[align=center][table1="width:95%;background-color:black;border:7px solid red;"][cell="filter:;"][align=center]
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
============
السؤال :
هناك بعض المسيحيين الذين يقولون بوجود بعض المتناقضات في القرآن ،
ويدّعون بأن القرآن يقول بأن ملك الموت واحد (سورة السجدة: 11)
ثم يأتي مرة أخرى ليقول أن ملائكة يتوفون الناس (سورة محمد: 27).
فهل يمكن مساعدتي في الرد على هذا،
إنني أعلم أنه لا يوجد متناقضات في القرآن لذا أخبروني ما هو الخطأ في فكرتهم.
الجواب :
الحمد لله :
أولا :
لا شك في أن القرآن كلام الله الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه ،
وهو كتاب محكم لا اختلاف فيه ولا تناقض .
وما يزعمه البعض من وجود تناقض في القرآن فبسبب قصور علمهم وقلة اطلاعهم وتدبرهم لكلام الله .
قال تعالى : ( أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآَنَ ، وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا ) [النساء/82]
قال ابن كثير رحمه الله : " يقول تعالى آمرا لهم بتدبر القرآن ،
وناهيا لهم عن الإعراض عنه وعن تفهم معانيه المحكمة وألفاظه البليغة ، ومخبرا لهم أنه لا اختلاف فيه ،
ولا اضطراب ، ولا تعارض ؛ لأنه تنزيل من حكيم حميد ،
فهو حق من حق ". انتهى من " تفسير القرآن العظيم" (1/529) .
ثانياً :
جاء في بعض الآيات أن الذي يقبض أرواح الناس ملَك واحد ، كما في قوله تعالى :
( قُلْ يَتَوَفَّاكُمْ مَلَكُ الْمَوْتِ الَّذِي وُكِّلَ بِكُمْ ثُمَّ إِلَى رَبِّكُمْ تُرْجَعُونَ ) [السجدة/11]
ولم يثبت في حديث صحيح تسميته بـ "عزرائيل" كما هو مشهور عند كثير من الناس .
وجاء في آيات أخرى أن الناس تتوفاهم ملائكة لا ملَك واحد ، كقوله تعالى :
( إِنَّ الذين تَوَفَّاهُمُ الملائكة ظالمي أَنْفُسِهِمْ )
[ النساء : 97 ] ا.
وقوله تعالى : ( فَكَيْفَ إِذَا تَوَفَّتْهُمُ الملائكة يَضْرِبُونَ وُجُوهَهُمْ وَأَدْبَارَهُمْ )
[ محمد : 27 ]
وقوله تعالى : (حتى إِذَا جَآءَ أَحَدَكُمُ الموت تَوَفَّتْهُ رُسُلُنَا وَهُمْ لاَ يُفَرِّطُونَ )
[ الأنعام : 61 ]
إلى غير ذلك من الآيات .
ولا تعارض بين هذه الآيات ولا تناقض بحمد الله تعالى ،
وذلك لأن الموكل بقبض الأرواح ملك واحد ،
إلا أن له أعواناً يعملون بأمره ويعينونه على ذلك .
ومما يدل على وجود أعوان لملك الموت ما رواه الإمام أحمد في مسنده (18063)
عَنِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ قَالَ
: قال النبي صلى الله عليه وسلم :
( إِنَّ الْعَبْدَ الْمُؤْمِنَ إِذَا كَانَ فِي انْقِطَاعٍ مِنْ الدُّنْيَا وَإِقْبَالٍ مِنْ الْآخِرَةِ ،
نَزَلَ إِلَيْهِ مَلَائِكَةٌ مِنْ السَّمَاءِ بِيضُ الْوُجُوهِ ، كَأَنَّ وُجُوهَهُمْ الشَّمْسُ ،
مَعَهُمْ كَفَنٌ مِنْ أَكْفَانِ الْجَنَّةِ وَحَنُوطٌ مِنْ حَنُوطِ الْجَنَّةِ ، حَتَّى يَجْلِسُوا مِنْهُ مَدَّ الْبَصَرِ ،
ثُمَّ يَجِيءُ مَلَكُ الْمَوْتِ عَلَيْهِ السَّلَام حَتَّى يَجْلِسَ عِنْدَ رَأْسِهِ ،
فَيَقُولُ : أَيَّتُهَا النَّفْسُ الطَّيِّبَةُ اخْرُجِي إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ اللَّهِ وَرِضْوَانٍ..
فَتَخْرُجُ تَسِيلُ كَمَا تَسِيلُ الْقَطْرَةُ مِنْ فِي السِّقَاءِ ، فَيَأْخُذُهَا ،
فَإِذَا أَخَذَهَا لَمْ يَدَعُوهَا فِي يَدِهِ طَرْفَةَ عَيْنٍ
حَتَّى يَأْخُذُوهَا فَيَجْعَلُوهَا فِي ذَلِكَ الْكَفَنِ وَفِي ذَلِكَ الْحَنُوطِ ،
وَيَخْرُجُ مِنْهَا كَأَطْيَبِ نَفْحَةِ مِسْكٍ وُجِدَتْ عَلَى وَجْهِ الْأَرْضِ .
فَيَصْعَدُونَ بِهَا ...) الخ ، والحديث صححه ابن القيم
في " إعلام الموقعين " (1 / 214) ،
والألباني في "أحكام الجنائز" صـ 159.
فهذا الحديث يدل على أن مع ملك الموت ملائكة آخرين
يأخذون من يده الروح حين يأخذها من بدن الميت .
قال شيخ المفسرين ابن جرير الطبري : " إن قال قائل :
أو ليس الذي يقبض الأرواح ملك الموت ،
فكيف قيل : (توفته رسلنا )، و"الرسل" جملة ، وهو واحد ؟
قيل : جائز أن يكون الله تعالى ذكره أعان ملك الموت بأعوان من عنده ،
فيتولون ذلك بأمر ملك الموت .
فيكون" التوفي" مضافًا إلى ملك الموت ، كما يضاف قتلُ من قتله أعوانُ السلطان ،
وجلدُ من جلدوه بأمر السلطان ، إلى السلطان،
وإن لم يكن السلطان باشر ذلك بنفسه ،
ولا وليه بيده ". انتهى من تفسير الطبري (11/410) بتصرف يسير .
وقال الإمام أبو المظفر السمعاني :
" فإن قيل : قد قال في آية أخرى : ( قُلْ يَتَوَفَّاكُمْ مَلَكُ الْمَوْتِ )
السجدة /11،
وقال هاهنا : ( تَوَفَّتْهُ رُسُلُنَا ) الأنعام /61 ،
فكيف وجه الجمع ؟
قيل : قال إبراهيم النخعي : لملك الموت أعوان من الملائكة ،
يتوفَّوْن عن أمره ؛ فهو معنى قوله : ( توفته رسلنا ) ،
ويكون ملك الموت هو المتوفى في الحقيقة ؛
لأنهم يصدرون عن أمره ،
ولذلك نسب الفعل إليه في تلك الآية . وقيل : معناه :
ذكر الواحد بلفظ الجمع ، والمراد به : ملك الموت . "
وقال القرطبي:
" والتوفي تارة يُضاف إلى ملك الموت ، كما قال :
( قل يتوفاكم ملك الموت ) .
وتارة إلى الملائكة لأنهم يتولون ذلك ، كما في قوله :
( حَتَّى إِذَا جَاءَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ تَوَفَّتْهُ رُسُلُنَا وَهُمْ لَا يُفَرِّطُونَ ) .
وتارة إلى الله وهو المتوفي على الحقيقة ، كما قال :
( الله يتوفى الأنفس حين موتها )
" انتهى من " تفسير القرطبي" (7/7) .
قال الشيخ ابن عثيمين : " إن ملك الموت له أعوان يعينونه على إخراج
الروح من الجسد حتى يوصلوها إلى الحلقوم ،
فإذا أوصلوها إلى الحلقوم قبضها ملك الموت .
وقد أضاف الله تعالى الوفاة إلى نفسه ،
وإلى رسله أي : الملائكة ، وإلى ملك واحد ...
ولا معارضة بين هذه الآيات ، فأضافه الله إلى نفسه ؛
لأنه واقع بأمره ، وأضافه إلى الملائكة ؛
لأنهم أعوان لملك الموت ، وأضافه إلى ملك الموت ؛
لأنه هو الذي تولى قبضها من البدن ". انتهى " الشرح الممتع" (5/ 114)
وينظر : أضواء البيان في تفسير القرآن بالقرآن (6/291) .
ثالثاً :
ننصحك أخي السائل بالابتعاد عن سماع الشبه ،
خاصة مع عدم وجود القدرة العلمية على ردها ،
والانشغال بما ينفعك من العلم النافع والعمل الصالح .
فالاستماع إلى الشبهات من أعظم الفتن التي تضر العبد في دينه ,
ولذلك كان السلف ينهون عن الاستماع لأهل الأهواء والبِدع ،
فكيف بسماع شبه غير المسلمين !!
وللوقوف على خطر الاستماع للشبهات يمكنك الرجوع إلى جواب السؤال (97726) .
الإسلام سؤال وجواب
الشيخ محمد صالح المنجد
[/align][/cell][/table1][/align]
المفضلات