• دخول الاعضاء

    صفحة 14 من 28 الأولىالأولى ... 4121314151624 ... الأخيرةالأخيرة
    النتائج 196 إلى 210 من 408

    الموضوع: خطوات تغفو على عتبات الرحيل

    1. #196
      الصورة الرمزية ♥} آمـل الـ عٍ ـشآق ♪
      تاريخ التسجيل
      Dec 2009
      الدولة
      " ع‘ــشقـِـِـي آلمَدينـَـَـَـﮧ ..
      المشاركات
      18,765
      معدل تقييم المستوى
      97

      افتراضي

      كان الألم ألمها وحدها .. و ستحملها على عاتقها ما بقيت حيّة ..
      ستظل تلك الحادثة وصمة في الذاكرة تؤرّقها .. و تقض مضجع راحتها ..
      ثقب في الروح لن يسد إلا بيد الله .. و رحمته ..
      أرادت أن تريحها .. و أن تسر لها بأن لا ذنبا يلحقها مما جرى ..
      لكن ذلك لم يكن ليقال بكلمات قط ..
      بل هو إحساس يمنح .. يزرع بعناية بين الأضلع .. لذلك شدّت على الجسد بين ذراعيها بقوة ..
      و دموع دافئة تلسع خديها ..
      .
      .
      لكِ العذر يا صديقة ..
      لم يكن الأمر سوى قدر نقش على الطريق يرتقبني ..
      يقتنص فرصة ليصيب فرحتي ..
      و يدق آخر مسمار على نعش تلك البراءة التي فقدت ..
      وجودكِ كان السلوى ذات ألم ..
      و قد آن الأوان لأكمل طريقي الحالك وحدي ..!.
      .
      .
      رغم ذلك كلّه ،،
      لن تكل قدماها .. لن تكل الخطوات ..
      دوما سيسوقها الوله .. ذليلة ..
      لتنشق و تعب رئتي الإحساس مما تحتضن تلك الشوارع .. و تلك البيوت ..
      و قد أدمنت رائحة ما مضى ..
      .
      .
      دوما ستجد شيئا يشدها للماضي ،،
      و لو كان مفجعا ..
      هناك سحر يغرقنا في الشوق لكل ما هو ماضٍ و بعيد ..
      و ندرك استحالة عودته ..!
      .
      .
      اسمحي لي يا الأماكن ..
      ما بقى في ايدي شي ..
      غير أرحل عن دياري ..
      حاملة شنطة ثيابي .. و حزن ساري ..
      همّل دموعه يودّع ..
      ما تبرد حر ناري ..
      .
      .
      اسمحي لي يا الأماكن ..
      ما بقا لي اليوم حيلة ..
      غير أبكي ..
      أشتكي الرحلة الطويلة ..
      غير أمشي ..
      تقودني الخطوة ذليلة ..
      غير أخنق ..
      دمعتي المرة في عيني ..
      كل ساعة و كل يوم و كل ليلة ..!
      .
      .
      اسمحي لي يا الأماكن ..
      أنا برحل ..
      شايلة كل الحنين ..
      و كل أحلام السنين ..
      و شوق ظامي ..
      وسط هذا القلب ساكن ..
      اسمحي لي يا الأماكن ...
      .
      .
      بس أمانة ..
      كل حلم .. و كل فرحة ..
      و كل يوم لي بجرحه ..
      كل ضحكاتي البريئة .. و ابتساماتي الجريئة ..
      كل عبرة ..
      كل دمعة فارقت عيني بحسرة ..
      و السواليف الهبيلة .. و أمنياتي المستحيلة ..
      حتى أسراري الهزيلة ..
      ادفنيها في الزوايا .. و الا على رف اتركيها ..
      اغرسيها في التراب .. و الا في حضنك خذيها ..
      مابي من الدنيا طمعة ..
      غير أظمن ان لي في يوم رجعة ..
      أنبش الذكرى الجميلة ..
      من الزوايا ..
      و في انعكاسات المرايا .. **

      * * * * *
      بدت ابتسامتها فاترة في وسط وجهها الشاحب و هي تمد فنجان القهوة لإبن أخيها ..
      - و ليش ما تعرس ..؟ نبا نفرح بك ..
      أشار و هو يلتقط الفنجان من يدها نحو نهيّان ..
      - أعرس ..!! خلي شيبتنا نهيّان يعرس أول ..
      رفع نهيان حاجبا و هو يقول ..
      - عمك نهيان يا الهرم .. انته ما تعرف تحترم حد ..!
      ابتسم ذاك دون ان يبالي و هو يرد ..
      - يا بوك فرق سبع سنين ما تسوي شي ..
      رفع نهيان حاجبا و هو يرد ..
      - لا تسوي .. لكنشوه بنقول .. امبونك ما فيك خير و ما تعرف تحشم ..!
      - أوووف .. ليش الغلط ..
      - عيل .. أشوفك من رديت من استراليا ..و انته تخورها ..
      لكن ذلك لم يؤثر فيه .. استمر بالضحك .. و خولة تنظر لنهيان بعتب ..
      - ما عليك منه يا عمر .. هو كذيه يوم يوم معصب ..
      نظر لها نهيان بجبين معقود ..
      - منوه قال انيه معصب ..؟؟
      رفعت خولة حاجبيها ..
      - زين ليش معقد حيّاتك الحين ..؟
      ثم التفتت لعمر دون أن تنتظر منه اجابة ..
      - علومه أبوك .. رب ما يتعب من السكّر .. من زمان عنه ..
      أجاب عمر و هو يمد قدميه الطويلتين للأمام ..
      - علوم الخير .. ما به شر .. بس هو لو يطيع رمسة الدكاتره كانه معافى .. الله يهديه .. و بعدين ليش مقاطعيناا .. هب الدنمارك يا بوج ..
      ابتسمت خولة ..
      - فديتك .. تعرف رمضان مشاغل ..
      - الا العرب تتراحم في رمضان .. و بعدين رمضان خلّص الحول ..
      - انزين ييناكم في العين ..
      - شوه الشيخة غادية حلوة عمانيه ما تتواجدين الا في المناسبات ..
      - ها ها ها .. بايخة .. لا عقب العيد ميعاد ختيه تعب شويه صادتها حمى ..
      - هييييه .. و لا شر عليها ..
      - الشر ما ييك ..
      - و عقب ما صحت ..؟؟
      - هههههههههههههههههه .. خيبة .. شوه تحقيق..؟؟
      - هيه تحقيق .. اعترفي .. ليش ما تيينا ..
      تنهدت بابتسامة شاحبة .. و قد بهت وجهها حين راح الوجع يخز روحها بقوة مع العودة للواقع الذي تعايشه ..
      - أحس ماليه خاطر أسير مكان هالايام .. أبا أيلس في البيت ..
      - بالعكس .. المفروض أحينه تحاوطين و ما تخلين مكان .. عقب ما افتكيتي ..
      كان للكلمة الأخيرة مذاق كريه .. و رنين محتقر .. و قد تألق الحقد في عيني إبن أخيها ..
      آلمها أن تلمس أحاسيس عائلتها العدوانية نحو من تحب ..
      رغم كل ما فعل إلا أن فؤادها لا زال يحتضن تلك المشاعر القوية اتجاهه ..
      تعلم جيدا أن أحدا لم يكن موافقا على زواجها منه .. رغم أن سبب ذاك الزواج لم يعرفه أحد ..
      إلا أنهم لم يريدوا لها أن تتزوج من يعتبرونه غريبا بينهم .. و كأنما لا يريد زوجها السابق إلا أن يؤكد لهم كم كانت مخطئة حين أصرت على اختيارها ..
      متقامر بقلبها .. و أحاسيسها الغبية المتلهفة ..
      الآن لا يفتئون يلوموها على ما أقدمت ..
      الكثير منهم يتشمت .. و الكثير غاضب ..
      و ما يؤلمها حقا هو من يشفق ..
      ليست بحاجة لشفقة أحد ..
      ستنتزع هذا الألم قريبا من صدرها .. و تواصل المسير ..
      ستكمل حياتها .. حتما ستفعل ..
      حين تنسى ذاك الرجل الذي مزّق روحها بمديّة جفاءه قبل أن يدير ظهره تاركا اياها أشلاءا على الأرض ..
      و إلى ذاك الحين ..
      لا حيلة لها سوى أن تضغط على قلبها براحتها ..
      تخنق كل نبضة خائنة .. فاضحة .. محطمة ..
      تشهق بإسمه ..
      ستجد الوسيلة لتفعل ذلك ..
      ستنساه ..
      ليس ذلك صعبا إن فكرت بإقتلاع قلبها على كل حال ..!

      * * * * *


      لمْ أحححبكك من فراآاغ ,/
      كي أنسسسسإآك من فرآغ . .
      احببتكك بِ قنآإعه عظّيمه ـ‘
      و سَ أنساك بَقناعه أعظم !|



    2. #197
      الصورة الرمزية ♥} آمـل الـ عٍ ـشآق ♪
      تاريخ التسجيل
      Dec 2009
      الدولة
      " ع‘ــشقـِـِـي آلمَدينـَـَـَـﮧ ..
      المشاركات
      18,765
      معدل تقييم المستوى
      97

      افتراضي

      شعرت بضربات قلبها المجنونة .. و كأنما يريد أن يثب من صدرها .. تترجل ببطء من السيارة الكبيرة خلف أمها .. أمام باب البيت الأمامي الكبير ..
      هذا البيت الذي قدمت مع اخوتها إليه ذات مرة بأمرٍ من أبيهن ..
      هنا كانت قد رأت زوج أختها للمرة الأولى .. حيث فهمت لاحقا أنه إعتقدهن مجرد متسولات ..!
      عيناها المضطرتين تصطدم ببناء حجري لم يكن موجودا المرة السابقة .. لا يبعد كثيرا عن البيت الكبير .. و من الواضح أن أعمال الصيانة لا زالت تجري فيه ..
      شعرت بشيء يعتصر فؤادها و هي تدرك حقيقة تلك الأحجار البيضاء المتراصة ..
      هذا بيت أختها الزوجي .. لا شك في ذلك ..
      راحت عيناها تفتشان عنها .. لتجد أنها تقف بجانب أمها .. تدير ظهرها للبناء ..
      كأنما ترفض رؤيته ..!
      انتفضت حين شعرت بلمسة على كتفها لتستدير بسرعة ..
      فتجد نفسها في مواجهة عفرا .. ذات الطول المميز ..
      لتلوح الأخيرة لها بأن تتقدم ..
      كم تخشى ذلك ..!
      ما الذي يخفيه القدر لكل منهم خلف هذا الباب ..؟ كيف سيعيشون هنا ..!
      الحقيقة أن الذعر كان يتملكها .. راح يلتهم بقوة إحساس الأمان الذي يبثه وجود إخوتها هنا ..
      ابتلعت ريقها مرّات عديدة و هي تراقب زوج أختها يتقدمهم نحو الباب الكبير .. تتبعه أمها و أخواتها ..
      لذلك راحت تدفع قدميها المرتجفتين ورائهم ..
      بدا التنفس صعبا في تلك اللحظات ..
      هي .. الفتاة التي عاشت بمعزل عن الناس لسنوات طوال .. حدود معارفها و تعاملها يقتصر على أقاربها المقربون ..
      لا تعرف غيرهم ..
      الطفلة .. نقيّة الإحساس .. بروحها الشفافة ..
      على وشك أن تفتح ثغرة في حياتها ليتدفق منها كل هؤلاء الناس الذي يفترض بها أن تتقبلهم كأهلٍ لها ..
      ذاك الصمت الذي يلفّها مذ وطأت الدنيا .. العدم السمعي ..
      بدا مزعجا في تلك اللحظات ..
      الحقيقة أنها لا تعرف معنى للسكون .. أو اللاسكون .. الصمت .. و خلافه ..
      لم يكن ذلك يعني لها شيئا ..
      عالمها الهادئ .. لا يعرف من الأصوات .. سوى خشيش يائس يصلها ببؤس .. و استماته ..
      لذلك كل ما في الأمر هو اللا صوت ..
      لا تعرف الصوت لكي تميز الحال به أو بدون ..
      لكنها الآن تمنت لو أنها تسمع .. أرادت أن تخترق أذنيها أصواتهم .. أفعالهم .. و كل حرف سينبسون به ..
      لتتعلم الكثير عن هؤلاء الغرباء ..!
      الآن ينسلون واحدة تلو الأخرى .. لتصل هي و نايف معا للباب ..
      يدها المرتعشة تنحني لتحتضن كفّه الصغير .. ليرفع أخيها عينيه بشي من التساؤل .. قبل أن يعتصر يدها و كأنما يريد أن تصلها الطمأنينة التي تنشدها ..!
      في اللحظة التي تجاوزت فيها الباب .. علمت أن الكثير لم يتغير .. نفس الذهول و الإنبهار راح يتردد في صدرها و كأنها تزور المكان للمرة الأولى ..
      جمهرة من اللون الأسود و الألوان راحت تتحلق حولهم ..في بضع نسوة .. قبل أن تدرك بأن زوج أختها ترك المكان .. يلحق به نايف ليترك فراغا ما في يدها ..
      و الروح ..!
      و قد أخذن أخواتها ينزعن أغطيتهن الثقيلة .. حتى حور التي لم تنزع غطائها إلا الآن ..!
      مدت يدها بشيء من التوتر و هي تنسل ببطء خلف عفرا .. لتجذب الغطاء ببطء ..
      عيناها تلتصقان بالأرض فلا ترفعها ..
      رباه ..!
      ما الذي ينتظر النظرات حين أرفعها يا ترى ..!!
      .
      .
      من تحت أهدابها الطويلة المثقلة بالماسكرا راحت نظراتها تلتهم الوجوه الجديدة التي بدت من خلف الأغطية ..
      تدور بعينيها ..
      أيهن ..؟! أيهن هي ..؟
      إحدى هذه الوجوه ستكون غريمتها ..
      هي لا تكن لهذه العائلة أي شيء .. لا شيء من مشاعرها و سلبيتها تنعكس على الجميع ..
      اللامبالاة هي الأقرب لوصف إحساسها نحوهم .. لا يهمها أي أحد منهم ..
      تريد أن ترى فقط تلك الفتاة التي استطاعت سلب حبّا من تحت أنفها ..
      سترى ما الذي رآه غيث فيها و لم يجده لديها ..!
      أيهن يا ترى ..؟
      الوجوه تتشابه بشكلٍ عام .. لا مميز فيهن .. تلك الملامح البسيطة .. التي لا تقارن البتة بجمالها ..
      إلا ............
      مهلا ..!!
      ذاك الوجه الرقيق الذي راح يتوارى خلف أطولهن ..
      شيء بعمق النقاء راح يبرق في عينين انتكست نظراتها خجلا ..
      ارتباك طفلة في انعقاد ذاك الجبين الأبيض الصافي .. و في شفة مضمومة بتوتر دفين ..
      في يد نحيلة انعقدت بهدوء ..
      و صمتٍ ملائكي راح يلفّها ...
      شيء أفجعها بقوة ..
      هذه الفتاة تعكس شعورها حولها فيكاد ملموسا .. هالة من الشفافية قد تلفهم جميعا حين ينظرون إليها ..
      انتزعت عينيها من ذلك الوجه و هي تدير بصرها متوترة في الجميع الذي انشغل بالسلام تباعا ..
      أيخالجهم الشعور الذي لمس روحها ..
      هي ..!! هي ..!
      لابد أنها هي .. لن تكون سوى أكثرهن تميزا ..
      تبا لها ..
      تكاد أطرافها أن تسقط قطرات صافية من ندى .. أي طهارة إجتذبت ذاك الرجل ..
      يمكنها أن تفهم ..
      و لكن كيف ..!! بدت صغيرة .. صغيرة للغاية ..
      تكاد تكون بعمر ابنته ..
      لماذا تجاهلها .. هي الناضجة و هرع نحو هذه الــ ..
      - هاي عوشة بنت مطر ..
      كان هذا صوت جدتها المتهدج .. انتشلها من دوامة أغرقها فيها الذهول ..
      لتستدير نحو المرأة النحيلة التي تحمل رضيعا بين يديها .. و فتاة أقصر منها قليلا ..
      لتهز عوشة رأسها قليلا بارتباك ..
      هل لاحظ أحدهم نظراتها لتلك التي تقف في الزاوية ..؟؟
      ها هي تتحرك الآن لتقف خلف أمها و أختها التي بدت أكبر سنا منها ..
      ألم يقولوا أن غيث تزوج أكبرهن ..؟؟! لما بدت زوجته ...
      - عوشة فديتج .. ها وديمة حرمة عمج حمد الله يرحمه .. و هاي بنتها حور .. حرمة غيث ..
      ذاك الخد الذي مدته لتقبلها عليه الفتاة أمامها تشنج بذهول ..
      من ..؟؟؟!!!
      أيمكن لها أن تخطئ السمع ..
      اتسعت عيناها الكبيرتين بصدمة .. و هي تحملق في ذاك الوجه أمامها ..
      - حــــور ..؟؟
      هزت الفتاة رأسها بابتسامة صغيرة مضطربة .. قبل أن تتحرك من أمام عوشة مفسحة المجال لأخواتها بالسلام ..
      لكن عينا عوشة تصلبتا .. دون أن تتبع ذاك الجسد .. لتسقط على الوجه الناعم الذي توقف أمامها مجددا ..
      حور ..؟؟؟!!!
      من هذه إذا ..؟!!!!
      يبدو أنه قد فاتها التعريف بالقادمين الجدد .. فلم تعد تدري من هؤلاء ..
      صوت جدتها المتهدج المثقل بدموع الفرح .. يتردد داخلها .. و الجميع يستقرون جلوسا ..
      قبل أن تحول عينيها للمعنية ..
      فتعيد توجيه مشاعرها ..
      بحثت بلهفة عن حقدها .. و استيائها البالغ .. عن الغيرة و الكراهية التي تحسّها نحو الصورة التي رسمتها في ذهنها للمرأة التي استطاعت استدراج الرجل الذي تحب ..
      تأملت البشرة الصافية .. و الوجه المستدير .. و النظرة الهادئة ..
      ملامحها العادية لم تعكس أي إنطباع لديها ..
      لا شيء .. لا شيء ..
      سوى برودة غريبة راحت تسري في عروقها .. و إحساس عميق بالشفقة تملّكها ..
      لا تصدّق أنها أسرفت ساعات في زينتها اليوم صباحا .. و في إختيار ملابسها ..
      أرادت أن تبدو متألقة .. و لا تقارن بزوجته ..
      لكن ..
      الآن .. و أمام هذا الجسد الصغير الذي بدا أنه لمراهقة كبيرة أكثر من شابة تقارب الرابعة و العشرين ..
      و هذه الملامح العادية .. و شخصيتها البسيطة ..
      أدركت أنها لو أتت ببيجاما النوم إلى هنا لبدت أكثر إشراقا و لفتا للانتباه ..
      رغم هذا .. لم تجد شيئا من الاشمئزاز لتشحذ به مشاعرها ..
      كل شيء تحوّل لشعور هائل بالخيبة .. الشفقة .. و التوتر ..
      الصدمة سلبتها قوة أحاسيسها .. لتتركها مجردة من أسلحتها ..
      على سجيتها فقط .. تنظر لذاك الوجه بابتسامته المضطربة الفاترة ..!
      أختها تلك بدت أجمل منها .. أكثر تألقا .. و نقاءً .. و لو أنه إختار تلك اليانعة لأدركت لما ..
      لكن هذه ..!!
      تبا له ..
      إنها تبدو باهتة للغاية أمام رجولته الطاغية ..
      هذه المسكينة لا تدرك حقا حقيقة الرجل الذي تزوجت ..
      بتكبره .. و قوّته .. و جبروته ..
      بتحكمه الهائل و سيطرته ..
      بذكائه الفذ .. و صرامته ..
      سيسحق هذه الطفلة في لحظات ..
      لن تعلم حتى ما الذي حدث لها ..!
      أتعلم حقا أي نار يتوقد بها ذاك الرجل ..؟؟!
      هي ذاتها قد كويت بحر تجاهله .. و لذعت بمر جفاءه ..
      لحظــة ..!
      لحظة واحدة فقط ..
      أ يخيل إليها ..؟! أم أنها أصبحت عطوفة فجأة ..
      ما الأمر ..؟
      أين كل ذاك الاستعداد .. و الحماس .. تري تلك المتطفلة حجمها و حدودها ..
      لما فتر الحقد فجأة ..
      لا يعقل أن تكون قد نسيت أن هذه الفتاة هي نفسها من يربطها عقد زواج بالرجل الذي تحب ..
      هذه الفتاة التي اختطفت الرجل الوحيد الذي تشعر نحوه بالتملك ..
      إذا ..؟!
      لا يمكن أن تندفع خلف إحساس غريب بالعطف إتجاهها ..
      عادت لتنظر لها ..
      تتمعن في وجهها الصافي .. الهادئ ..
      بدت صغيرة .. و عديمة الخبرة بشكل مهول ..
      و أتت هي هنا اليوم متوقعة أن تجد شابة واثقة .. أنثى مكتملة ..
      نصفا يكمّل رجلا بتلك الفظاظة ..!!
      و كل ما وجدته هو فتاة شاحبة .. بدت مذعورة بشكل ما .. و هي تجيل عينيها الكبيرتين فيما حولها ..
      عجبــــا ،،
      لما بدا أن إندفاعها و حماسها لتأديب هذه الدخيلة قد خبا فجأة ..؟!
      .


      لمْ أحححبكك من فراآاغ ,/
      كي أنسسسسإآك من فرآغ . .
      احببتكك بِ قنآإعه عظّيمه ـ‘
      و سَ أنساك بَقناعه أعظم !|



    3. #198
      الصورة الرمزية ♥} آمـل الـ عٍ ـشآق ♪
      تاريخ التسجيل
      Dec 2009
      الدولة
      " ع‘ــشقـِـِـي آلمَدينـَـَـَـﮧ ..
      المشاركات
      18,765
      معدل تقييم المستوى
      97

      افتراضي

      الله يغربلها محلاها ..!!!!!
      همست نورة بتلك العبارة المثقلة بالإعجاب .. و عيناها تتعلقان بوجه ابنة عمهم الشارد ..
      ماذا كان اسمها ..؟! نعم .. عوشة ..!
      لتجيبها دانة بنفس الهمس ..
      - هيه و الله .. أحلى عن روضة و ختها .. طالعي ختها كيف تطالع عفرا .. شكلها معجبة ..!
      رفعت نورة عينها للفتاة التي كانت تمعن النظر في عفرا ..
      بوجهها الخالي من المساحيق عكس عوشة و روضة .. و تلك الجلسة المسترخية .. و ثوبٍ قطني فضفاض ..
      و قدمين تستريحان في صندلين خشبيين .. بدت لعيني نورة المرحتين أكثر خشونة من أن تلبسها فتاة بجمال تلك الملامح ..
      لم تكن تشبه روضة كثيرا ..
      بل بدت أكثر ميلا لأخيها الأصغر .. ذاك الذي كان يتردد مع ابن عمه على بيتهم في الآونة الأخيرة ..!
      لكن نظراتها المنصبة على عفرا لم تكن مريحة ..
      كانت تتمعن في وجه عفرا المتصلب .. التي كانت تبادلها النظر بشيء من البرود ..
      قبل أن تميل نورة نحو أختها و هي تهمس ..
      - حي .. بلاج يا الناقة .. كلتي البنية بعيونج ..!!!
      أشاحت عفرا بنظرها عن شيخة و هي تجيب أختها ..
      - ما تشوفينها هي كيف اتطالع .. قسم بالله ما توقعت أشوفها هنيه ..!!!
      اتسعت عينا نورة بدهشة ..
      - تعرفينها ..!!!
      هزت عفرا رأسها رفضا ببساطة و هي تقول ..
      - اشوفها في الجامعة ..
      - ما قلتيلنا يا الناقة ..
      - شوه أقولج عن كل بنية بشوفها في الجامعة ..
      - هاي هب بنية .. هاي بنت عمنا يا الغبية ..
      رفعت عفرا حاجبا مشمئزا دون أن تعيد النظر لابنة عمّها ..
      - صدقج و الله هب بنية ..!!
      .
      .
      أدارت شيخة عينها أخيرا من وجه عفرا و هي تنظر حولها قبل ان تقع عينها على الفتاة الجميلة الجالسة بجوار روضة .. فيما جلست أختهن الكبرى على الجانب الآخر .. و روضة تتبادل معهن حديثا باسما إختلط بأصوات النسوة المتحمسة .. و المتعالية .. و حركات بهلوانية رحن يقومن بها في وجه زوجة عمها الجديدة ..
      صمّاء ..!!!
      كم هذا مضجر .. كيف اذا ستتعرفهم و تعيش معهم .. أ و لم يكن أفضل لها أن تواصل حياتها بعيدا عن إزعاج هذه العائلة ..
      راحت عينها تتفحص الأوجه الجديدة .. لا شيء منها قد يجذب إهتمامها سوى الفتاة التي بدا وجهها مألوفا و علمت أنها قد رأتها أكثر من مرة في الجامعة .. و تلك الفاتنة التي تجلس بجوار روضة بهدوء دون أن تتكلم أو ترفع عينها عن الأرض ..
      و زوجة أخيها الأكبر ..
      الحقيقة أن زوجة أخيها كانت مفاجأة حقيقية ..
      لم تكن تتوقع بأنها ستكون هكذا .. لم تبدو ملائمة بأي شكلٍ من الأشكال لغيث ..
      القوي .. المتكبر .. البارد .. الصارم ..
      ذاك الرجل المتحكم ليس بحاجة إلا لإمرأة تكون ندا له ..
      و لكن ما أثار حيرتها هو ردة فعل عوشة ..!
      عوشة التي أقبلت بكامل زينتها .. تبرق الألوان في محيّاها ..
      و هي ترفل بثوبٍ ناعم بدت فيه كأميرة باذخة الحسن ..
      لتجلس الآن في مقعدها بهدوء .. شرود يعلو محياها و عيناها تتعلقان بحور .. التي بدت مضطربة لمثل هذه النظرات ..
      الغريب أن هذه الجلسة بدت متوترة بشكلٍ ما .. جميعهن باستثناء النسوة يلتزمن الصمت .. أو أحاديث جانبية ..
      سحقا لهم ..
      لو علمت ان الأمر سيكون بهذه السخافة لما كلفت نفسها عناء المجيء إلى هنا ..!

      * * * * *

      يجلسون في حلقة واسعة في ذاك المجلس المترف .. بعد الغداء ..
      فيما انزوى ثلاثتهم بعيدا عن الجميع ..
      لم يتوقف عن الضحك و هو يطالع الوجه المألوف في الجريدة .. قبل أن يلقيها في حضن عبيد الذي راح يطالعها بجبين معقود .. قبل أن يوجه هزاع الضاحك حديثه لأحمد ..
      - و الله و سووها .. طاع ويهه .. لو مكان حمدان ما بمشي في الشارع الا و انا متلثم ..!!!
      نظر أحمد للصورة في يد عبيد بابتسامة مكتومة قبل أن يقول بوقار مهزوز ..
      - لا تتشمت لا يبلاك ربيه ..!!
      شخر هزاع بشيء من السخرية ..
      - لا أنا مواطن صالح ما أقحص في الشوارع عسب يزخونيه و يحلقونيه ع الزيرو خلاف يصورونيه و أنا أخم الشارع و ينشرونها باسميه في الجرايد .. في الأماكن النائية و القانونية فقط .. بو حميد تيك كير .. لا تسويها شرات هالمخبل و يزخونك ..
      وضع عبيد الجريدة بابتسامة هادئة ..
      - و الله ياخي أنا هب فاضي لهالسوالف التافهة .. و ما ضيّع وقتيه و بترول موتريه في التقحيص ..
      وضع أحمد يده على وجهه يضحك ..
      - أخخ .. كانها نغزة ..
      ضحك عبيد بهدوء ..
      - لا و الله هب نغزة .. بس صدق .. أشغل وقتيه فشي ينفعنيه أخير عن الهياته و الدوس بموتر .. حياتيه هب رخيصه يا خوك .. ورايه هليه .. يبون العون ..
      ابتسم هزاع ..
      - يا ولد ..!! منطق عجيب .. المهم .. الليلة بنسير لتركي بنتعشى عنده في السكن .. و معزر انييبك ويانا .. شرايك ..
      بدت ابتسامة خجولة على شفتي عبيد و هو يجيب موافقا ..
      - و الله ما عنديه خلاف .. عقب المغرب بنتلاقى فمكان ..
      لكن أحمد أشار بيده ..
      - لا .. لا .. بنخطف عليك نحن .. و بنسير رباعة ..
      هز عبيد كتفيه .. و هب واقفا حين رأى أبوه و أخوه الأكبر على وشك المغادرة ..
      - خلاص و لا يهمك .. يا الله يا شباب .. نشوفكم ع خير ..
      - عقب المغرب ..؟
      ابتسم عبيد مؤكدا ..
      - عقب المغرب ..
      .
      .
      لولا واجب يفرض عليه الحضور إلى هنا ..
      و لولا إندفاع غريزي لمرافقتهم .. لما خطا بأثر على أرضهم هذه ..
      عيناه المتحفّزتين الكارهتين كان تخفي بغضا دفينا و هو يتجنب النظر لوجه رئيسه المتكبر ..
      ليس رئيسه هنا .. ليس سوى قريب له .. و بشكل ما صهره ..
      رغم ذلك كان تكبّره و تعاليه البارد يرسم حواجز عدّه ليجعل الحديث في مستوى رسمي ،،
      لم يشعر بالنفور و الحقد نحو شخص كما يشعر بها الآن نحو زوج أخته ..
      الآن هو هنا من أجلها ..
      لذلك لم يستطع نفسه من تسديد نظرات متحديّه و هو يتوجه نحو الباب الخارجي مع عبيد أبوه و غيث و جدّه و عمّه مطر .. و يقول بنبرة قوية ..
      - بو سيف و لا عليك أمر .. خل خالوه و حور ختيه يظهر بنسلم عليهن قبل لا نسير ..
      تصلب الملامح السمراء القوية .. و غطاء من القسوة أسدل على عينيه الحادتين أنبأت مايد بأن هذا الرجل يتوقع منه حذرا و خشية في المعاملة ..
      حسنا .. هذا ما سيحصل عليه ..
      في حدود مكتبه فقط ..!
      لذلك استمتع بالصمت قليلا بينهما و توديع سلطان للجد و إبنه يأتي من البعيد .. قبل أن تلتوي شفتي غيث بسخرية و هو يرفع حاجبا .. قبل أن يلتقط هاتفه ليضرب عدّة أرقام بهدوء .. ثم يصدر أمرا قاطعا بصوته الرجولي الخشن ..
      - خلو حور و أمها يظهرن عند الباب لي قدام .. بو مايد و عياله بيروحون ..
      و ثانية للطرف الآخر يرد فيها قبل أن يعيد الهاتف بصمت لجيبه .. مشيرا بيده نحو الباب و صوته البارد يتشدق في وجه مايد ..
      - حيّاك الله ..
      .
      .


      لمْ أحححبكك من فراآاغ ,/
      كي أنسسسسإآك من فرآغ . .
      احببتكك بِ قنآإعه عظّيمه ـ‘
      و سَ أنساك بَقناعه أعظم !|



    4. #199
      الصورة الرمزية ♥} آمـل الـ عٍ ـشآق ♪
      تاريخ التسجيل
      Dec 2009
      الدولة
      " ع‘ــشقـِـِـي آلمَدينـَـَـَـﮧ ..
      المشاركات
      18,765
      معدل تقييم المستوى
      97

      افتراضي

      لو كان الموقف سانحا ..
      لحطّم فك مايد الذي انزوى قليلا بحور و قد بدا على وجهها الإهتمام قبل أن يدنو منهما عبيد .. ليحيط كتفها بذراعه ..
      شعر بشيء من التملك يكتنف صدره و هو يتشاغل بسلطان الذي يلوّح في وجه أخت زوجته مع كثير من الصراخ ..
      شيء كاللهيب راح يسري في عروقه .. لم يخمد مع افتراق الإثنتين عنها و هي تراقب رحيلهما بجانب أمها ..
      رحن يرقبن قفا تلك السيارة المتواضعة و هي تتجاوز البوابة البعيد .. فيما تمد حور كفيها لبرهة مع استدارة أمها و توجهها للداخل ..
      بدا عليها التململ .. و كأنما تريد الحراك و تخجل من التحرك دون كلمة ..
      غريب ذاك الشعور الذي تملكه و هو يفصل البضع الخطوات بينهما .. ليمد يده لها .. يطبق على يدها .. و يجذبها نحو زاوية المدخل المظللة ..
      مكان يثق بأنه لن يراها فيه العمّال .. أو الخارجين من المجلس ..
      فيرفع غطاء وجهها بسرعة ..
      بدت عينيها زائغتين لبرهة .. قبل أن تخفضهما باضطراب ..
      يتأملها لثانية قبل ان يسأل بصوت عميق ..
      - شحالج ..
      هه .. كم هو مضحك هذا السؤال ..
      أ و لم تكن معه في السيارة حين جلبها إلى هنا ..؟؟!
      لكنها لم تنبس بحرف .. لم تلقِ التحية حتى ..
      رغم هذا .. أراد أن يعرف بما تشعر .. كيف تواجه الأمر بالداخل .. ما الذي يخالجها ..
      ما سبب هذه النظرة الخائفة و كأنما انسل الأمان برحيل سلطان و أبناءه ..
      صوتها المرتجف لم يسعف تظاهرها بالشجاعة و هي تقول ..
      - الحمد الله ..
      أحن رأسه و هو يحملق في تعابيرها بعناية ..
      - شفتي هليه ..
      أومأت بنعم ..
      - شرايج ..؟؟
      بدت الحيرة على وجهها ..
      - كيف يعني ..؟؟
      - ما عيبوج ..؟
      فتحت فاهً بضياعٍ قبل أن ترخي أهدابها بخجل .. لتجيب بصوتٍ منخفض .. متوتر ..
      - طيبين ..
      طيبين ..؟؟
      فقط ..! لا بأس .. لن يطلب منها الكثير .. ستعتاد الأمر سريعا ..
      ثم مهلا ..
      لمَ هذه اللهفة الغريبة و الاندفاع لمعرفة ما هو شعورها نحوهم ..؟!
      فلتفكر بما يريد .. لما عليه أن يكترث ..
      و على هذه الفكرة أطلق يدها .. لتقف أمامه بصمتٍ مزعج .. ثم تهمس دون أن ترفع عينها عن الأرض ..
      - أنا بحدر داخل ..
      هزّ رأسه موافقا .. تستدير هي بسرعة .. تنوي الدخول ..
      لكنّه لم يشعر سوى بيده التي امتدت مجددا لتقبض على طيفها قبل أن تتركه ..
      تلتف يده القوية على عضدها يديرها نحوه .. و يجذبها بسرعة ليدفن وجهها في صدره بقوة ..
      عمق أنفاسٍ ساخنة انفلتت من صدره تلفح غطاء رأسها و هي تستكين بهدوء .. فيما يحكم بذراعيه حولها ..
      قبل أن تضع راحتيها الصغيرتين على صدره الفسيح تدفعه بخجل ..
      أبعدها عنه دون أن يفلتها .. عيناه تلتهم تقاسيم وجهها المحمر الوجل ..
      و عيناها الضائعتين .. لمع فيهما مئة إحساس ممزق ..
      لم فعل ذلك ..؟!
      هل هي الرغبة في بثّها الأمان لتدرك أنها بمنأى عن الأذى حتى برحيل إخوتها ..؟؟
      ما الذي يدفعه للحيرة الآن .. تلك المشاعر الغريبة بدت أكثر وضوحا و هو هنا ..
      في بيته .. و أرضه ..
      إحتضن وجنتها بكفّه .. قبل أن يتنهد بقوة و هو يقول بصوتٍ أجش ..
      - سيري يا الله ..
      عيناها الواسعتين تلمعان بقوة و هي تنظر له بشيء من الذهول ..
      إذا إستمرت تنظر إليه هكذا فسوف ...
      قال بحزم و هو يحركها بلطف ..
      - حور .. حدري بيظهرون الشباب الحين ..
      خفقت أهدابها بسرعة قبل أن تنزع نفسها بسرعة و هي تتوجه للباب الكبير .. تكاد تهرول بجزع ..
      تملكته نشوة حمقاء ..
      تبا لها ..
      بدأت تحفر ثقبا في جدار يلف روحه ..!
      .
      .
      - يا الله أحمد يرقبنا براا ..
      قالتها روضة بضيق واضح .. لترفع شيخة حاجبيها باستغراب ..
      - الحين بنسير ..؟؟
      هزت روضة رأسها بقهر .. و قد بدت لهفتها للبقاء جليّة ..
      - يبون قوم عميه يرتاحون .. و يرتبون أمورهم ..
      - و عوشة ..
      - ما تشوفينها لا بسة عباتاا .. بتسير الحين .. حتى عماتيه .. العرب كلها بتسير ..
      مطت شيخة شفتها بلا مبالاة و هي تقف بملل ..
      - أهاااا .. بييب عباتيه ..
      توجّهت نحو المقعد البعيد الذي رمت عليه عبائتها تلتقطها و هي ترتديها .. عيناها لا تفارقان النظرة الزجاجية الباردة التي علت وجه عوشة ..
      فيما تفكر يا ترى و هي تجلس قرب زوجة الرجل الذي تحب ..؟
      ألا يحرق ذلك فؤادها الغيور المتملك ..ألا يدغدغها خبث مشاعرها ..؟!
      تجاوزت الجمع المتفرق الذي انشغل بسلام الوداع .. لتنسل بهدوء .. الحقيقة انها ليست حمل المجاملة و لعب دور المضيفة الطيبة ..
      لذلك تحركت للخارج ..
      و ما إن لفحت أشعة الشمس وجهها .. تنفست براحة عميقة ..
      تتقدم بخطوات متعجلة و هي ترى سيارة أخيها اللامعة تنتظر على مقربة من الباب ..
      و لكن ما إن إقتربت حتى ظهرت من الجانب الآخر سيارة مسرعة تتوجه نحوها تماما ..
      تصلبت في مكانها بذعر .. لكن السيارة واصلت التقدم نحوها بتهور و سرعة متعمدة و كأنما تقصد الإصطدام بها ..!
      و على مسافة انشات من جسدها توقفت مقدمة السيارة السوداء .. فيما راح الغضب يتلوى في صدرها .. و صاحبها ينزل زجاج نافذته .. ليطل بوجهه الضاحك من خلف نظاراته الداكنة و هو يقول ساخرا ..
      - حوووه يا بو الشباب .. بطل عيونك ..
      تصاعدت الكراهية في داخلها إثر تلك الكلمة .. فيما يضحك هزّاع .. ممازحا إياها ..
      - شويخ شحالج .. ما شفتج تصدقين عاد ..!! لو اذنيج مخرمة كان انتبهت ..
      لكن المزحة لم تكن مضحكة إطلاقا ..
      كانت شائكة ..
      خدشتها بقوة ..!!
      .
      .
      .
      .
      .
      .
      .
      .


      لمْ أحححبكك من فراآاغ ,/
      كي أنسسسسإآك من فرآغ . .
      احببتكك بِ قنآإعه عظّيمه ـ‘
      و سَ أنساك بَقناعه أعظم !|



    5. #200
      الصورة الرمزية ♥} آمـل الـ عٍ ـشآق ♪
      تاريخ التسجيل
      Dec 2009
      الدولة
      " ع‘ــشقـِـِـي آلمَدينـَـَـَـﮧ ..
      المشاركات
      18,765
      معدل تقييم المستوى
      97

      افتراضي

      لا زالت تنتفض بقوة .. قلبها يخفق بجنون ..
      سلبها القدرة على الإحساس بما حولها الآن .. فراحت تتحرك بآلية ..
      بشكل ما .. عزلها بذاك القرب عنهم جميعا و عن مشاعرها المتخبطة ..
      تلك الأحاسيس التي لم تستطع تفسيرها أصبحت رمادا حين ألهبها بدنوه منها ..
      كان الجميع قد ترك المكان .. لم يعد في هذا البيت الضخم سواهم و أصحابه ..
      فيما راح قلبها يخفق بثقل .. و فكرة أخرى تقتحم عالمها المجنون ..
      الآن و في أي لحظة .. ستراه .. و ستلتقيه ..
      ذاك الرجل .. الذي لم تعرفه يوما .. سوى لفظٍ مكملٍ لإسمها ..
      رجل أبعدهم لسبب لا تعرفه .. ليعود و يطالب بهم الآن ..
      بعد ماذا ..؟!
      بعـــ ...
      ماذا ..!
      أ يخيل إليها .. أم أن جدتها الفرحة تقول بإبتسامة واسعة .. غضّنت وجهها المعجد ..
      - إقرب ياب بو علي ..
      .
      .
      بو علي ..
      بو علـــي ..
      بو علــــــي ..
      رفعت عيناها ببطء ..
      تؤجل لحظة فقط من رؤيته ..
      ثم ..
      أمام باب المدخل الذي انفتح بعرضه .. دلف ثلاثة رجال .. يتقدمون نحوهم .. تعرفت عمّها مطر الذي رأته في المستشفى عند ولادة سيف الصغير ..
      فيما تتسع عيناها بقوة .. و هي تصطدم بمرأى الرجل الذي تقدم الإثنان ..
      ليصبح ما حولها مجرد خيالات باهتة .. و تغرق هي في إحساس مجهولٍ لفّها ..
      في مشيته المختالة .. و جسده القوي رغم كبره ..
      في تلك العينين ..
      تلك الحدقتين الناعستين .. و تلك النظرة الصارمة .. العينين اللتان ضاقتا قليلا ..
      أُلفة بثّها ذاك التحديق المتكبر .. و ذاك الأنف الشامخ ..
      لتشعر في تلك البرهة التي توقف فيها أمامهم .. بقشعريرة تسري على طول ظهرها ..
      تكاد تلمس روح راحل تحوم الآن حول رؤوسهم .. تراقب هذا اللقاء البارد ..
      .
      .
      يدغدغ صوت إحدى أخواتها أذنها و لا تعرف من هي ..
      تهمس بإحساس انتزعته من ركنٍ في قلب حور ..
      - أبويه ..
      و أيقنت أنها لا تشير لأي شبه قد يربط أبيها بهذا العجوز القوي ..
      شيء مختلف .. أشعرها بأنها في حضرة والدها مجددا ..
      شيء راحت تنبش في عينيه الباردتين اللتان راحتا تدوران في وجوههم ..
      شيء لم تجد الوقت لبحثه بعد .. أو إيجاده .. فتفسيره ..
      كل ذلك إنهار و انتهى في لحظة واحدة ..
      حين دوى من خلفها صوت ارتطام ثقلٍ ما على السجادة الغليظة .. امتزجت بشهقة ..
      و صوت عفرا تهتف بذعر ..
      - المهــــا ..!!!!!
      لتلتفت بجنونٍ إلى الخلف ..
      أمام عينيها المذهولتين .. كانت المها ممددة على جنبها بهدوء ..
      .
      .
      و كأن روحها الشفافة أُرهقت بما فيه الكفاية ..
      فآثرت النوم ..

      * * * * *

      ليلٌ بارد أطبق فكيّه على ليبتلع قرص النور في الأفق ..
      مخلفا نزفا داميا يشهد تمزقها بين أنياب وحشته ..
      لتوغل الظلمة .. فتغفو أجفان المخلوقات بأنفاسها المتعبة ..
      ليل شتاء .. إمتد بشكلٍ داخله .. بل بدا أن ينبثق من روحه ..
      و هو يترجل من سيارته ببطء .. عيناه تتعلقان بالفيلا الضخمة الرابضة بكسل على الأرض امامه ..
      تبعثره الأيام ..
      تتوهه بشكل ما .. و تبعده عن أحضان بيت أبيه مرغما .. ليجد الأيام وحدها ..
      تلك التي أبعدته تعيده ..
      رغم تغيّر البيت .. لم يستطع قط العودة للعيش مع أبيه و زوجته و إخوته ..
      لم يستطع قط أن يفعل ..
      فضل أن يمضي عمره تحت كنف جديّه الحبيبين ..
      و الآن .. و هو مضطر لترك المكان ..
      لفترة سيحرص حتما على أن لا تطول ..
      يجد نفسه على عتبات بيت أبيه مجددا ..
      عائد إلى هنا ..
      كم سيكلفّه ذلك باستثناء ذكرياته الموجعة التي ....
      .
      .
      ربما كان رنين هاتفه رحمه .. الذي انطلق شاقا صمت روحه .. و تدهور أفكار كادت تقوده نحو ما لا يرغب في أن يفكر به ..
      لكن من ..؟
      من سيتصل به في هذه الساعة المتأخرة من الليل ..
      لقد تجاوز الوقت منتصف اليل فعلا ..!!
      دس يده في جيبه يرج هاتفه المحمول قبل أن تتلهف عيناه لاسم مساعده .. فيجيبه دون مقدمات ..
      - ألووه ..
      يتدفق صوت بطي المتوتر ..
      - ألووه مرحبــــا ..
      إجابة واحدة يحتاجها أكثر من هذه المجاملات ..
      لا سبب قد يدفع بطي للاتصال به في هذا الوقت سوى عذر أعطاه إياه .. لذلك قال بإختصار قوي ..
      - لقيتووه ..؟؟
      رد الصمت جوابه للحظة قبل أن يعود بطي ليجيبه باختصار ..
      - هيه طال عمرك ..
      برقت عينا غيث بوحشية و هو يكشر بقوة ..
      - لقيتوه وين ..
      - لقينا موتره قدام شقه فراس الخيمة .. و راقبناه .. و يوم ظهر .. يودناه ..
      - و بعدين ..
      - هو ويانا الحين و موتره ويانا بس ....
      عقد غيث جبينه .. و هو يستعجل محدّثه ..
      - بس شوه ..؟؟!
      - آآ .. طال عمرك .. الريااال .. الريال شكله هب صاحي .. عسب كذيه رمنا عليه و يبنا موتره بعد .. عبدالرشيد يسوق الموتر و الريال وياية أنا و محمد .. يبالنا ساعة و نكون في العين ..
      لكن غيث لم يفهم لذلك قال بحذر ..
      - هب صاحي ..؟؟
      - هيه طال عمرك .. شكله ..كان .. يعني .. أظنه سكران و الا متعاطي شي ..
      انفجر شيء ما في داخل غيث .. شيء كالانتصار الحاقد .. و هو يهمس بصوت وحشي ..
      - هذا المطلوب .. تعرف طريق المزارع ..؟؟
      - أي واحد ..؟؟
      - لي صوب الخزنة ..
      - ما تبانا نييبه العين ..؟؟؟
      - لاا بلاقيك هناك .. كم يبالك عسب توصل ....؟
      - يمكن ساعة الا ربع ..
      - خلاص أول ما توصل سوليه تيلفون ..
      - إن شا الله طال عمرك ..
      أنهى المكالمة بعجل .. قبل أن يلقي نظرة أخيرة على المبنى الذي بدت عليه الخيبة بشكل ما ..
      لن تؤرقه كوابيسه هنا .. لهذه الليلة على الأقل ..
      وراءه عمل مهم عليه أن ينهيه ..
      عمل لا شيء في الدنيا قد يمنعه من التلذذ بإنهائه ..
      .
      .
      و بدا أن مجنونا يقود السيارة المسرعة التي انطلقت خارج البيت ..
      تنهب المسافات للمكان المقصود نهبا ..
      ليلة الحظ ذاتها هذه ..
      و كأن الرب راح يهيل عليه العطايا تباعا ..

      * * * * *


      لمْ أحححبكك من فراآاغ ,/
      كي أنسسسسإآك من فرآغ . .
      احببتكك بِ قنآإعه عظّيمه ـ‘
      و سَ أنساك بَقناعه أعظم !|



    6. #201
      الصورة الرمزية ♥} آمـل الـ عٍ ـشآق ♪
      تاريخ التسجيل
      Dec 2009
      الدولة
      " ع‘ــشقـِـِـي آلمَدينـَـَـَـﮧ ..
      المشاركات
      18,765
      معدل تقييم المستوى
      97

      افتراضي

      قدماها اللتان لا تتوقفان عن الدوران تغرق في السجادة العجمية الفاخرة .. و هي تفرك يديها ..
      شيء من الخوف الغريب أخذ يتمدد بين أضلعها .. و قلبها ينبض توجسا .. و هي تدير عيناها بوحشة في الجدران الذهبية العالية .. و السرير الوثير بمخدّاته الناعمة ..
      و تلك الستائر الطويلة الثقيلة التي راحت تتدلى لتحجب نافذة تعتزل الظلام الذي هبط ..
      لا صوتٌ يمكن أن تسمعه الآن .. سوى الدم يضج في أذنيها توترا .. و عقارب الساعة التي راحت تشير للثانية بعد منتصف الليل ..
      كانت قد استيقظت قبل الفجر .. و لكن النعاس لا يقارب عيناها الآن ..
      أنى لها أن تغفو و هي تحت سقف الرجل الذي نفى والدها خارج حدود عائلته .. ليعيش سنوات عمره وحيدا .. مبعدا ..
      عن إخوته .. أمه .. أمان عائلته ..
      كيف طاوعه قلبه ..؟!
      تذكرت رجفة قلبها .. مع ذاك الشعور المبهم .. تكاد تقسم بأن تلك العينين .. تلك النظرة الصارمة ..
      نافذة روح أبيها الراحل ذاتها ..
      هي ..
      متأكدة بأن الشعور نفسه راود اخواتها .. نظرة الصدمة الممزوجة بالحنين و الألم الصاعق كانت مشتركة ..
      ذاك الرجل لم يكن يشبه أبيهم بأي شكل .. بل بدا أصغر سنا لو فكّرت بذلك ..
      بشرته العجوز كانت أفضل من الشقوق التي كست وجه والدها الكالح اثر شقاءه تحت جحيم شمس النهار طوال اليوم ..
      لكن بشكل ما .. زرع حضوره القوي شيئا يشبه عودة لوالدهم ..
      شيء دفعهم للبكاء .. للتشتت .. شيء أثار ذعر طفلة طاهرة كالمها ..
      لا تعرف من الدنيا سوى حدود عائلتها الصغيرة ..
      ليصبح ما واجهة اليوم أكثر مما قد تحتمل .. شيء أذهب وعيها ..
      و دفعها للاستتار خلف اللاوعي ..
      تمنت بيأس لو أنها أصرت على ملازمتها .. و لكن الجميع أجمع بأنها بخير .. و عليهن أن يأوين للفراش .. بعد يومهن الطويل ..
      لكنها لا تريد النوم .. تشعر بالوحدة ..
      لم تعتد قط على النوم وحيدة ..!
      ماذا ..؟!
      أهذه أول خطوة للعيش هنا ..
      التشتت و توزيع جميعهم على الغرف العملاقة الممتدة بطول الطابق العلوي الفسيح ..
      هذا الهدوء الذي يلف المنطقة البعيدة عن المناطق الشعبية الممتلئة بالسكان يطبق على أنفاسها ..!
      ماذا عليها أن تفعل الآن ..؟!
      استلقت على السرير الذي اهتز تحت ثقلها ..
      فيما غاص جسدها في نعومة الدثار الثقيل ..
      راحت الوجوه المشوشة العديدة تدور أمام عينيها .. يلزمها الكثير من الوقت لتعتادها ..!
      تقلبت لبرهة .. ثم ..
      انعقد جبينها ببطء و هي تصيخ السمع ..
      لا .. لا تتوهم..
      الصوت واضح للغاية .. شيء كالخشخشة أمام باب حجرتها .. لتجد نفسها تقفز على قدميها و هي تدنو من الباب ببطء ..
      تقوس ظهرها بخوف .. من هذا الذي يريد اقتحام غرفتها في الثانية فجرا ..
      تحركت بسرعه نحو الباب بشجاعة زائفة .. تريد مفاجأة القادم و لكن ما ان اقتربت حتى فتح الباب باندفاع ..
      لتصرخ بقوة ..
      صرخة امتزجت بعدة صرخات .. و دانة تقفز في الهواء خوفا و هي تحتضن اللحاف فيما اهتزت أجساد أخواتها خلفها ..
      قبل أن تلهث عفرا بفزع ..
      - أووصصصصصصصص .. الله يغربلكن .. بتوعن هل البيت ..!!!!!
      تتدارك حور أنفاسها باختناق ..
      - عنلااااتكن .. روعتنيه .. ما تعرفن ادقن الباب ..؟؟ بغيت أموت ..
      زفرت نورة و هي تجتذب اللحاف و المخدة اللذان تحملها بين يديها ..
      - ع الأقل انتي شايفة ويوه فيها الخير .. شوه نقول نحن يام دويس ..
      - احترمي نفسج ..!!
      - انشا الله عمتي ..
      و فجأة راحت تركض حين رأت دانة تتقدم بسرعة نحو السرير ..
      ليتحول الأمر فجأة لمسابقة جري قبل أن يقفزن الاثنتين معا على السرير ..
      فيما تهز عفرا رأسها و هي تدخل .. و حور تسرع لحمل لحاف المها من بين يديها .. و هي تقول ..
      - خير .. خير .. شوه يايبنكن ..؟؟؟
      هزت دانة كتفيها ..
      - الشوق لو تدرين ..!
      ابتسمت حور بخبث .. و عفرا تفرش لحافها مثنيا على الأرض و تلتقطج لحاف المها لتفعل به المثل ..
      - برا لو سمحتن .. أنا ما صدقت انيه افتكيت من شركن و غدت ليه حجرة بروحيه ..
      دفنت دانة نفسها تحت الأغطية ..
      - ان شا الله .. أقول .. خلي نورة تخوز .. لنيه ما بتحرك .. حيزت المكان قبلها .. و الشبرية ما تسد الا ثنتين منا ..
      قبل أن تنظر لحور باستعطاف ..
      - الا اذا بتضحين يا أختنا الكبرى .. و ترقدين في القاع ..
      وضعت حور يدا على خصرها فيما تندس المها الذي بدا التعب جليا على وجهها .. و عفرا في البطانيات المرتبة على الأرض ..
      - اكسكيوزمي ..؟؟!!!البيت بيت ابونا و القوم حاربونا ..!! يا الله .. ولا وحدة منكن .. المها بترقد اروحها ع الشبرية .. و نحن كلنا في القاع ..
      مناوشات عدّة و اعتراضات .. و تذمر ملأ المكان قبل أن يتوسدن الأرض جميعا .. و تستلقي المها بلطف على السرير .. ثم تتوجه حور أخيرا نحو زر الانارة بهدوء .. فتطفئة ..
      ظلام دامس أعمى عينيها و هي تتلمس الطريق للفراش الذي وضعته بجانب عفرا ..
      - آآآآآآآه .. حووووووور .. دستي ع ريليه ..
      كانت تلك صرخة نورة المتذمرة ..
      - ما شفتج زين ..!
      - اففف..!!
      - لا تتأففين ..
      - بتذليناا شكلج ..
      - عيل .. حجرتيه ..
      - خيبة ..! من الحين عايشة الدور ..
      - برا لو سمحتي .. ارقدي اروحج ..
      - و اللييييييييييل ..!! شكلي بنش صدق .. ما تعرفينيه ..
      ثم راحت تستشهد ببيت شعري بصوتٍ مسرحي ..
      - أظما و لا ارجي حاسدي شربة الماي .. لا قرب الله بيد النذل شربتي ..
      ابتسمت حور في الظلام ..
      - انا حاسدج !!.. تعالن .. ليش يايات ..؟؟
      تنهدت دانة ...
      - أقول حور .. صدق مذلة .. استحي ع ويهج .. هاي يزاتنا .. قلنا أكيد حور اروحها و خايفة بنسير و بنرقد وياها ..
      ضحكت حور ..
      - حلفي بس ..
      - هيه ..
      لكن صوت عفرا الهادئ وصل حور و هي تجيب ..
      - الصراحة ما رمنا نرقد .. أنا ما يانيه رقاد مع انيه ميتة من التعب .. و هالثنتين ين عنديه يبن يرقدن ويايه .. قلت بنخطف ع المها .. و لقيناها واعية بعد ..آخر شي شلينا قشارنا و قلنا أكيد انتي هب راقدة .. و لو راقدة بنرقد عندج ..
      تنهدت حور بقوة ..
      - يا حظهن مزنة و هند .. ما عليهن من حد .. رقود عند أماية .. و نايف ريال.. متعود يرقد اروحه .. بس المصيبة نحن .. كيف بنتعود كل وحدة ترقد اروحها ..؟
      تذمرت عفرا بصوت مثقل بالنعاس ..
      - لو حاطين لأمايا حجرة عدنا فوق ع الأقل ..
      لكن الاعتراض أتى فورا من صوت نورة ..
      - لا شوه .. تعب عليها .. أخير لها .. أهم شي راحتاا .. و بعدين تكون قريب من يدوووه ..
      ثم قالت بصوت مختلف ..
      - فديت يدوووه .. اليوم طااااايره .. طااااااااايره ..
      ضحكت دانة ..
      - طايره و الا سيارة بوووووو .. صدق .. مستانسة و متشققة .. حرام .. غمضتنيه ما دري ليش .. تخيلت ولديه معرس و عنده عيال .. و ما اعرفهم ..!!
      ضحكت حور بعمق ..
      - خيييييييبة كيف يشطح الخيال .. عرستي و يبتي عيال .. و لحقتي تظاربين ولدج و تروغينه .. و تعيزين وراه بعد ..!! بس تدرن شوه .. حتى أنا رحمتها .. بنات شرايكن في عوشة ..؟؟؟؟
      هتفت نورة و دانة معا ..
      - كشخـــــــة ..!
      وافقتهن حور باعجاب ..
      - هيه ما شا الله عليها وايد حلوة .. حتى مشيتاا حلوة .. و يلستاا حلوة .. و دلعها بعد حلوو ..
      شخرت عفرا ساخرة ..
      - و الله ..!! اخطبيها ..
      - لا صدق ما شا الله أنا أقول رويض ملكة جمال .. طلعت هاي لي فيهن .. بس مادري كيف خت رويض متكبرة حسيتاا .. شسمها ..؟؟ شيخة صح ..؟؟
      أجابتها دانة ..
      - أونج عاد ما صميتي أسامي هل غيث واحد واحد .. انا متأكدة انج تعرفين حتى أسماء أسلافه .. شيخة تعرف عفرا ..
      تفاجئت حور ..
      - تعرفينها عفاري ..؟؟
      أنكرت عفرا بقوة ..
      - لااا .. ما عرفها .. بس أشوفها في الجامعة .. بس ع فكرة .. شكلها غير في الجامعة ..
      ضحكت نورة ..
      - شوه تحط ماسك ..؟؟
      - هه .. هه .. هه .. باايخة .. لااا .. الهيئة غير عن لي تشوفن .. أظنيه انها بوية ..
      صرخت نورة و دانة بصدمة ..
      - شوووووووووووووووووووووووه ..!!!
      صرت حور على أسنانها بغيض ..
      - غربلللللللللللللللللكن الله مسوداااااااااااات الويووووه .. طريتن اذنيه .. بتوعن القوم بصريخكن .. بلاكن ..!!!
      تجاهلتها نورة و هي تسأل عفرا بذهول ..
      - كيف عرفتي انها بوية .. ؟؟؟
      ردت عفرا ببساطة ..
      - شكلها .. و مرابعة أخس بوية في الجامعة .. بنت ريال معروف حتى .. و لامة عليها بنات و مخبل شراتا و مسوية شلة خايسة ..
      شعرت حور بأنها ضائعة لبرهة قبل أن تتذمر ..
      - حوووووووووه .. شوه يعني بوية ..
      كان صوت دانة حانقا ..
      - وين عايشة انتي ..؟؟ يعني مستريلة .. عفاري شوه تلبس شيخة في الجامعة ..
      - عباة مصكّرة مبطلة من الصوبين من تحت و تلبس تحتها بناطيل تبين يوم تمشي .. و مرة شفتاا لابسة عباة مفتوحة ..
      - حلللللفي ..!!!!
      - و الله ..
      - هلها يدرون ..
      تردد صوت عفرا بسخرية ..
      - ما سألتها تصدقين ..!!
      فيما تهمس نورة بصوت مذهول ..
      - بوية ..!! يخرب بيتها بتفضحناا .. يدرون ربيعاتج انها بنت عمج ..؟
      - من وين بيعرفن .. ؟ أنا اروحيه اليوم دريت .. اسميج غبية بشكل ..
      زفرت حور و هي لا تستطيع فهم المشكلة أين هي بالضبط .. بدت الفتاة متكبرة فقط .. و لم يبدو أنها ترتكب أمرا سيئا .. لذلك قالت تقاطع أخواتها ..
      - أقول بنات شرايكن في العود ..؟؟
      ضحكت دانة ..
      - العود ريلج و الا الشيبة ..
      - الشيبة يا السبالة لا تستهبلين ..
      زفرت عفرا بقوة و هي تقول بصوتٍ خافت ..
      - يوم حدر انتفض فواديه .. حسيت ابويه لي مقبل مادري ليش .. بس ما يشابه أبوية ..!!
      لكن نورة قرأت أفكار حور .. تقولها بصوتٍ مسموع ..
      - عيونه يمكن .. حسيتاا نظرة أبوية يوم ينازع .. مادري كيف ..
      وافقتها دانة بلهفة ..
      - و الله نفس الإحساس ..!! قلت فجأة بيهازبنيه لنه شافنية أرقى السطح ..!!
      اعتصر الحنين قلب حور بقوة و هي تبتسم بمرارة ..
      - الله يرحمه ..
      ترددت عبارتها على ألسنتهن .. قبل أن يصمتن لدقائق .. لتقول عفرا بصوتٍ ناعس ..
      - أكيد المها راقدة الحين .. أخخخ .. يا حظها .. ع الأقل رحمها ربيه من هذرتكن ..
      تجاهلتها نورة .. و هي تبدي رأيا
      - انا متفائلة الصراحة بالعيشة هنيه .. اليوم الأول يبشر بخير .. بس الشيبة يباله حد يلين خشمه ..!
      ضحكت دانة بتعب .. قبل أن تتثائب بصوتٍ عالٍ ..
      - أنا حتى أقول المكان و العرب ترتوب .. بس شوي هادي .. يبالهم حد يربشهم .. – و تثائب مرة أخرى – أحسنيه بموت من التعب ..!!
      ابتسمت حور برفق .. قبل أن تشد الدثار حول جسدها أكثر و هي تقول ..
      - كلنا تعبانات .. صخّن .. نبا نرقد .. عده باكر ورانا لو ربيه أحيانا ..!
      .


      لمْ أحححبكك من فراآاغ ,/
      كي أنسسسسإآك من فرآغ . .
      احببتكك بِ قنآإعه عظّيمه ـ‘
      و سَ أنساك بَقناعه أعظم !|



    7. #202
      الصورة الرمزية ♥} آمـل الـ عٍ ـشآق ♪
      تاريخ التسجيل
      Dec 2009
      الدولة
      " ع‘ــشقـِـِـي آلمَدينـَـَـَـﮧ ..
      المشاركات
      18,765
      معدل تقييم المستوى
      97

      افتراضي

      و علمت في قرارة نفسها بأنها محقة ..
      غدٌ يومٌ آخر .. ستواجه فيه تلك الأوجه التي التقتها اليوم ..
      و ستكافح كثيرا لتعيش هذه الحياة الجديدة ..
      تراءى أمام عينيها مبنىً يكاد يكتمل بنائه .. داخل حدود سور هذا البيت الواسعة ..
      بيت يفترض بأن تعيش فيه يوما ..
      كل ما خالجها لحظة رؤيته طمأنينة عميقة .. و حقيقة واحدة تتجسد في روحها ..
      لن تبتعد عن عائلتها إذا و هذا هو المهم ..
      ما دامت بينهم .. ستلتمس أبدا .. أمانا صادقا .. و حبّا حقيقيا .. و إحساسا ملموسا بذفءٍ لا ينضب ..
      ستكون بخير مادامت قبهم ..
      هذا هو المهم ..
      نعم ..
      هذا فقط ..
      و أنفاس عفرا العميقة تتردد بعمق قرب أذنها ..
      كم من المريح أن تدرك بأن قوّتك تنبثق من وجودهم في حياتك ..
      أحبتك هم ..
      لن يمضوا يوما ليتركوك في منتصف الطريق ..

      * * * * *
      * ودي أسرق / من بوح قلمي ..
      ** اسمحي لي يا الأماكن / من بوح قلمي






      تلك النسائم الجليدية لم تجمّد ناراً راحت تلتهب بقوة في صدره ..
      تبعثر شعره الكث الأسود على جبينه بعد أن ألقى غترته جانبا ..
      عضلات ذراعيه و ظهره تتقلص بشدة و هو يتحفز للهجوم المرتقب .. فيما تضيق عيناه و هو يراقب الجسد المتكئ على مقدمة السيارة العتيقة قبل أن يصله صوت بطي المتشكك ..
      - طال عمرك لو تبا .....
      لكن غيث يزمجر بصوته القوي رافضا ..
      - قلتلك تيسّر .. شل محمد وياك و عبدالرشيد و توكلوا على الله ..
      - بس ..!!
      ألقى غيث عليه نظر صارمة ..
      - لا بس و لا غيره .. يا الله ..
      هز بطي رأسه بطاعة .. قبل أن يستقل السيارة الأخرى التي قدم فيها .. يرافقه محمد و عبد الرشيد .. لحظات طويلة تمر قبل أن تبتعد أضواء سيارتهم .. فلا يضيق المكان سوى ضوء واهن من قمر إختنق خلف السحب الكثيفة ..
      و ضوء السيارة المهتز إثر الضباب الثقيل ..
      النور يسلط على الرجل المتهاوي و هز يهذي بكلماتٍ كثيرة متفرقة .. و هو يرى السيارة المبتعدة تختفي ..
      - حوووه .. انتووو مخبل ..!! هاتوو موتريه ..
      ثم نظر لغيث و جسده يترنح بشدّة ..
      - بلاهم هاييل .. أووه ..!! ليكون حراميه و صارقين موتريه ..! أغبيااء نسوو موترهم ..
      قالها و هو يضحك بشناعة و يربت على مقدمة سيارته .. ليؤكد لغيث بأنه ليس في وعيه ..
      يتصاعد الإسمئزاز .. و الكراهية .. في حلق غيث .. و هو يتقدم بخطى واسعة ..
      يده تسمك بتلابيب الرجل بسهولة .. ليواجهه بقوة ..
      الحقيقة أن هذا التحكم في نفسه يتطلب منه مجهودا جبّارا ..
      فكل ما يريده في هذه اللحظة هو نزع أظافر هذا الرجل .. و اقتلاع عينيه .. ثم الاستمتاع بسلخ جلده حيا ببطء شديد ..
      عندها فقط و هو يترنم بصراخه المتألم .. سيرتاح ..
      لكن بدلا من ذلك .. جذبه بقسوة و هو يدني وجهه حتى شعر بأنفاسه ذات الرائحة الكريهة قريبة منه .. ليسأل بقرف امتزج بالإحتقار ..
      - تعرفنيه يا الكلب ..؟؟
      بدا سالم و هو يترنح كأنما يرى هذا الرجل للمرة الأولى هنا ..
      - أوووووهووووووو .. انتوو تتحرونيييه أعررررف .. كل الناااس .. يا بوووويه أنااا ..
      ثم سكت فجأة و قد أصابته نوبة فواق ..
      - هئ .. الله يغربلك .. تصدق ويهك هب هئ .. غريب .. هئ .. وين هئ .. وين هئ .. هئ .. انته سليمان ولد خالووه .. هئ ..
      ثم صفق ذراع غيث المفتولة و قد تصلبت عضلاتها ..
      - ياااا ريااااااااااااال وينك .. من زمان هئ .. هئ .. اقرب .. هئ ..
      أبعده غيث قليلا فقط .. قبل أن يكور قبضته ليهوي بها على أنف سالم الثمل .. ليطلق ذاك صرخة مذعورة ..
      تفجرت الدماء من وجهه و هو يتلوى ألما على الأرض .. ليتقدم غيث من سيارته و يلتقط فنينة مياه كبيرة باردة .. ثم يجذب سالم مجددا من ياقة ثوبه .. و يرفعه عن الأرض .. كان الهواء متجمدا حولهم .. و سالم يرتعش بقوة .. ألما و بردا .. فيما يهذي بصراخ مرتفع بوجع شديد .. و يده على أنفه النازف ..
      صب غيث القنينة كلّها على رأس سالم .. فيشهق الأخير بقوة .. مقاوما الاختناق ..
      - انته صاااااااااحي ..
      و أطلق بعدها سبابا وقحا متصلا .. ليرميه غيث أرضا ..
      وقف فوقه بهدوء ..
      ينتظر .. ينتظر ..
      فيما يتخبط سالم في هذيانه .. محولا التشبث بوعيه .. امام هذا الهجوم الغريب ..
      ما يقارب الساعة قد مر قبل أن يعود غيث ليرفعه عن الأرض بقسوة .. ثم يقرب وجه سالم منه ليسأله مجددا ..
      - ما عرفتنيه ..؟؟؟
      نظرة سالم الضائعة و عينيه الزائغتين لم تسعفاه .. و هو يتمتم من بين الدماء التي غطت وجهه ..
      - ما .. مااا ..
      و لكمة ثانية سريعة تهوي على فمه الآن .. قوية للغاية .. خلخلت أسنانه فكادت توقعها .. فيما يصرخ سالم بصوت متألم محاولا التفلت بقوة من قبضة غيث المحكمة ..
      - يااااااا كللللللللللللب .. شووووووه تباااااااابيه .. منووووه انته ..
      أدناه غيث ليقول في أذنه بصوت قوي ..
      - أنا غيث .. ولد حمد بن سيف ياركم .. تحيده ..؟
      ثم انحنى همس بوحشية و عينيه تلمعان بشراسة ..
      - و البنت لي اغتصبتها ختيه ..
      قالها و أيعد سالم عنه بهدوء .. ليتبين الذعر الفضيع الذي شحب إثره وجهه .. فبدا أشبه بأوجه الموتى .. أدرك أن سالم الآن يفهم جيدا من هو .. و يعلم سبب ما سيحدث الآن ..
      و كأنما انقطع بعدها حبل التعقل ..
      راحت قبضات غيث تهشّم وجه سالم بقوة تباعا ..
      تهوي على أنفه .. و على عينه .. تسقط أسنانه القذرة ..
      فيما الذهول و ما بعد الثمالة يعيق سالم الذي راح يدافع عن نفسه بوهن ..
      لم يكن يجدي منه سوى لسانه المتسخ الذي راح يمعن غرس ذاك النصل في كرامة غيث ..
      - أختتتتتك هااااااااايييك .. ماخبرررتك .. شوووه سويت بها .. أووووووه ..
      و ها هي لكمة أخرى تهوي على فمه .. ليبصق الدم من حلقه .. و هو يقول بعينين حمراوين بائستين ..
      - آآآه عليها .. و على جسسسسسمها .. عدها رطببببة ..
      كان الألم يتصاعد الآن في جوف غيث الذي راح يكيل الركلات أيضا .. فيما بدا أن سالم يستمد قوته من كلماته .. اذ بدأ في تجنب بعض ضربات غيث .. و محاولة الرد عليها ..
      - لحاااااالي أنااا و هي .. يوم كااااااااااانت فحظنيييييه .......
      لكنه لم يكمل عبارته تلك لأن اللكمة الأخيرة التي أسقطها غيث على فمه أطارت ما تبقى من أسنانه الأماميه .. ليسقط سالم مولولا .. يسب و يلعب و الدماء تتدفق من فمه بلغة غير مفهومة ..
      يتقدم غيث بعزم إلى سيارته ..
      و يتجاهل ذاك الأسى العميق الذي يجتاحه .. و ذاك الوجع الذي اعتصر روحه ..
      وجه عفرا الباكي يلوح أمام عينيه الآن ..
      ليمد يده نحو الدرج الصغير في سيارته الفارهة ..
      يتلمس بأنامله الجسم الحديدي الصلب .. و يلتقطه بسرعة ..
      يستدير نحو سالم مجددا .. صراخه المتوجع و سبابه القذر يختلط بنشيج عفرا الذي راح يدوي في داخل غيث بقوة ..
      ليقف فوق سالم تماما ..
      يجذب مشط مسدسه محدثا تكّة مسموعة .. قبل أن يوجه ماسورته نحو سالم الذي لم يكن يفصل بينه و بين غيث سوى انشات ..
      ليرقب الفزع المميت ينتشر في وجه سالم بسرعة رهيبه فيخرسه ..
      الوجه النحيل راح يرتعش فزعا و هو يستوعب كنه الحديد الصلب اللامع تحت أشعة القمر الشاحبه ..
      و الجسد المرتجف الملقي أرضا عند ساقي غيث الطويلتان ينتفض بخوف مخزي ..
      ليصرخ بفزع ..
      - لا لا لا لا لا لا لا... لاااااااااااااااا .. لحظااااااااه .. آسف .. و الله آآآآآآآآآآآسف .. غصبن عنييييييييه .. دخيييييييييييلك .. دخييييلك لا تقتلنييييييه ..
      ثم نشج باكيا .. و هو ينحني ليقبل قدم غيث ..
      - أحب ريوووووولك .. بسترر عليهااااااااااااا .. و الله بستر عليهااااااااااا ..محد بيدري باللي استواااا .. بسوي لي تبااااااه .. كل لي تباااااااه .. لا تذبحنييييييه ..
      لكن صرخاته لم تجد الصدى لدى غيث ..
      كل الذي كان يفكر فيه هو كم توسلت عفرا قبل أن ينتهكها هذه الحثالة .. كيف كانت لحظاتها المميتة تلك ..
      حين صرخت .. و توسلت .. و استنجدت ..
      حين راحت تخدش بأظافرها .. و تعظ بأسنانها .. فيما هي تُضرب بقسوة .. لتُجرَّد من أحلامها .. و أنوثتها ..
      تحت وطأة فعل هذا الحقير ..
      لذلك كان صوته واثقا .. صارما .. يرتفع فوق نشيج سالم المذعور ..و توسلاته ..
      - انته سكران .. و حتى لو ما كنت سكران .. انته جبان .. و بتخاف تخبر الشرطة منوه لي ظربك .. عسب لا يكون الحكم لك إعدام و انته تعرف هالشي ..
      ثم مالت نبرته لسخرية شرسة ..
      - لكن لو قررت تضحي بحياتك .. و تخبّر عنيه مع انه محد بيصدقك و انته فاقد.. إعرف انيه بييب غير الشاهد عشرة انك كذّاب و انيه كنت فمكان ثاني .. مليون واحد مستعد يكون مكاني و يعترف انه هو لي كان هنيه الليلة .. هالفرد هب مسجل .. فلا تضيع وقتك ..
      بدأ اللون يرجع لوجه سالم الذي أدرك أن غيث بهذا التهديد سيتركه حيّا ..!
      لكن حيّا كيف و المسدس الأسود لا يزال مصوّبا نحو رأسه .. لا يفصله عن رأسه سوى بوصة واحدة ..
      فيما تشد اصابعه على الزناد ..
      تدفعه .. آلامها .. أوجاعها .. و كل ما عانت ..
      هذا الرجل هدم أمنياتها .. و مزّق براءتها ..
      فليعش بقيّة أيامه البائسة بأحلامٍ كسيحة إذا ..
      .
      .


      لمْ أحححبكك من فراآاغ ,/
      كي أنسسسسإآك من فرآغ . .
      احببتكك بِ قنآإعه عظّيمه ـ‘
      و سَ أنساك بَقناعه أعظم !|



    8. #203
      الصورة الرمزية ♥} آمـل الـ عٍ ـشآق ♪
      تاريخ التسجيل
      Dec 2009
      الدولة
      " ع‘ــشقـِـِـي آلمَدينـَـَـَـﮧ ..
      المشاركات
      18,765
      معدل تقييم المستوى
      97

      افتراضي

      لذلك تنحرف ماسورة المسدس و هو يدنيها من ركبته ..
      ليطلق الرصاصة عن بعد سنتيمترات .. متجاهلا صيحة سالم ..
      - لاااااااااااااااااااااااااااااااااا ..
      لتتحول فجأة لصرخة ألم هائلة .. فيما يجذب غيث مشط المسدس مرة ثانية .. و يطلق الرصاصة التالية على ركبته الأخرى ..
      فقط ..
      و صوت الرصاصة يضيع في الفراغ .. و صرخات سالم تخفت إذ بدا على وشك فقد الوعي من شدّة الألم ..
      يدير ظهره ببرود .. حاملا مسدسه .. بلذة الانتقام ..
      و همٌّ تقلّص نوعا ما ..
      سيجد طريقة لانهاءه .. و لمعالجته بروية ..
      الآن يستقل سيارته بسرعة ... و ينطلق بها تاركا المكان .. و خلفه ذاك البائس الذي قد ينزف حتى الموت قبل أن يدركه أحد ..
      لكن ذلك لا يهمه أبـــدا ..
      كل ما يهمه هو تلك النشوة التي انبسطت في جوفه الآن ..

      * * * * *

      (( إليك ..
      لكِ إنتِ فقط دونهم .. لمَ كانت أنتِ من أكتب لها .. هذا ما لا أعلمه .. لربما كان سبب جهلي هو أني لا أعرفك .. ستُكتب الكلمات هنا لوحدها .. سأسكب سيلا من روحي يغرق الورق .. يبلله ..
      و لتختار وحدها أيضا لمن ستكون ..
      أ حبرا كان ما أكتب به .. أم دمعا ..
      لا يهم ..
      ما يحيرني هو لمَا .. لما كانت أنتِ من أكتب لها .. و ليسَ .. أنتَ ..؟؟
      لما إخترتها أنثى تلك التي سأسوق لها أحرفي يوما .. حين ينضج الهذيان .. و يغدو بيده القرار ..
      مستعدا لاختيار الانامل التي ستقلب الأوراق .. و العين التي ستلتهم الكلمات .. و القلب الذي سيتذوق حزني و الفرحة ..
      ماذا عساي أن أقول في أولى رسائلي إليك ..
      لو كان لي .. لأخترت أن تصلكِ الوريقات بعد إحراقها .. فتلامس أصابعكِ الرماد ..
      عجبي ..!
      ما بال تلك الكَسرة تحطم كل تاءٍ لتأنثها رغما عنها ..
      ما أعرفه أن بي لهفة لتكون الأذن المصغية لي إنثى ..
      أريد إمرأة تفهم طبيعة جنسها ..
      تعذر غيرتي .. و شكّي .. كل مشاعري المتملكة .. و جنوني ..
      تتفهم غروري .. و تبجحي ..
      و تدرك لما اللهفة تسكن عيني لرجل لم يكن لي ..
      .
      .
      أريدكِ أنتِ .. أن تصغي لي ..
      فيما تتخبط كلماتي هنا .. كحكايات طفلة .. تتبعثر أحرفها على الأسطر ..
      أحلامها المتقطعة .. و أفكارها التي تأتي من العدم .. لتأوي أيضا إلى العدم ..
      أريدكِ أن تكوني أمي ..
      أن تحتضني وريقاتي بين يديكِ فتضميها إلى صدركِ .. لتقبلي جبينها بعد حكاية النوم ..
      و تهمسي بصوتكِ لها .. أحلاما سعيدة يا ورق ..
      .
      .
      أم لكِ ان تكوني لي صديقة ..؟
      لا .. لا تكوني صديقة .. لم أعرف الصديقة يوما ..
      يكفيني أني أجهلكِ الآن ..
      فإن سميّتكِ صديقة .. أضحيتِ ضمير غائب ..
      مجرد لقب يترنم به الآخرين ..
      له وقع في أذني .. و تطرب له روحي ..
      صديقة ..
      طيف روحٍ لم ألتقه ..
      و لن أفعل ..
      أعلم ذلك جيدا .. لأنني بلا أصدقاء ..!
      لا أعرف أصدقاءً أبدا ..
      لم يكن لي أحدهم ..
      هناك من العثة ما كانت تعشش على محفظة نقودي .. أسايرهم في مراحل حياتي المتعددة ..
      لكنهم ليسو أكثر من عثّة ..
      أحدثت ثقبا في حياتي ..
      شيء لم أجد ما يسده حتى الآن ..!
      أعتذر يا أنتِ ..
      لستِ أنتِ بصديقة ..
      .
      .
      ماذا عن أخت ..
      سحقا ..
      تلك أيضا لم أعرفها ..
      لكنني رأيتها ..
      رأيت أشكالا و ألوانا منها تخص الآخرين ..
      و آخر واحدة إلتقيتها ..
      لم تكن إلا واحدة رغم عدّتهن ..
      كن كثيرات في واحدة ..
      هي أخت .. و أخت .. و أخت .. و أخت ..
      و لكنهن واحدة ..!
      هل سئمتِ ..لم أبدأ بعد ..
      ما رأيكِ بأن ننسى مسألة الأخت أيضا ..
      فآخر مرة رأيت فيها أولئك الأخوات ..
      خالجتني رغبة غبية بأن أجهش بالبكاء .. و أصرخ للجميع بأن لا أخت لدي ..!
      لذلك انسي الأمر ..
      لا أريد أختا ..
      .
      .
      أتكونين معلمتي ..
      مرشدة ..؟
      تمسكين بالكف لتدليني إلى ذاك الطريق ..؟
      لا .. لا أعتقد ..
      فمعلمة عليها أن تضغط على كتفي .. لتوجهني إلى الصواب ..
      تكلمني بنبرة عميقة لتولج شيئا من الحقيقة في دماغي الفارغ ..
      لكنكِ صامتة ..
      لا ترشدين .. و لا تردين ..
      تصغين أنتِ فقط ..
      لا .. لن تكوني معلمة ..
      فالمعلمة أكثر من أذنٍ صامتة ..!
      .
      .
      من أنتِ إذا ..
      أ أعرفكِ حقا ..؟
      لم أكتب لكِ يا أنتِ ..؟
      قد تكونين أي أحد .. أي أحد ..
      لست أنا من سأصل إليكِ
      هي الأوراق ستتركني بعد الختام لتقع بين راحتيك ..
      أتظنين أنني سأعرفكِ يوما ..؟
      لن أكترث بردٍ لهذا السؤال ..
      كل ما أراه الآن و يهمني .. هو كتابتي لكِ
      لن تعلمي أنه قد يتفاجئ الكثيرون إن قرأوا هذه الرسالة ..
      لا .. ليس ما تحويه هو ما قد يذهلهم .. انما طريقتي في صف أحرفي ..
      كثيرون هم من لا يعلمون أنني أكثر من وجه جميل ..
      بل أهم أكثر بكثير من الجميع ..
      لكنني لم أقض سنوات دراستي كلّها في التبجح بما أرتدي ..
      استهلكت ما يكفي منها لأحصل على شهادة و لو كان لدعم أبي نصيب ..
      .
      .


      لمْ أحححبكك من فراآاغ ,/
      كي أنسسسسإآك من فرآغ . .
      احببتكك بِ قنآإعه عظّيمه ـ‘
      و سَ أنساك بَقناعه أعظم !|



    9. #204
      الصورة الرمزية ♥} آمـل الـ عٍ ـشآق ♪
      تاريخ التسجيل
      Dec 2009
      الدولة
      " ع‘ــشقـِـِـي آلمَدينـَـَـَـﮧ ..
      المشاركات
      18,765
      معدل تقييم المستوى
      97

      افتراضي

      تتساءلين لما الليلة ..!
      لم أقرر أن أبوح لكِ ..
      لن أرثي نفسي إن كان هذا ما تتوقعين ..
      و لكن لسبب ما .. وجدتني أغرق في فقاعة تحجبني عمن حولي هذا اليوم ..
      شيء من السكون راح يطبق علي و أنا ألتقي بإمرأة رجلي ..
      ذاك الذي اخترته ..
      و اخترت أن أحبه ..
      أو تعتقدين بأننا قد نملك القرار في من نحب .. و من نكره ..؟
      كنت أظن هذا لوقت طويل ..
      اذ وقع اختياري على الرجل الذي أحب .. و مارست حبّه بيني و بيني ..
      و استعددت لكره تلك الجاهلة التي سلبته مني ..
      لأجدني فجأة مسلوبة .. عاجزة حتى عن الحقد عليها ..
      لا .. لن أدعي بأنني أصبحت أحبها .. و أنني سأتركه لها ..
      بل سأواصل القتال حتى أحصل عليه .. ثقي بذلك ..
      لكن تلك المرأة ..!
      أحتار فيما قد أكتب بشأنها ..
      وددت لو أني لم أرها .. بدت كطيف باهت .. و عجزت عن ايجاد سبب واحد يدفعه لتجاهلي و حبّها ..!
      بدت .. بدت إنسانة ..
      إنسانة بقوة ..
      في بساطتها تلك .. و في هدوئها ..
      فتنتني أختها الصماء أكثر منها .. و كدت لا أشعر بوجودها حتى ..
      لن تعلمي كيف كانت تجلس بظهرٍ منحني يدل على الإرتباك و تمشي بخطى متعثرة اثر التوتر ..
      كانت مجرد فتاة .. ليس أكثر ..
      بحثت جاهدة عن ميزة ليحبها هو و أكرهها لأجلها ..
      لكنني بشكل ما .. وجدت أن قبح مشاعري نحو تلك المجهولة التي تزوجته قد أفلت من عقاله حين رأيت وجهها الصافي .. و عيناها الهادئتين ..
      تساءلت للحظة ..
      أ و لم تشعر هي بالغيرة مني ..؟
      تمنيت أن تفعل .. أن تشعر بأنني خطر عليها ..
      لتستعد ..
      لأنني لن أتركه و لو لدقيقة ..
      ذاك رجلي يا أنتِ .. لن أعتق حبّه أبدا ..
      .
      .
      سأتوقف هنا ..
      لم يعد لدي ما قد أقوله ..
      هي الأولى هذه الرسالة ..
      و لن تكون الأخيرة ..
      دوما سأسرد لكِ خلجات روحي ..
      كل ما سيحيرني .. ما يخيفني .. و ما يثيرني ..
      كل ما سأشعر به ..
      سأضعه بين يدي الكلمات لتحمله لكِ ..
      ليس لشيء .. صدقيني ..
      ليس الا لأنكِ أنتِ وحدكِ من ستصغين ..
      بلا كلمات ..
      .
      .
      أو تعلمين ..
      يإعتقادي أنه حتى ( قلم حر ) سيصفق طويلا أمام هذا الهذيان المتقن ..
      و كأنني أنمق الحرف هنا .. و ليست الكلمات من تتبعثر من بين الشفتين بلا إرادة .. ))
      .
      .
      .
      .
      نظرة واحدة تلقيها على تلك الورقة ..
      قبل أن تصفق الدفتر و تضعه بعناية على الطاولة ..
      ثم تتمدد على الفراش الوثير ببطء
      خلعت شيئا من الحيرة ..
      و هذا يكفي ..!
      ستعود إلى هناك .. ذاك البيت كان دوما مزارا و بيتا ثانيا لها و لن يتغير الأمر بقدومهم ..
      و هناك ستعيد حساباتها ..
      ستدنو من هؤلاء الغرباء الجدد .. لتتعرفهم عن قرب ..
      و لتفهم تلك المشاعر الغريبة ..
      بعدها ستعيد ترتيب خططها من جديد ..
      عليها أن تنتقل لمرحلة أخرى الآن ..
      الهجـــوم ،،


      * * * * *
      - نايف .. نايف .. نش حبيبي .. صلاة الفير .. نش عسب تلحق عليها ..
      ذاك الهمس راح يخترق أذنه برقة .. و يدها اللطيفة تهز كتفه بإصرار ..
      و لثانية واحدة فقط ظن أنه سيستيقظ في حجرته الضيقة .. على فراشه الصلب ..
      لكن نعومة الدثار التي تلف جسده أكدت بان ما حدث بالأمس لم يكن حلما وليد خياله .. بل حقيقة ..
      فتح عيناه ببطء .. ليستوعب ذاك الوجه المألوف .. ثم يستوي جالسا ببطء و هو يفرك عينيه بقوة ..
      - حور ..؟؟
      حثته حور بسرعة ..
      - يا الله فديتك صلاة .. نش و توضى عسب تصلي ويا الجماعة ..
      نظر لها بعدم فهم ..
      - أي جماعة .. ماشي مسيد ..
      - بلى فيه .. شفته أمس في أول الشارع .. يا الله حبيبي .. بتسير ويا .. آحم .. يدي ..
      عقد نايف جبينه .. و عيناه المثقلتان بالنعاس .. لا تستوعب هذه التغييرات في روتين فجره ..!
      - يمكن هو يصلي في البيت ..؟؟
      - لا .. امايا نورة من شوي لقيتاا .. و قالت انه يصلي هو و غيث في المسيد لي في أول الشارع .. يا الله .. صحصح .. و نش توضا .. بسرعة عدنيه بوعي خواتك ..
      و توجهت نحو الباب حين رأته يزيح الغطاء عنه و ينزل عن السرير ..
      - و يوم أتوضا شسوي ..؟؟
      - سير وياه ..
      أصر نايف بشيء من الخجل ..
      - وين بحصله ..؟؟!
      اتسعت عينا حور و هي تنظر اليه ..
      - في الكبت ..! وين بتحصله بعد .. في حجرته ..
      تذمر نايف أمام باب الحمام ..
      - حور أستحي منه ..
      - شوه تستحي .. هاي صلاة حبيبي ..ارقبه في الصالة زين .. و يوم بيظهر اظهر وياه ..صعبة ..؟؟
      نظر للأسفل و هو يدس إبهام قدمه في السجادة ذات الشعر الوثير ..
      - لااا .. بس .. حور .. يعني يوم أشوفه .. شوه أسوي .. اسلم عليه شرات ابوية ..؟؟
      عقدت حاجبيها مستنكرة ..
      - نايف ..! شوه هالسؤال الغبي ..؟؟ هيه سلم عليه ..
      ارتخت كتفا نايف و هو يقول بنبرة ضعيفة ..
      - أنا أخاف منه مرات .. يعني ما يرمسنيه وايد .. ما اعرف كيف ارمسه ..
      - ترمسه فشوه حبيبي ..؟؟
      - مادري بس هو دايما صاخ .. ليش ما يرمسنيه ..
      فكرت حور بجوابٍ مناسب .. فلم تجد سوى ...
      - يمكن ما تعود علينا .. اصبر عليه .. بيتعود ..
      - انا من زمان اعرفه .. ليش ما تعود عليّه ..
      - اصبر حبيبي .. اصبر ..
      ثم ابتسمت بحنان ..
      - و شوه هالهذرة ع الصبح .. بعدين اسئل ع كيفك .. الحين تلاحق ع الصلاة .. بسرعة ..
      تمطى نايف بشيء من الكسل و هو غمض عينيه المنتفختين بقوة ..
      - كانه أول يوم في المدرسة ..! صح ..؟
      ابتسمت حور و هي تنظر له بقلق .. قبل أن تترك الغرفة و تغلق الباب خلفها ..
      فيما دلف نايف على عجل للحمام الذي راح بلاطه الزلق و حوض استحمامه الكبير .. و مغسلته الواسعة ..
      يلمعون تحت ضوء مصباح أصفر تُرك مضاءً له .. قبل أن يضيء الإنارة القوية التي سرعان ما داهمت عينيه الناعستين فأغمضها بشدّة ..
      هذا ليس حلما ..
      انهم هنا ..
      في البيت الكبير ..!!
      .
      .
      .
      .
      قطراتٌ من الماء الصافي تتعلق بلحيته البيضاء و هو يمسح وجهه الأسمر بكفيه الكبيرتين ..
      قبل أن يلتقط - غترته - من على المشجب و يرتديها .. لسانه يتمتم بالدعاء .. متجاهلا الجسد النحيل الذي دخل للتو ببطء من الباب الفاصل بين حجرة نومهم و الغرفة الملحقة بها ..
      - أشهد أن لا اله الا الله وحده لا شريك له و أشهد أن محمدا عبده و رسوله .. اللهم اجعلني من التوابين و اجعلني من المتطهرين ..
      يراها بطرف عينيه تدفع خطاها الثقيله بتعب لتصل إلى أقصى الحجرة .. حيث فرشت سجادتها على الأرض مسبقا .. و وضعت لها مخدة ثقيلة تمكنها من السجود عليها لما تعانيه من ألم في ظهرها ..
      يضع الغترة على رأسه .. و هو يستعد للخروج ..
      لكن قبل ذلك يلقي نظرة واحدة لوجهها السمح الذي راح يستعد للصلاة ..
      بتجاعيده الحبيبة .. تلك الخطوط التي تحكي كم مر عليهما من دهر ..
      لن تعلم شريكة الروح هذه كم يعني له ذاك البريق الذي سكن عينيها من جديد .. و تلك البهجة الخالصة على محياها ..
      يكاد يجزم بأنها كانت للتو عند زوجة ابنها الراحل ..
      فبالأمس بكت حتى جفّت عيناها ..أطلقت العنان لعبراتها التي راحت تغرق كل شيء ..
      حتى الروح منه ابتلّت ..!
      الفرحة التي كانت تنشج بها .. لم يرها منذ ما يقارب الثلاثين سنة ..
      ذاك أمد طويل لم تكن فيه ابتسامتها سوى غبارا خادعا .. أتعسته هو الآخر ..
      رغم انها لا تعرف ذلك .. و لن تعرف ذلك .. الا أن حزنها الذي راحت تداريه بين الأضلع ..
      نخر قلبه قبلها ..!
      و هذا الفجر لم يكن سوى إشراقة لفرحة قديمة .. أوجعته عودتها بقدر ما أراحته ..
      ترك الغرفة سعيا للحاق بالصلاة ..
      فيما تبادره فكرة واحدة ..
      مر وقت طويل لم يذهب حفيده الأكبر معه الى الصلاة ..
      لم يقطعا ذاك الشارع مشيا كما يفضلان .. ليصليا في المسجد الذي يقع في أول الشارع ..
      يتشاركان الأحاديث .. و المناقشات ..
      و أحيانا الصمت ..
      مذ انتقل للعيش مع عائلة عمّه ..
      و الآن اضطر إلى البقاء في بيت أبيه ..
      حسنا .. لن يطول به الأمر ..
      سيحرص على عودته فور انتهاء الأعمال في بيته ..
      ذاك الفتى هو أكثر من ابن له .. قد غَرس شيئا من روحه فيه ..
      جزء من القلب معلق به .. فيما اقتسم البقية جزءا آخر ..!
      كان قد وصل إلى الردهة حين تفاجئ بذاك الجسد الصغير الذي يقف في أقصاها عند الباب بتردد ..
      ضيّق عينيه الحادتين على ذاك الطفل .. متجاهلا الوخز الذي راح يخز فؤاده ..
      لتتصاعد نبضات قلبه ..
      تتصاعد .. تتصاعد ..
      كيف لنظرة طفلٍ حذره أن تعيده سنواتٍ للوراء ..
      تغمره رائحة الماضي العتيقة .. و ألوانه الباهتة ..
      و مرارته ..
      يلتهب شيء ما في صدره الآن ..
      و هو يبعد عن ذهنه صورة طفلٍ كان يعرفه ..
      يشبه هذا الجسد الصغير كثيرا .. بنفس تلك الخطى المترددة ..
      و نفس النظرة الحذرة .. الشكاكة ..
      طفل إعتاد على تأديبه .. و تعليمه ..
      أنشئه بيديه هاتين .. و لكن لسبب لم يعرفه .. أُفسدت تلك النشأة ..!!
      كيف .. و متى .. و لماذا ..
      هذا ما لم يجد له إجابة حتى الآن ..
      أكان الذنب ذنبه يوما ..؟؟
      أهو السبب في فقدانه لابنه قبل كل شيء ..
      ذاك السؤال سيظل عمرا بلا إجابة ..
      حتى يوم يبعثون ..
      عندها فقط ..
      سيجد نفسه أمام خالقه .. وجها لوجه مع إبنه..
      محاسبا على كل ذلك .. كل ذلك ..
      عيناه الآن تحتدان على وجه الصبي الذي راح يدنو منه بقلق ..
      لا يمكنه أن يخطئ هذه التفاصيل .. معالم وجه هذه الطفل حفرت دهرا في فؤاده .. حتى و إن شاخ صاحبها ..
      و إن ولّى ظهره للدنيا تاركا إياها .. لا يبتغي سوى رحمة من ربه ..
      تلك الملامح هي نفسها التي فاجأته بعد رحيله .. ليجد أنها استحالت وجها متعبا .. أرهقته السنون ..
      الآن يتشقق قلبه بقوة ..
      كعادته كلما جال ذاك الخاطر المفزع في خلده ..
      أ و أسدل ابنه الأجفان مثقله بهجرانه .. غافيا قبل إن يغفر له ..؟!
      .
      .
      يخنق خفقتين خائنتين راحت تتفلتان بقسوة من سيطرته ..
      لتضج ألما و وجعا ..
      تكاد تنوح بيأس .. إثر ذاك الشعور الذي يبّس قلبه ..
      شيء يحرقه .. يحرقه ..
      حتى و ذاك الوجه الصغير يتطلع إليه .. ينشد طلبا واضحا ..
      ليجد نفسه ينحني عليه ..
      سامحا للأنف الصغير أن يلامس أنفه .. و أن تداعب القبلة لحيته المبتلة .. ليقوم بحركة بعدها .. لا يفعلها الا حفيده الأكبر ..
      يدنو من الكتف المنحني فيطبع قبلة أخيرة عليه .. قبل أن يتراجع بهدوء .. و صوته الطفولي .. يرتفع بخشونة مفتعلة دفعت بسمة خفيّة لمناوشة شفتيه الجامدتين ..
      - صبحك الله بالخير يا بوية ..
      ليرد بصوتٍ أمعن في إخلاءه من كل خواطره تلك .. فبدا قاحلا .. كحال روحه الآن ..
      - صبحك الله بالنور ..
      - شحالك ..
      - بخير .. الحمد الله ..
      تردد خجل .. بدا على وجهه الصغير ..
      - آآ .. بتسير تصلي الفير ..
      - هيه نعم ..
      - بخاويك .. لازم أصلي جماعة ..
      دفء إحتضن قلبه و هو يمعن النظر لذلك الشاب الصغير .. أراد أن يمد يده ليربت على رأسه باستحسان .. أو أن يومئ له ..
      أو ..
      أو أن يعتصره بين ذراعيه حتى تبلل دموعه وجهه .. ليغسل بها سنوات من الذنب الذي يثقل كاهله الآن ..!
      لكنه صرف النظر عن كل ذلك ..
      إكتفى بأن يومئ برأسه ..قائلا بحزم ..
      - توكلنا على الله ..
      ليسير بسرعة نحو الباب .. ينشد اللحاق بعماد دينه ..
      فيما تهرع القامة الصغيرة بجانبه ..
      خطوات تسعى على طريق من الفرج إن شاء خالقها ..
      تتعاقب ..
      تتلاقى معا ..
      لتتشارك الخير ..
      على ذات المسلك الذي تحذوه ..
      ترى ..! أ يكون لتلك القدمين الصغيرتين أن تتبع أثر تلك الكبيرة يوما ..؟!

      * * * * *


      لمْ أحححبكك من فراآاغ ,/
      كي أنسسسسإآك من فرآغ . .
      احببتكك بِ قنآإعه عظّيمه ـ‘
      و سَ أنساك بَقناعه أعظم !|



    10. #205
      الصورة الرمزية ♥} آمـل الـ عٍ ـشآق ♪
      تاريخ التسجيل
      Dec 2009
      الدولة
      " ع‘ــشقـِـِـي آلمَدينـَـَـَـﮧ ..
      المشاركات
      18,765
      معدل تقييم المستوى
      97

      افتراضي

      سحبت نفسا عميقا أثقل رئتيها ببرودته .. فيما عيناها تتجاوزان النافذة العملاقة التي فُتحت .. و أزيحت ستائرها ..
      النافذة التي كانت تطل على المساحة الخالية وراء البيت ..
      أسندت كوعيها على النافذة و هي تحتضن وجهها بين كفيها ..
      صوت عفرا الرخيم يأتيها من الخلف بتلاوة متقنة .. و حركة المها في الغرفة و هي ترتّب ملابس حور بدلا عنها ..
      و كأنما تبحث عما قد يشغلها ..
      تساءلت بفضول عن مكان نورة و دانة اللتان خرجتا من الغرفة منذ أن صليّن الفجر معا ..
      و تمنت لو أن لها مثل إنطلاقهن ..
      أنهت عفرا السورة و أغلقت القرآن الكريم بهدوء ..
      التفتت للوراء .. لتجد المها تستلقي على السرير بصمتٍ الآن .. و عفرا تهب من مكانها و هي تتسائل و المصحف الشريف بيدها ..
      - تبينيه أحطه في الكوميدينو ..؟
      أومأت حور برأسها .. و هي تتحرك نحو السرير .. قبل أن يفتح الباب على اتساعه .. لتدلف دانة بقوة .. و نورة ورائها ..
      نظرت حور بدهشة لثياب نومهن التي لم يقمن بتبديلها .. فيما يلفن حول أجسادهن أغطية صلاة بيضاء طويلة ..
      أقبلت دانة بابتسامة عريضة و الحماس يلمع على وجهها .. و حور تضيق عينيها متسائلة ..
      - وين كنتن ..؟؟
      ألقت نورة بجسدها على الأريكة المائلة في زاوية الغرفة .. و هي تجيب ببساطة مازجت فرحا غريبا في صوتها ..
      - سرنا نستكشف البيت ..
      - تستكشفن ..؟؟
      صفقت دانة بمرح و هي تتحرك في المكان بسرعة ..
      - أوووووووووه .. حووووووووور .. البيت عوووود .. وايد .. وايد .. وايد عووووود ..! لقينا مطبخ تحضيري صغير هنيه فوق .. عند الصالة لي ورا حجرتج عفاري .. شرات المسلسلات .. فنان و الله من الخاطر .. باقي فوق خمس حجر محد ساكن فيها بس مبنده ..
      و أردفت نورة و هي تربت على أريكة حور ..
      - أحلى حجرة حجرتج حور ..
      نظرت لهن حور باهتمام ..
      - وين سرتن بعد ..؟
      - نزلنا تحت .. و كنا بنخطف ع المطبخ بس خاري البيت .. و العمال في بيتج حور ..
      ضحكت دانة بمرح ..
      - شعليج حور .. بيت اروحج .. شوه تبين أكثر ..
      لوحت حور بتوتر و خوف واضح ..
      - انطبي .. ما شفتن حد ..؟
      - حد مثل منوه ..؟؟ غيث مثلا ..؟؟
      و راحت تضحك بقوة على تعبير وجه حور التي رفعت عيناها للسقف ..
      - اللهم طولج يا روح .. داااااانة .. هب متفيقة لسخافتج .. ما شفتن حد .. اميه .. و الا يدوه و الا ...
      قاطعتها نورة بحماس ..
      - انزين ترانا بنخبرج .. لقيناا يدي ..
      اتسعت عينا حور و هي تنتظر منها أن تتابع .. لتسأل عفرا بهدوء ..
      - وين شفتوه ..؟
      - ظاهر من القسم لي قالت رويض أمس انه قسمهم هو و يدوه ..
      - انزين ..؟؟
      هزت دانة كتفيها ..
      - اندسينا ورا الدري .. بعد شوه ..؟؟ نظهر له بالبيجامات .. فشلة و الله ..!
      ثم تابعت بحماس ..
      - بس شل نايف وياه .. مادري وين بيسير ..!! تعالن ما خبرتكن.. الصراحة شي غريب عجيب ما تتوقعنه .. يوم كنا نحوم تحت .. لقينا ورا الدري دريشة داخلية و يوم وايقنا لقيناها مبطلة .. نورة خوّزت الستاير .. و قولن شوه شفنا ..؟؟؟
      اتسعت عينا حور بحذر تتبادل نظرة متشككة مع عفرا قبل أن تسأل الأخيرة ..
      - شوه شفتن ..؟؟
      - أووووووووففف ... شفنا شي عجيب .. شي .. شي .. الصراحة ..
      - شي شوه ..؟؟
      - شي ما تتخيلينه ..
      - حلفي انتي بس ..! بترمسين و الا شوه ..
      ضحكت دانة بخبث .. و هي تنظر لنورة قبل ان تقول الأخيرة بشيء من المكر ...
      - الصراحة .. ما قد شفت شرات هالشي حتى في الأفلام .. الا حتى في الأحلام ..
      صرت حور على أسنانها بغيظ ..
      - بترمسن و الا شوه ..
      تمطت نورة بكسل و هي تقول ..
      - خلن دانة تقول ..
      لكن دانة هزت رأسها بوقار مصطنع ..
      - لااا حشى .. ماليه رمسة من عقبج .. انتي الكبيرة ..
      لوحت نورة بغرور ..
      - ما عليه مرخصتنج انا .. ارحميهن .. شوفي عيون حور كيف بتطلع من الفضول ..
      ضحكت دانة أمام نظرة حور الغاضية و تلويحة السأم التي قامت بها عفرا قبل أن تجلس إلى جانب المها .. و قالت بتنهيدة ..
      - خلاص بقول .. بس هب الحين .. الحين نودانة شوي .. بسير أرقد في حجرتيه اليديدة .. خلاف يوم بنش بخبركن ..
      أغمضت حور عيناها بصبر و هي تقول بقهر ..
      - أقسم بالله لو ما ترمس و تقولن شوه شفتن لاا أأ ...
      قاطعتها ضحكة نورة و دانة .. حتى عفرا ضحكت بخفة .. و المها ابتسمت لرؤية ضحكاتهن دون أن تدري ما السبب .. فيما تنظر لهن حور بغل .. و نورة تقول ..
      - خييييييبه حور .. ما حيدج فضوليه هالكثر .. الفضول قتل العيوز ..
      - جب .. بترمسن و الا شوه ..
      - أقولج شفناا شي ..
      - نوووووراااااااااااااااااااه .. شوه هالشي ..
      - بسم الله .. بقول .. بقول .. ريلاكس .. شفنا مكتب عووووود .. مكتب .. مكتب .. يعني في كبات فيها كتب وايد .. فيه كمبيوتر حور .. شاشته ضعيفة .. شوه يسمونها هاي .. لي شرا هالتلفزيون لي في الصالة ..
      أجابتها عفرا بسرعة ..
      - بلازما ..
      صفقت نورة بحماس ..
      - هيه .. يباليه أحفظ اسمها عسب أخبر ربيعاتيه انه عدنا في البيت تلفزيون بالزم ..
      صححت لها عفرا مجددا ..
      - بلازما ..
      - بلازما .. بلازما .. بلازما .. بلازما .. هيه ... حفظتها .. شوه بعد كان اهناك ..؟؟
      قالت دانة بسرعة ..
      - مكتب أسود عود .. و كرسي جلد .. أوف تقولين مال مافيا .. و شي كنب اهناك .. الصراحة حلو .. يبالج بس سيجار كوبي ع قولتهم .. و تشقحين بريولج ع الطاولة .. و تغدين الأب الروحي للمافيااا .. فنان حور ..
      هزت حور رأسها بشيء من اليأس و نورة تعود للقول ..
      - الميالس الداخلية وايد عودة .. خيبة ..!! كم دافعين في البيت .. لو يسوونه ملجأ لعبيد الله في كل بلاد .. بيظمهم .. وايد عود هالبيت ..
      ضحكت دانة مازحة ..
      - هيه حتى ضعنا مرتين .. نبا المطبخ لقينا عمارنا في حمام ..!!
      ابتسمت حور قليلا رغما عنها ..
      - تبالغين ..!!
      تمطت دانة بكسل .. و هي تغمز لأختها الكبرى ..
      - شوي .. بس حلوة كانت الجولة .. الحين أدل المكان .. لي منكن تبا توصيلة في الأرجاء تخبرنيه بس ..
      و عندما وصلت للباب توقفت لتستدير إليهن ..
      عفرا تستلقي بجانب المها على السرير الفسيح و قد بدا أن الأخيرة قد نامت دون أن تشعر .. حور تعود للنافذة .. فيما ترفع نورة قدميها على مسند الأريكة بتعب .. قالت بصوتٍ واضح .. و قد بدا جليا أن كل واحدة منهن غارقة في أفكارها و مشاعرها الخاصة ..
      - تصدقن انيه تولهت ع بيتنا ..!!
      قوبلت كلماتها بصمتٍ مطبق .. لتبتسم ابتسامة غريبة ..
      امتزج فيها الحنين .. و الذكرى الطيبة .. بحماستها الطازجة .. و فرحتها بالمكان الجديد ..
      ثم تخرج بهدوء من الغرفة دون كلمة أخرى ..
      تمشي في الممر الفخم متجهة لغرفتها الجديدة .. و هي تترنم بأغنية لفيروز ..
      واحدة تعرفها جيّدا ..
      .
      .
      - نسم علينا الهوى من مفرق الوادي

      يا هوى دخل الهوى خدني على بلادي

      ياهوى ياهوى ياللي طاير بالهوى

      في منتوره طاقه وصوره

      خدني لعندن يا هوى

      فزعانه يا قلبي

      اكبر بهالغربه

      ماتعرفني بلادي

      خدني على بلادي ،،

      * * * * *


      لمْ أحححبكك من فراآاغ ,/
      كي أنسسسسإآك من فرآغ . .
      احببتكك بِ قنآإعه عظّيمه ـ‘
      و سَ أنساك بَقناعه أعظم !|



    11. #206
      الصورة الرمزية ♥} آمـل الـ عٍ ـشآق ♪
      تاريخ التسجيل
      Dec 2009
      الدولة
      " ع‘ــشقـِـِـي آلمَدينـَـَـَـﮧ ..
      المشاركات
      18,765
      معدل تقييم المستوى
      97

      افتراضي

      رفعت عيناها لأختها فور دخولها للغرفة ..
      - سار ولد أخوج ..؟؟
      توجهت تلك مباشرة للنوافذ تفتحها ..
      - عمر ..؟؟ هيه ..
      لا مبالاتها الزائفة تخنقها .. و قناع البرود الذي ترتديه يشعرها أكثر و أكثر بفداحة الذنب الذي اقترفته بحق أختها .. لذلك كان صوتها ضعيفا و هي تحاول استدراج خولة في حديث ما ..
      - ما شا الله .. وايد غدينا نشوفه هالايام ..
      - همممم ..
      قالتها و هي تمرر يدها طاولة لزينة تتأكد من نظافتها .. لتقول ميعاد مجددا ..
      - هو ما يدرس خاري البلاد طب ..؟
      دخلت خولة الحمام تلتقط سلة الغسيل و تقول من الداخل ..
      - هيه ..
      - خلص ..؟
      - لا عنده اجازة ..
      - انزين كان عنده وايد اجازات .. و ما شفناه هالكثر ..؟
      - أول كان غير .. و الحين غير ..
      - شوه لي تغير .. ان غيث هب موجود أو ما يخصه فيكم ..؟
      صوت حركة مزعجة تأتي من الحمام ..
      - وايد تسألين ..!
      زفرت ميعاد بضيق ..
      - و وايد غديتي باردة ..!
      توقفت الحركة في الحمام .. لتطل خولة برأسها من الباب ..
      - باردة ..!! ليش ..؟؟ شوه سويت عسب تقولين باردة ..؟
      أشاحت ميعاد بوجهها نحو النافذة دون أن تجيب .. أحقا لا تعلم ..!
      تلك الشخصية الجافة التي تنتحلها في الأيام الأخيرة منذ وصلت ورقة طلاقها مع نهيان تثير جنونها ..
      اللامبالاة الباردة التي تلمسها في تعاملها تكرهها كثيرا ..
      لم تقصر في واجباتها نحوها أو في ما كانت تفعل ..
      لكن بشكل ما .. ارتفعت حواجز شاهقة تفصل بينها و بين غياهب روح أختها ..
      لا تحب هذا الجفاء ..
      نعم .. هي السبب في ما حدث .. لأجلها اندفعت خولة في الزواج من غيث ..
      - بسير اليوم بيت خوية بو عمر .. بتيين ويايه ..
      ما هذا السؤال ..!!
      لم تسألها قط عن رغبتها في المجيء معها لأي مكان .. لأن خولة تصر على أن لا تفارق البيت و هي فيه ..
      تحرص دوما على عدم تركها لوحدها هناك ..
      الآن تسألها عن رغبتها في الذهاب .. بدل أن تصدر الأمر لها بالاستعداد .. لأنها لن تتركها هنا لوحدها ..
      أتكون قد ضاقت ذرعا بها بعد ما حدث .. لذلك همست بصوتٍ مؤلم ..
      - لااا ..
      خرجت خولة من الحمام تحمل سلة الغسيل متوجهة للباب .. دون أن تنظر لوجه ميعاد و هي ترد بهدوء ..
      - ع راحتج .. انا برتب لج عشا قبل لا أسير ..
      لوحت ميعاد بمرارة تخفيها ..
      - ما يحتاي .. هب يوعانه ..
      لكن خولة واصلت القول ..
      - حتى ولو .. بحطه في الفرن .. لو يعتي بتحصلينه ..
      ثم توقفت عند الباب لبرهة و هي تدير ظهرها لميعاد قبل أن تقول بصوت خافت ..
      - الإبرة بعطيج اياها قبل لا أسير ..
      أومأت ميعاد برأسها و هي تخفض بصرها مع علمها بأنها لا تراها .. ليتردد صوت انغلاق باب الحجرة ببطء في روحها ..
      شعور غريب بالوحدة أدركها ..
      و هي تيقن بأن هناك باب آخر قد أوصد بينها و بين أختها ..
      .
      .
      .
      .
      تسند ظهرها على باب غرفة أختها و ملامحها تفضح ذاك الألم الذي راح يمزّق قلبها ..
      لماذا تفعل ذلك ..؟ ما هو ذاك الشعور الخبيث الذي يدفعها لمعاقبة نفسها بهذا الإجحاف قبل أختها ..
      تبعدها عنها ..
      أ لأنها تذكّرها بما مضى ..؟!
      تذكرها به ..؟
      دموعها تلسع جفنيها بشدة و هي تعظ على شفتيها ..
      تمنع نفسها عن الانفجار بالبكاء ..
      لا .. ليس للبكاء مكان هنا ..
      وحدها طيات مخدتها تخنق شهقاتها المرة كل ليلة ..
      تشهد ألمها الغبي .. و تعلقها القوي برجل لم يكن لها يوما ..!
      رجل كلما نظرت لأختها رأت بريق عينيه فيها .. و ابتسامته ..
      و حتى شموخ ذاك الوجه القاسي ..
      .
      .
      خفق قلبها بألم ..
      ستموت حتما إن استمرت على هذا الحال ..
      عليها فقط أن تواصل ما تفعله ..
      تتجاهل الأمر .. و ترغم نفسها على النسيان ..
      تبتسم لهذا .. و لذاك ..
      تخرج .. و تستمتع بحياتها كما لم تفعل من قبل ..
      سيلهيها ذلك عن التفكير به ..!

      * * * * *


      لمْ أحححبكك من فراآاغ ,/
      كي أنسسسسإآك من فرآغ . .
      احببتكك بِ قنآإعه عظّيمه ـ‘
      و سَ أنساك بَقناعه أعظم !|



    12. #207
      الصورة الرمزية ♥} آمـل الـ عٍ ـشآق ♪
      تاريخ التسجيل
      Dec 2009
      الدولة
      " ع‘ــشقـِـِـي آلمَدينـَـَـَـﮧ ..
      المشاركات
      18,765
      معدل تقييم المستوى
      97

      افتراضي

      اففففف حور الين متى بنتم يالسات هنيه ..؟؟
      رفعت حور حاجبا و هي تنظر لها شزرا قبل أن تعيد نظرها للمجلة التي كانت في يدها ..
      - و الله محد قابضنج من كراعج آنسة نورة ..تبين تنزلين انزلي ..
      قالت نورة بشيء من الخجل ..
      - ابا أنزل وياج ..
      ثم ابتسمت بشدة ..
      - احس بالأمان ..
      عقدت حور جبينها ..
      - أمان من شوه ..؟ ما بياكلونج .. و بعدين محد في البيت غير نحن و يدوه .. ما سمعتيها ع الغدا تقول انه يدي من الصبح سار هو و نايف العزبة.. و ما بيرد الا عقب المغرب ..
      - حتى و لو .. ابا أنزل وياج ..
      - انتي اليوم الصبح كنتي ويا دانة تستكشفن المكان .. ما قلتي شي .. و عفاري تحت عند أمايا و يدوه .. و المها بعد بتلقينها هناك أكيد .. ومزنوووه و هنووده .. بلاج خايفة .. يعني هاييلا هب خايفين ..؟
      - انزين سؤال .. انتي خايفة ..؟؟
      زفرت حور بضيق ..
      - اففففف .. اذيتينا تراج .. خايفة من شوه ..
      نظرت لها نورة بشك ..
      - عيل ليش مرتزة هنيه من الفير .. ما نزلتي الا حزة الريوق و الغدا .. ؟؟
      هزت حور كتفيها بلا مبالاة مصطنعة .. تتهرب من النظر لأختها ..
      - كيفي .. ما فيّه أنزل .. عدنيه تعبانة من سالفة النقل و خرابيطه ..
      - حلفي ..
      ألقت حور المجلة جانبا بشيء من العصبية ..
      - نورووووه .. ان ما ظهرتي من حجرتيه الحين بتتصفعين .. تراج تنرفزين الواحد غصب ..
      رفعت نورة يدها أمام وجهها تهدئها ..
      - انزين .. انزين .. اعوذ بالله .. شوه استوا بج مرة وحدة ..
      ثم تنهدت بشيء من اليأس ..
      - أنا بنزل ..
      لوحت حور بيدها ثم التقطت المجلة بضيق مكتوم ..
      - توكلي ..
      نظرت لها نورة للحظة طويلة .. قبل أن تطلق زفرة و تترك الغرفة بخيبة ..
      ما ان صفقت الباب خلفها .. حتى تنهدت حور بقوة .. و ترخي كتفيها المتقوسين ..
      بماذا كان عليها أن ترد يا ترى ..؟
      أ لها أن تبوح بإحساسها الغريب لإخوتها ..
      أولئك الذين يلتمسون الأمان في ثباتها ؟
      لا يمكن ليوم واحد في هذا القصر المترف البارد أن يجعلها تشعر بأنها في بيتها ..
      إطلاقا .. لن يحدث هذا ..
      تشعر بأنها ضيفة .. وكم هي خجلى من التجول في بيت مضيفها .. و التصرف على سجيتها فيه ..
      بل و أخذ راحتها في الحياة هنا ..
      هذا كله أمر .. و جدها أمر آخر ..
      هل هذا الرجل ضمير غائب أم ماذا ..
      بالأمس لم يلتقوه الا للحظات محدودة .. قبل أن يعلن سقوط المها نهاية اللقاء ..
      و كأنما بغشيانها لا تريد انفجارا ما أن يحدث ..
      ودت حور لو أن لقاءها به طال أكثر عن عبارات السلام المقتضبة و تبادل الأحوال بعد استقرار المها في غرفتها ..
      الحقيقة أنها أرادت أن ينظر لعينيها بصمت .. تريد أن ترى بريقا للندم فيها .. أن تصدق بأنه أرادهم أن يأتون هنا .. بعد أن فقد ابنه ..
      و أن فقدهم لأبيهم يؤلمه أكثر منهم ..
      و أنه آسف لكل هذه السنوات ..
      لكن ذلك لم يحدث .. بالأمس بدت مسيّرة .. مضطربة ..
      يقودها ضياع مشاعرها ... حين ألقيت في قلب مواجهه ... عليها أن تتعرف على جميع أفراد هذه العائلة ..
      أن تستوعبهم .. و أن تعتاد صلتها بهم ..
      هي محط الأنظار أكثر من البقية ..
      زوجة ابنهم المرتقب .. و الفرد المسؤول عن إخوتها أمام ضعف أمها ..
      أحداث الأمس تبدو ضبابية .. تتخبط الصور فلا تتذكر شيئا واضحا منها وجه واحد بدا مألوفا لها في زحمة المجهول ..
      قوة ألفتها في الأشهر الأخيرة كانت تسندها بقوة .. كلما فكّرت بأنهم يعلمون أنها زوجته ..
      أجالت بصرها في السقف العالي المزخرف .. في النوافذ العريضة بستائرها الثقيلة ..
      يتباهون بما يملكون ..
      تبا لهم ..
      طلاء هذا البيت وحده قد يأوي عشرات من الأسر المشردة ..
      لم ينعموا يوما بهذا الترف .. أقصى فرحة كان يجلبها ذاك الأب .. هي بطيخة باردة لكل خميس ..
      و لكنها تبهجهم .. كثيرا ما تفعل ..
      أكثر من تلك المائدة التي امتدت على طول حجرة الطعام تزخر بكل ما يجول في الخاطر ..
      لا يعرفون قيمة النقود التي يلقونها يمنة و يسره .. أبوها كان يتفحم تحت أشعة الشمس ليؤمن لهم لقمة تسد رمق جوعهم ..
      فيما ينعمون .. و يرفلون بالرفاهية ..
      هل خطر لذلك العجوز يا ترى كم يشقى ابنه و عدد أبناءه يكاد يفوق أفراد عائلته مجتمعه ..
      راح الاستياء يتصاعد في حلقها ..و هي تغمض عينيها .. تستعيد وجهه الأسمر القوي ..
      بنظرته الصلبة .. و هامته القوية .. التي انحنت رغما عنها ذلا أمام جبروت السنين ..
      ليعتصر فؤادها حنينا جارفا .. شوقا مزّقها ..
      لتضع يدها على قلبها ودمعة باردة تنزلق على خدها ..
      فليرحمك الرب يا أبي ..
      كيف سنعتاد العيش تحت سقف رجل لم يفعل سوى إبعادك ..!!

      * * * * *

      رنين الهاتف المزعج انتشله من رقاده المتعب من على الأريكة .. ليهب واقفا في لحظة متجاهلا هاتفه المحمول .. و ليستوعب مكان نومه ..
      كان قد استلقى صباح هذا اليوم على إحدى أرائك مكتبه في الشركة التي يديرها ..
      و راحت عيناه تمسحان المكان بنظرة مبهمة ضيّقة ..
      و ذهنه يستعيد أحداث البارحة بجنون ..
      و ساعات التفكير المجنونة التي أعقبت إنتقامه من ذلك الحثالة ..
      كان بحاجة للهدوء .. و مكان مناسبٍ للتفكير ..
      لذلك تجاهل عمدا العودة لبيت أبيه و انطلق لمسجد قريب من الشركة .. انتظر فيه حتى الفجر .. ليقضي الفرض .. ثم ينتقل مع ثقل أفكاره إلى هنا ..
      ساحته هذه ..
      حين يصارع الكثير الأمور ..
      يجزم بهذا .. و ينفي بذاك ..
      يتخذ القرارات الصعبة ..
      فتصبح حياته كلها .. و ممتلكاته .. على حافة السكين ..
      لا يذكر متى غفا هنا ..
      نظر لثوبه الذي جلبه من المغسلة بعد أن اضطر لرمي الثوب الذي اتسخ بالدماء في المقعد الخلفي لسيارته ..
      قبل أن يرفع عينه للساعة التي أشارت للخامسة عصرا ..
      لتنكمش ملامحه باستياء ..
      فوّت على نفسه صلاتي الظهر و العصر أثناء نومه ..
      لم يشعر بشيء بعد المجهود المضني بالأمس و التفكير المجنون ..
      نظر ليده اليمنى .. ليجد أن ظاهرها قد تورم و انسلخ قليلا إثر ضربات الأمس .. لكنه لم يشعر بالألم ..
      أو فضّل تجاهله ..
      كل ما راح يستعيده في ذهنه الآن هو الحل الذي توصل إليه بعد ليلة متعبة من التفكير ..
      حلا .. بدا معقولا بعد السهر المتواصل بالأمس ..
      أما الآن و في وضح النهار .. بدا غير قابل للتصديق ..
      لولا أنه ليس باستطاعته تنفيذ الأمر .. لقام به بنفسه ..
      و لكن ...
      عليه أن يولي هذه المهمة لأحد آخر ..
      شخص فكر فيه طويلا بالأمس ..
      و لم يستطع التوصل لتخمين ما قد ينتج عن اختياره ..
      زفر ببطء .. و هاتفه يعود للرنين المصر .. ليرفعه بضيق عن الطاولة .. فيرى رقم أبيه يتألق عليها ..
      أجاب بهدوء ..
      - ألووه .. مرحب ..
      كان صوت أبيه غاضبا للغاية ..
      - انته وينك ما ترد ..؟؟
      رفع غيث حاجبه ببرود قبل أن يجيبه بصلابة ..
      - كنت راقد ..
      - راقد ..؟؟! .. راقد وين ..؟؟ انته أمس ما ييت البيت ..؟!!
      استرخى في جلسته قبل أن يعود للنظر إلى قبضته ..
      - لا ما ييت البيت .. سرت المكتب عنديه شغل ظروري لازم أخلصه .. و ما خلصت الا الفير .. ما حسيت بعمريه الا و أنا راقد ..
      بدا الاستياء واضحا فيصوت أبيه الذي عاتبه بشدة ..
      - تمنيا نرقبك ع الغدا و نتصلبك .. حتى بوية سيف قال انه ما شافك ..!!

      * * * * *


      لمْ أحححبكك من فراآاغ ,/
      كي أنسسسسإآك من فرآغ . .
      احببتكك بِ قنآإعه عظّيمه ـ‘
      و سَ أنساك بَقناعه أعظم !|



    13. #208
      الصورة الرمزية ♥} آمـل الـ عٍ ـشآق ♪
      تاريخ التسجيل
      Dec 2009
      الدولة
      " ع‘ــشقـِـِـي آلمَدينـَـَـَـﮧ ..
      المشاركات
      18,765
      معدل تقييم المستوى
      97

      افتراضي

      بطول سنوات البعد و الهجر .. و ذنبه الذي تركه معلّقا في رقبته ..
      و كبرياءه التي تستعصيه ..
      تثنيه عن الإلتفات نحوهن الآن .. و إهمال قيد عبراته التي تقف في حلقه مباشرة ..
      لينكسر هنا أمام أعينهم ..
      لينشج باكيا بكل ذرة من رجولته ..
      و يخبرهم أنه فقد إبنه ..
      و أنه - ذاك الإبن - مات دون أن يتبادلا كلمة واحدة قد تترك خيطا أبيضا يربط بينهما ..
      يريد أن يبكي كالطفل .. و يحكي لهم كم يفتقده .. و كم يتمنى عودته ..
      و كم هو غائر ذاك الجرح في قلبه ..
      خندق .. تهوي فيه كل فرحة .. كل ضحكة .. و كل أمل ..
      لن يعلموا أبدا أنه حطام متناثر ..
      و أن نظرة واحدة لوجوههم تقتله .. تقتله ..
      لا يقوى على النظر إليهم كما يريدون .. و لا التحدث إليهم كما يأملون ..
      مازال النزف نديا .. لن يبرأ جرحه حتى دهر سيمضي ..
      حتى ينسى كبرياءه النتنة التي منعت ابنه عنه يوما .. و تمنعه عنهم الآن ..
      حتى يتوقف الألم الذي يسري في روحه ..
      .
      .
      تلك الطفلة ذات العينين الكبيرتين اللامعتين أتت الآن من المطبخ تتبعها أختها التي تكبرها قليلا ..
      مزنة .. و هند ..
      كيف له ان ينسى أسماء أبناءه ..!
      سمع الطفلة تقول شيئا بخفوت لم يستطع سماعه ..
      لترد عليها دانة بسرعة ..
      - لا و الله .. شوه ترقدن عدنا ..!! أصلا خلاص .. كل وحدة ترقد فحجرة اروحها الحين .. و بعدين لو السيافي نش فالليل و صاح ..امنوه بيوعي أماية .. و هي ما تسمعه .. بترقدن ويا أماية .. و خلي عنج البطرة مزنوه ..
      سمعها الطفلة تعود و تقول شيئا عن رغبتها في النوم في الطابق العلوي ..
      لكن صوت نورة هو الذي ارتفع الآن يتساءل ..
      - دندن .. سمعتي الصوت لي سمعته أمس ..
      - أي واحد ..؟؟ صراخ الحرمة لي يذبحونها و تقول ودرونيه ..؟؟
      - هيه هو .. من الحجرة لي عدال حجرة حور .. حليلها حور أمس ما رقدت .. تمت خايفة ..
      وافقتها دانة بسرعة و هي تقول بصوت ينخفض ليخيفهن ..
      - حتى سألت البشكارة .. و قالت انها هاي ينية يذبحونها في الينانوة في الليل .. و تقول انها شافت دمها يطلع من تحت الباب .. و يمزر الطابق لي فوق .. و ينزل من الدري حتى .. و يوم نشوا الصبح لقوا المكان نظيف ..!!!
      ما كل هذه الأكاذيب ..!
      عقد جبينه باستياء .. هل يحاولن إخافة الطفلة ..
      و كأنما سمع أحد فكرته تلك .. ليخرج صوتٌ ناعم هادئ .. يقول بثقة ..
      - مزّون لا تصدقين يكذبن عليج .. يبن يخوفنج ..
      هذه هند ..! متأكد من ذلك ..
      عجيب هدوء هذه الفتاة ..!
      قالت مزنة بصوتٍ رفيع بدا خائفا ..
      - هذا البيت مهجور ..!!
      ضحكت نورة قليلا ..
      - شوه مهجور يا غبية .. شوه شايفتنا أشباح ..؟؟ المهجور محد يعيش فيه .. بس هالبيت نحن نعيش فيه فهمتي ..
      - عيل من وين ياية الينية لي يذبحونها ..
      قالت دانة بخبث ..
      - هاي هب ينية .. هاي بنية رقدت مرة في غير حجرتاا .. و زخوها و حولوها لينية عسب يذبحونها ..
      كان مذهولا .. مصدوما ..
      بصمت ..!
      أمام هذا الدفق من القصص الملفقة ..
      تبا لهن .. سيسببن الذعر لأختهن الصغرى ..
      ما الهدف من إخافتها ..!
      لم يكترثن حتى لجلوسه هنا .. و كأنما يعني صمته أنه غير موجود ..
      تدفق صوت هند مجددا تقول محذّرة ...
      - ترى كل هالرمسة بتوصل لحور .. و بتتفاهم وياكن .. ليش تروعن مزنوه .. الحين ما بترقد في الليل .. بتم تتخيل هالأشياء ..
      ارتجف صوت مزنة و هي على وشك البكاء ..
      - يمكن الينية صدقيه ..
      ضحكت دانة بقو ..
      - ههههههههههههههههههههههههه حلوة صدقية هاي .. بأي لغة ..
      و قالت نورة بجديّة ..
      - مرات تشرد عنهم و اتم تربع في البيت و الينانوة يلاحقونها .. يدوه قالت انها سمعت صوت حافر خيل يربع في الطابق لي فوق ..!
      استنجدت الطفلة مجددا ..
      - يمكن ايوون حجرة أمايا .. و هي ما تسمعهم ..
      - هيه .. و يدورونها .. و اذا دقوا الباب .. لا تردين .. لنج اذا رديتي .. بيعرفون انج واعية .. و بيشلونج و يذبحونج بدالها ..!
      .
      .


      لمْ أحححبكك من فراآاغ ,/
      كي أنسسسسإآك من فرآغ . .
      احببتكك بِ قنآإعه عظّيمه ـ‘
      و سَ أنساك بَقناعه أعظم !|



    14. #209
      الصورة الرمزية ♥} آمـل الـ عٍ ـشآق ♪
      تاريخ التسجيل
      Dec 2009
      الدولة
      " ع‘ــشقـِـِـي آلمَدينـَـَـَـﮧ ..
      المشاركات
      18,765
      معدل تقييم المستوى
      97

      افتراضي

      تغرس رأس الإبرة الصغير في الوريد بعناية .. قبل ان تسمح للسائل ذو اللون الرائق بأن يتدفق في عروقها ..
      فيما انكمشت ملامح أختها بألم من اعتاد على ذلك ..
      قبل أن تضغط بقطنه بيضاء على مكان الإبرة ثم تسحبها بسرعة من تحتها ..
      تلقي بالإبرة في الوعاء البلاستيكي المحكم الإغلاق .. و هي تنزع قفازيها المطاطيين .. و تلقيهما في سلة المهملات القريبة ..
      ثم تلتفت لأختها ..
      - يا الله حبيبتي .. شي فخاطرج .. ؟
      هزّت ميعاد رأسها بالنفي .. قبل أن تسأل ..
      - بتسيرين ..؟
      - هيه .. عمور خاري يرقبنيه ..
      رفعت ميعاد رأسها للأعلى ..
      عمر مرة أخرى ..!!
      شعرت بقليل من الغيرة تنتابها .. تعلم مسبقا بالعلاقة القوية التي تربط بين أختها و ابن أخيها ..
      و لكنها ترى الأمر أكثر وضوحا الآن ..
      تراهم يحاولون إيصال رسالة ما ..!
      ربما كان غيث هو الحاجز من قبل و انهار الحاجز الآن بانفصاله عنها ..
      و أصبحت أكثر حرية .. و انطلاقا ..
      هل شعرت خولة يوما بأنها مقيّدة بكرسي أختها ..؟و أن زواجها من قريبها يعني التزاما دائما بها ..
      التزاما تحررت منه مع انفصالها عنه ..!
      أتعست هذه الأفكار ميعاد بشدة ..
      فراحت تلهي نفسها بالتقاط جهاز التحكم عن بعد و إدارة تلفازها ..
      إذا كانت الأيام المقبلة تعني أن تتركها خولة لوحدها كثيرا ..
      فعليها أن تعتاد تسلية نفسها ..
      ليس عليها أن تلقي بثقلها على من سئم رعايتها ..
      لا تنكر ..
      يحق لأختها فرصة حرّة في الحياة ..
      بعيدا عن إعاقتها


      لمْ أحححبكك من فراآاغ ,/
      كي أنسسسسإآك من فرآغ . .
      احببتكك بِ قنآإعه عظّيمه ـ‘
      و سَ أنساك بَقناعه أعظم !|



    15. #210
      الصورة الرمزية ♥} آمـل الـ عٍ ـشآق ♪
      تاريخ التسجيل
      Dec 2009
      الدولة
      " ع‘ــشقـِـِـي آلمَدينـَـَـَـﮧ ..
      المشاركات
      18,765
      معدل تقييم المستوى
      97

      افتراضي

      بااااااااااااس ..
      قفزت نورة و دانة و مزنة و هند بفزع مترا في الهواء .. قبل أن يستدرن نحو مصدر الصرخة المريعة للتو ..
      تصلبت ملامح الجد بقسوة و هو يقول بصوتٍ قاسي .. بدا مفرقعا في الصالة الواسعة كالسوط ..
      - رب ما شر ..؟ بلاكن ع البنية ..؟ حد يروّع اليهّال ..؟ أنا أشهد انكن مخبّل .. عذارى طول اليدار و تلعبن ع الياهل ..
      شحب وجه دانة و نورة تضع يدها على صدرها بخوف ..
      - بسم الله شياه ....؟
      بدا مخيفا و هو يقف على قدميه الآن .. بنيته القوية لا توحي بتاتا برجل يقارب الثمانين .. إن لم يكن قد بلغها ..
      - وحدة أسمعها تخوّف الصغيرة يا ويلها ..
      ثم نظر للأسفل .. ينظر للوجه الذي توارى خلف جسد أختها التي كانت تخيفها منذ لحظات ..
      يطالعه بحذر مذعور .. قبل أن يقول لها آمرا ..
      - تعالي ..
      اشتدت يدها على ثوب أختها و كأنما ترفض تركها .. فعاد يقول بلهجة أكثر لينا .. يبثها الطمأنينة ..
      - تعالي يا مزنة ..
      نظرت لوجه نورة و دانة .. و طالعتهن هند أيضا بشيء من القلق .. قبل ان تترك مزنة ثوب دانة و تقترب ..
      بعينه راح يرصد الحذر الذي احاط بالحلم الذي يدنو منه ..
      و يدنو ..
      تلك الطفلة بعينيها اللامعتين .. و خطواتها الخائفة البطيئة ..
      تطبع أثرا على ذاك الطريق ..
      تقصر به المسافة التي بناها جيل كامل قبلها ..
      ما إن أصبحت على بعد قدمين .. نظر لها من علو ..
      ترفع وجهها الصغير .. بترقب إعتصر قلبه ..
      تنتظر منه ان يفعل شيء ..
      خطوتين فقط .. أصبحت فجأة الفاصل بين كل شيء ..
      الحياة .. و الموت ..
      ذكراه و النسيان ..
      خطوتين بين ذنبٌ علّق على تلويحة أيامه الراحلة و بؤس تلك القادمة ..
      و بين مرابع الغفران التي قد تغفو روحه إلى الأبد إن بلغها ..!
      ها هو ينحني الآن .. يكسر شموخ هامته المتكبرة .. و يركع قربها ..
      كان كبيرا للغاية .. كبيرا حتى و هو يجثو ليدنو منها ..
      كبيرا على تلك البراءة .. و ذاك النقاء ..
      و خشي بقوة أن يفسد شيئا من الطهارة ..
      وجهها القريب .. يضيّع كل شيء حوله .. و هي تتطلع نحوه بشيء من الحيرة ..
      تبا ..
      هل تمكنت إحدى عبارته من الهرب ..
      لا .. و الا كان شعر بها تطفئ شيئا من لهيبه ..!
      وجد صوته غريبا .. وضعه غريبا .. احساسه كان الأغرب من كل ذلك ..
      و هو يقول بهدوءٍ شديد ..
      - ما عليج منهن .. ماشي ينانوة داخل البيت .. أنا فيه من عشرين سنة .. و ما قد شفت يني واحد ..!
      اتسعت عيناها بحذر .. و هي تقول بتردد ..
      - بـ .. بيتكم يديد ..
      نعم ... لم يمر وقتٌ طويل مذ قاموا بتجديده ..
      و كاد يبتسم أمام ذكاء هذه الطفلة ..
      لكن تلك الإبتسامة دفنت على الفور ليُهال عليها أكواما من حزن ثقيل .. و هي تتردد في سؤالها القاتل ذلك ..
      - أبويه كان عايش وياكم هنيه ..
      لم يرفع عينه نحوهن .. و لم يشأ أن يفعل .. عينه تعلّقت بتلك الطفلة التي لن تعلم يوما أي مديّة أمعنت في غرسها وسط روحه ..!
      ليجد صوته الخشن يجرح حنجرته بقسوة ..
      - لا ..
      نكست رأسها .. و هي ترفع عينيها له و كأنها تخشاه .. قبل أن تقول ببراءة ..
      - ليش ..؟؟ انته أبو أبونا .. صح ..؟؟ حور قالت انك أبونا ..
      كفى ..
      أتوسل إليك .. هنا فقط ..تقف حدود صبري ..
      أباكم ..!
      لا .. و لا يحق لي أن أسمي نفسي بذلك البتة ..
      لن تعلمي .. أنا .. بيدي هاتين اللتان أداعب بها وجهك الصغير ..
      دفعت إبني بعيدا عني و عن عائلته .. و عن كل ما يحب ..
      ماذا كان ليضريني لو أنني تنازلت قليلا ..!!
      قليلا فقط ..
      لكني لم أفعل ..
      و كان ذلك الفراق الأخير ..
      وجد أن بعد كلماته ينتصب بكبرياءٍ مجددا ..
      لن يفيده أن يتحطّم بقسوة أمامهن ..
      و لن يفعل ذلك ..
      لذلك راح يجرّ الخطى بعيدا عنهن ..
      بعيدا عن كل ما تريد نفسه بقوة ..
      .
      .
      هناك من الطرقات في حياتنا ..
      ما لا تعرف الخطوات سوى هجرانها ..!

      * * * * *


      لمْ أحححبكك من فراآاغ ,/
      كي أنسسسسإآك من فرآغ . .
      احببتكك بِ قنآإعه عظّيمه ـ‘
      و سَ أنساك بَقناعه أعظم !|



    صفحة 14 من 28 الأولىالأولى ... 4121314151624 ... الأخيرةالأخيرة

    معلومات الموضوع

    الأعضاء الذين يشاهدون هذا الموضوع

    الذين يشاهدون الموضوع الآن: 1 (0 من الأعضاء و 1 زائر)

    المواضيع المتشابهه

    1. ايهما تختار العتاب ثم الرحيل ام الرحيل بصمت دون العتاب
      بواسطة متبلدهه في المنتدى عقار ينبع شقق تمليك - شقق وغرف للايجار - اراضي للبيع
      مشاركات: 7
      آخر مشاركة: 27-02-2014, 12:19 AM
    2. إثم الرحيل
      بواسطة سمو المشاعر في المنتدى استراحة المنتدى
      مشاركات: 8
      آخر مشاركة: 25-03-2011, 09:59 PM
    3. تعبت ا عد خطوات الرحيل
      بواسطة مطعون بسهام الغدر في المنتدى نبض القوافي
      مشاركات: 8
      آخر مشاركة: 29-10-2010, 07:07 PM
    4. المرأة المسلمة على عتبات الزواج
      بواسطة منارالكون في المنتدى عالم حواء
      مشاركات: 0
      آخر مشاركة: 07-07-2010, 10:11 PM
    5. °•. مناجاة على عتبات الرحمن.•°
      بواسطة ♥} آمـل الـ عٍ ـشآق ♪ في المنتدى من وحي الاسلام
      مشاركات: 680
      آخر مشاركة: 09-05-2010, 02:51 AM

    المفضلات

    المفضلات

    ضوابط المشاركة

    • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
    • لا تستطيع الرد على المواضيع
    • لا تستطيع إرفاق ملفات
    • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
    •  
    www.yanbualbahar.com