• دخول الاعضاء

    صفحة 4 من 28 الأولىالأولى ... 2345614 ... الأخيرةالأخيرة
    النتائج 46 إلى 60 من 408

    الموضوع: خطوات تغفو على عتبات الرحيل

    1. #46
      الصورة الرمزية ♥} آمـل الـ عٍ ـشآق ♪
      تاريخ التسجيل
      Dec 2009
      الدولة
      " ع‘ــشقـِـِـي آلمَدينـَـَـَـﮧ ..
      المشاركات
      18,765
      معدل تقييم المستوى
      97

      افتراضي

      دلفن للغرفة لتقع عين عفرا على دانة التي كانت تجلس على فراشها و شرود حزين يعلو وجهها .. رمت حقيبتها و راحت تخلع عبائتها و هي تسأل بهدوء ،،
      - بلاج ..؟؟

      رفعت دانة نظرها و هي تقول بصوت غريب ..
      - وايد أشياء تغيرت ..!
      تجنبت عفرا النظر اليها فيما توقفت نورة عن إخراج ثوبٍ لها و هي تنصت لدانة .. سألت عفرا مجددا و هي تدير لها ظهرها ..
      - مثل ..؟؟
      هزت دانة ..
      - عصبية حور .. نايف ما كان يطول لسانه و لا يرفع صوته كذيه .. المها كله الحين تيلس عند أمايا .. !!
      لم ترد أي منهما على ما تقول .. و ساد صمت صاخب في الغرفة .. لا يقطعه سوى حركتهن فيها ،،
      و دانة تحني رأسها ببؤس .. ما لم تشر إليه حقيقة هو تلك الغصة التي تخنقها الآن ..
      ذاك الحقير أصبح يتبعهن أيضا لباب البيت .. لم يعد خوفه من أبيهن يمنعه الآن ..!

      * * * * *

      ابتسمت أمه بحنان شديد و هي تمد يدها بفنجان قهوة .. كان لا يزال يرتدي الملابس الرسمية للشرطة .. و فضل الجلوس معها قبل أن يذهب ليرتاح قليلا .. التقط الفنجان بهدوء و قد بدا عليه التفكير العميق ..
      اصبح كثير الشرود و التفكير هذه الأيام ..!
      لا يلومنه أحد .. فقد تأخر غيث كثيرا بالرد عليه .. ها هو شهر قد مر مذ أخبره عن رغبته في التقدم لخطبة أخته .. و لكنه لم يرد له جوابا حتى الآن .. !
      تنهد بصبر ،، لن يتصله به الآن .. لن يعجزه صبرا .. ما زال الوقت مبكرا على كل حال .. فلم يمر على موت عمه بعد سوى شهر ..!
      .
      .
      - حوووه ،، الحبيب .. وين وصلت ؟؟!
      رفع رأسه متفاجئا ليجد أن أخويه يجلسان امامه ،، لم يشعر بهما حتى صاح به هزاع .. الذي تابع هازئا ..
      - سلمنا.. و يلسنا و تقهوينا و قلنا قصة حياتنا و انت سرحان .. - ثم غمز بعينه يقول بخبث - لي ماخذه عقلك ..
      اهتز الفنجان في يده بارتباك ،، شعر بالذنب الشديد و لا يدري سبب هذا الإحساس .. رفع هزّاع حاجبه بعجب .. و أيقن أنه أصاب سهما في الظلام ..!
      لم يشأ أن يحرج أخاه الأكبر لذلك استدار لأمه ..
      - يوم الخميس أنا بسير ويا الربع كشته .. و بنتم هناك الين الأحد ،،
      رد سيف فورا ..
      - كشته وين ..؟ و منوه هالربع ..؟
      ابتسم هزاع بمكر .. يبدو أن سيف قد سيطر على الأمر لذلك أجاب ببساطة ،،
      - ربعيه لي تعرفهم .. قوم مطر ،، و أحمد طبعا ويانا .. بنسير الشمالية ..
      نظر له سيف متمعنا بصمت و بدا أنه يريد قول شيئا و لكنه تراجع أخيرا يلتفت لحارب متسائلا ،،
      - كم باقي لكم ع امتحانات آخر السنة ..؟؟
      وضع حارب كوب الماء يرفع رأسه لأعلى ..
      - باااااقي .. آآممم .. تقريبا شهر و اسبوعين .. الحين يدربوناا ع السيبا ..
      تذمر هزاع ..
      - يدربونكم ..!! حليلكم و الله .. نحن كانوا يفروناا في قاعات و ما ندري وين الله حاطنا .. كل مدارس العين يلخبطون أسامي طلابها .. و تلقى عمرك اروحك في هالقاعة محد من أخوياك قريب يغشش !! و يحطون دفتر ما تعرف كوعك من بوعك فيه .. حد من الشباب يكتب في الدفتر .. و آخر شي يقولون هذا للأسئلة بس و الحل في الثانية أم دواير ..
      ضحك حارب و هو يغمز بعينه لأمه التي كانت تستمع لهم بحب ..
      - احلف انك هب الثور لي حليت في ورقة الأسئلة ؟
      نظر له هزاع شزرا ..
      - تخسي .. انا كنت يالس و ما عنديه وقت في القاعة .. كل ما ييت أبا أحل .. حد دزنيه و الا فر عليه ورقه .. قلم .. جوتي مرات عادي تصير تراها - ثم أخفض صوته مقلدا- هزاع .. هزاع .. غششنيه ..غششنيه ..
      - رب ما غششت المساكين ..؟؟ أنا أقول نسبة الرسوب في السيبا مرتفعة في دفعتك ..
      رفع هزاع حاجبه ..
      - احلف و الله - ثم التفت لسيف الذي عاد للشرود مجددا - لا لا .. يا خويه .. حالتك صعبة و الله .. مالها إلا حل واحد ..
      و التفت لحارب بخبث و قد رفع سيف رأسه بهدوء .. ليتابع هزّاع بضحكة ..
      - العرس ،،
      احمر وجه سيف فورا و هو يقول بحنق ،،
      - جب ..

      * * * * *

      لا يزال أمامه نصف ساعة أخرى قبل انتهاء دوامه .. لذلك تراجع إلى الخلف قليلا عن مكتب الاستقبال الرخامي الأملس و هو يلصق الهاتف في أذنه ،، و يجيبها مطمئنا ،،
      - خلاص و لا يهمج ,, أنا برتب أموريه مع حد من لي هنيه عسب أتـأخر باكر و أسير وياه المدرسة .. ما قال لج شوه مسوي ..؟؟
      صوتها يصله عبر الهاتف مهتزا ،،
      - لا ما قال يا مايد .. نايف هب لولي .. هاي أول مرة ييب استدعاء و الا يكون عنده مشاكل تعرفه هو من الأوائل ..! و دومه شاطر .. بس الحين غير ..
      تهدُّج صوتها كان واضحا ..
      - من عقب عين ابويه .. و هو ما يمسك الكتاب و غادي أذيه .. و ما يحشم حد .. مادري شوه لي قلب حاله ..!
      شعر بقلبه ينغزه من النبرة الكسيرة التي لمسها في صوتها .. بدت عرضة للانهيار أمام ما يواجهها من ضغوط .. أين لفتاة مثلها يلقى على عاتقها بحملٍ مثل هذا مقاومة ..
      - ما عليج منه .. أنا أول ما شوفه برمسه .. الحين انتي دوم مبطله تيلفونج ..؟؟
      - هيه ،،
      اعتذر منها ،،
      - أدري انيه مبطي ما ييتكم .. بس الدوام كراف هالايام و أمايا طايحة من هالحمى لي ما ترحم العرب .. أول ما أحصل فرصة بسير عليكم .. اما عن باكر فخليه في البيت يرقبنيه و أنا بخطف عليه أوديه المدرسة و أشوف سالفة الاستدعاء .. انتي بس لا تستهمين ..
      .
      .
      لحظات صمت مطبق قبل أن يأتيه صوتها الهامس بامتنان ،،
      - مشكور يا خوي ..
      و أيقن أنها تقاوم دموعها ..!

      * * * * *

      تأكدت من أن الغطاء يلتف جيدا حول رأسها و هي تنزل الدرج العملاق الذي توسط ردهة البيت الرئيسية ترفل في ثوبها الناعم الذي لم يكن يعكس شيئا من حقيقتها أو ما تشعر .. اقتربت ببطء حيث تعالت الأصوات لتجدهم يجلسون جميعا جنبا إلى جنب .. صمتوا حال وصول و هي تسلم بهدوء ..
      - السلام عليكم ،،
      رد الجميع سلامها و هي تواري وجهها .. تمنت من قلبها أن لا يلاحظ أحدهم احمرار عينيها و انتفاخها .. توجهت رأسا نحو أخاها الأكبر الذي توسط الجلسة بجانب أبيهم .. مر ما يقارب الأسبوعين مذ رأته آخر مرة ..!!
      رغم تغيبه عن البيت و حضوره النادر .. إلا أن رهبة تسكنها حالما تقع عينها عليه أو تجلس بوجوده .. تشعر بأنه قد يفضح بعينيه الحادتين شيئا تخفيه ..!
      سلّمت عليه بارتباك و جلست بجانب روضة التي تجلس جواره .. رفعت عينها لهم لتصطدم بوجه أباها الذي اعتلاه العتب و هي يقول بابتسامة ..
      -أفاا .. السلام لغيث بس ..؟؟!
      قفزت من مكانها بتوتر ,, و هي تقترب لتسلم على والدها .. شعرت بالغباء .. لا تدري لما يخالجها الذنب الآن و يدفعها للارتباك ..! تأكدت و هي تعود لمكانها بأن الغطاء ثابت حول رأسها .. آخر ما تريده أن تفجعهم جميعا دفعة واحدة ..!
      نظرت لأباها الذي وجه لها الحديث مباشرة و روضة تناولها فنجانا من القهوة ..
      - شحالها شيختنا ..
      ابتلعت ريقها و هي تتمالك نفسها بابتسامة و تتجاهل حامد الذي شخر ساخرا و همس بشيء ما ..
      - بخير فديتك .. شحالك ابويه ..؟
      - بخير يعلج الخير ..
      نظر لها أخوها الأكبر و صوته الرجولي يرسل الرعشة في أطرافها .. تعلم جيدا أنه سيقتلها إن رأى مظهرها ذاك ..
      - شحالج شيخة .. و شوه الدراسة وياج ؟؟
      سددت نظرها لصدره متجنبة عينه الثاقبة .. و هي ترد ..
      - الحمد الله .. و الدراسة زينة ..
      رفع أحمد رأسه من وعاء الطعام الذي كان مستغرقا في الأكل منه و هو يلقي عليها نظرة ساخرة ..
      - ما شا الله .. شوه أخت شيخة .. أسلمتي ..!!
      ألقى عليه غيث نظرة صارمة ألجمته .. ليعود و يأكل بصمت .. الحقيقة أن تجمعهم كان مربكا نوعا ما و مملا للغاية فقد استغرق غيث و أباها في الحديث مطولا في أمور الأعمال التي يغرقان أنفسهما دوما بها .. لم يعتادوا كثيرا على التجمع معا كعائلة واحدة ..!!
      يبدو أن المصادفة وحدها قد قادتهم إلى هنا .. تنهدت بضجر شديد و وقت طويل يمر قبل أن يرفع غيث رأسه لأختها الكبرى و هو يقول بصوت حازم ..
      - روضة تعاليه ويايه ،،
      انعكس القلق الشديد و الارتباك على وجه روضة الجميل و هي تجيل بصرها في الفضول الذي علا محيا من حولها ..
      تأملتها شيخة بهدوء ..
      على الأقل تبدو روضة على قدر كبير من الثقة و الشجاعة .. فلو وجه إليها غيث هذه النبرة و الكلمات ..
      لإنهارت فورا معترفة بما لم تفعله ..!!

      * * * * *


      لمْ أحححبكك من فراآاغ ,/
      كي أنسسسسإآك من فرآغ . .
      احببتكك بِ قنآإعه عظّيمه ـ‘
      و سَ أنساك بَقناعه أعظم !|



    2. #47
      الصورة الرمزية ♥} آمـل الـ عٍ ـشآق ♪
      تاريخ التسجيل
      Dec 2009
      الدولة
      " ع‘ــشقـِـِـي آلمَدينـَـَـَـﮧ ..
      المشاركات
      18,765
      معدل تقييم المستوى
      97

      افتراضي

      انتي تخبلتي ...!!!!!!!!!
      صاحت بتلك الكلمات مستنكرة و هي تنظر لوجه أختها الذي بدا مصمما بقوة و تدور في الغرفة الضيقة .. و هي تصر مجددا ..
      - لا ما تخبلت .. هالقرار أنا مقتنعة فيه .. حور خلاص أنا صرفت نظر عن الجامعة ..
      كانت حور تلهث من الصدمة ..
      - هب ع كيفج .. انتي ما تعرفين مصلحتج وين .. تودرين الجامعة و نسبتج ما تقل عن 95 ..!! مينونه انتي .. أنا ما عليه حسافة و الدراسة عايفتنها .. بس انتي .. !!
      هزت رأسها برفض قاطع ..
      - عفاري .. انتي تدرسين من 12 سنة .. لا تيين عند الأهم و تخلينه .. الجامعة شهادة و مستقبل .. بتنفعج و بتنفعنا ..
      و لكن عفرا بدت أكثر من مؤمنة بتلك الفكرة اذ قالت بهدوء تواجه عاصفة رفض حور ..
      - أنا ما ريد هالنفعة .. ابا ايلس في البيت ..
      نظرت لها حور بقوة ..
      - تيلسين في البيت شوه تسوين هاا ..؟؟ تغسلين و الا تنظفين ..؟؟؟
      نظرت لها عفرا بغرابة دون أن ترد .. و لكن حور أشارت باصبعها آمرة ..
      - دراسة بتكملينها يا عفرا .. و يلسة في البيت ماشي ..
      و رفعت رأسها تنتظر اعتراضا .. و لكن صوت عفرا الهادئ صدمها ..
      - حور .. بلاج ..؟؟
      توقفت عن المشي العصبي .. و هي تلتفت لأختها دون أن تفهم .. و لكن عفرا لم تضف كلمة واحدة .. شعرت حور بالدوار في تلك اللحظة .. شيء ثقيل جثم على أنفاسها و إدراك واحد يترسخ في ذهنها .. أصبحت تتجرد عن نفسها ببطء .. تعالج الأمور بعصبية و قلق .. التوتر يلازمها كل حين .. حتى النوم لم يعد يجد السبيل لعينيها ..!
      جلست بتعب على فراشها .. تكبح رغبة عارمة في التدثر بالغطاء و البكاء تحته للأبد ،، لا تعلم حقا ما الذي دهاها .. ما هو هذا الإحساس الذي ينتابها طوال الوقت .. الخوف .. الترقب ..
      أم أنها مقاومة .. ؟!
      تقاوم ماذا يا ترى ..؟!
      هي نفسها لا تعرف .. لا تعرف شيئا .. كل ما تعرفه أن هذا الحمل ثقيل ..
      ثقيل للغاية .. و أنها لم تعد تقوى المواصلة .. متأكدة بأنها قريبا ستصل للانهيار ..
      ليست صلبة بما يكفي و إلا لتصدت لذاك الدخيل الذي قرر ببساطة سلبهم حقهم في تقرير الحياة .. و أصبح يتسلط بقراراته ،، و يصدر الأحكام كيفما يشاء ..
      .
      .
      فتح باب الحجرة لتطل نورة من خلفه .. تدير عينيها في وجهيهن و هي تقول ..
      - زين و الله عفاري بعدج على قيد الحياه ..- ثم التفتت لحور - تحريتج ذبحتي عفرا يوم صخيتن فجأة ..!!
      أدخلت دانة رأسها من خلف كتف نورة ..
      - حتى أنا ..!! حور .. أم عتيج لي آخر الحارة تسلم عليج و تقول قصري حسج ..
      لم تجد حور في نفسها الرغبة في الابتسام ما زال رأسها منخفضا .. حين دلفت نورة و دانة الغرفة تتبعهن و لدهشة حور المها .. قبل أن تسألهن ..
      - انتن سمعتن صوتي .. المها شدراها ؟؟
      أجابت نورة بسرعة ..
      - تراه صريخج وصل لطبلة المها بعد .. المهم .. شوه السالفة الحين ..
      تجاهلتهن حور لتلتفت للمها و هي تشير بيدها و تتحدث بصوتٍ عالٍ ..
      - عفراااا .. ما تباااه ترووووح .. الجاااامعة .. بتم .. في البييييييت ...
      اتسعت عينا المها و هي تضع أناملها على شفتيها بصدمة و شهقت نورة و دانة معا قبل أن تقول الأخيرة بذهول ..
      - عفاري صدق ما بتخلصين الجامعة ...!!!!!
      هزت عفرا رأسها رفضا و هي تقول بصوت قاطع ..
      - هيه .. ما بدرس في الجامعة بخلص الثانوية و بيلس في البيت ..
      نظرت لها المها غير مصدقة و هي تدير سبابتها بحركة دائرية قرب صدغها .. لكن عفرا لم تجب .. كانت تحني رأسها بهدوء .. قالت حور بقوة ..
      - أكيد مينونه .. و الا علمي و بهالنسبة و تيلس في البيت .. شوه بتسوين .. تضيعين مستقبلج ..
      نظرت لها نورة و هي تعقد جبينها و قالت بحذر ..
      - انزين حور انتي ليش معصبة ؟؟
      نظرت لها حور فورا ..
      - يعني شوه تبينيه أسوي حبيبتي .. أدق معلاية و ايلس أرقص .. ختج تبا تهدم مستقبلها ..
      ضحكت دانة ..
      - حلوة .. بس لا تعيدينها .. عفاري ليش تبين تهدمين مستقبلج .. هب عايبنج الديكور ..
      نظرت لها عفرا شزرا ..
      - هب وقت سخافتج دندن ..
      احمر وجه دانة و هي تصر بأسنانها ..
      - دندن فعينج .. حور صادقة .. انتي من يوم يومج تكرفين في المدرسة كراف الويل .. الحين يوم يات على آخر سنة قلتي مابا أدرس ..!!
      ضربتها المها على كتفها بخفة .. فالتفتت لها عفرا .. لا تدري لما شعرت في تلك اللحظة أن المها تعاني كثيرا .. فتاة ذكية في مقتبل العمر .. لم تتلقى من التعليم شيئا سوى ما لقنته اياه اختها الكبرى في البيت و ما استشفته من أكوام الكتب تلك التي تغرق نفسها بها ..! أشارت بيدها مستفسرة .. تطالب بإجابة على سؤال إلى الآن تجاهلنه جميعا .. الكل اعترض دون أن يسألها عن سبب القرار ..!
      مسحت عفرا وجهها بكفيها .. قبل أن تسند فكها بهما .. و هي تقول ببطء ..
      - انزين نفرض سمعت رمستكن .. و سجلت في الجامعة .. و بدت الدوامات .. الجامعة هاي ما يبالها مصاريف ..؟؟ لبس .. و لوازم دراسة .. و مصروف .. و عقب ما أتخصص يباليه جهاز و خط نت .. مادري شوه .. انتن تعرفن خرابيط البنات .. يعني حتى لو حاولت ما أصرف الفلوس .. لازم بيظهرليه شي يباله دفع ..
      ثم نظرت لحور التي تدلى فكها من الصدمة .. و هي تقول ..
      - الحين من وين لنا فلوس .. ؟؟ شؤون أمايا و تعويض أبويه يا الله يا الله يسدن مصروف البيت .. تبنيه بعد أسحب منه .. شوه بناكل نحن ..؟؟ رودس ..؟؟
      وضعت دانة أناملها على خدّها بذهول ..
      - صح و الله .. ما فكرنا فيها ..!! يعني أنا و نورة بعد بنيلس عقبج في البيت ..؟!!!
      .
      .


      لمْ أحححبكك من فراآاغ ,/
      كي أنسسسسإآك من فرآغ . .
      احببتكك بِ قنآإعه عظّيمه ـ‘
      و سَ أنساك بَقناعه أعظم !|



    3. #48
      الصورة الرمزية ♥} آمـل الـ عٍ ـشآق ♪
      تاريخ التسجيل
      Dec 2009
      الدولة
      " ع‘ــشقـِـِـي آلمَدينـَـَـَـﮧ ..
      المشاركات
      18,765
      معدل تقييم المستوى
      97

      افتراضي

      لا ،،
      التفتن لحور التي وقفت و هي تنفي ذلك بصرامة .. كان في عينها بريق تصميم جعل وجهها يبدو قاسيا و هي تقول بصلابة ..
      - كلكن بتدخلن الجامعة و بتخلصن دراستكن و أولكن عفرا .. و الفلوس موجودة .. عدنا خير الحمد الله ..
      قالت نورة بهدوء ..
      - وين الفلوس يا حور .. انتي تعرفين ان ابويه الله يرحمه ما كان عنده غير معاشه من شغله ..!
      نظرت لها حور بثقة ..
      - ما عليج الا انج تخلصين الثنوية و تدخلين الجامعة .. الفلوس لي تبينها موجودة ..
      نظرت لها دانة بابتسامة ..
      - ليكون تعرفين مكان الكنز .. ما ظنتيه بس لو ناوية تصرقين دبي الاسلامي .. ترانا خوات .. ريليه على ريلج في اللين و الشدة .. بس القسمة ففتي ففتي ..
      - لا ما بصرق شي - ثم التفتت لعفرا تقول بعتاب - و ماريد أسمع هالرمسة مرة ثانية .. لا تتحرن شي بيتغير علينا عقب ما توفى أبويه .. الحال هو الحال .. بس شدن على عماركن شوي ..
      ثم نهضت من مكانها .. و هي تنظر لنورة ..
      - امايا وينها ..؟؟
      - يالسة في الحوش .. عندها مزنة و هند ..
      تنهدت و هي تسأل ..
      - و نايف ..؟
      أجابتها دانة بدلا عن نورة ..
      - بعده راقد في الميلس ..
      قالت حور بهدوء ..
      - خلاص عيل .. اظهرن يلسن ويا امايا .. و أنا بسير أوعيه قبل المغرب .. الله يعين كانه ما بيرقد الليلة ..!
      خرجت من الغرفة متوجهة للمجلس مباشرة فيما خرجن المها و عفرا و نورة و دانة نحو أمهن و الأخيرة تنظر لعفرا و هي تضحك ..
      - أونها عفاري مضحية .. وايد مأثرة فيج الأفلام ..
      و لكن عفرا لم ترد عليها .. كان ذهنها مشغولا بالطريقة التي قد تعمد إليها حور لإحضار النقود .. بدت واثقة و هي تصر بان إحضارها سهل ..
      أمهن تجلس بهدوء على ذاك البساط ممزق الأطراف و يدها كالعادة ترتق أحد ثياب أبناءها أو تخيط شيئا لهم ..و أمامها قد وضعت صينية الشاي التي أعدتها المها مسبقا .. مزنة غارقة في حديث طويل تسهب في سرده على هند الذي بدا جليا أنها لا تستمع لها بل مشغولة بالمجلة الملونة التي بين يديها ..
      جلسن جميعا و راحت نورة تسكب الشاي و توزعه و دانة تنظر لمزنة ..
      - حوووه يا الحشرة .. صخي شوي ..
      نظرت لها مزنة و وجهها الصغير ينعقد .. فتابعت دانة آمرة ..
      - سيري المطبخ بطلي الثلاجة بتلقين البسكوت و الكيك لي يابوه هيئة الهلال الأحمر ..
      قالت مزنة و هي تضع اصبعا في فمها ..
      - من هيئة هلال أحمر ..؟
      دفعتها دانة بيدها و هي تقول ..
      - عمامج حد غيرهم .. بسرعة .. سيري هاتيه .. و أول وحدة بنعطيها قسمها انتي ..!
      اتسعت عينا مزنة و هي تقفز مسرعة للمطبخ .. استلقت نورة على البساط و هي تضع رأسها في حجر أمها التي ابتسمت بحنان و هي تمسح رأسها .. لترد تلك بابتسامة كبيرة ..
      - فديتج و الله يا الغالية ..
      ثم نظرت للبنات اللواتي بدا على وجوههن الشرود ..
      - حوووه .. شعندكن كل وحدة في بلاد .. اسمعن .. ما تلاحظن شي ..؟؟
      قالت عفرا بهدوء ..
      - لا ما لاحظنا .. لاحظيناا ..
      ضحكت نورة ..
      - حلوة لاحظيناا .. من زمان ما لعبنا سحب بالخشبة ..
      عقدت دانة جبينها ..
      - صدق ما عندج سالفة .. منوه لي له نفس يلعب الحين ..؟؟ ما تشوفين ظروفنا هاي ..؟؟ - ثم نظرت لمزنة التي خرجت من الصالة تحمل في يدها كيسا - وين الصحن و السكين ..؟؟
      قالت مزنة بدهشة ..
      - انتي ما قلتيليه أييب صحن وسكين ..
      قالت دانة بثقة ..
      - قلت بس انتي ما تسمعين ..
      وضعت مزنة الكيس جانبا و هي تجلس جوار هند ..
      - لا ما قلتي ..
      نظرت لها دانة بتحدي ..
      - تكذبينيه ..؟!!!!
      قالت هند دون أن ترفع عينها عن المجلة ..
      - لا ما تكذبج .. تقول الصدق .. انتي ما قلتي لها هاتي صحن و سكين ..
      نظرت لها دانة بضيق ..
      - انطبي يا فيلسوفة زمانج .. و يا الله نشي انتي هاتي الصحن و السكين ..
      قالت عفرا آمرة ..
      - بس دندن .. تراج حشرة .. هندوه سيري هاتي الصحن و السكين حبيبتي ..
      نهضت هند بعد أن ألقت نظرة جليدية على دانة التي لوحت بيدها ساخرة .. و التفتت لنورة بلهفة تسألها ..
      - صح نوري نسيت أسألج .. شعندهن بنات صفكن .. شوه مسويات بمعلمة العربي ..؟؟ لقيتاا في الادارة تشتكي ..
      رفعت عفرا حاجبا بانتقاد ..
      - و حضرتج شوه تسوين في الادارة ..؟؟
      - أتفقد أحوال الرعية .. هاا نورة شوه مسويات مسودات الويه بهالمسكينة ..
      هزت نورة كتفيها ..
      - ماشي يا غير حصتين ورا بعض تشرح و محد سوالها سالفة .. لي منهن تلعب .. و لي تسولف .. و لي ترسم .. و لي راقدة ..!
      ابتسمت دانة و هي تنظر لعفرا بنظرة خبيثة ..
      - و انتي شوه كنتي تسوين ..؟؟!
      هزت نورة كتفيها ببساطة ،،
      - كنت آكل ..!
      نظرت لها عفرا باشمئزاز ..
      - امحق طالبات علم و الله ..!!!!
      - شوه تبينيه أسوي حبيبتي اذا ما كلت برقد .. أعرف عمريه .. يعني رسم كتابيه كله شخابيط .. لعب و الطاولة ما فيها الا اكس أووو .. و سوالف خلصن .. بس المشكلة هب منا ..
      كتفت عفرا ذراعيها ساخرة ..
      - لا حشى هب منكم .. من الوزارة .. ليش ما يابت أفلام و ديجي و مجلات و فتحت بوفيه آخر الصف لعيونكن.. تعرفين بعد نحن هنيه نحب نكون على أرقى مستوى ،،
      اعتدلت نورة جالسة و المها تراقب النقاش الغير مسموع بصمت ..
      - تطنزين ؟؟ لا ما قلنا نبا أفلام و الا بوفيه .. نبا مناهج شرات الخلق .. نبا شي نستفيد منه ندرسه و نتعلمه .. هب حشو ملزومين نصمّه صم و آخر السنة نفر المعلومات و يا الكتب .. لا فهم .. و لا استفادة .. يعني بالله عليج شوه بستفيد من ص1 و س2 في حياتيه ..!! انزين رياضيات بقول ما عليه .. كله خبص و تقديرات ،، تعالي للعربي .. يختي لا تلوميناا ... انتي ما تشوفين المنهج .. كتاب كبر راسج .. هب فاهمة منه شي .. و بعدين من وين يابوا شكسبير هذا يدخلونه في القصة العربية .. يعله العلة ..
      - الريال ميت من سنين .. كله الدود ..
      ردت بغل ..
      - أدريبه ميت .. و الا كان مات من دعاوينا .. انتي هاوية علمي .. فهم و تطبيق .. عسب كذيه ما تحسين بمعاناتيه .. انا أحسنيه قبل بداية كل سنة لازم أسوي رفرش لمخي .. عسب أتأكد ان فيه فراغ للحشو الياي .. أبا أتعلم ..أسعى للعلم .. أستفيد منه يا ناس ..!
      هزت دانة رأسها موافقة ..
      - صادقة نوري .. المفروض شهادة الثانوية العامة تعادل الشهادة الجامعية ..!
      هزت عفرا رأسها بعدم رضا ..
      - انتن ميؤوس من حالتكن .. الحمدالله انكن قربتن تخلصن .. شوه لو كنتن دارسات المناهج اليديدة .. !!!
      .
      .
      .
      .
      .
      .


      لمْ أحححبكك من فراآاغ ,/
      كي أنسسسسإآك من فرآغ . .
      احببتكك بِ قنآإعه عظّيمه ـ‘
      و سَ أنساك بَقناعه أعظم !|



    4. #49
      الصورة الرمزية ♥} آمـل الـ عٍ ـشآق ♪
      تاريخ التسجيل
      Dec 2009
      الدولة
      " ع‘ــشقـِـِـي آلمَدينـَـَـَـﮧ ..
      المشاركات
      18,765
      معدل تقييم المستوى
      97

      افتراضي

      مدت يدها بحنان تمسح على شعره الأسود و قد بدا غارقا في النوم ..جفنيه المتورمين خير دليل على نومه و هو يبكي ..!
      ألم شديد يكتسح روحها .. و إحساس غريب بالتشتت يسكنها .. و هي تنظر لوجهه الصغير ..
      غدا سيكبر هذا الطفل .. دون أب .. و سيصبح من العسير توجيهه .. !
      شعرت بأن كل ما حولها استحال لفوضى عارمة .. هناك صخب صامت فيما حولها يدفعها للجنون ..
      تتخبط في ما لا تدري كنهه ..! تدعي القوة دون أن تجد الوقت كي تفرغ شيئا من أوجاعها ..
      ان استمرت هكذا ستتهاوى الروح تحت وطأة هذا الحزن العميق الذي يكتنفها .. اعتادت صد الدموع حتى يئست تلك فلم تعد تجد طريقا لمقلتيها ..
      الآن و هي تجلس هنا .. تنظر لوجهة أخيها الأصغر .. و الهموم تتراكم على بعضها .. حتى غدت لا تميز أحداها عن الآخر ..
      الآن و هي تستنشق هواء العصر الساخن .. تتلذذ بلحظة الخفاء هذه .. ترخي جفنيها .. لتنزوي خلف السواد مختبئة من كل شيء ..
      حتى هي ..!
      محاولة بيأس أن تنتزع شوكة خفية توجع قلبها ..
      غزا روحها شعور بارد بالوحدة .. بدت الأيام القادمة أمام عينيها الحائرتين بلا ملامح ..!
      شعرت بازدحام خواطرها يخنقها .. لم تعد تريد شيئا في الكون سوى لحظة هدوء ..
      لحظة واحدة .. يتيمة .. كحالها ..!
      تريد أن يتوقف فيها الزمن .. لتجد حلا لجميع ما يؤرق إحساسها .. رحيلهم القريب الذي لم يعرف به أحد ..
      عزم إخوتها على ترك الدراسة لقلة المال .. و تمرد هذه البراءة التي رقدت بسكون أمامها ..
      لم تعد تريد شيئا لنفسها .. لن تجد الوقت لكي ترغب أو لا تفعل .. ستكون دوما لاهثة خلف ما يبغون أحبتها ..
      لن تسمح مطلقا أن تُدهس أمنية صغيرة لهم ..
      عليها أن تصمد .. فما زال الطريق طويلا أمامها .. هناك من الأوجاع ما سيضطرون جميعا لمجابهته ..
      .
      .
      أحنت رأسها ببطء لتطبع قبلة حنون على جبينه و هي تهز كتفه برقة ..
      - نايف ،،، نايف ..!
      تحرك لبرهة .. يفتح عينيه ببطء .. نظرة غائمة علت وجهه .. قبل أن ترتجف شفتيه لتلمع عينيه مجددا بالدموع .. أوجعتها هذه العبرات المرتعشة .. لتريح يدها على جانب وجهه .. و غصة كبيرة تسد حلقها .. صوتها المخنوق يهمس مطمئنا ..
      - لا تزعل فديتك .. أنا آسفة ..
      ازداد انهمار دموعه تلك و هو يشهق بقوة .. بدا أصغر من سنوات عمره الثلاثة عشر و حور تضمه بقوة ليجهش باكيا في حضنها ..
      شعرت بشهقاتها تلك تمزق فؤادها .. و هي تهمس قرب أذنه مطمئنة ..
      - بس .. خلاص .. يا الله حبيبي .. خلك ريال .. ليش تصيح ..؟؟ باكر مايد بيسير وياك المدرسة و بيخلص الموضوع ..
      و لكن نايف كان يبكي بقوة .. راحت تهزه بصبر .. مر وقت طويل قبل أن يهدأ و يمسح وجهه المحمر المنخفض .. هناك نبض في صدغها يكاد ينفجر .. و لكنها تجاهلته و هي تمسك بقبضته في يدها و تسأله بحنان ..
      - بلاك ..؟؟!
      لم يرفع رأسه .. و عادت الدموع ترتجف على شفير مقلتيه و ارتعشت شفتيه .. بدا أنه سيبدأ البكاء مجددا .. انتظرته قليلا دون أن يجيبها .. ظنت أنه لن يرد .. و لن صوته تسلل لأذنها ..
      كان صوته منخفضا .. ضعيفا .. و بالكاد سمعته ..
      - أنـــــا خايــــف ..!
      أرسل همسه قشعريرة على طول ظهرها .. رفعت عينيها المتسعتين له و هي تهمس بخفوت و يدها تعتصر يده بقوة ..
      - من شوه ..؟
      .
      .
      انحدرت دمعة يتيمة على وجنته المبتلة من جديد و صوته يتهدج ،،
      - ما دري ..!!
      تأملت تلك الدمعة الصافية التي احتضنت وجنته بيأس ،، تكابد داخلها واحدة تشبهها ،،
      .
      .
      هي أيضا مذعورة ..
      و لكنها تدري مما ..!


      * * * * *

      رغم استسلامها للسواد المحيط بها و انفصالها عمّا حولها .. إلا أن أذنيها التقطتا صوت الباب الذي فتح بهدوء .. ثم تلك الخطوات الواثقة الرشيقة التي تقطع المسافة من الباب إليها ..
      لقد ظلّت لسنوات تنصت لهذه الخطوات .. لقومها .. لرحيلها .. لتواترها ..
      و لحنينها ..
      ها هي تتوقف أمام سريرها مباشرة .. تكاد تجزم بما قد يرتسم على وجه هذا الحبيب ..
      كم اشتاقت أن تمد يدها إليه لتحتضن رأسه على صدرها .. لتقبل جبينه بشوق .. لتلاحقه بدعواتها و ابتهالها للرب كي يوفقه ..
      و لكن ..
      هناك الكثير من الأحلام و الأمنيات التافهة كانت قد رمت بها طي النسيان ..
      لم تعد ترغب بشيء الآن .. أضحت تنفر من كل شيء حولها .. من كل شيء ..
      ثقل هذه الجدران حولها تجثم على أنفاسها .. تخنقها .. و تخنق تلك الذكريات الصغيرة الباقية داخلها ..
      لم تعد تريد شيئا من حاضرها و المستقبل .. تتمنى لو يتركوها و شانها ..
      أن تظل لوحدها كي تغرق نفسها فيى زاوية من الروح تزخر بالصور القديمة ..
      نقيّة ..
      لها رائحة ذاك الزمان الغابر .. الذي حمل في جعبته كل ماهو جميل و أصبح طي الذكرى و الأيام ..
      فلم يعد له بقية سوى في أذهان و أرواح من عاشوه .. تكاد تراهم أمامها الآن .. اطفالها صغارا .. جميعهم هنا الآن .. تداعب هذا .. و تصيح بهذا .. و تؤدب هذا ..
      و تغسل ذاك .. ثيابهم البسيطة .. أرزاقهم القليلة .. و ألوان باهتة لم يعد لها انعكاس في تلك الصور .. و صدى ضحكات ذاوية .. بعيدة .. تخفت مع ابتعادها ..
      و احساس له رائحة التراب المبتل .. بالماء أو الدموع ..
      و صرخات أطفال يلعبون ..
      و حماس براءةٍ لم يعد لها أثر هنا ..
      و وجود ..!
      .
      .
      لامست شفتيه الدافئة جبينها بحب و هو يطبع عليه قبلة عميقة . حملها كل ما يخالجه من شوق .. لتلك الأم التي آمن منذ أيام أن لا أمل قد يعيدها .. و لكن ..
      هناك فتيل أشعتله تلك الطفلة الخرقاء بتحدٍ أجوف .. علم أنه بمثل هذا الخبر قد يوقد قابس نور في روحها .. سيحملها للحياة مجددا ..
      يوجعه أن يرى أبناء الراحل قد تجاوزا ألمهم بينما لا تزال هي تتذوق الأمرين من حر فراقه ..!
      يركع على ركبيتيه و هو يلتقط كفها و تهدج الأنفاس تأثرا دليل على أنها ليس غافية .. هي هنا .. و تشتاق له أيضا ..
      و لكن تخنق الاحساس في جوفها .. فلم يعد هناك ما يستحق أن يُشعر به بعد رحيل ذاك الابن و الحرمان ،،
      غريب كيف لاقتلاع الأمل من قلوبنا أن يتركنا موتى احساس .. بلا أنفاس .. ممزقين ..!
      يدنو من أذنها بحنان و هو يهمس بهدوء ..
      - السلام عليج يا أميه ..
      و انزلقت تلك العبرة تسيل على جانب وجهها و شفتيها ترتعش .. شعر بشيء كالنار يتقد داخله و هو يلتقط تلك الدمعة بين أنامله ..
      - ليش الدموع يا الغالية ..؟!
      ازداد تدفق عبارتها تباعا و ارتفعت شهقاتها تهز جسدها الضئيل .. كانت عاجزة عن كل شيء الا البكاء .. عاجزة عن الابتسام .. عن النسيان .. عن مواصلة العيش .. و الحب مجددا ..!!
      راح يمسح على شعرها الأبيض التي استباحه الشيب بوقاره .. و هو يقول ..
      - الواحد لو مات منا ... ما يبا الا صبر أحبابه و دعواتهم .. و الا الدمع يعذبه و يعذبهم .. و لا به فايدة .. سبحان الله .. هو لي يعطينا .. و هو لي ياخذ منا .. كل شي حق لويهه ..
      راح يملس خصلة .. يشعر بان الصورة انقلبت بشكل ما .. أصبح هو الكبير و هذه صغيرته .. أراد باخلاص أن يمسك بكفها هذه التي رسمتها السنون اخاديد عميقة .. ليعيدها لطرقات الأمل مجددا ..
      - انتي تعترضين على حكم الله ..أمااه .. الله يهديج .. الله عطاج الولد و خذه .. و عوضج بعياله ..
      ثم ابتسم بوجع .. كان ألمها بمزقه .. هو .. الذي اعتاد أن يكون صلبا .. قويا .. لا يقوى رفع رأسه ليجابه دمعة قد تسكن مآقيها الحبيبة ..
      - انتي ما تبين تشوفين عياله ..؟! بنييبهم عندج هنيه .. بيتمون تحت عينج .. عيال حمد و بناته .. و عيال عياله بعد ان شا الله ..
      أجهشت باكية حال تلفظه بتلك الكلمات و هي تشدبيدها على طر الفراش .. كان صوتها يخرج من بين شهقاتها متقطعا ،،
      - عياله مايبوناا .. ما تشوف محد منهم يانا البيت ..؟!
      أرخى جفنيه بثقل .. هنا المربط اذا ..! ابتسم بتفاؤل و هو يقول ..
      - الله يهديج .. وين ايونج هنيه .. انتي ناسية انهن بنات .. و ما وراهن ريال .. أمهن في العدة و ما يروم يودرنها .. و خوهن ياهل .. أول ما توفي أمهن العدة كلهم بنييبهم هنيه .. حرمة عميه و عياله .. في البيت العود .. ما ينحطهم الا عندج .. شوه تيبن أكثر ..
      كان صوتها ممزقا و هي تهمس بيأس ..
      - معاد فيها .. لي انكسر انكسر .. عيال ولديه غرب .. لا أعرفهم و لا يعرفونيه .. كبروا بعيد .. و ولديه مات .. مااات ..
      و انتفضت بنشيج عالٍ و صوتها يرسل وخزات ألم موجعة في قلبه و هي تقول متلوعة ..
      - آآآه ليتني مكانه تحت التراب ..
      مسح غيث وجهه بصبر حقيقي و هو ينهرها عن هذا القول ..
      - استغفري ربج يا أميه .. انتي انسانة مؤمنه ..
      و راح يكشف تلك الورقة الأخيرة .. اليتيمة ..!
      - الله يخليج لنا و لعيال حمد .. و لولده لي ياي في الدرب ..
      تستمر لوهلة في ذرف الألم من محجريها .. ثم تتوقفها تلك الهمسة ..
      لمسة من أنملة أمل .. بارقة من حلم قديم أخذت تنبثق من بين أوجاعها و هي تتأمل وجهه الأسمر القوي و هو ينظر اليها بثقة ..
      للحظات لم تعد في الأبجديات أية كلمة قد تتلفظ بها .. لتفجر حيرتها .. دهشتها .. فرحها .. و بكاءها .. املها و يأس استبد بها ..
      لم تعد تنطق سوى بأصابع أرهقها الزمن تعتصر قبضته الكبيرة و تشد عليها .. و دموع أخرى ترتجف على عينيها ..
      و تتساقط لتروي قلبها غير مصدقة و هو يبتسم لها بشجاعة ..
      - حرمة عميه حمد حامل ..
      .
      .
      لم يعد لكل ما مضى قيمة .. و لم تكترث مطلقا لما قد تحمله أيامها القادمة .. تمنت الموت الآن و على خدها دمعة الفرحة هذه .. و هي ترتجف بشدة و تبكي بصوتٍ عالٍ .. هذا أمل ..
      هذه حياة ستشهد مولدها و ترعرعها .. ستعيش ما حرمت من ابنها معه ..
      ستكون حية لمرّة أخرى .. لترى جزءا من روح ابنها الراحلة .. كان هذا الاحساس اكبر من حدود أوجاعها ..
      تحرك بسرعة يضمها لصدره بقوة .. يحوي فرحتها المتفجرة ..
      .
      .
      لم تعد تجد وسيلة للتعبير هذه الأيام سوى ملوحة الدمع ..
      أو حلاوته ..!

      * * * * *
      كان الغد الجديد قد أزف ،،
      و هذا هو أول يوم من بقية حياتهم ...!
      .
      .


      لمْ أحححبكك من فراآاغ ,/
      كي أنسسسسإآك من فرآغ . .
      احببتكك بِ قنآإعه عظّيمه ـ‘
      و سَ أنساك بَقناعه أعظم !|



    5. #50
      الصورة الرمزية ♥} آمـل الـ عٍ ـشآق ♪
      تاريخ التسجيل
      Dec 2009
      الدولة
      " ع‘ــشقـِـِـي آلمَدينـَـَـَـﮧ ..
      المشاركات
      18,765
      معدل تقييم المستوى
      97

      افتراضي

      أصوات الحافلات المدرسية و ازدحام السيارات القادم من البعيد .. رائحة دخان المركبات تعبق بالجو ..
      رغم هذا لا زال تلك النسائم المعتدلة في أول النهار تبرد وجوههم المحمرة حماسا و هم يحملون حقائبهم على ظهورهم متوجهين في مجموعات لانتظار الحافلة عند المواقف ..
      ضحكاتهم .. أحاديثهم .. و حتى ألعابهم .. تملأ الطرقات ..
      ستقع عينيك على تلك الصور الجميلة .. نشاط يدب في هذه الكائنات الصغيرة و هي تقصد أن تستشف علما ..
      أشعة الشمس اللطيفة تداعب الشوراع السوداء .. و بيوت الطين المنتشرة في هذا المكان ..
      تجاور المنازل .. و تلاصق جدرانها .. نوافذها القريبة .. أبوابها المنخفضة ..
      و هناك تقبع نخلة وحيدة .. او يحتضن السور الضيق أشجارا وضحت قممها ..
      ذلك زوج حمام يداعبان بعضهما على سقف منخفض .. أو سربٌ فضل الرحيل فجأة في منظر مهيب أشعل فتيل صيحات طفولية و أنامل صغيرة أشارت له ..
      تلك البراءة تختفي في البقالة العتيقة لتخرج منها محملة بقطع الحلوى الصغيرة .. يتقاسمونها ..!
      هذه أم تقف ببابها تنتظر وصول الحافلة لتنطلق بابنتها .. و ذاك رب عمل ترك بيته متوجها لطلب الرزق ..
      عامل البلدية بلباسه البرتقالي المميز يعلق على كتفه كرتونا كبيرا فارغا يلتقط القمامة من الطريق ليضعها فيه ..
      .
      .
      سحبت نفسا عميقا و ابتسامة غريبة تناوش شفتيها .. رغم أن عينيها الساخنتين تكادان أن تخرجان من محجريها و رأسها أخذ يضج بأصوات لا وجود لها .. ثقل في أطرافها يمنعها من التحرك ..!
      رغم سخونة جسدها البالغة .. و شعورها بالبرد .. إلا أن تلك البسمة أبت إلا الظهور ..
      هذه الصورة من الجمال بحيث حفرت بالدفء الذي احتوى قلبها الصغير في الذاكرة ..!
      لتشد اللحاف حول جسدها و هي تجلس أمام البيت .. و تلوح بيدها لهند التي قادت مزنة نحو موقف الحافلة .. فيردن التلويح بحماس .. قبل أن ترفع رأسها لدانة التي تقف فوقها و تسألها بصوتها المتحشرج بفعل المرض .. و هي تريح جبينها الحر على يدها ..
      - متى يي باصكن ..؟؟
      أجابتها بتعاطف ..
      - عقب ثلث ساعة .. حور حدري .. و الله شكلج تعبانة من الخاطر ..- و مدت يدها تلامس وجنة حور - أووووف .. شابة ضووو .. يوم ما فيج الا العافية ما تظهرين .. الحين يوم انتي رايحة فيها بتطلعين ..؟؟
      تأوهت حور و صوتها المخنوق يخرج من حنجرتها المتعبة خافتا ..
      - انتي غبية .. أصلا انا ما مرضت الا تضامنا ويا أمايا عذيجة .. الحين مايد بيي و يشجع ..
      و ابتسمت برثاء .. جلست دانة جوارها و هي تتنهد ..
      - أونها تنكت الأخت .. عاد هاي نكتة محمومة ما تضحك !! ..متى بيظهرن هالعيايز .. ما بقى شي ع الباص .. - أطلت برأسها داخل البيت تصيح - نووووووراااه .. عفراااااااا .. غريبة عفرووه تتأخر أحيدها أول وحدة تظهر فيناا ..
      - بلاها عفرا .. سمعتج تسبين ..
      قالتها عفرا و هي تنظر لدانة شزرا .. لترد تلك مدافعة ..
      - اعوذ بالله .. أحسني الظن يختي .. شعندكن أبطيتن عليه ..!
      خرجت نورة خلفها .. و هي تنظر لحور و دانة ..
      - عفرا انطر جوتيها .. و لصقناه .. - ثم أضافت ساخرة - تعرفين من كثر الجواتي احتارت أي واحد تلبس آخر شي عز عليها لولي .. - ثم استدركت بعينين متسعتين و هي ترفع الغطاء على وجهها - حوووه نحن في الشارع .. شعندكن كاشفات الشيفة ..
      تلفتت عفرا حولها بسرعة ..
      - لا تسوين لنا فيها محد هنيه ..
      حور ترفع طرف الشيلة لتغطي نصف وجهها بسرعة ..
      - صادقة نورة العرب سارحة دوامااتها .. و نحن مبسطات ..
      صاحت دانة بحماس و هي تشير لحاوية النفايات القريبة التي كانت ترمي فتاة فيها كيس كبير ..
      - ها هب فطوم ..- و صرخت بقوة منادية - فطاامطاام ..
      التفتت المقصودة في اللحظة التي قرصت حور أختها بغيض ..
      - و الله انج هب صاحية .. يا الخبلة فضحتيناا ..
      أدارت دانة عينها ببراءة ..
      - الشارع فاضي ..
      قالت عفرا بسرعة ..
      - حتى لو كان فاضي .. عيب ..! هاي فطوم ياية قدانا ..
      وصلت فاطمة و البنات يقفن جميعا ..
      - السلام عليكن بنات حمد ..
      رحن يسلمن عليها واحدة تلو الأخرى ..
      - و عليكم السلام ..
      قالت حور بصوت متحشرج بفعل المرض ..
      - حيا الله القاطعة ..
      توقفت فاطمة تنظر لها متفاجئة ..
      - مرحب خويه .. مناك الميلس ..
      ضحكت نورة بقوة .. فيما صرّت حور أسنانها بغيظ ..
      - سبالووه لا تطنزين ..
      خرجت من البيت المها تحمل كوبا تصاعد منه البخار لتدسه في يد حور و هي تبتسم لفاطمة بحب .. سلّمت فاطمة عليها بحبور و هي تقول ..
      - هاي شيختكن كلكن و الله .. مادري ليش أحبها ..!
      عفرا بسرعة تلتقط حقيبتها عن الأرض ..
      - خلاص يوم تكبرين بنيوزج اياها ..
      لوحت فاطمة بيدها ..
      - و انتي الصادقة بيوزها خوية ..
      طفا الاشمئزاز و الكراهية على وجوه الثلاث تباعا و هن يتبادلن نظرة حقد قبل أن تقول نورة بسرعة ..
      - ما نيوز مطلقين نبا واحد أعزب .. فرش .. هب مستعمل ..
      رفعت فاطمة حاجبها ساخرة ..
      - لي يسمعج يقول يالسة أحلف عليج انتي تتيوزينه ..
      قاطعتهن دانة بسرعة قبل أن يقال أكثر مما قيل ..
      - بس خلاص .. الحين بيي الباص .. يا الله باي ..
      قبّلت نورة حور و إحساس غريب يخالجها و عينها على فاطمة ..
      - ادعيلناا ..
      و وصتها عفرا بإصرار ..
      - اشربي مضاد و بندول .. و ارقدي .. ما بيي العصر الا و انتي ترقصين ..
      هزت حور رأسها بأسى و هي تشعر بالدوار ..
      - خير ان شا الله ..!
      بقيت فاطمة تحدّثها لبعض الوقت هي و المها قبل أن تذهب مضطرة لترى أمها .. لحظات قبل أن تدلف المها هي الأخرى .. تاركة حور في انتظار مايد الذي مرّت ثلث ساعة أخرى قبل قدومه .. و هي تحمي وجهها من أشعة الشمس التي راحت تتسلط عليها بلا رحمه ..
      في اللحظة التي توقفت فيها سيارته الصغيرة أمام البيت و هو ينزل .. هبت حور واقفة تستقبله .. سلّمت عليه و هو يقول باعتذار ..
      - تأخرت عسب ندخل الإدارة سيده و ما نرقب الطابور ..
      ردّت عليه بهدوء و هي تشعر بأنها خائرة القوى .. جلوسها هنا لم يساعدها كثيرا ..!
      - ما عليه أنا بسير أزقره من داخل و أول ما تخلص أمورك وياهم اتصلبيه و خبرنيه شوه الموضوع ..
      أمسك يدها قبل أن تستدير للداخل و هو يسأل فجأة ..
      - بلاه صوتج ..شي يعورج ..؟؟
      هزت رأسها بسرعة و الغطاء يخفي ابتسامتها المتعبة ..
      - ما شي .. بس تعبانة شويه .. يا الله ما بأخرك .. دقيقة بس ..
      و دلفت للداخل و عيناه تتبعها ..
      بدت غير طبيعيّة تماما ..!

      * * * * *


      لمْ أحححبكك من فراآاغ ,/
      كي أنسسسسإآك من فرآغ . .
      احببتكك بِ قنآإعه عظّيمه ـ‘
      و سَ أنساك بَقناعه أعظم !|



    6. #51
      الصورة الرمزية ♥} آمـل الـ عٍ ـشآق ♪
      تاريخ التسجيل
      Dec 2009
      الدولة
      " ع‘ــشقـِـِـي آلمَدينـَـَـَـﮧ ..
      المشاركات
      18,765
      معدل تقييم المستوى
      97

      افتراضي

      كان يقطع الممر الفاخر المؤدي لمكتبه بخطى واسعة و هو يسأله بصرامة في الهاتف ..
      - متى بيكون عندك بريك اليوم ..؟؟!
      تدفق صوت أحمد مفكرا و هو يجيبه ..
      - آممم .. ع الساعة وحدة و نص ..
      تجاوز مكتب بطي ليدلف مكتبه بسرعة مغلقا الباب خلفه .. صوته يتردد بين الجدران .. ىمرا ..
      - خلاص مرنيه الشركة بعطيك بطاقة و أوراق الحساب توديها بيت عميه حمد .. انشد عن حور يوم بتظهر لك عطها الأوراق و قلها غيث طرشنيه أعطيج اياها .. فهمت ..؟!
      سأله أحمد بفضول حذر ..
      - حور .. لي هي حرمتك ..؟؟
      أجابه غيث بنعومة خطرة ..
      - هيه ..
      رد أحمد بطاعة ..
      - خلاص أنا بشل بو سلطان ويايه و بنسير رباعة .. و لا يهمك يا خويه ..
      .
      .
      أنهى المكالمة بسرعة و هو يمد يده نحو جهاز الاتصال الداخلي قبل أن يتوقف فوق الزر مباشرة ..
      رفع يده و عينيه تلمعان بشيء غريب .. التقط الهاتف المحمول مجددا .. و تلك الفكرة تنبثق في ذهنه من العدم .. عليه أن يتصل بها ليخبرها أنه سيرسل البطاقة مع أحمد ظهرا ..
      ابتسامة غامضة ناوشت شفتيه ..
      هل هذا هدفه .. أن ينبئها بقوم أخاه .. أم أنه أراد أن يختبر طاعتها ..
      يرغب في التأكيد على أنها تسير وفق ما رسمه من منهج لها ..
      شيء مجهول يدفعه للمس العناد مجددا و هي تقاوم بيأس ما يفرضه عليها .. يستلذ ذاك التخبط اليائس و محاولتها البحث عن فرجة للانفلات من قبضته ..
      راحت أصابعه الطويلة تبحث عن رقمها بسرعة بين الأسماء .. كم سيكون مذهلا أن يجد هاتفها مغلقا بعد أن أمرها بفتحه ..
      ستكون حجة لتلقينها الأدب مجددا ..!
      لحظات و أعلن الصوت المتقطع توافر الرقم .. و لكنه استمر في الرنين حتى انقطع .. تصلبت ملامحه و حاجبه الأيسر يرتفع ببرود ،،
      حسنا مرة أخرى .. و سيرى إذا كان بإمكانها أن تتجاهله أيضا ..
      .
      .
      .
      .
      .
      .
      كان الظلام الكثيف يحيط بها .. و هي تشعر بالهواء يضج في أذنيها .. رأسها ثقيل .. و هناك عرق ينبض بجنون في صدغها .. أنفاسها الساخنة تحرق انفها و فمها .. و هي تبتلع ريقها لتبلل حنجرتها الجافة .. رغم جسدها الساخن .. إلا أن الشعور بالبرد يكاد يقتلها و هي تلتف في بطانيتين مثنيتين .. تغرق للحظات في عالم سوداوي مليء بأحلام مزعجة غير مفهومة .. لتجد نفسها ليست نائمة .. بل تهذي ..!
      هناك صوت يصيح بجنون عند رأسها .. تريد أن تهوي عليه بقبضتها فتسكته .. و لكنه يخرس لوحده ..
      ثانيتين قصيرتين من الراحة قبل أن يعود للصياح قرب أذنها بجنون .. تشعر بأنه يكاد يشل حواها المرهقة .. أ هو الهاتف ؟ .. بالتأكيد ..!
      بشكل ما استطاعت التقاطه و الرد عليه .. و رأسها يعود ليغرق في الوسادة .. عيناها مغمضتين .. و صوتها ياتي من غياهب الحمى .. هامسا .. تستميت ليصل إلى أذن من يريدها ..
      - ألووه ..!
      .
      .
      .
      .
      .
      .
      انعقدا حاجبيه حال تدفق صوتها الرخيم المبحوح عبر الهاتف ليسأل بقسوة ..
      - ليش ما رديتي يوم اتصلت ..؟
      لحظات صمت ثقيلة تمر دون صدى لإجابة ينتظرها .. ماذا ..! هل أنهت المكالمة ..؟؟ بالتأكيد لا .. يمكنه أن ينصت لأنفاسها المتسارعة ..
      و لكن ما أثار دهشته و ألجمه صوتها الحائر و هي تسأل بهمس ..
      - منوه ..؟
      أبعد الهاتف قليلا .. ماذا ..؟! هل أخطأ في الرقم ..؟؟!
      تساءل بهدوء ..
      - حور ..؟
      عاد صوتها الخافت يتردد في أذنه ..
      - هيه .. منوه ..؟
      راح يضرب بأنامله سطح المكتب في حركة رتيبة .. هل انتشلها من نومها يا ترى ..؟
      - أنا غيث ..
      - نعم ..؟
      - أنا غيث ..
      قالت وصتها الخافت يرتفع أكثر ليبدو مسموعا و هو يتقطع .. حقا يبدو أنه أيقظها .. فلم تبدو في كامل وعيها ..
      - ادري انك .. - و صمتت لبرهة قبل أن تتابع - انك .. غيث .. خير شوه تبا ..؟
      حسنا .. ألا تبدو أقوى الآن و هي بعيدة عن متناول سلطته و المواجهة ..! قال ببرود ساخر ..
      - أبا أسولف وياج ممكن ؟؟..
      - فاضي انت ..!
      جيد .. تتمادى في تمردها .. سيجد الوقت حتما ليعلمها الخضوع قربه .. و إن قطعت بينهم مسافات .. قال يوجز بعجرفة يعرف أنها ستوجعها بما يكفي حتى يلقاها مجددا ..
      - أحمد خوية بيمركم الظهر و بيعطيج البطاقة لي حولت لكم فيها فلوس ..
      حالا أتاه الرد و هي تقول بصوت متحشرج ..
      - انته ما تفهم نحن ما نبا منك شي ..
      أراح يده على الطاولة باستمتاع .. يدرك أنها تتألم لما يفرضه عليها ..
      - هب ع كيفج .. البطاقة لي بييبها أحمد شليها أخيرلج لا تخلينيه أييبها أنا بنفسي ..
      كانت نبرة التهديد واضحة .. و صوتها الضعيف يردد العبارة متقطعا ..
      - ما .. ما تفهم .. ما نبا شي .. منكم .. مانبا شي ..
      انقطع الخط بينهما فأدرك بغيظ حقيقي أنها أنهت المكالمة و أغلقت الهاتف في وجهه .. قاوم رغبة مجنونة في أن ينهض من مكانه ليريها حجمها ..
      أعاد الهاتف على الطاولة بصبر ..سينتظر إلى أن يرى ما قد تفعله بالبطاقة التي سيحضرها أحمد ..
      إذا رفضت .. سيتمتع كثيرا بإجبارها على الإحجام عن المكابرة ..!
      .
      .
      الغريب أن تلك الفتاة التافهة أصبحت تتمعن في إثارة غيظه ..
      و هذا ما لن يسمح لها به ..!

      * * * * *


      لمْ أحححبكك من فراآاغ ,/
      كي أنسسسسإآك من فرآغ . .
      احببتكك بِ قنآإعه عظّيمه ـ‘
      و سَ أنساك بَقناعه أعظم !|



    7. #52
      الصورة الرمزية ♥} آمـل الـ عٍ ـشآق ♪
      تاريخ التسجيل
      Dec 2009
      الدولة
      " ع‘ــشقـِـِـي آلمَدينـَـَـَـﮧ ..
      المشاركات
      18,765
      معدل تقييم المستوى
      97

      افتراضي

      انخطبتي ..!!
      نظرت لها روضة بهدوء ..
      - لي يشوفج يا رواية يقول أول مرة أنخطب ..!
      هزت راوية كتفيها و هي تلتفت حولها لتتأكد من أن انفعالها لم يجذب أيا من أنظار المتواجدات في مقهى الجامعة ..
      - لا هب أول مرة .. بس مادري .. قلتي ولد عمج ..؟؟
      أومأت روضة بإيجاب و هي تحرك عصيرها ببطء شديد .. لم تكن صدمتها أقل من صدمة صديقتها .. التي تابعت تتساءل ..
      - شوه اسمه ..؟
      - سيف ..؟
      - أكبر عنج ..؟
      - بسنتين بس ..
      ابتسمت راوية بمكر و هي تتأمل وجهها الهادئ ..
      - أهاا .. و شوه .. كشخة ..؟؟
      ارتفعت عينا روضة تغشاها الحيرة ..
      - هاا ..؟؟
      رفعت راوية حاجبها ..
      - كشخة .. حلوو .. كيف شكله ..؟
      نظرت روضة للأسفل ثانية قبل ان تهز كتفيها بعجز ..
      - مادري ..!
      شهقت الأولى بصدمة ..
      - ولد عمج و خاطبنج و ما قد شفتيه ..!!!!!
      هزت روضة رأسها و ذهنها يتشتت .. لم تنتبه يوما لسيف .. لم يخطر لها أن ترى وجهه اذا كان جميلا أو لباسه إذا كان مهندما .. كانت هناك هالة من السلام تحيط به تشغلها عن ذلك .. لقد كان دوما هادئا .. منزويا في اجتماعاتهم المختلطة ..
      - لا شفته .. بس مادري .. يعني شوه أقولج .. هو نشوفه بس ما ندقق في ملامحه ..
      ضحكت راوية ..
      - شوه يستحي ..؟!
      ارتشفت روضة عصيرها بشرود ..
      - لا بس .. هو ملتزم .. و ييلس بعيد عنّا ..
      كان النفور جليا من الفكرة يعلو وجه صديقتها و هي تستنكر ..
      - مطوع ..!!!!!
      اتسعت عينا روضة باستفسار ..
      - هيه مطوع .. ليش .. فيها شي ..؟
      صمتت راوية لبرهة قبل أن تقول بصراحة سافرة ..
      - لا ما فيها شي .. بس الله يعينج .. الصراحة الريال يوم يكون مطوع يلعوز حرمته .. تشوفينه بس يتأمر .. الا يبا يغير هذا .. و هذا هب عايبنه .. و هذا حرام .. و هذا غير مستحب .. الدين يسر .. بس الرياييل لي كذيه يخلون كل شي ممنوع ..!! يعني بيشد عليج وايد روضاني ..
      بدا الكلام قاسيا للغاية و هي تحاول استعادة صورة ابن عمها الطيبة .. تلك الأخلاق العالية .. و ذاك التعامل النظيف لم يبدو لها بهذه الفظاظة أو هذا الجانب الذي صورته صديقتها بإجحاف ..
      - و الله الحرام محد يرضاه لا مطوع و لا غيره .. انا نفسيه الحمد الله .. ما قد سويت شي يسحبنيه للغلط .. - ثم نظرت لراوية بشك - أحسج تبالغين ..!
      شخرت صديقتها ساخرة ..
      - و الله ما أبالغ . هو الموضوع أولا و أخيرا لج و القرار من صوبج .. بس أنا أبين لج جانب لازم تحطينه في بالج .. وحدة من بنات عميه ماخذة مطوع .. و ما نشوفها بالمرة .. و اذا لقيتاا في المناسبات ما يبين عليها الزين .. لا لبس شرات العالم و الناس و لا مكياج .. مادري رويض أحسج انتي بالذات حرام تاخذين مطوع .. يعني بما انج تحبين الكشخة و الطلعات و هالسوالف .. اعرفي ان كله هذا انسيه اذا عرستي بواحد بيشد عليج .. ع العموم هذا راي و انتي سوي لي يريحج ..
      الغريب أن صديقتها بدت معارضة للفكرة بقوة .. غير راضية عن زواجها من سيف ..
      هي لم تعرف سيف و لم تلتقيه قط ..
      سيف رجل مسالم و هادئ .. وجوده في المكان يعطي إحساسا دافئا بالطمأنينة .. و ابتسامته المتواضعة .. ربما لم تلتفت لوجهه يوما .. و لم تفكر به كزوج و لم يخطر لها ما شابه من هذه الأمور..
      حاولت اعتصار مخها لتكوين صورة قريبة له .. و لكن لم ترى أمام عينيها سوى وقار لحية سوداء و ملامح مبهمة ..!
      و لكن ..
      هناك خيط خبيث أخذ يُحبَك في الصورة الجميلة.. ليشوهها .. و كلمات صديقتها ترتطم بصفحة الماء الصافية في ذهنها .. مكونة دوامات كبيرة ..
      .
      .
      دوامات ،،
      دوامــــات ..
      دوامــــــــات ..!
      .
      .
      كثير من هذه الدوامات في حياتنا .. شيء من المعتقدات السخيفة يخلقها ..
      و أشياء خاطئة تجعلنا موقنين بأن هناك جانب أسود للخير .. لن نراه إلا إذا اقتربنا منه ..
      عندها لن يكون هناك خير قط ..
      سيكون له اسم آخر ..!

      * * * * *

      الضيق يكتنف صدرها و هدى تصدر أصوات انفعالاتها المضجرة التي أعلت قلبها ..
      - حيوانة .. أنا أقول هالاشكال ما منها أمان .. حبيبتي لا تضيقين صدرج .. بنعرفج على وحدة تسواها و تسوى طوايفها ..
      دفنت وجهها بين كفيها .. لا تريد الا أن تتوقف عن الحديث فهي تمعن في غرس ذاك النصل في روحها .. قالت بصوتٍ غليظ تنهرها ..
      - بس سدي السالفة .. طاريها يكرهنيه فحياتيه .. ماريد أتعرف على غيرها ..
      و بحركة سريعة سحبت غطاء شعرها بخفة لتضعه على كتفيها .. و كأنما بهذه الحركة و ما ظهر وراءها تنهي الحديث ..
      شهقة هدى المنبهرة كانت خير دليل على فداحة ما فعلت .. تعلم الآن أن أمها ستقتلها دون شك .. لن يطول بها الأمر قبل أن تكتشف الأمر ..!
      - قصيتييييييييه ..!!!!!!
      أومأت برأسها و هي تتخلل شعرها القصير الذي يصل لمنتصف رقبتها بأصابعها .. و عيني هدى تضيقان ..
      - ليش ..؟؟ أحيدج ما كنتي تبين تقصينه ..!!
      هزت كتفيها تقول ببرود يعاكس تلك الحرقة التي تسكن روحها ..
      - غيرت رايي ..
      .
      .
      رغم صوتها الواثق إلا أن احساسا انهار بداخلها .. شيء أرادت أن تبكي لأجله ..
      شعور قاتل بانها تجاوزت حدا ما .. و لم يعد هناك وازع غيره قد يردعها ..!

      * * * * *


      لمْ أحححبكك من فراآاغ ,/
      كي أنسسسسإآك من فرآغ . .
      احببتكك بِ قنآإعه عظّيمه ـ‘
      و سَ أنساك بَقناعه أعظم !|



    8. #53
      الصورة الرمزية ♥} آمـل الـ عٍ ـشآق ♪
      تاريخ التسجيل
      Dec 2009
      الدولة
      " ع‘ــشقـِـِـي آلمَدينـَـَـَـﮧ ..
      المشاركات
      18,765
      معدل تقييم المستوى
      97

      افتراضي

      تحركت الحافلة منطلقة بعد أن أنزلتهن عند رأس الشارع .. و نورة تتلفت حولها بسرعة و هي تقول بحماس ..
      - شرايكن نربع البيت قبل لا يي ويه العنز الحين ..؟!
      و كأنما علم بنيتها برزت مقدمة سيارته العتيقة من الشارع المجاور .. تسير بتهالك نحوهن و دانة تقول بحقد ..
      - و الله لو راكبة صاروخ بيلحقج الحقير .. الله يغربله ان شا الله .. هذا ما وراه شغله غيرناا ..!!
      قالت عفرا بقوة ..
      - انطبن و طنشنه شرا كل مرة .. و نورة لا تردين عليه أبدا و لو يلس يسب حتى ..
      لوحت نورة بيدها غير مكترثة و هي تقول بكراهية ..
      - يخسي و الله أفره بجوتييه لو زودها .. عنلاته ..
      كانت السيارة تمشي بمحاذاتهن الآن .. و صوته القذر يرتفع بشوق زائف ..
      - يااا الله يا رب .. كم بعيش أنا .. كل يوم و أنا شوف أغصان البان تتمايل .. هيييه .. هيييه .. يا الله .. يسار .. يمين .. آآه يا فواديه ..
      همست نورة بمقت ..
      - غصن في عينك يا الكلب يعلك العمى .. يعل فوادك العلة .. يا ويه العنز ..
      صرت عفرا أسنانها بخفوت ..
      - جب ..
      كان ألم رهيب يكتنف صدرها .. و كل أملها أن لا يطل أحد من نوافذ البيوت المجاورة ليرى هذا المنظر البمعتاد .. ما الذي قد يقال عنهن ..! كل يوم و هو يقوم بملاحقتهن و لا يردعه التجاهل ..
      ليس لهن ظهر يسند اليه حملهن .. هن ،،
      فتيات .. لا هم .. و لا فخر .. و لا ثمين لهن .. سوى سمعة ..
      قد تلطخ بأدنى قذف يصيبهن ..
      لم يجدن الشجاعة ليخبرن أباهن حين كان هنا .. الآن في غيابه تمادى هذا الحيوان .. و أصبح يدنو من افتراس حرماتهم ..
      شعرت بالضعف .. باليتم ..
      لا أحد قد يتصدى لهذا الحقير .. فها هو يصل لعتبات بيتهم الآن بعد أن كان يهاب اقترابه ..!
      من أين لهم أن يأتوا بعزوة .. من أين ..!
      .
      .
      يــابــــوي شــفـت الـــويـل وأنا لحـــالــي
      ....تـــــركـــتنــي للـــــوقــــت ولضــيــــم الأقـــــــــــــراب
      مــــالي عضـــيــد(ن) في حيــاتي مــوالي
      .... أنخــــــــاه لاضـــــاقــــــت مــــعــــي كـــل الأســــــباب
      أخــــذ بــرايــــه لاتسـكـــــر مجــــالـــــي
      ...... وفيـــه اعـــــــتزي كــــــــان الــــزمـن كشـــر الــــناب
      مــــالي سنـــــد غــــــيرك ولالي ولا لي
      ......غــــــــــيره ســــــــوى المــعـــــبـود هــــو رب الاربــاب
      .
      .
      .
      .
      .
      .
      أخفضت صوت المسجل الذي كان يصدح في السيارة بقوة و هو يقول بضيق ..
      - يا خوك ما رمت أقوله ..!
      نظر له هزّاع بقوة و هو يقبض على مقود السيارة بعصبية ..
      - و الله انك معثور .. ترانيه قلت لسيف انك ظاهر ويانا .. شوه بيقول يعني غيث .. قلّه انيه ساير وياك .. شدراه اننا سايرين سباق .. احمد .. لا تطولها و هي قصيرة ..
      أعاد أحمد ظهره للخلف و هو يشير لمقدمة السيارة ..
      - انزين طالع قدامك لا تخطف الشارع لي فيه البيت .. بعدين انا تميت ساعة واقف قدامة .. لقيته معصب و يهازب .. ما يتناغى يا رياال .. لو قلتله كان كفخني بشي .. اصبر الين العصر بسير بيت يدي و برمسه هناك ..
      ثم قال بهدوء ..
      - و بعدين نحن ليش حارقين أعصابنا .. يعني سباق دراجات .. و هب رسمي .. لمة شباب .. لو ما سرنا العافية ..!! أهم شي السباقات العودة لي صدق بتسابق فيها .. - ثم أشار إلى الشارع الجانبي - حول حول .. هذا الفريق ..
      أدار هزاع المقود و هو يقول بعناد ..
      - حتى و لو .. ياخي خلنا نظهر و نوسع صدورنا .. و لو ما طاع غيث خبرنيه .. بنقردن سيف يرمسه .. أي بيت ..
      - آخر واحد الأبيض ويا البني .. الحين سيف لو درا ان غيث ما طاع بيعيد و بيقولك لا ..
      صمت لبرهة و عيناه تضيقان مما يرى ..
      - هاييلا البنيات هب سايرات قدا آخر بيت ..؟!
      احتبست الأنفاس للحظة مع ادراكهم أن صاحب السيارة الذي يلاحق الثلاث فتيات يصل لآخر الشارع الذي لم يعد به بيت سوى بيت عمهم ..
      ليضغط هزاع بقوة على دواسة البترول و تنطلق السيارة بسرعة رهيبة للأمام مع صوت أحمد الذي شتم بقوة ..
      - ولد الكلب ..!!
      للحظات لم يعد يرى سوى اللون الأحمر يغشى كل شيء أمام ناظره .. و مقدمة سيارته الفارهة تقترب بسرعة جنونية من مؤخرة سيارة سالم المهالكة لتصطدم بها من الخلف بصوت مروع قفزت اثره الفتيات اللواتي تجمدن دقيقة في مكانهن مصدومات قبل أن يهرعن للباب الذي كان قريبا ..فتح بابه هو و أحمد بقوة لينزلا راكضين نحو صاحب السيارة الذي كان قد نزل منها مذهولا .. في خطوتين وجد نفسه يقف أمامه يجره من تلابيبه .. و أحمد يسدد لكمة مباشرة لأنفه .. انهالا عليه ضربا و ركلا دون توقف ..
      شيء كالسعير كان يحرق جوفه و رغبة عارمة في تمزيق هذا الحيوان بأسنانه ..
      لم يكونا يعرفان الفتيات أو أسمائهن .. لا يعرفان عددهن .. و لم يصادفا هن قط .. و لكن يكفيهما بأنه يشار اليهن ببنات عم ..!
      و قد تخطى هذا الحثالة حدوده و مس عرضهم .. تعرض لمن تربط بهم صلة قرابة دثرتها السنوات نسيانا ..
      رغم هذا كاد يقتله .. كان أحمد يضربه بقوة و حقد غير طبيعيين .. و أدرك بأن الرجل قد يقتل بين يديه .. لذلك راح يشده بقوة للخلف فيما ينفلت مجددا منه ليركله و يبصق عليه .. و هو يشتم عاليا ..
      حقا هذا الأمر تجاوز حدود تمالكهما للنفس ..
      لم يحدث أن مشت أحد بناتهم في الشارع ليعترضها مثل هذه الحثالة ..
      كان موقفا رخيصا .. أصابهم في كرامتهم ..!
      .
      .
      .
      .
      .
      .
      - شووووه ..؟؟!
      همست بتلك الكلمة بما تملك من بقايا قوة .. و رأسها يثقل ببطء ..
      عفرا لا تزال ترتجف و دانة تبكي بخوف .. أما نورة هي من تمالكت نفسها لتدرك الأمر ..
      - سالم ولد ييرانا ..؟؟!
      ارتعش صوتها و هي تنظر لحور التي راحت تقاوم الارهاق البادي عليها و عيناها تجحظان ..
      - هيه .. هوو .. بس مادري منوه راعي السيارة .. قدام البيت يا حور ..
      ضغطت حور بيديها على جانبي رأسها و هي تهمس ..
      - نايف ..!
      التفت اليها و وجه الصغير يتميز غيظا .. همست له ..
      - سير شوف شوه السالفة .. بسرعة ..!
      قفز بقوة من مكانه و هو ينذرهم ..
      - و الله لراويه الحقير .. و الله ما خليها له .. بفلعه بقب .. و الله ليروح دمه اليوم ..
      ضغطت حور على عينيها و هي تشعر بأن فقدانها لرشدها دانٍ اليوم .. حقا هذا ما ينقصها .. ابن جيرانهم يعاكس اخواتها .. و أحد ما قام بالاصطدام به ...
      .
      .
      .
      مرت دقائق ثقيلة قبل أن يأتي يعود نايف مهرولا و في وجه المتجهم يتصارع قلق و حماس غريبين ..
      - هذا أحمد ولد عمي علي و هزاع بطيخة .. دعموا سالم الكلب و ظربوه .. الشرطة يت الحين ..!
      .
      .
      دفنت حور وجهها بين كفيها الحارين .. و هي تشعر بيدي المها التي كانت تقف جانبها تحتضن رأسها بحنان أتعسها ..!
      و هي تمسح على ظهرها بهدوء ..
      أي احراج .. و أي ضيقٍ و أي فظاعة قد تفوق هذا ..!
      شعرت بعينيها الملتهبتين لا تتوقفان عن ادرار الدموع و هي تبلل صدر المها التي بدا لها باردا في تلك اللحظات ،، لا يمكن أن يبلغ بها اليأس قمة أخرى ..!

      * * * * *


      لمْ أحححبكك من فراآاغ ,/
      كي أنسسسسإآك من فرآغ . .
      احببتكك بِ قنآإعه عظّيمه ـ‘
      و سَ أنساك بَقناعه أعظم !|



    9. #54
      الصورة الرمزية ♥} آمـل الـ عٍ ـشآق ♪
      تاريخ التسجيل
      Dec 2009
      الدولة
      " ع‘ــشقـِـِـي آلمَدينـَـَـَـﮧ ..
      المشاركات
      18,765
      معدل تقييم المستوى
      97

      افتراضي

      وقف بجانب ابن عمّه و هما يقفان قرب الباب و أخاه الأكبر يسترخي في المقعد المواجه لمكتب الضابط و كأنما يملك المكان .. كان هادئا للغاية .. و يتحدث بصوت منخفض حازم النبرات .. كان الضابط ينصت له باحترام و اهتمام جلي ..
      للحظات فكّر بأنه ربما أخطأ في الاتصال بغيث .. فإذا كان غاضبا الآن و يلجم ثورته .. سيمزقه اربا حال اخلائه به ..
      ارتعد للفكرة .. و هو يبتلع ريقه .. نظر لهزّاع بتوتر لينصدم بابتسامة أنيقة تحتل وجهه .. همس بغيظ ..
      - شعندك تتضيحك يا الخبل ..!!
      نظر له هزاع ببساطة ..
      - كيفي عيناوي .. - ثم عاد يتأمل غيث بشيء من الغرور - و الله ان خوك هب هين شوف كيف قلب السالفة عليهم و الحين هو لي يبا يشتكي ..
      - حتى لو .. ما تنفع الشكوى و نحن ضاربين الريال .. يعله العوق ان شا الله ..
      وقف في تلك اللحظة غيث يصافح الضابط الذي هب هو الآخر باحترام ثم نظر لهما و غيث يوقع ورقة مدّت أمامه بسرعة ..
      - تفضلوا وقعوا التعهد يا شباب .. و مرة ثانية ما نبا نشوفكم هنيه ..
      ابتسم غيث للضابط مرة أخرى ..
      - ما قصرت يا بو عبدالله ..
      أومأ الضابط برأسه و هو يتأمل هزاع و أحمد يوقعان واحدا تلو الآخر ..
      - حاضرين طال عمرك .. و نشكركم ع التعاون الطيب ..
      .
      .
      بعد تبادل عبارات المجملة الطويلة التي بدت للاثنان كأنما تسرد في حفل عشاءو هما يقفان هناك بثيابهما الممزقة و الملطخة بالدمة ..
      خرجا مع غيث الذي كان يتقدمهما بسلطة و ما ان استقلا سيارته التي كانت البديل عن سيارة هزاع التي أُخذت لكراج تصليح السيارات بدل أن تحجز ..حتى تأملهما باشمئزاز و هزاع يشيح بطرف وجهه الذي الذي خُدش .. و أحمد يضع يدا تخفي شفته المتورمة .. و صوته الغليظ يملأجو السيارة ..
      - ماريد حد يدري عن لي استوا .. و لا حد حتى اعماميه .. الموضوع هذا لا ترمسون فيه حتى امبينكم .. تسمعون ..
      كانا كطالبين مذنبين يتلقيان العقاب من أستاذهما و هما يجيبان ..
      - ان شا الله ..
      و أردف هزاع بشيء من الحذر ..
      - و قوم عمي ..؟!
      بدت نظرة غيث أقسى من الجليد و هي تنعكس على المرآة الخلفية و صوته العميق يقول بوعيد ..
      - انا بخلص الموضوع ..
      .
      .
      كان يغلي بشدة الآن ..
      بدا أنهم بشيء من الاهمال قد فتحوا بابا لن يسد ..!

      * * * * *

      كانت الشمس قد غفت خلف حدود الأفق منذ ما يقارب الساعتين و سيارته الصغيرة تقطع الشوارع متوجهه لبيت خالته .. ألقى نظرة أخرى عليها ليجدها لا تزال تسند رأسها على زجاج السيارة و يديها المرتخيتين تحتضن كيس الدواء الذي أحضراه للتو من المستشفى ..
      صوت أنفاسها يتردد في السيارة بثقل كالخشخشة .. و هي تزفر باستماتة ..شعر بموجة حنان هائلة تجتاحه .. لم يرها قط مريضة بهذا الشكل .. كان هذا الفيروس منتشرا في الهواء و بين الناس بشدة هذه الأيام .. و حين اتصلت به عفرا تخبره بان عليه الحضور لأخذها للمستشفى .. ظن أنها تهول الأمر فقط .. فقد رآها صباحا و لم يكن بها خطب سوى ثقل صوتها و الارهاق ..!
      و لكن الآن راعه مظهرها البالي .. و قد أنهكتها الحمى .. ماذا يقال عن رشح الصيف ..؟؟ أ و ليس أحد من السيف ..!!
      مد يده ليحتضن كفها الصغيرة و هو يهمس ليتأكد من أنها ليست نائمة ..
      - حور ..؟
      .
      .
      كانت قد أسدلت أهدابها .. بتعب .. بحزن .. بيأس ..
      خواطر شتى أخذت تتنازعها و هي تشعر بانها ضعيفة كما لم تكن قط ..!
      ممزقة للغاية .. و مستنزفة .. لا تدري بالضبط ما الذي عليها أن تفكر به ..
      طريقة لجلب المال لدفع اخوتها للدراسة .. أم الحرص عليهن مما قد يواجههن خارج حدوةد البيت كما حدث اليوم .. ام عليها أن تجتهد في مراقبة أخاها الوحيد الذي تبين أن سبب استدعاء ولي أمره لم يكن سوى نتيجة عنفه اتجاه طالبٍ قام بضربه .. في مرحله يحتاج حقيقة الى ارشاد رجل فيها و ليست وقفتها هي ..!
      أم يجب أن تهتم بامر أمها المريضة أم إخوتها الصغار .. أم ... أم ...
      مئات الأفكار تتزاحم في ذهنها المريض حتى خيل إليها أنها تهذي بصوةتٍ عالٍ أو أنها ترى رؤى أمام عينيها الغائمتين .. رأسها يضج بأصوات لا مصادر لها و لا أساس .. و شريط صور ينزلق أمام عينيها الساخنتين ..
      تضم شفتيها و هي تشعر بحرارتها .. برد شديد يحيط بها .. و صوت مايد يأتيها من مقعد السيارة المجاور و يده تحتضن كفها بقوة ..
      - حور ..؟؟
      قاومت هذا الضباب باستماتة و هي تجيب بصوتها المبحوح ..
      - لبيه ..
      - لبيتي في منى .. رقدتي ..؟!
      هه .. أنى إليها أن تفغو عينيها و أقدار تنهال عليها مرّة واحدة .. أ لك أن توقف الزمن أخي للحظات ..
      للحظات فقط ..
      تلك استراحة محارب اتلهف اليها .. اريد أن أضع رأسي بعيدا عن كل شيء .. لأنام .. لأموت ... لأغيب فقط ..
      للحظات ..
      ثم بعدها فليحدث ما يحدث ..!
      - لا ما رقدت ..
      - انزين وصلنا ..
      رفعت رأسها لتجد السيارة قد توقفت أمام البيت .. ليسألها بهدوء ..
      - محتاية شي ..
      كانت ابتسامتها ميتة و هي تقول بارهاق جعل عينيها الواسعتين تبدوان فجوة بلا قرار ..!
      - سلامتك يا الغالي .. سلم على أمايا و عبيد و عمي سلطان ..
      - يبلغ .. باكر العصر ان شا الله بخطف عليكم .. و انتي اشربي الدوا و ارتاحي .. تحملي ع عمرج ..
      همست و صوته الحاني يدفعها لشفير البكاء .. تشعر بدمعتها المتخاذلة قد أقبلت .. فتتدارك أحزانها و هي تفتح الباب ..
      - لا توصي .. و مشكور فديتك ..
      لم يتبين ذهنها الغائب ما يقول و هي تغلق الباب بهدوء لينزل زجاج النافذة و يلوح بيده فترد التلويحة بوهن قبل أن ينطلق .. تستدير للبيت و هي تمشي بخطى متثاقلة .. تشعر بان كل خطوة ترتج لها عظامها و المخ بقوة ..
      بدا الليل باردا للغاية .. و الباب الذي تدنو منه ببطء بعيدا ..
      قبل أن تشهق بقوة و أنفاسها تحتشد في حنجرتها حين أطبقت قبضة حديدية من المجهول على ذراعها الغضة و هي تجرها جرا للداخل ..
      لم تستوعب ما يحدث خلال تلك الثواني حتى وجدت نفسها تدفع لمجلس الرجال بقوة جعلتها تتعثرو هي تصر بيدها على كيس الدواء .. التفتت بصدمة نحو هذا الهمجي الذي قام بهذا . لتجده يقف أمامها ملامح وجهه المتصلبة بدت شيطانية للغاية و هو يلهث بفرط ما يخالجه من غضب .. كان صوته مزلزلا و هو يصيح بها بغلظة قبل أن تبدأ بالهجوم ..
      - امنووووه هالحيوااااان لي كنتي ويااااه ..؟؟؟!!
      انتفض جسدها الضعيف بقوة ذعرا .. بدا مجنونا في تلك اللحظة و أخافها بشدة لم ترى هذه الناحية من قبل .. فكل ما كانت تواجهه مسبقا جبل الجليد ذاك ..! ارتعش صوتها و هي تقول بخوف و تنأى بنفسها عنه ..
      - مــ .. ماا .. مايد ..!
      تجمد لبرهة في مكانه .. قبل أن يدنو منها .. تراجعت للخلف بسرعة .. بدا مخيفا و هو يشرف عليها بهذا الشكل .. و عاد يصرخ في وجهها مجددا ..
      - و شوووه كنتي تسوين وياااه .. انتي ناسية انج ع ذمة ريال .. و الا شفتي الدنيا فالتوووه و قمتي ترتغدين يسار و يمين .. عنبوووه أبوكن ما قد له شهر متوفي و خواتج يرتغدن في الشوارع .. و انتي كل ساع و يا هالسبال .. انا بربيج يا الخايسة و بربيه ..
      كان صراخه يصم أذنيها و هي تشعر بالدوار .. حتى بدأ بشتمها .. فانتفضت بغتة و هي تصيح بضعف ..
      - انته تخبلت .. ؟؟!!
      كان الرد فوريا و هي تشعر بأن الدماء سد مجراها في الذراع ..
      - تخبلت يوم انيه ميودنج ظاهرة ويا واحد .. شوه كنتي تسوين وياااه هااا ..؟؟
      ارتجفت بشدة و هي تصارع الدموع بقوة .. لم ترد أن تبكي أمامه قط رغم أن صوتها راح يتهدج بوضوح ..
      - انا و خواتيه أشرف منك و من لي يابووك .. ماااايد أخوووووية ..
      هزها بعنف ..
      - هندي تقصين عليه .. أخوج من وين ..؟؟
      راحت تقاتل بضعف .. تشعر بانها تستهلك ذرات القوة الأخيرة .. تفني نفسها ..
      - خوووية بالرضاااع ..
      لحظات طويلة شعرت بانها ستتهاوى خلالها قبل أن يفلت ذراعها .. بدا وجهه مجردا في تلك اللحظة و خاليا من أي تعبير .. لا زال يقف أمامها بجسده الكبير .. و هي تنظر لغطاءها الذي سقط أرضا .. و شعور بالموت يزحف في روحها .. ينهكها .. و يلتهم الاحساس في داخلها .. و هي تقول بصوتها المبحوح ..
      - انته شوووه تباا .. شوووه تبووون مناااا ..
      هزت رأسها بجنون و خيط التعقل قد انقطع و صوتها يرتفع باستماته إلى ما يقارب الهمس ..
      - أنااا ماا اباااك .. طلقني .. فكني من شرك .. طلقني و اظهرووو من حياتنا .. ما نباا منكم شي .. ما نباا فلوووس .. و لا معووونة .. خلووونااا في حالنااا ..
      .
      .
      كانت حدقتيها تتسعان بغرابة و هي تتلفظ بتلك الكلمات بغير ادراك بدت غير واعية لما تقول و هي تتحرك بسرعة لتدفع صدره بيدها .. لم يجد في نفسه الرغبة في الاعتذار حين وبخها على ما اعتقد بأنها تفعله .. و لكن لما بدت هكذا كالميتة .. و هي تنظر اليه بلا هدى و صوتها المبحوح المنخفض يتهدج ..
      - ما نباا شي منكم .. اناا بييب فلوس و بخلي عفاري تدرس .. ما نباا صدقة .. انتووه شوه دراكم .. كل واحد لاهي بـ ..- ثم أمسكت رأسها بين يديها و هي تتوجه للباب -.. و نايف بحامي عليه .. أنا ولي أمره .. محد بيروم يأذي خوانيه .. انتووو .. مـ ..
      عادت صورتها يوم وفاة والدها لذهنه .. ها هي تهذي الآن .. و لكن,,
      كنت تترنح بشدة و بدا أنها على وشك السقوط .. في خطوة واحدة وصل اليها ليمسكها بقوة قبل ان تهوي على الأرض .. وضع يده خلف عنقها لتلذعه حرارة جسدها الساخن .. اتسعت عيناه بقوة ..!
      قبل أن يرفعها ببساطة بين يديها ليعيدها من عند الباب إلى داخل المجلس فيمددها بهدوء على الأرض و يجثو قربها ..
      وجهها الشاحب و وجنتيها الحمراوين الساخنتين ..و شفتها القرمزية .. بدت كالميتة .. رغم حرارتها .. شعرها المتدلي على جبينها بدا حالك السواد بالنسبة لشحوبها ..
      و صدرها يعلو و يهبط في أنفاس متحشرجة ذات صفير غريب .. بدأ نبضه يتسارع بقلق .. أمسك كفها اليمنى لتضيع في يده الكبيرة و راح يضرب خدها بخفة و هو يناديها يقلق ..
      - حور .. حور ..
      اضطربت أنفاسها .. تسمعه إذا ..!
      مسح على رأسها برقة و هو يسالها بعطف ..
      - حور بلاج ..؟
      شعر بانقباض في قلبه .. شيء كالشلل جمده و هو يرى دمعة صافية .. ساخنة .. تنزلق من جفنيها المطبقين .. و صوتها الهامس يخرج بوهنٍ يقارب الاحتضار و كأنها تسلم بأمرها ..
      - انا تعبااااانة ..
      سرى ألم غريب يخالطه شفقة .. و قد بدت و هي تستلقي كم استنزفت آخر قواها .. اقترب منها ليقول بشيء من الدفء ..
      - انتي مريضة ..؟
      لم يكد يقولها .. حتى بدأت تبكي .. كانت تبكي بخفوت و تعب شديدين لتنقل على جانبها .. أوجعه منظرها هذا .. و صوتها المتألم يأتيه من بين أنفاسها المتحشرجة ..
      - هييييه .. انا مرييييييضة ..
      التفت للوراء و كأنما وعى ذهنه الغائب لشيء ما فتسقط عينه على كيس الدواء الملقى أرضا .. أراد أن يلكم الجدار بكل قوته و هو يشعر باحساس ثقيل و الذنب يكتنفه .. و كل صراخه و عنفه يدور أمام عينه الآن .. لقد هاجمها بهمجية و وحشية في حين كانت خائرة القوى عاجزة حتى عن الدفاع عن نفسها ..!
      رفع رأسها عن الأرض و هو يجلسها فيما ارتخت و لا زال صوت نحيبها يتردد بخفوت قرب أذنه ليمزقه باحساس قاتل .. لم يكن قط حقيرا مع من هو أضعف منه ..!
      لم يضر إلى استعمال قوته أو قسوته حين بامكانه حل الأمور بغيرها ..
      و لكنه الآن دهس هذه الفتاة الهشة حين جرّدت من قوّتها .. ليصدمها بعنف و يفرغ كل غضب يومه ليصب جامه عليها ..!
      أسند رأسها برفق لصدره الفسيح .. و هو يتخيل ما قد تقول أمه نورة عن كل هذا .. و عبارات أخرى تمتزج ببعضها في ذهنه ..
      تحدثت عن مال و دراسة لفتاة ما .. ! و عن أخاها ..!! هل كانت تواجه ضغوطا ما ..!
      شعر بأن حملا ألقي على كاهله و هي تحول بضعف الابتعاد عنه .. و صوت خبيث يتردد في ذهنه ..
      .
      .
      .
      ((قصديه إن لي بييلس وياهم لازم يكون محرم لها .. و محد محرم لها إلا غيث .. هب ريل بنتها ..؟؟ ))
      .
      .
      .
      رغم الحقد الذي تجلى في تلك الفكرة إلا أنها كانت صائبة .. وجودهن هنا دون رجل جعلهن عرضة للأذى ..
      الآن و هو يجمع حطامها بين راحتيه .. ادرك أن لا حل لهذا الوضع سوى خطوة واضحة ..
      عليه أن ينتقل للعيش هنا حتى يتمكن من نقلهم لبيت جده ..!

      * * * * *


      لمْ أحححبكك من فراآاغ ,/
      كي أنسسسسإآك من فرآغ . .
      احببتكك بِ قنآإعه عظّيمه ـ‘
      و سَ أنساك بَقناعه أعظم !|



    10. #55
      الصورة الرمزية ♥} آمـل الـ عٍ ـشآق ♪
      تاريخ التسجيل
      Dec 2009
      الدولة
      " ع‘ــشقـِـِـي آلمَدينـَـَـَـﮧ ..
      المشاركات
      18,765
      معدل تقييم المستوى
      97

      افتراضي

      ► الخطـــــــــــــــوة الثامنــــــــــــــــــة ◄

      ║.. خطوات تدنو ..!║
      عقارب الساعة تغفو على التاسعة مساءا ،،
      هذا السكون الذي عايشته طوال حياتها .. هذا الصمت المطبق الذي احتوى مسامعها و لم يخترقه شي يوما ..
      إلا حفيف ..!
      مناوشات تلك الأصوات المستميتة التي قد تبلغ شيئا من المستحيل لتداعب مخيلتها ..
      تجيل عينيها الواسعتين في تلك الأوجه الحبيبة التي تحيط بها .. قبل أن ترفعها مجددا لعقارب الساعة ..
      لا زالت غافية على التاسعة ..!
      هل ترتقب عودتها هي الأخرى ..؟!
      تأخرت كثيرا .. مضت ساعتين على قدوم أخاها ليأخذها للمستشفى ..
      ما هو حالها الآن يا ترى ..؟!
      هبت من مكانها واقفة متجهة نحو غرفة أمها القريبة .. دوم تتكسر الخطوات عند هذه العتبة العتيقة ..
      ابتلعت عبرة كبيرة سدّت حلقها و هي تريح راحتها على الباب الخشبي بهدوء ،، تقاوم رغبة ملحة في أن ترفع يدها عنه و تعود لمكانها ..
      تعلم جيدا أي وجع سينخر روحها مع تحطم أمنية حمقاء بأن أباها لم يرحل و أنه سيعود في لحظة ما .. لتفتح الباب فتجده يريح رأسه على مخدته القاسية .. و قد أرخى جفنيه استعدادا لسعي غدٍ منتظر ..!
      رغم هذا تفتح الباب ببطء .. لتجد مكانه الخالي يسخر منها ..
      شيء يمزق وجدانها .. كلما اصطدمت عيناها بفجوة تركت بعده .. و كأنما تواجه رحيله للمرة الأولى ،،
      مدت راحتها تمسح وجهها بهدوء .. لتنحي ذاك الإحساس الأسود جانبا .. و ترسم ابتسامة باهتة على وجهها و هي تنظر لأمها بحبور .. فترفع تلك عينها مع شعورها بوجود أحد معها لترد ابتسامته بأخرى شاحبة مثقلة بالحب ..
      فتربّت إلى جانبها .. تتقدم و عيناها تمسحان منظر أمها الهادئ ،، نحولها البالغ .. و الإرهاق الذي حفر أبدا على محياها ..
      جلست بجانبها و هي تبتسم لها .. لم يعدن يتركنها لوحدها كثيرا يتبادلن الحديث معها .. و يلهينها عن أحزانها ..
      رغم عدم إبدائها رغبة للانتباه أحيانا .. و لكنهن يعلم أنها ستضيق ذرعا بالحزن إن جلست لوحدها و الأفكار ..!
      .
      .
      .
      .
      .
      .
      - بيتخبلن ربيعاتيه يوم أخبرهن السالفة .. خص نوفانه موتاا و سوالف الفزعة ..
      قالتها دانة بحماس و هي تنقل بصرها ما بين عفرا التي راحت تقلب صفحات كتابها بهدوء و نورة التي ابتسمت بتفاعل هي الأخرى و هي تثني الثياب و تنهي كيّها في دورها اليومي .. و تبتسم قائلة ..
      - و كيف بتقوليلهن السالفة و انتي ما حضرتيها ..؟؟!
      ابتسمت بمكر و هي تلتفت لنايف الذي استلقى تحت التلفاز وسيلة التسلية الوحيدة في البيت و أختاه الصغيرتين تقبعان عند رأسه ..
      - هب صعبة صاروخين من صواريخي و المعلومات لي بيفيدنا بها بو حمد . بس أهم شي تعرفين انتي تفاصيل السالفة عسب لو يت عبير تسألج عنها اذا صدق .. هي تستحي من عفرا .. و أكيد بتيلس تكذبنيه .. عاد هاي هب ربيعة .. عذول الله يخسهاا .. ويها لووح التافهة .. تخيلي تتصيدليه .. ما طاعت تصدق - و ابتلعت ريقها مع اتساع عيني نورة اهتماما - انيه بنت حمد بن سيف لي نشروا نعية في كل الجرايد .. يعني بدل لا تعزينيه و تيلس تواسي .. قالت كذيه - و راحت تغير نبرتها تقليدا - أحين أبوج ينعونه الشيوخ و انتي تسيرين و تردين بالباص ..؟ - تنهدت و هي تلوح بيدها اشمئزازا - الحمد الله انها ما يت ويا البنات لي ين ويا المدرسة العزا ..!
      قالت نورة بلا اهتمام ..
      - و الله أنا من شفتاا هالعبير ما حبيتاا .. احسهاا وايد خقاقة مادري ع شوه ..؟!!! عفاري شرايج ..؟
      ردت عفرا دون أن ترفع عينها عن الكتاب ببرود ..
      - راييه ان ما عندج سالفة انتي وياها .. نشن زخن كتاب و ذاكرته بدال ما تاكلن لحمها المعفن .. باقي اسبوعين ع الامتـ .....
      بترت عبارتها تلك الصرخة الرجولية التي اخترقت المكان بقوة ..
      - ناااااااااايف ..
      انتفضوا جميعهم و نايف يقفز واقفا و عيناه تتسعان .. سقط الكتاب من بين يدي عفرا .. و هي تقف الأخرى و دانة و نورة يقتربن من باب الصالة المفتوح ..
      - منوه هذا ..؟؟!
      ارتعشت مزنة التي قالت بصوتٍ باكٍ و هي تندس خلف هند بخوف ..
      - يمكن حرامي ..
      نظرت لها نورة بغيظ ..
      - حرامي بيزقر نايف .. و شوه عدنا عسب يصرقه ..؟!
      قالت دانة يتوتر ..
      - هذا عند باب الميلس صوته قريب .. يمكن حد من أعماميه ياي عسب السالفة لي استوت اليوم .. أمييييييييييييه ..!! وينج يا حوووور ..؟؟
      نظر لنايف الذي دنا من الباب بعزم يهم بالخروج لتقبض عفرا على ذراعه باضطراب ..
      - تبانيه أسير وياك ..؟؟
      نفض ذراعها بصرامة و وجهه الصغير ينعقد بضيق و هو يزيد من خشونة صوته الحاد ..
      - تظهرين للريال ..؟؟؟ استريحي .. بسدكن أنا ..
      و خرج تاركا إياها .. راح يدفع الخطة ليجتاز الحوش الصغير ثم يدلف من الباب الذي يوصل للفسحة الضيقة الواقعة بين الباب الخارجي و باب المجلس الداخلي ..
      هناك فردتي حذاء رجل كبيرتين تركتا عند باب المجلس الذي كان بابه مفتوحا و أنواره مضاءة ..اقترب منه بسرعة ليطل برأسه مع الباب .. فتصطدم عيناه ببياض ثوب ذاك الرجل الذي كان يوليه ظهره العريض و هو يجثو على ركبته .. لفت انتباهه سواد طرف تلك العباءة الذي زحف خارج حدود تغطية الجسد الكبير ليعقد جبينه و هو يسلم بصوت مسموع ،،
      - السلام عليكم ..
      التفت رأس الرجل نحو نايف بحركة سريعة فيما لا يزال جسده ثابت في مكانه و لكن تلك الالتفاتة كانت كل شيء و عيناه تتسعان بارتياع .. و الرعب يشل أوصاله ..
      شعر بنبض خافقه يتباطأ .. أين رأى هذا الاستسلام و الشحوب الذي يسكن وجهها الشاحب الآن ..؟!
      هنا .. على هذه العتبة .. حين غفا والده للأبد ..
      ارتعشت قدماه و الاحساس .. ذاك الرجل الذي تعرف وجهه وسط رعبه بضبابيه يسندها بصلابة فيما تستلقي هي و ترخي أطرافها بلا حراك ..
      لما تبدو بهذا الشكل ..؟ لماذا هي خائرة الشعور هكذا ..
      هل ستغفو هي أيضا إلى غير يقظة ..؟!
      انغرس ذاك اليقين في قلبه بقسوة .. و هو يشعر بعبراته تنزلق بخوف ..
      لا يريد أن يفقدها .. لا يريد ..!
      .
      .
      .


      لمْ أحححبكك من فراآاغ ,/
      كي أنسسسسإآك من فرآغ . .
      احببتكك بِ قنآإعه عظّيمه ـ‘
      و سَ أنساك بَقناعه أعظم !|



    11. #56
      الصورة الرمزية ♥} آمـل الـ عٍ ـشآق ♪
      تاريخ التسجيل
      Dec 2009
      الدولة
      " ع‘ــشقـِـِـي آلمَدينـَـَـَـﮧ ..
      المشاركات
      18,765
      معدل تقييم المستوى
      97

      افتراضي

      ينظر له و هو يقف بجمود في مكانه .. نظراته تنصب على أخته بجزع .. استغرب تلك الدموع التي بللت وجهه الصغير و هو يتقدم بخطى متعثرة .. لم يلقي نظرة واحدة عليه ..!!
      جثا على ركبته ليتضح حجمه الضئيل أمام ضخامته .. و هو يلتقط كفها التي تلامس الأرض برقة ..
      و صوته المتهدج الهامس يداعب وجنتها الحارة ..
      - حور ..؟ حور ..؟!
      لم تجبه .. كانت واهنة ..
      واهنـــــة للغاية .. لم تقوى أن تطمئنه حتى ..!
      - حـــور .. حـ ... حــ..ــور ..- ابتلع شهقة و هو يدنو منها أكثر - ليش ما تردين عليه ..
      يبدو أنا قد استهلكت آخر قواها .. لم يعد بامكانها الحراك و انهاء رعب هذا الطفل .. الذي راح يشد على قبضتها و هو يحاول احتواء جسدها بين ذراعيه الصغيرتين و قد بدأ يبكي ..
      - حووووور .. انتي ميتة ..؟! حووور لااااا تموووتيييين .. لااااا تمووووتين ..
      دفن وجهه في حضنها و هو ينشج ،،
      - حووووووووور ..
      اتسعت عيناه دهشة من هذا الانفجار .. قبل أن يشعر بشفقة هائلة اتجاه هذا الطفل .. هل فقدانه لأبيه انتزع شعوره بالامان ..؟! لماذا اعتقد أنها ميتة ..؟
      كان عليه ان ينهي خوفه بطريقة ما لذلك قبض على كتفه بقوة و هو ينهره بصرامة ..
      - ناااايف .. بلاك .. حور تعبانة شوي و بتنش الحين لا تخاف .. خلك ريّال ..
      لا يريد ..
      لا يريد أن يكون رجلا .. انه خائف ..
      يرى ركائز حياته تنهار واحدة تلو الأخرى .. لا يريد أن يفقدها الآن ..!
      رفع عينه و و هو لا يمسك شهقاته ..
      - ليش ما ترد عليه ..؟
      نظر في عينيه بقوة ..
      - لنها مريضة .. ما تحسها محمومة هي دايخة شوي .. يوم ترتاح بتنش و بترمسك ..
      و لكن يبدو أن كلماته لم تكن سوى استفزاز لعزمها .. لتمد يدها المرتعشة بارهاق شديد و هي تكافح لتفتح عينيها الحمراوين الدامعتين ..
      - نااايف ..
      نظر الاثنان إليها فيما تركز رؤيتها الضبابية على وجه أخيها الصغير .. قبل أن تعود لترخي جفنيها بمرض ..
      أومأ نايف برأسه موافقا و هو يمسح وجهه بهدوء و غيث يتابع آمرا و هو يعود فيمددها على الأرض بهدوء ..
      - الحين سير شوف ليه الطريق بوديهاا حجرتاا ..
      - حور ما عندها حجرة ..!
      عقد جبينه بعدم فهم ..
      - وين ترقد ..
      - يعني ما عندها حجرة بروحها .. هاييك حجرة البنات كلهن .. بس بتوديهاا حجرتيه ..
      هز رأسه بعجل و هو يقول بسرعة ..
      - غايته .. سير شوف لي الدرب ..
      ركض نايف نحو الباب قبل أن يوقفه صوت غيث القوي الحازم ...
      - نايـــــف ..
      توقف نايف ينظر له بلهفة .. ليقول له ذاك آمرا ..
      - امسح ويهك عسب لا يتروعون هلك ..
      هز نايف رأسه .. قبل أن يختفي خلف الباب .. عاد ينظر لها .. صدرها يرتفع و يهبط بقوة و هي تتنفس بصعوبة .. جبينها ينعقد بضيق .. للحظة عادت لفتح عينيها التي كانت تمتلئ دمعا ينزلق باردا على خدها الساخن و هي تهمس بضعف محاولة بجهد أن تستوي جالسة ..
      - ماابااك تودينيه .. انا أروم أمشي .. ماابااك ..
      و لكنها تهاوت تحت راحته التي أجبرتها على الاستلقاء مجددا و هو يقول بقوة آلمتها ..
      - ما سألتج ..
      راحت تنقلب على جنبها مجددا و تتدفق الدموع من بين جفنيها المطبقين و صوتها الرخيم يهمس ..
      - خلناا فحالناا .. انتـ .. أناا ماباا شي منكم .. ارحمــ ..
      تتقطع الكلمات المنفلتة من بين شفتيها .. قبل ان يظهر نايف مجددا و هو يلهث ليلتقط كيس الدواء المرمي أرضا..
      - الطريق فاضي .. اقرب ..
      انحنى عليها بسرعة و هي تضع يدها على صدره بيأس ترفضه و هي تدفع هذا الجدار الصلب باستماتة و همسها تخنقه الأنفاس فلا يصل إلا لمسامعها ..
      - لاااا ..
      و لكنه رفعها بين ذراعيه بخفة و كأنما لا تزن شيئا ليدني رأسه من أذنها بصوت خافت ..
      - أوصصص ..
      تقدمه نايف ليتبعه و هو يقطع الممر القصير ليدلف مع باب اوصله للحوش الصغير الذي كان يصل الصالة الضيقة التي بدت رثّة المنظر في عينيه بباب دلفه ليشير نايف بسرعة لباب توسط اثنان آخرين و هو يقول بخوف ..
      - هاي حجرتيه ..
      تقدم منها بسرعة ليدفعها بقدمه فينفتح الباب على بقوة .. كاشفا عن حجرة ضيقة قبعت في زاويتها خزانة ملابس صغيرة و ألصق في الجدار سرير صغير وضعت عليه أغطية بسيطة للغاية ..
      شعر بصدره و قد أغرقته دموعها التي لم تتوقف .. فاقترب من الفراش ليمددها بهدوء عليه .. لا تزال ترتدي عبائتها و الحذاء .. أما الغطاء فقد سقط في مكان ما ..
      التفت لنايف الذي دنا منها بسرعة ليأمره بصوت قوي تعمد أن يرفعه كي يصل لمسامع أي أحد يقف قرب الباب ..
      - ارقبنيه برا .. لا تخلي حد يحدر الحجرة الين أظهر .. فهمت ..؟
      ابتلع ريقه و هو يومئ برأسه غير قادر على سلخ نظراته عن وجهها .. و عيناه تتأملان كل ارتفاع و هبوط لصدرها ..
      لا زالت تتنفس ..هي حية إذن ..!
      لن يعود أبدا لتك الأمور السيئة التي قام بها بعد موت أبيهم .. و لكنه يتوسل اليها أن لا يفقدوها ..!
      استدار بسرعة و تلك الأفكار تعصف بعقله الصغير .. قبل أن يغلق الباب .. مخلفا وراءه الصمت المطبق ..
      .
      .
      .
      ما أن تناهى لمسامعها صوت الباب و هو يغلق .. شعرت بأن عزائمها تنفلت ..
      شعور بالإنكسار غزا روحها و هي تستلقي هنا بلا قوة .. لقد اقتحم الآن حدود بيتهم و حرمته ..
      هذا الغريب وجد الفرصة لتصل يده إلى أمان هذه الجدران ..
      شعرت بالضعف .. لا يمكنها التصدي لهذه الفكرة .. عاجزة عن كل شيء .. تشعر بانها تجر لدوامة من الأوجاع ..
      هذا الهدوء الذي يلفها .. هل ذهبوا ..؟!
      ارتعشت شفتيها و أنفاسها المتثاقلة .. شعر بأنها على وشك الانفجار سخونة و هي تغطي وجهها بكفيها و تترك العنان لدموعها التي لم تتوقف للحظة و شهقاتها المتتالية التي راحت ترتفع بقوة .. و تهز جسدها الضعيف بفعل المرض حين أجهشت باكية .. صوتها المخنوق يتردد في الغرفة و هي تأن بأوجاع تكاتفت عليها في تلك اللحظة ..
      كان كل شيء يعاكسها ..كل شيء ..!
      تصلب جسدها و اختنقت أنفاسها حين شعرت بتلك الذراع القوية ترفعها من على الفراش لتسندها على ذاك الصدر الصلب الذي سرعان ما ميزته ..
      راحت تشيح بنفسها بعيدا عن منأى نفاقه ..
      تكرهه ..
      تكره وجوده ..
      و تركه ذاك الرابط الذي يأخذه حجة ليعاملها بهذه الحرية..
      تكره ادعاءه لهذا العطف و هي التي قد اصطدمت بقسوته المجحفة ..
      .
      .


      لمْ أحححبكك من فراآاغ ,/
      كي أنسسسسإآك من فرآغ . .
      احببتكك بِ قنآإعه عظّيمه ـ‘
      و سَ أنساك بَقناعه أعظم !|



    12. #57
      الصورة الرمزية ♥} آمـل الـ عٍ ـشآق ♪
      تاريخ التسجيل
      Dec 2009
      الدولة
      " ع‘ــشقـِـِـي آلمَدينـَـَـَـﮧ ..
      المشاركات
      18,765
      معدل تقييم المستوى
      97

      افتراضي

      تكره نفسها أكثر .. و قد بدأت تخذلها بإحساس الأمان الذي راح يتسرب لها ببطء و مقاوماتها تخمد بين يديه و هو يضمها بقوة و كلماته الخافتة تسعى لتهدئتها لتحتضن فؤادها المضنى بدفء حقيقي .. كادت تصدقه ..!
      لما عليها دوما أن تسكب أحزانها بين أضلعه ..؟!
      لما تعاندها قوتها ليكون شاهدا على كل تحطم لها ..؟!
      كان البكاء قد استنزفها أو أراحها لم تعد تدري ..
      شعرت به يعيدها مجددا على المخدة و عيناها لا تفارق السواد خلف أجفانها .. هذه الظلمات رحمة ..
      لا تريد أن تواجه الانتصار يلمع في عينيه .. مرت لحظات طويلة ..
      أ لحظات كانت .. أم ساعات ..؟!
      لم تعد تدري .. مر كثير من الوقت .. و ربما كانت قد غفت و استيقظت مجددا .. كل ما تشعره بأنها عادت تتماسك من جديد .. غريب كيف افترستها الحمى بهذه السهولة ..!
      فتحت عينيها ببطء و لا يزال موجودا .. اذا لم يمر وقت طويل ..
      رأته ينظر لها بطريقة لم تفهمها و هو يجلسها في مكانها ملتقطا كوب ماء ليسقيها اياه ..
      حسنا لم تعهده بهذا الحنان بتاتا .. هل شعر بالذنب لهجومه الذي شنه منذ يعض الوقت ..؟!
      يده تسترخي على شعرها .. و تقاوم رغبة قوية في نفضها عنه .. و صوته الهادئ يصلها .. لم تسمعه يحدها بهذه النبرة مذ التقته ..!
      دوما كان للقسوة نصيب ..
      - حور انتي تعبانه الحين .. ارتاحي و عيني من الله خير .. لا تتعبين عمرج .. باكر من الصبح بيكون عندكم سيارة بدريولها توصل البنات المدرسة و تقضي مشاوريكم و في الليل يردها الدريول ..
      هزت رأسها ترفض بشدة و هي تفتح فمها للاعتراض و لكنه لم يهتم لها و عادت نبرته تقسو مجددا .. يكره أن يجادله أحد ..
      - بس خلاص .. انتي ما تعرفين غير العناد ؟!!.. فكري بمصلحة أخوانج مرة وحدة ..
      اغرق الدمع مقلتيها .. ما الذي يقصده .. دوما تهتم لمصلحتهم .. تابع و هو ينهض من مكانه واقفا .. جسده المديد ملأ جو الغرفة حتى بدت ضيقة للغاية .. خانقة ..!
      - أنا برتب أموريه و بيي أسكن هنيه الين تنقضي عدة أمج و تنتقلون البيت العود ..
      ارتعشت أوصالها و هي تهمس معارضة بضعف ..
      - لااااا .. ما نباااك عدنـ ...
      - انا أخبرج ما أطلب رايج و الا عايبتنج يلستكن و انتن كلكن حريم من دون ريّال .. نحن ملزومين بكن .. و محد بيروم ييلس هنيه الا محرم .. و بما انيه .. - صمت للحظة و هو يرفع حاجبا ساخرة - ريلج ..
      كرهت طريقته في قول - ريلج - و هي تشيح بوجهها بعيدا عنه .. فيما تابع هو الحديث غير مكترثا لحركتها تلك ،، و كأنما كان ينتظر منها أن تتماسك فقط ليعود إلى خشونته تلك .. حسنا على الأقل تعرف أين موضع قدمها الآن ..
      هذا هو العدو و عليها أن تتصدى لمحاولاته الخبيثة في خرق امان حياتهم .. لا يمكنه أن يسلبهم ما تبقى من أيامهم قبل أن يضمهم ذاك الجد لكنفه .. شعرت بان تلك اللحظة ستكون الأخيرة لا تدري لما ..!
      - أنا الوحيد المحرم لكن و لأمج بعد .. عسب كذيه .. من باكر برتب الميلس عسب أيلس فيه ..
      تسحب نفسا قويا تلتمس شيئا من الصلابة .. تبا .. ألن تتوقف مآقيها عن ذرف الدموع ..
      - نحن هب محتايين ريال ويانا .. سادين عمارنا ..
      نظر لها بامعان يتفحصها .. شعرت بوطء نظراته تلك رهيبا .. عيناه المتكاسلتان تسخران من الضعف الذي بدا في صوتها .. أم شيء آخر ..؟!
      - صدق و الله ..؟ سادين عماركم ..؟؟ و نايف و عفرا ..؟؟
      رفعت رأسها مجفلة بضعف .. لم تكن تعلم أنه يصطاد بثقة في الظلام .. و أن اجفالها هذا كان كل ما يحتاجه ..
      هناك مشاكل إذا تعجز عن السيطرة عليها .. !
      ابتسامته البغيضة التي توسطت وجهه الصلب كان بمثابة طعنة لها .. لا يمكنها التذكر حتى ما الذي تفوهت به في غمرة غضبها المجنون .. كان عليها أن تحكم نفسها .. كي لا تجد نفسها هنا الآن تحت رحمته ..
      تعلم جيدا أنها ليست حمل معارضته أبدا .. يمكنه أن يدمر أي عذر تقدمه ..
      كانت تجلس على السرير و هي تسند ظهرها المنهك على الجدار .. ضمت ركبيتيها لصدرها .. شعرت بأنها لا تقوى على رفع خصلات شعرها التي تلتصق بجانب وجهها بفعل الدموع ..
      أسندت جبينها الساخن بيدها تعبة .. أفكار شتى تتنازعها .. لم تعد للحظات تريد أن تفكر بشيء ..
      .
      .
      يعقد ذراعيه أمام صدره و هو يقف في مكانه يتأملها .. لم تجبه بعد كلماته الأخيرة ..
      بدت و هي تضم نفسها هكذا كطفلة خائفة .. لا زالت تعتريه الدهشة كلما قابلها .. لا يمكنه تصور أن هذه الفتاة تبلغ من العمر أربعة و عشرين عاما .. بدت أصغر من ذلك .. في سن أخته شيخة مثلا ..؟!
      الحقيقة أن هناك العديد من الأمور لا تزال في انتظاره .. هناك الكثير لينجزه ..و أولها رؤية جده وجدته ..
      متأكد بانهما سيصعقان بالخبر .. ما الذي سيفكر به جده يا ترى ..؟! هل سيكفيه ذلك حتى تخرج زوجة عمّه من العدّة ..؟!
      لطالما كان يثق به و بوعوده .. ما الذي يتغيّر يا ترى حين يصر على تأجيل توقيع عقد نقل الملكية حتى زواجه ..؟
      متأكد بان جده واثق بانه لن يخدعه .. و أنه حتما سيفي بوعده بالزواج بها ..!
      أمعن النظر في رأسها المطرق ..
      يتزوجها .. !
      هذه الفتاة زوجته ..!! ها هو يراها بلا غطاء .. شعرها ينسدل على جانبي وجهها بتعب و ظهرها المنحني يرتفع و ينخفض .. أتاه صوتها الضعيف و هي تتساءل بحيرة ..
      - ما دري ليش متعبل ابنا .. نحن ما نشوفك الا غريب ..!
      هل تفكر بصوتٍ عالٍ ام أنها تطرح سؤالا ينتظر اجابة ..؟! لا يزال وجهه شامخا يخلو من التعبير و صوته العميق يتردد بين جدران الغرفة الضيقة ..
      - انتي حرمتيه .. و بنت عمي .. و نحن ملزومين ابكم ..
      انتفض قلبها بطريقة كرهتها و هو يتبجح بقوله - حرمتيه - و كأنما يسعده حقا هذا .. !
      رفعت رأسها لتسقط عينها في عينيه و هي ترفع صوتها الهامس تلتمس شيئا من الصلابة ..
      - خلاص طلقني و فك عمرك من الهم ..
      رفع حاجبه بتكبر و هو يقول بقوة ..
      - و من قال لج انيه أبا أطلق .. انا مرتاح بالهم ..
      وضعت أناملها بألم على شفتيها .. تشعر بالدوار .. الصورة هذه مشوهة أمام عينيها بطريقة ما .. و هي تقول بخفوت ..
      - أنا أباك تطلقنيه .. طلقنيه ..
      تصلب فكّه بقسوة .. و عينه تتحولان لقطعتي جليد .. جسده المديد يتقدم ببطء نحوها ..
      حمقاء .. لا تعلم ما الذي تقف حقا عليه .. هي المفتاح الوحيد لذلك الجهد الذي كان يكابده منذ سنتين ..
      راح يكبح رغبة عارمة في مد يده ليشد نعومة شعرها الذي احتضن وجهها الشاحب المحموم بقوة ..
      اكتفى بنظرة متسلطة عليها .. قبل أن يعيد كتفيه إلى الخلف و يمد يده و هو يمسك بذقنها الرقيقة بإحكام عجزت عن الانفلات منه .. و صوته الآمر يقول بصرامة قاطعا هذا الحديث التافه ..
      - انتي تعبانة الحين ارقدي ..
      لمس بإبهامه طرف خدها .. فارتعشت و هي تشيح بوجهها عن رؤيته ..

      * * * * *


      لمْ أحححبكك من فراآاغ ,/
      كي أنسسسسإآك من فرآغ . .
      احببتكك بِ قنآإعه عظّيمه ـ‘
      و سَ أنساك بَقناعه أعظم !|



    13. #58
      الصورة الرمزية ♥} آمـل الـ عٍ ـشآق ♪
      تاريخ التسجيل
      Dec 2009
      الدولة
      " ع‘ــشقـِـِـي آلمَدينـَـَـَـﮧ ..
      المشاركات
      18,765
      معدل تقييم المستوى
      97

      افتراضي

      ياااااااااا وييييييييل حالييييييييييييه ..!!!
      كانت تلك الصرخة المروعة لأمها التي وضعت يدها على صدرها و عيناها تزيغان بقوة .. هبت روضة التي شحب وجهها من الصدمة لتمسك بيد أمها التي بدا أنها على وشك الإصابة بالفالج ..!
      بينما وقفت هي دون حراك .. ببنطالها الخشن الواسع و الفانيلة القطنية التي تكاد ان تصل لركبيتيها .. و شعرها المقصوص الذي صعق أمها بشدة ..
      وجه أمها المحمر و أنفاسها المتسارعة .. كانا خير دليل على العاصفة التي تعتمل في داخلها .. و لكنها لا تكترث الآن .. يمكنها ابتلاع غضب أمها و تجاهل اخوتها .. تعلم جيدا أن أباها لن يجد الوقت ليعنفها على ما لا يهمه ..!
      أمها تصرخ بجنون و عيناها تكادان تفارقان محجريها و هي تلهث ..
      - شيخووووووه ويييييييين شعرج ..!!!!!!!!
      كانت هناك لمعة في عينيها .. لم تعلم إن كانت دموع أم أنه بريق الصدمة .. لكن ذلك لا يهنيها لذلك رفعت أنفها بثقة و هي تقول ..
      - قصيته ..
      صاحت روضة في وجهها و هي ترى أمها على وشك أن تفقد وعيها ..
      - لييييييييييش قصيتيييييييييه ...؟؟ شوفي شكلج كييييف غااادي .. تقولين واحد من الشبااااب .. و الله لو يشوفج غيث ليذبحج ..
      لوحت امها بيدها بهستيرية و هي تصيح لروضة ..
      - اتصلييييبه .. اتصلييييبه الحين .. خليييه ايي و يشوف سواااد ويهااا ..
      ارتعدت لفكرة مجيء أخيها الأكبر و رؤيته لها بهذا الشكل .. رغم ذلك حاولت التظاهر بالشجاعة و هي تقف في مكانها دون أن تتزعزع .. كانت روضة هي من أنقذها و هي تنظر لها بعتب ..
      - لا يميييه غيث خليه برا السالفة .. تعرفين انه ما بيستوي خير لو درا ..
      لكن أمها كانت مصرة بجنون ..
      - أناا ما باالها الخير .. حسبي الله عليها من بنية بتذبحنيييه .. اتصلبيه .. هاي تخبلت ... باكر بتلبس كندورة أحمدوه و بتسير تصلي في المسيد .. آآآه يا فوادييييييه .. قصت شعرهاا الخبلة .. قصت شعرهاا .. يا ويل حاليه ..
      روضة استمرت باصرار في تهدئة أمها .. عليهم نسيان الأمر و أن لا يعرف غيث بالموضوع .. تخيلت مجيئه ليراها فقط بهذا الشكل .. سيدق عنقها ..!!
      استرخت هي على الأريكة في الردهة الكبيرة فيما أخت روضة أمها لغرفتها .. تريد ابعادها عن شيخة .. سرعان ما عادت لها .. لتقف أمامها و هي تضع يدها على خاصرتها و تسألها بذاك الصوت الناعم ..
      - عايبنج يعني لي استوى .. وااايد أشوفج مرتاحة و لا هامنج شي ..!
      تأملت أختها الكبرى دون أن تجيبها .. بثوب البيت الرقيق و هي تقف هناك .. ملامحها الجميلة تنعقد في عزم هادئ .. تقف امامها .. تبعد عنها خطوات فقط .. رغم ذلك كله بدت بعيدة .. أمالا عن هنا ..
      شتان بينهما .. لا يمكنها أبدا أن تكون كروضة ..أبدا ..
      أشاحت بوجهها عنها و صوت روضة الهادئ يقول بحزم آمر ..
      - تقول أمايا خواليه عقب باكر بيووناا .. ما فيه داعي للفضايح شيخة .. بليز ..
      رفعت حاجبا محتقرا لأختها الكبرى و صوتها الغليظ يستاءل ..
      - شوه قصدج ..؟
      رفعت روضة رأسها و هي تقول بثقة ..
      - تعرفين شوه قصدي ..

      * * * * *

      زفر نفسا طويلا من دخان سيجارته و هو يسترخي في مقعده مضيقا عيناه بتفكير ،، كان قد أبلغ جدته و جده للتو عن قراره بالإنتقال ،، و أظهرت الأولى حماسا بالغا كسر روتين بؤسها الذي يغشاها منذ فترة .. رغم تلك الدموع التي خالطت دعاءها له بمرارة .. الغريب هو التعبير المبهم الذي اعتلى وجه جده و هو ينصت له بصمت .. ها هو الآن يستقر خلف مكتبه و عينيه تركزان على وجه حفيدة الأسمر و هو يبدو غارقا حتى أذنيه في ما لا يعلمه .. يسحب نفسا عميقا من السيجارة الذاوية بين أنامله لينفثها دخانا في الهواء .. لا يدخن إلا إذا كان مشغول البال .. عادة سيئة للغاية .. و لكنه لم يفارقها منذ سنوات ..
      نظر لجانب وجهه الجامد قبل أن يقول بهدوء ..
      - شوه لي خلاك تغير رايك في سالفة السكن و انته ما خليت حد يتدخل فيها من الأول ..؟!
      ضاقت عيناه أكثر قبل أن يدس طرف السيجارة المشتعل في المنفضة ليدوس عليها بقوة و يرفع عينيه و هو يهز كتفه ..
      - غيرت رايي .. شفت ان فهد صادق .. حريم و اروحهن .. لو يستوي عليهن شي .. ما بتكون السالفة فمصلحتناا .. نحن معروفين و أي شي يمسناا ..
      همهم جده بتعبير غير مفهوم و هو لا يزال ينظر له بطريقة غريبة ..
      - لا .. زين سويت .. ما قلتلي .. و البنية ..؟!
      عقد حاجبيه بتفكير .. يعرف من يقصد بالبنية ..
      - بلاها ..
      لم يرد جده عليه .. فيما استعاد هو في ذهنه .. صورتها اليوم .. بوجهها الشاحب و خديها الحمراوين .. و مدامع عينيها المتدفقة و هي تطلبه الطلاق ..!
      ما الذي قد يفعله جده ان رأى ذلك ..؟! ما الذي يقف حقا خلف نيته في تزويجه حفيدته تلك ..؟!
      قبل موت حمدا كان متيقنا أنه يحاول التقرب من ابنه ذاك دون أن يمس كرامته أو يتنازل عن علياءه ..
      الآن ..!
      ابنه رحل .. و ليس عليه استرضاءه بما أن ابنته ستأتي للعيش هنا على كل حال ..!
      لقد عقد العزم على الزواج منها للحصول على حقّه و ما أفنى سنتين من عمره لأجله .. و سيفعل ذلك ..
      سيتزوجها ..
      لا يهم ما الذي قالته اليوم .. تلك مراهقة لا تعرف عن الواقع شيئا .. كل ما ترغب به هو أن تمنح إحساسا .. لا بد أنها تكرهه الآن .. لذلك لا تريد الزواج به ..
      سيكون سعيدا بأن يمنحها الاحساس الذي تريد اذا كان ذلك سيجعلها طوع أمره .. لن يخسر على كل حال ..
      فهو سيضطر يوما للزواج و الانجاب و ها هي الفرصة أمامه .. سيضرب عصفورين بحجر .. زوجة لا تعرف الشكوى .. و وسيلة للحصول على الشركة ..
      ناوشت شفتيه ابتسامة ساخرة و هو يفكر بما قد يوهمها به من مشاعر كي تميل اليه و تصرف النظر عن طلبها الأخرق .. لن يصعب عليه بتاتا أن يغرر بها .. فلا خبرة لها أبدا في الحياة خارج حدود تلك الجدران البائسة ..
      .
      .
      يراقب تلك الابتسامة الساخرة التب اعتلت شفتيه .. مفكرا بعمق .. ما الذي قد يدور في رأسه المعقد يا ترى ..!
      رد بصوته الصارم حين رأى الاستفهام يعتلي محياه مجددا ..
      - بعدك تباها ..؟!
      رفع غيث حاجبه و هو يبتسم بخبث .. يريدها ..؟! نعم لا زال يريدها .. و بقوة ..
      - بعدنا ع الاتفاق ..
      تصلب ملامح جده و هو يقول بقوة و صوته يعلو ..
      - أنا ما أرد في رمستيه يا صبي ..
      ابتسم غيث بحب شديد .. لا زال يهاب غضب جدّه .. و المعاملة الخاصة التي يتلقاها كونه قد تربى في كنفه .. لن تعني شيئا إن أثاره ..
      لذلك أردف بثقة ..
      - و أنا ما أرد فرمستيه .. بس أشوفك وايد واثق يا بويه .. يمكن البنت ما تبانيه ..؟!
      لمعت عينا العجوز بقسوة و هو يصر أسنانه ..
      - و يمكن أنا أبا الشركة اتم بسميه .. خلاف لا مت اتقاسموها ..
      رفع حاجبه و هو ينظر لجده بهدوء .. هذا تهديد إذا ..!
      - خلاص هب مشكلة ،،
      - يعني ..
      هب واقفا من على كرسية .. يلتقط علبة السجائر و الغترة المرمية على الطاولة أمامه و هو يقول بقوة ..
      - يعني من باكر بختار تصميم البيت و هالشهر ببدا الحفر في غرب الحوش ..
      و رفع رأسه يقول واثقا ..
      - أول ما تظهر أمها من العدة بنحدد العرس ..
      كان الارتياح الشديد على وجه جده و هو يتنفس الصعداء .. معبرا ..
      هل فكر بأنه قد يغير رأيه ..؟!
      صحيح أنه يكره أن يجبر على شيء ..
      و لكنه لا زال يريدها ..
      لا زال يريد شركته ..

      * * * * *


      لمْ أحححبكك من فراآاغ ,/
      كي أنسسسسإآك من فرآغ . .
      احببتكك بِ قنآإعه عظّيمه ـ‘
      و سَ أنساك بَقناعه أعظم !|



    14. #59
      الصورة الرمزية ♥} آمـل الـ عٍ ـشآق ♪
      تاريخ التسجيل
      Dec 2009
      الدولة
      " ع‘ــشقـِـِـي آلمَدينـَـَـَـﮧ ..
      المشاركات
      18,765
      معدل تقييم المستوى
      97

      افتراضي

      وضعت حقيبة يدها جانبا و هي تحرر شعرها من الغطاء و عوشة تتذمر ..
      - أوفففف .. حررررر .. عنبوه لو بنتم هنيه في الصيف بينسلخ جلدي ..! و بشرتيه بتخترب .. لازم نسافر هالصيف .. لنا سنتين و محد طايع يسفرنا عسب يدوه ..!
      لم تكن روضة تستمع لثرثرتها .. وافقت على مرافقتها إلى هنا .. على أمل أن ترى غيث مصادفة .. لا تجرؤ على الاتصال .. تود حقا أن يمسكها و ينفرد بها ليسألها عن قرارها .. أن يجبرها على البوح بحيرتها .. تعلم أنها ليست الوحيدة هنا المتأملة برؤيته ..عوشة أيضا لا يدفعها شيء لقطع حياتها الاجتماعية الصاخبة و التكرم بزيارة لبيت جدها أو بيت عمها الأكبر إلا لتراه ..
      راحت تعصر يديها بتوتر .. هي على وشك احداث طفرة في علاقتها بذاك الأخ .. تسأله رأيه و تستشيره .. رغم أنها و إخوتها كانوا دوما يهابونه و يحترمونه .. دوما كان يبدي استياءا واضحا على ما لا يعجبه .. يأمرهم .. و ينهرهم .. أحيانا قسوة .. و أحيانا جانبا من اللطف في تلك اللحظات الخاطفة التي يلتقونه ..
      لم يكن غيث قط قريبا منهم .. ربما بسبب عيشه هنا .. ربما بسبب فارق السن .. لا تعلم .. شيء واحد دوما تتساءل عنه ..
      كان أبوها قد تزوج بإمرأة قبل أمها حين توفت زوجته أم غيث و قامت بتربيته لثلاث سنوات .. حتى بلغ السابعة من العمر قبل أن يطلّقها و يتزوج أمها ..!
      لماذا انتقل للعيش إلى هنا بعد زواج أبيها بأمها ..؟! أ كانت أمها من رفض ايواءه في بيتها يا ترى ..؟! أ لهذا دوما ترى الصقيع يقطر من معاملته لها ..؟!
      كل ذلك غير مهم .. المهم الآن أنها بحاجة لأن يكون قريبا منها الآن ليفهمها .. ليدلها ..
      تنهدت بصوت مسموع لتقطع عوشة سيل حديثها بضيق ..
      - مالت عليج .. انا من الصبح أرمس عمريه ..!
      احمر وجه روضة باحراج و هي تعتذر ..
      - لا وياج ..
      زفرت عوشة بنقمة و هي تلتقط حقيبتها و تعدل من هندامها ..
      - نشي عيل ..
      - وين ..
      - أمينة تقول يدوه يالسة خاري .. يا الله بنظهر لها ..
      هبت واقفة من مكانها تلتقط حقيبة يدها .. متوجهات إلى الخارج حيث تجلس جدتها .. هل ستستطيع الإختلاء بغيث و عوشة هنا .. ربما لا .. فستسعى ابنة عمها حتما للالتصاق به .. توجهن معا للخارج و عوشة تتمايل في مشيتها بغنج .. حيث جلست جدتهن على المنصة الرخامية و قد فرشت فيها سجادة عجمية عملاقة .. وضعت عليها القهوة و توابعها من الأطعمة الخفيفة التي يُعتاد أن توضع معها
      ما إن خرجن من الباب المؤدي للحديقة العملاقة حتى بدأت الجدة بالترحيب بهن بصوتها الضعيف .. الحبور الخفيف الذي علا محياها و هن مقبلات أذهلهن فكل من يعرف هذه المرأة أدرك أي ألم كانت تكابد في الأسابيع الماضية .. ما الذي حدث ليجعلها تعود لطبيعتها ..
      تقدمت عوشة مسرعة لتحتضن جدتها بحب و هي تقبلها بقوة ..
      - فدييييييتج و الله .. تولهت عليج أمايا ..
      برقت عيناها بحنان حقيقي و هي تمسح على شعر عوشة التي جلست بجانبها ..
      - تولهت عليج العافية يا حبيبتي ..
      ابتسمت روضة بهدوء و هي تسلم عليها بحب و احترام ..
      - السلام عليج يا أميه ..
      - مرحبا .. مرحبا .. حيا الله ببنت علي .. حيا الله برويض القاطعة لي ما نشوفها غير في المناسبات ..
      شعرت روضة بالخجل الشديد من تقصيرها و هي تقبل رأسها لتجلس على يسارها و هي تعتذر باحراج ..
      - مقصرين يا الغالية سمحيلنا ..
      مسحت الجدة على رأس عوشة التي كانت تتباهى بدلال كطفلة صغيرة ..
      - عاد العاش يعلنيه هب بلاها ما تفارقنا .. كل يومين و هي مسيرة.. و انتي و شيخة امرررة ما لكن شوف .. عنبوه .. تعالن تخبرن عنيه و الا عن يدكن .. ما بقى في العمر باقي خلوناا نشوفكن ..
      - الله يطولنا بعمرج فديتج .. يا غير غربلتنا الدراسة و عوشة فاضية ..
      و راغبة في المجيء أيضا ..!
      و لكن الجدة واصلت العتب عليهن ..
      - حامد كل خميس أشوفه هو الشباب .. و غيث يعلنيه أفدااه عنديه .. أحمدووه و هزاع كل يومين طابين عليه .. و عيال سعيد و فهد ما يقصرون .. و انتن الثنتين تخطف عليه شهور ما شوفكن ..
      هزت روضة رأسها بخجل .. دون أن ترد و احساس بالذنب يخالجها .. لا تعلم جدتها سبب هذه الزيارة ..!
      و تابعت جدتها بأسى خالطه نبرة مختلفة و هي تقول بابتسامة هادئة ..
      - عاد الحين لازم تخطفون عليه و تيونيه .. يدكن و ملتهي ما يفضي الشيبة .. مادريبه متى بيرحم عمره من هالاشغال .. و غيث ودر البيت و أنا يالـ ...
      - ودر البيت ...!!!!!!!!!!!
      كان هذا صوت عوشة الحاد مذهولا .. و هي تتابع بلهفة ..
      - ليش يا أميه ..؟!
      ابتسمت لها و لوجه روضة المصدوم .. ما الخطب ..!
      - ماشي يعلنيه فداكن لا اتروعن .. يا غير شل قشاره و سار يلس في بيت عمه حمد .. بيتم هناك الين تنقضي عدة حرمة عمه .. و خلاف بييبونهم هنيه .. تعرفون عاده .. حريم و ما عندهن ريّال .. و هو ما طاع لهن و عزر ييلس هناك ..
      كانت جدتها تواصل الحديث دون أن تدرك الضجيج الذي يضطرم به صدر كل واحدة منهن .. روضة مشدوهة بسيل المعلومات المتدفق هذا .. لابد أن أمها و أبيها و أخوانها على علم بهذا .. لمَ لم يتبرع أحد باخبارها .. متأكدة بان شيخة و عوشة التي بدت الصدمة على ملامح وجهها المرسومة بعناية لا يعلمن شيئا عن كل هذا ..!
      هذه تطورات لا يمكن أن تستوعبها الآن .. لقد انحرف مسار تفكيرها تماما ..
      و صور بيت عمها بجدرانه المشققة تعود لذهنها .. زوجته و بناته .. أشهر قليلة و يكونن هنا ..!
      عجز ذهنها عن الرسم صورة لما ستكون عليه الحياة في هذا البيت بعدها ..!
      .
      .
      .
      تتميز غيظا و حقدا مما سمعت للتو .. شيء كالسعير يضطرم في صدرها ..
      لقد ذهب إليها .. سيمضي وقته قربها من الآن وصاعدا .. لم يستطع الانتظار حتى مجيئها إلى هنا .. !
      شعرت بدموع القهر تندفع لعينها فرفعت رأسها تقاوم سقوطها ..
      أيعقل أنه سيقدم على الزواج حقا بتلك النكرة ..؟! ستموت ان فعل .. سيقتلها ذلك دون شك ..
      بعد هذه القنبلة لم تعد ترغب بالمكوث هنا .. شعرت بحرقة تجتاح صدرها .. و هي تبتلع دموعها مقاومة رغبتها بالبكاء ..
      وقفت على قدميها .. لتنظر اليها روضة و جدتها بدهشة ..
      - وين فديتج ..؟
      ابتسمت بشحوب ..
      - بسير يدوه .. بنات خالوه بيوونيه اليوم .. تعرفين محد في البيت غيريه .. بسير أعابل الفوالة و المكان ..
      نظرت لها روضة بشك واضح .. متأكدة بأنها مجرد حجة .. فوقفت هي الأخرى بسرعة .. و شعورها بالذنب يتعاظم .. ها هي ستترك المكان حالما علمت بأنه ليس هنا .. لم يعد هناك فرق بينها و بين عوشة ..
      - و أنا وياها يدوه .. و ان شا الله قريب بنخطف عليج و بنييب شيخة ويانا ..
      و ابتسمت و هي تستمع لاعتراضات العجوز .. راحة طفيفة سرت في عروقها و هي تقبل رأس جدتها ..
      بدت بخير تماما .. لم يختف الألم عن وجهها .. و ما زال الوجع يسكن عينيها .. و لكن أفضل حالا بكثير من حالها في العزاء و الأيام التي تلته ..!
      سبقتها عوشة و هي تمشي بسرعة تقطع الردهة الكبيرة و صوت كعبها على الأرض الرخامية تردد صداه الجدران .. لم تلتفت لروضة التي كانت تمشي بهدوء خلفها و هي تحاول لف غطاء شعرها قبل أن تخرج .. ما ان فتحت الباب الخارجي لتلحق بعوشة حتى تجمدت في مكانها .. تقبضت يداها بقوة .. و قداماها تعجزان عن مواصلة المسير للأمام .. و هي تنظر للثلاثة الذين توقفت عوشة عندهم لبرهة .. توجهت الأنظار نحوها .. و راح قلبها يخفق بجنون .. شعرت بالدم يهرب من وجهها .. هذا آخر من كانت تتمنى رؤيته الآن ..!
      دفعت نفسها للتقدم مع إطالتها الوقوف هناك .. و هي تبتلع ريقها بهدوء .. اهدئي .. لا تفضحي نفسك .. لا شيء يستدعي هذا الخجل كله ..
      كالعادة أطولهم يقف خلفهما قليلا و عينه تتأمل الأرض الذي يقف عليها .. ابتسامة هزاع اللطيفة كانت مشجعة و هي تقترب منهم بهدوء ..
      - مرحبا مرحبا بشيخة البنات ..
      ارتجف صوتها و هي تسلم عليهم ..
      - السلام عليكم و الرحمه ،،
      .
      .
      .
      شعر بقلبه يطرق أضلعه بقوة رتيبة .. و صوتها الناعم يداعب مسمعه بهدوء .. رد عليها بهدوء دون أن يرفع عينه ..
      - و عليكم السلام و رحمة الله و بركاته ..
      رآها للتو حين كانت تقف عند باب المدخل .. بدت مترددة في التقدم ..
      هل أسر لها أخاها بطلبه يا ترى ..؟! حك لحيته بهدوء .. و صوته العميق يوجّه لها ..
      - شحالج روضة ،،
      ناوشت شفتيه ابتسامة حلوة أخفاها بجهد و صوتها الهادئ يخاطبه ..
      - بخير ربيه يسلمك .. شحالك سيف ربك بخير ..
      - فنعمة ما نشكي باس .. شحالج و شحال أهلج ..
      - يسرك حالهم .. علومكم ،،
      - علوم الخير .. حيّا الله بنت علي ،،
      همست بهدوء ..
      - الله يحييك و يبقيك ..
      راح ينصت لصوتها الهادئ و هي تتبادل السلام مع هزاع و حارب .. يختلط بصوت كعب حذاء عوشة الذي راحت تهزه بقلة صبر ..
      - حارب أخبار الدراسة ،،
      .
      .
      كانت تحاول جاهدة أن تبدو طبيعية .. هل لاحظ إهتزاز صوتها يا ترى ..؟! كان حارب يرد عليها و هي تحاول التركيز فيما يقول ..
      - و الله يا بنت العم نكرف في هالمدرسة .. ما بقى شي ع الامتحانات اسبوعين و تبدا .. دعواتكم ..
      - الله يوفقك إن شا الله .. و يسهل عليك .. و ترفع الراس ..
      ابتسم لها حارب بلطف ..
      - آمين .. عاد أنا على الله و على دعواتكم .. دعوليه ربيه يعينيه عليها ..
      قال حارب مازحا ..
      - أقول كل يوم تيينيه .. و تحب راسيه .. – و راح يمثل ويقلد صوت حارب – هزاع يا خوية .. ادع ليه ..
      هز حارب رأسه مستنكرا ..
      - و الله لو بطلب حد يدعيليه .. بخلي بو هناد .. ريال يعرف ربه .. و الا انته ما ظنتيه دعوتك توصل سقف الحجرة ..
      ابتسمت روضة بهدوء .. وهزاع يوجه ضربه لظهر أخيه الأصغر مازحا و في حين نهرهما سيف بقوة ..
      - محد يمزح في هالسوالف ..
      غمز هزاع لروضة التي راحت تخفي ابتسامتها ..
      - عصب المطوع ..
      قاطعتهم عوشة و هي تقول بفتور تمسك برسغ روضة و تسحبها ..
      - يا الله شباب .. البيت بيتكم .. و يدوه يالسة خاري .. نحن مستعيلات سمحولنا ..
      نظر لها هزاع ببرود ..
      - غصبن عنج بيتناا .. – ثم ابتسم لروضة بهدوء – خلينا نشوفج روضة ..
      هزت رأسها بإحراج .. و هي تشعر بسيف يتحرك بضيق و كأنما لا يعجبه الوقوف هنا ..
      - إن شا الله .. يا الله عيل نحن بنتوكل .. فداعة الله ..
      - الله يحفظج ،،
      مضت بسرعة ترافقها عوشة فرفع عينه للحظة لتصطدم بابتسامة هزاع الواسعة .. عقد جبينه و هو يشعر بأنه قد افتضح أمره بشكل ما ..
      - شعندك متشقق ..
      ضحك هزاع و حارب يهز رأسه .. ثم وضع ذراعه حول كتفي سيف العريضين ..
      - هههههههههههه .. ياخي و الله انك سالفة ..
      شعر سخونة في رأسه وهو يدفع هزاع بضيق ..
      - و انته ما عندك سالفة ..
      هز هزاع رأسه بوقار مصطنع ..
      - ما عندي سالفة .. ما عندي سالفة ،، هب مشكلة .. أهم شي يود سوالفك .. يااا ..
      ثم نظر بخبث له و هو يهمس قرب أذنه ..
      - ياا المعرس ..
      و أطلق ضحكة مدوية حين احمر وجه سيف غيظا أو خجلا .. و هو يسدد لكمة سريعة لكتفه ،،
      .
      .
      .
      .


      لمْ أحححبكك من فراآاغ ,/
      كي أنسسسسإآك من فرآغ . .
      احببتكك بِ قنآإعه عظّيمه ـ‘
      و سَ أنساك بَقناعه أعظم !|



    15. #60
      الصورة الرمزية ♥} آمـل الـ عٍ ـشآق ♪
      تاريخ التسجيل
      Dec 2009
      الدولة
      " ع‘ــشقـِـِـي آلمَدينـَـَـَـﮧ ..
      المشاركات
      18,765
      معدل تقييم المستوى
      97

      افتراضي

      ضعت كفها على قلبها الذي راح يتراقص بطريقة مختلفة .. لمرة الأولى يراودها هذا الاحساس ..! لطالما رأته و لم يؤثر فيها بهذا الشكل .. الآن طلبه دفعها للنظر اليه من منظور آخر ..
      تنفست بعمق و هي تلتفت لعوشة .. لتتسع عيناها بصدمة ..
      كانت غرتها متدلية على جبينها كالعادة و لكن عينيها الواسعتين محمرتين و قد سالت دموعها سواد كحل على جانب وجهها و هي تعظ شفتيها ..
      صوتها يتهدج و هي تعتصر طرف شيلتها بقوة باكية ..
      - أخوووووج حقييييييير .. أكرهـــــــــــه ..!! و الله لينـــــــــــــدم .. و الله ..

      * * * * *
      - أنا يوم شفته شالنج ويربع بج .. شوه أقولج .. ويه الخايف الملهوف .. حور .. تقولين شاروخان في واحد من أفلامه !!
      قالتها نورة بحالمية و هي تضم كفيها في حركة مسرحية حين كن يجلسن في الحوش عصر اليوم التالي .. قبل أن تضربها دانة على كتفها معارضة ..
      - مالت عليج ما لقيتي إلا هالهندي المعفن .. حور ما يي صوبه شاروخان .. أحسه يقرب لبراد بيت يوم مثل في تروي .. آآآه والله انه هيبة ..
      تصر على أسنانها ووجهها المنتفخ المحمر خجلا .. أم بفعل بقايا الحمى .. لا يتبين منه سوى الغيظ .. وهي تقول بصوتها المبحوح ..
      - و الله ما عندكن سالفة ..
      ضحكت نورة و دانة بقوة و ابتسمت المها رغم أنه بدا واضحا أنها لم تسمعهن ولكنها خمنت فحوى الحديث من وجه حور المحتقن فنورة و دانة لم يكفن منذ الأمس عن السخرية من حور .. ناولت عفرا حور كوب الحليب الساخن قبل أتمد واحد آخر لأمها التي كانت تلاعب شعر مزنة المستلقية على ركبتها ..
      - ما عليج منهن .. خراطات أصلا يوم حدر الريال كنا في حجرتناا .. ما شافن شي ..!
      قالت دانة بثقة ..
      - و الله شفنااه من الدريشة يوم انه ظاهر ويا نايف .. تم زاخنه و يرمسه .. ظنتيه يسويله استجواب .. – ثم استدركت بخبث – يمكن كان يوصيه عليج ..
      هزت حور رأسها بحقد ..
      - شكلج ما بتصخين الا يوم أرشج بالحليب ..
      ابتسمت نورة لوجه حور الذي بدا جميلا بشكل ما وهي تحمر هكذا ..
      - هيه .. عيل السيارة لي ودتناا و ردتناا من المدرسة اليوم ليش حاطنها .. ؟؟ و تقولين بيسكن عدناا .. أخ يا فواديه ع الاهتمام ..! الله يعطيناا مما عطاكم .. أقول حور .. هب كنه طويل عليج شوي .. ؟ ما يي تقسمينه نص لي ونص لج ..؟
      لم ترد حور على أي منهن و راحت تتأمل هند التي انبطحت على بطنها و هي تقرأ في أحد كتبها بصوتٍ عالٍ .. تستذكر دروسها مع اقتراب وقت الامتحانات ..تشعر بالخجل الشديد .. بدت ليلة البارحة و كأنما حدثت منذ سنوات .. تضطرب معدتها و تشعر بالخجل الشديد كلما تناهى لها تفصيل مما حدث بالأمس .. رغم ضبابية الذاكرة .. إلا أنها ودت لو تمر سنوات قبل أن تواجهه مرة أخرى ..!!
      لا تستطيع منع نفسها من ذاك الشعور الغريب وهي تتذكر كم كان قريبا منها البارحة .. تبا له .. يبدو أنه تخطى الكثير من الحدود الحمراء دون اكتراث حقيقي لما قد يكون رأيها بذلك .. كانت تشعر بأنها أفضل حالا لولا تعليقات نورة و دانة المستمرة منذ البارحة .. و أحاديث نايف المتحمسة عن سيارته و العاملين الذين أخذوا بعض الوقت في المجلس لإحداث ما لم تستطع فهمه ..!
      الأحمق هل ينوي تحويل المجلس لغرفة خاصة له .. تبا .. وكأنما يتحدى رفضها بمد أصوله هنا ..!
      أخفضت نظرها وهي تزفر بهدوء .. لم يبدو على اخوتها أدنى اعتراض على وجوده هنا ..
      تذكرت بألم كيف تفاعلوا جميعا مع الخبر بارتياح .. و استعادت وجه أمها المضطرب القلق و هو يلين بابتسامة حين ضمتها لصدرها ..
      كرهت هاجسا راح يؤرق احساسها .. هل هذا كله هو انعكاسٌ لبريق المال في أعينهم .. أم أنهم شعروا بالراحة لوجود رجل هو الأمان بالنسبة لهم ..؟!
      رفعت عينها مع نهوض البنات بسرعة و دخولهن واحدة تلو الأخرى .. وانتبهت لوجود نايف هنا .. وهي تسأل عفرا قبل أن تختفي في الصالة ..
      - وين ..؟؟
      - ريلج بيي ..
      اتسعت عيناها و هي تهمس بارتياع ..
      - هاا ؟؟!!!!
      نظرت لنايف و هي تجيب ..
      - أخوج يقول انه يبا يسلم على أمايا و يشوفج .. بنلبس شيل صلاة و نيي ..
      ثم اختفت .. تلفتت هي حولها برعب شديد .. الجدار الذي تستند عليه .. و حولها بطانية تلفها رغم الحر فبرودة ما يقشعر لها بدنها بفعل الحمى .. شعرها الأشعث ووجهها الشاحب .. كرهته في هذه اللحظة من قلبها .. ألم يجد وقتا أفضلا ليأتي .. شعرت بأنها قطة متسخة استوت هند جالسة و هي تحكم لف غطاءها و مزنة تجلس على جانب أمها التي راحت تعدل من وضع برقعها ..
      رباه أين لها أن تختفي الآن .. أ ما من أرض تنشق لتبتلع احراجها هذا ..؟!
      لا تريده أن يدخل إلى هنا .. ليجلس بينهم .. لا تريد أن يقتحم وجوده عائلتهم الصغيرة ..
      .
      .
      .
      كان نايف يمشي إلى جانبه حين طرق الباب الذي يصل ممر المجلس بالحوش بقوة و صوته الرجولي يرتفع منبها ..
      - هووووووود .. هوووووود ..
      سمع صوت فتاة واضح تأذن له بالدخول ..
      - هدااا .. اقرررب ..
      تجاوز الباب ليدخل الحوش الصغير ..
      - السلام عليكم ..
      كن الأربع يقفن احتراما لقدومه أول من سقط نظره عليها .. إمرأة لم يتبين ملامحها جيدا من خلف البرقع .. جسدها الضئيل جعلها أقرب لابنتها تلك .. رغم بروز بطنها الصغير .. لا يدري لما تذكر أمه نورة حين رآها .. شيء من الوجع يسكن زوايا عينيها المسالمتين مس قلبه و ذكره بها .. هذه أيضا توجعت على فقدها ..
      أي حدود وصل وجعها يا ترى ..
      حين رحل حاميها .. سندها .. تاركا لها هؤلاء اليتامى ..
      و شيء من الحياة لا تزال تحتضنها داخلها لن ترى أبا لها ..
      وعجز ..!
      لا زال في قلبه من الانسانية ما دفع موجة الشفقة الهائلة في عروقه و هو يسمعها ترد سلامه الذي حتما استشفته من حركة شفاهه و هو يدنو .. و ترحب به بلهجتها المتكسرة بفعل إعاقتها السمعية ..
      - واا عييكم الساام .. مااحبااا ماا حباا ..
      لم يستطع سلخ عينه عن مقلتيها الدافئتين وزوايا عينيها تتجعدان بدفء واضح دل على ابتسامة أخفاها البرقع ..
      - لمرحب باقي ..
      سلم عليها بشيء من الاحترام كما اعتاد أن يفعل مع زوجة أبيه .. وهوى على رأسها الذي يقل طولا عنه يقبله باحترام .. رغم كل شيء .. هذه الغريبة هي زوجة عمّه .. و لها من الاحترام ما كان له ..
      التفت للجانب الآخر .. حيث تقف زوجته في مكانها .. وجهها المرهق بدا أفضل مما كان عليه بالأمس .. وجبينها ينعقد في هدوء .. ونظرة الغيظ و العداء تلك جلية في عينيها .. لم يقاوم ابتسامته الساخرة التي تسللت لشفتيه وهو يرفع حاجبه متحديا ويقترب منها .. تحولت مشاعرها السلبية إلى ذعر اتضح على وجهها وهي تتراجع خطوة للوراء حتى تكاد تلتصق بالجدار .. فيما أحنى رأسه نحوها بعجرفة و يده تقبض على زندها كي لا تتحرك و هو يسلم عليها .. توترت أنفاسها بقوة و تسارعت .. و هي تشيح بوجهها مع ابتعاده قليلا لينظر للفتاة التي وقفت قرب أمها تراقبه بهدوء .. علم أنها هي من صاحت تأذن له بالدخول حين سألها ..
      - منوه انتي ..؟
      ردت بصوتها الهادئ .. وهي تعقد يديها بتماسك وحيادية لا تمتلكها أختها الكبرى ..!
      - أنا هند بنت حمد ..
      أومأ برأسه متأملا ..
      - و النعم ..
      - النعم بحالك .. ما عليك زود ..
      استدار ليرى طفلة حلوة اتسعت عيناها بانبهار و هي تنظر له و اصبعها في فمها .. لا يدري لما اندفعت ابتسامة لطيفة تليّن صلابة وجهه .. حسنا أ ليس بيت عمه هذا زاخر بالمفاجآت .. يشعر بأنه يخوض تجربة جديدة مع التقاءه هؤلاء الأقرباء و تعرفهم .. سيكونون عائلته لسبعة أشهر قادمة .. !
      - منوه هالحلوة .. ؟؟
      أمسكت الطفلة ثوب أمها بشيء من الحذر و نايف يجيبه بسرعة ..
      - هاي مزنة ختيه ..
      هز رأسه لها دون أن يضيف شيئا و أمها تبتعد عن طريقه تدعوه باشارة أن يجلس مكانها .. و لكنه أشار بيده رفضا و هو يشير بخبث لحور .. التي بدا السخط على وجهها و هو يجلس لجانبها براحة قبل أن يقرب له نايف مخدة الاتكاء .. ليريح جسده عليها في جلسة أغاظتها للغاية .. يبدو مستمتعا بالأمر .. ! لا تدري لما استنكرت جسده الضخم بثوبه الفاخر وهو يجلس على سجادتهم البسيطة .. يشاركهم هذه الجلسة و يريح نصف جسده على تلك المخدة المربعة الثقيلة ..
      راح يتبادل الأخبار مع أمها بطريقة ما رغم اخطاءه الا أنه كان يقوم بحركات اشارة عامة .. التفت اليها قبل أن تشيح بناظرها بسرعة ..
      عليه اللعنة لا تريده أن يظن أنها تتأمله .. شعرت بنظراته تخترق بشرتها وهو يمعن النظر فيها بصمت .. شدت قبضتيها .. كان قريبا للغاية .. لا تفصله عنها سوى هذه المخدة التي وضعت بينهما ..تكاد تشعر بدفء جسده الكبير و هو يسألها بصوته العميق ..
      - شحالج ..
      لم ينطق اسمها .. شعرت بهدوء غريب يهبط على نفسها و هي تبتلع ريقها و تجيبه بخفوت ..
      - الحمد الله ..
      لا تريد النظر اليه أو التقاء عينيه .. وهو يعود ليسألها ..
      - شوه تانسين اليوم ..؟
      بللت شفتيها و هي ترد بضيق ..
      - أحسن ..
      تكره وجوده هنا .. تريده أن يرحل حالا .. راح يتبادل الكلمات مع هند ونايف .. ومزنة تتأمله بعينيها الواسعتين بفضول .. قبل أن تخرج المها من باب الصالة حاملة بين يديها صينية كبيرة وضع عليها ابريق الشاي ودلة القهوة .. و مرفقاتها .. تتبعها دانة و عفرا و نورة .. ليهب نايف واقفا و يلتقط من أخته الصينية و يضعها أرضا فيبدأ بالصب ..
      جلسن الأربع بجانب أمهن الأيمن تباعا .. و مزنة و هند على الجنب الأيسر .. يقابلن غيث و حور التي كانت تخفض بصرها .. لا تدري لما تشعر بالاحراج يقتلها .. بامكانها سماع تعليقات نورة و دانة من الآن ..
      تبا له .. إن الحوش يتسع بما يكفي ليبتعد عنها ..!
      تمنت من قبلها بقوة أن يلتقط الفايروس من اقترابه ليسقط طريح الفراش حتى يموت ..
      أوف .. هل نظرات الجميع مسلطة عليها أم يخيّل إليها ..؟! لن تتبين نظرات أخواتها أو تستشف احساسهن من خلف أغطيتهن .. لكن المها بدأت بتبادل الأخبار و السؤال عن الحال بحركات يدها و لهجتها المكسرة الرقيقة ..و غيث يبادلها الاجابة كما فعل للتو مع أمها .. ثم صوت عفرا العميق .. تتبعها نورة ثم دانة ..
      - شحالك يا غيث ،،
      - يسرج الحال يا بنت العم و من صوبج ،،
      بعد أن انتهين من تبادل السؤال و المجاملة .. التفت لها بهدوء و بصوت خافت لم يسمعه سواها بعد أن التقط فنجان القهوة من يد نايف ..
      - عرفي بخواتج ..
      عضت شفتها السفلى بقوة .. لا تريد .. لا تريد ..
      لا تريد أن يخترق تلك الحدود أكثر .. لما عليه أن يعرفهم واحدا واحدا ؟؟! ابتلعت غصة سدت حلقها و هي ترفع صوتها المبحوح فوق مستوى الهمس و تشير بيدها على كل واحد من البنات ..
      - هاي المها بنت حمد تبيعتي .. و هاي عفرا لي أصغر منها .. و هاي نورة .. و هاي دانة ....
      - و النعم ابهن ،،
      - النعم بحالك ما عليك زود ..
      .
      .
      كان مسترخيا للغاية .. سمة البساطة هي الطاغية هنا .. اسلوب معيشتهم المتقشف .. جلستهم .. تقاربهم ..
      و حتى استقبالهم له .. لم تكن هناك ردة فعل مميزة ..
      مجرد استقبال هادئ و كأنما اعتادوا رؤيته هنا .. نظر لها .. لا ترفع عينها عن الأرض .. و احمرار طفيف لا يفارق وجنتيها .. مغتاظة .. أو محرجة ..؟
      ربما كان تأثير الحمى ..!
      لا يهم .. صمم على الجلوس هنا حتى حلول الظلام ..!

      * * * * *


      لمْ أحححبكك من فراآاغ ,/
      كي أنسسسسإآك من فرآغ . .
      احببتكك بِ قنآإعه عظّيمه ـ‘
      و سَ أنساك بَقناعه أعظم !|



    صفحة 4 من 28 الأولىالأولى ... 2345614 ... الأخيرةالأخيرة

    معلومات الموضوع

    الأعضاء الذين يشاهدون هذا الموضوع

    الذين يشاهدون الموضوع الآن: 1 (0 من الأعضاء و 1 زائر)

    المواضيع المتشابهه

    1. ايهما تختار العتاب ثم الرحيل ام الرحيل بصمت دون العتاب
      بواسطة متبلدهه في المنتدى عقار ينبع شقق تمليك - شقق وغرف للايجار - اراضي للبيع
      مشاركات: 7
      آخر مشاركة: 27-02-2014, 12:19 AM
    2. إثم الرحيل
      بواسطة سمو المشاعر في المنتدى استراحة المنتدى
      مشاركات: 8
      آخر مشاركة: 25-03-2011, 09:59 PM
    3. تعبت ا عد خطوات الرحيل
      بواسطة مطعون بسهام الغدر في المنتدى نبض القوافي
      مشاركات: 8
      آخر مشاركة: 29-10-2010, 07:07 PM
    4. المرأة المسلمة على عتبات الزواج
      بواسطة منارالكون في المنتدى عالم حواء
      مشاركات: 0
      آخر مشاركة: 07-07-2010, 10:11 PM
    5. °•. مناجاة على عتبات الرحمن.•°
      بواسطة ♥} آمـل الـ عٍ ـشآق ♪ في المنتدى من وحي الاسلام
      مشاركات: 680
      آخر مشاركة: 09-05-2010, 02:51 AM

    المفضلات

    المفضلات

    ضوابط المشاركة

    • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
    • لا تستطيع الرد على المواضيع
    • لا تستطيع إرفاق ملفات
    • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
    •  
    www.yanbualbahar.com