نبذه عن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه :- [مختصرة]
أبو حفص عمر بن الخطاب (40 ق.هـ / 584م - 23 هـ/ 644 م)
الملقب بـ "الفاروق".
ثاني الخلفاء الراشدين ومن أكابر أصحاب الرسول محمد.
هو أحد العشرة المبشرين بالجنة، ومن علماء الصحابة وزهّادهم.
يعد أوّل من عمل بالتقويم الهجري.
في عهده فتحت بقية العراق وشرقه ومصر وليبيا
والشام وفلسطين وفارس وخرسان وشرق الأناضول
وجنوب أرمينيا وسجستان (أفغانستان الآن)، وصارت القدس
تحت ظل الدولة الإسلامية والمسجد الأقصى ثالث الحرمين
الشريفين تحت حكم المسلمين لأول مرة. وفي عهده قضى
على إحدى أكبر قوتين في زمانه وهي الدولة الفارسية الساسانية،
وأنهى الوجود البيزنطي في مصر والشام.


*- المؤرخ الأمريكي واشنطن ايرفينج
قال في كتابه " محمد وخلفاؤه " :-

[ عمر بن الخطاب - رضي الله عنه -
إن تاريخ عمر
بالكامل يظهر لنا أنه (عمر) كان ذو عقليّة فذّة، ونزاهة ثابتة صلبة،
وعدالة صارمة، وكان أكثر من أي أحد آخر هو المؤسس
للإمبراطورية الإسلامية، مؤكدا ومنفّذا للوحي النبوي، مساعدا ومشاورا
لأبي بكر - رضي الله عنه -
خلال فترة خلافته القصيرة،
وواضعا ومؤسسا للأنظمة واللوائح التي تنظم إدارة القانون
عبر حدود وأنحاء الفتوحات الإسلامية الممتدة بسرعة،
وقد كانت (سياسة) اليد الصارمة التي تعامل بها مع
قادة جيوشه الأكثر شعبية في خضم جيوشهم وفي أبعد
مشاهد إنتصاراتهم، أعطت (هذه السياسة) دليلا بارزا
على قدرته الاستثنائية على الحكم.
من خلال بساطة عاداته وازدرائه لمظاهر البهاء والترف
والأبهة، فقد اقتدى بمثال النبي وأبو بكر- رضي الله عنه -
.
وقد سعى بشكل مستمر ليؤثر ويحث قادة جيوشه على التحلي
بهذه الصفات والسياسات، ففي رسائله لقادة الجيوش كان يقول:
" حذار من الترف الفارسي، سواء في المطعم او في الملبس والزموا عادات بلادكم البسيطة، وسينصركم الله عليهم وسيفتح لكم ."
وقد كانت عقيدته القوية واقتناعه الراسخ بهذه السياسات هي التي جعلته
يتشدد في معاقبة كُلّ أسلوب متباه وإنغماس فاخر في ضبّاطِه.
وبالإضافة لذلك، فإن المراسم المتبّعة (في وقته) تشير بالثناء
على قلبه بالإضافة إلى عقله، فقد نهى أن تُباع أية امرأة وقعت في الأسر وقد وُلد
لها طفل على أنها رقيق، وأما عند توزيع الأعطيات للمسلمين،
من الغنائم أو من بيت المال، فقد قسّمها حسب حاجات وليس
مميزات الطالبين، وكان يقول:
" الله
أعطانا هذه الأشياء الدنيوية لسدّ احتياجاتنا،
وليس لمكافأة فضائلنا، تلك المكافأة حسابها في الآخرة " ]


*- ويقول المستشرق الإسكتلندي
وليم موير في كتابه " صعود وانحدار الخلافة " :-
[ إن حياة عمر
- رضي الله عنه -
لا تتطلب الكثير لإظهار ملامحها،
البساطة والواجب كانتا مبادءه التوجيهية، النزاهة والعدل والتفاني كانت الميزات
الرائدة في حكمه، وكانت تثقل كاهله مسؤولية الخلافة حتى أنه كان يقول:
" يا ليت أمي لم تلدني، او أني كنت قصبا من عشب بدلا من ذلك ".
كان في صباه ذا مزاج ناري سريع الإتّقاد،
ومن ثم عُرف بعد ذلك في الأيام القادمة خلال
صحبته ألأولى لمحمد
كالمحامي الصارم المتأهب للثأر،
ومن ذلك نصيحته بأن يقتل أسارى بدر، ولكن التقدم في العمر فضلا عن كاهل المسؤولية قد خففت من حدّته، وكان حسّه بالعدالة قويّا.
وباستثناء ما وقع بينه وبين خالد بن الوليد - رضي الله عنه -
من المشاحنات،
قإنه لم يسجَّل عليه أي عمل من الطغيان أو الظلم،
وحتى في مسألته مع خالد - رضي الله عنه -
فإنما كانت معاملته له كخصم في الحق وليس لأهواء شخصية. وكان اختياره لقادة
جيوشه خاليا من المحاباة والتفضيلية، وباستثناء عمّار
والمغيرة - رضي الله عنه -
فإن اختياره كان دائما محظوظا.
إن القبائل والجماعات المختلفة في أنحاء الإمبراطورية،
والتي تمثل المصالح الأكثر تنوعا، قد وضعت في
نزاهته الثقة المطلقة، وقد أبقت قبضته القوية على إنضباط القانون
والإمبراطورية... كان يجوب شوارع وأسواق المدينة وسوطه بيده،
جاهزا لمعاقبة المفترين فورا، وهكذا ظهر المثل
" أن درّة عمر (سوطه) مهاب أكثر من سيف غيره ".
ولكن مع كل هذا، فقد كان رقيق القلب، وسجّلت له أفعال من الشفقة
والرحمة لا تعدّ مثل مواساة وتخفيف حاجات الأرامل واليتامى..]

*- وفي كتاب " تاريخ أفول وسقوط الدولة الرومانية "،
يقول المؤرخ الإنجليزي إدوارد جيبون :-
[ ومع ذلك فإن عفّة تواضع عمر - رضي الله عنه -
لم تكن بأقل
مستوى من فضائل أبي بكر - رضي الله عنه -
،
كان طعامه (عمر)- رضي الله عنه -
يتكون من مجرد التمر أو
الخبز، وكان شرابه الماء. وكان يخطب بالناس وعليه ثوب مخرّق
في إثني عشر موضعا.
وقد رآه المرزبان (حاكم مقاطعة فارسي) عندما أتى
زائرا ليؤدي لعمر - رضي الله عنه -
فروض الطاعة، رآه
نائما مع الفقراء المعدمين في أحد طرقات المدينة. إن هذا التواضع
والتسامح مقرونا بزيادة الدخل العام (للدولة) مكّن عمر - رضي الله عنه -

من توزيع الأعطيات على المؤمنين بشكل عادل ومنتظم متجاهلا
لمكافأة نفسه. فمثلا أعطى العباس عم الرسول أول وأعلى المخصصات،
حوالي خمس وعشرين ألف درهم. وخصص خمسة آلاف للمجاهدين
الأولين ممن شهدوا بدرا، أعطى للباقين من أصحاب محمد
ثلاثة
آلاف درهم لكل منهم.
... خلال خلافته ومن سبقه (أبو بكر)- رضي الله عنه -

فقد كان فاتحوا الشرق هم عبيد الله المخلصون، كانت الثروات المجتمعة
مكرّسة للنفقات، للحرب والسلام، في مزيج حكيم من الغنيمة والعدالة.
حافظ هذا على اتحاد وانضباط أهل الصحراء عن طريق سعادة نادرة
كوّنت توازنا بين تنفيذ الحكم المطلق والحكم الجمهوري من خلال
ثوابت متساوية للكل.



مخرج ...
مدح في
عمر - رضي الله عنه -

حسب القوافي و حسبي حين ألقيها **** أني إلى ساحة الفاروق أهديها
لاهم هب لي بيانا أستعين به **** على قضاء حقوق نام قاضـيها
قد نازعتني نفسي أن أوفيها **** وليس في طوق مثلي أن يوفيها
فمر سري المعاني أن يواتيني **** فيها فإني ضعيف الحال واهيها
و راع صاحب كسرى أن رأى عمرا
**** بين الرعية عطلا و هو راعيها
و عهده بملوك الفرس أن لها **** سورا من الجند و الأحراس يحميها
رآه مستغرقا في نومه فرأى **** فيه الجلالة في أسمى معانيها
فوق الثرى تحت ظل الدوح مشتملا **** ببردة كاد طول العهد يبليها
فهان في عينه ما كان يكبره **** من الأكاسر والدنيا بأيديها
و قال قولة حق أصبحت مثلا **** و أصبح الجيل بعد الجيل يرويها
أمنت لما أقمت العدل بينهم **** فنمت نوم قرير العين هانيها

لـ / حآفظ أبراهيم