حقيقة ما يجري في البحرين

الإثنين, 21 شباط/فبراير 2011



الشيخ حامد العلي

الحمد لله ونشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأن محمدًا عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه لا سيما الصديق، والفاروق، وذي النورين، وأبي السبطين، وسلم تسليمًا كثيرًا، وبعد..



قال الحق سبحانه: {وَلِتَسْتَبِينَ سَبِيلُ الْمُجْرِمِينَ} [الأنعام: 55].



قد كتبت عدة فتاوى، ومقالات سابقة في خطر الجيوب الإيرانية المندسة في الخليج، التي هي أدوات المخطط التوسعي الإيراني، وأنها تعمل وفق أجندة مشروع (تصدير الخمينية) الذي يتبناه نظام طهران الحالي، والذي هو أشدّ الأنظمة في المنطقة طغيانًا، ووحشية، واستبدادًا.



وإذا كانت الأنظمة العربية الفاسدة قد طغت على شعبها، فطغاة طهران، قد وسَّعوا طغيانهم -بعد أن ساموا الشعب الإيراني سوء العذاب وانتهكوا حريته، وحقوقه المشروعة حتى تزوير الانتخابات، وقمع وقتل المتظاهرين سلميًّا ضد التزوير كما جرى قبل عامين- فاعتدوا على الأمة الإسلامية بأسرها، وقد شهد العالم أجمع ما فعلوه في العراق من جرائم يندى لها جبين الإنسانية، تفضح ما يحمله هذا النظام الطاغية من أحقاد لا تبلغ أن تصفها الكلمات، كما كانوا أهم أعوان الاحتلال الأمريكي لأفغانستان، وشاركوا في جرائم الإبادة التي تعرض لها الشعب الأفغاني.



وليس ثمة شكّ بما لدينا من دلائل يقينيّة، أن ما يجري في البحرين ليس سوى تحريك إيراني لأحزاب تابعة لطغاة طهران، ضمن مشروع إقليمي يستهدف حضارتنا، وليس الأنظمة السياسية الحالية!



ويرمي إلى القضاء على عقيدة أمتنا الإسلامية، كما يستهدف العروبة ذاتها.



وإنه يختلف تمامًا عن ثورة الشعبين التونسي والمصري، التي نهضت فيها جميع مكونات الشعب لنيل الحقوق والحرية، والخلاص من طغيان النظام، وكان نهوضها ضد الظلم، وللتخلص من المظالم، وفق ثورة شعبية شاملة، التزمت النهج السلمي، والحفاظ على الأمن العام في الجملة، حتى توصلت إلى أهدافها المشروعة.



أما ما يجري في البحرين، فهو كما ذكرنا تحرُّك طائفي يخدم أجندة خارجية، ويمتطي العنف والتخريب، ويعارضه بقية الشعب البحريني. ويعلم هذا الشعب حقيقة نواياها، وأبعاد تآمره على الوطن، من خبرة تراكمت عبر عقود، كشفت حقيقة شخصيّات هذا الحراك، وتنظيماته، وعلاقته الوثيقة بالمخطط الإيراني، كما فضحت سوابقه التي أفصح فيها عن مراميه.



وعليه، فالواجب الشرعي يقتضي التصدّي له، كما يجب تمامًا درء سائر الأخطار عن الأمّة الإسلامية، وفضح القائمين عليه، وبيان حقيقة دعوتهم.




وأما الترويج والدعاية له على أنه ثورة مشروعة لنيل الحقوق والحريات، فهو جريمة تقترف في حقِّ الأمة، وإعانة على أعظم الإثم والعدوان، واشتراك في أخطر مخطّط يمر على أمّتنا.



كما أنه تزييف فاضح للحقيقة، وخلط للأوراق، فالذين يحرّكون هذه الفتنة في البحرين، يفترون الكذب عندما يتحدثون عن مظالم مزعومة، وحقوق مهضومة، وكلُّ من يعرف البحرين، يعلم أنّ بين حالها وبين ما كان يتعرض له الشعبان التونسي والمصري من معاناة - بُعد المشرقين، غير أنّ الذي يحمل دعاة الفتنة في البحرين على زعمهم المطالبة بالحقوق، والدفاع عن الحريات، هو توفير غطاء يستر حقيقة أهدافهم، ويخفي تآمرهم الخارجي مع النظام الإيراني للسيطرة على البحرين، لا سيما ولم يزل هذا النظام يثير قضية أحقيته بالبحرين!!



ولو كان ما يزعمونه حقًّا، لكان الواجب عليهم أن يقنعوا سائر الشعب البحريني، ويجمعوا كل مكوناته، لينضم الشعب كلُّه، حراكًا سلميًّا شاملاً، يحدّد فيه مطالبه، ويذكر مظالمه، ولكن هيهات أن يحدث ذلك! والحال أن الشعب البحريني يعلم من يقف وراء هذه الفتنة الطائفية من جيوب تدربت في إيران، وتتلقى أوامرها من طهران!!




وليعلم من يغترّ بشعارات هؤلاء الذين يثيرون الفتنة اليوم في البحرين، أنهم لو نجحوا في مقاصدهم الخبيثة، فسوف يقيمون نظامًا لا يقارن به أي نظام في المنطقة في الظلم والطغيان والبغي والفساد؛ إذ لن يكون إلاّ صورة مصغرة لنظام طغاة إيران الذي وصفه الكاتب الإيراني الفاضل موسى الموسوي في كتابه (الثورة البائسة) بعد أن خَبَر هذه الثورة عن قُرب.. إذ قال:



"لأول مرة يحدث مثل هذا الانحدار الخطير في تاريخ الإسلام، حيث تقوم شرذمة باسم الدين لتملأ العالم فسادًا ونكرًا وشرًّا، لم يحدث له نظير من قبل ولا من بعد، وإنّ أخطر ما يكمن في هذا الفساد والشر هو أن هذه العصابة، حاولت بكلّ ما أوتيت من قوة وسلطان أن تقلب الموازين الثابتة للأخلاق، وتغير الحدود الرصينة بين الخير والشر، وبين المدنية والهمجية، ولتقضي على كلّ ما سجلته العصور السالفة من الصور الرائعة للفداء والتضحية في سبيل الحرية وكرامة الإنسان، ولتشوّه كلّ ما أعطته الشرائع السماوية للبشرية من خير وسعادة، ولتمحو كلّ ما أملته المثل الأخلاقية في سجل الأخلاق، ولتضرب بعرض الحائط كل ما أملته العقول النيرة من دليل وبرهان".



وفيما يلي روابط لمقالات سابقة ألقت الضوء على خطر المشروع التوسعي الإيراني على البحرين خاصة والخليج عامَّة.. وهي: "العميان-عن-خطر-إيران"، و"بداية نهاية الثورة الصفوية الحاقدة"، و"ما هو أخطر من مخطط تقسيم اليمن"، و"أوجه الشبه بين المشروع الإيراني والمشروع الصهيوني".



وختامًا فهذا القول لا يعني البتة الدفاع عن أي نظام عربي، ولا تبرئته مما فيه، كما لا يتعارض البتة مع الدعوة لوجوب إطلاق مشروع التغيير الكبير الذي دعونا إليه من الخليج إلى المحيط؛ ذلك أنَّنا نعني مشروع التغيير في أمتنا، وليس مشروع تغيير لصالح أعداء أمتنا!!



والله المستعان وهو حسبنا، عليه توكلنا وعليه فليتوكل المتوكلون.



المصدر: موقع إسلاميات.