• دخول الاعضاء

    النتائج 1 إلى 2 من 2

    الموضوع: وقفات تربوية مع قصة موسى عليه السلام والخِضر

    1. #1
      • ريشـہ مـبـدع
      تاريخ التسجيل
      Jul 2017
      المشاركات
      500
      معدل تقييم المستوى
      31

      افتراضي وقفات تربوية مع قصة موسى عليه السلام والخِضر

      نقول بداية أن المعطيات كلما كانت أكثر كلما كانت النتائج أكثر ؛ لكن الغير طبيعي أن تكون المعطيات أكثر والنتائج أقل .
      الآن الأسباب تكاد تكون تامة للعلم لكن النتائج تكون مخيبة للعلم ؛ والمشكلة في سلوك المتعلمين والمعلمين ؛ لكننا الآن نناقش سلوك المتعلمين وهم أبنائنا .
      سواء كان المعلم يسلك طريقًا صحيحًا أو لا فالمطلوب أن أربي ابني على أن العلم طريق مقدس يتقرب به إلى الله وأن أول ما نزل على رسول الله صلى الله عليه وسلم (اقرأ) ؛ فقراءة الطفل للكتاب آية من آيات الله ومنة منه سبحانه علينا .
      👈 90% من أبنائنا الذين يتعلمون هل يشعرون أن التعليم نعمة من الله ..!
      بالطبع لا إلا ما رحم ربي ؛ هم ينتظرون أيام الإجازات بشوق .
      ويخوفنا هذا أن نصير مثل قوم سبأ لما قالوا (ربنا باعِد بين أسفارنا) وأولادنا يقولون : ربنا باعِد بيننا وبين مدارسنا والعلم ؛ بل انظر لتصرفاتهم مع الكتب وبعد نهاية الإختبارات بالإضافة إلى البطر في الأرزاق ونِعم الله ولكن العلم أكثر في البطر لدرجة من كرههم في التعليم كرَّهونا نحن في تعليمهم .
      ▲ إذًا لابد أن ننظر للتعليم على أنه منة ونعمة بل هو من كَرَم الله لقوله تعالى
      (اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ * الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ)
      [سورة العلق 3 - 4]
      فمن آثار كرم الله تعليمه سبحانه لنا بالقلم الكتابة والقراءة بل ومكَّننا من الكتابة وفهم ما نكتبه .. فالعلم منة من الله علينا .
      وحتى نصل لهذه النتيجة نحتاج أن نناقش الطفل في القيم التي تتصل بالعلم :
      🔹 لازم يشعر بالمسئولية ويشعر بالنعمة وأن هناك مسالك لابد أن تسلكها من أجل أن تُحصِّل هذا وهذا ولازم تشكر الله ولازم تستعين بالله .
      وإلا فستتدهور حالته لو ما تعلم هذه القيم ؛ وأنت ترى الآن بعض الشباب الذين أنهوا تعليمهم لما يمرون على مَدرسة يقولون أعوذ بالله ..!
      وهل التعليم شيطان نستعيذ بالله منه ..!!
      هذا لأنه كان يتعلم فقط وبالتالي سيخرج وهو يكره نعمة الله ؛ حتى إن يوم الإجازة بالنسبة لهم عيد ؛ والإجازات المفاجئة لهم تزيدهم انتعاشًا .
      ⬅ هذا مؤشر خطر ⇜ بطر على نعمة الله ولابد من شكرها وسؤال الله الفتح فيها .
      ✖ نحن نقوم ببعض الأخطاء مع الصغار :
      🔸 (1) يدخل الطفل العلم وهو لا يشعر أنها نعمة بل يشعر أنه ابتلاء عليه ؛ وهذه مسئوليتنا نحن أن نُشعره بذلك .. ولكن هل نحن كآباء وأمهات نشعر أنها نعمة ..!!
      🔸 (2) العلم عندنا ليس للعلم وإنما لسوق العمل ؛ يعني أنا كاره العلم لكن غصب عني أُدخله العلم لأن العمل ارتبط بالعلم ؛ فمن البداية أنا نفسي لا أشعر أن العلم نعمة .
      وحقيقة هذا الفكر ليس من ديننا ولا من تفكيرنا ولا من ديارنا بل هو سهم من العدو أصاب مقتلنا وصار سُمه في دمنا ونحن لا نشعر .
      △ الشيخ السعدي رحمه الله صاحب كتاب التفسير : على نور القمر كتب تفسيره وكان يُعلم أربعة من طلابه أصول الفقه في مسجده ؛ والأربعة بقي منهم واحد ؛ فقال له الشيخ السعدي سأعطيك جائزة لما تنتهي .. وهذا الطالب كان ابن عثيمين رحمه الله وكانت الجائزة تفاحة وما كانت معروفة في بلاد الشيخ ابن عثيمين لدرجة أنه سأله هل تؤكل أم تُطبَخ ؛ لأنهم كانوا يتعلمون للعلم ولذلك صاروا علماء رفعهم الله تعالى ونفع بهم وبعلمهم الأمة .
      ⬅ لكن نحن الآن نتعلم حتى نجد وظيفة ثم نُدخل جملة ( وربنا يعطيك أجر على العلم) .. أي أجر هذا بعدما خرقنا عقله بأن العلم للوظيفة ..!!
      فالطفل يريد منك أن تمشي معه في اتجاه واحد وهو أن تقول له أن العلم لتسمو روحك لتكون إنسانًا لتنال أجورًا وتسعد بحياتك .
      لكن تقول له أهم شيئ تُحصِّل درجات ؛ أهم شيئ الثانوية العامة ؛ أريد أن أفخر بك وأرفع رأسي وسط الناس ⬅ كلها نيات باطلة تجعل غايته إرادة العلو .
      وأين مكان التوحيد ..!! فهل يصح أن تجعله آخر مادة تُذاكَر ..!! أو تقول له ذاكره أنت مع نفسك فهذا ليس مُهمًّا ..!!
      بل ووضعنا مقياسًا للذكاء والنباهة ونشدد عليه أنه لازم يكون الأول على زملائه مع أن التنافس ورد في السُّنة منهي عنه :
      * روى مسلم (2563) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، قَالَ : ( إِيَّاكُمْ وَالظَّنَّ ، فَإِنَّ الظَّنَّ أَكْذَبُ الْحَدِيثِ ، وَلَا تَحَسَّسُوا، وَلَا تَجَسَّسُوا، وَلَا تَنَافَسُوا، وَلَا تَحَاسَدُوا، وَلَا تَبَاغَضُوا، وَلَا تَدَابَرُوا، وَكُونُوا عِبَادَ اللهِ إِخْوَانًا) .
      * روى البخاري (3158) ، ومسلم (2961) عن عَمْرَو بْن عَوْفٍ الأَنْصَارِيّ رضي الله عنه عن النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنه قال ( وَاللَّهِ لاَ الفَقْرَ أَخْشَى عَلَيْكُمْ ، وَلَكِنْ أَخَشَى عَلَيْكُمْ أَنْ تُبْسَطَ عَلَيْكُمُ الدُّنْيَا كَمَا بُسِطَتْ عَلَى مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ ، فَتَنَافَسُوهَا كَمَا تَنَافَسُوهَا، وَتُهْلِكَكُمْ كَمَا أَهْلَكَتْهُمْ ) .
      قال الحافظ ابن حجر رحمه الله :
      " التَّنَافُسُ مِنَ الْمُنَافَسَةِ ، وَهِيَ الرَّغْبَةُ فِي الشَّيْءِ وَمَحَبَّةُ الِانْفِرَادِ بِهِ وَالْمُغَالَبَةُ عَلَيْهِ ، وَأَصْلُهَا مِنَ الشَّيْءِ النَّفِيسِ فِي نَوْعِهِ .
      ⬅ سيقال لك طيب وكيف أتشجع ؟
      نقول : لما تستمر في طريق العلم لا تحتاج أحد معك تنافسه حتى تصل قبله ؛ ولازم تشعر بقوله تعالى (خِتَامُهُ مِسْكٌ ۚ وَفِي ذَٰلِكَ فَلْيَتَنَافَسِ الْمُتَنَافِسُونَ)
      [سورة المطففين 26]
      فكلمة (في ذلك) يعني فيما عند الله أي يتنافس فيسلك طريق من سبقه من أهل الحق ليصل إليهم لكن ما يتنافس مع من معه ليصير أعلى منه .
      فبالتنافس بين بعضهم ليصير أحدهم أعلى من الآخر تتدهور حالته وتلاحظ تأخره في الدراسة في الجامعة عما كان عليه في الثانوية العامة لأنه ما وجد أحدًا يتنافس معه في الجامعة كما كان في الثانوية العامة ففشل وبالتالي فسدت النية في العلم .
      بل ومن العجيب أن بعد كل هذا نقول له ( من سلك طريقًا يلتمس فيه علمًا سهل الله له طريقًا إلى الجنة ) ..!!
      وأين الطريق هذا الذي يلتمسه ..!!
      بل هو يلتمس طريقًا للدنيا .
      هذا لأننا للأسف نأت باستشهادات ليست في أماكنها وبالتالي النصوص ما تؤثر فيه ونبقى على هذا الحال معه من رياض أطفال إلى الجامعة .
      👈 ربما تقولون لابد من تشجيع ؛
      نقول التشجيع لابد أن يكون سليمًا من إرادة العلو أو الحسد أو الحقد حتى لا ينجح ويتفوق وهو قلبه مريض ؛ ونحن لا نريد أن نُخرج للمجتمع مرضى نفسيين .
      🔷 إذًا نفهم أن العلم لابد أن يكون آخره (اسجد واقترب) وأوله (اقرأ) ؛ فمقياس صحة العلم أن تنهج فيه منهجًا يوصلك إلى (اسجد واقترب) فتكون ذليلًا لله في علمك وفي كل مكان عملت فيه ؛ ففي النهاية لازم يزكو قلبك ويُطهَّر بالعلم ولا تنتظر المدح من الناس حتى ترضى نفسك .
      ▲▲قال البخاري : باب ما يُستحَب للعالم إذا سُئل أي الناس أعلم فيَكِلْ العلم إلى الله :
      عن سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ قَال َ: قُلْتُ لاِبْنِ عَبَّاس ٍ: إِنَّ نَوْفًا الْبِكَالِىَّ يَزْعُمُ أَنَّ مُوسَى لَيْسَ بِمُوسَى بَنِي إِسْرَائِيلَ ، إِنَّمَا هُوَ مُوسَى آخَرُ .
      فَقَالَ : كَذَبَ عَدُوُّ اللَّهِ ، حَدَّثَنَا أُبَىُّ بْنُ كَعْبٍ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم – قَالَ:
      « قَامَ مُوسَى النَّبِىُّ خَطِيبًا فِى بَنِى إِسْرَائِيلَ (وفي رواية أخرى للبخاري: ذَكَّرَ النَّاسَ يَوْمًا حَتَّى إِذَا فَاضَتِ الْعُيُونُ ، وَرَقَّتِ الْقُلُوبُ وَلَّى ، فَأَدْرَكَهُ رَجُلٌ ، فَقَالَ: أَىْ رَسُولَ اللَّهِ هَلْ فِى الأَرْضِ أَحَدٌ أَعْلَمُ مِنْكَ؟ قَالَ: لا).
      (وفي رواية مسلم: بَيْنَمَا مُوسَى عَلَيْهِ السَّلاَمُ فِى قَوْمِهِ يُذَكِّرُهُمْ بِأَيَّامِ اللَّه (وَأَيَّامُ اللَّهِ: نَعْمَاؤُهُ وَبَلاَؤُهُ ) ، فَسُئِلَ: أَىُّ النَّاسِ أَعْلَمُ؟
      فَقَالَ: أَنَا أَعْلَمُ.
      فَعَتَبَ اللَّهُ عَلَيْهِ ، إِذْ لَمْ يَرُدَّ الْعِلْمَ إِلَيْهِ ، فَأَوْحَى اللَّهُ إِلَيْه ِ: أَنَّ عَبْدًا مِنْ عِبَادِى بِمَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ هُوَ أَعْلَمُ مِنْكَ .
      قَالَ: يَا رَبِّ وَكَيْفَ بِهِ؟
      فَقِيلَ لَهُ : احْمِلْ حُوتًا فِى مِكْتَلٍ فَإِذَا فَقَدْتَهُ فَهْوَ ثَمَّ (وفي رواية أخرى للبخاري: خُذْ نُونًا مَيِّتًا حَيْثُ يُنْفَخُ فِيهِ الرُّوحُ ، فَأَخَذَ حُوتًا فَجَعَلَهُ فِى مِكْتَلٍ ، فَقَالَ لِفَتَاه ُ: لاَ أُكَلِّفُكَ إِلاَّ أَنْ تُخْبِرَنِى بِحَيْثُ يُفَارِقُكَ الْحُوتُ ، قَالَ: مَا كَلَّفْتَ كَثِيرًا ، فَذَلِكَ قَوْلُهُ جَلَّ ذِكْرُهُ ( وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِفَتَاهُ (يُوشَعَ بْنِ نُونٍ ).
      (وفي رواية مسلم : تَزَوَّدْ حُوتًا مَالِحًا فَإِنَّهُ حَيْثُ تَفْقِدُ الْحُوتَ).
      فَانْطَلَقَ وَانْطَلَقَ بِفَتَاهُ يُوشَعَ بْنِ نُونٍ ، وَحَمَلاَ حُوتًا فِى مِكْتَلٍ ، حَتَّى كَانَا عِنْدَ الصَّخْرَةِ وَضَعَا رُءُوسَهُمَا وَنَامَا ، فَانْسَلَّ الْحُوتُ مِنَ الْمِكْتَلِ فَاتَّخَذَ سَبِيلَهُ فِى الْبَحْرِ سَرَبًا ، وَكَانَ لِمُوسَى وَفَتَاهُ عَجَبًا ، فَانْطَلَقَا بَقِيَّةَ لَيْلَتِهِمَا وَيَوْمِهِمَا.
      (وفي رواية البخاري الأخرى : فَبَيْنَمَا هُوَ فِى ظِلِّ صَخْرَةٍ فِى مَكَانٍ ثَرْيَانَ ، إِذْ تَضَرَّبَ الْحُوتُ ، وَمُوسَى نَائِمٌ ، فَقَالَ فَتَاهُ لاَ أُوقِظُهُ حَتَّى إِذَا اسْتَيْقَظَ نَسِىَ أَنْ يُخْبِرَهُ ، وَتَضَرَّبَ الْحُوتُ ، حَتَّى دَخَلَ الْبَحْرَ فَأَمْسَكَ اللَّهُ عَنْهُ جِرْيَةَ الْبَحْرِ حَتَّى كَأَنَّ أَثَرَهُ فِى حَجَرٍ).
      فَلَمَّا أَصْبَحَ قَالَ مُوسَى لِفَتَاه ُ: آتِنَا غَدَاءَنَا ، لَقَدْ لَقِينَا مِنْ سَفَرِنَا هَذَا نَصَبًا ، وَلَمْ يَجِدْ مُوسَى مَسًّا مِنَ النَّصَبِ حَتَّى جَاوَزَ الْمَكَانَ الَّذِى أُمِرَ بِهِ .
      فَقَالَ لَهُ فَتَاهُ : أَرَأَيْتَ إِذْ أَوَيْنَا إِلَى الصَّخْرَةِ فَإِنِّى نَسِيتُ الْحُوتَ(وفي رواية مسلم: وَمَا أَنْسَانِيهُ إِلاَّ الشَّيْطَانُ أَنْ أَذْكُرَهُ وَاتَّخَذَ سَبِيلَهُ فِى الْبَحْرِ عَجَبًا).
      قَالَ مُوسَى: ذَلِكَ مَا كُنَّا نَبْغِى ، فَارْتَدَّا عَلَى آثَارِهِمَا قَصَصًا ، (وفي رواية مسلم: فَأَرَاهُ مَكَانَ الْحُوتِ قَالَ: هَا هُنَا وُصِفَ لِى ، قَالَ: فَذَهَبَ يَلْتَمِسُ فَإِذَا هُوَ بِالْخَضِرِ مُسَجًّى ثَوْبًا مُسْتَلْقِيًا) فَلَمَّا انْتَهَيَا إِلَى الصَّخْرَةِ إِذَا رَجُلٌ مُسَجًّى بِثَوْبٍ - أَوْ قَالَ: تَسَجَّى بِثَوْبِهِ – (في رواية البخاري الأخرى: فَوَجَدَا خَضِرًا عَلَى طِنْفِسَةٍ خَضْرَاءَ عَلَى كَبِدِ الْبَحْرِ - قَالَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ - مُسَجًّى بِثَوْبِهِ قَدْ جَعَلَ طَرَفَهُ تَحْتَ رِجْلَيْهِ ، وَطَرَفَهُ تَحْتَ رَأْسِهِ ، فَسَلَّمَ عَلَيْهِ مُوسَى ، فَكَشَفَ عَنْ وَجْهِهِ ) فَسَلَّمَ مُوسَى .
      فَقَالَ الْخَضِر ُ: وَأَنَّى بِأَرْضِكَ السَّلاَمُ.
      فَقَالَ: أَنَا مُوسَى .
      فَقَالَ: مُوسَى بَنِى إِسْرَائِيلَ؟
      قَالَ: نَعَمْ .
      قَالَ: هَلْ أَتَّبِعُكَ عَلَى أَنْ تُعَلِّمَنِى مِمَّا عُلِّمْتَ رَشَدًا؟
      (في رواية البخاري الأخرى: قَالَ أَمَا يَكْفِيكَ أَنَّ التَّوْرَاةَ بِيَدَيْكَ ، وَأَنَّ الْوَحْىَ يَأْتِيكَ).
      قَالَ: إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِىَ صَبْرًا ، يَا مُوسَى إِنِّى عَلَى عِلْمٍ مِنْ عِلْمِ اللَّهِ عَلَّمَنِيهِ لاَ تَعْلَمُهُ أَنْتَ ، وَأَنْتَ عَلَى عِلْمٍ عَلَّمَكَهُ لاَ أَعْلَمُهُ .
      (وفي رواية مسلم: قَالَ إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِىَ صَبْرًا ، وَكَيْفَ تَصْبِرُ عَلَى مَا لَمْ تُحِطْ بِهِ خُبْرًا ، شَىْءٌ أُمِرْتُ بِهِ أَنْ أَفْعَلَهُ إِذَا رَأَيْتَهُ لَمْ تَصْبِرْ).
      قَالَ: سَتَجِدُنِى إِنْ شَاءَ اللَّهُ صَابِرًا ، وَلاَ أَعْصِى لَكَ أَمْرًا.
      (في رواية مسلم: قَالَ: فَإِنِ اتَّبَعْتَنِى فَلاَ تَسْأَلْنِى عَنْ شَىْءٍ حَتَّى أُحْدِثَ لَكَ مِنْهُ ذِكْرًا).
      فَانْطَلَقَا يَمْشِيَانِ عَلَى سَاحِلِ الْبَحْرِ لَيْسَ لَهُمَا سَفِينَةٌ ، فَمَرَّتْ بِهِمَا سَفِينَةٌ ، فَكَلَّمُوهُمْ أَنْ يَحْمِلُوهُمَا ، فَعُرِفَ الْخَضِرُ ، فَحَمَلُوهُمَا بِغَيْرِ نَوْلٍ ، فَجَاءَ عُصْفُورٌ فَوَقَعَ عَلَى حَرْفِ السَّفِينَةِ ، فَنَقَرَ نَقْرَةً أَوْ نَقْرَتَيْنِ فِى الْبَحْرِ .
      فَقَالَ الْخَضِرُ: يَا مُوسَى ! مَا نَقَصَ عِلْمِى وَعِلْمُكَ مِنْ عِلْمِ اللَّهِ إِلاَّ كَنَقْرَةِ هَذَا الْعُصْفُورِ فِى الْبَحْرِ ، فَعَمَدَ الْخَضِرُ إِلَى لَوْحٍ مِنْ أَلْوَاحِ السَّفِينَةِ فَنَزَعَهُ .
      (وفي رواية البخاري الأخرى: حَتَّى إِذَا رَكِبَا فِى السَّفِينَةِ وَجَدَا مَعَابِرَ صِغَارًا تَحْمِلُ أَهْلَ هَذَا السَّاحِلِ إِلَى أَهْلِ هَذَا السَّاحِلِ الآخَرِ عَرَفُوهُ ، فَقَالُوا عَبْدُ اللَّهِ الصَّالِحُ لاَ نَحْمِلُهُ بِأَجْرٍ ، فَخَرَقَهَا وَوَتَدَ فِيهَا وَتِدًا ).
      فَقَالَ مُوسَى: قَوْمٌ حَمَلُونَا بِغَيْرِ نَوْلٍ ، عَمَدْتَ إِلَى سَفِينَتِهِمْ فَخَرَقْتَهَا لِتُغْرِقَ أَهْلَهَا.
      قَالَ: أَلَمْ أَقُلْ إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِىَ صَبْرًا.
      قَالَ: لاَ تُؤَاخِذْنِى بِمَا نَسِيتُ ، فَكَانَتِ الأُولَى مِنْ مُوسَى نِسْيَانًا .
      فَانْطَلَقَا فَإِذَا غُلاَمٌ يَلْعَبُ مَعَ الْغِلْمَانِ ، فَأَخَذَ الْخَضِرُ بِرَأْسِهِ مِنْ أَعْلاَهُ فَاقْتَلَعَ رَأْسَهُ بِيَدِهِ .
      (في رواية مسلم: فَذُعِرَ عِنْدَهَا مُوسَى عَلَيْهِ السَّلاَمُ ذَعْرَةً مُنْكَرَةً).
      فَقَالَ مُوسَى: أَقَتَلْتَ نَفْسًا زَكِيَّةً بِغَيْرِ نَفْسٍ.
      قَالَ: أَلَمْ أَقُلْ لَكَ إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِىَ صَبْرًا؟ - قَالَ ابْنُ عُيَيْنَةَ وَهَذَا أَوْكَدُ - .
      (في رواية مسلم : فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- عِنْدَ هَذَا الْمَكَانِ « رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَيْنَا وَعَلَى مُوسَى لَوْلاَ أَنَّهُ عَجَّلَ لَرَأَى الْعَجَبَ ، وَلَكِنَّهُ أَخَذَتْهُ مِنْ صَاحِبِهِ ذَمَامَةٌ.
      قَالَ: إِنْ سَأَلْتُكَ عَنْ شَىْءٍ بَعْدَهَا فَلاَ تُصَاحِبْنِى قَدْ بَلَغْتَ مِنْ لَدُنِّى عُذْرًا ، وَلَوْ صَبَرَ لَرَأَى الْعَجَبَ).
      فَانْطَلَقَا حَتَّى إِذَا أَتَيَا أَهْلَ قَرْيَةٍ اسْتَطْعَمَا أَهْلَهَا ، فَأَبَوْا أَنْ يُضَيِّفُوهُمَا ، فَوَجَدَا فِيهَا جِدَارًا يُرِيدُ أَنْ يَنْقَضَّ فَأَقَامَهُ .
      قَالَ الْخَضِرُ بِيَدِهِ فَأَقَامَهُ .
      فَقَالَ لَهُ مُوسَى: لَوْ شِئْتَ لاَتَّخَذْتَ عَلَيْهِ أَجْرًا .
      (في رواية مسلم: فَانْطَلَقَا حَتَّى إِذَا أَتَيَا أَهْلَ قَرْيَةٍ لِئَامًا فَطَافَا فِى الْمَجَالِسِ فَاسْتَطْعَمَا أَهْلَهَا فَأَبَوْا أَنْ يُضَيِّفُوهُمَا).
      قَالَ: هَذَا فِرَاقُ بَيْنِى وَبَيْنِكَ » .
      (في رواية مسلم: قَالَ هَذَا فِرَاقُ بَيْنِى وَبَيْنِكَ وَأَخَذَ بِثَوْبِهِ. قَالَ: سَأُنَبِّئُكَ بِتَأْوِيلِ مَا لَمْ تَسْتَطِعْ عَلَيْهِ صَبْرًا ، أَمَّا السَّفِينَةُ فَكَانَتْ لِمَسَاكِينَ يَعْمَلُونَ فِى الْبَحْرِ إِلَى آخِرِ الآيَةِ ، فَإِذَا جَاءَ الَّذِى يُسَخِّرُهَا وَجَدَهَا مُنْخَرِقَةً فَتَجَاوَزَهَا فَأَصْلَحُوهَا بِخَشَبَةٍ ، وَأَمَّا الْغُلاَمُ فَطُبِعَ يَوْمَ طُبِعَ كَافِرًا وَكَانَ أَبَوَاهُ قَدْ عَطَفَا عَلَيْهِ فَلَوْ أَنَّهُ أَدْرَكَ أَرْهَقَهُمَا طُغْيَانًا وَكُفْرًا فَأَرَدْنَا أَنْ يُبَدِّلَهُمَا رَبُّهُمَا خَيْرًا مِنْهُ زَكَاةً وَأَقْرَبَ رُحْمًا ، وَأَمَّا الْجِدَارُ فَكَانَ لِغُلاَمَيْنِ يَتِيمَيْنِ فِى الْمَدِينَةِ وَكَانَ تَحْتَهُ).
      قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - : « يَرْحَمُ اللَّهُ مُوسَى ، لَوَدِدْنَا لَوْ صَبَرَ حَتَّى يُقَصَّ عَلَيْنَا مِنْ أَمْرِهِمَا ».
      تخريج الحديث:
      رواه البخاري: 122 ، 4449 ، ومسلم: 6315 ، والترمذي: 3149 .
      🔸 لما سُئِلَ موسى عليه السلام : أَىُّ النَّاسِ أَعْلَمُ؟
      فَقَالَ: أَنَا أَعْلَمُ.
      ذلك لأنه نبي رسول من أولي العزم وهو كليم الله ؛ فهو ليس مثل أي إنسان وليس كأي نبي ولا أي رسول ومع ذلك عتب الله عليه ؛
      لذلك لابد أن نراجع أنفسنا ومع أبنائنا في عمليات المدح التي تُسمم مشاعرهم ؛ ولما يتعلموا حرفين تصيبهم مشاعر الإنتفاخ ؛ والمطلوب نسبة العلم إلى الله وشكره سبحانه وتعالى لأنه هو القائل سبحانه ( ففهمناها سليمان) .
      إذًا كيل المدح ليس طريقًا أبدًا لتشجيعهم على العلم بل طريق لإدمان المدح .
      🔸 فَأَوْحَى اللَّهُ إِلَيْه ِ: أَنَّ عَبْدًا مِنْ عِبَادِى بِمَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ هُوَ أَعْلَمُ مِنْكَ .
      قَالَ: يَا رَبِّ وَكَيْفَ بِهِ؟
      وانظر إلى جواب موسى المباشر وهذا دليل أنه محبًّا للعلم طالبًا له .
      🔸 فَقِيلَ لَهُ : احْمِلْ حُوتًا فِى مِكْتَلٍ فَإِذَا فَقَدْتَهُ فَهْوَ ثَمَّ .
      وهذا دليل على علم الله الواسع المحيط وأنه سبحانه هو أعلم .
      🔸 وَنَسِىَ فتاه أَنْ يُخْبِرَهُ ، وَتَضَرَّبَ الْحُوتُ ، حَتَّى دَخَلَ الْبَحْرَ ؛
      فَلَمَّا أَصْبَحَ قَالَ مُوسَى لِفَتَاه ُ: آتِنَا غَدَاءَنَا ، لَقَدْ لَقِينَا مِنْ سَفَرِنَا هَذَا نَصَبًا ، وَلَمْ يَجِدْ مُوسَى مَسًّا مِنَ النَّصَبِ حَتَّى جَاوَزَ الْمَكَانَ الَّذِى أُمِرَ بِهِ .
      فَقَالَ لَهُ فَتَاهُ : أَرَأَيْتَ إِذْ أَوَيْنَا إِلَى الصَّخْرَةِ فَإِنِّى نَسِيتُ الْحُوتَ(وفي رواية مسلم: وَمَا أَنْسَانِيهُ إِلاَّ الشَّيْطَانُ أَنْ أَذْكُرَهُ وَاتَّخَذَ سَبِيلَهُ فِى الْبَحْرِ عَجَبًا).
      قَالَ مُوسَى: ذَلِكَ مَا كُنَّا نَبْغِى ، فَارْتَدَّا عَلَى آثَارِهِمَا قَصَصًا ؛ فَلَمَّا انْتَهَيَا إِلَى الصَّخْرَةِ إِذَا رَجُلٌ مُسَجًّى بِثَوْبٍ - أَوْ قَالَ: تَسَجَّى بِثَوْبِهِ – فَسَلَّمَ مُوسَى .
      🔸 فَقَالَ الْخَضِر ُ: وَأَنَّى بِأَرْضِكَ السَّلاَمُ.
      لأن الأرض التي كان بها الخضر ليس بها سلام
      🔸 فَقَالَ: أَنَا مُوسَى .
      فَقَالَ: مُوسَى بَنِى إِسْرَائِيلَ؟
      قَالَ: نَعَمْ .
      قَالَ: هَلْ أَتَّبِعُكَ عَلَى أَنْ تُعَلِّمَنِى مِمَّا عُلِّمْتَ رَشَدًا؟
      قَالَ: إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِىَ صَبْرًا ، يَا مُوسَى إِنِّى عَلَى عِلْمٍ مِنْ عِلْمِ اللَّهِ عَلَّمَنِيهِ لاَ تَعْلَمُهُ أَنْتَ ، وَأَنْتَ عَلَى عِلْمٍ عَلَّمَكَهُ لاَ أَعْلَمُهُ .
      ⇜ إذًا نستفيد بأنه نسب العلم لله ؛ فلما تُقدِّر ما وُهِب لك فلا تحتقر ما وُهِب لغيرك لأن الله هو الذي وهبه وعلَّمه ولو حصل أن الناس كلهم تعلموا نفس العلم ما اكتملت الدنيا ؛ ولكن الحياة تطيب بالتكامل بيننا وإلا فلا حاجة لبعضنا البعض .
      فهذا أتعلم منه كذا وهذا أتعلم منه كذا وهذا وهذا ولا يمكن لشخص أن آخذ منه كل شيئ ؛ وبهذا يتربى الطفل على الإحترام ويبعد عنه الإحتقار .
      ونحن الآن نرى مثلًا مدير مدرسة أو معلم متميز من مدارس معينة يرى في نفسه أنه فهِّيم ثم لما يقال له ممكن نستفيد من علمك وخبرتك تجده يفكر وينظر لنفسه كأنه شيئ .
      فلابد وأن تدرب ابنك على الصبر بالترغيب والترهيب وبيان النتائج المنتظرة .
      وانظر للبخاري لما رأى من طالبه المتميز أثناء سهرهما الليل يكتبان كأنه ملّ فقال له البخاري أهل المجون مع مجونهم وأهل الليل مع ليلهم وأنت مع رسول الله .. فشُرح صدر الطالب بتلك الكلمات ؛ لكنه لم يقل له سأشتري لك كذا إن فعلت كذا لأنك لما ترفع سقف الجوائز على التافهات لما تأتيك الأشياء العظيمة لا تشعر بها .
      وهذا تلاحظه لما تقول المعلمة للطفل سأضع لك نجمة إن فعلت كذا ولم تقل له سأشتري لك وأفعل لك ؛ لدرجة من فرحته بالنجمة تجده يقول لوالده سأضع لك نجمة .
      لكن كلما رفعت سقف الجوائز سيزيد الطمع ؛ ففي البداية موبايل ثم سيارة ثم يريد ويريد ويزداد طمعه وما فيه شيئ يقنعه .. وهو في الأصل مستعد للتشجيع بكلام بسيط .
      🔸 قَالَ: سَتَجِدُنِى إِنْ شَاءَ اللَّهُ صَابِرًا ، وَلاَ أَعْصِى لَكَ أَمْرًا.
      وهذا معناه أن الإنسان ما يُدرك صفته ويظن في نفسه أنه يستطيع أن ينجز هذا الشيئ ؛ ولا مانع أن يدخل الشيئ وهو يؤمل أنه يستطيع ؛ فإذا أدركت ما وهبك الله فتعود إلى أدراجك أن هذا هو استطاعتك .
      فمثلًا تريد أن تحفظ القرآن ؛ قُل بأمر الله أستطيع ؛ ثم دخلت وبدأت تحفظ وتحفظ وكلما تقدمت تجد نفسك تنسى ؛ وهذا لا يمنعك من الإجتهاد ولكن لتعرف كم أُعطيت من قدرة فلا تتسرع في الحُكم على نفسك أنك لا تستطيع الحفظ ولكن اعرف أن هذه قدرتك ولا تسارع في الحفظ لتسابق الغير فيما لا تستطيعه وجرِّب طريقة أخرى ولا تحتقر ما وهبك الله .
      فمثلًا تجد شخصًا يعرف جيدًا السبع مواضع في القرآن التي ذُكر فيها إستواء الله عزوجل على العرش ولكنه لا يستطيع سرد المواطن ؛
      وآخر مثلًا يعرف مواطن اسم الله الحميد في القرآن ويحفظها ولا يستطيع سرد كتاب الله كله ؛ فكل واحد وهبه الله هبة معينة فلا تحتقر ما أعطاك الله بل جرِّب نفسك ويكفيك أن تعرف ما وهبك الله ؛ والشيئ الذي لا تستطيعه يستطيعه غيرك وهكذا معك .
      فلا تقل أنا لا أستطيع سرد القرآن مثل فلان ؛ فهذه منة الله له فلا تحتقر منته عليك فقد وهبك نعم أخرى فلا تفكر في الناس وفكر في نفسك .
      وهكذا تنبه ابنك على ما أعطاه الله ليشكر نعمه سبحانه ولا يكفرها ؛ ولا مانع أن يخطو خطوة أو خطوتين حتى لو ما استطاع فسيعرف ما أعطاه الله له .
      وهذا تكتشفه مع التجربة ؛ ومع ذلك فحتى الذي وهبك الله إياه تفشل فيه أحيانًا لأنك فقير إلى الله .
      ولا مانع أن يعطيه الله شيئًا عاليًا وأشياء أخرى أقل ؛
      فمثلًا أعطاه الله خط حسن ؛ فأعطيه أنت ما يساعده على أن يكون خطه حسنًا وفي نفس الوقت يكتب الخير وما ينفعه عند ربه خاصة لو كتب سُنة النبي صلى الله عليه وسلم أو كتاب الله ويبقى له عند ربه ؛
      فأنت لا تدري ماذا يبقى وماذا يذهب ؛
      والإمام مالك رحمه الله كان يكتب المُوَطأ وقد كثرت وقتها الموطآت في زمانه ؛ فقيل له يا إمام كثرت الموطآت ؛ فقال : ما كان لله بقي .. وبالفعل نحسبه على خير فقد بقي موطأ الإمام مالك رحمه الله .
      🔸 فَانْطَلَقَا يَمْشِيَانِ عَلَى سَاحِلِ الْبَحْرِ لَيْسَ لَهُمَا سَفِينَةٌ ، فَمَرَّتْ بِهِمَا سَفِينَةٌ ، فَكَلَّمُوهُمْ أَنْ يَحْمِلُوهُمَا ، فَعُرِفَ الْخَضِرُ ، فَحَمَلُوهُمَا بِغَيْرِ نَوْلٍ ، فَجَاءَ عُصْفُورٌ فَوَقَعَ عَلَى حَرْفِ السَّفِينَةِ ، فَنَقَرَ نَقْرَةً أَوْ نَقْرَتَيْنِ فِى الْبَحْرِ .
      فَقَالَ الْخَضِرُ: يَا مُوسَى ! مَا نَقَصَ عِلْمِى وَعِلْمُكَ مِنْ عِلْمِ اللَّهِ إِلاَّ كَنَقْرَةِ هَذَا الْعُصْفُورِ فِى الْبَحْرِ ،
      ⇜ وهذا يقال للصغير أننا نبقى نتعلم ونتعلم ورغم ذلك علمنا في علم الله لا شيئ ؛ حتى إن من نعيم أهل الجنة أن يجتمعوا فيُعلَّمون ما لم يكونوا يعلمون ؛ لكن في الدنيا نقرة أو نقرتين من علم الله ؛
      حتى إن من لطائف الأمور أن ابن حجر رحمه الله وهو يُخرِّج كتاب البخاري قال : أود أن ألقى البخاري في الجنة فأسأله لِمَ عقد باب كذا وكذا .
      إذًا يرون أن الجنة مكان للعلم ؛ فالعلم نعيم لو دخلته في الدنيا فستجد نعيمه هنا ونعيمه في الجنة بل في الجنة أكثر .
      لكن انظر كيف وصَّلنا الصغير إلى أنه يشمئز لما يرى الكتاب ويكره العلم ؛ بل ونقيس كل ما وهبه الله له أنه ما حصل على درجات عالية في العلوم أو الرياضيات فيدخلون في العلم وهم يواجهون صعوبات ؛ وليس المقصود بذلك الكسل والتخلف ولكن من عجائب الأمور أن ينقص عليه هذا ليكمل هذا .
      🔸 فَعَمَدَ الْخَضِرُ إِلَى لَوْحٍ مِنْ أَلْوَاحِ السَّفِينَةِ فَنَزَعَهُ .
      فَقَالَ مُوسَى: قَوْمٌ حَمَلُونَا بِغَيْرِ نَوْلٍ ، عَمَدْتَ إِلَى سَفِينَتِهِمْ فَخَرَقْتَهَا لِتُغْرِقَ أَهْلَهَا.
      ⇜ رد فعل موسى له سببين :
      * عدم استحضاره أن هذا من آثار العلم فنسي أنه مع مُعلم .
      * الطبيعة النفسية بغَض النظر عن النبوة والرسالة وما فيها من سمو تسمو إلا أن تكافئ الإحسان بالإحسان .. وهذا السبب في مكانه .
      🔸 قَالَ: أَلَمْ أَقُلْ إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِىَ صَبْرًا.
      قَالَ: لاَ تُؤَاخِذْنِى بِمَا نَسِيتُ ، فَكَانَتِ الأُولَى مِنْ مُوسَى نِسْيَانًا .
      فَانْطَلَقَا فَإِذَا غُلاَمٌ يَلْعَبُ مَعَ الْغِلْمَانِ ، فَأَخَذَ الْخَضِرُ بِرَأْسِهِ مِنْ أَعْلاَهُ فَاقْتَلَعَ رَأْسَهُ بِيَدِهِ .
      فَقَالَ مُوسَى: أَقَتَلْتَ نَفْسًا زَكِيَّةً بِغَيْرِ نَفْسٍ.
      ⇜ هذه الأمور إدراكها بالمقاييس العقلية لا يُدرك لأن لها علم باطن .
      👈 وقد ذكر الشيخ السعدي رحمه الله عدة فوائد في نهاية تفسيره لقصة موسى والخضر ونذكر منها الآن آخر فائدة وهي :
      أن هذه القضايا التي أجراها الله على يد الخضر هي قَدَر محض جعلها الله على يد هذا العبد الصالح .
      👈 ولكن ؛ لماذا أُخبرنا بهذه الأحداث ؟
      لأنك ممكن أن تصل لشيئ جيد وكامل ثم يأت أحدًا من بعيد ويفسده لك ؛ فمثلًا تفعل معروفًا للناس ويسيئون إليك ؛ أو تُبتلى بموت ابنك ؛ ...
      قال السعدي / ليستدل العباد على ألطافه في أقضيته ؛ فهو سبحانه اللطيف يسوق لك الأقدار والألطاف من حيث لا تحتسب ؛ ولا يمكن لعقلك أن يحسب كيف تأتيك الأرزاق ؛
      فمثلًا لو أنك تأكل بذرة الكتان فهل لعقلك أن يتخيل كيف أتت إليك وكيف زُرعت وأين زُرعت وكيف نُقلت إليك لتكون سببًا لشفائك ..؟
      فمهما شُرح لك لن تستطيع أن تستوعب الأقدار ؛ فألطاف الله مضيق وتجري فيه الأقدار .. فمن الذي سيقول لك أن ظاهر الأمور شر ولكن باطنها خير ؟
      الله يقول لك ذلك في هذه القصة ؛ والقصة تقول لك أن الألطاف تكون من أبواب يكرهونها ؛
      والذي يؤمن أن الله لطيف لا يحسب أبدًا لأنه يؤمن أن الله يرزق بغير حساب ؛ لذلك ليل المؤمن لله لا يشتت نفسه فيه لأن الليل ليس به أسباب ولكن عندك السبب الأعظم وهو أن تدعو وتلهج بالدعاء .
      ⬅ ولماذا لا تأتينا ألطاف الله دائمًا من باب نحبه ؟
      لأنه في ذلك سيستوي الناس وما يدخلون الإختبار ؛ لكن نحن في الدنيا في اختبار ؛ فلو أعطاك الله كل شيئ فأين إذًا الإختبار ..!
      ومن لطف الله وعلمه بضعفنا ما يجعلنا نعيش في الكرب طويلًا بل ويصير بعد ذلك ذكريات والأجور مكتوبة لمن حسن ظنه بربه .
      قال السعدي / وأنه يُقدِّر على العباد أمور يكرهونها كما في قتل الغلام وخرق السفينة وفي الأصل هي لصلاح دينهم ؛ فأراهم نموذجًا من لُطفه سبحانه ليعرفوه ؛ وإذا عرفوه رضوا عنه غاية الرضى على أفعاله سبحانه وتعالى .
      الله تعالى ابتلى المتعلمين بالمعلمين ؛ فإن كان خُلُق المعلم لين ويسير يأتيك الشعور بالإستهتار وإستسهال الأمور لأنك اعتمدت أنك في الوقت الذي تريده ستجده بل وربما يحدث التعدي على المعلم وعدم تقدير ما يعطيه فتترك العلم .
      وإذا كان خُلُق المعلم صعب يصير الطالب في ضيق من شأن المعلم ويترك العلم ؛
      فالناس عندهم المتوفر مُهمَل ؛ والصعب يحصل فيه حالة من المشقة وكلاهما اختبار .
      🔸 مثلًا هذا المعلم الذي يجلس خلف الشاشات وجاء ليُدرس لك ؛ فلو ما كان فيه غياب وحضور تجد الإستهتار من الطالبات ؛ بل وربما تجد الطالب جالس يحكي مع أحد أو يلعب في موبايله لأن ما فيه مراقبين من البشر ؛
      وما يدري أن يوم القيامة سيأخذ المعلم حقه كاملًا من الطالب لأنه جاء وسجَّل وأرهق نفسه فله حق عليك ؛ وأنت قد عقدت عقدًا بينك وبين الله أنك ستطلب العلم وجئت وجلست والملائكة تحيط بك (في مجالس العلوم الدينية) ورغم ذلك ما اهتميت وتظن بعد كل هذا أن ماوراء هذا حساب ..!
      والنتيجة أنه حُرِم العلم وربما لو بذل كل البذل لا يعود له مرة ثانية لأنه استهان في معاملته مع الله .
      ⬅ إذًا أسقط الأشخاص وافهم أن العلم شيئ مقدس جعله الله طريقًا للوصول إليه كما أن الملائكة تبحث عنه .. فلا تكن قصتك أنه مافيه أحد يلاحظني .
      ⬅ الحقيقة أن هذه المشاعر أصلًا ليست موجودة عند الكبار الذين يُعلمون ؛ فلما تجد المشاغبة في المدارس من الطلاب فهذا جزاء من جنس العمل .
      فأحد أسباب ثبات العلم في القلب أن يتأدب المتعلم مع المعلم والنظر إلى أنه عقد مع الله .
      👈 نبدأ في أخذ بعض الفوائد (الخاصة بالمتعلم والمعلم) التي استنبطها الشيخ السعدي رحمه الله من قصة موسى والخضر :
      💕 يقول الشيخ السعدي/
      وفي هذه القصة العجيبة الجليلة من الفوائد والأحكام والقواعد شيء كثير ، ننبه على بعضه بعون الله :
      🔷 فمنها : فضيلة العلم، والرحلة في طلبه، وأنه أهم الأمور .
      فإن موسى عليه السلام رحل مسافة طويلة، ولقي النصب في طلبه، وترك القعود عند بني إسرائيل لتعليمهم وإرشادهم، واختار السفر؛ لزيادة العلم على ذلك.
      △ أما الآن فالعلم لا يحتاج إلى أن ترتحل وكل ما عليك أن تُفرغ نفسك له ؛ وكلما تيسرت الأمور للذهاب للطلب يكون أفضل لكن إذا كان لديك الظروف والمسئوليات فابق في بيتك وتعلم في بيتك والآن بفضل الله أصبح العلم متاحًا للجميع عبر وسائل الإتصال ؛
      لكن كثير من الناس يكسل في رحلة طلب العلم رغم أنك تجدهم ينشطون في الزيارات والذهاب للأسواق لكن عند طلب العلم يستبعدون المسافة رغم أنها ليست خارج المدينة ؛ وهذا الخروج للطلب في شأن الرجال أولى ؛
      كما أن المرأة الآن بفضل الله أصبح ميسر لها الآن الذهاب للطلب لكن إذا لم يتيسر الخروج للطلب فلا تتركين بيتك وتعلمي العلم في بيتك .
      🔷 ومنها : البداءة بالأهم فالأهم، فإن زيادة العلم وعلم الإنسان أهم من ترك ذلك، والاشتغال بالتعليم من دون تزود من العلم، والجمع بين الأمرين أكمل.
      △ وهذا يلاحظه الناس الذين على رأس العلم ويُعلموه ؛ فالأهم زيادة العلم والجمع بين الأمرين أكمل ؛
      فطبيب الأبدان لازم يجدد معلوماته لتبقى له الرخصة لتطبيب الأبدان ؛
      وكذلك من يطبب القلوب لابد أن يبقى دائمًا متعلمًا ولكن لو مااستطاع أن يتعلم ويُعلم يترك التعليم ويطلب العلم حتى لا يقف مُعلما وهو جاهل .
      🔷 ومنها : أن المسافر لطلب علم أو جهاد أو نحوه إذا اقتضت المصلحة الإخبار بمطلبه، وأين يريده، فإنه أكمل من كتمه، فإن في إظهاره فوائد من الاستعداد له عدته، وإتيان الأمر على بصيرة، وإظهارًا لشرف هذه العبادة الجليلة، كما قال موسى: لا أبرح حتى أبلغ مجمع البحرين أو أمضي حقبا ، وكما أخبر النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه حين غزا تبوك بوجهه، مع أن عادته التورية، وذلك تبع للمصلحة.
      △ طبعًا هذا لتنشط نفوس الناس لارسال أبنائهم للتعلم وهذا في علم الشريعة وما يقترب منه .
      🔷 ومنها : أن المعونة تنزل على العبد على حسب قيامه بالمأمور به، وأن الموافق لأمر الله يعان ما لا يعان غيره؛ لقوله: لقد لقينا من سفرنا هذا نصبا ، والإشارة إلى السفر المجاوز لمجمع البحرين،
      * وأما الأول: فلم يشتك منه التعب مع طوله؛ لأنه هو السفر على الحقيقة.
      * وأما الأخير: فالظاهر أنه بعض يوم؛ لأنهم فقدوا الحوت حين أووا إلى الصخرة، فالظاهر أنهم باتوا عندها، ثم ساروا من الغد، حتى إذا جاء وقت الغداء قال موسى لفتاه آتنا غداءنا فحينئذ تذكر أنه نسيه في الموضع الذي إليه منتهى قصده.
      △ لم يجد موسى التعب إلى أن وصل مجمع البحرين لأن الله أعانه لكن لما تعدَّى المأمور به ارتفعت عنه الإعانة ؛
      فأنت مأمور أن تحبس نفسك على طلب العلم وتكتب العلم لأن كتابته قُربى إلى الله تعان عليها ؛ لكن لو تركت كتابة العلم وبدأت تكتب مثلًا ذكرياتك أو غيرها سيثقل عليك كتابة العلم وهذا مؤشر أن طهر نفسك لأن قُربك من الله يُطهر قلبك من الوساوس ويعينك الله وتجد في نفسك الثقل لما تُدرس غير العلم ؛
      مثلًا نحن الآن بفضل الله مجتمعين على طلب العلم ؛ فلما تدرس لوحدك تُعان وتأخذ عون الله لكن لما نجتمع ينزل العون أكثر ويبتعد الشيطان .
      لكن انظر أول ما ننتهي من المجلس ونخرج لانتظار السيارات تجدنا نفتح ونفتح مواضيع في الدنيا في عشر دقائق تشعر فيها أن رأسك ثقيلة والكلام ثقيل على نفسك ؛ لذلك أول ما ينتهي المجلس نُسلم على بعض والسلام عليكم وننصرف ؛
      وهذا ليس معناه ألا يكون فيه علاقات طيبة ولكن احذر ألا تُفكك العلاقات طلب العلم .
      الشاهد ؛ أن العبد كلما اقترب من الله وجد هذا في كل شأنه وخصوصًا في طلب العلم .
      🔷 ومنها: أن ذلك العبد الذي لقياه، ليس نبيا، بل عبدا صالحا؛ لأنه وصفه بالعبودية، وذكر منة الله عليه بالرحمة والعلم، ولم يذكر رسالته ولا نبوته، ولو كان نبيا لذكر ذلك كما ذكره غيره.
      وأما قوله في آخر القصة: وما فعلته عن أمري فإنه لا يدل على أنه نبي وإنما يدل على الإلهام والتحديث، كما يكون [ ص: 977 ] لغير الأنبياء، كما قال تعالى وأوحينا إلى أم موسى أن أرضعيه ، وأوحى ربك إلى النحل أن اتخذي من الجبال بيوتا .
      △ إذًا لا أحد أبدًا يستطيع أن يدَّعي تلك الأمور ويقول ربنا يُعلّمني لأنها كانت خاصة بالخضر لأن الله تعالى أمر موسى أن يذهب إليه ؛
      وهناك بعض الفِرَق تقول أنه لازال الخضر حيا باقيا ؛ لكن حديث النبي صلى الله عليه وسلم أنه على رأس 100 عام من ذلك اليوم لا يكون أحدًا مما هم في ذاك اليوم ..
      إذًا أكيد أن الخضر مات .
      وانتبه لمسألة الأولياء جيدًا لأن هناك من اتخذها لسلب أموال الناس وجعلوا بينهم وبين الله واسطة وأخافوا الناس ممن أطلقوا عليهم الأولياء ؛ وقد جاء النبي صلى الله عليه وسلم بالتوحيد ؛
      فالمؤمن محفوظ في سماء التوحيد أما المشرك فكما قال عنه تعالى
      (حُنَفَاءَ لِلَّهِ غَيْرَ مُشْرِكِينَ بِهِ ۚ وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَكَأَنَّمَا خَرَّ مِنَ السَّمَاءِ فَتَخْطَفُهُ الطَّيْرُ أَوْ تَهْوِي بِهِ الرِّيحُ فِي مَكَانٍ سَحِيقٍ)
      [سورة الحج 31]
      فالمشرك مشتت قلبه بين هذا وهذا من المخلوقين كأنه خر من السماء فتخطفه الطير وهي البدع والشركيات والكفر تقطع قلبه وتشتته وتمزقه أو تأخذه الريح في مكان سحيق في اتجاه واحد فيصير مثلًا صوفي أو شيعي ويتجه اتجاه مخالف لسُنة رسول الله فيزيغ قلبه .

    2. #2
      • ريشـہ مـبـدع
      تاريخ التسجيل
      Jul 2017
      المشاركات
      301
      معدل تقييم المستوى
      30

      افتراضي رد: وقفات تربوية مع قصة موسى عليه السلام والخِضر

      موضوع في قمة الروعه

      لطالما كانت مواضيعك متميزة

      لا عدمنا التميز و روعة الاختيار

      دمت لنا ودام تالقك الدائم

    معلومات الموضوع

    الأعضاء الذين يشاهدون هذا الموضوع

    الذين يشاهدون الموضوع الآن: 1 (0 من الأعضاء و 1 زائر)

    المواضيع المتشابهه

    1. غرق فرعون ونجا موسى عليه السلام شي مذهل
      بواسطة sultan في المنتدى منتدى المواضيع العامة
      مشاركات: 14
      آخر مشاركة: 18-07-2013, 09:09 PM
    2. قصه شمويل عليه السلام وفيها بدء امر داود عليه السلام
      بواسطة شمس ألاحلام في المنتدى من وحي الاسلام
      مشاركات: 6
      آخر مشاركة: 26-11-2011, 04:13 PM
    3. مشاركات: 4
      آخر مشاركة: 19-08-2011, 12:13 AM
    4. وقفات تربوية مع شهر شعبان
      بواسطة ♥} آمـل الـ عٍ ـشآق ♪ في المنتدى من وحي الاسلام
      مشاركات: 5
      آخر مشاركة: 12-07-2011, 09:10 AM
    5. قصة الخضر مع موسى عليه السلام [ تأملات تربوية ]
      بواسطة شمس ألاحلام في المنتدى من وحي الاسلام
      مشاركات: 8
      آخر مشاركة: 25-03-2011, 10:18 PM

    المفضلات

    المفضلات

    ضوابط المشاركة

    • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
    • لا تستطيع الرد على المواضيع
    • لا تستطيع إرفاق ملفات
    • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
    •  
    www.yanbualbahar.com