فيه شفاء وغذاء وطاقة للجسم، ويستعير الناس اسمه لوصف الجمال والحﻼ‌وة والطﻼ‌وة والدﻻ‌ل، لذلك فهو غالي الثمن لمن أراد البحث عن أجوده وأفخره، وﻻ‌ بد من سؤال أهل الخبرة عنه ودفع «الشيء الفﻼ‌ني» للحصول عليه، لكن بما أن الله هو مقسم اﻷ‌رزاق والحظوظ فإن بعض الناس يأتيهم أغلى عسل في الدنيا صافيا مصفى، ويقف على أبوابهم متوسﻼ‌ إليهم التفضل بقبوله.. إذا كان أحدكم خبيرا في العسل أرجو أن يفيدني عن أغلى ثمن ﻷ‌فخر كيلو من العسل. ألف ريال، ألفين، ثﻼ‌ثة، مائة ألف؟؟. غلطان يا صاحبي، ومعلوماتك قديمة، أو أن خبرتك فالصو. هل سمعت بكيس من العسل قيمته مليون ريال؟؟ نعم مليون ريال عدا ونقدا.. ﻻ‌ تظن أنني أهلوس تحت وطأة حمى أو شيء آخر من مزيﻼ‌ت العقل، أبدا والله، وإنما قرأت ذلك بعيني وإذا لم تصدقني عليك بقراءة صحف يوم اﻻ‌ثنين التي نشرت خبرا عن محاكمة مسؤول متهم في كارثة سيول جدة أرسل له أحد الراشين كيسا إلى منزله، ثم اتصل به سائﻼ‌: هل هل فتحت الكيس؟ فرد ﻻ‌، فأجابه إن فيه «عسﻼ‌»، وعندما فتحه وجد فيه مليون ريال..
هذا هو الحظ أيها التعساء. تبحثون عن العسل الجيد وتدفعون ثمنه غاليا، بينما أصحاب الكرامات يأتيهم إلى منازلهم أغلى عسل سمعنا به على مر الدهور والعصور، يأتيهم طواعية يطرق أبوابهم ويرجوهم أن يذوقوه.. هذه النماذج الفريدة ليس من عﻼ‌ماتها العسل «أبو مليون» فقط، وإنما أشياء أخرى تشبه المستحيل، فقد جاءته سيارة مرسيدس بنز في كيس أيضا، إذ فوجيء بكيس معلق على باب منزله بداخله لوحة السيارة، العسل في كيس والمرسيدس في كيس، فأين من أكياسه أكياسكم التي ﻻ‌ تحوي غير الخبز والخضار وبقية مقاضي البيت؟؟..
وﻷ‌ن الكرامات تتوالى على هؤﻻ‌ء اﻷ‌ولياء فقد جعل الله لهم بسطة في الرزق ﻻ‌ تؤتى لسواهم، فصاحبنا استطاع أن يدخر بعرق جبينه وتعب وظيفته أربعة مﻼ‌يين ريال عدا ونقدا، خاف عليها من عيون الحساد الذين ﻻ‌ يعملون وﻻ‌ هم لهم سوى مراقبة الناس، فقرر أن يخفيها من تلك العيون الشريرة تحت سرير النوم وخلف مرايا المنزل وفي زوايا الحمامات وتحت السجاد، بدﻻ‌ من إيداعها في أحد حساباته البنكية الخمسة..
الدنيا حظوظ أيها الناس.. بعضها عسل، وبعضها بصل..