بوالعلاء المعري

[محمودى]

::: أهلاً بغائلةِ الرّدى وإيابها، :::


كيما تُستّرُني بفضل ثيابها أهلاً بغائلةِ الرّدى وإيابها،


عقلاءَ، لا يبكوا على غُيّابها دُنياك دارٌ، إن يكنْ شُهّادُها

عدداً، وكم في ضَبْنِها وعِيابها قد أظهرت نُوَباً تزيدُ على الحصى

برماحها، وتنالُهمْ بصيُابِها تفْرِيهمُ بسُيوفها، وتكُبُّهُمْ

إلاّ قرِيبو الحالِ منْ خُيّابها ما الظافِرُون بِعزّها ويسارِها،

أطغتْ، فخلْتُ الرّاحَ في أنيابها أنيابُ جامعةِ السِّمامِ فَمُ التي

فالعجزُ والتفريطُ في هُيّابها إنّ المنيّةَ لمْ تَهَبْ متهيّباً،

في أمّ دَفرٍ، وهو من عُيّابها ومنَ العجائبِ أنّ كلاًّ راغبٌ

تقضي لِناعيها على زُرْيابها فاتْفلْ عن التُّربِ الفصاحةَ، إنّها

[محمودى]

::: قد ساءها العُقمُ، لا ضمّتْ ولا ولدتْ! :::


وذاكَ خيرٌ لها لو أُعطيَتْ رَشَدا قد ساءها العُقمُ، لا ضمّتْ ولا ولدتْ!


شيئاً سِواها، إذا ما اغتالَ واحتشدا ما يأخُذُ الموتُ، من نفسٍ لمُنفردٍ،

قد ضَلّ مُذْ كانتِ الدنيا، فما نُشدِا ومُنشِدُ الخيرِ لا تُصغي له أُذُنٌ،

[محمودى]

::: وجدتُ سجايا الفضلِ، في الناس، غُرْبة، :::


وأعدَمَ هذا الدّهرُ مُغتربيهِ وجدتُ سجايا الفضلِ، في الناس، غُرْبة،


لأشبَهُ منهُ شيمَةً بأبيهِ وإنّ الفتى، فيما أرى، بزَمانِهِ

أبَرَّ يَداً من كلّ منتَسِبيه ووالدُنا هذا التّرابُ، ولم يَزَلْ

أميناً، ويُعطي الصّونَ مُحتَجبيه يؤدّي إلى مَن فَوقَهُ رزقَ ربّهِ،

ويُصبِحُ مَبذولاً لمُكتَسِبيه ولا شيءَ مثلُ الخيرِ يُزمَعُ تركُهُ،

على قَدَرٍ مِن خامِلٍ ونبيه ويُقسَمُ حظُّ النّفسِ، شرقاً ومغرِباً،

وربُّكَ لم يُسمَعْ لهُ بشَبيه


تَشابهَتِ الأشياءُ طَبعاً وصورَةً،

[محمودى]

::: قد أعْزبَ العالمُ أحلامَهُمْ؛ :::


يا عازِبَ الحلم عنِ الناسِ ثُبْ قد أعْزبَ العالمُ أحلامَهُمْ؛


فلفظُهُم عنها شرارٌ وَثَبْ نيرانُ حقدٍ بين أحشائهم،

ـصانِ، والأعجازُ مثلُ الكُثب تُنسيهمُ، العارفةَ، الهيفُ كالأغْـ

[محمودى]

::: قد أهمَلَتْ للخياطِ إبرتَها، :::


فصادَفتْ إبرَةً لعَقْرَبها قد أهمَلَتْ للخياطِ إبرتَها،


ولمْ يكنْ من لذيذِ مَشْربها فهيَ تُسقّى الحليبَ ليلتَها،

كرَبّةِ السّمّ في تسرّبها وإنما الخَوْدُ، في مَساربها،

تَبْدَأُ، في شرّها، بأقرَبها فلا تكوني مثلَ التي لدغتْ،

[محمودى]

::: زَعَموا بأنّهمُ صَفَوا لمليكِهمْ، :::


كذبوكَ ما صافَوا، ولكن صافُوا زَعَموا بأنّهمُ صَفَوا لمليكِهمْ،


غرَضي خِلافُ الحقّ، لا الصّفصافُ شجَرُ الخِلافِ قلوبُهُمْ، وَيحٌ لها،

تَعيا وتَقصُرُ، دونَهُ، الأوصاف فتبارَكَ اللَّهُ، الذي هوَ قادِرٌ،

وأقلُّ شيءٍ عندَهُ الإنصافُ الظلمُ أكثرُ ما يعيشُ به الفتى،

رَجَزٌ تَهافَتَ ما له أنصاف مُنِعتْ، من القِسمِ، الحقوقُ، كأنها

وأبو حنيفةَ، قبلُ، والخَصّاف وعُنوا، فقالَ الشافعيُّ ومالكٌ

[محمودى]

::: عن لاعِجٍ باتوا برملةِ عالجِ، :::


في رَبْوَتَيْ عَوْدٍ كظهرِ الفالجِ عن لاعِجٍ باتوا برملةِ عالجِ،


من بعدِ طِيتّه، وسلمَا دالجِ في مُقْفِرٍ، تنآهُ سَلمى مَدْلجٍ،

أنِسوا ذواتِ أساورٍ ودمالجِ مثل الأساورِ والدّمالج، في الطّوى،

فدَجا الظّلامُ سوى الوميض الخالج والأرضُ قد لفظتْ حُشاشةُ نورِها،

أُنْساً بذلك، في الضّمير الوالج فزعوا إلى ذكرِ المليكِ، وحسبُهُمْ

[محمودى]

::: يا صالحُ اجعل وصفَ شخصِك واسمَه :::


مِثلينِ، إنكَ في بحارِكَ ماهرُ يا صالحُ اجعل وصفَ شخصِك واسمَه


والتّبرُ تَتبيرٌ، وجَدُّكَ ظاهر ما فِضّةُ الإنسانِ إلاّ فَضّةٌ،

إنّ الجَواهرَ، بالأذاةِ، جَواهر والدُّرُّ دَرٌّ للهمومِ، تُسِرُّه؛

نحنُ الأذِلّةُ، والمليكُ القاهر كَذَبَ الذي سمّى المُمَلَّكَ قاهراً؛

نجسٌ، ويُفقَدُ، في الأنامِ، الطاهر وكذاكَ يُدْعى طاهراً مَن كلُّهُ

[محمودى]

::: ثلاثُ مآرب: عَنْسٌ، وكُورٌ، :::


ونَهجٌ قد أبانَ، فهل بُكورُ؟ ثلاثُ مآرب: عَنْسٌ، وكُورٌ،


أوانفَ أن تُلائمها الوكورُ وبعضُ النّاس، في الدنيا، كطيرٍ

قَرائنُها المهنّدَةُ الذُّكور ذكورٌ لا إناثَ لها، ولكنْ

فكُلُّكمُ أخو ضِغْن مَكور عرفتُكُمُ بني حوّاءَ، قِدْماً،

ولا منكمْ، على النُّعمى، شَكور وما فيكم، على الإحسان، جازٍ،

[محمودى]

::: تورّعوا، يا بني حوّاءَ، عن كَذبٍ، :::


فما لكم، عند ربٍّ صاغكم، خَطَرُ تورّعوا، يا بني حوّاءَ، عن كَذبٍ،


ولم يَجئكم، لُحسنِ التوبة، المطرُ لم تُجدِبوا لقبيحِ من فعالِكُمُ،

[محمودى]

::: تَخَيُّلٌ من بني الدّنيا، غدا عَجَباً، :::


للمُفكرِينَ، وكلُّ النّاسِ محسورُ تَخَيُّلٌ من بني الدّنيا، غدا عَجَباً،


بالدوّ، فينا، بُحكمِ النحوِ، مأسور كأنّ إعرابَ أغرابٍ ثَوَوا، رمَناً،

نُطقَ ابنِ بَيداء، لمّا يحْوِه سُور فناطقٌ، يَسكُنُ الأمصارَ من عجمٍ،

وما يُحِسُّ بأنّ البيتَ مَكسور وناظمٌ لعَروض الشّعر، عن عُرُضٍ،

كَيما يَفيءُ له من ذاكَ مَيسور ومُغتَدٍ بحِبال الصّيدِ ينصِبُها،

[محمودى]

::: أرْمى، وجدِّكَ، من رامي بني ثُعَلٍ، :::


حتفٌ، لديه إزاءُ الحوضِ، والعُقُرُ أرْمى، وجدِّكَ، من رامي بني ثُعَلٍ،


منهُ، كآدِبِ قيسٍ، ليس ينتقِرُ يغشاهمُ الكرهُ، في الدنيا، فآدِبُهمْ

فلم تَرُمْهُمْ، على عِلاّتِها، سَقر إن عُوّضوا بذنوبٍ، أُسلِفَتْ، سَقَراً،

من الرشادِ، فما استغْنَوا، بل افتقروا أغناهمُ اللَّهُ من مالٍ، وأفقرَهُمْ

وإنّ أفضلَ منهم لَلّذي احتقروا ويحقِرون أخا الإعدام، بينهمُ،

فيه الفَواقِرُ، لا دُرٌّ ولا فِقَر كأنّما العمرُ سِلكٌ مدَّهُ قَدرٌ،

عن مُهرِها، القيدُ، وهناً، فهي لا تقِر ولاجتِ النّارُ، كالشقراءِ، يحبِسها،

أو عُرْفِه، بمحلٍّ، دونَهُ أُقَر بدَتْ بليلٍ، كعين الديك، عن شَحطٍ،

تروي، التراب نجيعاً، سُوقُ ما عقروا يُعاقرُ الراحَ شَرْبٌ، حولَها، سُهُدٌ،

[محمودى]

::: تقَنّعْ من الدّنيا بلَمحٍ، فإنّها، :::


لدى كلّ زوجٍ، حائضٌ ما لها طُهْرُ تقَنّعْ من الدّنيا بلَمحٍ، فإنّها،


فنفسُكَ، بعد الدَّينِ والرّاحةِ، المَهر متى ما تُطَلِّقْ تُعطِ مَهراً، وإن تزِدْ

رجالاً، كما يُلقى، إلى بطنِها، الظّهر ولم ترَ بطنَ الأرضِ، يُلقي، لظهرِها،

ويضعُفُ، عن ضُعفٍ بقارِحه المهر بنو الشَّرخ زادوا، عن بني الشيخ، قوّة،

مَضَوا، وترامى، في جوانحنا البهر إذا ما جرَيْنا، والذين تقدّمُوا

وجئنا بوَهنٍ، بعدما خرِفَ الدّهر تَمتّعَ أبكارُ الزّمانِ بأيْدِهِ

يعودُ هلالاً كلّما فنيَ الشّهر فليتَ الفتى كالبَدْرِ جُدّد عمْرُهُ،

[محمودى]

::: يُسمُّون بالجهْلِ عبدَ الرّحيم، :::


وعبدَ العزيز، وعبدَ الصَّمدْ يُسمُّون بالجهْلِ عبدَ الرّحيم،


عبيداً، وذلك أقصى الأمَد وما بلَغُوا أن يكونوا لهُ

ذائبِ أجزائهمْ، والجَمَد ولكنّهُ خالقُ العالمينَ:

تُدرِّسَ مغنيَّهُم، والعُمَد تعمّدْهُ يُغنِكَ، بالهَدْي، أن

فمن سُوءِ رَأييَ طولُ الكمَد إذا كان ما نالني، بالقَضاءِ،

فيُقصَرَ منْ عُمُرٍ، أو يُمدّ ولم يبقَ، في الأمر، منْ حيلةٍ،

خُطوبٌ، فما تركتْ من ثَمَد وإنّ ثموداً أتتْ، بحرَهُمْ،

وما زالَ يَفنى إلى أنْ همَد رأيتُ الفتى شَبّ حتى انتهَى،

ثمّ تَناقصَ حتى خَمَد كمصباحِ ليلٍ بدا يَستَنيرُ،

لقُلنا: طويلُ زمانٍ سَمَد ولولا الذي بانَ من حُكمِهِ،

فقدْ أمِنتْ منْ عمًى أو رمد إذا طَفِئَتْ في الثّرى أعينٌ،

[محمودى]

::: النّاسُ أكثرُ ممّا أنتَ مُلتَمِسٌ، :::


إنْ لم يوازِرْكَ هذا المُستعانُ، فذا النّاسُ أكثرُ ممّا أنتَ مُلتَمِسٌ،


وقد أصابكَ مرّاتٍ فما نَفذا وما يَريبُكَ منْ سَهْمٍ رُميتَ به،