الإسلام وغرور الإنسان والغرور مرض فتاك





كثيرا ما يتطاول الإنسان على خالقه دون أن يعلم أنه ضعيف هين لن يبلغ ما يريد إلا بإذن الله ..والإنسان عمره قصير وخطره كبير فقد يطغى ويتمادى فى طغيانه دون أن ينظر إلى آثار البائدين ودون أن يأخذ العبرة من القرون الماضية ونرى القرآن يحذر الإنسان فى صورة وجيزة ليعلم قدره



{ يَا أَيُّهَا الإِنسَانُ مَا غَرَّكَ بِرَبِّكَ الكَرِيمِ } الانفطار6



والغرور مرض فتاك وداء وبيل اهلك الجهلاء من البشر قديما وما زال يهوى بهم حديثا فى ظلمات التيه !! والإنسان العاقل ينبغى أن يدرك قدره .. ويحط من كبره ويدع وراء ظهره الغرور القاتل ولا يتبع الهوى فيضله عن السبيل والناس أضعف من الذباب وان يسلبهم الذباب شيئا لا يستنقذونه منه والإنسان لم يخلق عبثا ولم يترك سدى ..لكن كل شئ بمقدار أجله ورزقه وعمله .. هو موقوف ومحاسب ومجازى إما حسابا يسيرا و إما حسابا عسيرا .فان تطاول فعليه أن يعلم أن فرعون قديما قال



{ أَنَا رَبُّكُمُ الأَعْلَى }النازعات 24 فكان العقاب الرادع جزاء التطاول السافر وقارون اغتر بماله فخسف الله به وبداره الأرض و هكذا كان مصير الطغاة من البشر وأمم أهلكت عن آخرها بسبب الطغيان والغرور وتكذيب الرسل فحقت عليهم كلمة الله إن الله يخاطب الإنسان باسمه



{ يَا أَيُّهَا الإِنسَانُ }الانفطار6 . ويعاتبه ذلك العتاب المخجل { مَا غَرَّكَ بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ }الانفطار



6 فيقف أمامه مقصرا مذنبا مغترا غير مقدر لجلال الله ولا متأدب فى جنابه . ثم يواجهه مذكرا إياه بالنعم الكثيرة وفى مقدمتها انه خلقه إنسانا سميعا بصيرا{ الَّذِي خَلَقَكَ فَسَوَّاكَ فَعَدَلَكَ} الانفطار7 .



علام تطاول وأنت الضعيف المقصر { إِنَّكَ لَن تَخْرِقَ الأَرْضَ وَلَن تَبْلُغ الْجِبَالَ طُولاً } الاسراء37 .



فلماذا هذا التطاول والإنسان حين يخلو قلبه من الشعور بالخالق القاهر فوق عباده تأخذه الخيلاء بما يبلغه من ثراء أو سلطان أو قوة أو جمال أو نسب ولو تذكر إن مابه من نعمة فمن الله وانه ضعيف أمام حول الله لطامن كبريائه ..وخفف من خيلائه .. ومشى على الأرض هونا لا مرحا ولا متكبرا .



وليعلم الإنسان الضعيف أن المال مال الله ونحن مستخلفون فيه فقد يصبح فجأة فقيرا مجردا من ماله وهذا حدوث لاريب فيه . وان كان ذا سلطان فليعلم أنه لايبقى إلا سلطان الله فقد ينزله الله من سلطانه ويجرده من سلطانه وهذا حدوث لا ريب فيه لأن الله يؤتى الملك من يشاء وينزع الملك ممن يشاء..ويعز من يشاء ويذل من يشاء وان كان ذا قوة فلا أقوى من بطش الله { إِنَّ بَطْشَ رَبِّكَ لَشَدِيدٌ } البروج12 .



فقد يدهمه المرض فيجلس على كرسى أو يسير على عصاوين أو ينام على سرير دون أن يدرى من يحدثه والذباب والبعوض يطير طيرا من فوقه وكم كان ذلك قوى البنية .. يمشى يضرب الأرض برجليه وقد أصبح نائما ينتظر الموت ..المصير المحتوم ..والقائل يقول له : فيا جامع الدنيا بغير بلاغة لم تجمع الدنيا وأنت يا من كنت تبطش وتذل بسلطانك وتنازع الله فى ملكه تذكر .. وتذكر انك ضعيف هين .



لا حول لك ولا قوة وأن قوتك قد خارت وقريبا سينهش فى جسدك الدود بشراهة فلا يبقى إلا العظام التى تختلط بالتراب . وان كان ذا جمال فعليه أن يعلم أنه قد يصبح فجأة دون إنذار اقبح الناس وجها حين يهاجمه المرض وتفور العينان وتتقلص الشفتان وتتغير الريح. ويتساقط الشعر ويصفر الوجه.. ويقل الزائر ..وينكدر الممرض ناهيك عن أشياء وتغيرات أخرى لا تملك زمامها والقرآن يجيب المختال بضعفه وعجزه وضآلته { إِنَّكَ لَن تَخْرِقَ الأَرْضَ وَلَن تَبْلُغ الْجِبَالَ طُولاً } الاسراء37 .



جسمك ضئيل لا يبلغ شيئا من ا لأجسام الضخمة التى خلقها الله .. إنما هو قوى بقوة الله ..عزيز بعزة الله .. كريم بروح الله الذى نفخ ليصله به . ينبغى أن يكون هذا الإنسان ذا أدب مع الله وأدب مع الناس أدب نفسى وأدب إجتماعى ..وما يترك هذا الأدب إلى الخيلاء والعجب إلا فارغ صغير القلب ..صغير الاهتمامات يبغضه الله لبطره وجحود نعمته عليه . حسين حسن سلامة رحمه الله