استفزني قلمي ذات صباح من نيسان


كي أغرق في عالم الذكريات ..



فلبيتُ مطلبه و تركته يمتشق ُ أناملي


و يطبرُ في فضاءاتٍ تغري بارتجال الأحلام


حيث مربض طفولتي ..



هناك حيث تلتقي خضرة الغابات النضرة


بزرقة المياه اللازوردية..


هناك.. حيث تتحقق الرؤى في ظلال عرائش الورود..


هناك .. حيث لا هم و لا ألم..


كم جميلٌ أن تحيا دون أعباء الحياة..


حيث الفوضى هي التي ترتب أشياءك..


و التعب من اللعب و تسلق الصخور يحدد أوقات نومك


و توكلُ أمر مركب حياتك لأمهر ربانٍ في الوجود..


هو أمــــــــــــك


لم يكتفِ قلمي المشاكس بزيارة جنوح طفولتي السعيدة ...


بل عزم على اعتصار حبره..


و بادر بالولوج و الزوغان لأعمق الأعمـــــاق..


متحديا إباء مملكة الصمت..


عابرا مساماتٍ أستجمعُ فيها أشيائي المبعثرة..


لأقتفي أثر نبض قلبي الهارب مني


إلى دنيا الأوهـــــــام



هــــــــــــــالهُ ما رأى مني ..



أبدا لم يكن يعلم أنني امرأة ٌ تبنتْ لغةَ الصمت


حتى اختنق نبضُها و آثر عن عالمها الرحيل..


فوقف ذاك القلمُ ذاهلاً منهكاً من السفر


في خضم صمتي الهادر


و بدأ يفكر باللجوء إلى مكان ظليل


حيث لا تلفحه نار زفراتي و تصم أذنه تراتيل العويل



...


طمأنته.. و رحتُ أسردُ عليه قصة حبي الصامت


بطريقة مقتضبة دون أن أطيــــــــــــل


اقتطفتُ تفاصيلها التائهة بين أمواج ٍ من سراب ٍ كليل


...



التقيته..


كان ذلك صدفة و أنا أدرج على جسر الكلمات..


لم ينتبه لوجودي


لأنني كنتُ كالجملة العارضة – لا تؤثر –


في سياق الأسطر و الفقرات..


و كان هو بدراً ساطعا ً مُحاطا بكثيرٍ من النجمات...


وقفتُ على قارعة طريقه أُمارسُ طقوسَ الحب


بحروف صامتـــــات...


حريصةً كل الحرص على ألا يحكم عليَ


متلبسة بالتطفُل عليه


و يكتشف ما تفضحهُ من مشاعر


النظرااااات ..


...


انتظرته طويــــــــلا


و الوهجُ الطافِحُ يلفحني


لا أجد حلاً لإخماد ما في الروح من آهات..



....


عليك َ أن تُقِرَ يا قلمي أنك حاولتَ مرارا..


فضحي بما تُجزِلُ به ُ من خواطر و أبيات...


لكنها كانت كمن يرسم على وجه المــــاء


سرعان ما يضمحلُ ما فيها من معاني في لحظات



.....


أَ أعترفُ أن حبي أخطأ الزمن ؟


و نبضي نشزَ عن النغم ؟


و أقررُ الانزواء بما يحمل خافقي


و أعيشُ على الذكرياااات ؟ !!!



أمْ أُعاند القدر..


و أظل أنتظر لحظة من العمر ؟


تتدلى من سماء ٍ لا تعترف بالقهر ؟


أمْ أرحل عن دنياه


راجية من خالقي الصبر و الستر ..


...



هذه حكايتي أيها القلم


انسلخت من دفاتِ الأيام


و توارت في أثباج الكلمات


فما عادت قادرة على التحمل..


فلجأت إلى فيافي الأحلام الصامتات


تاركة قلبي هائما في دنيا تبدد نورها..


و تاهت في العتمات


يتجاذبني أمل يبشرني بابتسامات


و يأس كمدٍ و جزرٍ تتدافع ضمنهما العبرات .