجه اللَّه، لاَ يتعلمه إِلاَّ ليصيب بِهِ عرضا من الدنيا، لم يجد عرف الجنة يَوْم القيامة) يعني ريحها.[15]

      2. تقوى الله عز وجل : فالعلماء هم أعرف الناس بالله وأتقاهم له وبالتقوى يزداد العالم علما ، وبالعلم يزداد التقي تقوى قال تعالى (وَاتَّقُواْ اللّهَ وَيُعَلِّمُكُمُ اللّهُ وَاللّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ {282}[16] (إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاء إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ غَفُورٌ {28})
      والتقوى هي جماع كل خير ، ووصية الله للأولين والآخرين قال تعالى في سورة النساء {وَللّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ وَلَقَدْ وَصَّيْنَا الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ مِن قَبْلِكُمْ وَإِيَّاكُمْ أَنِ اتَّقُواْ اللّهَ وَإِن تَكْفُرُواْ فَإِنَّ لِلّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ وَكَانَ اللّهُ غَنِيًّا حَمِيدًا {131}}
      وقال عز وجل في سورة الأنفال {يِا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إَن تَتَّقُواْ اللّهَ يَجْعَل لَّكُمْ فُرْقَاناً وَيُكَفِّرْ عَنكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ {29}}
      أي يجعل لكم ما تٌفرقون به بين الحق والباطل، وبين الصحيح والسقيم ، وبين الغث والسمين وذلك إنما يكون بنور العلم وميزانه ، ونبراسه ومقياسه فالعلم ثمرة من ثمرات التقوى والتقوى سبيل إلى نيل العلم ، والعلم يرقى بصاحبه إلى أعلى درجات المعرفة بالله والخشية من الله ولهذا يؤثر عن الشافعي رحمه الله أنه قال‏:‏
      شكوت إلى وكيع سـوء حفظـي *** فأرشـدني إلى ترك المعـاصي
      وأخبرني بأن العلـم نـور *** ونـور الله لا يهدى لعاصـي .

      3. استحضار القلب عند الطلب ؛ إذ لا بد من ذلك لطالب العلم لأنه إن طلبه دون استحضار قلب وحضور ذهن فلن يحصّل شيئا ، وعلى المعلم أن يستعين بالوسائل المفيدة التي تعين على الانتباه والالتفات إلى العلم والإقبال عليه، كالأسئلة والمحاورات مع الطلبة وتنبيه الغافل منهم والثناء الحسن على النابهين المجتهدين ورصد الجوائز والحوافز لهم وتذكيرهم دوما بفضائل العلم وثمراته العاجلة والآجلة .

      4. علو الهمة : فلا بد لطالب العلم أن تسمو همته في طلبه فيبذل ما في وسعه لتحصيله ولا يركن إلى الكسل والتواني ولا يسوّف ، ويجعل قدوته العلماء العاملين الذين جدوا وتسابقوا في هذا الميدان .
      ** فهذا ابن أبى حاتم الرازى يقول :
      مكثت في مصر سبع سنوات ، لم أذق فيها مرقة ، نهاري أمر على الشيوخ وبالليل أنسخ وأقابل النسخ ، وفي يوم ذهبنا لموعد شيخ فوجـدناه عليلاً فمررنا بالسوق فوجدت سمكة فأعجبتني فاشتريتها وانطلقنا إلى البيت فجاء موعد شيخ فتركناها وانشغلنا عنها ثلاثة أيــام حتى كادت أن تنتن فأكلناها وهى نيئة 0
      ومن النماذج المهمة في علو الهمة : الإمام أبو يوسف القاضي، كان شديد الملازمة لشيخه أبى حنيفة ، لازم مجلسه أكثر من 17 سنة ، ما فاته صلاة الغداة معه ، ولا فارقه في فطر ولا أضحى إلا من مرض ، ( روى محمد بن قدامة ، قال : سمعت شجاع بن مخلد ، قال : سمعت أبا يوسف يقول : مات ابن لي، فلم أحضر جهازه ولا دفنه وتركته على جيراني وأقربائي ، مخافة أن يفوتني من أبي حنيفة شيء لا تذهب حسرته عنى )[17].
      • أيضا من تلك النماذج الرائعة : الإمام الفقيه المؤرخ المحدث المفسر : أبو جعفر محمد بن جرير الطبري ، الذي نشأ الشيخ وترعرع وطلب العلم منذ نعومة أظفاره ، وسرعان ما تفتح عقله ، وبدت عليه علامات النجابة وأمارات النبوغ حتى قال عن نفسه : " حفظت القرآن ولي سبع سنين ، وصليت بالناس وأنا ابن ثماني سنين ، وكتبت الحديث وأنا في التاسعة ".
      ومما يدل على علو همته وقوة تحصيله ما أخبر به عن نفسه قال : " جاءني يوماً رجل فسألني عن شيء في علم العروض ، ولم أكن نشطت له قبل ذلك ، فقلت له : إذا كان غداً فتعال إلىَّ " ، وطلب سِفْرَ العروض للخليل بن أحمد ، فجاءوا له به فاستوعبه وأحاط بقواعده وكلياته في ليلة واحدة ، يقول : " فأمسيت غير عروضي ، وأصبحت عروضياً ". [18]

      5. الحرص على الوقت : ، فالوقت نعمة إلهية تستوجب منا الشكر ، ولقد خلق الله الليل والنهار لتستقيم الحياة ، قال تعالى في سورة إبراهيم ] اللّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ وَأَنزَلَ مِنَ السَّمَاء مَاء فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَرَاتِ رِزْقًا لَّكُمْ وَسَخَّرَ لَكُمُ الْفُلْكَ لِتَجْرِيَ فِي الْبَحْرِ بِأَمْرِهِ وَسَخَّرَ لَكُمُ الأَنْهَارَ {32} وَسَخَّر لَكُمُ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ دَآئِبَينَ وَسَخَّرَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ {33} وَآتَاكُم مِّن كُلِّ مَا سَأَلْتُمُوهُ وَإِن تَعُدُّواْ نِعْمَتَ اللّهِ لاَ تُحْصُوهَا إِنَّ الإِنسَانَ لَظَلُومٌ كَفَّارٌ {34} ( .
      وفي هذه الآيات الكريمة يمتن تعالى على عباده بجملة من نعمه التي لا تحصى ، ومن هذه النعم نعمة الليل والنهار الذي يدور الوقت حولهما ويقوم عليهما وكثير من الناس يغفلون عن هذه النعمة مع جلائها ، قال تعالى في سورة النحل { وَسَخَّرَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالْنَّهَارَ وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَالْنُّجُومُ مُسَخَّرَاتٌ بِأَمْرِهِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَعْقِلُونَ } (12) .
      من هنا تتجلى لنا تلك النعمة الإلهية التي غفل عن شكرها الغافلون ، وتنافس في تبديدها وإهدارها البطالون المبطلون ، وصدق رسول الله صلى الله عليه وسلم حين قال ( نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس الصحة والفراغ ) [19].
      فعلى المؤمن العاقل أن يجدّ في شكر المنعم على نعمة الوقت وأن يوظفه في كل مفيد نافع.
      والوقت أمانة ومسئولية: شأنه في ذلك شأن سائر الأمانات وكافة المسئوليات التي سيسأل عنها الإنسان يوم العرض على الملك الديان ، قال صلى الله عليه وسلم ( لا تزول قدما عبد حتى يسأل عن أربع عن عمره فيم أفناه ، وعن شبابه فيم أبلاه ، وعن ماله من أين أكتسبه وفيم أنفقه ، وعن علمه ماذا عمل به ) [20].
      والوقت من أغلى ما يمتلكه الإنسان: فالوقت هو الحياة ، وهو رأس مال الإنسان ، وإذا ضيعه فلا يمكن بأى حال من الأحوال أن يستردّه ، وشبهه بعض العقلاء بالذهب ، ولكنه أغلى وأنفس من كل نفيس.
      والوقت أنفس ما عُنيت بحفظه ** وأراه أيسرَ ما عليك يهون
      فالوقت أنفس من كل نفيس لأنه جزء من كيان الإنسان ، لأنه أنفاسه المعدودة في هذه الحياة.
      حياتك أنفاس تعدّ فكلما ** مضى نفس منها انتقصت به جزءاً
      والمؤمن وحده هو الذي يعرف قيمة الوقت ، لمعرفته بالغاية التي من أجلها خلق ، قال عز وجل ] وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إلا لِيَعْبُدُونِ {56} مَا أُرِيدُ مِنْهُم مِّن رِّزْقٍ وَمَا أُرِيدُ أَن يُطْعِمُونِ {57} إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ {58} فَإِنَّ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا ذَنُوبًا مِّثْلَ ذَنُوبِ أَصْحَابِهِمْ فَلَا يَسْتَعْجِلُونِ {59} ( .
      وصدق من قال
      إذا كنت أعلم علم اليقين *** بأن جميع حياتي كساعة
      فلم لا أكون ضنينا بها **** وأنفقها في صلاح وطاعة
      *****
      إنما دنياك ســاعة *** فاجعل الساعة طاعة
      واحذر التقصير فيها *** واجتهد ما قدر ساعة
      وإذا أحببت عــزا *** فالتمس عز القناعة .

      حرص السلف الصالح على أوقاتهم
      وقد كان سلفنا الصالح رضوان الله عليهم حريصين أشد الحرص على الانتفاع بأوقاتهم واغتنامها واستثمارها ، فقد كانوا يسابقون الساعات ويبادرون اللحظات ضنّا منهم بالوقت ، وحرصاً على أن لا يذهب منهم سدى .
      قال الصحابى الجليل عبد الله بن مسعود رضي الله عنه ( ما ندمت على شئ ندمى على يوم غربت شمسه ، نقص فيه أجلي ، ولم يزد فيه عملى ).
      وقال الخليفة الصالح عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه إن الليل والنهار يعملان فيك ، فاعمل فيهما ).
      وقال الحسن البصرى رضي الله عنه : يا ابن آدم إنما أنت أيام فإذا ذهب يوم ذهب بعضك ، ويوشك إذا ذهب بعضك أن يذهب كلك وقال أيضاً : أدركـت أقوامـا كانـوا على أوقاتهـم أشـد منكـم حرصـاً على دراهمكم ودنانيركم [21].
      •• أثقل الساعات على الخليل بن أحمد ساعة يأكل فيها ! .
      قال أبو هلال العسكرى في كتابه ( الحــث على طلب العلم والاجتهاد في جمعه )[22] كان الخليل بن أحمد – الفراهيدى البصرى أحد أذكياء العالم (100 :170) هـ يقول أثقل الساعات على : ساعة آكل فيها ، فالله أكبر ما أشد الفناء في العلم عنده ؟! ، وما أوقد الغيرة على الوقت لديه ؟!.
      •• حرص الجاحظ والفتح بن خاقان وإسماعيل القاضى على العلم !
      وروى الخطيب البغدادى في كتابه ( تقييد العلم )[23] عن أبى العباس المبرد ، قال : ما رأيت أحرص على العلم من ثلاثة : الجاحظ – عمرو بن بحر إمام أهل الأدب ، ( 163 -255 ) والفتح بن خاقان – الأديب الشاعر أحد الأذكياء ، من أبناء الملوك ، اتخذه الخليفة المتوكل العباسي وزيرا له وأخاً ، واجتمعت له خزانة كتب حافلة من أعظم الخزائن ، (ت247 هـ)0
      وإسماعيل بن إسحاق القاضي – الإمام الفقيه المالكى البغدادى ( 200 – 282 هـ )
      فأما الجاحظ فإنه كان إذا وقع بيده كتاب قرأه من أوله إلى آخره أى كتاب كان ، حتى إنه كان يكترى دكاكين الوراقين ويبيت فيها للنظر في الكتب.
      وأما الفتح بن خاقان فإنه كان يحمل الكتاب في كمه ، فإذا قام من بين يدى المتوكل للبول أو للصلاة ، أخرج الكتاب فنظر فيه وهو يمشي ، حتى يبلغ الموضع الذي يريده ، ثم يصنع مثل ذلك في رجوعه ، إلى أن يأخذ مجلسه ، فإذا أراد المتوكل القيام لحاجة أخرج الكتاب من كمه وقرأه في مجلس المتوكل إلى حين عوده .
      وأما إسماعيل بن إسحاق القاضى فإنى ما دخلت عليه قط إلا رأيته وفي يده كتاب ينظر فيه أو يقلب الكتب لطلب كتاب ينظر فيه أو ينفض الكتب .
      •• وقال عبيد بن يعيش : أقمت ثلاثين سنة ما أكلت بيدى بالليل ، كانت أختى تلقمنى وأنا أكتب الحديث [24].
      وهذا الإمام جمال الدين القاسمي رحمه الله وقد عاش قرابة خمسين سنة وألف ما يزيد عن خمسين مؤلفاً وكانت حياته زاخرة بالعلم والدعوة والكفاح ، ومع ذلك كان يقول : يا ليت الوقت يباع فأشتريه.
      " وبحرص سلفنا الصالح على أوقاتهم علا قدرهم وسما شأنهم ، وخلد ذكرهم ، أما في زماننا هذا فإن من أبرز أسباب تخلف المسلمين تفننهم وتفانيهم في تدمير وإهدار أوقاتهم في المقاهي والملاهي والطرقات وأمام التلفاز والتسجيلات الصوتية والمرئية وفي غير ذلك من المجالات التي لا فائدة منها ولا ثمرة من ورائها " [25].

      6. الصبر والتحمل
      فطريق العلم ليس مفروشا بالورود والرياحين بل إنه يحتاج إلى صبر ويقين وعزيمة لا تلين ، فالطريق طويل والنفس داعية إلى الملل والسآمة والدعة والراحة فإذا طاوع طالب العلم نفسه قادته إلى الحسرة والندامة .
      وما النفس إلا حيث يجعلها الفتى ****** فإن أطمعت تاقت وإلا تسلتِ
      والنفس كالطفل إن تهمله شب على ***** حب الرضاع وإن تفطمه ينفطم

      " ومن أعظم ميادين الصبر : الصبر في طلب العلم : فلا سبيل إلى طلب العلم إلا بالصبر ، فالصبر يضئ لطالب العلم طريقه ، وهو زاد لا يستغني عنه ، وخلق كريم لا بد وأن يتحلى به ، صبره على مشقة الترحال إلى الشيوخ وطول المكث عندهم والتأدب معهم ، وصبره على المذاكرة والتحصيل ، وفي قصة موسى والخضر دار هذا الحوار بين نبي الله موسى وبين الخضر عليهما السلام قال تعالى في سورة الكهف } قَالَ لَهُ مُوسَى هَلْ أَتَّبِعُكَ عَلَى أَن تُعَلِّمَنِ مِمَّا عُلِّمْتَ رُشْدًا {66} قَالَ إِنَّكَ لَن تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْرًا {67} وَكَيْفَ تَصْبِرُ عَلَى مَا لَمْ تُحِطْ بِهِ خُبْرًا {68} قَالَ سَتَجِدُنِي إِن شَاء اللَّهُ صَابِرًا وَلا أَعْصِي لَكَ أَمْرًا {69} { " [26]
      • كذلك ينبغي على المعلم أن يتحلى بجميل الصبر مع تلاميذه وأن يتسع صدره لأسئلتهم فلا يضيق بهم ذرعا وأن يتحملهم ويحلم بهم ويترفق ويسهّل لهم التحصيل ، اقتداء بنبينا ومعلمنا وحبيبنا محمد صلى الله عليه وسلم الذي مدحه ربه بقوله {َفبِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ اللّهِ لِنتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لاَنفَضُّواْ مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللّهِ إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ {159} }
      7. المثابرة : فطالب العلم لا يعرف الملل ولا الكلل ولا يتوقف عن الطلب ؛ فالعلم بحر لا ساحل له ونهر لا ينقطع ، .. يقول بعض السلف : اطلب العلم من المهد إلى اللحد، أي منذ الطفولة إلى الموت، وكان كثير من السلف يطلبون العلم ويكتبونه، فيدخل أحدهم إلى الأسواق ومعه المحبرة - الدواة التي فيها الحبر - وسنه كبيرة فيُقال : لا تزال تحمل المحبرة ؟ فيقول : مع المحبرة إلى المقبرة، أي لا نزال نواصل العلم.

      البيروني يتعلم مسألة في الفرائض وهو في مرض موته !.
      جاء في معجم الأدباء لياقوت الحموي في ترجمة الإمام الفلكي الرياضي الفذ ، والمؤرخ اللغوي الأديب الأريب ، والعالم بالشريعة ومقارنة الأديان : الجامع لأشتات العلوم أبى الريحان البيروني ( محمد بن أحمد الخوارزمي ( 362 - 440 هـ) :
      حدث الفقيه أبو الحسن على بن عيسى الولوالجي قال : دخلت على أبى الريحان وهو يجود بنفسه ، قد حشرج نفسه ، وضاق به صدره – قد بلغ من العمر 78 سنة – فقال لي في تلك الحال : كيف قلت لي يوماً : حساب الجدات الفاسدة – وهى التي تكون من قبل الأم - ؟.
      فقلت له إشفاقاً عليه : أفي هذه الحالة ؟ قال لي : يا هذا ‍‍ أودّع الدنيا وأنا عالم بهذه المسألة ، ألا يكون خيراً من أن أخليها وأنا جاهل بها ، فأعدت ذلك عليه ، وحفظ ، وخرجت من عنده وأنا في الطريق فسمعت الصراخ ‍! ) انتهى.

      8. مذاكرة العلم : وقد قيل :



      إحياء العلم مذاكرته *** فأدم للعلم مذاكرته
      ولقد كان سلفنا الصالح يتواصون بمذاكرة العلم ، يقول أحدهم: مذاكرة ليلة أحب إلي من إحيائها. يعني : جلوسي في هذه الليلة أتذكر العلم وأتذكر ما حفظته أحب إلي من أن أقومها قراءة وتهجدا وصلاة وركوعا وسجودا .

      9. كتابة ما استفاده : فكلما استفاد فائدة أثبتها معه في دفتر أو ورقة وكررها إلى أن يحفظها . يقول العلماء : " إن ما حفظ فر وما كتب قر " ، أي أن ما كتبته ستجده فيما بعد .. ويشبهون العلم بالصيد، فيقول بعضهم:
      العلم صيد والكتابة قيده *** فاحفظ لصيدك قيده أن يفلت

      10. أن لا يمنعه خجله من السؤال ؛ ولذلك قال بعض السلف : " لا يتعلم العلم مستح ولا مستكبر " ، يحمله تكبره على أن يعجب بنفسه ويبقى على جهله، وكذلك أيضا يحمله خجله عن أن لا يطلب أو يستفيد ممن معه علم فيبقى على جهله.
      روى الإمام مسلم في صحيحه عن عن زينب بنت أبي سلمة، عن أم سلمة؛ قالت:
      جاءت أم سليم إلى النبي صلى الله عليه وسلم. فقالت: يا رسول الله صلى الله عليه وسلم! إن الله لا يستحي من الحق فهل على المرأة من غسل إذا احتلمت؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم "نعم. إذا رأت الماء" فقالت أم سلمة: يا رسول الله! وتحتلم المرأة؟ فقال "تربت يداك. فبم يشبهها ولدها". [27] .
      وهذا ابن عباس رضي الله عنهما : مع حرصه على ملازمة النبي صلى الله عليه وسلم قبل وفاته ، ودعائه له صلى الله عليه وسلم كان مجتهدا في طلب العلم من فقهاء الصحابة بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم فعن عكرمة عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : " لما قبض رسول الله صلى الله عليه وسلم قلت لرجل من الأنصار هلم فلنسأل أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فإنهم اليوم كثير قال فقال واعجبا لك أترى الناس يفتقرون إليك قال فترك ذلك وأقبلت أسأل فإن كان ليبلغني الحديث عن رجل فآتي بابه وهو قائل فأتوسد ردائي على بابه تسفي الريح علي من التراب فيخرج فيراني فيقول يا ابن عم رسول الله ما جاء بك هلا أرسلت إلي فآتيك ؟ فأقول لا أنا أحق أن آتيك فأسأله عن الحديث فعاش الرجل الأنصاري حتى رآني وقد اجتمع الناس حولي ليسألوني فقال هذا الفتى كان أعقل مني " [28] .

      11. العمل بالعلم : فالعلم إن لم يترجم إلى عمل فما الفائدة منه ، فعلى طالب العلم كما يجد في الطلب أن يجد في العمل فإنه أولى الناس بقطف ثمرات علمه ، ولقد مدح الله عز وجل في كتابه الكريم العاملين بما علموا : قال تعالى (فبشر) أجر العاملين وحذرنا الله عز وجل من أن نقول ما لا نفعل قال تعالى (وَالَّذِينَ اجْتَنَبُوا الطَّاغُوتَ أَن يَعْبُدُوهَا وَأَنَابُوا إِلَى اللَّهِ لَهُمُ الْبُشْرَى فَبَشِّرْ عِبَادِ {17} الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ أُوْلَئِكَ الَّذِينَ هَدَاهُمُ اللَّهُ وَأُوْلَئِكَ هُمْ أُوْلُوا الْأَلْبَابِ {18}) سورة الزمر .
      كما ذم الله أولئك الذين لا ينتفعون بما يحملونه من علم وشبههم عز وجل بالحمار الذي يحمل أسفارا لا يعرف قيمتها فضلا عن جهله بما تحويه من درر قال تعالى في سورة الجمعة { مَثَلُ الَّذِينَ حُمِّلُوا التَّوْرَاةَ ثُمَّ لَمْ يَحْمِلُوهَا كَمَثَلِ الْحِمَارِ يَحْمِلُ أَسْفَارًا بِئْسَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِ اللَّهِ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ {5}
      وفي الصحيحين عن أسامة بن زيد رضي الله عنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول (يجاء بالرجل يوم القيامة فيلقى في النار، فتندلق أقتابه في النار، فيدور كما يدور الحمار برحاه، فيجتمع أهل النار عليه فيقولون: أي فلانا ما شأنك؟ أليس كنت تأمرننا بالمعروف وتنهانا عن المنكر؟ قال: كنت آمركم بالمعروف ولا آتيه، وأنهاكم عن المنكر وآتيه). [29]

      12. الدعوة إلى الله تعالى والاجتهاد في نشر العلم : أن يوظف هذا العلم في الدعوة إلى الله تعالى على هدى وبصيرة قال تعالى ( قُلْ هَـذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَاْ وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللّهِ وَمَا أَنَاْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ {108}) فالداعية لا بد وأن يستغل كل مناسبة ويدعو إلى تعالى في شتى الميادين في المسجد وفي المدرسة وفي المعهد وفي السوق وفي الأعياد والمناسبات ، ولقد حث الرسول صلى الله عليه وسلم على نشر العلم ورغبنا فيه فعَن أنس بْن مالك رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُول اللّه صَلى اللّه عَلَيْهِ وَسَلَّمْ: (نضر اللّه عَبْدا سمع مقَالَتي فوعاها، ثُمَّ بلغها عَنْي. فرب حامل فقه غَيْر فقيه. ورب حامل فقه إِلَى من هُوَ أفقه منه). [30]

      وفي الختام نسأل الله عز وجل أن يعلمنا ما ينفعنا وأن ينفعنا بما علمنا ، وأن يجعلنا من " الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه أولئك الذين هداهم الله وأولئك هم أولوا الألباب "

      --------------------
      [1] - سورة طه 114
      [2] - سورة الكهف 66
      [3] - جامع بيان العلم وفضله لابن عبد البر (1 / 419 ) دار ابن الجوزي الطبعة الأولى 1414 هـ
      [4] - رواه البخاري كتاب العلم باب: من يرد الله به خيرا يفقهه في الدين. 1/25 ، ومسلم – كتاب الإمارة باب بيان أن اليد العليا خير من اليد السفلى، وأن اليد العليا هي المنفقة، وأن السفلى هي الآخذة. – رقم / 1037
      [5] - رواه مسلم كتاب الذكر والدعاء – باب فضل الاجتماع على تلاوة القرآن، وعلى الذكر. الحديث رقم: 38 - (2699)
      [6] -رواه الترمذي : في السنن باب فضل طلب العلم - . 5/29 حديث (2785) وقال: حديث حسن غريب .
      [7] - جامع بيان العلم وفضله لابن عبد البر
      (1) يراجع في هذا المقام كتاب /التخلف العلمي في واقع المسلمين المعاصر تأليف د/ أنس أحمد كرزون ، ط دار ابن حزم بيروت لبنان ، وكتاب( الرسول والعلم ) للدكتور القرضاوي ط مؤسسة الرسالة بيروت وكتاب ( الإسلام والطاقات المعطلة ) للشيخ الغزالى ط دار الكتب الحديثة.
      11- لماذا أسلمت للمفكر الفرنسي روجيه جارودي ص 73 ط مكتبة القرآن.
      12- العلم والإيمان د / عبد الغنى الراجحي ص 54 بتصرف .
      13 في ظلال القرآن 3 / 1339
      (1) ماذا خسر العالم الإسلامي بانحطاط المسلمين ص 391 : 392.
      [13] يراجع في هذا المقام أدب الدنيا والدين للماوردي وإحياء علوم الدين للغزالي والجامع في أخلاق الراوي وآداب السامع للخطيب البغدادي 0
      [14] - سورة البينة
      [15] - ‏أخرجـه الإمام أحمد في مسنده 2 / 338، وأبو داود في السنن، كتاب العلم، باب‏:‏ طلب العلم لغير الله تعالى‏ حديث 3647.‏ وابن ماجة في السنن المقدمة، باب‏:‏ الانتفاع بالعلم والعمل به حديث 252
      [16] - سورة البقرة
      1- مناقب أبى حنيفة للإمام الموفق المكى 1/472 .
      [18] - تراجع في ترجمته طبقات الشافعية الكبرى 3 /120 وغاية النهاية في طبقات القراء لابن الجزري 2 / 106 وشذرات الذهب 2 / 260 ووفيات الأعيان لابن خلكان 3/332 وطبقات المفسرين للداودي 2 /110
      [19] -الحديث رواه البخاري في صحيحه عن ابن عباس رضي الله عنهما ‏صحيح البخاري، كتاب الرقاق 1 - باب: ما جاء في الصحة والفراغ، وأن لا عيش إلا عيش الآخرة. الحديث رقم: 6049 [وقوله (مغبون) من الغبن وهو النقص، وقيل: الغبن وهو ضعف الرأي. (الصحة) في الأبدان. (الفراغ) عدم ما يشغله من الأمور الدنيوية].‏
      [20] - الحديث رواه الترمذي في السنن عن ابن مسعود كتاب صفة القيامة باب في القيامة في شأن الحساب والقصاص رقم /2418/ و/2419/ وقال حسن صحيح. ورواه الطبراني والبزار بنحوه عن معاذ بن جبل ورجال الطبراني رجال الصحيح غير صامت بن معاذ وعدي بن عدي الكندي وهما ثقتان.‏يراجع مجمع الزوائد للهيثمي كتاب البعث. باب ما جاء في الحساب. ح 17493 0
      2 نفس المرجع ص 27.
      3 الحث على طلب العلم والاجتهاد في جمعه لأبى هلال العسكرى ص 87 .
      2- تقييد العلم للخطيب البغدادى ص 139.
      24 الجامع لأخلاق الراوي وآداب السامع 2/178 ، وعبيد بن يعيش شيخ البخاري ومسلم تراجع ترجمته في سير أعلام النبلاء للذهبى 11/45.
      [25] - يتيمة الدهر في تفسير سورة العصر للدكتور أحمد الشرقاوي توزيع دار السلام بالقاهرة
      [26] - نفس المرجع ص 77
      [27] - صحيح مسلم. (7) باب وجوب الغسل على المرأة بخروج المني منها. الحديث رقم: 32 (313)
      [28] - الإصابة لابن حجر ترجمة عبد الله بن عباس 4 / 90
      [29] - صحيح البخاري 10 - باب: صفة النار، وأنها مخلوقة. الحديث رقم: 3094وأخرجه مسلم في الزهد والرقائق، باب: عقوبة من يأمر بالمعروف ولا يفعله، رقم: 2989
      [30] - سنن ابن ماجة. افتتاح الكتاب في: الإيمان، وفضائل الصحابة، والعلم (18) بَاب من بلغ علما. الحديث رقم: 236 -

      hgugl tvdqm avdum ,qv,vm uwvdm

      جريمة الخيانة بالزنا في حكم الشرع والدين


      جريمة الخيانة بالزنا في حكم الشرع والدين


      430x300xthumbnail.ph


      جريمة الخيانة بالزنا في حكم الشرع والدين :

      الزِّنا : هو وطءُ الرَّجلِ للمرأة التي لا تَحِلُّ له .
      : الزنا من أعظم الحرام وأكبر الكبائر ، وقد توعد الله المشركين والقتلة بغير حق والزناة بمضاعفة العذاب يوم القيامة والخلود فيه صاغرين مهانين لعظم جريمتهم وقبح فعلهم ، كما قال الله سبحانه : وَالَّذِينَ لا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلا بِالْحَقِّ وَلا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَانًا إِلا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فعلى من وقع في شيء من ذلك التوبة إلى الله سبحانه وتعالى التوبة النصوح ، واتباع ذلك بالإيمان الصادق والعمل الصالح ، وتكون التوبة نصوحا إذا ما أقلع التائب من الذنب ، وندم على ما مضى من ذلك ، وعزم عزما صادقا على أن لا يعود في ذلك ، خوفا من الله سبحانه ، وتعظيما له ، ورجاء ثوابه ، وحذر عقابه ، قال الله تعالى ك وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا ثُمَّ اهْتَدَى فالواجب على كل مسلم ومسلمة أن يحذر هذه الفاحشة العظيمة ووسائلها غاية الحذر ، وأن يبادر بالتوبة الصادقة مما سلف من ذلك ، والله يتوب على التائبين الصادقين ويغفر لهم .

      ومما يدل على عظم شأن الزنا أن الله ـ سبحانه ـ خص حده من بين الحدود بخصائص ،

      قال ابن القيم ـ ، :
      (( وخص سبحانه حد الزنا من بين الحدود بخصائص )) :

      أحدها : القتل فيه بأشنع القتلات ، وحيث خففه جمع فيه بين العقوبة على البدن بالجلد ، وعلى القلب بتغريبه عن وطنه سنة



      الثاني :
      وهذا وإن كان عاماً في سائر الحدود ، ولكن ذكر في حد الزنا خاصة لشدة الحاجة إلى ذكره ؛ فإن الناس لا يجدون في قلوبهم من الغلظة والقسوة على الزاني ما يجدونه على السارق والقاذف وشارب الخمر ؛ فقلوبهم ترحم الزاني أكثر مما ترحم غيره من أرباب الجرائم ، والواقع شاهد بذلك ؛ فنهوا أن تأخذهم هذه الرأفة وتحملهم على تعطيل حد الله .. وسبب هذه الرحمة : أن هذا الذنب يقع من الأشراف والأوساط ، والأرذال ، ووفي النفوس أقوى الدواعي إليه ، والمشارك فيه كثير ، وأكثر أسبابه العشق ، والقلوب مجبولة على رحمة العاشق ، وكثير من الناس يعد مساعدته طاعة وقربة ، وإن كانت الصورة المعشوقة محرمة عليه ، ولا يستنكر هذا الأمر ؛ فإنه مستقر عند من شاء الله من أشباه الأنعام

      الثالث :وأيضاً فإن هذا ذنب غالباً ما يقع مع التراضي من الجانبين ؛ ولا يقع فيه من العدوان والظلم والاغتصاب ما تنفر النفوس منه ، وفيها شهوة غالبة له ، فيصور ذلك لها ، فتقوم بها رحمة تمنع من إقامة الحد ، وهذا كله من ضعف الإيمان وكمال الإيمان أن تقوم به قوة يقيم بها أمر الله ، ورحمة يرحم لها المحدود ؛ فيكون موافقاً لربه ـ تعالى ـ في أمره ورحمته

      الرابع:أنه سبحانه أمر أن يكون حدهما بمشهد من المؤمنين ، فلا يكون في خلوة بحيث لا يراهما أحد، وذلك أبلغ في مصلحة الحد ، وحكمة الزجر !!

      ومما يحسن التنبيه عليه في هذا الشأن : أن فاحشة الزنا تتفاوت بحسب مفاسدها ؛ فالزاني والزانية مع كل أحد أشد من الزنا بواحدة أو مع واحد ، والمجاهر بما يرتكب أشد من الكاتم له ، والزنا بذات الزوج أشد ن الزنا بالتي لا زوج لها ؛ لما فيه من الظلم ، والعدوان عليه ، وإفساد فراشه ، وقد يكون هذا أشد من مجرد الزنا أو دونه

      والزنا بحليلة الجار أعظم من الزنا ببعيدة الدار ، لما يقترن بذلك من أذى الجار ، وعدم حفظ وصية الله ورسوله

      وكذلك الزنا بامرأة الغازي في سبيل الله أعظم إثماً عند الله من الزنا بغيرها ، ولهذا يقال للغازي : خذ من حسنات الزاني ما شئت

      وكذلك الزنا بذوات المحارم أعظم جرماً ، واشنع ، وأفظع ؛ فهو اللهك بعينه

      وكما تختلف درجات الزنا بحسب المزني بها ، فكذلك تتفاوت درجاته بحسب الزمان والمكان ، والأحوال ؛ فالزنا في رمضان ليلاً أو نهاراً أعظم إثماً منه في غيره ، وكذلك في البقاع الشريفة المفضلة هو أعظم منه فيما سواها

      وأما تفاوته بحسب الفاعل : فالزنا من المحصن أقبح من البكر ، ومن الشيخ اقبح من الشاب ، ومن العالم أقبح من الجاهل ، ومن القادر على الاستغناء أقبح من الفقير العاجز

      وقد يقترن بالفاحشة من العشق الذي يوجب اشتغال القلب بالمعشوق ، وتأليهه ، وتعظيمه ، والخضوع له ، والذل له ، وتقديم طاعته وما يأمر به على طاعة الله ، ومعاداة من يعاديه ، وموالاة من يواليه ، ما قد يكون أعظم ضرراً من مجرد ركوب الفاحشة

      أحكام الزنا في الاسلام :

      1 ـ مفاسد الزنا : الزنا حرامٌ ، وهو من كبائـر الذُّنوب ، حتى إن الله عزَّ وجلَّ قد قَرَنـَهُ مع الشرك بالله والقتل في قوله تعالى : (( والذينَ لا يَدْعونَ معَ اللهِ إِلهاً آخرَ ولا يَقتُلونَ النَّفسَ التي حرَّمَ اللهُ إلا بالحقِّ ولا يَزْنونَ ، ومَنْ يفعلْ ذلكَ يَلْقَ أَثاماً * يُضاعَفْ لهُ العذابُ يومَ القيامةِ ويَخْلُدْ فيهِ مُهاناً * إلا مَنْ تابَ وآمنَ وعَمِلَ عملاُ صالحاً فأُولئكَ يبدَّلُ اللهُ سيئاتِهم حسناتٍ وكانَ اللهُ غفوراً رحيماً )) الفرقان 68 – 70 .

      والزنا فعلٌ يُسيء للمجتمع أشدَّ الإساءة فهو يؤدي لاختلاط الأنساب ، وينتهي إلى خراب البيوت وهو من أكثر العوامل التي تدفع إلى الجريمة ، فكم من جنين أُجهض لأنه كان ثمرةً للزنى ! وكم من بنت قُتلت دفاعاً عن شرف العائلة وسُمعتها ! وكم من زوج قَتَلَ زوجتَهُ أو عشيقها أو قتلهما معاً ، وكم من زوجة قتلت زوجها وعشيقته أو قتلتهما معاً انتقاماً للخيانة الزوجية !

      وقد تحدث الإمام ابن القيم عن مفاسد الزنى فقال رحمه الله تعالى : ( والزنا يجمع خلال الشرِّ كلها ، من قلة الدين وذهاب الوَرَع ، وفساد المروءة وقلة الغَيرة ، فلا تجد زانياً معه ورع ولا وفاء ولا صدق في حديث ولا محافظة على صديق ولا غيرة تامة على أهله ! ومن موجباته غضب الربِّ بإفساد حرمة عياله ، ومنها سواد الوجه وظلمته وما يعلوه من الكآبة والمقت ، ومنها ظلمة القلب وطمس نوره .. ومنها أنه يذهب حرمة فاعله ، ويسقط من عين ربه ومن أعين عباده ، ومنها أن يسلبه أحسن الأسماء ويعطيه أضدادها ، ومنها ضيق الصدر وحرجه ، فإن الزناة يعامَلون بضدِّ قصدهم ، فإنَّ من طلب لذة العيش وطيبه بما حرَّمه الله عليه عاقبه بنقيض قصده ، فإن ما عند الله لا يُنال إلا بطاعته ، ولم يجعل الله معصيته سبباً إلى خير قطّ )(1)

      وقد باتت المجتمعات التي حادت عن طريق الهدى تعاني اليوم أشدَّ المعاناة من انتشار فاحشة الزنى ، بعد أن انهارت هناك الأعرافُ الأخلاقيَّةُ ، ناهيك عن الأعراف الدينية ! وصدق رسولُ الله e الذي أخبر عن هذه الحال المُزْريَةِ التي تردَّى فيها كثيرٌ من أمم الأرض ، فقال : ( لا تقومُ السَّاعةُ حتى يَتَسافَدوا في الطريق تَسافُدَ الحميرِ ، قلـتُ : إنَّ ذلك لكائنٌ ؟! قال : نعم ليكونَنَّ )(2)

      ولهذه الأسباب نجد المجتمعات التي حادَتْ عن فطرة الله عزَّ وجلَّ ، وانطلقت وراء شهواتها بلا ضابط من دين ولا أخلاق ، قد باتت اليوم تعاني من الضُّمور السُّكاني ، وأمست مهدَّدةً بالانهيار وربما الانقراض ، بسبب العزوف عن الزواج ، والسعي لإشباع الغريزة الجنسية بالحرام بعد أن فقدت الثقة هناك بين الأزواج والزوجات !

      ( الحواجز التي يمكن أن تحول ما بين الإنسان والوقع في فواحش )


      - خشية الله

      - الانهماك في العمل والرياضة

      - الخوف من الوالدين والأقارب والمعارف

      - الخوف من حدوث الحمل

      - الخوف من الأمراض الجنسية

      - الخوف من الفضيحة

      - الخوف من عقوبة القانون

      - الفواحــــش


      2ـ درجات الزنا :
      والزنا ليس درجة واحدة بل هو درجات بعضها أشد من بعض ، فالزنى بالمحارم هو أشد أنواع الزنى ، وفيه يقول النبي e : ( مَنْ وَقَعَ على ذاتِ محرمٍ فاقتلوه )(4) ، والزنا بذات الزوج أعظم من الزنا بمن لا زوج لها ، إذ فيه انتهاك لحرمة الزوج وتعليق النَّسَب عليه ، فإن كان الزوج جاراً للزاني كان الذَّنْبُ أعظمَ لانضمام الإساءة إلى الجوار ، فإن كان الجارُ قريباً انضمَّ إليه قطيعة الرَّحم فإن كان الجارُ غائباً في طاعةٍ أو طلبِ علمٍ أو جهادٍ ونحوه كان الإثمُ أعظمَ ، فإن كان في الأشهُر الحُرُم أو البلد الحَرام تضاعف الإثمُ !

      3ـ الدفاع عن العِرْض :

      ونظراً لما يترتب على الزنا من مفاسد عظيمة فإنَّ الموتَ دفاعاً عن العرض هو كالشَّهادة في سبيل الله عزَّ وجلَّ ، كما بيَّن النبيُّ e ، فقال : ( من قُتل دون أهله فهو شهيد )(5) ويجب على المرأة أن تدافع عن عرضها إن أمكنها ذلك ، ولا يجوز لها أن تُمَكِّنَ من نفسها أحداً إلا زوجَها ، ولو أدى دفاعُها عن نفسها إلى قتلها ، ولها أن تقتل من يعتدي عليها إذا لم تستطع دفعه بغير القتل ، وإن قتلتْهُ كان دَمُهُ هَدْراً ، وعلى الرجل إذا رأى أحداً يعتدي على امرأة أن يدفعه ولو بالقتل ولا قصاص عليه في ذلك ولا دية(6) ، لأن الأعراضَ حرماتٌ للهِ عزَّ وجلَّ لا يجوز أباحتُها بأيِّ حال من الأحوال .

      4ـ الزنا الموجب للحدّ : هو الوطء المحرم الذي يكون في غير مُلك الواطئ ، وركنه التقاء الختانين ومواراة الحشفة أو رأس الذكر ( Glans ) أي تحقق الإيلاج والوطء ، ولا يشترط الإنزالُ ولا الانتشار عند الإدخال ، فيجب عليه الحدُّ سواء أّنْزَلَ أم لم يُنْزِل ، انتشر ذَكَرُه أم لا ، ويشترط فيه أيضاً(7) :

      * العقل : فلا حدَّ على المجنون ومَـنْ في حكمه .

      * البلوغ : فلا حدَّ على الصبيِّ والبنت اللذين لم يبلغا بعد .

      * تعمُّد الوطء : أي أن يرتكب الزاني الفعل وهو يعلم أنه يطأ امرأة محرَّمة عليه ، أو أن تُمَكِّنَ الزَّانيةُ من نفسها وهي تعلم أن من يطأها مُحَرَّم عليها ، فلا حدَّ على الجاهل والناسي كما يُعذر الجاهل بتحريم الزنا إن كان قريب عهدٍ بالإسلام ، أو نشأ بعيداً عن العلماء ، أما السَّكرانُ المُتَعَدِّي بسُكْرِهِ إذا زنى فقد اتفق الفقهاء أنه يقام عليه الحدُّ .

      * انتفاء الشبهة : عملاً بقاعدة درء الحدود بالشبهات .

      * عدم الإكراه : بأن يكون الزاني والزانية مُخْتارَيْن غير مُكْرَهَيْن ، وهذا عند الشافعية والحنفية ، وأما الحنابلة والمالكية فقد ذهبوا إلى أنَّه يجب الحدُّ على الرجل المُكْرَه ، لأن الزنى لا يتحقق من الرجل عادةً بغير طواعية واختيار منه ، لأن الفعل يحتاج من الرجل انتصاب ( Erection ) القضيب ، وهذا يتعذَّر فعلُهُ بغير طواعية ، وكذلك المرأة المُكْرَهَةُ على الزنا فقد أوجب المالكية في مشهور مذهبهم الحدَّ عليها أيضاً

      * أن تكون المواطئةُ حيَّةً : فلا يجب الحدُّ عند الجمهور بوطء الميتة ، إلا المالكية فيجب الحدُّ عندهم بوطء الميتة سواء كان في دبرها أو في قبلها ، واستثنوا منه الزوج فلا يُحَدُّ عندهم بوطء زوجته الميتة .. ويجب حدُّ الزنا على من أتى امرأةً أجنبيَّةً في دُبُرها أيضاً ( الجمهور وصاحبا أبي حنيفة ) وخصَّ الشافعيةُ الحدَّ بالفاعل فقط ، أمـا المفعول بها فإنَّها تُجلد وتُغَرَّب مُحْصَنَةً كانت أم غير محصنة ، واشترط أبو حنيفة أن يكون الوطءُ في القُبُل ، وإلا يكفي التعزير .

      5 ـ حدُّ الزنا : نظراً لما يترتب على الزنا من انتهاكٍ للأعراض ، واختلاط في الأنساب ، وخراب للبيوت ، وتهديد للمجتمع بالانهيار كما بيَّنا ، فقد كان حدُّ الزنا هو الرَّجْمُ بالحجارة حتى الموت ، وعلى مشهدٍ من الناس بقصد الردع ، هذا إذا كان الزاني مُحْصَناً ، سواء كان رجلاً أم امرأة ، أما الزاني البكر غير المحصن فحدُّه مائة جلدة ، سواء كان ذكراً أم أنثى ، لما جاء في قوله تعالى : (( الزَّانيةُ والزَّاني فاجلِدوا كلَّ واحدٍ منهما مائةَ جلدةٍ ، ولا تأخذْكُمْ بهما رأفَةٌ في دينِ اللهِ إنْ كنتم تؤمنونَ باللهِ واليومِ الآخرِ وليشهدْ عذابَهُما طائفةٌ من المؤمنين )) النور 2 ، واختلف الفقهاء في تغريب الزاني عاماً أو حبسه على أقوال لهم لا مجال لبسطها هنا .

      ويحصل الإحصان الموجب للرجم في الزنى بتوافر الشروط الآتية : البلوغ والعقل والحرية والإسلام والوطء في نكاح صحيح ، ولا يشترط الفقهاء إحصان كل من الزانيين ، فإن كان أحدهما محصناً والآخر غير محصن ، رُجم المحصن ، وجُلد غير المحصن .

      ويثبت الزنا بشهادة أربعة شهداء ، أو إقرار الزاني إقراراً صريحاً لا لَبْسَ فيه ، أو وجود قرينة أكيدة تدلُّ على الزنا ، ولا يُعدُّ الحملُ قرينةً أكيدةً على الزنا عند جمهور الفقهاء لاحتمال أن يكون الحملُ نتيجةَ وطءٍ بالإكراه أو أيَّة شُبهة أخرى تَدْفَعُ الحدَّ ، إلا إذا أقَرَّت الحاملُ نفسها بالزنا صراحةً فإنه يثبت عليها ويقام عليها الحدُّ بعد أن تضع حملها

      ومما تجدر الإشارة إليه هنا أن حد الزنا المفضي إلى الموت ينفذ حتى على البييضة التي تلقح بأكثر من نطفة واحدة ، وهذا ما لاحظه علماء الأجنة ، فإن كل بييضة يباشرها نطفتان أو أكثر مآلها اللهاك هي والنطاف التي باشرتها ، مما يشير إلى أن سنة الله عزَّ وجلَّ هي سنة عامة تسري على كل من يخالف فطرة الله في الخلق .. ولله في خلقه شؤون !

      بيان لمفاسد الزنا والخيانه:

      1- الزنا يجمع خلال الشر كلها من : قلة الدين ، وذهاب الورع ، وفساد المروءة ، وقلة الغيرة ، ووأد الفضيلة

      2ـ يقتل الحياء ويلبس وجه صاحبه رقعة من الصفاقة والوقاحة

      3ـ سواد الوجه وظلمته ، وما يعلوه من الكآبة والمقت الذي يبدو للناظرين

      4ـ ظلمة القلب ، وطمس نوره

      5ـ الفقر اللازم لمرتكبيه ، وفي أثر يقول الله تعالى : (( أما مهلك الطغاة ، ومفقر الزناة)

      6ـ أنه يذهب حرمة فاعله ، ويسقطه من عين ربه وأعين عباده ، ويسلب صاحبه اسم البر، والعفيف ، والعدل ، ويعطيه اسم الفاجر ، والفاسق ، والزاني ، والخائن

      7ـ الوحشة التي يضعها الله في قلب الزاني ، وهي نظير الوحشة التي تعلو وجهه؛ فالعفيف على وجهه حلاوة ، وفي قلبه أنس ، ومن جالسه استأنس به ، والزاني بالعكس من ذلك تماماً

      8ـ أن الناس ينظرون إلى الزاني بعين الريبة والخيانة ، ولا يأمنه أحد على حرمته وأولاده

      9ـ ومن أضراره الرائحة التي تفوح من الزاين ، يشمها كل ذي قلب سليم ، تفوح من فيه ، ومن جسده

      10ـ ضيقة الصدر وحرجه ؛ فإن الزناة يعاملون بضد قصودهم ؛ فإن من طلب لذة العيش وطيبه بمعصية الله عاقبه الله بنقيض قصده ؛ فإن ما عند الله لا ينال إلا بطاعته ، ولم يجعل الله معصيته سبباً إلى خير قط

      11ـ الزاني يعرض نفسه لفوات الاستمتاع بالحور العين في المساكن الطيبة في جنات عدن

      12ـ الزنا يجرئ على قطيعة الرحم وعقوق الوالدين ، وكسب الحرام ، وظلم الخلق ، وإضاعة الأهل والعيال وربما قاد إلى سفك الدم الحرام ، وربما استعان عليه بالسحر والشرك وهو يدري أو لا يدري ؛ فهذه المعصية لا تتم إلا بأنواع من المعاصي قبلها ومعها ، ويتولد عنها أنواع أخرى من المعاصي بعدها ؛ فهي محفوفة بجند من المعاصي قبلها وجند من المعاصي بعدها ، وهي أجلب شيء لشر الدنيا والآخرة ، وأمنع شيء لخير الدنيا والآخرة

      13ـ الزنا يذهب بكرامة الفتاة ويكسوها عاراً لا يقف عندها ، بل يتعداها إلى أسرتها ؛ حيث تدخل العار على أهلها، وزوجها ، وأقاربها ، وتنكس به رؤوسهم بين الخلائق

      14ـ أن العار الذي يلحق من قذف بالزنا أعلق من العار الذي ينجر إلى من رمي بالكفر وأبقى ؛ إلا إن التوبة من الكفر على صدق القاذف تذهب رجسه شرعاً ، وتغسل عاره عادة ، ولا تبقي له في قلوب الناس حطة تنزل به عن رتبة أمثاله ممن ولدوا في الإسلام، بخلاف الزنا ؛ فإن التوبة من ارتكاب فاحشته ـ وإن طهرت صاحبها تطهيراً ، ورفعت عنه المؤاخذة بها في الآخرة ـ يبقى لها أثر في النفوس ، ينقص بقدره عن منزلة أمثاله ممن ثبت لهم العفاف من أول نشأتهم
      وانظر إلى المرأة ينسب إليها الزنا كيف يتجنب الأزواج نكاحها وإن ظهرت توبتها ؛ مراعاة للوصمة التي أُلصقت بعرضها سالفاً ، ويرغبون أن ينكحوا المشركة إذا أسلمت رغبتهم في نكاح الناشئة في الإسلام 0

      15ـ إذا حملت المرأة من الزنا ، فقتلت ولدها جمعت بين الزنا والقتل ، وإذا حملته على الزوج أدخلت على أهلها وأهله أجنبياً ليس منهم ، فورثهم ورآهم وخلا بهم ، وانتسب إليهم وهو ليس منهم إلى غير ذلك من مفاسد زناها

      16ـ أن الزنا جناية على الولد ؛ فإن الزاني يبذر نطفته على وجه يجعل النسمة المخلقة منها مقطوعة عن النسب إلى الآباء ، والنسب معدود من الروابط الداعية إلى التعاون والتعاضد؛ فكان الزنا سبباً لوجود الولد عارياً من العواطف التي تربطه بأدنى قربى يأخذون بساعده إذا زلت به فعله، ويتقوى به اعتصابهم عند الحاجة إليه ،، كذلك فيه جناية عليه ، وتعريض به ؛ لأنه يعيش وضيعاً في الأمة ، مدحوراً من كل جانب ؛ فإن الناس يستخفون بولد الزنا ، وتنكره طبائعهم ، ولا يرون له من الهيئة الاجتماعية اعتباراً ؛ فما ذنب هذا المسكين ؟ وأي قلب يحتمل أن يتسبب في هذا المصير؟!

      17ـ زنا الرجل فيه إفساد المرأة المصونة وتعريضها للفساد والتلف

      18ـ الزنا يهيج العداوات ، ويزكي نار الانتقام بين أهل المرأة وبين الزاني ، ذلك أن الغيرة التي طبع عليها الإنسان على محارمه تملأ صدره عند مزاحمته على موطوءته ، فيكون ذلك مظنة لوقوع المقاتلات وانتشار المحاربات ؛ لما يجلبه هتك الحرمة للزوج وذوي القرابة من العار والفضيحة الكبرى ، ولو بلغ الرجل أن امرأته أو إحدى محارمه قتلت كان أسهل عليه من أن يبلغه أنها زنت
      قال سعد بن عبادة ـ ـ (( لو رأيت رجلاً مع امرأتي لضربته بالسيف غير مصفح ))
      فبلغ ذلك رسول الله فقال : (( أتعجبون من غيرة سعد ! والله لأنا أغير منه ، والله أغير مني ؛ ومن أجل غيرة الله حرم الفواحش ما ظهر منها وما بطن )) [ أخرجه البخاري ومسلم ]

      19ـ للزنا أثر على محارم الزاني ، فشعور محارمه بتعاطيه هذه الفاحشة يسقط جانباً من مهابتهن ـ كما مر ـ ويسهل عليهن بذل أعراضهن ـ إن لم يكن ثوب عفافهن منسوجاً من تربية دينية صادقة بخلاف من ينكر الزنا ويتجنبه ، ولا يرضاه لغيره ؛ فإن هذه السيرة تكسبه مهابة في قلوب محارمه ، وتساعده على أن يكون بيته طاهراً عفيفاً

      20ـ للزنا أضرار جسيمة على الصحة يصعب علاجها والسيطرة عليها ، بل ربما أودت بحياة الزاني ، كالإيدز ، والهربس ، والزهري ، والسيلان ، ونحوها

      21ـ الزنا سبب لدمار الأمة ؛ فقد جرت سنة الله في خلقه أنه عند ظهور الزنا يغضب الله ـ عز وجل ـ ويشتد غضبه ، فلا بد أن يؤثر غضبه في الأرض عقوبة
      قال ابن مسعود ـ ـ : (( ما ظهر الربا والزنا في قرية إلا أذن الله بإهلاكها ))

    2. #2
      • ريشـہ مـبـدع الصورة الرمزية بنت الحجاز
      تاريخ التسجيل
      Feb 2015
      المشاركات
      5,388
      معدل تقييم المستوى
      49

      افتراضي

      شكراً جزيلاً لموضوعك

    3. #3
      • ريشـہ مـبـدع
      تاريخ التسجيل
      Dec 2014
      المشاركات
      7,346
      معدل تقييم المستوى
      54

      افتراضي رد: معني السعاده الحقيقية

      تسلم الأيادي الذهبيه على الطرح الرآئع
      تحية عطرة لِ روحكَ النقية
      شكراً لكَ من القلب على هذآ العطاء
      لكَ ارقى الود و أجزلْ الشكرْ
      دمتَ بِحفظ الله ورعآيتـه

    4. #4
      مديرة قسم ينبع الصورة الرمزية زمن النسيان
      تاريخ التسجيل
      Nov 2014
      المشاركات
      12,199
      معدل تقييم المستوى
      64

      افتراضي رد: معني السعاده الحقيقية

      بين مواضيعكم نجد
      المتعة دائما
      وفقكم الله لقادم اجمــــــــــل

    5. #5
      مديرة عامة الصورة الرمزية قمر الشرقية
      تاريخ التسجيل
      Oct 2014
      المشاركات
      4,389
      معدل تقييم المستوى
      49

      افتراضي رد: معني السعاده الحقيقية


      كلمات رائعه وجميله
      وشكرا لك علىالطرح
      يسلمو
      وتقبل خالص تحياتي

    6. #6
      • ريشـہ مـبـدع الصورة الرمزية مشتاقه للجنه
      تاريخ التسجيل
      Dec 2014
      المشاركات
      13,301
      معدل تقييم المستوى
      66

      افتراضي رد: معني السعاده الحقيقية

      طرح جداً رااائع ,,
      سلمتم وسلمت لنا روووحكـ
      دااام هذا الرقي والجمااال
      شكري معطراً لكـ ولجهوودكـ
      احترااامي

    معلومات الموضوع

    الأعضاء الذين يشاهدون هذا الموضوع

    الذين يشاهدون الموضوع الآن: 1 (0 من الأعضاء و 1 زائر)

    المواضيع المتشابهه

    1. معني الفراق
      بواسطة بنت الديره في المنتدى القصة والرواية
      مشاركات: 6
      آخر مشاركة: 26-03-2017, 09:31 PM
    2. قصة صديقتي الحقيقية
      بواسطة زينة في المنتدى القصة والرواية
      مشاركات: 8
      آخر مشاركة: 28-08-2016, 08:08 PM
    3. معني لا اله الا الله
      بواسطة زمن النسيان في المنتدى من وحي الاسلام
      مشاركات: 2
      آخر مشاركة: 11-05-2015, 07:20 PM
    4. الصداقة الحقيقية
      بواسطة زمن النسيان في المنتدى منتدى المواضيع العامة
      مشاركات: 4
      آخر مشاركة: 20-12-2014, 06:22 PM
    5. السعادهـ الحقيقية
      بواسطة بنت ابوها في المنتدى من وحي الاسلام
      مشاركات: 4
      آخر مشاركة: 11-10-2011, 04:24 PM

    المفضلات

    المفضلات

    ضوابط المشاركة

    • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
    • لا تستطيع الرد على المواضيع
    • لا تستطيع إرفاق ملفات
    • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
    •  
    www.yanbualbahar.com