اولُ مَن خُلقَ المَآءَ ثُم العَرش وهُو مَن تَحمِلهُ مَخلوقآتٌ عِظيمة وهُم المَلـآئِكةُ الثَمآنِيةُ
التَي ورَد ذِكرُهم فِي القُرآنِ الكَرِيم ومِن صِفآتِهم كَمآ ذَكرَ خَيرُ الـأنآم
حَيثُ قَآل [ أذنَ لِي أن احَدِثَ عَن مَلكٍ مِن المَلـآئِكةِ مِن مآ بَينَ شَحمَةِ أذنِهِ إلى عآتِقِه
مَسيرَةُ خَمسمآئَةِ سَنة , أو مَسيرة مآئةُ سَنة ]
هَذآ فَقط مآ بَينَ شَحمةِ أذنِه إلى عآتِقه , فَكيفَ ببقِيّةِ جَسدِه مآذآ تَكون .
وكَذلِكَ بَقيّةُ حَملةِ العَرشِ هَذآ خَلقُهم .
ذُكرَ فِي بَعضِ الـأحآدِيثِ حِينَ خَلقهمُ الله قَآلوآ : لِمآذَآ خَلقتَنآ ؟ قَآل : لِحملِ عَرشِي .
قَآلوآ : كَيفَ نَحملُ عَرشَك وانتَ ربُ العآلَمين ؟ فَقآل لَهُم : احمِلوه بالتَسبِيح .
فَلـآ يَستطَيعُونَ حَملَه إلـآ بِهذآ التَسبِيح . قآلَ تعَآلَى :
[ الَّذِينَ يَحْمِلُونَ الْعَرْشَ وَمَنْ حَوْلَهُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَيُؤْمِنُونَ بِهِ ... ]
وهَذآ التَسبِيحُ هُو مَن أعآنَهم عَلى حَملِ العَرش , وإلـآ فإنّ العَرشَ لـآ يقدُره قَدرهُ إلـآ اللهُ
مَع عِظمَ خَلقِ الملـآئِكةِ الحَملةِ لَه .
لَقد ورَد فِي بَعضِ الـأحآدِيث أنَ العَرشَ عَلى مآء أو بَحر
[ وهُو المَقصُود بأولِ الخَلق ] مَآ بَينَ أسفَله إلى أعلـآه كَمآ
بَينَ سَمآءٍ إلى سَمآء أي مَسيرَة خُمسمآئة عَآم .
وقَد ذُكِر آنِف أن العَرشَ عَلى المَآء . وقِيلَ لـأبنِ عَبآس
عَلى أيّ شَيءٍ المَآء ؟ فَقَآل : عَلى مَتنِ الرِيح .
يَعنِي أنّ اللهَ تَعآلَى قآدِرٌ عَلى أن يَجعَلَ المَآء عَلى غَيرِ قَرآر فَجعلهُ عَلى مَتنِ الرِيح .
الكَثِيرُ مِن النّآس يَتسآئلونَ عَن كَيفيّة العَرش والمَآء وكَم تَبعُد والكَثِير ..
وللـَاسَف يَنسِبُونَ ذلِكَ إلى عِلمِ الغَيب وحَينَ يَتحَدثُ احدٌ عَن هَذِهِ الـأمُور
يأمرونَه بأن يَقطَعَ تَفكِيرَه لِكَي لـآ يَقع فِي مَحضُور ويَتخَيّل مآ يَكونُ كَيفَمآ شَآء
رُغم انّ الرَسولَ صَلوآتُ اللهِ وسَلـآمُه عَليه قَد ذَكر ذَلِك حَيثُ قَآل العَبآسُ بِن عَبدِ المُطلِب رَضِيَ اللهُ عَنه
[ كُنّآ جُلوسَا مَع رَسولِ اللهِ صَلى اللهُ عَليهِ وسَلم بِالبَطحآء فَمرَت سَحآبَة
فَقآلَ رَسولُ اللهِ صَلوآتُ اللهِ وسلـآمُه عَليه : أتدرُونَ مَآ هَذِه ؟
فَقلنَآ : اللهُ ورسُولَهُ اعلَم . فَقآلَ : السَحآب . فَقلنآ السَحآب . فَقآلَ : والمُزن . فَقلنآ : والمُزن .
فَقآل : والعَنآن ثُم سَكتَ ثُم قَآل :تَدرونَ كَم بَينَ السَمآءِ والـأرَض ؟ فَقلنَآ : اللهُ ورسُولهُ أعلَم .
فَقآل : بَينَهمَآ مَسيرَةُ خَمسُمآئَة سَنَة , وبَينَ كُلِ سَمآءٍ إلى السَمآءٍ
التَي تَليَهآ مَسيرَةُ خَمسُمآئَة سَنَة وكُثف كُل سَمآء مَسيرَةُ خَمسُمآئَة سَنَة ,
وفَوقَ السَمآءِ السآبِعَة بَحرٌ بَينَ أعلـآهُ واسفَلِه كَمَآ بَينَ السَمآءِ والـأرَض ,
ثُم فَوقَ ذلِكَ ثَمآنِية أوعآل بَينَ ركبِهم وأظلـآفِهم كَمآ بَينَ السَمآءِ والـأرض , واللهُ فَوق ذَلِكَ
لَيسَ يَخفَى عَليهِ مِن أعمآلِ بَنِي آدَمَ شَي ] .
وَذكَر الحَآفِظُ ابنِ الحآفِظ عَن بَعضِ السَلَف أنّ العَرشَ مَخلوقٌ مِن يآقُوتَةٍ حَمرآء
بُعدَ مَآ بَينَ قُطريهِ مَسيرَةُ خَمسينَ ألفَ سَنة
قآلَ تَعآلَى [ تَعْرُجُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ ] .
وقَد ذَكَرتَ بَعضُ الطَوآئِفِ أنّ العَرشَ فَلكٌ مُستَدِير مِن جَمِيعِ جَوآنِبِه , مُحيط بالعَآلَم مِن كُل جِهة ,
ولِذآ سَموه الفَلك التَآسِع والفَلك الـأطلَس والـأثَير .
وقَد نُفيّ هَذآ الكَلـآمِ مِن قِبلِ الشَرع حَيثُ اثبَت أنّ لَه قَوآئِم تَحمِلهُ المَلـآئِكَة ,
والفَلكُ دُونَ قوآئِمَ ولـآ يُحمَل , وأيضًا العَرشُ
مَوجُودٌ فَوقَ الجَنّة كَمآ ذُكرَ فِي الـأحآدِيثِ الصَحِيحَة والجنّةُ فَوقَ السمآوآت ,
وفِيهآ مآئَةُ دَرجَة , مآ بَينَ كُلِ دَرجَتَينِ
كَمَآ بَينَ السَمآءِ والـأرَض , فالبُعد الذَي بَينَهُ وبَينَ الكُرسِي لَيسَ هُو نِسبة فَلكِ إلى فَلَك .,
وبَعدَ خَلقِ المَآء والعَرش خَلقَ اللهُ القَلَم وقَد ذَكرَ رَسولُنآ صَلوآتُ اللهِ وسَلـآمُه عَليه وصَفه حَيثُ قآل [
إنّ الله خَلقَ لَوحًا مَحفوظًا , مِن دُرةٍ بَيضآء , صَفحآتُهآ يآقوتةٌ حَمرآء , قَلمُه نُور وكِتآبه نُور ,
للهِ فِيه كُل يَومٍ سِتونَ وثلـآثُمآئة لَحظَة , يَخلُق ويرزُق ويُميت ويُحيي , ويُعزُ ويُذِل , ويفَعلُ مَآ يَشآء ] .
وبَعدَ خَلقِ القَلم خَلقَ اللهُ السَمآوآتِ والـأرَض قَآلَ تَعآلَى [
الحَمدُ للهِ الذَي خَلقَ السَمآوآتِ والـأرَض وجَعلَ الظُلمآتِ والنّور ثُم الذَينَ كَفرُوآ بِربّهِم يَعدِلُون ] وقَآل : [
إنّ رَبكُمُ الله الَذي خَلقَ السَمآوآتِ والـأرضَ فِي سِتةِ أيآم ...]
وقَآل تَعآلَى [ قَضَاهُنَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ فِي يَوْمَيْنِ ...] وقَآلَ سُبحآنَه
[ قُلْ أَئِنَّكُمْ لَتَكْفُرُونَ بِالَّذِي خَلَقَ الْأَرْضَ فِي يَوْمَيْنِ وَتَجْعَلُونَ لَهُ أَنْدَادًا ذَلِكَ رَبُّ الْعَالَمِينَ ,
وَجَعَلَ فِيهَا رَوَاسِيَ مِنْ فَوْقِهَا وَبَارَكَ فِيهَا وَقَدَّرَ فِيهَا أَقْوَاتَهَا فِي أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ سَوَاءً لِلسَّائِلِينَ ] .
وقَآل تَعآلَى [ ... اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَوَاتٍ وَمِنَ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَّ ...]
إن السَمآءَ الدُنيآ هِي التَي تَمتدُ مِن فَوقِ رُؤوسِنآ مُرورًا بِالغِلـآفِ الجَويّ
ثُم إلى الفَضآء وحَتى آخَرِ نَجمٍ يُمكِنُ رُؤيتَه ,
فَهذِه كُلهآ سَمآءٌ دُنيآ تُحيطُ بِهآ سِتُ سَمآوآتٍ آخَرَى عَلى شَكلِ طَبقآتٍ بَعضَهَآ فَوقَ بَعض , والـأرضُ
مَن ذَكر القُرآنُ بأنّهآ سَبعَة وهِي طَبقآتُ الـأرضِ وهِي سَبعَة تَختَلفُ إختِلـآفًا جَذريًا
بَين طَبقةٍ وأخرَى , وهِي تِلكَ التَي نَسيرُ عَليهآ مَن تَحتَوي البِحآرَ والجِبآلَ ومخلُوقآتٍ أخَر .
المفضلات